الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية والثلاثون: العلم بالغلَبة
1
المعارف متفاوتة في درجة التعريف -كما سبق2؛ فبعضها أقوى من بعض وعلم الشخص أقوى من المعرف "بأل" العهدية، وأقوى من المضاف لمعرفة. غير أن كل واحد من هذين قد يصل في قوة التعريف إلى درجة علم الشخص، ويصير مثله في الأحكام الخاصة به، ولبيان ذلك نقول:
إن كُلاًّ من المعرف "بأل" العهدية والمضاف قد يكون ذا أفراد متعددة؛ فالكتاب3 - مثلًا، ينطبق على عشرات، ومئات وألوف من الكتب، وكذلك النجم، والمنزل، والقلم
…
وكتاب سعد، يصدق على كل كتاب من كتبه المتعددة، ومثله: قلم عمرو، وثوب عثمان3
…
غير أن فردًا واحدًا من أفراد المعرف "بأل" أو المضاف قد يشتهر اشتهارًا بالغًا دون غيره من باقي الأفراد؛ فلا يخطر على البال سواه عند الذكر؛ بسبب شهرته التي غطت على الأفراد الأخرى، وحجبت الذهن عنها.
1 تعريفه: أن يغلب معنى اللفظ عند إطلاقه على فرد من مدلولاته، دون باقي الأفراد، بسبب شهرة الأول، كما سنشرحه، ومن أحكامه التي ستذكر أنه يعد من ناحية التعريف في درجة العلم الشخصي، كما في الصفحة التالية، وكما سبق في رقم2 من هامش ص292.
2 في رقم1 من هامش ص212.
"3 و3" المراد من "أل" العهدية هذه أنها كانت عهدية بحسب أصلها قبل أن تكون الغلبة، أما بعد أن تصير الغلبة فزائدة لازمة.
كما سبق في ص433، 436 وما بعدهما.
وقد يقال: إن: "أل العهدية" أداة تعريف، فكيف يكون مدلولها متعددًا حين تكون للعهد؟. أجاب النحاة:"إن "أل" العهدية تدخل على كل فرد عهد بين المتخاطبين على البدل -أي: على التبادل- فمصحوبها كل فرد بينهما على البدل، فمثلًا لفظ: "العقبة" المعرفة بأل العهدية وضع في الأصل ليستعمل في كل فرد عهد بينهما على البدل، فخصصته الغلبة "بعقبة أيلة" -وهي على الحدود الشرقية لمصر- "راجع الصبان في هذا، وكذا البيان الذي في رقم 6 من ص 423" بل إن مدلول العلم الشخصي قد يتعدد أحيانًا "كما سبق، في رقم 1 من هامش ص294" بالرغم من أنه أقوى من المعرفة بأل، أو: المعرفة بالإضافة وله إشارة في رقم1 من هامش ص436.
ومن أمثلة ذلك: المصحف، الرسول، السنة، ابن عباس1، ابن عمر، ابن مسعود؛ فالمراد اليوم من المصحف: كتاب الله وقرآنه الكريم
…
ومن الرسول: النبي محمد عليه السلام، ومن السنة: ما ثبت عنه من قول، أو فعل، أو تقرير2. كما أن المراد من: ابن عباس هو: عبد الله، بن عباس، بن عبد المطلب3
…
دون باقي أبناء العباس. وكذلك المراد من: ابن عمر، هو: عبد الله من عمر بن الخطاب، دون إخوته من أولاد عمر. وكذلك المراد من: ابن مسعود، هو: عبد الله بن مسعود أيضًا دون إخوته. وكانت تلك الكلمات في الأصل قبل اشتهارها، معرفة؛ لاشتمالها على نوع من التعريف، ولكنها لا تبلغ فيه درجة العَلَم الشخصيّ؛ إذ ليست أعلامًا شخصية. فلا تدل على واحد بعينه؛ إذ الأصل في كلمة:"المصحف" أن تنطبق على كل غلاف يحوي صحفًا. وفي كلمة: "الرسول" أن تنطبق على كل4 إنسان أرسِل من جهة إلى جهة معينة. وفي كلمة: "السنة" أن تنطبق على كل طريقة مرسومة، وفى كلمة:"ابن فلان" أن تنطبق على كل ابن من أبناء ذلك الرجل. لكن اشتهرت كل كلمة مما سبق -بعد التعريف- في فرد، واقتصرت عليه؛ بحيث إذا أُطْلقت لا تنصرف لغيره؛ فقوَى التعريف فيها، وارتفع إلى درجة أرقى من الأولى؛ تسمى: درجة العَلَم بالغلبة "أي: التغلب بالشهرة" وهي درجة تلحقه بالعلم الشخصي5 في كل أحكامه. فمظهر الكلمة أنها معرفة "بأل"،
1 كانت كلمة: "ابن" في هذه الأمثلة وأشباهها، معرفة، لأنها مضافة إلى معرفة، ولكن العلم بالغلبة "الشهرة" هو مجموع الكلمتين المضاف والمضاف إليه معًا، وصار تعريفه بالعلمية الغالبة، -كما سيجيء في رقم5 من هذا الهامش- وزال التعريف السابق.
