الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة والعشرون: اسم الإشارة
1
تعريفه: اسم يعين مدلوله تعيينًا مقرونًا بإشارة حسية إليه؛ كأن ترى عصفورًا فتقول وأنت تشير إليه: "إذا" رشيق؛ فكلمة: "ذا" تتضمن أمرين معًا، هما: المعنى المراد منها: "أي: المدلول"، وهو:: جسم العصفور، والإشارة إلى ذلك الجسم في الوقت نفسه. والأمران مقترنان؛ يقعان في وقت واحد2؛ لا ينفصل أحدهما من الآخر.
والغالب أن يكون المشار إليه "وهو: المدلول" شيئًا محسوسًا3 كالمثال السابق. وكأن تشير بأحد أصابعك إلى كتاب، أو قلم، أو سيارة، وتقول: ذا كتاب -ذا قلم- ذي سيارة. وقد يكون شيئًا معنويًّا، كأن تتحدث عن رأي، أو: مسألة في نفسك، وتقول: ذي مسألة تتطلب التفكير، ذا رأي أبادر بتحقيقه
…
تقسيم أسماء الإشارة:
تنقسم أسماء الإشارة بحسب المشار إليه إلى قسمين؛ قسم يجب أن يُلاحَظ فيه المشار إليه من ناحية أنه مفرد، أو مثنى، أو جمع
…
، مع مراعاة التذكير، والتأنيث، والعقل5، وعدمه في كل ذلك6. وقسم يجب أن
1 اسم الإشارة اسم مبهم وسيجيء بيان المبهم في "ج" من ص 338 وفي رقم 3 من هامش ص 340.
2 انظر ص 93، ففيها الإيضاح.
3 مما تجب ملاحظته أن الإشارة نفسها لا بد أن تكون حسية. أما مدلولها- وهو المشار إليه- فقد يكون حسيا وهو الأصل، وقد يكون معنويا.
4 إذا كان المشار إليه اسم جنس جمعيا فلاسم الإشارة حكم خاص، هو حكم الضمير العائد على مرجعه، وقد سبق بيانه في رقم 1 من هامش ص 22 وفي رقم 6 من ص 265 -.
5 والمراد بالعاقل: من له قدرة على الفهم والتعلم والحكم، بأصل طبيعته، ولو فقد هذه القدرة لسبب عارض. وقد يعبر النحاة أحيانا "بالعالم" بدلا من: العاقل.
6 إذا اختلف المشار إليه في التذكير والتأنيث مع المراد الأصيل منه جاز في اسم الإشارة التذكير والتأنيث، مراعاة لأحدهما، نحو: القطن محصول أساسي عندنا، وهذه الثروة يجب العناية بها، أو: وهذا ثروة يجب العناية بها ومثل: كتاب البخلاء للجاحظ زاد أدبي رائع، وهذه مزية يسعى وراءها الأديب، أو: وهذا مزية يعسى وراءها الأديب ومن الأمثلة قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} - وقد أشرنا لهذا في رقم1 من هامش ص22 265.
يُلاحَظ فيه المشار إليه أيضًا، ولكن من ناحية قربه، أو بعده، أو توسطه بين القرب والبعد1.
فالقسم الأول خمسة أنواع:
أ- ما يشار به للمفرد المذكر مطلقًا؛ "أي: عاقلا أو غير عاقل": وأشهر أسمائه "ذا"2. نحو: ذا طيار ماهر -ذا بلبل صَدَّاح3.
ب- ما يشار به للمفردة4 المؤنثة -عاقلة وغير عاقلة- وهو عشرة ألفاظ؛ خمسة مبدوءة بالذال هي: ذي، ذهْ، ذهِ، بكسر الهاء مع اختلاس5 كسرتها، ذهِ - بكسر6 الهاء مع إشباع الكسرة نوعًا، ذات7.
1 تقدير القرب والبعد والتوسط متروك للعرف الشائع عند المتكلم، ومن معه.
