المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم - النحو الوافي - جـ ١

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌ الكلام وما يتألف منه

- ‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

- ‌المسألة الثالثة: أقسام التنوين، وأحكامه

- ‌المسألة الرابعة: الفعل وأقسامه، وعلامة كل قسم

- ‌المسألة الخامسة: الحرف

- ‌ الإعراب والبناء

- ‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

- ‌المسألة التاسعة: المثنى

- ‌المسألة العاشرة: جمع المذكر السالم

- ‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

- ‌المسألة الثانية عشرة: جمع المؤنث السالم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: إعراب ما لا ينصرف

- ‌المسألة الرابعة عشرة: الأفعال الخمسة

- ‌المسألة الخامسة عشرة: المضارع المعتل الآخر

- ‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

- ‌ النكرة والمعرفة

- ‌المسألة السابعة عشرة: النكرة والمعرفة

- ‌المسألة الثامنة عشرة: الضمير

- ‌المسألة التاسعة عشرة: الضمير المفرد، والضمير المركب

- ‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

- ‌المسألة الحادية والعشرون: نون الوقاية

- ‌المسألة الثانية والعشرون: العلم

- ‌المسألة الثالثة والعشرون: أقسام العلم

- ‌المسألة الرابعة والعشرون: اسم الإشارة

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: كيفية استعمال أسماء الإشارة، وإعرابها

- ‌المسألة السادسة والعشرون: الموصول

- ‌المسألة السابعة والعشرون: صلة الموصول والرابط

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

- ‌المسألة التاسعة والعشرون: الموصولات الحرفية

- ‌المسألة الثلاثون: المعرف بأل

- ‌المسألة الحادية والثلاثون: "أل" الزائدة

- ‌المسألة الثانية والثلاثون: العلم بالغلَبة

- ‌ المبتدأ والخبر وما يتصل بهما

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون: تطابق المبتدأ الوصف مع مرفوعه

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون: أقسام الخبر

- ‌المسألة السادسة والثلاثون: المبتدأ المعرفة، والمبتدأ النكرة

- ‌المسألة السابعة والثلاثون: تأخير الخبر جوازًا ووجوباً

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون: تقديم الخبر وجوباً

- ‌المسألة التاسع والثلاثون: حذف المبتدأ والخبر

- ‌المسألة الأربعون: تعداد الخبر، تعدد المبتدأ

- ‌المسألة الحادي والأربعون: مواضع اقترن الخبر بالفاء

- ‌نواسخ الابتداء "كان وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثالثة والأربعون: حكم الناسخ ومعموليه من ناحية التقديم والتأخير

- ‌المسألة الرابعة والأربعون: زيادة "كان" وبعض أخواتها

- ‌المسألة الخامسة والأربعون: حذف "كان". وحذف معموليها، وهل يقع ذلك في غيرها

- ‌المسألة السادس والأربعون: حذف النون من مضارع "كان

- ‌المسألة السابعة والأربعون: نفى الأخبار فى هذا الباب

- ‌ الحروف التى تشبه "ليس" وهى "ما-لا- لات-إنْ

- ‌ أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعال الرجاء

- ‌الحروف الناسخة "إن" وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثانية والخمسون: فتح همزة: "إن"، وكسرها

- ‌لا" النافية للجنس

- ‌مدخل

- ‌المسألة السابعة والخمسون: اسم "لا" المتكررة مع المعطوف

- ‌المسألة الثامنة والخمسون: حكم نعت اسم "لا

- ‌المسألة التاسعة والخمسون: بعض أحكام أخرى

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

ألْحق النحاة بجمع المذكر في إعرابه أنواعًا أشهرها: خمسة؛ فَقَد كلُّ نوع منها بعض الشروط، فصار شاذًا ملحقًا بهذا الجمع، وليس جمعًا حقيقيًّا، وكل الأنواع الخمسة سماعيّ1؛ لا يقاس عليه؛ لشذوذه وإنما يُذكَر هنا لفهم ما ورد منه في النصوص القديمة.

أولها: كلمات مسموعة تدل على معنى الجمع، وليس لها مفرد من لفظها، ولكن لها مفرد من معناها، مثل كلمة:"أوُلُو"2 في قولنا: "المخترعون أُولو فضل"، أي: أصحاب فضل؛ فهي مرفوعة بالواو نيابة عن الضمة؛ لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم؛ إذ لا مفرد لها من لفظها، ولها مفرد من معناها، وهو: صاحب. وهي منصوبة ومجرورة بالياء نيابة عن الفتحة أو الكسرة في قولنا: كان المخترعون "أوُلي" فضل. وانتفعت من "أُولِي" الفضل. ومثل هذه الكلمة يسمى: اسم جمع3.

ومن الكلمات المسموعة: أيضًا كلمة: "عالَمون". ومفردها: عالَم، وهو ما سوى الله، من كل مجموع متجانس من المخلوقات، كعالَم الحيوان، وعالَم النبات، وعالَم الجماد؛ وعالم المال، وعالم الطائرات

إلخ.

وكلمة: "عالَم" تشمل المذكر والمؤنث والعاقل وغيره. في حين أن كلمة: "عالَمون" لا تدل إلا على المذكر العاقل، فهى تدل على معنى

1 الأنسب في النوع الخامس "وهو: ما سمي بجمع مذكر سالم" أن يكون قياسيا. ولا قوة للراي الذي يقصره على السماع.

كما سيجييء في رقم2 من هامش ص152 وفي "أ" ص153.

2 الهمزة مضمومة في النطق من غير مد بالرغم من وقوع الواو الساكنة بعدها كتابة. ولا يصح كتابة ألف بعد الواو الأخيرة.

3 هو ما يدل على أكثر من اثنين، وليس له مفرد من لفظه ومعناه معًا، وليست صيغته على وزن خاص بالتكسير، أو غالب فيه، ومن الأمثلة: إبل، جماعة، فلك، وقد سبقت له إشارة عابرة رقم1 من هامش ص119 أما البيان الوفي عنه، وعن حالاته المختلفة وأحكامه في ج4 ص510 م174 جمع التكسير.