2 ما يقره "أي: يوافق عليه" بالسكوت، كأن يرى شخصًا يقول قولًا، أو يعمل عملًا بشرط أن تكون الأقوال أو الأعمال من الشئون المتصلة بالدين، فيسكت، ولا يظهر ما يدل على المعارضة فيكون سكوته موافقة ضمنية: تسمى: "تقريرًا".
3 جد الرسول عليه السلام.
4 انظر الإيضاح الذي في رقم3 من هامش الصفحة السابقة، ورقم5 و 6 من هامش ص 423.
5 قال النحاة، إن العلم قسمان: علم بالوضع، فيشمل علم الشخص وعلم الجنس، وعلم بالغلبة، وهو ما شرحناه، وأهم فارق بينهما: أن العلم الوضعي بعين مسماه تعيينا مطلقا من أول لحظة وضع فيها على مسماه. ووقع فيها الاختيار على لفظه ليكون رمزًا على ذلك المسمى، مثل إبراهيم، فإنه يدل على صاحب ذلك الاسم، ابتداء من تلك اللحظة التي وقع عليه الاختيار فيها ليدل على إبراهيم.
أما العلم بالغلبة فقد كان أول أمره معرفة "بأل العهدية" أو: بالإضافة، ولم يكن علمًا في ابتداء أمره، فنزلت غلبته "أي: شهرته" منزلة الوضع فصار بها في درجة "العلم الشخصي". وحين تصل الكلمة إلى درجة العلم بالغلبة تلغي درجة التعريف السابقة وتحل محلها الدرجة الجديدة، وتصير "أل" زائدة، لازمة بعد أن كانت للعهد.
أو بالإضافة، ولكن حقيقتها أنها معرفة بعلمية الغلبة. وهي في درجة علم الشخص -كما قلنا- وتلغي معها الدرجة القديمة. ومن أمثلة العلم بالغلبة: المدينة1، العقبة2 الهرم3
…
مجلس الأمن4، جمعية الأمم4، إمام النحاة5
…
وغيرها مما هو عَلَم بالغلبة6: كالنابغة، أو الأعشى، أو الأخطل
…
وأصل النابغة: الرجل العظيم، وأصل الأعشى: من لا يبصر ليلًا، وأصل الأخطل: الهجَّاء، ثم غلب على كل ما سبق الاستعمال في العلمية وحدها.
