الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى - أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَال ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
أ - مَا اصْطَفَاهُ الإِْمَامُ لِبَيْتِ الْمَال بِحَقِّ الْخُمُسِ أَوْ بِاسْتِطَابَةِ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ، كَمَا اصْطَفَى عُمَرُ أَرَاضِيَ كِسْرَى وَأَهْلِهِ، وَلَمْ يُقْطِعْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ أَقْطَعَ مِنْهُ وَأَخَذَ مِنْهُ حَقَّ الْفَيْءِ. قَال الْمَاوَرْدِيُّ: فَكَانَ ذَلِكَ إِقْطَاعَ إِجَارَةٍ لَا إِقْطَاعَ تَمْلِيكٍ. وَلَا يَجُوزُ إِقْطَاعُ رَقَبَتِهِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ بِاصْطِفَائِهِ لِبَيْتِ الْمَال مِلْكًا لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَجَرَى عَلَى رَقَبَتِهِ حُكْمُ الْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ.
ب - أَرْضُ الْخَرَاجِ، فَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ رَقَبَتِهَا؛ لأَِنَّ أَرْضَ الْخَرَاجِ بَعْضُهَا مَوْقُوفٌ، وَخَرَاجُهَا أُجْرَةٌ، وَبَعْضُهَا مَمْلُوكٌ لأَِهْلِهَا، وَخَرَاجُهَا جِزْيَةٌ.
ج - مَا مَاتَ عَنْهُ أَرْبَابُهُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَارِثٌ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا النَّوْعِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا إِقْطَاعُهَا.
وَثَانِيهِمَا: أَنَّهَا لَا تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى يَقِفَهَا الإِْمَامُ. فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُ إِقْطَاعُهَا تَمْلِيكًا، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهَا.
وَنَقَل قَوْلاً آخَرَ: أَنَّ إِقْطَاعَهَا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ جَازَ بَيْعُهَا؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ، وَهَذَا الإِْقْطَاعُ
صِلَةٌ، وَالأَْثْمَانُ إِذَا صَارَتْ نَاضَّةً لَهَا حُكْمٌ يُخَالِفُ فِي الْعَطَايَا حُكْمَ الأُْصُول الثَّابِتَةِ، فَافْتَرَقَا، وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ضَعِيفًا (1) .
وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ الْعَامِرَةِ فَإِنَّهَا لَا يَجُوزُ لِلإِْمَامِ إِقْطَاعُهَا تَمْلِيكًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَكُونُ وَقْفًا بِنَفْسِ الاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا (2) . وَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ تَعَرُّضًا لِلأَْرْضِ الَّتِي تَئُول إِلَى بَيْتِ الْمَال بِهَلَاكِ أَرْبَابِهَا. هَل يَجُوزُ إِقْطَاعُ التَّمْلِيكِ مِنْهَا أَمْ لَا؟ .
إِقْطَاعُ الاِنْتِفَاعِ وَالإِْرْفَاقِ وَالاِسْتِغْلَال:
20 -
يَجُوزُ لِلإِْمَامِ - إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ - أَنْ يُقْطِعَ مِنْ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال أَوْ عَقَارِهِ - بَعْضَ النَّاسِ إِرْفَاقًا أَوْ لِيَأْخُذَ الْغَلَّةَ. قَال الْمَالِكِيَّةُ: ثُمَّ مَا اقْتَطَعَهُ الإِْمَامُ مِنَ الْعَنْوَةِ، إِنْ كَانَ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ انْحَل بِمَوْتِ الْمُنْتَفِعِ. وَإِنْ كَانَ لِشَخْصٍ وَذُرِّيَّتِهِ وَعَقِبِهِ اسْتَحَقَّتْهُ الذُّرِّيَّةُ بَعْدَهُ، لِلأُْنْثَى مِثْل الذَّكَرِ.
وَانْظُرْ (إِرْفَاق. إِرْصَاد. أَرْضُ الْحَوْزِ) وَبَعْضُهُمْ جَعَل مِثْل هَذَا وَقْفًا. (3)
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 195، 194، ولأبي يعلى ص 214.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 68.
(3)
ابن عابدين 3 / 226، 259، والفتاوى المهدية 2 / 645ـ 650، ورسالة " بغية الآمال في حكم ما رتب وأرصد من بيت المال " للحموي، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 68، وحاشية القليوبي على شرح المنهاج 3 / 92، والمغني 5 / 526، ونهاية المحتاج 5 / 337، 356، والأحكام السلطانية للماوردي ص 196، ولأبي يعلى ص 219.