2 "ذا" هو الأشهر. ويحسن الاقتصار عليه - حرصا على التيسير والإيضاح - وترك ما عداه مما هو مسموع بقلة عن العرب، مثل:"ذاء" بهمزة مكسورة. و "ذائه" بهمزة مكسورة دائما، بعدها هاء مكسورة كذلك، و "ذاؤه" بهمزة وهاء مضمومتين دائما. و "ألك" - للبعيد- بهمزة مفتوحة ممدودة هي اسم الإشارة، بعدها لام مكسورة للبعد، فكاف للخطاب "أي: ذلك" فهذه الألفاظ الواردة لإشارة المفرد المذكر خمسة، سردناها لنستعين. بمعرفتها على فهم ما ورد منها في الكلام القديم، مثل قول القائل:
هذاؤه الدفتر خير دفتر
…
في يد قرم ماجد مصدر
مع تفضيل الاقتصار في استعمالنا على "ذا" كما سبق.
3 المفرد إما أن يكون مفردا حقيقة كالمثالين المذكورين، أو حكما، كالإشارة إلى جمع، أو فريق، مثل: هذا الجمع مسارع للخيرات، هذا الفريق غالب. وأيضا في مثل: الصيف حار، والشتاء بارد، أما الخريف فبين ذلك. أي: بين المذكور من الحار والبارد. ومما وقعت الإشارة به للجمع حكما قول الشاعر:
ولقد سئمت من الحياة وطولها
…
وسؤال هذا الناس: "كيف لبيد"
4 سواء أكانت مفردة حقيقة كما مثل، أم حكما: مثل الفرقة والجماعة - على الوجه المتقدم في رقم 3.
5 الاختلاس هو: النطق بالحركة خفيفة سريعة، مع عدم إطالة الصوت بها.
6 الإشباع إيضاح الحركة، مع تقويتها وإطالة الصوت بها، حتى ينشأ من ذلك حرف علة مناسب، كالألف بعد الفتحة، وكالواو بعد الضمة، والياء بعد الكسرة- وهو حرف علة زائد، يقال له:"حرف إشباع". ويجوز كتابتها مع الإشباع هكذا "ذهي" بإثبات الياء الناشئة من إطالة الصوت بالكسرة.
7 ومن التيسير أن نجعلها كلها اسم إشارة، ولا نتابع الرأي القائل: إن اسم الإشارة هو "ذا" وحدها، وإن التاء للتأنيث.
والغالب فيها الضم، فهي اسم إشارة مبني على الضم في محل رفع، أو نصب، أو جر على حسب موقعها في جملتها.
وخمسة مبدوءة بالتاء، هي: تي، تا، تهْ، تهِ، بكسر الهاء مع اختلاس الكسرة، تهِ1، بكسر الهاء مع إشباع الكسرة نوعًا. تقول: ذي الفتاة شاعرة
…
تي الفتاة محسنة
…
وكذا الباقي منهما2.
ج- ما يشار به للمثنى المذكر مطلقًا- أي: عاقلًا وغير عاقل، وهو لفظة واحدة:"ذانِ" رفعًا، وتصير:"ذَيْنِ" نصبًا وجرًّا. تقول: ذانِ عالمان، إنّ ذيْنِ عالمانِ، سلمت على ذَيْنِ، فيعرب كالمثنى، أي:"ذانِ": مبتدأ مرفوع بالألف. "ذيْنِ": اسم: "إنّ" منصوب بالباء. "ذينِ"، مجرور بعلى، وعلامة جره الياء أيضًا.
د- ما يشار به إلى المثنى المؤنث مطلقًا، وهو لفظة واحدة:"تان" رفعًا "وتصير: تَيْنِ" نصبًا وجرًّا؛ تقول: تان محسنتانِ؛ إن تيْنِ محسنتانِ، فرحت بِتَيْنِ المحسنتينِ. "تان" مبتدأ مرفوع بالألف. "تْينِ" اسم:"إن" منصوب بالياء. "تَيْن" مجرور بالياء، وعلامة جره الياء.
هـ- ما يشار به للجمع مطلقًا "مذكراً ومؤنثًا، عاقلا وغير عاقل" هو لفظة واحدة: "أولَاءِ". ممدودة في الأكثر، أو: أولَى مقصورة؛ مثل:
1 ويجوز إثبات الياء الناشئة من الإشباع هكذا "تهي". كما سبق في رقم 6 من الهامش السابق.
