الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة والعشرون: أقسام العلم
له عدة أقسام باعتبارات مختلفة:
أ- فينقسم باعتبار تشخص1 معناه وعدم تشخصه إلى علم شخص، وإلى علم جنس2.
ب- وينقسم باعتبار لفظه إلى علم مفرد، وعلم مركب3.
ج- وينقسم باعتبار أصالته فى العلمية وعدم أصالته إلى مُرْتَجَل، ومنقول4.
د- وينقسم باعتبار دلالته على معنى زائد على العَلمية أوعدم دلالته - إلى اسم، وكُنية، ولقب5.
تلك هي أشهر أقسامه6، ولكل منها أحواله الخاصة7 التي نفصلها فيما يلي:
التقسيم الأول:
يتضمن انقسام العلم باعتبار تشخص معناه وعدم تشخصه إلى علم شخص، وعلم جنس8....
1 أي: اعتبار أن مسماه شخص -أي: جسم- له وجود حقيقي، محسوس، وليس أمرا ذهنيًّا بحتًا "أي: أنه لا يكون حقيقة عقلية مجردة"، وهذا في الغالب "انظر رقم 2 من هامش ص 287 ثم البيان المفيد في هامش ص 288".
2 وهناك نوع آخر من العلم يسمى: "العلم بالغلبة" ومكان الكلام عليه ص 433 وهو في قوم "العلم الشخصي" من ناحية التعريف. أما في غيرها فبينهما نوع اختلاف أوضحناه هناك.
3 موضعهما ص 300.
4 موضعهما ص 302.
5 موضع الثلاثة ص 307.
6 وهناك قسم العلم المقرون بكلمة: "أل" لزوما أو غير لزوم، وأحكام كل: وستجيء في ص 429.
7 تجيء في ص 308 وما بعدها.
8 هذان قسمان للعلم الوضعي، ويقابله "العلم بالغلبة" والفرق بين الوضعي ومقابله موضح في رقم 5 من هامش ص 434.
علم الشخص:
"هو، اللفظ الذى يدل على تعيين مسماه تعيينًا مطلقًا" وقد شرحنا1 هذا شرحًا وافيًا، وأوضحنا المراد من "الإطلاق".
وله حكم معنوي وأحكام لفظية. فأما حكمه المعنوى: فالدلالة على فرد مشخص معين2 - فى الغالب - ويكون هذا الفرد من بين ما يأتى من الأنواع:
1-
أفراد الناس، مثل على: وسمير، وشريف، ونبيلة، وغيرهم من أفراد الأجناس التى لها عقل، وقدرة الفهم، كالملائكة، والجن، مثل: جبريل، وإبليس
…
2-
أفراد الحيوانات الأليفة التى يكون للواحد منها علَم خاص به، مثل:"بَرْق"، علم لحصان، و"بارع" علم لكلب، و"فصيح" علم على بلبل و"مكحول" علم على ديك
…
3-
أشياء أخرى لها صلة وثيقة بحياة الناس وأعمالهم: كأسماء البلاد، والقبائل، والمصانع، والبواخر، والطائرات، والنجوم، والعلوم، والكتب، وغيرها من كل ماله ارتباط قوىّ بمعايش الناس، وله اسم خاص به لا يطلق على غيره
…
مثل: مصر، دِمَشق، حَلَب "أسماء بلاد". ومثل: تميم، طَىّ، غَطَفان،
…
"أسماء قبائل عربية قديمة". ومثل: زامر، وأُلْبا، وفُرْد "أسماء مصانع مسماة بأسماء أصحابها". ومثل: محروسة - عناية - قاصد خير
…
"أسماء بواخر". وغير ذلك مما يشبهها من كل مدرسة، أومعبد، أوملجأ، أوطائرة، أومؤسسة
…
بشرط أن يكون لكل منها اسم خاص يُعرف به، ولا يشاركه فيه سواه. وهذه الأشياء المعينة المحددة التى تدل عليها الأعلام تسمى:"المدلالوت"، أو:"الحكم المعنوى" لعلم الشخص3.
1 في ص 286 وما بعدها، ولا سيما هامش ص 288.
2 والصحيح أن العلم لا يفقد علميته عند تصغيره.
3 وإلى بعض ما سبق يشير ابن مالك إلى أنواع علم الشخص بقوله في أول باب: العلم.
