المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر - النحو الوافي - جـ ١

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌ الكلام وما يتألف منه

- ‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

- ‌المسألة الثالثة: أقسام التنوين، وأحكامه

- ‌المسألة الرابعة: الفعل وأقسامه، وعلامة كل قسم

- ‌المسألة الخامسة: الحرف

- ‌ الإعراب والبناء

- ‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

- ‌المسألة التاسعة: المثنى

- ‌المسألة العاشرة: جمع المذكر السالم

- ‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

- ‌المسألة الثانية عشرة: جمع المؤنث السالم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: إعراب ما لا ينصرف

- ‌المسألة الرابعة عشرة: الأفعال الخمسة

- ‌المسألة الخامسة عشرة: المضارع المعتل الآخر

- ‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

- ‌ النكرة والمعرفة

- ‌المسألة السابعة عشرة: النكرة والمعرفة

- ‌المسألة الثامنة عشرة: الضمير

- ‌المسألة التاسعة عشرة: الضمير المفرد، والضمير المركب

- ‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

- ‌المسألة الحادية والعشرون: نون الوقاية

- ‌المسألة الثانية والعشرون: العلم

- ‌المسألة الثالثة والعشرون: أقسام العلم

- ‌المسألة الرابعة والعشرون: اسم الإشارة

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: كيفية استعمال أسماء الإشارة، وإعرابها

- ‌المسألة السادسة والعشرون: الموصول

- ‌المسألة السابعة والعشرون: صلة الموصول والرابط

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

- ‌المسألة التاسعة والعشرون: الموصولات الحرفية

- ‌المسألة الثلاثون: المعرف بأل

- ‌المسألة الحادية والثلاثون: "أل" الزائدة

- ‌المسألة الثانية والثلاثون: العلم بالغلَبة

- ‌ المبتدأ والخبر وما يتصل بهما

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون: تطابق المبتدأ الوصف مع مرفوعه

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون: أقسام الخبر

- ‌المسألة السادسة والثلاثون: المبتدأ المعرفة، والمبتدأ النكرة

- ‌المسألة السابعة والثلاثون: تأخير الخبر جوازًا ووجوباً

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون: تقديم الخبر وجوباً

- ‌المسألة التاسع والثلاثون: حذف المبتدأ والخبر

- ‌المسألة الأربعون: تعداد الخبر، تعدد المبتدأ

- ‌المسألة الحادي والأربعون: مواضع اقترن الخبر بالفاء

- ‌نواسخ الابتداء "كان وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثالثة والأربعون: حكم الناسخ ومعموليه من ناحية التقديم والتأخير

- ‌المسألة الرابعة والأربعون: زيادة "كان" وبعض أخواتها

- ‌المسألة الخامسة والأربعون: حذف "كان". وحذف معموليها، وهل يقع ذلك في غيرها

- ‌المسألة السادس والأربعون: حذف النون من مضارع "كان

- ‌المسألة السابعة والأربعون: نفى الأخبار فى هذا الباب

- ‌ الحروف التى تشبه "ليس" وهى "ما-لا- لات-إنْ

- ‌ أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعال الرجاء

- ‌الحروف الناسخة "إن" وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثانية والخمسون: فتح همزة: "إن"، وكسرها

- ‌لا" النافية للجنس

- ‌مدخل

- ‌المسألة السابعة والخمسون: اسم "لا" المتكررة مع المعطوف

- ‌المسألة الثامنة والخمسون: حكم نعت اسم "لا

- ‌المسألة التاسعة والخمسون: بعض أحكام أخرى

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

من الأسماء المعربة 1:

أ- نوع صحيح الآخر، مثل: سعاد، صالح، جمل، شجرة، قمر، سماء

وهذا النوع يعرب في أحواله الثلاثة بحركات ظاهرة على آخره؛ تقول: صالحٌ محسنٌ، وإن صالحًا محسن، وحبذا الإحسان من صالح.. وكذا بقية الأمثلة مع مراعاة الأحكام التى شرحناها في المسائل المختلفة السابقة.

ب- ومنها نوع معتل الآخر جارٍ مجرى الصحيح، وهو ما آخره ياء أو واو وكلا الحرفين متحرك قبله ساكن، وقد يكون الحرفان مشددين أو مخففين؛ نحو: مرمِيّ - مَغْزو- ظَبْيِ - دَلو

وحكم آخره من الناحية الإعرابية كحكم صحيح الآخر، فهو شبيه به فى الحكم.

ومن هذا الشبيه أيضًا المختوم بياء مشددة للنسب، ونحوه، بشرط ألا يكون تشديده بسبب إدغام ياءين: ومن الأمثلة: عبقريّ - كرسي، شافعيّ، فخرج نحو: خليليّ - صاحبيّ - بَنِيَّ - كاتبِيّ2.

ح- ومنها نوع معتل الآخر3 لا يشبه الصحيح: ومن أمثلته "الرضا، العُلا،

1 أما غير المعربة فلا دخل لها في هذا الموضوع الخاص بالإعراب وعلاماته الأصلية أو الفرعية، كما هو معروف، لأن المبني لا تتغير علامه آخر. وهذا عند النحاة. ويخالفهم القراء وبعض اللغويين في هذا على الوجه المبين في رقم5 من هامش ص188.

2 كما في ج4 ص45 م131، وذكرنا هناك أنه يسمى:"الملحق بالمعتل الآخر" وله حكم خاص موضح في باب المضاف لياء المتكلم ج3.

3 أي: في آخره حرف من حروف العلة الثلاثة، وهي: الألف، والواو، والياء.

وقد يكتفي النحاة بتسميته: "المعتل" فقط، لأن المعتل في اصطلاحهم هو:"معتل الآخر""وهو ما كان حرفه الأصلي الأخير حرف علة" سواء أكان اسما، أم فعلا. أما الصرفيون فقد جري اصطلاحهم على أن المعتل هو: ما كان أحد حروفه الأصلية حرف علة: سواء أكان حرف العلة في الأولى، أم في الوسط، أم في الآخر، أم في أكثر من موضع. وسواء أكان ذلك في اسم أم فعل. ولكل حالة من تلك الحالات المختلفة اسم خاص بها، وحكم معين في علم:"الصرف". ولم يطلق النحاة ولا الصرفيون اسم =

ص: 187

الهدى، الحِمى

" وأيضًا "الهادي، الداعي، المنادِي، والمرتجِي

" وأيضًا "أدكو1 طوكيو2، سَمَنْدُو3 قَمَندُو4

".

وهذا النوع المعتل ثلاثة أقسام على حسب حرف العلة الذى فى آخره:

أولها؛ المقصور5: وهو: الاسم المعرب الذى فى آخره ألف6 لازمة 7.

= المعتل على شيء من الحروف، مع أن بعض الحروف قد يكون معتلا، مثل: إلى، على، في.... والسبب في ذلك أن كلامهم في المعتل، وأنواعه، واسم كل نوع وحكمه -إنما هو من ناحية الإعراب. وما يتصل به، وهي ناحية لا تتصل بالحروف، إذ الحروف كلها مبنية كما عرفنا- في ص76 على أنه لا مانع من تسمية الحرف الذي فيه حرف علة "بالمعتل" ولكن لا يصح تسميته بالمقصور، ولا بالمنقوص، ولا بالأسماء الأخرى الخاصة التي أطلقها النحاة أو الصرفيون، على أنواع المعتل من الأسماء أو الأفعال، "كالمثال، والأجوف، والناقص

إلخ" لأن هذه التسميات مقصورة عندهم على أنواع المعتل من الأسماء والأفعال وحدهما.

