الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِْمَامُ الَّذِي يُعْتَبَرُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ بَغْيًا:
7 -
مَنِ اتَّفَقَ، الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِمَامَتِهِ وَبَيْعَتِهِ، وَثَبَتَتْ إِمَامَتُهُ، وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَمَعُونَتُهُ، وَمِثْلُهُ مَنْ تَثْبُتُ إِمَامَتُهُ بِعَهْدِ إِمَامٍ قَبْلَهُ إِلَيْهِ؛ إِذِ الإِْمَامُ يَصِيرُ إِمَامًا بِالْمُبَايَعَةِ أَوْ بِالاِسْتِخْلَافِ مِمَّنْ قَبْلَهُ. وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ عَلَى الإِْمَامِ فَقَهَرَهُ، وَغَلَبَ النَّاسَ بِسَيْفِهِ، حَتَّى أَذْعَنُوا لَهُ وَتَابَعُوهُ، صَارَ إِمَامًا يَحْرُمُ قِتَالُهُ وَالْخُرُوجُ عَلَيْهِ. (1) وَيُنْظَرُ لِلتَّفْصِيل بَحْثُ (الإِْمَامَةِ الْكُبْرَى) .
أَمَارَاتُ الْبَغْيِ:
8 -
إِذَا تَكَلَّمَ جَمَاعَةٌ فِي الْخُرُوجِ عَلَى الإِْمَامِ وَمُخَالَفَةِ أَوَامِرِهِ، وَأَظْهَرُوا الاِمْتِنَاعَ، وَكَانُوا مُتَحَيِّزِينَ مُتَهَيِّئِينَ لِقَصْدِ الْقِتَال، لِخَلْعِ الإِْمَامِ وَطَلَبِ الإِْمْرَةِ لَهُمْ، وَكَانَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ يُبَرِّرُ فِي نَظَرِهِمْ مَسْلَكَهُمْ دُونَ الْمُقَاتَلَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَمَارَةَ بَغْيِهِمْ.
وَيَنْبَغِي إِذَا مَا بَلَغَ الإِْمَامَ أَمْرُهُمْ، وَأَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ السِّلَاحَ وَيَتَأَهَّبُونَ لِلْقِتَال، أَنْ يَأْخُذَهُمْ وَيَحْبِسَهُمْ حَتَّى يُقْلِعُوا عَنْ ذَلِكَ، وَيُحْدِثُوا تَوْبَةً؛ دَفْعًا لِلشَّرِّ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ؛ لأَِنَّهُ لَوِ انْتَظَرَ أَنْ يَبْدَءُوهُ بِالْقِتَال، فَرُبَّمَا لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ، لِتَقَوِّي شَوْكَتِهِمْ
(1) المغني 8 / 107، الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 310، التاج والإكليل 6 / 277، منهاج الطالبين وحاشية قليوبي 4 / 173ـ 174.
وَتَكَثُّرِ جَمْعِهِمْ، خُصُوصًا وَالْفِتْنَةُ يُسْرِعُ إِلَيْهَا أَهْل الْفَسَادِ. (1) وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي بَدْئِهِمْ بِالْقِتَال عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَكَذَلِكَ فَإِنَّ مُخَالَفَتَهُمْ لِلإِْمَامِ لِمَنْعِ حَقِّ اللَّهِ، أَوْ لآِدَمِيٍّ كَزَكَاةٍ، وَكَأَدَاءِ مَا عَلَيْهِمْ مِمَّا جَبَوْهُ لِبَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ كَخَرَاجِ الأَْرْضِ، مَعَ التَّحَيُّزِ وَالتَّهَيُّؤِ لِلْخُرُوجِ عَلَى الإِْمَامِ عَلَى وَجْهِ الْمُغَالَبَةِ، وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَمَارَةَ بَغْيِهِمْ. (2)
أَمَّا لَوْ أَظْهَرُوا رَأْيَ الْخَوَارِجِ، كَتَكْفِيرِ فَاعِل الْكَبِيرَةِ وَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَاسْتِبَاحَةِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، وَلَكِنْ لَمْ يَرْتَكِبُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَقْصِدُوا الْقِتَال، وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ طَاعَةِ الإِْمَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ أَمَارَةَ الْبَغْيِ، حَتَّى لَوِ امْتَازُوا بِمَوْضِعٍ يَتَجَمَّعُونَ فِيهِ، لَكِنْ إِنْ حَصَل مِنْهُمْ ضَرَرٌ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ إِلَى زَوَال الضَّرَرِ. (3)
بَيْعُ السِّلَاحِ لأَِهْل الْفِتْنَةِ
9 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ السِّلَاحِ لِلْبُغَاةِ وَأَهْل الْفِتْنَةِ؛ لأَِنَّ هَذَا سَدٌّ لِذَرِيعَةِ الإِْعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْ
(1) فتح القدير 4 / 411، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي 3 / 194، والبدائع 7 / 140.
(2)
الشرح الكبير، حاشية الدسوقي 4 / 299.
(3)
نهاية المحتاج 7 / 383، كشاف القناع 6 / 166، والمغني 8 / 111.