هو ملحق بالعلم الشخصيي -كما تقدم- ويسري عليه ما يسري على ذاك، مع ملاحظة أن "أل" التي في العلم بالغلبة قد صارت قسمًا مستقلًّا من "أل" الزائدة اللازمة "أي: التي لا تفارق الاسم الذي دخلت عليه". يسمى: "أل التي للغلبة" ولم تبق للعهد كما كانت7 في الأعلام السابقة -ونظائرها- قسم من "أل" الزائدة اللازمة -كما أشرنا- ولكنه قسم مستقل، يسمى: "أل" التي للغلبة" ولم تبق للعهد كما كانت7 زائدة، ولازمة لا تفارق الاسم الذي دلت عليه، فإنها تحذف وجوبًا عند ندائه، أو إضافته؛ مثل: يا رسول الله قد بلغت رسالتك. هذا مصحف عثمان؛ يا نابغة، أسْمِعنا من طرائفك
…
فشأنها في الحالتين المذكورتين من جهة الحذف وعدمه شأن "أل" المُعَرفة8 -في الرأي الأرجح-
1 مدينة الرسول عليه السلام، وإليها هاجر، وفيها قبره الشريف.
2 اسم بلد على الحدود الشرقية المصرية. "والعقبة في الأصل: اسم للطريق. الصاعد في الجبل".
3 بناء بمصر، أثري، ضخم، مرت عليه آلاف السنين من غير أن تؤثر فيه تأثيرًا يذكر.
"4، 4" مؤسسة عالمية قائمة الآن، تضم مندوبين رسميين عن الدول الكبيرة، ينظرون في الشئون الدولية الهامة.
5 سيبويه "توفي حوالي سنة 180هـ".
6 ويراد به -كما قلنا في ص 433- كل اسم كان معناه متعددًا بحسب وضعه الأصلي، ثم غلب استعماله في فرد معين من أفراد ذلك المعنى المتعدد، لا يراد غيره عند الإطلاق، فصار خاصًّا بسبب ذلك التعيين الناشئ من الشهرة.
7 أشرنا لهذا في ص429 وفي3 من هامش ص433.
8 فـ "أل" المعرفة لا تبقى كذلك عند الإضافة أو النداء، لكن يجب ملاحظة أن:"أل" التي للغلبة لا تثبت مطلقًا مع حرف النداء، فلا يتوصل لنداء ما هي فيه بكلمة:"أي" أو: كلمة: "ذا" كما يتوصل لنداء ما فيه "أل" الجنسية مما ليس علمًا بالغلبة، فلا يصح، يأيها النابغة، ولا ياذا النابغة، كما يصح: يأيها الرجل، ويا ذا الرجل. وفي العلم بالغلبة يقول ابن مالك:
"راجع حاشية الصبان ج1 في هذا الموضع".
أما العَلَم بالغلبة إذا كان مضافًا، فإن إضافته تلازمه ولا تفارقه في نداء، ولا في غيره: تقول في النداء: يا بنَ عمرَ قد أحسنت، ويا بنَ عباس قد أفدت الناس بفقهك، ويا بن مسعود قد حققت لنا كثيرًا من أحاديث الرسول
…
وإذا اقتضى الأمر إضافته1
…
فإنه يضاف مع بقائه الإضافة
وقد يصير علمًا بالغلبة
…
مضاف أو مصحوب "أل" كالعقبة
وحذف "أل" ذي- إن تناد أو تضف
…
أوجب، وفي غيرهما قد تنحذف
أي: قد يصير "المضاف" أو: "المعرف بأل "علمًا بالغلبة، لا بكونه علم شخص، ولا علم جنس. "وهذا نوع آخر من العلم يخالفهما، كما سبق أن أشرنا". حذف "أل" ذي "أي: هذه" واجب في حالتين: إذا نودي الاسم المبدوء بها، أو أضيف. وأشار بقوله:"وفي غيرهما قد تنحذف" إلى أن "أل" الدالة على العلم بالغلبة وردت محذوفة في غير الحالتين السابقتين: "النداء، والإضافة" فقد قال بعض العرب: هذا عيوق طالما. وهذا يوم اثنين مباركًا، بدلًا من "العيوق" علم على نجم خاص، والاثنين" علم على اليوم الأسبوعي المعروف. وهذا الحذف شاذ لا يصح القياس عليه.