ومن المقر أن حرف العلة إن كان سكانا بعد حركة تناسبه فهو حرف علة، ومد، ولين، نحو: مساعد، ومسعود، وسعيد. وإن كان ساكنا بعد حركة لا تناسبه فهو حرف علة ولين معا، نحو: جموهر، وزين. وإن كان متحركات فهو حرف علة فقط، مثل: حمور، وهيف.... "راجع الخضري جـ 2 في باب الترخيم والإعلال بالنقل". وعلى هذا تكون الألف دائما حرف علة، ومد، ولين.

ويتردد في كلام النحاة: "الحرف السعل" يريدون به الحرف الذي يخضع لأحكام الإعلال، وتجري عليه ضوابطه، كقلب الياء المتطرفة بعد الألف الزائدة همزة، كقولهم في بناي

بناء و

فإن لم يخضع لتلك الأحكام فهو حرف علة فقط، كالفعل الماضي، عور، أو هيف.

وستجيء إشارة لهذا في جـ 2 هامش ص 86 م 67.

1 اسم بحيرة وبلد مصري على الساحل الشمالي، قرب الإسكندرية.

2 حاضرة بلاد اليابان.

3 اسم طائر، واسم حصن في بلغراد".

4 اسم طائر.

5 مما يلاحظ: أن النحاة لا يطلقون اسم المقصور والممدود على الاسم إلا إذا كان معربا. بخلاف اللغويين والقراء، فإنهما يطلقونهما على المعرب والمبني، ولذا يقولون في:"أولى وأولاء، اسمي إشارة" إن الأولى مقصور، والثاني ممدود، مع أن الاسمين مبنيان، فالاصطلاح مختلف عند الفريقين.

- كما سبق في رقم 1 من هامش ص 187، وكما سيجيء في باب اسم الإشارة، - رقم 1 من هامش ص 324" وفي رقم 1 من هامش ص 450 م 170 جـ 4.

6 وهذه الألف يكون قبلها فتحة دائما، كشأن جميع الألفات، فإن جاء بعدها تاء التأنيث مثل: فتاة، ومباراة

وزال عنه اسم المقصور وحكمه، وصار إعرابه على التاء- كما في:"و" من ص 190 وسيجيء البيان والإيضاح في الباب الخاص به من الجزء الرابع، ص 558م 171ص 569.

7 لا تفارقه في حالة من حالات إعرابه الثلاث، الرفع، والنصب والجر، إلا إذا وجدت علة صرفية تقضي بحذفها، فتحذف لفظا، ولكنها تعتبر موجودة تقديرا، لأن المحذوف لعلة كالثابت، وذلك كحذفها عن التنوين في مثل: فتى، علا، رضان فإنها موجودة تقديرا. وهذا معنى قولهم:

إن ألف المقصور موجودة دائما، إما لفظا وإما تقديرا عند الوقف يحذف التنوين- في الشائع- فترجع الألف، ويكون الإعراب مقدرا عليها. وهذا هو الشائع في الإعراب اليوم، ولا بأس به، بل فيه تيسير =

ص: 188

وحكمه: أن يعرب بحركات مقدرة على هذه الألف فى جميع صوره؛ رفعًا؛ ونصبًا، وجرًّا؛ إذ لا يمكن أن تظهر الفتحة أوالضمة أوالكسرة على الألف. ومن أمثلته:{إِنّ الهُدَى هُدَى الله} . "اتَّبْع سَبِيلَ الهُدَى". فكلمة: "الهدَى" الأولى، اسم "إن"؛ منصوبة بفتحة مقدرة على الألف؛ وكلمة:"هدَى" الثانية خبر "إن"، مرفوعة بضمة مقدرة على الألف أيضًا. وكلمة:"هدى" الثالثة مضاف إليه، مجرورة بكسرة مقدرة على الألف1.

ومن أمثلته: رضا الله أسمى الغايات. وإن رضا الناس غاية لا تُدْرَك، احرص على رضا الله

فكلمة: "رضا" مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة بحركة مقدرة على الألف

وهكذا كل الأسماء المقصورة2.

وليس من المقصور ما يأتي:

أ- الأفعال المختومة بألف لازمة، مثل: دعا، سعى، يخشى، ارتقى. وإنما هي نوع من الأفعال التى تسمى ناقصة. "ويراد بهذه التسمية هنا: أنها معتلة الآخر".

ب- الحروف المختومة بألف لازمة، مثل: إلى، على

لأن هذه كتلك ليست أسماء.

= وإذا كانت الألف لا تفارقه، وعلامة الإعراب لا تظهر عليها مطلقًا، كما أوضحنا، فلم لا يعتبر مبنيًّا؟ تقدم جواب هذا في "و" من ص99.

وقلنا في "ب" ص106 "وسيجيء أيضًا في ج3 م97 ص174 عند الكلام على المضاف إلى ياء المتكلم" أن بعض العرب يقلب ألف المقصور ياء، ويدغمها في ياء المتكلم: فيقول في كلمة: "هدى" عند الإضافة لياء المتكلم: هدى خير الوسائل للسعادة. وفي هذه الصورة يكون معربًا بالياء التي أصلها الألف بدلًا من حركات الإعراب التي كانت مقدرة على الألف، فهو مما ناب فيه حرف عن حركة. ولا يحسن اليوم الأخذ بهذا الرأي.

1 وهي تكتب ياء هنا، وتكتب في مواضع أخرى ألفًا، تبعًا لقواعد الإملاء التي تقضي بأن ألف المقصور الثلاثية إن كان أصلها ياء تكتب ياء، وإن كان أصلها واوا تكتب ألفًا، فلا بد من إرجاع الألف الثلاثية إلى أصلها. أما التي تزيد على ثلاثة فإنها تكتب ياء دائمًا.

وسواء أكتبت ألف المقصور ياء أم ألفًا- فإنها في جميع أحوالها تسمى: "ألفًا" ما دام قبلها فتحة.

وهذا الرأي هو الشائع اليوم في رسم الحروف.

وللكوفيين رأي أخير يجيز كتابة المقصور الثلاثي بالأف أو الياء إن كان الاسم مضموم الأول أو مكسورة.... ولا نتعرض لبيان أن هذا أنسب أم ذاك والسبب

ولكن الذي لا شك فيه أن قواعد رسم الحروف معقدة مضطربة، في حاجة إلى ضبط وتجديد وتيسير. وهذا من أخص خصائص المجمع اللغوي، لأنه في هذه الناحية يمثل الهيئات العلمية اللغوية مجتمعة، والبلاد العربية كلها.

2 مع ملاحظة أن الكلمة المقصورة إن كانت ممنوعة من الصرف مثل موسى- على اعتباره ممنوعا من الصرف - فإنها تخضع لأحكام المنع المختلفة.. ومنها الجر بالفتحة المقدرة بدلا من الكسرة المقدرة، إن لم يكن هناك مانع..

ص: 189

ج- الأسماء المبنيَّة المختومة بهذه الألف؛ مثل: "ذا" و"تا" من أسماء الإشارة. ومثل "إذا" الظرفية و"ما" الموصولة، وغيرها من الأسماء المبنية.

د- الأسماء المعربة التى فى آخرها واو، أوياء، مثل:"أدكو"، "الهادى"، لأنها ليست معتلة الآخر بالألف.

هـ- المثنى فى حالة الرفع مثل: سافر الوالدان، والأسماء الستة فى حالة النصب، مثل: رأيت أباك؛ لأن الألف فيهما غير لازمة، إذ تتغير وتجئ مكانها الياء مع المثنى فى حالة نصبه وجره؛ مثل: أكرمت الوالدَيْن، وأصغيت إلى الوَالديْنِ. وتجئ مكانها الواوأوالياء مع الأسماء الستة فى حالة رفعها وجرها؛ مثل: أبوك كريم، استمع إلى أبيك.