2 يقول ابن مالك:
بذا لمفرد مذكر أشر
…
بذي وذه، تي، تا، على الأنثى اقتصر
أي: أشر للمفرد المذكر بكلمة: "ذا" واقتصر في الإشارة إلى الأنثى على كلمة: "ذي" و "ذه" و "تي" و "تا" ولم يذكر الباقي.
3 يقول ابن مالك:
و"ذان، تان" للمثنى المرتفع
…
وفي سواه "ذين". "تين" اذكر تطع
أي: للمثنى في حالة رفعه صيغتان، هما: ذان، وتان، ولم يوضح المشار إليه بهما وقد عرفناه:"وذان" للمثنى المذكر والمرفوع، و "تان" للمثنى المؤنث المرفوع"، وفي سوى الرفع يقال فيهما: "ذين" و "تين" بالياء والنون ويجوز تشديد النون، وعدم تشديدها في: "ذان، وتان"، وكذلك في "ذين وتين"، لكن عند تشديدها في الأخيرتين تتحرك الياء بالفتحة، أي: أنها تتحرك بالفتحة في حالتي نصبهما وجرهما إذا شددت النون- وستجيء الإشارة لهذا في رقم 2 من هامش ص 344 -.
4 يقول ابن مالك:
وبأولى أشر لجمع مطلقًا
…
والمد أولى.............
أولئك الصناع نافعون. ومثل: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} 1.
أما القسم الثاني من أسماء الإشارة، وهو الذي يلاحظ فيه المشار إليه من ناحية قربة، أو بعده، أو توسطه بين القرب والبعد؛ فإنه ثلاثة أنواع:
أ- الأسماء التي تستعمل في حالة قربه. هي: كل الأسماء السابقة الموضوعة للمفرد، والمفردة، والمثنى والجمع، بنوعيهما، من غير اختلاف في الحركات أو الحروف، ومن غير زيادة شيء في آخرها.
ب- الأسماء التي تستعمل في حالة توسطه للدلالة على أن المشار إليه متوسط الموقع بين القرب والبعد، هي: بعض الأسماء السابقة بشرط أن يُزاد في آخر اسم الإشارة الحرف الدالة على التوسط، وهذا الحرف هو:"كاف الخطاب الحرفية2". فإنها وحدها، بغير اتصال لام البعد بها، هي الخاصة بذلك.
1 المد والقصر عند اللغويين والقراء -"كما سبق عند الكلام على المقصور في رقم5 من هامش ص188 وكما يجيء في رقم1 من هامش ص345 وكذا رقم1 من هامش ص558م 170 ج4" - يكون في المعرب وفي المبني، كما نرى هنا كلمة:"أولا" أما عند النحاة فمقصوران على المعرب.
والمقصود بالمد في البيت السالف "في رقم4" الإشباع الذي شرحناه في رقم6 من هامش ص322 وهو المد الصرفي الذي يقضي بوجود همزة في آخر الكلمة بعد ألف المقصور. أما الهمزة التي في أول كلمة: "أولى" فلا يصح إشباعها عند النطق بها، بالرغم من أن قواعد الإملاء توجب زيادة واو بعدها في الكتابة للفرق بينها وبين كتابة:"الألى" التي هي اسم موصول - كما ستجيء في رقم 1 من هامش ص 345 - وهذه العلة لا تثبت اليوم على التمحيص. وقد آن الوقت لإعادة النظر في قواعد الإملاء على يد المختصين بهذه الشئون، ولا سيما المجمع اللغوي.
2 هذه الكاف حرف مبني، وليست ضميرا، فلا يصح أن يكون اسم الإشارة مضافا، وهي مضاف إليه، لأنها حرف كما قلنا، ولأن اسم الإشارة بجميع أنواعه - حتى المثنى منه - لا يضاف، لأنه "ما عدا المثنى" بمني - كما سيجيء في رقم 1 من هامش ص 334 -، والمبني في أكثر حالاته لا يضاف. ومع أن هذا الكاف حرف خطاب فإنها مع غير كلمة:"هنا" الآتية في ص 327- تتصرف كما تتصرف الكاف الاسمية التي هي ضمير خطاب على حسب المخاطب" فتكون الحرفية مبنية على الفتح للمخاطب المفرد، المذكر، وعلى الكسر للمخاطبة نحو: ذاك - ذاك. وتلحقها علامة التثنية، وميم جمع المذكر، ونون النسوة، نحو: ذا كما، ذا كن. وهذا هو "التصرف الكامل" وهو أشهر اللغات وأسماها، ويحسن الأخذ به وحده، لأن يساعد على زيادة الإيضاح ومنع اللبس.