ص: 148

خاص بالنسبة لما يندرج تحت كلمة "عالَم"1، والخاص لا يكون جمعًا للعام2؛ لهذا كان "عالمون" إما اسم جمع لكلمة:"عالَم" وليس جمعًا له؛ وإمَّا جمعًا له غير أصيل ولكن بتغليب المذكر العاقل على غيره. وفي هذه الحالة لا تكون جمع مذكر سالمًا حقيقة؛ لأن اللفظة ليست علمًا ولا صفة، وإنما تلحق به كغيرها مما فقد بعض الشروط.

ثانيها: من الكلمات المسموعة، مالا واحد له من لفظه ولا من معناه، وهى: عشرون3، وثلاثون، وأربعون، وخمسون، وستون، وسبعون، وثمانون، وتسعون. وهذه الكلمات تسمى:"العقود العددية" وكلها أسماء جموع أيضًا.

ثالثها: كلمات مسموعة أيضًا؛ ولكن لها مفرد من لفظها. وهذا المفرد لا يسلم من التغيير عند جمعه، فلا يبقى على حالته التى كان عليها قبل الجمع؛ ولذلك يسمونها، جموع تكسير"4، ويلحقونها بجمع المذكر فى إعرابها بالحروف؛ مثل: بَنون، وإحَرُّون، وأرَضون، وذَوُو، وسنون وبابه5. فكلمة: "بنون" مفردها. "ابن" حذفت منه الهمزة عند الجمع، وتحركت الباء؛ وكلمة: "إحَرُّون" "مفردها: "حَرَّة"6، زيدت الهمزة فى جمعها.

1 فدلالتها داخلة فيما يسمى: "العموم الشمولي" مع أن دلالة كلمة: "عالم" داخلة فيما يسمى: "العموم البدلي" الذي هو دلالة الكلمة المفردة على معنى عام، فإذا جمعت جمع مذكر سالم دلت على معنى خاص بالنسبة لمعناها قبل جمعها. فكلمة:"عالم" تدل على المخلوقات العاقلة وغير العاقلة وغير العاقلة، فإذا جمعت جمع مذكر السالم فقيل فيها. "عالمون" صارت مقصورة الدلالة على العاقلين وحدهم.

2 وهناك سبب آخر في ص 151 هو: "أنها ليست علما ولا صفة.

3 ولا يقال أن عشرين مفردها. عشر، لئلا يلزم على ذلك صحة إطلاق عشرين على ثلاثين، وإطلاق ثلاثين على تسعة، وهكذا

، ذلك لأن أقل الجمع النحوي- لا اللغوي- ثلاثة، من مفرده، فلو كان مفرد العشرين هو:"عشر" لكانت عشرون صادقة على "3× 10" أي: ثلاث عشرات على الأقل ومجموعها يساوي ثلاثين. ولو كان مفردا الثلاثين هو: "ثلاث" لكانت الثلاثون صادقة على 3× 3 أي: على تسعة، وهكذا مما هو ظاهر الفساد....

4 لأن جمع التكسير هو الذي يتغير فيه صيغة المفرد حتما، ولا يبقى مفرده سليما عند الجمع، فلا بد فيه من تغير، إما في عدد حروفه فقط، وإما في حركاته فقط، وإما فيهما معا. بخلاف جمعي التصحيح، وهما: جمع المؤنث السالم الحقيقي، وجمع المذكر السالم الحقيقي، فإن صيغة مفردهما لا يدخل عليها تغيير عند الجمع إلا للإعلال، ونحوه.

"انظر رقم 1 من هامش ص 137".

5 المراد من باب: "سنة" كل اسم ثلاثي حذفت لامه، وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة، ولم يعرف له عند العرب جمع تكسير معرب بالحركات، ولم يعرف له- أيضا- مفرد مذكر ورد عنهم مجموعا بالواو والنون أو بالياء والنون. وبالشرط الأخير خرج نحو:"هنسة" فإن مذكرها- وهو: "هن" - ورد عن العرب مجموعا جمع المذكر، فلو جمعت كلمة. "هنة" جمع مذكر أيضا لا لتبس المؤنث بالمذكر.

6 أرض ذات حجارة مجوفة سود، كأنها احترقت بالنار.

ص: 149

"وأرَضون""بفتح الراء" لا مفرد لها إلا: أرْض "بسكونها"؛ فتغيرت حركة الراء عند الجمع من سكون إلى فتح. هذا إلى أن المفرد مؤنث، وغير عاقل. و"ذَوو" في الجمع مفتوحة الذال، مع أن مفردها:"ذُو" مضموم الذال. "وسِنون" مكسورة السين فى الجمع، مفتوحتها فى المفرد، وهو:"سَنَة"، فضلا عن أنها لمؤنث غير عاقل أيضًا، - وأصلها "سَنَهٌ" أو"سَنَوٌ"، بدليل جمعهما على "سَنهات" و"سَنَوات" ثم حذفت لام الكلمة، "وهي الحرف الأخير منها"، وعوض عنه تاء التأنيث المربوطة، ولم ترجع الواوعند الجمع.-

ومن الكلمات الملحقة بهذا الجمع سماعًا2، والتى تدخل في باب "سَنَة" كلمة: عِضَة، وجمعها: عِضون "بكسر العين فيهما". وأصل الأولى: "عِضَةٌ، بمعنى: كذب وافتراء. أو: عِضَوٌ. بمعنى: تفريق. يقال فلان كلامه عضهٌ، أى: كذب، وعمله عِضَوبين الأخوان، أى: تفريق وتشتيت؛ فلام الكلمة هاء، أوواو. ومثلها "عِزَة"، جمعها: عزُون "بالكسر فيهما". والعزَة: الفرقة من الناس، وأصلها عِزْىٌ؛ يقال: هذه عِزَة تطلب العلم

وأنتم عِزون فى ميدان العلم. وأيضًا: "ثُبةٌ" بالضم، وجمعها: ثُبُون، بضم أول الجمع أوكسره1. والثُّبة "الجماعة"، وأصلها ثبَوٌ، أو: ثُبَىٌ، يقال: الطلاب مختلفون: ثبة مقيمة. وثُبة مسافرة، وهم ثُبون.