1 أشرنا في باب العلم "رقم1 من هامش ص294" إلى أن علم الشخص قد يكون متعددًا يشترك في التسمية به عدد كبير، فمثل: محمد، ومحمود، وصالح، وغيرهم من الأعلام الشخصية قد يسمى بكل منها عدة أفراد- ونقول هنا إن العلم بالغلبة قد يقع فيه ذلك، مثل ابن زيدون
…
وابن خلدون
…
وابن هانئ، والنابغة.... فإن كل واحد منها علم بالغلبة على شاعر معين، أو: عالم كبير.... وقد يشترك معه التسمية آخرون. وهذا الاشتراك والتعدد في الأعلام بنوعيها يجعلها غامضة الدلالة نوعًا، ويجعل تعيين المراد بها غير كامل، وفي هذه الحالة يجوز إضافة العلم إلى معرفة إن لم يمنع من الإضافة مانع، رغبة في الإيضاح وإزالة كل أثر للغموض والإبهام. فمن إضافة علم الشخص. ما ورد عن العرب من قولهم: جميل بثينة، وقيس ليلى، وعمر الخير، ومضر الحمراء، وربيعة الفرس، وأنمار الشاة، ويزيد سليم، وقول الشاعر:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا
…
ليلاي منكن أم ليلى من البشر
وقول الآخر:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم
…
بأبيض ماضي الشفرتين يماني
ومن إضافة العلم بالغلبة قولهم: أهلًا بابن عمرنا. ومرحبا بابن عباسنا.
وقد أدخلوا "أل" قليلا على المضاف إليه في العلم المركب تركيبًا إضافيًّا، ومع قلته يجوز إذا قدرت فيه التنكير -كما سبق- لأن الأصل في المعارف ألا تضاف. قالوا:"يا ليت أم العمرو كانت بجانبي....." فالغرض من إضافة العلم. هو الإيضاح، "ويراد به إزالة الاشتراك اللفظي الناشئ من إطلاق العلم على أفراد كثيرة: بحيث لا يطلق بعد الإيضاح إلا على واحد في الغالب".
وقد سبق أن ألمحنا المسألة في رقم3 من هامش ص127 ثم فصلنا الكلام عليها في رقم1 من هامش 294. وبهذه المناسبة نعيد ما قلناه هناك من أن الإضافة إلى المعرفة تفيد الإيضاح على الوجه الذي شرحناه، "وهو: رفع الاحتمال والاشتراك في المعرفة....."، أما الإضافة إلى النكرة فإنها تفيد التخصص. ويراد به تقليل الاشتراك فقط، ولا تفيد إزالته ورفعه، فإذا قلت: "كتاب رجل" فإن الذي ينطبق عليه هذا المعنى أقل كثيرًا مما ينطبق عليه لفظ: كتاب، بغير إضافة "راجع ما سبق في تلك الصفحات".
الأولى1، تقول: أنت ابن عُمَرنا العادل، وهذا ابن عباسنا زعيم الفتوى.
1 فيصير "المضاف إليه" في التركيب الإضافي الأول هو "المضاف" في التركيب الإضافي الثاني، إن لم يمنع من هذه الإضافة مانع، كأن يكون المضاف الجديد منونًا، أو فيه "أل" فإن كان كذلك وجب حذف المانع قبل الإضافة.....
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
إذا أريد تعريف العدد "بأل" فإما أن يكون مضافًا1، أومركبًا2، أومفردًا3عقدا، أومعطوفًا4. فإذا كان العدد مضافًا وأردنا تعريفه "بأل" فالأحسن إدخالها على المضاف إليه وحده - أى: على المعدود -؛ نحو: عندى ثلاثة الأقلام، وأربع الصحف، ومائة ألف الورقة، وألف5 القرش. وعندئذ يكتسب المضاف التعريف من المضاف إليه في هذه الإضافة المحضة. والكوفيون يجيزون إدخال "أل" عليهما معًا ويحتجون بشواهد متعددة، تجعل مذهبهم مقبولا، وإن كان غير فصيح6
…
1 ويسميه بعض النحاة: "مفردا" وهذه التسمة أحسن من تسميته: "مضافا" وهو يشمل: "ثلاثة" وعشرة وما بينهما. ويضاف غالبا لجمع مجرور، كما يشمل مائة، وألفا، ومركباتهما، وتضاف غالبا لمفرد مجرور "والأحكام المفصلة الخاصة بالعدد مسجلة في بابه بالجزء الرابع".
