الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة والعشرون: كيفية استعمال أسماء الإشارة، وإعرابها
عند اختيار اسم من أسماء الإشارة لا بد أن نعرف أولا: حالة المشار إليه من ناحية: "إفراده، أو: تثنيته، أو: جمعه" و"تذكيره، أوتأنيثه""عقله، وعدم عقله" ثم نعرف ثانيًا: حالته من ناحية: "قربه، توسطه، أوبعده".
أ- فإذا عرفنا حالته من النواحي الأولى تخيرنا له من أسماء الإشارة ما يناسب؛ فالمشار إليه إن كان مفردًا مذكراً -عاقلا أو غير عاقل- كرجل وباب، نختار له:"ذا"، مثل: ذا رجل أديب، ذا باب مُحكَم. فكلمة "ذا" اسم إشارة، مبني على السكون في محل رفع؛ لأنها مبتدأ في هذه الجملة، وقد تكون في محل نصب أو جرّ في جملة أخرى، فمثال محلها المنصوب: نجح العلماء في إرسال القذائف إلى القمر؛ فنزلت على سطحه1، وإن ذا من عجائب العلم. وقول الشاعر:
أيها الناس، إن ذا العصرَ عصُر الـ
…
ـعلْم، والجدّ فى العلا، والجهاد
ومثلها محلها المجرور قول الآخر:
ولسْتُ بإمَّعَةٍ2 فى الرجالِ
…
أسائل عن ذا، وذا، ما الخبر؟
فهى مبنية دائمًا. ولكنها فى محل رفع، أونصب، أوجر، على حسب موقعها من الجمل.
وإن كان المشار إليه مفردة، مؤنثة عاقلة أوغير عاقلة - مثل: فتاة وحديقة - فاسم الإشارة المناسب لها هو: "ذى" أوإحدى أخواتها مثل: ذى غرفة بديعة
1 كان هذا أول مرة سجلها التاريخ، ففي سنة 1969 فقد نزل ثلاثة من الأمريكيين على سطحه، وأقاموا فوقه نحو ثلاثين ساعة، عادوا بعدها إلى وطنهم "الولايات المتحدة" سالمين. ثم كانت المرة الثانية في ديسمبر سنة 1972 قام بها أمريكيون أيضًا، وأدركوا من التوفيق والنجاح أضعاف ما تم في المرحلة الأولى.
2 الإمعة: من لا أهمية له، ولا رأي. وإنما يسأل غيره عن كل شيء، ويتابعه بغير تفكير.
ذي فتاة ماهِرة
…
وهي اسم إشارة مبنية دائمًا على السكون في محل رفع؛ لأنها مبتدأ، هنا، أما في جملة أخرى فمبنية أيضاً، ولكن في محل رفع، أو نصب، أو جرّ، على حسب موقعها من الجملة.
وإن كان المشار إليه مثنى مذكرًا -للعاقل أو غيره- مثل: فارسين، وقلمين، فاسم الإشارة المناسب له:"ذَان" رفعًا، و"ذَيْن" نصبًا وجرًّا؛ فيعرب كالمثنى؛ تقول: ذان فارسان، حاكيت ذَيْن الفارسين، اقتديت بذين الفارسين، ذان قلمان جميلان، اشتريت ذَيْن القلمين، كتبت بذين القلمين؛ فاسم الإشارة هنا معرب مرفوع بالألف في حالة الرفع، ومنصوب ومجرور بالياء في حالتي النصب والجر. وكذا في كل جملة تشبه هذه.
فإن كان المشار إليه مثنى مؤنثًا -للعاقل أو غيره- "ومنه: فصيحتان، وردتان
…
". فاسم الإشارة1 الذى يناسبه هو: "تانِ" رفعًا، و"تَيْنِ" نصبًا وجرًّا، فيُعرب إعراب المثنى؛ تقول: تان فصيحتان، إن تين فصيحتان، أصغيت إلى تَيْن الفصيحتين. وتانٍ وردتان - شمِمْت تَيْن الوردتين، حرَصت على تَيْن الوردتين؛ فاسم الإشارة هنا كسابقه، معرب إعراب المثنى. وكذا فى كل جملة أخرى.