اسم يعين المسمى مطلقًا
…
علمه، كجعفر، وخرنقا
وقرن، وعدن، ولاحق
…
وشذقم وهيلة، وواشق
فجعفر: علم رجل. وخرنق: علم امرأة وقرن: علم قبيلة، وعدن: علم بلد [ولا حق] : علم فرس. وشذقم: علم جمل، وهيلة: علم شاة، وواشق: علم كلب. وسيجيء كلامه. على علم الجنس هامش في ص 298 - وقد شرحناه، بإضافة هامش ص 289 ثم في ص 296.
وأما أحكامه اللفظية فكلها أثر من آثار أنه معرفة؛ فلذا لا يضاف، ولا يعرّف بأل، لعدم حاجته لشىء منهما. ويصح أن يقع مبتدأ؛ مثل:
1 قد يكون من الدواعي البلاغية، "كالمدح والذم
…
، كما أشرنا في رقم 3 من هامش ص 130ما يقتضي تنكير العلم، إما تنكيرا صريحا، نحو: رأيت محمدا من المحمدين، "وما من زيد كزيد بن ثابت"، وإما تنكيرا ملحوظا، أي:"مقدرا" كقول أبي سفيان: لا قريش بعد اليوم. وقول بعض العرب: "لا بصرة لكم":"فوقوعه فيهما اسم "لا"، دليل على تنكيره، لأن اسمها المفرد نكرة". وإذا نكر العلم جاز إصافته بشرط أن تكون الإضافة لغير أبيه، منعا للإلباس، الذي يحدث في مثل: أقبل على محمود. إذ لا ندري: أمحمد هذا هو أبوه، وأن الأصل على بن محمود.... أم أنه شخص آخر؟ ولهذا منعوا حذف المضاف إذا كان كلمة "ابن".... طبقا لما سيجيء في باب الإضافة "جـ3 م 96 ص 156".
كما جاز أن تدخله "أل" التي للتعريف أو غيرها مما يعرفه، وأن يثني، وأن يجمع، من غير أن تلحقه بعد التثنية والجمع "أل" التي تعرفه، فيبقى على تنكيره. أما العلم الباقي على علميته فإنه عند تثنيته وجمعه يفقد التعريف، لمشاركة غيره له في اسمه، وصيرورته بلفظ لم يقع به التسمية في الأصل، فإذا أردنا إرجاع التعريف له بعد التثنية والجمع وجب أن نزيد عليه ما يفيده التعريف، مثل:"أل"، فكلمة مثل، محمد، هي علم، فهي معرفة، فإذا ثني أو جمع قيل: محمدان، محمدون، وكلاهما نكرة، طبقا لشروط التثنية والجمع فإذا أردنا تعيينه وتعريفه زيدت عليه "أل" - مثلا - كي تجعله معرفة. "وقد أوضحنا هذا في رقم 3 من ص 129".
هذا، والأصل في العلم الخاص أنه لا يجوز إضافته، لأن الإضافة لا تفيده شيئا من التعريف أو: التخصيص والإيضاح....، لأنه معرفة بنفسه، فليس في حاجة جديدة إليها ولا يجوز أن تدخله "أل" المعرفة، ونحوها، لأنه في غنى عنها. لكن إذا وجد داع بلاغي - كما قلنا- فإنه يجري مجرى النكرات، سائر الأسماء المبهمة الشائعة، فتدخله "أل" المعرفة، ويضاف- ولو كان العلم في الحالتين علما بالغلبة، كما سيجيء في ص 436- فتفيده الإضافة مزاياها في التعريف، والتخصيص، والإيضاح.
كقول النابغة الجعدي يهجو الأخطل:
ألا أبلغ بني خلف رسولا
…
أحقا أن أخطلكم هجاني؟
وقد يكون الغرض البلاغي أمرا آخر "غير ما أشرنا إليه من المدح والذم" هو: تقليل الاشتراك وزيادة التعيين والتحديد والإيضاح، ومنه قول الشاعر:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم
…
بأبيض ماضي الشفرتين يماني
وسيجيء كلام على هذا البيت لمناسبة أخرى، في جـ3 بالإضافة ص 44 م 93.
وقول لآخر:
يا عد أم العمرو من أسيرها
…
حراس أبواب على قصورها
وأنشد ابن الأعرابي:
يا ليت أم العمرو كانت صاحبي
…
مكان من أنشا على الركائب
=
محمود نابه، ويقع صاحب حال متأخرة عنه ومتقدمة؛ مثل: جاء حامدٌ مبتسمًا؛
= وقول الأخطل:
وقد كان منهم حاجب وابن أمه
…
أبو جندل والزيد زيد المعارك
وقول لآخر:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا
…
ليلاي منكن أم ليلى من البشر
وقد أشرنا لما تقدم في رقم 1 من هامش ص 436 لمناسبة هناك.