2 وهو يشمل: "أحد عشر وتسعة عشر" وما بينهما. ويتركب كل عدد من كلمتين، هما بمنزلة كلمة واحدة، يقال في إعرابها: مبنية على فتح الجزأين في محل رفع، أو نصب، أو جر، على حسب حالة الجملة. إلا اثنى عشر، واثنى عشرة: فيعربان كالمثنى دائما. وقد سبقت طريقة إعرابهما في ص 120 و 157.
3 يسميه بعض النحاة "عقدا" وهذه أفضل من تسميته: "مفردا" وهو 20 - 30 - 40 - 50- 60 - 70- 80- 90.
4 وهو يشمل كل عدد مكون من اسمين، أحدهما، معطوف عليه، والآخر معطوف بالواو مثل: واحد وعشرون.
…
سبع وثلاثون.... خمس وأربعون
…
5 جري بعض الكتاب في عصرنا وقبل عصرنا على إدخال: "أل" على العدد من دون المعدود، فيقولون: الألف قرش مثلا. وقد أعلنت الحكومة عن مشروع رسميس لنشر بعض الكتب القديمة النفيسة، أسمته:"مشروع الألف كتاب" ويدور جدل قديم وحديث حول صحة هذا الاستعمال أو خطئه. وقد ورد مثله في أحاديث للرسول عليه السلام. منها قوله: ".... وأتى بالألف دينار" ونقل الصبان "في الجزء الأول من حاشيته، أخر باب: "والمعرف بأل". نص الحديث. وورد في شواهد: "التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح" - باب: الاستعانة باليد.... قوله عليه السلام: "ثم قرأ العشر آيات"
…
كما ورد في نصوص أخرى تصلح للاستشهاد، وورد في استعمال كثير ممن يستأنس بكلامهم وإن لم يكونوا من أهل الاستشهاد.
…
فلكل ما سبق يجوز قبوله مع الاعتراف بأنه غير مستحسن، وأن الخير في تركه. ويقول الشهاب الخفاجي في حاشيته على:"درة الغواص" إن ابن عصفور قال: "هوجائز على قبحه". وجاء في حاشية ابن سعيد على الأشموني صريح رفضه: "الألف دينار" قائلا: بأنه مرفوض وأن أجازه قوم من الكتاب كما نقل ابن عصفور.
والذين يرفضونه يتأولون النصوص الواردة به بتكلف ظاهر لا داعي له.
"6 و 6" في حـ 3 ص 14م 93 تفصيل الكلام على: الإضافة المحضة وغير المحضة، وأن الكوفيين يجيزون في الإضافة المحضة إدخال" على المضاف إذا كان عددا بشرط دخولها على المضاف إليه "أي: على المعدود" أيضا مع إيضاح ذلك كله، والرأي فيه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإذا كان العدد مركبًا فالأحسن إدخالها على الجزء الأول منه؛ نحو: قرأت الأحدَ عشرَ كتابًا، وسمعت الخمسَ عشْرةَ أنشودة
…
وإذا كان مفردًا -أي: أنه من العقود- دخلت عليه مباشرة؛ نحو: في حديقتنا العشرون كرسيًّا، والثلاثون شجرة، والأربعون زهرة
…
وإذا كان معطوفًا فالأحسن دخولها على المتعاطفين1 لتعريفهما معًا؛ نحو: أنفقت الواحد والعشرين درهمًا، وكتبت الخمسة والعشرين سطرًا
…
وإذا كان المضاف إليه -وهو المعدود- معرفًا "بأل" فإن المضاف يكتسب منه التعريف في الإضافة المحضة كما سبق، سواء أكانا متصلين لا فاصل بينهما، نحو: هذه ثلاثة الأبواب، ومائة اليوم، وألف الكتاب2، أم فصل بينهما اسم واحد؛ نحو: هذه ثلاثُ قطع الأبواب، وخمسمائة الألف، أم اسمان، نحو: هذه ثلاث قطع خشب الأبواب، وخمسمائة ألفِ الدرهم، أم ثلاثة أسماء؛ نحو: هذه ثلاثة قطع خشب صَنَوْبَرِ الأبواب، وخمسمائة ألفِ درهمِ الرجل، أم أربعة، نحو: هذه ثلاثُ قطعِ خشب صَنَوْبرِ صناعة الأبوابِ، وخمسمائةِ ألفِ درهمِ صاحبِ البيوت
…
ويسري التعريف من المضاف إليه الأخير إلى ما قبله مباشرة، فالذي قبله
…
وهكذا حتى يصل إلى المضاف الأول3، فيكون معرفة كالمضاف إليه، وما بينهما. وهذا حكم كل إضافة محضة؛ طالت بسبب الفواصل المضافة أم قصرت، فإنك تُعرّف الاسم الأخير؛ فيسري تعريفه إلى ما قبله، فالذي قبله،
…
وهكذا حتى يصل إلى المضاف الأول. غير أن كثرة الإضافات المتوالية معيبة من الناحية البلاغية؛ فلا نلجأ إليها جهد استطاعتنا.