وإن كان جمعًا للعاقل أوغيره مثل: الطلاب -الأبواب- أتينا باسم الإشارة المناسب؛ وهو كلمة "أولاء" ممدودة أو مقصورة، وفي الحالتين لا بدّ
1 من الخير التيسير باتباع هذا الرأي القائل: بأنهما يعربان إعراب المثنى، بالرغم من أن مفرد كل منهما مبني قبل تثنيته، والمبني لا يثني ولا يجمع
…
وحجة هذا الرأي أن العرب الفصحاء أدخلت عليهما العلامتان الدالتان على التثنية، والإعراب:"وهما: الألف والنون، والياء والنون، والياء والنون" فلا داعي لإغفال الواقع يجعل الكملتين مبنيتين على الألف رفعا، وعلى الياء نصبا وجرا، كما يرى فريق آخر من النحاة، لأن الأخذ برأيه يبعدنا من مراعاة الظاهر السهل الذي يناسينا اليوم. وإذا أخذنا بالتيسير المشار إليه وجب أن نلاحظ أن كل كلمة من الكلمات السابقة "أي:"ذان"، و "ذين" و "تان" و "تين" لا يصح إضافتها إلى كلمة بعدها، لأن الإضافة المحضة تفيد المضاف تعريفا أو تخصيصا. واسم الإشارة معرفة، فلا تقيده الإضافة شيئا. هذا، إلى أن جميع أسماء الإشارة - ما عدا المثناة- مبنية والمبني من أسماء الإشارة لا يضاف- غالبا- فالكاف الواقعة في مثل:"ذانك و "تانك" رفعا، ونصبا، وجرا حرف خطاب "وقد تكلمنا عنه في رقم 2 من هامش ص 324".
وليست ضميرا مضافا إليه، إذ لو كانت ضميرا مضافا إليه لحذفت نون المثنى من المضاف منهما، ومن مثل قوله تعالى:"فذانك برهانان من ربك".
من بنائها، ولا بد لها من محل إعرابي، تقول: أولاء الطلاب نابهون، أولاء الأبواب مفتحة. واسم الإشارة هنا ممدود مبني على الكسر في محل رفع؛ لأنه مبتدأ. أما في جملة أخرى فيكون مبنيًّا أيضًا ولكنه في محل رفع، أو نصب، أو جر على حسب موقعة من الجملة التى يكون فيها: ومثله: "أُولَى" المقصورة. إلا أنها في جميع أحوالها مبنية على السكون في محل رفع أو نصب أو جر على حسب موقعها من الجملة.
وإن كان المشار إليه مكاناً أتينا بكلمة: "هُنَا" وهي إشارة وظرف مكان معًا فهي مبنية على السكون -أو غيره على حسب لغاتها- في محل نصب1؛ لأنها ظرف غير متصرف -كما سلف- تقول؛ هنا موظف العلم؛ أي: في هذا المكان. وقد يكون قبلها "ها" التي للتنبيه وحدها، نحو: ها هنا، أو هي والكاف المفتوحة نحو: ها هناك. وقد يلحقها الكاف واللام معًا بشرط عدم وجود "ها" التي للتنبيه.
ومثلها. "ثَمّ" فهي اسم إشارة للبعد وظرف مكان معًا -ولا يتصرف، مبنية على الفتح في محل نصب2 تقول: ثَمَّ مَقَر السماحة. أي: هنالك. ويجوز أن تلحقها تاء التأنيث المضبوطة بالفتحة غالبًا كما سبق3 فتقول: ثَمَّةَ ميدان للتسابق الأدبي.
ولما كانت "ثمّ" تفيد البعد بنفسها لم يكن هنا داعٍ لأن تلحقها الكاف ولا اللام.
ومما تقدم نعلم:
أن كل مشار إليه له اسم إشارة يناسبه؛ وكل اسم إشارة مقصور على مشار إليه بعينه، وأن جميع أسماء الإشارة مبنية؛ إما على السكون أو غيره، ولكنها في محل رفع، أو نصب، أو جر على حسب تصرفها، وموقعها من الجملة.