وفيما سبق يقول شارح المفصل جـ 1 ص 44، 45، ما ملخصه.
"العلم الخاص لا يجوز إضافته، ولا إدخال لام التعريف عليه، لاستغنائه بتعريف العلمية عن تعريف آخر. إلا أنه ربما شورك في اسمه، أو وقع الاعتقاد بذلك، فيخرج عن أن يكون معرفة، ويصير من طائفة كل واحد منها له اسمه، ويجري مجرى الأسماء الشائعة التي تحتاج إلى إيضاح وتعيين. نحو رجل، وفرس، فحينئذ يمكن إضافته، وإدخال الألف واللام عليه، كما يقع ذلك في الأسماء الشائعة. فالإضافة نحو: زيدكم وعمركم. وعلا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم.... ونحو يا ليت أم العمرو كانت صاحبي.... ونحو: يزيد سليم، وعمر الخير، ومضر الحمراء، وأنمار الشاة، وربيعة الفرس....
وهذه الأعلام متى أضيفت- لمعرفة فقدت التعريف بالعلمية، واكتسبت تعريفا آخر يفيدها الإيضاح، هو التعريف بالإضافة، وصارت مثل "أخيك" و "غلامك" في تعريفهما بالإضافة.... هذا إن أضيف العلم لمعرفة، أما إذا أضيف إلى نكرة فهو نكرة، نحو: مررت بمحمد رجل، وعلى امرأة. إلا أنه يحدث في المضاف عندئذ نوع تخصيص، لأنك جعلته، "محمد رجل"، ولم تجعله "محمدا" شائعا في المحمدين، كما أنك إذا قلت، "غلام رجل" استفيد من أنه ليس لامرأة
…
" أهـ- "راجع أيضا رقم 3 من هامش ص 317 الآتية، والخضري جـ1 عند الكلام على شروط المثنى".
مما سبق يتبين أن الاستعمال الشائع الآن غير صحيح، حيث يضاف العلم إلى اسم الوالد، أو الوالدة، نحو: محمد على، ومحمود حامد، وزينب صالح، وفاطمة - أمينة
…
ز" هي أعلام لأبناء مضافة إلى أعلام الوالد أو الوالدة. ومن المحتم أن تتوسط بينهما كلمة.. "ابن وابنة" ولا يصح حذفها مطلقا، ولو كان الحذف قائما على اعتبارها مضافا محذوفا أقيم المضاف إليه مقامه، لأن هذا الحذف يوقع في اللبس، إذ لا دليل معه يدل على أن المضاف من أولاد المضاف إليه، ولهذا نصوا- في باب الإضافة، كما سبق على منع حذف المضاف إذا كان لفظة "ابن" ومثلها: ابنة "راجع جـ3 م 96 ص 155".
لكن ما المراد بالإيضاح في جانب المعارف، وبالتخصيص في جانب النكرات؟ . أشار لهذا صاحب "المفصل" فيما سبق وفيما يجيء.
فالمراد بالإيضاح هو: رفع الاحتمال، وإزالة الاشتراك في المضاف إلى المعرفة. والمراد بالتخصيص: تقليل الاحتمال والاشتراك في المضاف إلى النكرة. بيان ذلك: أننا حين نقول: سافر محمود - مثلا - "فمحمود" علم قد يشترك فيه عدة أشخاص، فلا ندري من منهم الذي سافر. فإذا قلنا: سافر "محمود الحديقة" أو: "محمود البيت، أو محمود نا" فقد زال الاحتمال، وارتفع الاشتراك بسبب إضافته =
أو جاء مبتسما حامد -لأن الغالب فى المبتدأ وصاحب الحال أن يكونا معرفتين- ويمنع من الصرف إن وجد مع العلمية سبب آخر للمنع، كالتأنيث في مثل: أصغيت إلى فاطمةَ. ويكون نعته معرفة مثله، ولا يصح أن يكون نكرة.
علم الجنس:
تعريفه:
اسم موضوع للصورة الخيالية التى فى داخل العقل، والتى تدل على فرْد شائع من أفراد الحقيقة الذهنية1.
حكمه المعنوى: أكثر ما يتجه إليه معناه هو: الدلالة على واحد غير معين؛ فشأنه فى هذه الدلالة كشأن النكرة. ولكن هذا الواحد الشائع يكون من بين الأشياء الآتية المسموعة2 عن العرب:
1-
حيوانات غير أليفة؛ كالوحوش، والحشرات السامة؛ وجوارح الطيور،
= لمعرفة، كما لو أتينا بعده بنعت - مثلا - فقلنا: سافر محمود العالم.