وهناك لغة أخرى لا تلحق بها علامة، وتبنيها على الفتح لكل أنواع المخاطب المذكر، وعلى الكسر لكل أنواع المخاطب المؤنث، وهذا هو "التصرف الناقص". وهو في درجته أقل من الأول. ويلي هذا "عدم تصرفها" مطلقا، فتبني على الفتح في جميع أحوال الخطاب.
هذا وكاف الخطاب مع الظرف "هنا" مفردة مفتوحة دائما، مهما كان المخاطب، كما سيجيء في رقم 3 من هامش ص 328.
وهي تلحق الآخر من بعض أسماء الإشارة، دون بعض آخر؛ فتلحق آخِر أسماء الإشارة التي للمفرد المذكر، والتي للمثنى، والتي للجمع بنوعيهما؛ نحو: ذاك المكافح محبوب -ذانك المكافحان محبوبان- تانك الطبيبتان رحيمتان، أولئك المقاومون للظلم أبطال، أو: أولاك "بمد كلمة: "أولاء" وقصرها".
وكذلك تلحق ثلاثة من أسماء الإشارة الخاصة بالمفرده المؤنثة، هي:"تي، تا، ذي"؛ نحو، تِيك الدار واسعة
…
ولا تلحق آخر السبعة الأخرى التي للمفردة المؤنثة، فباستبعاد هذه السبعة تكون بقية أسماء الإشارة التي للقُرب صالحة للتوسط أيضًا.
ولا تلحق آخر اسم من أسماء الإشارة إذا كان مبدوءًا بحرف التنبيه: "ها" وبينهما فاصل، كالضمير في مثل: هأنذا محب للإنصاف، فلا يقال في الأفصح هأنذاك -كما سيجيء1.
"ملاحظة": هذه الكاف تلحق اسم إشارة للمكان وهو يعتبر في الوقت نفسه ظرفًا من ظروف المكان؛ ونعني به الظرف: "هنا" -وسيجيء أيضًا إيضاحه قريبًا1؛ نحو: هناك في أطراف الحديقة دوح ظليل.
وخلاصة ما تقدم أن الأسماء التى للمتوسط هي الأسماء السابقة التي للقرْب. ولكن بشرط زيادة "كاف" الخطاب الحرفية في آخر الاسم للدلالة على التوسط؛ تقول: ذاك الطائر مغرد
…
، تِيك الغرفة واسعة
…
وبشرط أن كاف الخطاب الحرفية لا تدخل في اسماء الإشارة الخاصة بالمفردة المؤنثة إلا في ثلاثة: "تي" و"تا" و"ذي" ولا تدخل في السبعة الأخرى -على الصحيح. وهذا هو الموضع الثاني الذي لا تدخله تلك الكاف2.
ج- الأسماء التى تستعمل فى حالة بُعْده.
لا سبيل للدلالة على أن المشار إليه بعيد إلا بزيادة حرفين فى آخر اسم الإشارة، هما: لام فى آخره تسمى: "لام البعد" يليها" وجوبا.
1 و1" ص 327.
2 أما الوضع الأول فقد ذكر قبل هذا مباشرة، وهو اسم الإشارة المبدوءة بحرف التنبيه:"ها" وبينهما فاصل، وكذلك لا تدخل في اسم الإشارة:"ثم" ولا اسم الإشارة المنادي، نحو، يا هذا:"كما سيجيء في رقم 6 هامش ص 327، وفي باب المنادي، ج4".
"كاف الخطاب" الحرفية حتمًا، ولا توجد "لام البعد بغيرها. وهذه اللام تزاد في آخر بعض الأسماء دون بعض: فتزاد مع "الكاف" في آخر أسماء الإشارة التي للمفرد؛ نحو: ذلك الكتاب لا ريب فيه. وفي آخر ثلاثة من الأسماء التي لإشارة المفردة "وهي الثلاثة التى تدخلها "كاف" الخطاب الحرفية دون السبعة الأخرى التي لا تدخلها"؛ نحو: تلك الصحاري ميادين أعمال ناجحة.