1 بشرط ألا يسبقها حرف الجر "من" أو: "إلى" كما تقدم في ص 328، فإن سبقها أحدهما فهي في محل جر، لأنها لا تخرج عن الظرفية إلا لشبه الظرفية، وهو الجر بالحرف:
"من" أو: "إلى" ومن المعلوم أنها ظرف غير متصرف. والصرف غير المتصرف لا يترك النصب على الظرفية إلا إلى شبهها، وهو بالجر بالحرف:"من". لكن ظروفًا ثلاثة هي: "هنا -ثم- أين" قد تجر بالحرف: "إلى" أيضًا. "راجع الصبان في هذا الموضع". ويزاد على الثلاثة السالفة الظرف: "متى" إلا أنه يصح جره، بالحرف "حتى" كما يجر بالحرفين أيضا "من وإلى" طبقا لما سيجيء في رقم 4 من هامش ص 338 وفي جـ 2 باب الظرف م 79.
2 بالشرط السالف في رقم 1 من هذا الهامش، فهو يسري عليها كزميلتيها.
3 في ص 329.
وليس فيها معرب إلا كلمتان؛ هما "ذان" للمذكر المثنى "وتان" للمؤنث المثنى؛ فيعربان إعراب المثنى؛ فيرفعان بالألف، وينصبان ويجران بالياء، ومع أنهما معربان، فإنهما لا يضافان -كما سبق1- فشأنهما في ذلك كشأن المبني من أسماء الإشارة؛ لا يجوز إضافة شيء منه مطلقًا.
ب- وإذا عرفنا حالته في ناحية قربه أو بعده أو توسطه لم يتغير شيء من طريقة إعراب الأسماء السابقة. فإن وجد في آخر واحد منها كاف الخطاب الدالة على التوسط "نحو ذاك
…
هناك" قيل فيها: "الكاف" حرف خطاب، مبني لا محل له من الإعراب. وإن وجد معها لام البعد أحياناً، مثل: "ذلك"، وهذه اللام لا توجد منفردة عن الكاف -كما أشرنا2- قيل فيها: اللام حرف للبعد، مبني على الكسر في نحو: ذلك، وعلى السكون في نحو: تَلْك
…
لا محل لها من الإعراب.
وإن وجد في أول اسم الإشارة "ها" التي للتنبيه؛ مثل: "هذا" قيل فيها: حرف تنبيه مبني على السكون لا محل له. "مع ملاحظة أن الكاف بعد كلمة: "هنا" حرف خطاب لا يتصرف مطلقًا فهو مبني على الفتح دائمًا، أما بعد غيرها فيجوز أن تتصرف.
1 في رقم 2 و 1 من هامشي ص 324 و 334.
2 في "ج" من ص 325.
3 راجع رقم 2 من هامش ص 324....
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- للمناسبة هنا وللأهمية نلخص ما ذكرناه وأيدناه بالنصوص المسموعة الصحيحة في ص225 وهو أنه: يجوز الفصل بين: "ها" التي للتنبيه واسم الإشارة بضمير المشار إليه؛ مثل: هأنذا أسمع النصح، وهأنت ذا تعمل الخير، وهأنتم أولاء تصنعون ما يفيد
…
وقد يكون الفصل بغير الضمير قليلا؛ كالقسم بالله؛ نحو: ها -والله- ذا الرجلُ محب لوطنه. وكذلك "إن" الشرطية، مثل: ها، إن، ذي حسنةٌ تتكررْ يُضاعف ثوابُها
…
وقد تعاد "ها" التنبيه بعد الفصل، لتوكيد التنبيه وتقويته؛ مثل: ها أنتم هؤلاء تحبون العمل النافع.
والشائع هو دخول: "ها" التي للتنبيه على ضمير الرفع المنْفصل الذي خبره اسم إشارة، نحو: هأنذا المقيم على طلب العلوم. ومن غير الشائع، مع صحته طبقًا للبيان والأمثلة المتعددة التي في ص 225 -دخولها إذا كان خبره غير اسم إشارة، نحو: هأنا ساهر على صالح الوطن.
ويُستأنَس لهذا أيضًا -وإنْ كان في غنى عنه لكنه في معرض التخصيص- بما جاء في الصبان والخضرى معًا في باب الحال عند الكلام على العامل المضمن معنى الفعل، كتلك، وليت، وكأن، وحرف التنبيه
…
حيث قالا فى التمثيل لحرف التنبيه: "هأنت زيد راكبًا
…
" ا. هـ وهذا لمجرد الاستئناس فقط فقد سبقت الأمثلة الفصحة الواردة عمن يستشهد بكلامه من العرب.