وعلى ضوء ما سبق نعرف السبب فى تسمية تلك الكلمات المسموعة بجمع التكسير، لأن تعريفه وحده هوالذى ينطبق عليها، دون غيره من جمعى التصحيح؛ إذ هو"ما تغَيَّر فيه بناء الواحد"3 وقد تغير بناء واحدها4.

"1و 1" الغالب في باب "سنة" وأخواتها- وقد سبق توضيح المراد من "بابها" في رقم 5 من هامش ص 149: أن ما كان منه مفتوح الفاء في المفرد فإنه يكسر في الجمع، مثل سنة وسنين. وما كان مكسور الفاء في المفرد لم يتغير في الجمع، مثل مائة ومئتين. وما كان مضموم الفاء يجوز فيه الكسر والضم، مثل ثبة وثبين.

2 لأن باب "سنة""أي: ما يشبهها- وقد سبق توضيحه في رقم 5 من هامش ص 149". سماعي

وهذه القيود الموضوعة له إنما هي لضبط، اسمع، لا لقياسيته، فالأمر فيه كغيره مسموع.

3 انظر رقم 4 من هامش ص 149.

4 وكذلك نعرف السبب في امتناع جمع الكلمات الآتية جمع مذكر سالم، وفي عدم إدخالها في ملحقاته:

ص: 150

رابعها: كلمات مسموعة لم تستوف بعض الشروط الأخرى الخاصة بجمع المذكر؛ فألحقوها به، ولم يعتبروها جمعًا حقيقيًّا. ومن هذه الكلمات، "أهل". فقد قالوا فيها: أهلون. مثل:

وما المالُ والأهلونَ إلا ودائعُ

ولا بد يومًا أن ترَد الودائعُ

فجمعوها مع أنها ليست علمًا ولا صفة. ومنها: "عالمون"؛ ليست علمًا، ولا صفة أيضًا. وقد تكلمنا عنها من وجهة أخرى فيما سبق1. ومنها:"وابل"؛ بمعنى: مطر غزير. يقال: غَمَر الوابلون الحقول. فجمعوها، مع أنها ليست علمًا ولا صفة، ولا تدل على عاقل

خامسها: كلمات من هذا الجمع المستوفى للشروط، أومما ألحق به، ولكن سمي

= أ- تمرة لعدم وجود حذف فيها.

ب- عدة وزنة، غير علمين؛ لأن المحذوف من كل واحدة هو فاء الكلمة، فأصل الأولى "وعد". والثانية:"وزن" حذفت الفاء وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة. أما إن كانا علمين، للمذكر فإنه يجوز جمعهما بعد حذف التاء من آخرهما بالصورة التي سبقت في "أ" من ص145.

ج- اسم "وأصلها: "سمو" بضم السين وكسرها، وسكون الميم" وأخت وبنت وأصلهما: "أخو". و "بنو"، على المشهور قيمها، حذفت اللام في الثلاثة، وعوض عنها الهمزة في أول كلمة: اسم، وسكنت السين، وعوضت التاء المفتوحة لا المربوطة في الأخيرتين. وشذ: بنون.

د- يد، ودم. أصلهما:"يدي". و "د مي"، حذفت اللام، ولم يعوض عنها شيء وشذ أبون وأخون، لأن مفردهما واوي اللام. وقد حذفت الواو التي هي لام الكلمة بغير رد، ولا تعويض. ومثل:"أب" وأخ بقية الأسماء الستة على الرأس القائل بأنها وردت عن العرب مجموعة جمع مذكر شذوذا، أي: هنون، وحمون، وذوون، وفون

ولا يمنع النحاة أن تكون الواو الأصلية التي هي لام الكلمة قد رجعت عند الجمع ثم حذفت. فأصل الكلمة عند الجمع كما يقولون: "أبوون" ثم حركت الباء بالضمة إتباعا للواو- "كما يحصل أحيانا، كالإتباع في المفرد المضاف، نحو. أبي" بعد حذف فتحة الباء. ثم حذفت ضمة اللامن لثقلها، وطلبا للتخفيف يحذفها، فالتقى ساكنان، الواو الأصلية واو الأسماء الستة، فحذفت الواو الأصلية التي هي لام الكلمة، فإنها رجعت ثم حذفت كما يتخيلون. وهذه الصورة الخيالية لا أثر لها في ضبط الكلمة وصحة المعنى. فالواجب الانصراف عنها وإهمالها، لما فيها من تكلف واضح لا داعي له....

وللحكم السابق اتصال. قوي وبعض تشابه بما سبق في "ح" من ص 135 ورقم 4 من هامشها.

هـ- شاة، وشفة، لأن لكل واحدة منهما جمع تكسير مسموعا عن العرب، ومعربا بالحركات، يقال: في الحقل شياه كثيرة، وللإبل شفاه غليظة. "وأصل شاه: شوه، حركت الواو بالفتح للتخفيف- كما يقولون- فقلبت ألفا، فصارت: شاه، ثم حذفت الهاء وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة فصارت: شاة.

وأصل شفة هو: "شفه" حذفت الهاء، وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة".

1 ص 184.

ص: 151

بالكلمة1 قديمًا أو حديثًا وهي مجموعة، وصارت علمًا2 على مفرد بها، وصارت أعلامًا. فمن أمثلة الأولى المستوفي للشروط "حَمْدون"، "وعَبْدون"، و"خَلْدون"، و"زيدون" أعلام أشخاص معروفة قديمًا وحديثًا.

ومثال الثاني: "عِلِّيُّون". "اسم لأعالي الجنة" المفرد: عِلِّيَ. بمعنى المكان العالي، أو عِلِّية، بمعنى: الغرفة العالية. وهو ملحق بالجمع؛ لأن مفرده غير عاقل.