و أشرنا1 إلى أن المقصور إذا زيدت بعد ألفه تاء التأنيث - نحو: فتاة، مباراة، مستدعاة - يفقد اسمه وحكمه بسبب هذه التاء، ولا يسمى مقصورًا، لأنه لا يكون مقصورًا إلا بشرط انتهائه بألف تقع عليها الحركات الإعرابية مقدرة. ولا يتحقق هذا الشرط إذا وقعت بعد ألفه تاء التأنيث، إذ تكون هى خاتمة أحرفه، وعليها تقع الحركات الإعرابية ظاهرة لا مقدرة؛ ولذا تبقى عند تثنيته للدلالة على تأنيثه، وتحذف عند جمعه، ويراعى فى الاسم بعد حذفها ما يراعى فى جمع المقصور2.

ويجب التَّنبه للفرق الواسع بين تاء التأنيث السَّالفة والهاء الواقعة ضميرًا بعد ألف المقصور فى مثل: "من أطاع هواه أعطى العدومناه؛ فهذه الهاء كلمة مستقلة تماماً.

ثانيها: المنقوص؛ وهو: الاسم المعرب الذى آخره ياء لازمة3، غير مشددة، قبلها كسرة، مثل: العالى، الباقى، المرْتقِي، المستعلِي

1 في رقم6 من هامش ص188 ويلاحظ آخر ما جاء في أول قسم "أ" ص168.

2 مما سيجيء بيانه في الباب الخاص بتثنية المقصور وجمعه في الجزء الرابع، م 171 ص566.

3 إذا حذفت الياء لعلة صرفية كالتنوين، أو علة أخرى، فهي في حكم الموجودة، مثل: هذا داع للخير. ويكون الإعراب على هذا الياء المقدرة.

ولماذا لا يعتبر المنقوص من المبنيات؟ سبق جواب هذا في "و" من ص99.

ص: 190

وحكمه: أن يرفع بضمة مقدرة على الياء فى حالة الرفع، وينصب بفتحة ظاهرة على الياء فى حالة النصب1، ويجر بكسرة مقدرة2 عليها فى حالة الجر؛ مثل: الخلق العالي سلاح لصاحبه، إن الخلق العاليَ سلاح لصاحبه، تمسَّك بالخلق العالي. فكلمة:"العالي" في الأمثلة الثلاثة نعت "صفة"، ولكنه مرفوع في المثال الأول بضمة مقدرة، ومنصوب في المثال الثاني بالفتحة الظاهرة، ومجرور في المثال الثالث بالكسرة المقدرة. ومثله: الباقي للمرء عمله الصالح. إن الباقيَ3 للمرء عمله الصالح. حافظ على الباقي من مآثر قومك. فكلمة: "الباقي" في المثال الأول مبتدأ مرفوعة بضمة مقدرة، وهي في المثال الثاني اسم "إن" منصوبة بالفتحة الظاهرة، وهي في الثالث مجرورة بكسرة مقدرة، وهكذا، فالمنقوص يرفع ويجر بحركة4 مقدرة على الياء؛ وينصب بفتحة ظاهرة عليها، كما رأينا.

والمنقوص الذى تقدر الضمة والكسرة على يائه وتظهر عليها الفتحة يجب إثبات يائه إن كان غير منون -لسبب يمنع التنوين؛ كإضافته، أواقترانه بأل5، أوتثنيته، أوجمعه جمع مؤنث سالما6- فإن كان منونًا لخلوه مما يمنع التنوين؛ وجب حذف الياءدون التنوين في حالتي الرفع والجر، مع تقدير الضمة والكسرة عليها، ويجب بقاء الياء والتنوين فى حالة النصب؛ نحو: خيرُ ما يحمد به المرء خلقٌ عالٍ، إن خلقًا عاليًا يتحلَّى به المرء خير له من الثروة والجاه، لا يحرص العاقل على شيء قَدْرَ حرصه على خلق عالٍ يشتهر به. فيرفع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة، وينصب بفتحة ظاهرة على الياء الثابتة مع التنوين، ويجر بكسرة مقدرة على الياء المحذوفة. وإنما حذفت الياء لالتقائها ساكنة مع التنوين فى حالتى الرفع والجر؛ إذ الأصل:"عالِيُنْ" في الرفع،

1 وفي بعض اللهجات تكون هذه الفتحة مقدرة حتمًا إن كانت الياء في آخر الصدر المضاف إلى العجز في المركب المزجي طبقًا للبيان المفيد الآتي في "أ" من ص196.

2 لبعض القبائل لغات أخرى منها حذف هذه الياء رفعًا وجرًا، طبقًا لما سيجيء في البيان الذي في ص197

3 ومثل القول الشاعر:

إن الليالي لم تحسن إلى أحد

إلا أساءت إليه بعد إحسان

4 فإن كان ممنوعًا من الصرف، مثل ليال- بواق

جرى عليه حكم الممنوع من الصرف كما شرحناه، في ص 38 وهامشي 39.

وإذا كان المنقوص ممنوعا من الصرف وسمي به، مثل: جوار، وقواض، علمين مؤنثين- فلا تقدر الكسرة على الرأي المشهور، وإنما يجر بالفتحة، لكن أتظهر الفتحة لخفتها في حد ذاتها، أم تقدر لنيابتها عن الكسرة الثقيلة؟ رأيان أشهرها الثاني.

5 بعض القبائل يحذف ياء المنقوص المقرون "بأل" رفعا وجرا- طبقا لما سيجيء في ص 197.

6 سيجيء في الجزء الرابع الباب الخاص بتثنية المنقوص وجمعه.

ص: 191

و"عالِيِنْ"1 في الجر، استثقلت الضمة والكسرة على الياء، فحذفتا، فالتقى ساكنان، الياء والتنوين، حذفت الياء لالتقاء الساكنين، فصارت الكلمة: عالٍ، في حالتي الرفع والجر -كما سلف. ومن أمثلة حذف الياء من المنون المرفوع قول الشاعر يمدح كريمًا:

فهو مُدْنٍ للجود وهوبغيضٌ

وهو مُقصٍ للمال، وهو حبيبُ

"ملاحظة": إذا كانت لام المنقوص محذوفة بغير تعويض همزة الوصل عنها "مثل: شَجٍ" فإنها ترجع أوْلا ترجع في التثنية وفي جمع المؤنث السالم طبقًا للضابط الذى سبق2 "في رقم3 من هامش ص102 وفى "ح" من ص 123 و124".

وليس من المنقوص ما يأتي:

أ- الفعل بجميع أنواعه، ولا سيما المختوم بياء لازمة، مثل يَنْوِي محمد التنقل، ويجري وراء رزقه، وكذلك الحرف؛ ولا سيما المختوم بياء لازمة؛ مثل: في.

ب- الاسم الذى في آخره ياء مشددة؛ مثل: كرسيّ3.

ج- الاسم المختوم بياء ولكنه مبني؛ مثل: الذي، التي

ذي "اسم إشارة".

د- الاسم المعرب الذى آخر ياء ولكنها غير ملازمة له في كل حالاته؛ كالأسماء الستة في حالة جرها بالياء؛ مثل: أحسن إلى أخيك؛ وكذلك المثنى وجمع المذكر السّالم في حالة نصبهما وجرهما؛ مثل: أكرم الوالدَيْنِ، واعتن بالوَالدَيْنِ، وصَافح الزائرِينَ، وأسرع إلى الزائرِينَ؛ فإن الياء في الأسماء الخمسة لا تثبت؛ بل تتغير ويحل محلها الواو رفعًا، والألف نصبًا. كما أن الياء في المثنى وجمع المذكر تتغير، ويحل محلها الألف في حالة رفع المثنى، والواو في حالة رفع جمع المذكر

هـ- الاسم المعرب الذى آخره ياء لازمة، ولكن ليس قبلها كسرة؛ مثل: ظبْى وكرسى؛ فالياء فى الأولى قبلها سكون ظاهر على حرف صحيح، وفى الثانية قبلها سكون ظاهر على حرف صحيح، وفي الثانية قبلها سكون ظاهر على حرف علة3.

