المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله - النحو الوافي - جـ ١

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌ الكلام وما يتألف منه

- ‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

- ‌المسألة الثالثة: أقسام التنوين، وأحكامه

- ‌المسألة الرابعة: الفعل وأقسامه، وعلامة كل قسم

- ‌المسألة الخامسة: الحرف

- ‌ الإعراب والبناء

- ‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

- ‌المسألة التاسعة: المثنى

- ‌المسألة العاشرة: جمع المذكر السالم

- ‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

- ‌المسألة الثانية عشرة: جمع المؤنث السالم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: إعراب ما لا ينصرف

- ‌المسألة الرابعة عشرة: الأفعال الخمسة

- ‌المسألة الخامسة عشرة: المضارع المعتل الآخر

- ‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

- ‌ النكرة والمعرفة

- ‌المسألة السابعة عشرة: النكرة والمعرفة

- ‌المسألة الثامنة عشرة: الضمير

- ‌المسألة التاسعة عشرة: الضمير المفرد، والضمير المركب

- ‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

- ‌المسألة الحادية والعشرون: نون الوقاية

- ‌المسألة الثانية والعشرون: العلم

- ‌المسألة الثالثة والعشرون: أقسام العلم

- ‌المسألة الرابعة والعشرون: اسم الإشارة

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: كيفية استعمال أسماء الإشارة، وإعرابها

- ‌المسألة السادسة والعشرون: الموصول

- ‌المسألة السابعة والعشرون: صلة الموصول والرابط

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

- ‌المسألة التاسعة والعشرون: الموصولات الحرفية

- ‌المسألة الثلاثون: المعرف بأل

- ‌المسألة الحادية والثلاثون: "أل" الزائدة

- ‌المسألة الثانية والثلاثون: العلم بالغلَبة

- ‌ المبتدأ والخبر وما يتصل بهما

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون: تطابق المبتدأ الوصف مع مرفوعه

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون: أقسام الخبر

- ‌المسألة السادسة والثلاثون: المبتدأ المعرفة، والمبتدأ النكرة

- ‌المسألة السابعة والثلاثون: تأخير الخبر جوازًا ووجوباً

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون: تقديم الخبر وجوباً

- ‌المسألة التاسع والثلاثون: حذف المبتدأ والخبر

- ‌المسألة الأربعون: تعداد الخبر، تعدد المبتدأ

- ‌المسألة الحادي والأربعون: مواضع اقترن الخبر بالفاء

- ‌نواسخ الابتداء "كان وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثالثة والأربعون: حكم الناسخ ومعموليه من ناحية التقديم والتأخير

- ‌المسألة الرابعة والأربعون: زيادة "كان" وبعض أخواتها

- ‌المسألة الخامسة والأربعون: حذف "كان". وحذف معموليها، وهل يقع ذلك في غيرها

- ‌المسألة السادس والأربعون: حذف النون من مضارع "كان

- ‌المسألة السابعة والأربعون: نفى الأخبار فى هذا الباب

- ‌ الحروف التى تشبه "ليس" وهى "ما-لا- لات-إنْ

- ‌ أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعال الرجاء

- ‌الحروف الناسخة "إن" وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثانية والخمسون: فتح همزة: "إن"، وكسرها

- ‌لا" النافية للجنس

- ‌مدخل

- ‌المسألة السابعة والخمسون: اسم "لا" المتكررة مع المعطوف

- ‌المسألة الثامنة والخمسون: حكم نعت اسم "لا

- ‌المسألة التاسعة والخمسون: بعض أحكام أخرى

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

تقدم1 أن للرفع ضمائر تختص به؛ بعضها متصل؛ كالتاء المتحركة؛ و"نا" في مثل: سعيتَُِ إلى الخبر، وسعينا. وبعضها منفصل، ولكنه يؤدي ما يؤديه المتصل من الدلالة على التكلم، أو الخطاب، أو الغَيبة؛ مثل:"أنا"؛ فإنها ضمير منفصل يدل على التكلم، كما تدل عليه تلك "التاء"، ومثل:"نحن"؛ فإنها ضمير منفصل يدل على المتكلم المعظم نفسه، أو جماعة المتكلمين؛ كما يدل عليه:"نا"، تقول: أنا أمين على السر، ونحن أمناء عليه