"ملاحظة" يتعين أن يكون اسم الإشارة المبدوء بكلمة: "ها" التى للتنبيه مبتدأ في مثل: هذا أخي. لأن "ها" التنبيهية لها الصدارة بشرط أن تتصل باسم الإشارة مباشرة لا يفصل بينهما ضمير، فإن فصل الضمير بينهما في مثل:"هأنذا" فالضمير هو المبتدأ، واسم الإشارة هو الخبر.
1 قلنا في رقم 1 من هامش ص 328 إن هذا رأي صاحب الهمع "جـ1 ص 102 ومن ردده، كالصبان" كما قلنا إن الحكم بتقديم اسم الإشارة المبدوء بحرف التنبيه "ها" تقديما واجبا على الخبر هو حكم مدفوع بأدلة قوية يؤيدها السماع، طبقا للبيان والإيضاح المذكورين هناك. والظاهر أن تقديمه على الخبر أكثر، لا واجب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويجوز: "هذا أنا" ولكن الأول أحسن وأسمَى في الأساليب الأدبية العالية -كما ستجيء الإشارة لهذا في رقم 8 من ص 498، وتكملتها في رقم4 من هامش ص499.
ب- عرفنا1 أن كلمة "هنا" اسم إشارة للمكان القريب، وظرف مكان معًا. وقد تقع:"هُناك" و"هنالك" و"هَنَّا" المشددة، أسماء إشارة للزمان؛ فتنصب على الظرفية الزمانية؛ مثل قول الشاعر:
وإذا الأمورُ تشابهتْ وتعاظمتْ
…
فهناك يعترفون أين المفزعُ
أي: في وقت تشابه الأمور2. وكقوله تعالى عن المشركين3: {يَوْمَ نَحْشُرُهُم} إلى أن قال: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} ، أي: في يوم حشرهم.
وكقول الشاعر:
حَنَّت نوارُِ ولات هَنَّا حَنَّت
…
وبدَا الذى كانت نوَارُِ أَجنت
أي: ولات في هذا الوقت حنين، لأن "لات" مختصة بالدخول على ما يدل على الزمن4.
ج- يطلق النحاة على أسماء الإشارة وأسماء الموصول اسمًا خاصًّا؛ هو "المُبْهمات"، لوقوعها على كل شيء؛ من حيوان، أو نبات، أو جماد،
1 في ص 328.
2 لأن الظرف: "هنا" داخل في جواب" إذا" الشرطية، التي هي ظرف لما يستقبل من الزمان.
3 في سورة: يونس، ورقم الآية 28، ومما بعدها.
4 "لات" في الشاهد: مهملة، لا تعمل عمل "لا". بسبب تقديم الخبر وهو:"هنا". ولا يصح أن تكون: "هنا" اسمها: لأنها ظرف غير متصرف - كما سبق في ص 328- ولا تخرج عن الظرفية إلا لشبهها، وهو هنا الجر بالحرف "من" أو:"إلى".... فلا تكون اسما لناسخ، ولا غير ذلك، ولأنها معرفة، و "لات" لا عمل لها في المعرفة. "ومما يلاحظ أن خروج:"هنا" عن الظرفية قد يكون إلى الجر بالحرف "إلى" وهذا لا يكون في غيرها وغير "ثم"، و "أين" ومثلها:"متى" لكن هذا الظرف قد يجر بالحرف: "حتى" أيضا - دون بقية الظروف غير المتصرفة، وسيجيء الكلام على هذا الشاهد في "حـ" من ص 604 عند الكلام على "لات""
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعدم دلالتها على شىء معين، مفصَّل مستقل إلا بأمر خارج عن لفظها؛ فالموصول لا يزول إبهامه إلا بالصلة، نحو: رجع الذى غاب، كما ستجئ. واسم. الإشارة لا يزول إبهامه إلا بما يصاحب لفظه من إشارة حسية كما عرفنا. ولذلك يكثر بعده مجئ النعت، أوالبدل، أوعطف البيان؛ لإزالة إبهامه، ومنع اللبس عنه؛ تقول؛ جاء هذا الفضل. جاء هذا الرجل3.......
1 في رقم 3 من هامش ص 340.
2 في ص 321.
3 إذا كان ما بعد اسم الإشارة مشتقا فإعرابه نعتا هو الأفضل. إما إذا كان جامدا فالأفضل إعرابه بدلا، أو: عطف بيان- كما سيجيء في بابها جـ3 - كل ذلك ما لم يوجد مانع.