1 هذه النون هي رمز التنوين طبقًا للبيان الذي سبق في ص26.

2 في آخر رقم5 من هامش ص111 وفي "ج" من ص135.

"3و 3" فكلمة كرسي وأشباهها- ليست من المنقوص لمانعين، لا لمانع واحدهما. عدم سكون الياء لزوما، وعدم كسر ما قبلها.

ص: 192

ثالثها: الاسم المعرب الذى آخره الحقيقي واو ساكنة لازمة قبلها ضمة. وهذا نوع لا تعرفه اللغة العربية الأصلية؛ ولم يُسمع عن العرب، إلا في بضع كلمات نقلوها عن غيرهم من الأجانب، منها:"سَمَنْدُو1"، "قَمَنْدُو2"، لكن لا مانع من تسمية بعض الأشخاص وغيرهم بأسماء مختومة بتلك الواو؛ كتسمية شخص أرسطو، أو خوفُو، أو سنفرو3"، أو: يدعو، أو: يسمو، وتسمية بلد: "أدفو، وأدكو"4، "أركنو"5، "طوكيو"6، "كنغو"7.

ولما كان هذا النوع غير عربي في أصله، ونادرًا في استعمال العرب، أهمله النحاة، فلم يضعوا له اسمًا، ولا حُكْمًا -فيما نعرف8- ولعل الحكم الذى يناسبه في رأينا هو أن يعرب بحركات مقدرة على آخره في جميع حالاته بغير تنوين9، فيرفع بالضمة المقدرة على الواو، وينصب بالفتحة المقدرة عليها، ويجر بالفتحة المقدرة عليها بدلا من الكسرة10، تقول: كان "سِنِفرو" ملكًا

1،2" سبق شرحهما في هامش ص 188 - رقم 3و 4 ومنها: هند وكما جاء في الهمع- اسم بلد.

3 "خوفو" اسم فرعون من فراعنة مصر في الدولة الأولى القديمة، وهو باني هرم الجيزة الأكبر. و "سنفرو" اسم فرعون آخر.

4 بلدان، أولاهما بصعيد مصر، والأخرى بالساحل الشمالي- كما سبق في رقم 2 من هامش ص 170.

5 اسم واحدة على الحدود المصرية الغربية.

6 اسم حاضرة اليابان.

7 إقليم بوسط إفريقية.

8 لم أجد له اسما ولا حكما فيما لدى من المراجع المختلفة، إلا ما ذكره بعض النحاة، كالصبان في آخر باب الممنوع من الصرف، عند الكلام على المنقوص من الأسماء الممنوعة من الصرف، فإنه قال ما نصه:

"ولو سميت بالفعل""يغزو" و "يدعو"، ورجعت بالواو وللياء، أجريته مجرى "جوار" وتقول في النصب: رأيت يدعى ويغزي. قال بعضهم: ووجه الرجوع بالواو للياء ما ثبت من أن الأسماء المتمكنة ليس فيها ما آخره واو قبلها ضمة، فتقلب الواو ياء ويكسر ما قبلها. وإذا سميت بالفعل:"يرم" من: "لم يرم" رددت إليه ما حذف منه، ومنعته من الصرف. تقول: هذا يرم، ومررت بيرم، والتنوين للعوض، ورأيت يرمي.

"وإذا سميت بالفعل: "يغز" لم يغز" قلت: هذا يغز، ومررت بيغز، ورأيت يغزي. إلا أن هذا ترد إليه الواو وتقلب ياء لما تقدم ثم يستعمل اسعمال جوار" "أهـ.

وفي هذا الكلام فوق ما فيه من تخيل بعيد- ما يستدعى التوقف والنظر، "كما قلنا في جـ4 ص 161، 162م 145" لأن الأخذ به يؤدي إلى تغيير صورة العلم تغييرا يوقع في اللبس والإبهام. ويحدث لصاحبه مشقات في معاملاته.

"9، 10" لأن الاسم في هذه الحالة يكون علما أعجميا، فيمنع من الصرف، ويجر بالفتحة بدلا من الكسرة إن لم يمنع من ذلك مانع آخر. كالإضافة، أو: أل.

ص: 193

مصريًّا قديمًا، إن "سنفرو" أحد الفراعين، هل عرفت شيئًا عن سنفرو؟ وهذا الحكم يسري على الكلمات القليلة التى أخذها العرب عن غيرهم، كما سيرى على الأسماء التي لم يأخذوها، وكذلك المستحدثة بعدهم للأشخاص والبلاد وغيرها1

يؤدي إلى إدخال تغيير على العلم في مظهره يؤدي إلى اللبس1

وليس من النوع الثالث ما يأتي:

أ- الفعل الذى آخره واو، مثل: يدعو، يسمو، يعلو؛ لأن هذه ليست أسماء.

ب- الاسم الذى ليس معربًا، مثل: هُوَ

وذو، بمعنى الذى "نحوجاء ذو قام"2

ج- الاسم المعرب الذى آخره واو، ولكنها ليست في الآخر الحقيقي بل في الآخر العارض؛ مثل: يا "ثمو" ويا "محْمُو" فى ترخيم كلمتي: "ثمود" و"محمود" حين النداء؛ فإن الآخر الحقيقي هو الدّال، لا الواو.

د- الاسم المعرب الذى آخره واو، ولكنها ليست لازمة؛ كالأسماء الخمسة في حالة الرفع، مثل: سعد أخوك3

فإن هذه الواو تتغير في حالة النصب، وتحل محلها الألف؛ كما تتغير في حالة الجر وتحل محلها الياء.

"1و 1" وقد رأيت ما يقوي هذا الحكم من كلام "العكبري" شارح ديوان "المتنبي" حيث جاء في القصيدة التي مطلعها:

"لهذا اليوم بعد غد أريج

ونار في العدو لها أجيج"

عند البيت:

فإن يقدم فقد زرنا "سمندو"

وإن يحجم فموعده الخليج

ما نصه: "قال ابن جني سألت المتنبي: لم لم تعرب سمندو؟ يريد: لم لم تظهر الفتحة على الواو في آخر كلمة: "سمندو؟ فقال: لو أعربتها لم تعرف".

فسمع ابن جني الجواب ولم يعلق عليه، فسكوته قد يفيد الرضا بما سمع.

"هذا وسيجيء حكمه عند إضافته لياء المتكلم في الباب الخاص بهذا - ج3 ص143 م69 -كما سيجيء حكمه عند تثنيته وجمعه في الباب الخاص بذلك، ج4 م. 171 ص566".

2 أما "ذو" التي من الأسماء الستة فالواو في آخرها غير لازمة، وأيضًا ليست أصلية.

3 ومثلها واو جمع المذكر السالم المضاف: مثل: جاء عالمو الهندسة، فإن هذه الواو تتغير، ويحل محلها الياء نصبًا وجرًّا. هذا إلى شيء آخر هو: أن الواو في الأسماء الستة وفي جمع المذكر طارئة فهي خارجة عن صيغة الكلمة، وهذا يبعدها من النوع الثالث.

