الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: إِنْ كَانَتِ الأُْمَّهَاتُ أَهْلِيَّةً وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَإِلَاّ فَلَا. وَاسْتَدَل لِهَذَا الْقَوْل بِأَنَّ جَانِبَ الأُْمِّ فِي الْحَيَوَانِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ؛ لأَِنَّ الأُْمَّ فِي الْحَيَوَانِ هِيَ الَّتِي تَقُومُ وَحْدَهَا بِرِعَايَةِ ابْنِهَا (1) . وَقَال الشَّافِعِيُّ: لَا زَكَاةَ فِيهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْوَحْشِيَّةُ مِنْ قِبَل الْفَحْل أَمْ مِنْ قِبَل الأُْمِّ (2) .
اشْتِرَاطُ الْحَوْل فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ:
7 -
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَوْل لَا بُدَّ مِنْهُ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ كَغَيْرِهَا مِنَ الْمَاشِيَةِ، وَمَعْنَى الْحَوْل: أَنْ تَمْضِيَ سَنَةٌ قَمَرِيَّةٌ كَامِلَةٌ عَلَى مِلْكِهِ لِلنِّصَابِ، لِتَجِبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهِ (3) .
اشْتِرَاطُ تَمَامِ النِّصَابِ:
أَمَّا النِّصَابُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ، مِنْ أَشْهَرِهَا اتِّجَاهَانِ:
8 -
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: وَهُوَ قَوْل عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهم وَقَال بِهِ الشَّعْبِيُّ وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ
(1) بدائع الصنائع 2 / 30، المغني 2 / 595.
(2)
مغني المحتاج 1 / 369، الجمل على شرح المنهج 2 / 219.
(3)
مغني المحتاج 1 / 378، المغني 2 / 635.
وَطَاوُوسٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَنَقَلَهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَهْل الشَّامِ، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ، قَالُوا: لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ شَيْءٌ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، (وَالتَّبِيعُ هُوَ الَّذِي لَهُ سَنَتَانِ، أَوِ الَّذِي لَهُ سَنَةٌ وَطَعَنَ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيل: سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَالتَّبِيعَةُ مِثْلُهُ (1)) ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ (2) .
ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعَانِ أَوْ تَبِيعَتَانِ. ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا زَائِدَةً، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِي كُل ثَلَاثِينَ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ وَفِي كُل أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ (3) ، فَفِي سَبْعِينَ تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ، وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ، وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ، وَفِي مِائَةٍ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَانِ، وَفِي مِائَةٍ وَعَشْرٍ مُسِنَّتَانِ وَتَبِيعٌ، وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ، فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِخْرَاجِ الأَْتْبِعَةِ أَوِ الْمُسِنَّاتِ، وَإِنْ كَانَ الأَْوْلَى النَّظَرَ إِلَى حَاجَةِ الْفُقَرَاءِ وَالأَْصْلَحِ لَهُمْ. ثُمَّ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ كُلَّمَا زَادَ
(1) المجموع للنووي 5 / 416، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير1 / 435، المحلى 5 / 290.
(2)
المجموع للنووي 5 / 416، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 435، والمحلى 5 / 290.
(3)
حاشية الدسوقي 1 / 435، والأم 2 / 8، وفتح القدير 2 / 133، المغني 2 / 592، والمحلى 5 / 290.
الْعَدَدُ عَشْرًا.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل بِمَا رُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُل حَالِمٍ دِينَارًا، وَمِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُل ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُل أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً. (1) وَرَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الأَْوْقَاصِ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلَى الأَْرْبَعِينَ، وَمَا بَيْنَ الأَْرْبَعِينَ إِلَى الْخَمْسِينَ؟ قَال: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ. (2)
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا جَاءَ فِي كِتَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: فَرَائِضُ الْبَقَرِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ فَفِيهَا عِجْلٌ رَائِعٌ جَذَعٌ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ. إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سَبْعِينَ، فَإِنَّ فِيهَا بَقَرَةً وَعِجْلاً جَذَعًا، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ. (3)
هَذَا
(1) حديث معاذ حين بعثه إلى اليمن وسبق تخريجه ف / 2.
(2)
حديث معاذ: " أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأوقاص. . . . " أخرجه الدارقطني (2 / 99 ـ ط شركة الطباعة الفنية) وأعله الزيلعي بالإرسال. (نصب الراية 2 / 348 ـ ط المجلس العلمي) .
(3)
حديث: " كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم. . " أخرجه أبو داود في مراسيله، وقال النسائي: سليمان بن أرقم - يعني الذي في إسناده - متروك الحديث. (نصب الراية 2 / 340 ـ ط المجلس العلمي) .
، وَلِتَفْصِيل أَحْكَامِ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ - وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْوَقْصِ - يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(أَوْقَاص) .
9 -
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: قَوْل سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي قِلَابَةَ وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ نِصَابَ الْبَقَرِ هُوَ نِصَابُ الإِْبِل، وَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الإِْبِل، دُونَ اعْتِبَارٍ لِلأَْسْنَانِ الَّتِي اشْتُرِطَتْ فِي الإِْبِل، مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَبِنْتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الزَّكَاةِ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم، وَشُيُوخٍ أَدَّوُا الصَّدَقَاتِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ: أَنَّ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (فِي الزَّكَاةِ) أَنَّ الْبَقَرَ يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْل مَا يُؤْخَذُ مِنَ الإِْبِل، قَال: وَقَدْ سُئِل عَنْهَا غَيْرُهُمْ، فَقَالُوا: فِيهَا مَا فِي الإِْبِل. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ بِسَنَدِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ كِلَاهُمَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَْنْصَارِيِّ رضي الله عنهما قَال: فِي كُل خَمْسٍ مِنَ الْبَقَرِ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ.
قَال الزُّهْرِيُّ: فَرَائِضُ الْبَقَرِ مِثْل فَرَائِضِ الإِْبِل غَيْرَ أَسْنَانٍ فِيهَا: فَإِذَا كَانَتِ الْبَقَرُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بَقَرَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بَقَرَتَانِ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُل أَرْبَعِينَ بَقَرَةٌ. قَال الزُّهْرِيُّ: وَبَلَغْنَا أَنَّ