الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّجُل وَالِدَيْهِ. قِيل: يَا رَسُول اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُل وَالِدَيْهِ؟ . قَال: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُل فَيَسُبُّ الرَّجُل أَبَاهُ. (1)
8 -
وَمِنْ بِرِّهِمَا صِلَةُ أَهْل وُدِّهِمَا، فَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُل أَهْل وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ (2) فَإِنْ غَابَ أَوْ مَاتَ يَحْفَظُ أَهْل وُدِّهِ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ مِنْ تَمَامِ الإِْحْسَانِ إِلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو أُسَيْدٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَْنْصَارِ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ. هَل بَقِيَ مِنْ بِرِّ وَالِدَيَّ بَعْدَ مَوْتِهِمَا شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ؟ قَال: نَعَمْ، الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا رَحِمَ لَكَ إِلَاّ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَهَذَا الَّذِي بَقِيَ عَلَيْكَ. (3)
(1) الزواجر عن اقتراف الكبائر 2 / 66، والفواكه الدواني 2 / 383، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10 / 238، حديث:" إن من أكبر الكبائر أن يلعن. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 403 ـ ط السلفية) ومسلم (1 / 92 ـ ط الحلبي) .
(2)
حديث: " إن من أبر البر صلة الرجل. . . " أخرجه مسلم (4 / 1979 ـ ط الحلبي) .
(3)
حديث: " هل بقي من بر والدي. . . " رواه أبو داود (5 / 352، ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (4 / 155 ـ ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُهْدِي لِصَدَائِقِ خَدِيجَةَ بِرًّا بِهَا وَوَفَاءً لَهَا (1) ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ، فَمَا ظَنُّكَ بِالْوَالِدَيْنِ.
اسْتِئْذَانُهُمَا لِلسَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ:
9 -
وَضَعَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ لِذَلِكَ قَاعِدَةً حَاصِلُهَا: أَنَّ كُل سَفَرٍ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْهَلَاكُ، وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْخَطَرُ، فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَالِدَيْهِ؛ لأَِنَّهُمَا يُشْفِقَانِ عَلَى وَلَدِهِمَا، فَيَتَضَرَّرَانِ بِذَلِكَ. وَكُل سَفَرٍ لَا يَشْتَدُّ فِيهِ الْخَطَرُ يَحِل لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا، إِذَا لَمْ يُضَيِّعْهُمَا؛ لاِنْعِدَامِ الضَّرَرِ.
وَبِذَا لَا يَلْزَمُهُ إِذْنُهُمَا لِلسَّفَرِ لِلتَّعَلُّمِ، إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ، وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا، وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِمَا الضَّيَاعَ؛ لأَِنَّهُمَا لَا يَتَضَرَّرَانِ بِذَلِكَ، بَل يَنْتَفِعَانِ بِهِ، فَلَا تَلْحَقُهُ سِمَةُ الْعُقُوقِ. أَمَّا إِذَا كَانَ السَّفَرُ لِلتِّجَارَةِ، وَكَانَا مُسْتَغْنِيَيْنِ عَنْ خِدْمَةِ ابْنِهِمَا، وَيُؤْمَنُ عَلَيْهِمَا الضَّيَاعُ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا. أَمَّا إِذَا كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إِلَيْهِ وَإِلَى خِدْمَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا. (2)
(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10 / 241 (المسألة العاشرة) ، إحياء علوم الدين 6 / 316، والفواكه الدواني 2 / 383، وحديث:" كان يهدي لصدائق خديجة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 133 ـ ط السلفية) .
(2)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 7 / 98، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 3 / 242، وابن عابدين 3 / 220.