سادسها: كل اسم من غير الأنواع السابقة يكون لفظه كلفظ الجمع في اشتمال آخره على واو ونون، أو ياء ونون، لا فرق في هذا بين أن يكون نكرة؛ مثل:"يا سَمين" و"زيتون" أو علَمًا مثل: "صِفِّينَ" و"نَصِيينَ" و"فِلَسْطينَ3"

1 تصح التسمية بجمع المذكر السالم وغيره من الجموع الأخرى للداعي البلاغي الذي قصده العرب في جاهليتهم وإسلامهم من التسمية بتلك الجموع وبالمثنى -كما سبق في "ج" من ص125- ومن أهم الدواعي: المدح: ويشمل التعظيم، والذم، والتلميح

ومما يؤيد هذا مجيء واو الجماعة في مخاطبة المولى جل شأنه، كالتي في قوله تعالى حكاية لما يقوله يوم القيامة المعاند الجاحد فضل ربه:{رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْت} كما يؤيده أن الضمير "نحن" موضوع المتكلم الذي معه غيره، أو للمتكلم وحده إذا أراد تعظيم نفسه.

أما طريقة إعراب المسمى به ففي" أ" من ص153.

2 التسمية بجمع المذكر السالم شائعة قديمًا شيوعًا يجعلها قياسية، فلا قوة للرأي الذي يقصرها على السماع.

ولهذا إشارة في رقم1 من هامش ص148 وفي "أ" من الصفحة الآتية.

3 وإلى كل هذا يشير ابن مالك بقوله:

وارفع بواو وبيا اجرر وانصب

سالم جمع عامر، ومذنب

وشبه ذين، وبه عشرونا

وبابه ألحق، والأهلونا

أولو، وعالمون، عليونا

وأرضون شذ، والسنونا

وبابه، ومثل حين قد يرد

ذا الباب وهو عند قوم يطرد

يريد بشبه ذين: ما أشبه: عامرًا من كل علم، مستوف للشروط، وما أشبه كلمة:"مذنب" في أنه صفة مستوفية كذلك. ثم يقول ألحق به عشرون وبابه. والمراد ببابه: أخوات عشرين من العقود العددية التي ذكرناها، وكذلك أهلون، وأولو، وعالمون، وعلييون.

ثم قال: وشذ: أرضون، وباب سنين، وقد أوضحنا المراد من باب "سنين" في رقم5 من هامش ص149 وإنما صرح بشذوذ هذين، مع أن جميع ملحقات جمع المذكر السالم شاذة -إلا النوع الخامس، كما سبق- لأن الشذوذ، فيهما أقوى، لفقد كل منهما أكثر الشروط. فكلاهما اسم جنس "وليس علمًا ولا صفة"، وكلاهما مؤنث، وغير عاقل، ولم يسلم مفرده عند الجمع.

ثم بين أن "سنين وبابه" قد يعرب إعراب: "حين" فتلازمه الياء والنون، وتظهر الحركات على النون منونة إلا عند وجود ما يمنع التنوين. وأن من العرب من يجعل هذا الإعراب الخاص بكلمة:"حين" عامًا يشمل كل جمع مذكر سالم، سمي به، ولا يجعله مقصورًا على سنين وبابه. -طبقًا لما في رقم20 من ص153 ومنهم من يجعله عامًّا شاملًا ما سمي به، وما لم يسم به.

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- بمناسبة النوع الخامس نشير إلى أن التسمية بجمع المذكر السالم معروفة قديمًا وحديثًا، كالتسمية بغيره من أنواع المفردات، والمثنيات، والجموع. فقياسيته أنسب1 فإذا سُمِّيَ به ففيه عدة إعرابات، يرتبها النحاة الترتيب التالِيَ، بحسب شهرتها وقوتها:

1-

أن يعرب بالحروف كجمع المذكر السالم، مع أنه علم على واحد، فيبقى حاله بعد التسمية به كحاله قبلها. تقول في رجل اسمه سعدون: جاء سعدونَ. وأكرمت سَعْديِنَ، وأصغيت إلى سعدِينَ. وفي هذه الحالة لا تدخله "أل" التي للتعريف؛ لأنه معرفة بالعلمية2.

وإذا جاء بعده ما يقتضي المطابقة -كالنعت، والخبر

وجب أن يطابق في الإفراد، مراعاة لمعناه ومدلوله. ولا يصح حذف نونه عند إضافته، لأنها ليست نون جمع ولأن حروف العلم لا يصح زيادتها أو نقصها- كما تقدم في المثنى ص 126نقلا عن الهمع.

واحتمال اللبس في هذا الوجه قوي. لإبهامه أنه جمع، ولأن حروفه تتغير بتغير إعرابه، مع أنه علم لمعين.

2-

أن يلزم آخره الياء والنون رفعًا، ونصبًا، وجرًّا، ويعرب بحركات ظاهرة على النون مع تنوينها3 -غالباً- تقول في رجل اسمه محمدِين: هذا محمدِينٌ، ورأيت محمدِينًا، وقصدت إلى محمدينٍ، فكلمة:"مُحمدِين": إما مرفوعة بالضمة الظاهرة، أو: منصوبة بالفتحة الظاهرة، أو: مجرورة بالكسرة الظاهرة، مع التنوين3 "غالبًا في كل حالة"4 "فإعرابها -كما يقول النحاة

1 كما سبق في رقم1 من هامش ص148 وفي2 من هامش ص152 -وكذلك سبق بيان الغرض من هذه التسمية في" "ج" من ص125 -وفي رقم1 من هامش ص152.

2 انظر" الملاحظة" التي في رقم2 من هامش ص139.

"3، 3" إن لم يوجد مانع يمنع التنوين، كالأسباب الخاصة بمنع الصرف، ومنها هنا العجمة مع العلمية، مثل:"قنسرين، اسم بلد بالشام" ومنها: النداء، ومنها:"أل" الجالبة للتعريف، ومنها الإضافة في آخره.

4 بشرط ألا تزيد حروفه على سبعة: "وهي أقصى ما يصل إليه تكوين الاسم المفرد أصالة في اللغة العربية". فإن زاد على سبعة بسبب طارئ على أصله أخرجه عن ذلك الأصل -كأن يكون علما منقولا من مثنى، أو من جمع. نحو اشهيبابين - لم يعرف بالحركات، وإنما يعرب بالحرف "الياء" الذي في آخره، ليكون إعرابه بالحرف دليلًا على زيادة الياء والنون فيه، فلا يخرج الاسم عن أقصى العدد المألوف من حروف الكلم- ومثل هذا أيضًا يراعى في الآراء التالية.