1 هما: المعطوف والمعطوف عليه.
2 انظر رقم5 من هامش الصفحة السابقة.
3 راجع الأشموني، آخر باب:"أداة التعريف". وكذا شرح: "المفصل" ج6 ص43 في الكلام على تعريف العدد. وعلى هذا يمتنع تعريف المضاف إليه في مثل: "المال عشرون ألف دينار"، لأنه لو عرف لانتقل التعريف منه إلى المضاف قبله، والمضاف هنا تمييز، لا يكون معرفة إلا عند الكوفيين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاسم النكرة المضاف إلى معرفة، المنادى النكرة المقصودة:
بقي من أنواع المعارف السبع نوعان، سبق الكلام عليهما1 بما ملخصه:
أ- أن النكرة التي تضاف لمعرفة -مثل: قلمي شبيه بقلمك- قد تكتسب منها التعريف، وتصير في درجتها. أي: أن المضاف قد يكتسب التعريف من المضاف إليه، ويرقى في التعريف إلى درجته. إلا إذا كانت النكرة مضافة إلى الضمير فإنها تكتسب منه التعريف، ولكنها ترقى في التعريف إلى درجة:"العَلَم" -في الرأي الصحيح- لا إلى درجة الضمير.
وإنما يكتسب المضاف من المضاف إليه التعريف على الوجه السالف إذا كان المضاف لفظًا غير متوغل في الإبهام؛ فإن كان متوغلًا فيه لم يكتسب التعريف -في أكثر حالات استعماله- بإضافة، أو غيرها2؛ كالأسماء: مثل: غير، حسب، مثل3....، و.....
ب- أن من أنواع المنادى نوعًا واحدًا يكتسب التعريف بالنداء، وهذا النوع الوحيد، هو: "النكرة المقصودة، مثل: يا شرطي، أو يا حارس
…
إذا كنت تنادي واحدًا منهما معينًا تقصده دون غيره. ذلك أن كلمة: "شرطيّ" وحدها، أو: كلمة، "حارس" وحدها نكرة، لا تدل في أصلها قبل النداء على فرد معين"، ولكنها تصير معرفة بعد النداء، بسبب القصد الذي يفيد التعيين، وتخصيص واحد بعينه، دون غيره.
ودرجة هذا المنادى في التعريف هي درجة اسم الإشارة؛ لأن تعريف كل منهما يتم بالقصد الذي يعينه المشار إليه في اسم الإشارة والتخاطب في المنادى النكرة المقصودة، كما سبق
1 ص 211.
2 وإنما يكتسبه بأمر خارج عن الإضافة، كوقوع كلمة "غير" بين متضادين معرفتين كالتي في قوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم}
…
إلخ - كماق قلنا في رقم2 من هامش ص211.
3 سبقت الإشارة لهذا في رقم2 من ص211 أما تفصيل الكلام عليه ففي ج3 م 93 باب: الإضافة س- ص 24.