وإذا كانت إضافته إلى نكرة فإن الاحتمال لا ينقطع، والاشتراك لا يزول، وإنما يخف أمرهما ويقل كما سبق في: محمد رجل
…
وقد يحصل الاحتمال ويبقى الاشتراك بعد إضافة العلم إلى المعرفة، ولكن هذا قليل لا يلتفت إليه "راجع التصريح وهامشه في أول باب: النعت".
ثم قال صاحب شرح المفصل في المكان السابق:
"أما إدخال "أل" على العلم فقليل جدا في الاستعمال، وإن كان القياس لا يأباه كال الإباء، لأنك إذا قدرت فيه التنكير، وأنه ليس له مزية على غيره من المسمين به جري مجرى: "فرس" و "جل" ولا تستنكر أن تدخل عليه "أل" وقد جاء في الشعر وما أقله
…
أهـ.
وقد ينكر العلم الممنوع من الصرف، مثل: جاء أحمد -، ورأيت أحمدا- ومررت بأحمد إذا كان هذا الاسم مشتركا بين عدة أفراد كل منهم يسمى: بأحمد، ولا تقصد فردا معينا، وقد سبق بيان هذا في تنوين:"التمكين""في رقم 3 من هامش ص 33 و 3 من هامش ص 37" ويرى بعض النحاة أن العلم إذا أضيف لا يفقد علميته، بل تبقى وإنما يكتسب من الإضافة زيادة إيضاح على إيضاحه السابق، تفيده تعيينا، وتمنع أثر الاشتراك عنه، كالذي في قول العرب: هذا جميل بثنية، وقيس ليلى.
والخلاف لفظي شكل، لا أثر له. وإن كان الرأي الأول هو الذي يساير القواعد النحوية العامة.
1 سبق شرح هذا بالإضافة في ص 289 وما بعدها.
2 انظر رقم ص 299 حيث الكلام على قياسيته.
ومنها: "أبوالحارث وأسَامة" وهما: للأسد، "وأبوجَعْدة وذُؤَالة" وهما: للذئب. "وشَبْوَة وأمّ عِرْيَط"، وهما: للعقرب "وثُعَالة، وأبوالحُصَيْن"، وهما: للثعلب.
2-
بعض حيوانات أليفة1؛ ومنها: هَيَّان بن بَيَّان؛ للإنسان المجهول نسبه وذاته. ومثله: طامر بن طامر، وأبوالمَضَاء، للفرس. وأبوأيوب، للجمل وأبوصابر، للحمار، وبنت طَبَق، للسحلفاة2. وأبوالدَّغفاء، للأحمق، من غير تعيين شخص بذاته في شيء مما سبق. فلو أريد به فرد واحد معين لكان علم شخص.
3-
أمور معنوية3 "أى؛ ليست محسوسة؛ فهى تخالف النوعين السابقين" مثل: أم صبور، علم للأمر الصعب الشديد. ومثل: سُبحان، علم للتسيج، وأم قَشْعَم، علم للموت، وكَيْسان، علم للغدر، ويَسَارِ "على وزن: فَعَالِ، وهووزن للمؤنث هنا" علم للمَيْسرة، أى: اليُسر. وفَجَارِ؛ علم للفَجْرة. "أى: الفجور، وهوالميل عن الحق" وبَرَّة؛ علم للمَبرة. "أى: البرّ".
4 جمع ألفاظ التوكيد المعنوي "الملحقة" بألفاظه الأصيلة، لأن كل لفظ من هذه الملحقات هو علم جنس يدل على الإحاطة والشمول، ولهذا لا يجوز نصبه على الحال في الرأي الصحيح- ومن تلك الألفاظ الملحقة:"أجمع - جمعاء- أجمعون- جمع"، وكذلك "أكتع- أبتع- أبصع" وسيجيء البيان بتفصيل هذا في باب التوكيد جـ3 م 116 - ص 502.
أحكامه اللفظة هي الأحكام اللفظية الخاصة بقسيمه: "علم الشخص"، فهما متشابهان فيها4،
1 مجيء علم الجنس من هذا النوع قليل بالنسبة للنوعين الآخرين، لأن الأشياء المألوفة توضع الأعلام للفرد منها، لا للجنس.
2 وقد تستعمل للحية.
2 انظر ص 299 ففيها تكملة مهمة.