ص: 153

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كإعراب: غِسْلِين1 وحِين". وتلك النون لا تسقط في الإضافة؛ لأنها ليست نون جمع، والأخذ بهذا الإعراب -في رأينا- أحسن؛ في العلمَ المختوم بالياء والنون. والاقتصار عليه أولى2؛ ليسره ومطابقته للواقع الحقيقي، فهو بعيد، عن كل لَبس؛ إذ لا يتوهم الماء معه أن الكلمة جمع مذكر حقيقي؛ وإنما يدرك حين يسمعها أنها علم على مفرد. وهناك سبب هام يقتضي الاقتصار على هذا الرأى في العلَم المختوم بالياء والنون هو: "المعاملات الرسمية" الجارية في عصرنا على الوجه المبين عند الكلام على التسمية بالمثنى3

والقصد من سرد الآراء التى تخالف هذا الأحسن والأيسر فهم النصوص القديمة الواردة بها، دون أن نبيح اليوم استعمالها؛ ومن الإساءة للغتنا أن نفتح الأبواب المؤدية إلى البلبلة والاضجراب فيما ننشئه من كلام، وإلى التعسير من غير داعٍ، فيما نمارسه من شئون الحياة.

ومن العرب من يجري حكم: "غِسْلين وحِين" منونًا -فى الغالب- أو غير منون على "سنين" وبابه كله. وإن لم يكن علمًا. ومنهم من يجريه منونًا على جميع أنواع المذكر السالم وملحقاته كما سبق4.

3-

أن يلزم آخره الواو والنون في كل الحالات، ويعرب بحركات ظاهرة على النون من غير تنوين5 فيكون نظير:"هارون" في المفردات الممنوعة من الصرف. وهذه النون لا تحذف للإضافة، للسبب السالف.

4-

أن يلزم آخره الواو والنون، في كل الحالات ويعرب بحركات ظاهرة

1 هو: الصديد الذي يسيل من أهل جهنم.

2 انظر قرار مجمع اللغة العربية ومؤتمره في اختيارهما هذا الحكم وهو مدون في رقم3 من هامش الصفحة الآتية.

3 في آخر ص 126.

4 في آخر هامش ص 152.

5 فهو ممنوع من الصرف، للعلمية وشبه العجمة؛ لأن وجود الواو والنون في الأسماء المفردة يكاد يكون من خواص الأسماء الأعجمية.

ص: 154

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على النون، مع تنوينها1 فيكون نظير "عَرَبون"2 من المفردات.

ونرى أن الاقتصار على هذا الإعراب3 -أوعلى سابقه- أحسن في العَلم المختوم بالواو والنون؛ مثل: زيدون؛ لما سبق في نظيره المختوم بالياء والنون.

5-

أن يلزم آخره الواو والنون المفتوحة في جميع الحالات، ويعرب بحركات مقدرة على الواو. والنون ثابتة هنا في جميع حالات الإعراب، كشأنها في الحالات السالفة.

ب- إذا سُمِّي بجمع المذكر، أو بما ألحق به "كالأعلام الواردة في النوع الخامس، ومنها: حَمدون، خَلدون، عَبدون، زيدون

"، وأريد جمع هذا العلم جمع مذكر سالمًا، لم يصح جمعه مباشرة -كما عرفنا- وإنما يصح جمعه من طريق غير مباشر، وذلك بالاستعانة بالكلمة الخاصة التى يجب أن تسبق هذا العلم، وتلحقها علامة الجمع رفعاً، ونصبًا، وجرًّا، وهذه الكلمة هي: "ذو" دون غيرها، وتصير في الرفع: "ذوُو"، وفي النصب والجر: "ذَوِي" وهي "مضافة"، والعلم بعدها هو "المضاف" إليه دائمًا، وفيه الإعرابات السابقة فيقال: جاءني ذُوو حمدون، وصافحت ذَوِي حمدون، وأصيغت إلى ذَوي حمدون

فكلمة: "ذَوو" و"ذَوِي" تعرب على حسب حاجة الجملة، وترفع بالواو، وتنصب وتجر بالياء وتلك الكلمة هي التى توصل لجمع المسمى بجمع المذكر السالم وملحقاته.

1 إن لم يوجد مانع من الصرف: كالعجمة مع العلمية هنا -أو بالإضافة، أو النداء، أو التأنيث أو "أل" المفيدة للتعريف وستأتي في م30.

2 المال الذي يدفعه المشتري مقدما في صفقة، لضمان إتمامها، وأنه لن يرجع عن شرائها، وإلا ضاع ذلك المقدم.

3 وقد اقتصر عليه المجمع اللغوي القاهري ومؤتمره -طبقًا لما جاء في ص13 من كتابه الصادر في سنة 1969 باسم "كتاب في أصول اللغة" ونص قراره تحت عنوان: "صيغة: فعلون وكونها عربية" وإعرابها: "ما كان من الأعلام منتهيا بواو ونون زائدتين نحو: ميسون، وحمدون، وخلدون، له أمثلة منذ أقدم العصور العربية، فصيغته عربية، وعليها صيغ ما ورد من أعلام أهل المغرب. وهو يعرب إعراب المفرد بالحركات على النون مع التنوين، ومع لزوم الواو. فإن كان علمًا لمؤنث منع من الصرف للعلمية والتأنيث. ويأخذ هذا الحكم ما كان منتهيًا بياء ونون زائدتين اهـ".

4 في ص151.

ص: 155

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما الطريقة إلى تثنية هذا الجمع فهي الطريقة التي تقدمت في التثنية، ويستعان فيها بكلمة:"ذو" أيضًا.