وللنصب كذلك ضمائر تختص به، منها المتصل، كالكاف في مثل: صانك الله من الأذى، ومنها المنفصل الذى يؤدي معناه؛ مثل: إياك، في: نحو: إياك صان الله، ومنه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} . أما الجر فليس له ضمائر تختص به -كما عرفنا. لكن هناك ضمائر متصلة مشتركة بينه وبين غيره؛ كالكاف، والهاء

إلى غير ذلك مما سبق إيضاحه وتفصيله، ولا سيما ما يدل على أن الضمير مع اختصاره وقلة حروفه يؤدي ما يؤديه الاسم الظاهر، وأكثر2.

ونزيد الآن أن الكلام إذا احتاج إلى نوع من الضمير -كالضمير المرفوع، أو المنصوب- وكان منه المتصل والمنفصل، وجب اختيار الضمير المتصل، وتفضيله على المنفصل الذي يفيد فائدته؛ ويدل دلالته؛ لأن المتصل أكثر اختصارًا في تكوينه وصيغته، فهو أوضح وأيْسَر في تحقيقه مهمة الضمير، فتقول: بذلت طاقتي في تأييد الحقّ، وبذلنا طاقتنا فيه، ولا تقول: بذل "أنا"، ولا بذل "نحن". وتقول: كرّمك الأصدقاء؛ ولا تقول: كَرَّم "إياك" الأصدقاء. وتقول فرحت بك، ولا تقول: فرح أنا بأنت.

1 في ص221 وما بعدها.

2 انظر رقم 1 من هامش ص 217.

ص: 272

فالأصل العام الذي يجب مراعاته عند الحاجة للضمير هو: اختيار المتصل ما دام ذلك في الاستطاعة، ولا يجوز العدول عنه إلى المنفصل، إلا لسبب1. هذا هو الأصل العام الواجب اتباعه في أكثر الحالات2.

غير أن هناك حالتين يجوز فيهما مجيء الضمير "منفصلًا" مع إمكان الإتيان به "متصلًا".

الحالة الأولى: أن يكون الفعل -أو ما يشبهه3- قد نصب مفعولين4 ضميرين، أولهما أعرف من الثاني؛ فيصح في الثاني أن يكون متصلًا وأن يكون منفصلًا. نحو: الكتابُ أعطيتنيه، أو: أعطيتني إياه، والقلمُ أعطيتكه، أو: أعطيتك إياه. فالفعل: "أعطى" هو من الأفعال التي تنصب مفعولين، وقد نصبهما في المثالين، وكانا ضميرين؛ ياء المتكلم، وهاء الغائب في المثال الأول، وكاف المخاطب وهاء الغائب في المثال الثاني. والضمير الأول في المثالين أعرف5 من الثاني فيهما؛ فصحّ في الثاني الاتصال والانفصال. ومثل ذلك. أن تقول: الخيرُ سَلنْيه6 وسلني إياه. والخيرُ سألتكه، وسألتك إياه.

وبهذه المناسبة نشير إلى حكم هامّ يتصل بما نحن فيه، هو: أنه إذا اجتمع ضميران، منصوبان، متصلان، وأحدهما أخصّ من الآخر "أي: أعرَفُ منه، وأقوى درجة في التعريف". فالأرجح تقديم الأخصّ منهما. تقول: المالُ أعطيتكه، وأعطيتنيه، فتقدم الكاف على الهاء فى المثال الأول؛ لأن الكاف للمخاطب، والهاء للغائب، والمخاطب أخصّ من الغائب. وكذلك تقدم الياء

1 وسنذكر هنا حالتين يجوز فيهما الاتصال والانفصال، ثم نذكر -في الزيادة والتفصيل ص 276- أهم الأسباب التي توجب الانفصال، وتحتمه.

2 وفي هذا يقول ابن مالك:

وفي اختيار لا يجيء المنفصل

إذا تأتي أن يجيء المتصل

3 شبه الفعل "أي: المشتق" هو: ما يشترك معه في أصل الاشتقاق، ويعمل عمله -غالبًا- كاسم فاعله، واسم مفعول و....