ص: 194

هـ- الاسم المعرب الذي آخره واو لازمة، ولكن ليس قبلها ضمة؛ مثل: حُلْو، خَطْوٌ، صحو، دَلو، صَفو، فإنه من المعتل الجارى مجرى الصحيح1 في إعرابه بحركات ظاهرة على آخره رفعًا ونصبًا وجرًّا2.

"ملاحظة" سيجيء في ج4 ص457 م171 باب خاص بطريقة تثنية المقصور والمنقوص والممدود وجمعها جمع مذكر سالم وجمع مؤنث سالم.

1 سبق تعريفه وحكمه في ص187.

2 وفيما سبق من المعتل وأحكام المقصور والمنقوص يقول ابن مالك:

وسم معتلا من الأسماء ما

كالمصطفى، والمرتقي مُكَارِمَا

فالأول الإعراب فيه قدرا

جميعه، وهو الذي قد "قُصِرَا".

والثاني "منقوص"، ونصبه ظهر

ورفعه ينوي، كذا أيضًا يُجَر

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- عرفنا1 أن المنقوص تقدر على آخره الضمة، والكسرة، وتظهر الفتحة؛ مثل: أجبت داعيَ الحق. لكن إذا وقع المنقوص صدر مركب مزجي2، فإنه قد يجوز -عند بعض القبائل- في هذا الصدر أن يُعْرب إعراب المضاف، ويعرب ما بعده "وهو: العَجزُ" مضافًا إليه، ممنوعًا من الصرف أو غير ممنوع على حسب حالته وما يستحقه. وفي هذه الحالة لا تظهر الفتحة على ياء المنقوص -فى الأشهر3- ومن أمثلته عرفت "داعِي سَلْمٍ"، أو: "مَعْدِي كَرِبٍ"، أو"صافي هَنَاء" "أسماء أشخاص" ودخلت "سواقِي خَيْلٍ"، أو: "مرامي سفرٍ" أو"قالي قلاً" "أسماء بلاد" فالصدر يعرب إعراب المنقوص من غير أن تظهر عليه الفتحة في حالة النصب. وهذا هو نوع المنقوص الذى لا تظهر على يائه الفتحة في حالة نصبه4

ومع أن هذا هو المشهور -قديمًا فى تلك اللغة- فالمناسب لنا اليوم ألا نلجأ إلى الإضافة؛ لأن ترك الياء في حالة النصب بدون فتحة ظاهرة قد يدعو للحَيْرة والإيهام بغير داعٍ، فالخير ألاّ نعربه إعراب المتضايفين، وإنما الخير أن نستعمله الاستعمال المشهور في المركب المزجيّ؛ بأن يكون الإعراب على آخر العجز وحده، مع ترك الصدر على حاله، فلا نعربه إعراب المضاف مع المضاف إليه لأن الإعراب على آخر العجز وحده يدل على أن اللفظ مركب مزجيّ.

ومن العرب من يجيز فتح هذه الياء كغيرها من المنقوص، كما أن منهم من يمكن ياء المنقوص دائمًا. ولكن من المستحسن عدم الأخذ بهذين الرأيين؛ للدواعي القوية التى نرددها، والتي نردفها بأننا حين نذكر عدة آراء مختلفة نذكرها لا لنحاكيها -فالمحاكاة اليوم للأشهر وحده- وإنما نذكرها للمتخصصين؛ ليستعينوا بها على فهم النصوص القديمة التي تشتمل عليها، إلا إذا أشرنا إلى جواز استعمالها لسبب قوي.

1 في ص191.

2 تعريف المركب المزجي وأحكامه وكل ما يختص به مدون في باب "العلم" وسيأتي "ص300، 311، 313 وما بعدهما".

3 ويحسن في هذه الحالة كتابة الصدر منفصلًا عن العجز، ليكون هذا الانفصال دالًّا على الإضافة، وموجها إليها، إذ المضاف غير المضاف إليه، فمن حقهما أنهما لا يتصلان في الكتابة بخلاف حال المزج، فإنه يقوم على أنهما بمنزلة شيء واحد، ولذا يتصلان كتابة في الغالب "انظر ص300، 314".

4 سيجيء البيان أيضًا في ص314 وفي ج4 ص176 م147.

ص: 196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد1 أشرنا إلى أن بعض القبائل يحذف من "المنقوص" المفرد، المقترن بأل ياءه في حالتي الرفع والجر، وبلغتهم جاء القرآن الكريم، مثل كلمة:"الباد" في قوله تعالى في سورة الحج: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَاد} ، أي: البادي.... ومثل "بالواد" في قوله تعالى في سورة الفجر: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} أي: بالوادي. ومثل: "المتعال" في قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} أي: المتعالي.

وإذا ختم صدر المركب المزجي بواو، وأريد إضافة الصدر إلى العجزِ -اتباعا للرأي السالف- فإن الحركات كلها تقدر على الواو؛ مثل:"نِهْرو هنود"2 و"مجْدُو ملوك"3 والحكمة فى عدم ظهور الفتحة هو الحرص على بقاء الاسم على حالته الأصلية؛ ليبقى دالاً على صاحبه، دلالة العلَم، لا دلالة المضاف والمضاف إليه؛ لأن الإضافة هنا ظاهرية شكلية فقط. ولم أر من يجيز الإعراب على آخر العجز وحده، مع ترك الصدر على حاله، ولا من عرض حكمًا لهذا النوع من المعتل -كما أسلفنا4- لكن حمله على نظيره المركب المزجيّ المختوم صدره بالياء قد يبيح هذا، بل يجعله أفضل؛ إذ يدل على أن اللفظ مركب مزجيّ، مضاف فلا يقع فيه لبْس.

ب- إذا أضيفت كلمة "لدَى"5 للضمير فإن ألفها تقلب ياء، مثل: زاد الخير لديْك، فكلمة:"لدى" ظرف منصوب بفتحة مقدرة. لكن أهذه الفتحة مقدرة6 على الياء الظاهرة، أم مقدرة على الألف التى كانت فى الأصل، وانقلبت ياء؟ يُفضل النحاة أن يقولوا منصوب بفتحة مقدرة على الألف التى صارت ياء، وذلك لسببين:

أولهما: أن الألف هي الأصل، فلها الاعتبار الأول.

ثانيهما: أن الياء في آخر المعربات تظهر عليها الفتحة في الأغلب، فإذا

1 في ص 191.

2 نهرو: علم زعيم هندي وطني في عصرنا وقد تولى رياسة الوزارة قبل موته وبعد استقلال بلاده.

3 اسم أمير فارسي.

4 في ص193، النوع الثالث.

5 هي ظرف مكان معرب، بمعنى: عند. وتفصيل الكلام عليهما في "باب الظروف" جـ2 ص325م 79 وجـ3 باب الإضافة ص 48 م 94.

6 منع من ظهورها السكون الذي جاء للتخفيف. أو مراعاة أصلها وهو أنها لا تظهر على الألف التي انقلبت ياء.

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جعلنا الفتحة مقدرة على الألف، بقيت القاعدة السابقة سليمة مطردة، بخلاف ما لو جعلناها مقدرة على الياء فيكون التقدير مخالفًا للأعم الأغلب، من ظهور الفتحة مباشرة على الياء1.

مواضع الإعراب التقديرى:

ج- فهمنا من المسائل السابقة2، معنى الإعراب الظاهر، والإعراب المقدر "أي: التقديري"، في الأسماء والأفعال المضارعة. وسواء أكانت علامة الإعراب ظاهرة أم مقدرة -لا بد أن تُلاحَظ في التوابع، فيكون التابع مماثلًا في علامة إعرابه للمتبوع3.