ج- سبقت الإشارة2 إلى أن النون مفتوحة في جمع المذكر السالم وملحقاته3 في أحواله الإعرابية المختلفة؛ أي: في حالة رفعه بالواو، أو نصبه أو جره بالياء، ولا علاقة لهذه النون بإعرابه. ومن العرب من يكسرها، ولكن لا داعي للأخذ بهذه اللغة، منعًا للخلط والتشتيت من غير فائدة.

أما نون المثنى وجميع ملحقاته4 فالأشهر فيها أن تكون مكسورة في الأحوال الإعرابية المختلفة. وقليل من العرب يفتحها، ومنهم من يضمها بعد الألف، ويكسرها بعد الياء، في حالتي النصب والجر، ولا داعي للعدول عن الرأي الأشهر في الاستعمال، للسبب السالف5 في حركة نون جمع المذكر السالم.

د- لنون المثنى والجمع وملحقاتهما أثر كبير في سلامة المعنى، وإزالة اللبس؛ ففي قولنا: سافر خليلان: موسى ومصطفى -نفهم أن موسى ومصطفى هما الخليلان، وأنهما اللذان سافرا، بخلاف ما لو قلنا: سافر خليلا موسى ومصطفى؛ بغير النون فإننا قد نفهم الكلام على الإضافة "إضافة: خليلَا إلى موسى" ويتبع هذا أن الخليلين هما اللذان سافرا، دون موسى ومصطفى. وفرْق بين المعنيين.

ومثل هذا أن نقول فى الجمع: مررت ببنينَ أبطال؛ فالأبطال هم البنون؛ والبنون هم الأبطال، فلو حذفت النون لكان الكلام: مررت ببني أبطال، وجاز أن نفهم الكلام على الإضافة؛ إضافة البنين إلى أبطال؛ فيتغير المعنى.

1 في آخر رقم 2 من هامش في أول ص 129.

2 ص 139.

3 ويدخل فيها: ما سمي به، وما جمع على سبيل، "التغليب" وغيرهما.

4 يدخل فيها ما سمي به، وما ثنى على سبيل "التغليب" واثنان واثنتان"، وغيرهما من كل ما أعرب إعراب المثنى. كما سبقت الإشارة لهذا في رقم4 من هامش ص120.

5 وفي هذا يقول ابن مالك:

ونون مجموع وما به التحق

فافتح وقل من بكسره نطق

ونون ما ثني والملحق به

بعكس ذاك استعملوه، فانتبه.

كلمة "نون" الأولى مبتدأ، خبره: الجملة الفعلية: "افتح" و "الفاء" التي في اولها زائدة، لتزيين اللفظ - كما في الصبان، وانظر رقم 4 من ص 393 وم 41 ص 535.

ص: 156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكذلك تمنع توهم الإفراد في مثل: جاءني هذان، ورحبت بالداعين للخير؛ فلو لم توجد النون لكان الكلام: جاءني هذا، ورحبت بالداعي للخير؛ وظاهره أنه للمفرد، وهو غير المراد قطعًا.

وتحذف نون المثنى والجمع للإضافة -كما أشرنا- في الأمثلة السابقة؛ وهو حذف لازم؛ كحذفها وجوبًا مع "اثنين" و"اثنتين" عند تركيبهما مع عْشر، أو: عَشرة

؛ فتحل كلمة: "عَشر، أو: عشْرة" مكان النون بعد حذفها، نحو:"اثنا عشَر" و"اثنتا عشْرة"؛ فتعرب: "اثنا" و"اثنتا" إعراب المثنى، وكلمة "عْشر أو: عَشرة" اسم مبني1 على الفتح لا محل له من الإعراب، لوقوعه موقع نون المثنى التي هي حرف. كما سبق2.

وقد تحذف جوازًا للتخفيف؛ إذا كانت في آخر اسم مشتق "أيْ: وَصْف" في أوله "أل" الموصولة3، و"خيرًا"، قد نصَب بعده مفعوله مثل: ما أنتما المهملا واجبًا، وما أنتم المانعو خيرًا؛ ومنه قراءة من قرأ:"والمقيمي الصلاةَ""بنصب كلمات: "الواجبَ"، وخيرًا، و"الصلاةَ"؛ على أنها مفعول به لاسم الفاعل الذى قبل كل منها"4.

ويجيز سيبويه وآخرون حذف نون ما دل على تثنية أو جمع من أسماء الموصول؛ نحو: اللذان، واللتان، والذين.

وقد تحذف نون الجمع جوازًا إذا وقع بعدها لام ساكنة، كقراءة من قرأ:"غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهَ". بنصب كلمة "اللهَ" على أنها مفعول به "أصله: معجزين اللهَ"، وقراءة:"وإنكم لذائقو العذابَ" بنصب كلمة: "العذابَ" على أنها مفعول به أيضًا، وأصلها:"وإنكم لذائقون العذاب".

وأقل من هذا أن تحذف من غير وقوع اللام الساكنة بعدها؛ كقراءة من قرأ: "وما هم بضَارّي به من أحد" وأصلها: "بضارين به".

وقد تحذف النون جوازًا لشبه الإضافة في نحو: لا غلاميْ لمحمد، ولا مكرَميْ للجاهل، إذا قدرنا الجار والمجرور صفة، والخبر محذوفًا5.

1 لتضمنه -كما يقولون- معنى حرف العطف، إذ الأصل: اثنا وعشر

إلخ. والسبب الحق السماع المحض.

2 في "و" من ص134 ويجيء في313.

3 وجود "أل" دليل على أن الكلمة غير مضافة.

4 إيضاح هذه الحالة في باب الإضافة - ج3 م93.

5 أصحاب هذا الرأي يوضحونه بأن الجار والمجرور إذا جعلا صفة لاسم "لا" النافية للجنس صار بهذه الصفة من قسم الشبيه بالمضاف؛ لأن الصفة من تمام الموصوف، كالمضاف إليه فإنه يتمم المضاف. وإذا صار شبيها بالمضاف جاز عندهم حذف ما في آخره من التنوين، أو نون المثنى والجمع كما يحذف من المضاف الأصيل. وسيجيء هذا في باب "لا" الجنسية آخر الجزء، ص690.