4 ولكن يجب ملاحظة ما يمتاز به "علم الشخص" من صحة جمعه جمع مذكر سالم باطراد إذا استوفى شروط هذا الجمع "وقد سبقت في ص 140" أما علم الجنس فلا يجمع منه هذا الجمع إلا ألفاظ معدودة، هي: أجمع- أكتع - أبصع - أبتع -
…
"طبقا لما أشرنا إليه في رقم 2 من هامش ص 140 ورقم 4 من هامش ص 142 أما الإيضاح والتفصيل في المكان الخاص، وهو باب: التوكيد، حـ 3 م 116 ص 500".
فلا يجوز1 في علم الجنس أن يضاف، ولا أن تدخل عليه "ألْ"1 المعرّفة؛ فلا تقول: أسامةُ الحديقة في قفص، ولا الأسامة في قفص. وهو يقع مبتدأ؛ مثل أسامة مفترس؛ ويكون صاحب حال متأخرة عنه2؛ مثل: زأر أسامة غاضبًا. ويمنع من الصرف إن وجدت علة أخرى مع العلمية، كالتأنيث فى مثل: أسامةُ ملك الوحوش؛ فتمتنع كلمة: "أسامة" من الصرف للعلمية والتأنيث3 ويجب أن يكون نعته معرفة مثل: أسامة القوىّ ملك الوحوش. ولا يصح أن يكون نكرة4، في الرأي الصحيح.
وفيما سبق من الأحكام المعنوية واللفظية بيان وتفسير لقول النحاة: حُكْم علَم الجنس أنه نكرة معنى، معرفة لفظًا".
"1و 1" الأشياء التالية كلها لا تجوز، بشرط بقائه على علميته، فإن نكر جاز إضافته، واقترانه بأل، ووصفه بالنكرة، وعدم منعه من الصرف.... و..... وهي أمور تجري في "علم الشخص"، طبقا لما بيناه عند الكلام عليه- انظر رقم 1 من هامش ص 294 حيث البيان -.
2 لأن مجيئها متأخرة عنه دليل على أنه معرفة، إذ الحال المتأخرة لا يكون صاحبها نكرة في الغلب - إلا في مواضع معينة تخالف هذه. أما إذا تقدمت الحال فإن صاحبها قد يكون معرفة، مثل: أقبل ضاحكا الضيف، وقد يكون نكرة، مثل: أقبل ضاحكا ضيف.
3 ومثلها: "ثعالة" للثعلب، و "برة" للمبرة. و "سبحان"، وكيسان"، للعلمية وزيادة الألف والنون. وكلمة: "أوبر" في "بنات أوبر" نوع من الكمأة. - للعلمية ووزن الفعل.... وهكذا.
4 وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله في آخر باب: العلم.
ووضعوا لبعض الأجناس علم
…
كعلم الأشخاص لفظا وهو عم
من ذاك: "أم عريط" للعقرب
…
وهكذا: "ثعالة" للثعلب
ومثله: "برة" للمبرة
…
كذا، "فجار" علم للفجرة
أي: أن العرب وضعوا علم جنس لبعض الأجناس - انظر رقم 2 من الصفحة الآتية - في الأحكام اللفظية أما في الحكم المعنوي فكلاهما يدل على فرد واحد، غير أن علم الشخص يدل في الأغلب على فرد واحد متعين، وعلم الجنس يدل على فرد واحد غير متعين. وهذا هو المراد من قول ابن مالك أنه: عم. بصيغة الفعل الماضي، يريد، أن مدلوله عم الأفراد: بحيث يصدق مدلوله على كل فرد، دون فرد بذاته، فهو عام شائع من جهة مدلوله.
و"فجار" علم للمؤنث"، ولذا قال علم: للفجرة، أي: الفجور، فالتاء فيها ليست للمرة، وتأنيث الوحدة، وإنما هي التاء الدالة على حقيقة الشيء، أي: ذاته الأساسية الشائعة في ضمن أفراده.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
1-
استعمل العرب علم الجنس في أمور معنوية -كما سبق1- غير أن بعض تلك الأمور قد استعملوه حينًا علم جنس؛ فتجري عليه الأحكام اللفظية الخاصة بعلم الجنس؛ فهو معرفة من هذه الجهة، وحينًا استعملوه كالنكرة تمامًا؛ فلا يلاحظ فيه تعيين مطلقًا. والطريق إلى معرفة هذا النوع هو السماع المحض عن العرب. ومن أمثلته: فَيْنَة "بمعنى؛ وقت" و"بُكْرة" و"غُدْوة" وهما بمعنى أول النهار، و"عشية" بمعنى آخر النهار. فهذه الكلمات تستعمل بغير تنوين؛ فتكون معرفة؛ مثل: قضينا فَينةَ في الحديقة أي: الفينة المعينة من يوم معين. وتقول؛ فلان يتعهدنا بُكرةَ: أي: البكرةَ المحددة الوقت واليوم. وكذا. "غدْوةَ وعشيةَ" بغير تنوين؛ تريد بكل منهما وقتها ويومها المحددين. فأنت تقصد الأوقات المعينة التي تبينها هذه الأسماء السابقة2.