وبقي أن نشير هنا إلى أن الإعراب التقديري لا ينحصر في تلك المواضع التي سبق الكلام عليها في المضارع المعتل الآخر4، وفي الاسم المعتل الآخر5؛ لهذا كان من المستحسن أن نجمع هنا ما تفرق من مواضع الإعراب المقدر6 "التقديرى" التى سبقت، والتى لم تسبق، وأن نركزها في موضع واحد، ليسهل الرجوع إليها.

فمن هذه المواضع ما تقدر فيه الحركات "الأصلية أو الفرعية7"، ومنها ما تقدر فيه الحروف النائبة عن الحركات الأصلية. "فالحروف تقدر كالحركات". وإليك البيان:

أولا - أشهر المواضع التى تقدر فيها الحركات الأصلية:

1-

تُقَدر الحركات الثلاث "أي: الضمة، والفتحة، والكسرة" على آخر الاسم المقصور، -مثل المصطفى- في كل حالاته الثلاث: الرفع، والنصب،

1 وهذا من فلسفة النحاة. ولن يترتب على الأخذ بالرأي الأول ضرر، بل لعله الأوضح والأسهل، ولا حاجة بنا إلى التشدد.

2 في ص72 و 84 وما بعدهما.

3 انظر رقم2 من هامشي ص182، ففيه الإشارة لهذا. وفي ص84 بيان آخر لفائدة الإعراب التقديري والمحلي.

4 ص182.

5 ص 187.

6 وهو غير الإعراب المحلي الذي سبق بيانه في: "أ" من ص 84 والذي ستجيء له إشارة في ص 314 وأيضًا في ج2 ص320 م89.

7 كالفتحة المقدرة النائبة عن الكسرة في الممنوع من الصرف، مثل قبلت النصح من هدى "اسم امرأة".

ص: 198

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجر، -كما سبق في ص170- وكذلك على آخر الاسم المعتل بالواو، كما في ص175.

2-

تُقَدر حركتان فقط هما: الضمة، والكسرة، على آخر الاسم المنقوص، في حالة الرفع والجر؛ كما سبق في ص172.

3-

تقدر الحركات الثلاثة على آخر الاسم، إذا سكن للوقف، مثل جاء محمدْ. رأيت محمدْ، قصدت إلى محمدْ بإعراب "محمد" مرفوعة، أو منصوبة أو مجرورة، بحركة مقدرة، منع من ظهورها السكون العارض للوقف. ومثل هذا يقال في الفعل المضارع صحيح الآخر، رفعًا، ونصبًا؛ مثل: علي يأكلْ، عليّ لن يأكلْ،: فالفعل "يأكل" مرفوع، أو منصوب، بحركة مقدرة، منع من ظهورها السكون العارض للوقف. ومن التيسير في الإعراب واختصار الكلام، أن نقول في إعراب "محمدْ" إنه: مرفوع أو منصوب، أو مجرور بالحركة الأصلية، وضُبط بالسكون للوقف؛ وكذلك نقول في المضارع إنه: مرفوع، أو منصوب بالحركة الأصلية، وألزم السكون للوقف. ومثل هذا نقوله في بقية المواضع الآتية:

4-

تقدر الحركات الثلاثة جوازاً على الحرف الأخير من الكلمة، إذا كان مما يدغم فى الحرف الأول من الكلمة التالية؛ مثال ذلك فى الاسم قراءة من قرأ:"وقتل داوُودْ جالوت" بإدغام الدال فى الجيم؛ ومثاله فى الفعل: يكتبْ بكر، بإدغام الباءين فى بعض اللغات. ومن التيسير لما سبق، أن نقول:"داوود"، و"يكتب" مرفوع، وجاءه السكون العارض لأجل الإدغام.

5-

تقدر الحركات الثلاث جوازًا على الحرف الأخير من الكلمة، إذا سكن للتخفيف؛ كتسكين الحروف الآتية في الكلام، نثره ونظمه، وفي

1 كما سبق في ص188.

2 كما سبق في ص193

3 كما سبق في ص191 أما الفتحة فتظهر في حالة نصبه.

4 عند الوقف في حالة النصب- فقط يقلب التنوين ألفًا، وهو المشهور، فيكون منصوبًا بفتحة ظاهرة على الدال، بعدها ذلك التنوين المنقلب ألفًا مثل: أكرمت محمدًا. أما على اللغة التي تقف بحذف التنوين مطلقًا فتكتب "محمد" بسكون الدال.

5 يكون هذا السكون أيضًا في الأسماء المبنية، والأفعال المبنية، إذا كان آخر كل منهما متحركًا وسكن للوقف، مثل محمد قام

إلى أين.. بل إنه يوجد في الحروف المتحركة الآخر. مثل. "منذ" باعتبارها حرف جر، فتقول: منذ.

6 الأصل في ذلك أن الكلمة الواحدة- أو ما هو بمنزلة الكلمة الواحدة، كالكلمة التي بعدا الضمير المتصل- إذا اشتملت على ثلاثة أحرف متحركة، "نحو: عنق، وفخذ، وإبط

" أو أكثر، جاز تسكين الحرف الثاني المتحرك تخفيفًا. أما التخفيف الذي للوقف فيكون في آخر الكلمة -كما تقدم- وقد يجري التخفيف بين هذه الحروف المتحركة إذا كانت في كلمتين، بعض منها في آخر كلمة سابقة وبعض آخر في أول التي تليها، كالذي في كلمة: "السيئ" ويأمر، ويشعر..... من الآيات. وهذا يسمى: "التخفيف مع الوصل على نية الوقف" ومن أمثلته أيضا الآية التي في "د" ص 205 "ولهذا إشارة في الهمع جـ1 ص 54 وفي الجزء الأول من الخضري والصبان، آخر باب:"المعرب" والمبني. أما البيان والتفصيل في ص 6 جـ 5 من كتاب: "إرشاد الأريب" إلى معرفة الأديب، لياقوت الرومي، طبعة مرجليوث".

ص: 199

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفى بعض القراءات القرآنية. فقد سكنت الهمزة المكسورة فى قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} . وسكنت التاء المضمومة في قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} . وسكنت السين المضمومة فى قوله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُم} .

وسكنت الهمزة المكسورة فى آخر الكلمة السَّيئّ من قوله تعالى فى المشركين: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا، اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} .

وسكنت الراء المضمومة فى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} . وكذلك سكنت الراء المضمومة فى قوله تعالى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} . ومن التيسير أن نقول في كل كلمة من الكلمات السابقة وأشباهها: إنها مرفوعة، أو منصوبة، أو مجرورة، بالعلامة الأصلية وسُكِّنت للتخفيف1....

6-

تقدر الحركات الثلاثة جوازًا على الحرف الأخير من الكلمة، إذا أهملنا حركته الأصلية، وجعلناها مماثلة لحركة الحرف الذى يجيء بعده، كقراءة من قرأ:"الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين"، بكسر الدال، تبعًا لحركة اللام التي جاءت بعدها، وتسمىّ هذه الحركة حركة الإتباع؛ لأننا أتبعنا السابق للاّحق فيها، ومن الممكن مراعاة التيسير السابق. وهذا النوع من الإتباع يختلف اختلافًا واسعًا عن الاتباع الذي سبق في "ج" ص59 وعن الإتباع الذي يكون في التوابع الأصلية الأربعة "النعت، التوكيد، العطف، البدل".

7-

تقدر الحركات الثلاث على آخر العلم المحكي2 من غيره تغيير في حالة من أحواله؛ رفعًا ونصبًا وجرًّا، كالعلم المركب تركيب إسناد؛ مثل: "فَتَح

1 فهذا سكون عارض يختلف اختلافًا أساسيًّا عن أنواع السكون الأخرى ولا سيما السكون الذي يجلبه الجازم- كما سيجيء في موضعه من جزء 4 م 148 ص 212 باب "إعراب الفعل".