4 لأنه من الأفعال التي تنصب مفعولين، مثل "ظن" وأخواتها

"وانظر رقم 6 من هامش ص275".

5 أي: أقوى منه في درجة التعريف والتعيين. وقد عرفنا أن ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب، وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب، وأوضحنا هذا بإسهاب. "في رقم 1 من هامش ص 212".

6 أي: اسألني إياه.

ص: 273

في المثال الثاني على الهاء أيضًا؛ لأن الياء للمتكلم وهوأخصّ من الغائب. ومن غير الأرجح أن تقول أعطيتهوك1 وأعطيتهوني1. فإن كان أحد الضميرين مفصولًا جاز تقديم الأخص وغير الأخص عند أمن اللبس؛ تقول: الكتابُ أعطيتكه أو أعطيته إياك، وأعطيتنيه أو أعطيته إياي. بخلاف: الأخ أعطيتك إياه، فلا يجوز تقديم الغائب؛ خشية اللبس، لعدم معرفة الآخذ والمأخوذ منهما؛ فيجب هنا تقديم الأخص؛ ليكون تقديمه دليلًا على أنه الآخذ. فكأنه في المعنى فاعل، والأصل في الفاعل أن يتقدم2.

وقد اشترطنا في الحالة الأولى أن يكون الضميران منصوبين، وأولهما أعْرَفُ من الثاني.

أ- فإن لم يكن الضميران منصوبين؛ بأن كان أولهما مرفوعًا والثانى منصوبًا -وجب وصل الثاني بعامله إن كان عامله فعلًا3؛ نحو: النظامُ أحببته.

ب- وإن كان أولهما منصوبًا والثاني مرفوعًا -وجب فصل المرفوع؛ إذ لا يمكن وصله بعامله مع قيام حاجز بينهما؛ وهو الضمير المنصوب. نحو: ما سمِعَك إلا أنا.

ج- وإن كانا منصوبين، وثانيهما أعرَفُ -وجب فصل الثاني، مثل: المالُ سلبه إياك اللص. وكذلك إن كان مساويًا للأول فى درجة التعريف بأن وقع كل منهما للمتكلم؛ مثل: تركتني لنفسي؛ فأعطيتَني إياي، أو: للخطاب،

"1 و 1" الواو التي بعد الضمير هي واو الإشباع التي تنشأ من إطالة الضمة. والغالب كتابة هذه الواو إذا وقع بعدها ضمير آخر متصل، كالذي هنا. وهذه اللغة -وإن كانت جائزة- لا يحسن استخدامها، ولا ترك الأرجح الشائع في الأساليب العالية لأجلها.

2 وإلى ما تقدم يشير ابن مالك بقوله:

وقدم الأخص في اتصال

وقَدِّمن ما شئت في انفصال

3 وجب وصله بعامله الفعل، ولو كان المتقدم غير الأعرف: مثل أكرمتك، وأكرمونا فإن كان عامله اسما جاز الأمران، سواء أكان الأول مرفوعًا أو مجرورًا، كفرحت بإكراميك أو إكرامي إياك "لأن الياء فاعل المصدر، مجرور بالإضافة في محل رفع". أو كان مرفوعًا فقط، ولا يكون إلا مستترًا، مثل: أنا المكرمك، أو المكرم إياك، بناء على أن الكاف مفعول به لا مضاف إليه، وإلا تعين الوصل؛ لأن الضمير المجرور لا يكون إلا متصلًا. وكذلك يجب الوصل في:"أنا مكرمه" من غير أل، لتعين الإضافة فيه. فإن دخل التنوين على الوصف تعين الفصل، مثل: أنا مكرم إياه، "راجع الخضري".

ص: 274

مثل: أعطيتك إياك، أو للغائب مع اتفاق لفظهما؛ مثل؛ أعطيته إياه1، ولا يجوز اتصال الثاني؛ فلا تقول أعطيتنيني، ولا أعطيتكك، ولا أعطيتهوه. إلا إن كانا لغائبين واختلف لفظهما؛ فيجوز وصل الثاني. تقول: سأل أخي عن القلم والكتاب فأعطيتهماه، ومنحتهماهُ2، أوأعطيتهما إياه، ومنحتهما إياه3

الحالة الثانية: أن يكون الضمير الثاني منصوبًا بكان أو إحدى أخواتها4 "لأنه خبر لها" فيجوز فيه الوصل والفصل؛ نحو؛ الصديقُ "كنته" أو: كنت إياه، والغائبُ ليسه محمد5 أو ليس محمد إياه6.