ص: 157

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكذلك في. لَبَّيْكَ1 وسَعْدَيك2

وأشباههما عند من يرى أن الكاف حرف للخطاب، وليست باسم.

وقد يحذفان للضرورة في الشعر.

هذا، وعلى الرغم من أن حذفهما جائز في الموضع التى ذكرناها -فمن المستحسن الفرار منه قدر الاستطاعة؛ منعًا للغموض واللبس، وضبطًا للتعبير في سهولة، ووضوح، واتفاق يلائم حالة الناس اليوم. أما الموضع التى يجب فيها حذفهما فلا مفر من مراعاتها.

هـ- الأصل3 في المثنى أن يدل على اثنين حقيقة. لكن قد يكون اللفظ ظاهره التثنية ومعناه الجمع بشرط وجود قرينة؛ فيكون ملحقًا بالمثنى في الإعراب فقط، وليس مثنى حقيقة؛ لفقد شرط التثنية؛ ومن ذلك:{ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْن} أي: كَرَّات؛ لأن المراد التكثير، والتكثير لا يتحقق بكَرتين، وإنما يتحقق بكَرَّات. ومثله: حَنَانَيْك

وهذا النوع يجوز فيه التجريد من علامتَيِ التثنية اكتفاء بالعطف، مثل: أتعبتنا الأسفار؛ خمس وخمس، وذَهاب وذهاب ورجوع ورجوع ومنه قول الشاعر:

تَخدِي4 بنا نُجُبٌ أفْنَى عرائكهَا

خَمْسٌ وِخَمْسٌ وتأويبٌ وتأويبُ

وقد يغنى التكرار عن العطف5؛ كقوله تعالى: {صَفًّا صَفًّا} ، وقوله:{دَكًّا دَكًّا} .

1 بمعنى: إجابة منا لك بعد إجابة.

2 بمعنى إسعادًا لك بعد إسعاد. أي: مساعدة لك بعد مساعدة، أو معاونة لك بعد معاونة.

3 ما يأتي هو الذي أشرنا إليه في رقم5 من هامش ص118 حيث قلنا: إن اللفظ قد يكون في ظاهره للمثنى، وفي معناه للجمع

وله صلة أيضا بما في "هـ" من ص133.

4 "تخذي": تسرع "نجب" جمع: نجيبة، وهي: الناقة الأصيلة الجيدة.

"عرائك"، جمع: عريكة، وهي: السنام، "التأويب" السفر طول النهار، أو: الرجوع من السفر وغيره، والأحسن هنا: الأول، والخمس: سفر خمسة أيام. ويضح: الخمس "بكسر الخاء" وهو ترك الإبل ثلاثة أيام ترعى بغير شرب، ثم ترد الماء في اليوم الرابع، كأن تشرب في يوم الخميس -مثلا- وتترك الشرب ثلاثة أيام بعده، هي: الجمعة، والسبت، والأحد، ثم تشرب في اليوم الرابع، وهو يوم الاثنين. فإذا احتسبنا اليوم الأول الذي شربته فيه كان يوم الاثنين هو الخامس له. ومن هنا جاء الخمس بكسر الخاء.

5 سبق للمسألة إيضاح وتفصيل في -"هـ" من ص133.

ص: 158

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و سبق1 أن قلنا إن المثنى المرفوع إذا أضيف إلى كلمة أولها ساكن؛ مثل: غاب حارسًا الحقل وأقبل زارعًا الحديقة -فإن علامة التثنية "وهي الألف" تحذف نطقًا، لا خَطًّا2. ويرجح النحاة في إعرابه أن يقال: إنه مرفوع بألف مقدرة

وكذلك الشأن في جمع المذكر؛ فإنه إذا أضيف حذفت نونه للإضافة؛ فإن كانت إضافته إلى كلمة أولها ساكن حذفت واوه رفعًا، وياؤه نصبًا، وجرًّا؛ في النطق، لا في الكتابة2؛ تقول: جاء عالمو المدينة، وكرمت عالمِي المدينة، وسعيت إلى عالمِي المدينة3.

لكن ما إعرابه؟ أيكون مرفوعًا بالواو الظاهرة في الكتابة، أم بالواو المقدرة المحذوفة في النطق لالتقاء الساكنين؛ فهي محذوفة لعلة، فكأنها موجودة؟

وكذلك في حالة النصب والجر؛ أيكون منصوبًا ومجرورًا بالياء المذكرورة أم المقدرة؟

يرتضي النحاة أنه معرب في جميع حالاته بالحرف المقدر؛ لأنهم هنا يقدمون النطق على الكتابة، ويعدون هذه الحالة كحالة المثنى في أنها من مواضع الإعراب التقديري4، لا الإعراب اللفظي.

ونقول هنا ما سبق أن قلناه في المثنى: وهو أنه لا داعي اليوم للأخذ بهذا الرأي، ولن يترتب على إهماله ضرر؛ لأن الخلاف شكلي لا قيمة له. ولكن الإعراب التقديري هنا لا يخلو من تكلف، وقد يؤدي إلى اللبس.

كذلك تقدر الواو رفعًا -فقط- في جميع المذكر السالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم؛ نحو: جاء صاحبِيَّ. وأصلها: صاحبون لي؛ حذفت اللام للتخفيف، والنون للإضافة؛ فصارت الكلمة صاحِبُويَ. اجتمعت الواو والياء، وسَبقت إحداهما

1 في "ز" من ص135.

"2و 2" مع ملاحظة قرار المجمع اللغوي الذي يبيح- المد عند خوف اللبس وهو القرار الذي سجلناه في رقم2 من هامش ص51 ونعيد تسجيله هنا ونصه: تحت عنوان: إباحة المد عند التقاء الساكنين، أو زيادة موضع لاغتفار التقاء الساكنين:"لا حرج على من يدفع اللبس بمد عند الساكنين، مثل قولهم: اجتمع مندوبو العراق بمندوبي الأردن".

3 يشترط لصحة هذا الحذف ألا يكون جمع المذكر مقصورًا- كما سيجيء البيان في رقم3 من ص204.

4 بيان في ص75 و 84 وستذكر مواضعه مفصلة في ص198.