2 الذي نريد أن نحاكي نطقه في صورته الأصلية التي جاءت عليها أولًا. ومن صور الحكاية في غير العلم ما سبق في "ج" ص30.

ص: 200

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللهُ"، "نصرَ اللهُ"، "عليٌّ شاعر" "وكل هذه أعلام أشخاص". تقول: جاء "فتحَ اللهُ". شاهدت "فَتَحَ اللهُ" ذهبت إلى "فَتَحَ اللهُ"؛ فتبقى حركة الكلمتين كما هي في الأصل، مع إعرابهما معًا في الحالة الأولى فاعلًا مرفوعًا بضمة مقدرة للحكاية، وهي غير هذه الضمة الظاهرة

وإعرابهما في الحالة الثانية مفعولًا به منصوبًا بفتحة مقدرة، منع من ظهورها ضمة الحكاية، وفي الحالة الثالثة مجرورًا، وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره، منع من ظهورها حركة الحكاية. وكذا البقية.

8-

تقدر الحركات الثلاث على آخر الاسم المضاف لياء المتكلم1،

1 للإضافة إلى ياء المتكلم بحث مستقل شامل "في ج3 ص167 م97" ونكتفي هنا بالإشارة إلى أن الإضافة إلى ياء المتكلم تشمل الإضافة الظاهرة إلى ياء المتكلم، كما تشمل الإضافة المقدرة إليها، يريدون بالظاهرة:"ما كانت فيها الياء نفسها بارزة غير محذوفة، وغير منقلبة حرفًا آخر"، مثل كتابي صاحبي. ويريدون بالمقدرة إليها إحدى الحالات الآتية:

أ- ما كانت فيها الياء محذوفة من غير عوض عنها، مع وجود ما يدل عليها، كالكسرة قبلها، مثل: يا رب ساعد، وأصلها: يا ربي.

ب- ما كانت فيها الياء محذوفة، ولكن عوض عنها تاء التأنيث المبنية على الفتح أو على الكسر، مثل: يا أبت "أي: يا أبي" فكلمة: "أب" من "أبت" منادى منصوب؛ لأنه مضاف للياء المحذوفة التي عوض عنها تاء التأنيث، وتاء التأنيث حرف، إذ الياء لم تنقلب إليها، كما تنقلب إلى الألف، ولهذا كانت كلمة "أب" منصوبة، ولكن بفتحة مقدرة، منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لمناسبة تاء التأنيث؛ لأن تاء التأنيث تقتضي فتح ما قبلها. ذلك قولهم، وهو صحيح دقيق. ولكن من الممكن الاختصار فنقول: إنها منصوبة بفتحة ظاهرة.

ج- ما كانت فيها الياء منقلبة ألفًا، مثل: يا "صاحبا" لا تترك زيارتي. فكلمة "صاحب" منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة، منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لمناسبة الألف، ومن التيسير أن نقول: منصوب بالفتحة الظاهرة.

ملاحظة: إنما تقدر الحركات الثلاثة على المضاف إلي ياء المتكلم. بشرط ألا يكون مثنى، ولا جمع مذكر سالم، ولا منقوصًا، ولا مقصورًا. فإن كان مثنى وهو مرفوع. فإن ياء المتكلم تثبت مفتوحة بعد ألف التثنية الساكنة: نحو: جاء صاحباي.

وإن كان مثنى وهو منصوب أو مجرور فإن ياء المتكلم تثبت في الحالتين مدغمة في ياء التثنية، ومفتوحة، نحو رأيت صاحبي "وأصلها -كما سبق- صاحبين لي، حذفت النون واللام للإضافة، أو حذفت النون للإضافة، واللام للتخفيف، وأدغمت الياء في الياء مع فتح الثانية منهما".

وإن كان جمع مذكر فإن واوه في حالة الرفع والإضافة لياء المتكلم موجودة وليست مقدرة، ولكنها تقلب ياء، وتدغم الياءان، مع كسر ما قبلهما، وفتح ياء المتكلم، مثل: جاء صاحبي، "وأصله: صاحبون لي. حذفت النون واللام للإضافة، أو حذفت النون للإضافة، واللام للتخفيف -كما سبق- فصارت:"صاحبوي" اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء، وأدغمت =

ص: 201

مثل: هذا كتابي، قرأت كتابي، وانتفعت بكتابي. فكلمة:"كتاب" الأولى خبر مرفوع بضمة مقدرة؛ منع من ظهورها الكسرة التي جاءت لمناسبة ياء المتكلم. "كتاب" مضاف، و"ياء المتكلم" مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر. وكلمة:"كتاب" الثانية. مفعول منصوب بفتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها الكسرة التى جاءت لمناسبة ياء المتكلم، و"ياء المتكلم" مضاف إليه مبني على السكون في محل جر. وكلمة:"كتاب" الثالثة مجرورة بالياء، وعلامة جرها كسرة مقدرة منع من ظهورها الكسرة الظاهرة، التى جاءت لمناسبة ياء المتكلم، وياء المتكلم مضاف إليه

وبعض النحاة لا يوافق على أن الكسرة في حالة الجر مقدرة، وإنما هي الكسرة الظاهرة وهو إعراب أحسن، إذ لا داعي للتعقيد والإعنات والتطويل، ويجدر الأخذ بهذا وحده.

ولما كانت ياء المتكلم قد تنقلب ألفًا أحيانًا، فنقول، في يا "صاحبي"؛ و"صديقي": يا "صاحبَا" ويا "صديقَا

كانت كلمة: "صاحب" و"صديق" منادى منصوب بفتحة مقدرة، منع من ظهورها الفتحة التى جاءت لمناسبة الألف، التى أصلها ياء المتكلم. وصاحب، وصديق: مضاف، وياء المتكلم المنقلبة ألفًا: مضاف إليه، مبني على السكون فى محل جر. ومن الممكن في هذه الحالة مراعاة التيسير بأن نعرب كلمة "صاحب"

= الياء في الباء، وكسر ما قبلهما، فصارت صاحبي. ويكون مرفوعًا بالواو التي قلبت ياء كما سبق، وإن كان منصوبًا أو مجرورًا فإن ياءه تدغم في ياء المتكلم التي تتحرك بالفتح، وقبلهما كسرة، مثل: أكرمت زائري، وسلمت على زائري، فكلمة: "زائري، وأصلها: زائرين لي

" منصوبة أو مجرورة، وعلامة نصبها وجرها الياء الأولى الساكنة، المدغمة في ياء المتكلم المفتوحة، وكلمة زائري: مضاف، وياء المتكلم: مضاف إليه، مبنية- على الفتح- في محل جر، هذا والياء الأولى في مثل كلمة: "زائري" السالفة تختلف عن الياء الأولى في كلمة "صاحبي" في المثال السابق، وهو، "جاء صاحبي" لأن الياء الأولى في كلمة صاحبي، منقلبة عن واو، فهي علامة رفع، بخلاف الأخرى، فهي ياء الجمع، علامة النصب أو الجر.

وإن كان منقوصًا، فإن ياءه تثبت في كل أحواله، وتدغم في ياء المتكلم، التي تتحرك بالفتح، مثل: جاء هادي، كلمتُ هادي، استمعت إلى هادي. فكلمة:"هادي" مرفوعة، أو منصوبة، أو مجرورة، بحركة مقدرة علي الياء الأولى، منع من ظهورها السكون العارض للإدغام، ولا يحسن أن يقال: منع من ظهورها اشتغال المحل بالسكون؛ لأن السكون عدم الحركة، والعدمي عندهم لا يشغل، إنما الذي يشغل هو الوجودي.