وتزاد في آخر كلمة: "أُولَى" المقصورة التي هي اسم إشارة للجمع مطلقاً، نحو: أُولَالِكَ المغتربون في طلب العلم جنود مخلصون، دون "أولاء" الممدودة التي اسم الإشارة للجمع -في الرأي الأرجح- فلا يقال: أولاء لَكَ1 المغتربون مخلصون
…
ولا تزاد في اسم الإشارة الذي للمثنى المؤنث أو المذكر، ولا في اسم الإشارة المبدوء بحرف التنبيه:"ها"، والمختوم بـ"كاف" الخطاب الحرفية؛ فلا يصح في مثل:"هذاك وهاتاك" أن يقال: هذا لِكَ، ولا هاتا لِكَ
…
على اعتبار "اللام" فيهما للبعد، و"الكاف" حرف خطاب.
ومما سبق يتبين أنه لا يجوز زيادة لام البعد وحدها بغير "كاف" الخطاب الحرفية بعدها، ولهذا يمتنع زيادة "لام البعد: في آخر الأسماء الخالية من تلك "الكاف" إما لأن "الكاف" لا تدخلها مطلقًا؛ كالأسماء السبعة التي لإشارة المفردة، وإما لأنها تدخلها ولكن اسم الإشارة خال منها عند الرغبة في إلحاق لام البعد بآخرها. وإن شئت فقل: إن أسماء الإشارة التي تستعمل في حالة البعد لا بد أن يزداد في آخرها حرفان معًا: لام تسمى: لام البعد1، وحرف الخطاب "الكاف" بعدها؛ نحو: ذلك السّبّاح بارع. وهذه اللام لا توجد وحدها بغير كاف الخطاب؛ فيجوز إلحاقها بآخر أسماء الإشارة التى للمفرد والمفردة بشرط وجود تلك الكاف. ويمتنع إلحاقها بأسماء الإشارة التى لا تدخلها الكاف مطلقًا2، أوالتى تدخلها، ولكنها غير موجودة فيها عند الرغبة فى إلحاق اللام.
"1، 1" هذه اللام تكسر إن كان قبلها ساكن، كالألف المحذوفة إملائيا في نحو:"ذلك" و "تالك".... وقد تسكن، فيحذف ما قبلها مباشرة من ساكن، كالياء، أو الألف في اسمي الإشارة تي وتا. تقول: تلك وتلك....
2 وهي الأسماء السبعة التي أشرنا إليها في الحالة الثانية "ب".
وكذلك يصح إلحاق هذه اللام بكلمة "أُولَى" المقصودة، دون الممدودة، على الأرجح ودون المثنى بنوعيه أيضًا.
ويصح أن تدخل: "ها" التي هي حرف تنبيه على اسم الإشارة الخالي من كاف الخطاب؛ مثل: هذا، هذه، هذان، هؤلاء
…
وقد تجتمع مع الكاف بشرط عدم الفاصل -كالضمير- بين "ها" واسم الإشارة.؛ نحو هذاك، هاتاك
…
لكنهما إذا اجتمعا لم يصح مجيء لام البُعْد معهما، فلا يجوز هذا لِكَ2. وهذا موضع آخر من المواضع التي تمتنع فيها لام البعد3.
وتمتنع الكاف إن فصل بين "ها" التنبيه واسم الإشارة فاصل4؛ كالضمير في نحو: هأنذا5 مُخلص، فلا يصح الإتيان بالكاف بعد اسم الإشارة وهذا هو الموضع الثاني الذي لا تدخله كاف الخطاب6، وإذن لا تدخله لام البعد أيضًا.
بقي من أسماء الإشارة التي من القسم الثاني كلمتان: هُنا، و:"ثَمَّ"
1 سميت بذلك لأن المراد منها: إما تنبيه الغافل إلى ما بعدها، وتوجيهه إلى ما سيذكر. وإما إشعار غير الغافل إلى أهمية ما بعدها، وجلال شأنه، ليتفرغ له، ويقبل عليه.