ص: 159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالسكون، قُلبت الواو ياء؛ فصارت الكلمة: صاحُبُيَّ، ثم حركت الباء بالكسرة؛ لتناسب الياء؛ فصارت الكلمة: صاحِبِيَّ. ومثلها جاء خادِميّ ومساعدِيّ، إذ يرتضي النحاة في إعرابها:"خادميّ"، فاعل مرفوع بالواو المقدرة المنقلبة ياء المدغمة في ياء المتكلم. و"خادم" مضاف وياء المتكلم مضاف إليه؛ مبنية على الفتح في محل جر. وكذلك الباقي وما أشبهه.

ويقول فريق آخر: إن إعراب كلمة: "صاحِبِيّ" وأشباهها هو إعراب لفظي، لا تقديري؛ لوجود ذات الواو، ولكن في صورة ياء. وتغير صورتها لعلة تصريفية لا يقتضي أن نقول إنها مقدرة. والخلاف بين هذين الرأيين لا قيمة له؛ لأنه خلاف لفظي، شكلى، لا يترتب عليه شيء عملي؛ فلا مانع من اتباع أحد الرأيين. والأول أفضل لموافقته لبعض حالات خاصة أخرى.

ز- جسم الإنسان -وغيره- ذو أعضاء، وأجزاء، وأشياء أخرى تتصل به، منها: ما يلازمه ويتصل به دائمًا، فلا ينفصل عنه في وقت، ثم يعود إليه في وقت آخر؛ كالرأس؛ والأنف، والظهر، والبطن، والقلب

ومنها: ما يتصل به حينًا، وينفصل عنه حينًا، ويعود إليه بعد ذلك؛ كالثوب، والأدوات الجسمية الأخرى وأشباهها

فإذا كان في الجسم شيء واحد لا يتعدد، ولا ينفصل عنه، كالرأس؛ والقلب -ضممت إليه مثله جاز فيه ثلاثة أوجه:

أوَلها: الجمع: وهو الأكثر. نحو: ما أحسن رءوسكما. ومنه قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} . وإنما عبروا بالجمع مع أن المراد التثنية؛ لأن التثنية في الحقيقة جمع لُغَوى1؛ ولأنه مما لا يقع فيه لَبس، ولا إشكال؛ فمن المعلوم ألا يكون للإنسان إلا رأس واحد، أو قلب واحد

ثانيها: التثنية على الأصل وظاهر اللفظ؛ نحو: ما أحسنَ رأسَيْكما، وأطيبَ قلبيْكما.

ثالثها: الإفراد؛ نحو؛ ما أحسنَ رأسكما، وأطيبَ قلبَكما. وهذا جائز لوضوح المعنى، إذ كل فرَد له شيء واحد من هذا النوع، فلا يشكل، ولا يوقع في لبس. فجيء باللفظ المفرد، للخفة.

1 راجع ماله اتصال بهذا، والأمثلة الواردة التي تؤيده في رقم1 من هامش ص119 ورقم2 من هامش ص137.

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما ما يكون في الجسد منه أكثر من واحد؛ كاليد، والرجل؛ فإنك إذا ضممته إلى مثله لم يكن فيه إلا التثنية؛ نحو: ما أكرمَ يديكما، وما أسرعَ رجليكما. أما قوله تعالى:{السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فإنه جمع؛ لأن المراد الإيمان: "جمع يمين، أي: اليد اليمنى"1.

وأما ما يتصل بالجسم وينفصل عنه من نحو: ثوب، وغلام فلا يجوز فيه إلا التثنية إذا ضممت منه واحدًا إلى مثله؛ نحو أُعْجبتُ بثوبيكما

وسلمت على غلاميكما

إذا كان لكل واحد ثوب وغلام. ولا يجوز الجمع في مثل هذا؛ منعًا للإبهام واللبس؛ إذا لو جمع لأوهم أن لكل واحد أثوابًا وغلمانًا. وهو غير المراد2. وكذلك لا يجوز الإفراد؛ للسبب السالف.

ح- سبق الكلام على منع تثنية جمع المذكر وجمعه بطريقة مباشرة فيهما، وإباحة ذلك عند التسمية به3

فهل يجوز تثنية جمع التكسير، وجمعه؟

فريق قال: إن جمعه مقصور على السماع. أما تثنيته فملخص الرأي فيها عنده أن القياس يأبى تثنية الجمع، وذلك أن الغرض من الجمع الدلالة على الكثرة العددية، والتثنية تدل على القلة؛ فهما متدافعان، ولا يجوز اجتماعهما في كلمة واحدة. وقد جاء شيء من ذلك -عن العرب- على تأويل الإفراد؛ قالوا: إبلان، وغَنَمان. وجمَالانِ. ذهبوا بذلك إلى القطيع الواحد، وضموا إليه مثله فثنوه

وما دام القياس يأباه فالأحسن الاقتصار فيه على السماع4.

وفريق آخر -كما سيجيء5- يميل إلى إباحة الجمع فيما يدل على القلة، دون ما يدل على الكثرة.

والأفضل الأخذ بالرأي القائل إن الحاجة الشديدة قد تدعو أحيانًا إلى جمع الجمع، كما تدعو إلى تثنيته؛ فكما يقال في جماعتين من الجِمال: جمالان -كذلك يقال في جماعات منها: جِمالات. وإذا أريد تكسير جمع التكسير روعي فيه ما نصوا عليه في بابه5.

1 هل المراد أن اليمنى واحدة، فإذا انضمت إلى مثلها جاز الجمع؟ إن كان هذا التعليل صحيحًا فهو منطبق على جميع الأعضاء الزوجية في الجسم. فكيف تجب التثنية؟ إلا أن يقال إن اليمنى أشهر في اليد اليمنى حتى تكاد تختص بهذا الوصف، وتصير بمنزلة شيء واحد.

2 راجع الجزء الرابع من شرح "المفصل" ص155.

3 في ص155، 129.

4 راجع الجزء الرابع من شرح المفصل ص153.

"5و 5" في جـ4 ص 505 م 174.

ص: 161