1 يلاحظ أن أحد الضميرين هو: "الهاء" والآخر هو: "إياه" كلها على الرأي الذي سبق تفصيله "في ص 227 وفي آخر ص 237". ولما كانت الهاء في كلمة "إياه" هي التي تدل وحدها على الغيبة كان شأنها شأن الهاء الأولى في الدلالة، وكان لفظهما متفقًا، ولا أهمية لزيادة "إيا" في إحداهما، إذ لا تؤثر هذه الزيادة في دلالة الضمير.

2 وإلى هذا يشير ابن مالك بقوله:

وفي اتحاد الرتبة الزم فصلَا

وقد يبيح الغيب فيه وصلا

3 إن لم يوجد في الكلام إلا ضمير واحد منصوب واستغنى عن الآخر باسم ظاهر فالأرجح وجوب الوصل، نحو: الكتاب أعطيته عليًّا.

4 سواء أكان الاسم ضمير كالمثال: "الصديق كنته، أو كنت إياه" أم غير ضمير، نحو، الصديق كانه محمد. ومحل جواز الوجهين في كان وأخواتها مخصوص بغير الاستثناء. أما فيه فيجب الفصل، نحو: الرجل قام القوم ليس إياه، ولا يكون إياه "لأن ليس ويكون" هنا فعلين للاستثناء ناسخين أيضًا" فلا يجوز "ليسه" ولا "يكونه" كما لا يجوز: إلا. فكما لا يقع المتصل بعد "إلا" لا يقع بعد ما هو بمعناها أما تفصيل الكلام على استعمال هذين الفعلين في الاستثناء فموضعه: باب الاستثناء- ج2 ص 328 م 83.

5 هذا المثال ليس من النوع الذي سبق الكلام عليه في رقم "4" لأن "ليس" هنا ليست للاستثناء.

6 في هذه المسألة والتي قبلها تختلف آراء النحاة، وتتشعب من غير داع، ولا فائدة، فمنهم من يقول بجواز الفصل والوصل على السواء، وذلك حين يكون العامل الناصب للضميرين فعلا، أو ما يشبهه، غير ناسخ، فينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخير مثل، سل

أعطى يعطي.

وهذا الرأي هو الأشهر. ومنهم من يقول إن الوصل واجب، ولا يجوز الفصل إلا للضرورة.

وكذلك يجيزون الأمرين ويختلفون في الترجيح إن كان العامل الناصب للضميرين فعلا، أو ما يشبهه - يتعدى إلى مفعولين، الثاني منهما خبر في الأصل، مثل: ظن وخال، وأخواتهما الناسخة، تقول: الصديق ظننتكه، أو ظننتك إياه، وخلتنيه، وخلتني إياه، فابن مالك ومن معه يختارون الاتصال، وغيرهم يختار الاتصال.

وكذلك اختلفوا في الأرجح إن كان الضمير الثاني منصوبًا بكان أو إحدى أخواتهما.... و..... =

ص: 275

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

عرفنا1 أن الغرض من الضمير هو الدلالة على المراد مع الاختصار، ولذا وجب اختيار المتصل دون المنفصل الذى يؤدى معناه؛ كلما أمكن ذلك. إلا في حالتين سبق الكلام عنهما2، يجوز فيهما الاتصال والانفصال.