أما إذا قلتها بالتنوين فلست تريد واحدة، معينة، محددة في يوم محدد -وإنما تريد "فَيْنةً"، من يوم أي يوم، و"بُكرة" أيّ بكرة أيضًا، وهكذا الباقي
…
وفي الأثر المَرْوي: ""للمؤمن ذنب يعتاده الفَيْنةَ بعد الفينة" فدخول "أل" دليل على أن الكلمة قبلها كانت نكرة. ويترتب على هذا الاختلاف في المراد الاختلاف في الأحكام اللفظية التي عرفناها، والتي تطبق على الكلمات باعتبارها علم جنس، ولا تطبق عليها باعتبارها نكرات، ولا يعرف هذا في النوعين الآخرين من علم الجنس؛ فهما معرفتان، وحهكما من جهة اللفظ حكم علم الجنس....
2-
جاء في بعض المراجع - كالصبان- ما يفهم منه أن "علم الجنس" سماعي. لكن الذي قد يفهم من بعض المراجع الأخرى -كالهمع، ج1 ص73- أنه قياسي في غير الأنواع المعنوية الموضحة هنا. وهذا الرأي وحده هو الأنسب، لأن المدلولات التي تحتاج إلى علم جنسي كثيرة في كل زمن بسبب ما يجد فيه من أنواع ومخترعات وأجناس.....
1 في رقم 3 من ص 297.
2 ولهذه الأسماء مزيد إيضاح في جـ2 هامش ص 221 م 79.
التقسيم الثاني:
وهو يتضمن انقسام العلم باعتبار لفظه إلى علم مفرد، وعلم مركب. فالمفرد: ما تَكَوّن من كلمة واحدة1، مثل: صالح، مأمون، حليمة، "أعلام أشخاص". والمركب: ما تكون من كلمتين أو أكثر. وهو ثلاثة أقسام:
أولها: المركب الإضافي: ويتركب من مضاف ومضاف إليه؛ مثل: عبدُ العزيز، وسعد الله، وعزّ الأهل
…
وثانيها: المركب الإسنادي2: ويتركب إما من جملة فعلية؛ -أي: من فعل مع فاعله أو مع نائب فاعله- مثل: "فَتَحَ اللهُ" و"جادَ الحقُّ" و"سُرُّ من رَأي" وإما من جملة اسمية؛ أي: من مبتدأ مع خبره مثل: "الخيرُ نازلٌ" و"السيدُ فاهمٌ" و"رأسٌ مملوء" وكلها أسماء أشخاص معاصرين، إلا "سُرَّ من رأي" فإنها اسم مدينة عراقية قديمة.
وقد ألحق بالمركب الإسنادي بعض ألفاظ لا ينطبق عليها تعريفه -لأنها ليست جملة- ولكنها تخضع لحكمه، وسيجيء البيان3.
وثالثها: المركب المزجيّ: وهو ما تركب من كلمتين امتزجتا "أي: اختلطَتَا؛ بأن اتصلت الثانية بنهاية الأولى..... 4." حتى صارتا كالكلمة الواحدة5؛ من
1 ملاحظة: سيجيء في رقم 1 من هامش ص308 أن الكنية -مع تركيبها الإضافي- تعد من قسم العلم الذي معناه إفرادي بالإيضاح الذي هناك.
2 المركب الإسنادي هو: ما انضمت فيه كلمة إلى أخرى على وجه يفيد حصول شيء، أو عدم حصوله، أو طلب حصوله - كما أوضحنا ذلك في ص 28- فالإسناد هو نسبة الحصول أو عدمه، أو طلبه. أي: التحدث عن ذلك الشيء بما ينسب إليه، سلبا، وإيجابا، أو طلبا، ولا يتأتى هذا إلا بجملة فعلية، أو اسمية، أو ما في حكم كل منهما. وللأقدمين ومن جاء بعدهم أعلام كثيرة مركبة تركيبا إسناديا. ونحن في عصرنا الحاضر نحاكيهم في ذلك، بل نفوقهم في الإكثار، حتى لقد نعرف اليوم كتبا مختلفة، من أسمائها:"يسألونك" و "اسألوني". و "المعركة قادمة". و "جاء النصر" و "نحن هنا" ومن الأعلام": "حيدر أباد" و "الله أباد" بلدان في الهند، ومثل: "شمر" لرجل ولفرس....، ورام الله، لبلد في لبنان.