وإن كان مقصورًا ثبتت ياء المتكلم بعد ألفه دائمًا، مع فتحها، وفي الباب الخاص بالمضاف إلى ياء المتكلم إيضاح لكل ما سبق- ومكانه ما أشرنا إليه وهو ج3 ص69 م96.

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و"صديق" منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، مضاف، وياء المتكلم المنقلبة ألفًا: مضاف إليه

وهو إعراب محمود؛ لخلوه من الإطالة التي في سابقه.

9-

يُقَدر السكون على الحرف الأخير من الفعل، إذا تحرك للتخلص من التقاء الساكنين؛ مثل؛ لم يكن المحسن ليتأخرَ عن المعونة. فقد تحركت النون بالكسر، مع أن الفعل مجزوم بلَم؛ لأن هذه النون الساكنة قد جاء بعدها كلمة أولها حرف ساكن، وهو اللام، فالتقى ساكنان لا يجوز التقاؤهما، فتخلصنا من التقائهما بتحريك النون بالكسر، كالشائع في مثل هذه الحالة؛ فكلمة:"يكن" مضارع مجزوم بـ"لم"، وعلامة جزمه سكون مقدر، بسبب الكسرة التي جاءت للتخلص من الساكنين

ومن الممكن مراعاة التيسير هنا بأن نقول، مجزوم وحرك بالكسر للتخلص من الساكنين.

10-

يقدر السكون على الحرف الأخير من الفعل، إذا كان مجزومًا مدغمًا في حرف مماثل له، نحو: لم يمدَّ العزيز يده، ولم يفرَّ الشجاع. فكل من كلمة:"يمد"، و"يفر" مجزوم الآخر، وعلامة جزمه السكون المقدر، منع من ظهورها الفتحة التي جاءت للتخلص من الساكنين1. ويمكن التيسير بالاختصار هنا.

11-

كذلك يقدر السكون على الحرف الأخير من الفعل الذى حرك لمراعاة القافية، مثل قول الشاعر:

وَمهْمَا تكُنْ عند امْرِئٍ من خَليقةٍ

وإنْ خالها تَخفىَ على الناس تُعْلَمِ

فكلمة "تُعَلمِ" مضارع مجزوم في جواب الشرط، وعلامة جزمه السكون المقدر، الذى منع من ظهوره الكسرة التي جاءت لمراعاة القافية؛ ذلك أن كل الأبيات التي قبل هذا البيت مختومة بميم مكسورة، فلم يكن بد من كسر آخر الفعل لمراعاة القافية. ولا مانع من التيسير بالاختصار، بل إنه حسن كحسنه في كل المواضع التي سبقت.

1 ذلك أن الدال الأخيرة، والراء الأخيرة فيهما مجزومة بحرف الجزم، وكل منهما قبله حرف مماثل له، ساكن بسبب الإدغام، قبل مجيء الجازم، فالتقى ساكنان، فتخلصنا من التقائهما هنا بالفتحة الظاهرة.

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى هنا انتهى أظهر المواضع التي تقدر فيها الحركات الإعرابية.

ثانيا- أشهر المواضع التي تقدر فيها الحروف النائبة عن الحركات الأصلية هي:

1-

تقدر الحروف التي تعرب بها الأسماء الستة، إذا جاء بعد تلك الحروف ساكن، مثل: جاء أبو الفضل؛ وذلك لحذفها في النطق فقط -كما تقدم1 في "ج" من ص106؛ أما في الخط فلا بد من كتابتها. فإن رُوعي المكتوب فلا تقدير. والأفضل في النطق أن نقف -عند الإعراب- على آخر كلمة: "أبو" فتظهر الواو؛ فلا يكون هناك تقدير في الحالتين، ونستريح من التشعيب في القاعدة الواحدة. وللمجمع اللغوي في هذا قرار مفيد سجلناه في ص159 - رقم2 من هامشها.

2-

تقدر ألف المثنى المضاف إذا جاء بعدها ساكن، مثل: ظهر نجمَا الشرق، وذلك لحذفها في النطق دون الكتابة -كما سبق2 أما عند إعراب المكتوب فلا تقدير. وهنا يقال ما قيل فى الحالة السابقة. وقرار المجمع اللغوي السالف.

3-

تقدر واو جمع المذكر السَّالم وياؤه إذا كان مضافًا، وجاء بعدهما ساكن؛ مراعاة لحذفهما في النطق: مثل: تيقظ عاملو الحقل مبكرِين، ورأيت عاملي الحقل في نشاط3. ولا تقدير عند إعراب المكتوب. وهنا يقال ما قيل في الحالة الأولى. والثانية وقرار المجمع اللغوي السالف.

وشرط التقدير أن يكون جمع المذكر غير مقصور؛ فإن كان مقصورًا لم تحذف الواو ولا الياء؛ لأن ما قبلهما مفتوح دائمًا، فلا توجد علامة مناسبة قبلهما، تدل على الحرف المحذوف، ولهذا يتحركان4 فقط؛ مثل: سافر مصطفَو الفصل في

1 في "ج" من ص 115.

2 في "ز" من ص 135 وفي "و" من ص 159.

3 سبقت الإشارة لهذا في ص 159.

4 وتكون الحركة بالكسر لأنه الأصل من التخلص في التقاء الساكنين، وقد تكون بغيره، كالضم مع الواو، أحيانا

تبعا لاعتبارات أخرى، مكان تفصيلها: التخلص من التقاء الساكنين.

ص: 204

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رحلة؛ "جمع؛ مصطفىً"، استقبلت مصطفَىِ الفصل1.

4-

تقدر واو جمع المذكر المضاف إلى ياء المتكلم في حالة الرفع؛ مراعاة لحذفها في النطق، مثل جاء صاحبِيَّ؛ "وقد سبق"1.

5-

تقدر النون في الأفعال الخمسة عند تأكيدها، مثل: لا تكتُبُنَّ فالمضارع مسند إلى واو الجماعة المحذوفة

وقد سبق التفصيل2 فى ص88 وما بعدها.

د- قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين} . فكلمة "مَنْ" هنا شرطية، والفعل "يَتَّقِ"؛ مضارع مجزوم؛ لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف الياء؛ "ويصبر": مضارع مجزوم، لأنه معطوف عليه، وقرأ بعض القراء:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} بإثبات الياء فى آخر: "يتقى"، وإسكان الراء فى آخر "يصبرْ"، مع عدم الوقف عليها3. فإثبات الياء إنما هوعلى اعتبار "من" شرطية و"يتقى" مضارع فعل الشرط مجزوم بحذف السكون المقدر على الياء تبعاً لتلك اللغة، التى لا تحذف حرف العلَّة للجازم، وإنما تبقيه وتحذف الحركة المقدرة عليه فقط4: و"يصبر" مضارع مجزوم معطوف عليه.

ويصح أن يكون "منْ" اسم موصول والفعل "يتقى" مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، و"يصبرْ" مضارع معطوف عليه مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها السكون العارض لأجل التخفيف، أولأجل نية الوقف فى حالة الوصل5 "أى: وصل: "يصبر" عند القراءة، بالكلام الذى بعدها، وعدم الوقف عليها". وهناك آراء أخرى نرى الخير فى إهمالها.

1 راجع ص 159.

2 في "ج" من ص 94 وما بعدها.

3 أما عند الوقف على "يصبر" فالتسكين هو الشائع، فلا إشكال معه.

4 سبق بيان هذه اللغة في "أ" من ص 205.

5 انظر رقم 6 من هامش ص 199.

ص: 205