لكن هناك حالات أخرى يتعذر فيها مجيء الضمير متصلًا؛ فيجيء منفصلًا وجوبًا. وتسمى حالات الانفصال الواجب. وأشهرها:

1-

ضرورة الشعر؛ مثل قول الشاعر يتحدث عن قومه:

وما أصاحبُ منْ قومٍ فأذكُرَهُمْ

إلا يزيدُهمُ حبًّا إِلَيَّ همُ3

2-

تقديم الضمير على عامله لداعٍ بلاغي، كالحصر4 "القصر" والضمير المتصل لا يمكن أن يتقدم بنفسه على عامله؛ فيحل محلَّه المنفصل الذي بمعناه. ففي مثل: نسبحك، ونخافك يا رب العالمين -لا نستطيع عند الحصر أن نقدم الكاف وحدها، لذلك نأتي بضمير منصوب بمعناها، وهو:

= وكل هذا الخلاف لا خير فيه، وهو مرهق، وهو مرهق بغير فائدة فقد ثبت أن الوصل والفصل في المسائل السابقة واردان عن العرب الفصحاء بكثرة تبيح القياس، فلا داعي هذا التشعيب الذي أشار إليه ابن مالك بقوله:

وَصِلْ أو اِفْصِل هاء سلنيه، وما

أشبهه. في: "كنته" الخلف انتمى

كذاك: "خلتنيه" واتِّصَالَا

أختار، غيري اختار الانفصالا

فهو يقول: إنه يجوز الوصل والفصل في "هاء" سلنيه، من كل فعل غير ناسخ، أو شبهه -نصب ضميرين، أولهما أخص من الثاني

ولم يبين ابن مالك الخلاف الذي في المسألة السالفة، واكتفى ببيان الخلاف في مثل: كنته، وأنه انتمى، أي: اشتهر، وكذلك في خلتنيه من كل فعل ناسخ ينصب مفعولين، وصرح بأنه يختار الاتصال، وأن غيره يختار الانفصال.

1 في رقم1 من هامش ص217.

2 في ص273.

3 المعنى: إذا سمع أصحابي صفات قومي، مدحوهم، وزادوني حبًّا فيهم "أي في قومي"، وقد اضطر الشاعر إلى أن يقول "يزيدهم حبًّا إِلَيَّ هم" بدلًا من أن يقول:"يزيدونهم حبًّا إليّ"، ففصل الضمير "هم" الثاني، بدلا من واو الجماعة؛ لضرورة الشعر.

4 ويسمى أيضًا: "القصر" وله بيان في رقم4 من هامش ص495.

ص: 276

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إياك" فنقول: إياك نسبح، وإياك نخاف.

3-

الرغبة فى الفصل بين الضمير المتصل وعامله بكلمة "إلا"، لإفادة الحصر. وهذا الفصل لا يتحقق إلا إذا أتينا بالضمير منفصلًا؛ مثل: ربَّنا ما نعبد إلا إياك، ولا نهاب إلا إياك.

وقد يكون الحصر بغير "إلا" فلا يقع الفصل بكلمة توجب الانفصال، ولكن ينفصل الضمير؛ مثال ذلك، الحصر بإنما1 فى قول الشاعر:

أنا الذائد الحامي الذِّمَارَ وإنما

يدافع عن أحسابهم أنا، أو: مثلي

ومن أمثلة الفصل للقصْر: إن الأبطالَ نحن، "فنحن" ضمير منفصل خبر إن، ولا يمكن اتصاله بعامله "إن"؛ وذلك لأن خبرها لا يتقدم على اسمها.

4-

أن يكون عامله اللفظى محذوفًا؛ مثل: إياك والكذبَ. فأصل: "إياك" هو: أحذِّرك، أو: أخوِّفك. حذف الفعل وحده، وبقي الضمير "الكاف" وهو ضمير متصل لا يستقل بنفسه؛ فحذفناه، وأتينا مكانه بضمير منفصل يؤدي معناه، ويستقل بنفسه، وهو: إياك. وقد سبق2 بيان إعرابه، كما سبق3 أنه وفروعه كثير الاستعمال في أسلوب:"التحذير" بصوره المتعددة التي ستجيء فى بابه الخاص -ج4 ص122 م140.

5-

أن يكون عامله معنويًّا؛ مثل: أنا صديق وفيّ، وأنت أخ كريم. فالضمير:"أنا"، و"أنت"، مبتدأ مرفوع بالابتداء. والابتداء عامل معنوي، لا وجود له في اللفظ؛ فلا يمكن وصل الضمير به.

1 "المحصور فيه" بإنما هو المتأخر، أي:"أنا"، كما يفهم من البيان الذي في رقم 4 من هامش ص 495.

2 ص 236.

3 في رقم 2 من هامش 227.