3 في ص 310 ورقم 2 من هامشها.
4 وقد تفصل بينهما الواو المهملة - وهي الزائدة سماعا لمجرد الفصل بين الكلمتين، ولا تفيد عطفا، ولا غيره - في مثل كيت وكيت، وذيت وذيت.... طبقا لما سيجيء في جـ 4 ص 540 م 168 "باب: كم وكأين، وكذا".
5 لا يكون المركب المزجي إلا من كلمتين فقط، كما يفهم من التعريف، ولا يصح مزج أكثر منهما، لأن العرب لم تركب ثلاث كلمات. وقد صرح بهذا الأشموني "جـ 1 في أول باب المعرب والمبني =
جهة أن الإعراب أو البناء يكون على آخر الثانية وحدها -غالبًا- أمَّا آخر الأولى فيبقى على حاله قبل التركيب1. ومن أمثلته: بُرْسعيد "اسم مدينة مصرية" رَامَهُرْمُز،
= عند الكلام على إعراب المضارع، وقال الصبان هناك: لا اعتراض على الحكم السالف بما ورد من نحو: لا مادة بارد، ببناء الوصف وهو كلمة "بارد" على الفتح.... فإن هذا الاعتراض مدفوع بأن "لا" إنما دخلت بعد تركيب الموصوف والوصف، وجعلهما كالشيء الواحد. ولا يقاس على باب "لا""غيره" أ. هـ - "انظر""ب" من 701 ص - ومتى امتزجتا صار العلم بهما كلمة واحدة ذات شطرين، كل شطر منهما في العلم بمنزلة الحرف الهجائي الواحد من الكلمة الواحدة "كما نص على هذا شارح المفصل جـ4 ص 116" والأصل في العلم قبل التركيب أن يكون لكل واحدة منهما معنى معين يخالف معنى الأخرى، أما بعد التركيب المزجي فالأمر يختلف فإن كان هذا التركيب علما من النوع الذي تتركز فيه علامات الإعراب أو البناء على آخر الثانية فقط "وسيجيء في ص 311 وما بعدها، كسيبويه، وبعلبك، وغيرهما من الأمثلة المعروضة هنا، ونظائرها" زال المعنى الأصلي لكل منهما نهائيا، ولا يصح ملاحظته، لأنه ينشأ من المزج معنى جديد مستحدث، لا صلة له بالمعنى السابق لهما لإحداهما.
أما إن كان هذا المركب المزجي من النوع الآخر الذي سيجيء "في ص 313" وهو الذي يبني على فتح الجزأين، "كالمركبات العددية، مثل: ثلاثة عشر، وأربعة عشر
…
أو: المركبات الظرفية، نحو: صباح مساء.... أو الحالية، نحو: فلان جاري بيت بيت أي.... ملاصقا.... أو: باقي المركبات الأخرى التي تبني على فتح الجزأين معا، "ومنها ما يفصل بينهما الواو سماعا، طبقا لما تقدم في رقم 4، وللأحكام المدونة في أبوابها...." فإن المعنى بعد التركيب يرتبط ارتباطا وثيقا بالمعنى الذي كان لكل كلكة قبل مزجها بأختها، فيتكون المعنى الجديد من معناهما السابق، مع بعض زيادة تنضم إليه دون إلغاء للسابق، أ، إهمال لملاحظته في تكوين المعنى المستحدث، فأساس المعنى الجديد هو معناهما القديم مع ضم زيادة إليه. وهذا النوع يلاحظ فيه قبل المزج أنه على تقدير:"واو العطف" بين الكلمتين وأنهما في حكم المتعاطفين، فمعناهما بملاحظتهما قبل التركيب هو معناهما الجديد بعد المزج، بغير ملاحظتهما "راجع شرح المفصل جـ 1 ص 65 وجـ 4 ص 124".