2 يشير ابن مالك إلى الكاف واللام في البعد وعدمه قائلا: "مع العلم بأنه يقصر كلامه على القريب والبعيد ويهمل الوسط، لأنه يدخله في البعيد كفريق آخر من النحاة- انظر "الملاحظات" في ص 331".
. . . . . . . . . . . . .
…
لدى البعد انطقا
بالكاف حرفا دون لام، أو معه
…
واللام إن قدمت "ها" ممتنعة
3 المواضع التي تمتنع فيها اللام خمسة هي:
أ- اسم الإشارة الذي ليس في آخره كاف الخطاب.
ب- أسماء الإشارة السبعة التي للمؤنث، وهي التي لا تدخلها الكاف أيضا.
جـ- أولاء ممدودة.
و اسم الإشارة المثنى، مذكرا ومؤنثا.
هـ- اسم الإشارة المبدوء بها التنبيه، والمختوم بكاف الخطاب.
4 كما سبق في ص 325.
5 أصله: "ها أناذا"، ولكن قواعد رسم الحروف تقضي بكتابته متصل الحروف، "هأنذا".
6 والموضع الأول هو أسماء الإشارة السبعة التي للمؤنث- وقد سبق الكلام عليها- كذلك لا تدخل على اسم الإشارة: "ثم" كما سيجيء- ولا على اسم اسم الإشارة المنادي: نحو: يا هذا، كما هو مبين في باب المنادي، جـ4 وسبقت الإشارة إليه في رقم 2 من هامش 325.
وكلتاهما تفيد الإشارة مع الظرفية التي لا تتصرف. فأما: "هُنَا" فهي اسم إشارة إلى المكان القريب، مثل:"هنا العلم والأدب". وقد يزاد في أولها حرف التنبيه: "ها" نحو: "هَا هُنَا الأبطال؛ فهي في الحالتين سواء.
وبسبب دلالتها على المكان مع الإشارة دخلت في عِدَاد ظروف المكان أيضًا، فهي اسم إشارة وظرفُ مكان معًا وهي ظرف مكان لا ينصرف، فلا تقع فاعلًا، ولا مفعولًا، ولا مبتدأ، ولا غير هذا مما لا يكون ظرف مكان. ولا تخرج عن الظرفية المكانية إلا إلى نوع خاص من شبه الظرفية2، وهو معها الجر بالحرف "مِنْ" أو "إلى"، نحو: سرت من هنا إلى هناك.
ويصح أن يزاد على آخرها الكاف المفتوحة للخطاب3 وحدها أو مع "ها" التنبيه صارت مع الظرفية اسم إشارة للمكان المتوسط؛ مثل: هنا، أو:"ها هناك" في الحديقة الفواكه. وإن اتصل بآخرها كاف الخطاب المفتوحة واللام صارت مع الظرفية اسم إشارة للمكان البعيد؛ مثل: هنالك فى الصعيد أبدع الآثار. وفى هذه الصورة تمتنع "ها" التنبيه، لأن "ها" التنبيه لا تجتمع مع لام البعد - كما أشرنا4.
وقد يدخل على صيغتها بعض تغيير، فتصير اسم إشارة للمكان البعيد؛ من ذلك، هَنَّا، هِنَّا، هَنَّتْ - هِنَّت
…
فهذه لغات فيها، وكلها تفيد مع الظرفية الإشارة للمكان البعيد.
1 إذا وقع الظرف: "ثم" خبرا وجب تقديمه على المبتدأ وكذلك الظرف: "هنا" إذا سبقه من غير فاصل- حرف التنبيه: "ها" وهذا رأي صاحب الهمع "حـ1 ص 102، ومن نقل عنه كالصبان- عند كلاهما على تقديم الخبر" بحجة أن "ها" التي للتنبيه واجبة الصدارة، كما يقول:"الهمع" وبسببها وجب تصديرها هنا. والرأي وحجته ضعيفان مرفوضان بالأدلة القوية المؤيدة بالسماع أيضا، وهي مدونة في ص 55 من مجلة المجمع اللغوي القاهري، الجزء الثامن عشر. والظاهر: أن الأغلب- لا الواجب- في الظرف "هنا" المسبوق بهاء التنبيه بغير فاصل هو تقديمه على المبتدأ، ويصح تأخيره كما سيجيء في رقم 1 من هامش ص 337.