ص: 277

.......................................................

6- أن يكون عامله حرف نفي، مثل: الخائن غادر؛ فما هو أهلا للصداقة. فالضمير "هو" اسم "ما" الحجازية، وهى العاملة فيه الرفع؛ ولكنها من الحروف التي لا يتصل بآخرها الضمير ولا غيره1:

7-

أن يكون الضمير تابعًا لكلمة تفصل بينه وبين عامله؛ مثل: نحن نكرم العلماء وإياكم: فالضمير: "إياكم" معطوف؛ فهو تابع يتأخر عن متبوعه، والمعطوف عليه:"العلماء" هو المتبوع الذي يجب تقدمه عليه. وقد فصل المتبوع بين الضمير: "إياكم" وعامله: "نكرم". ومثله قوله تعالى: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُم} . وقول القائل في مدح عمر2 رضى الله عنه:

مُبَرَّأ من عيوب الناس كلِّهمُ

فالله يرعى أبا حَفصٍ وإيَّانا

8-

أن يقع الضمير بعد واو المصاحبة "وتسمى: واو المعية" مثل: حضر الرفاق، وسأسافر وإياهم إلى بعض الأقاليم.

9-

أن يكون فاعلًا لمصدر مضاف إلى مفعوله "فيفصل المفعول به بين الضمير الفاعل وعامله"، مثل: بمساعدتكم نحن انتصرتم3؛ فكلمة: "مساعدة" مصدر مضاف إلى مفعوله "الكاف". وفاعله كلمة: "نحن".

10-

أن يكون مفعولًا به لمصدر مضاف إلى فاعله؛ مثل: سررت من إكرام العقلاء إياك.

11-

أن يقع بعد إما، مثل كَتَبَ: إما أنت، وإما هو.

_________

1 ومنه قوله تعالى: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِم} . وقول الشاعر: في "إن" النافية التي تعمل عمل ليس:

إن هو مستوليًا على أحد

إلا على أضعف المجانين

2 وكنيته: أبو حفص" وكلمة "أبا حفص" هي التي فصلت "في البيت التالي" بين التابع المعطوف وعامله، أي: بين الضمير "إيانا" وبين عامله: "يرعى" الذي يجيء بعده المتبوع، أي: المعطوف عليه.

3 والأصل قبل الإضافة للمفعول: بمساعدتنا إياكم.... أي: انتصرتم بسبب المساعدة التي قدمناها نحن.

ص: 278

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

12-

أن يقع بعد اللام الفارقة1، مثل:

إنْ وجدتُ الصديقَ حقًّا لإيا

ك، فمُرْنى؛ فلن أزال مطيعًا

13-

أن يكون منادى -عند من يجيز نداء الضمير- مثل: يا أنت. يا إياك.

14-

أن يكون الضمير منصوبًا وقبله ضمير منصوب، والناصب لهما عامل واحد مع اتحاد رتبتي الضمير؛ مثل: عِلمْتُني إياي2، علِمتك إياك، وعلِمته إياه.

15-

أن يكون الضمير مرفوعًا بمشتق جار على غير من هو له، مثل: محمدٌ عليٌّ مكرُمه هو3.

1 إذا خففت إن المشددة فالأكثر إهمالها، فلا تنصب اللاسم ولا ترفع الخبر، والأكبر أن يجيء بعدها اللام، لتدل على أنها المخففة المهملة، وليست المشددة العاملة، مثل: إن صالح لقائم. وهذه اللام تسمى: "الفارقة" لأنها التي تفرق بين: إن "المشددة العاملة، والمخففة المهملة، وقد يجعلها بعض النحاة نوعًا من لام الابتداء. وسيجيء الكلام عليها في باب المبتدأ والخبر في ص657 وأيضًا في آخر باب: "إن" -ص 671.

2 يقال هذا في معرض الفخر غالبًا، نحو: شعري شعري.

3 فهذا الضمير البارز المنفصل كان مستترًا قبل إبرازه، والمستتر نوع من المتصل -كما سبق في رقم 3 من هامش ص219 وسيجيء شرح الضمير الجاري على غير من هو له في المكان الخاص به من باب المبتدأ والخبر "ص 463".

ص: 279