2 توضيحه في رقم 1 من ص 335.
3 ولا بد أن تكون هذه الكاف معها مفردة ومفتوحة، مهما تغير المخاطب، وبذلك يسمونها: كاف الخطاب غير المتصرفة. أما الكاف مع غيرها فقد سبق في رقم 2 من هامش ص 324 أنها تكون متصرفة كاملة التصرف، وهذا هو الأحس، وقد تكون ناقصة التصرف في رأي آخر له تفصيل هناك. وقد تكون غير متصرف مطلقا في رأي ثالث.
4 في ص 326.
وأما الأخرى: "ثَمّ" فاسم إشارة إلى المكان البعيد؛ مثل: تأمل النجوم فثَم الجلال والعظمة. وهي1 كسابقتها ظرف مكان لا يتصرف، إلا أن "ثَمَّ" للبعيد خاصة، ولا تلحقها "ها" التنبيه" ولا كاف الخطاب، وهما اللذان قد يلحقان نظيرتها. وقد تلحقها -دون نظيرتها- تاء التأنيث المضبوطة -غالبًا- بالفتح؛ فيقال ثَمَّة2.
ومما تقدم نعلم أن المكان باعتباره وعاء، أيْ: ظرفًا -يقع فيه أمر من الأمور ومعنى من المعنى- قد اختص وحده باسمين من أسماء الإشارة؛ فلا يشار إليه باعتباره وعاء وظرفا إلا بواحد منهما. ومن أجل هذا كانا في محل نصب على الظرفية3 لا يفارقها أحدهما إلا إلى الجر بمن أو إلى. أما بقية أسماء الإشارة فتصلح لكل مشار إليه، مكانًا أوغير مكان. إلا أن المشار إليه إذا كان مكانًا فإنه لا يعتبر ظرفًا؛ مثل هذا المكان طيب، وتلك بقعة جميلة، فكل واحدة من كلمتى:"مكان"، و"بقعة" مشار إليه، دال على المكان، ولكنه لا يسمى ظرفًا.
1 يشير ابن مالك إلى ما سبق بقوله:
وبهنا أو: ها هنا أشر إلى
…
داني المكان، وبه الكاف صلا
في البعد. أو بثم فه، أو: هنا
…
أو بهنالك، انطقن، أو هنا
يقول: أشر إلى مكان القريب بكلمة: هنا، من غير "ها" التي للتنبيه، أو مع "ها" التنبيه، فتقول:"ها هنا".
أما عند الإشارة إلى البعيد فصل الكاف بكلمة: "هنا" و "ها هنا"، أو: جيء باسم إشارة آخر يفيد البعد، وهو: ثم، أو: هنا، أو: هنالك.... ولا تخرج هذه الظروف "ثم، وكذا: هنا، باستعمالاتها المختلفة" من الظرفية إلا إلى شبه الظرفية، وهو: الجر بالحرف: "من"، أو: إلى "انظر رقم 1 من هامش ص 335".
2 من العرب من يسكن هذه التاء، ومنهم من يستغني عنها في حال الوقف فقط. ومنهم من يستغني عنها بهاء ساكنة يثبتها في حال الوقف فقط: ويسمونها: "ها السكت". ومنهم من يبقى هاء السكت في الوصل أيضا، فيجعل الوقف والوصل سيان. وكل هذه لهجات نحن في غنى عنها اليوم مكتفين بالكلمة مجردة من كل زيادة، أو مع زيادة التاء المربوطة، المتحركة بالفتحة، منعا للآراء الكثيرة التي لا داعي لها في حياتنا القائمة، ولا أثر لها إلا العناء والإبهام. وحسب المتخصصين - وحدهم - أن يعرفوا هذه اللغات لفهم النصوص القديمة دون محاكاتها.
3 انظر رقم 1 من هامش ص 335.
وفي الجدول الآتي بيان أسماء الإشارة في الأنواع الخمسة السابقة1؛ وهي التي يلاحظ فيها المشار إليه من ناحية إفراده، وتثنيته؛ وجمعه، مع التذكير، والتأنيث، العقل، وعدمه، في كل حالة، وكذلك مع القرب، والتوسط، والبعد:
1 في ص 322 وما بعدها.
جدول اسكانر
جدول اسكانر