1 ولا يكاد يختلف هذا التعريف عن التعريف النهائي الذي ارتضاه المجمع اللغوي القاهري ونصه: "كما جاء في ص 52 من كتابه المجمعي المسمى: "كتاب في أصول اللغة، الصادر في سنة 1969"، هو: "المركب المزجي ضم كلمتين إحداهما إلى الأخرى، وجعلهما اسما واحدا، إعرابا وبناء، سواء أكانت الكلمتان عربيتين أم معربتين- ويكون ذلك في أعلام الأشخاص، وفي أعلام الأجناس، والظروف، والأحوال، والأصوات، والمركبات العددية" ا. هـ. ومن المركب المزجي في الأصوات قولهم:"قاش ماش" بالكسر فيهما لصوت طي القماش - كما سيجيء في جـ 4 باب: "أسماء الأصوات" م 142 ص 156 ص وسيجيء الكلام على حكمه في ص 311 و 313، وكذلك في جـ 4 باب الممنوع من الصرف ص 217 م 147.
ويلاحظ أن الإعراب أو البناء يكون على آخر الثانية في غير المركبات المزجية العددية وما شابهها مما يكون حكمه البناء على فتح الجزأين معا، طبقا لما ذكر في هذا الهامش، وفي سابقه، وللبيان الآتي في ص 313.
وَطبَرِسْتان، وجَرْدِسْتان؛ من أسماء البلاد الفارسية1 ومثل: نُيُويُرْك، وقاليقلا2، وجَرْدِنْستى3 وبَعْلَبَكّ4 وسِيَبَويه5، وبرْزَوَيْهِ6 ونِفْطَوْيه7، وخالَوَيْهِ8، ومثل9:"السّلاحْدار، والخازِنْدار، والبُندُقْدار".
فالعلم إما مفرَد، وإما مركب تركيب إضافة، أوتركيب إسناد، أومزج10.
التقسيم الثالث:
هو يتضمن انقسام العلم باعتبار أصالته في العلمية وعدم أصالته، إلى مرَتَجَل، ومنقول. فالمرتجل: ما وضع من أول أمره علمًا، ولم يستعمل قبل ذلك فى غير العلمية. ومثاله: الأعلام التي اخترعها العرب أول مرة لمسميات
1 فالأولى مكونة من "رام، وهرمز"، وهما معًا اسم مدينة فارسية، واسم رجل أيضًا، والثانية مكونة من "طبر، وستان" ومعنى ستان: مكان، والثالثة من "جرد، وستان".
2 اسم بلد الشام.
3 اسم حي مشهور من أحياء وسط القاهرة، على النيل.
4 بلد بلبنان الآن. وأصله: "بعل""اسم صنم و "بك" "اسم رجل يعبده"، ثم صار اسما واحدا للبلد.
5 كلمة فارسية مركبة من "سيب" بمعنى: تفاح، و "ويه" بمعنى: رائحة. فالمراد. رائحة التفاح" وقد تقدم المضاف إليه على المضاف، كما هو الشأن في اللغة الفارسية، وبعض اللغات الأعجمية، وصار مركبا مزجيا، علما على الإمام النحوي الأكبر المتوفي حول سنة 180 هـ.
6 لقب أحمد بن يعقوب الأصفهاني من أئمة الحديث الشريف.
7 اسم عالم لغوي كبير، وأصل "النفط" ما تسميه العامة:"زيت البترول".
8 اسم عالم لغوي كبير، وأديب نحوي، في القرن الرابع الهجري.
9 الأسماء الأتية هي من الأعلام المشهورة في عرصنا. وترجع في أصلها إلى دولة "المماليك" التي حكمت مصر سنوات طوالا. وكانت تطلق على مكان السلاح، أو المشرف على شئونه اسم:"السلاحدار" وعلى المشرف على شئون الخزن: "الخازندار" وعلى شئون البندق: "البندقدار" بتقديم المضاف إليه على المضاف في تلك الألفاظ كالشان في اللغة الفارسية وبعض اللغات الآخرى - كما تقدم إذ الأصل. دار السلاح ودار الخازن، ودار البندق
…
وعند تقديم المضاف إليه على المضاف يصير التركيب مزجيا بعد أن كان إضافيا.
ويحسن في التركيب المزجي وصل الكلمتين خطا إن كان الحرف الأخير من الصدر مما يوصل بغيره، فيكون هذا الاتصال الخطي دليلا على المزج.
10 وليس من أنواع المركب هنا: العلم المركب الوصفي، وهو الذي يتألف من موصوف وصفة، مثل: الطالب المؤدب
…
فكلاهما يعد من قبيل المفرد في أحكامه- كما سيجيء بيانه في رقم 2 من
عندهم؛ ومنها: أُدَد "علم رجل" وسعاد1 "علم امرأة" وَفقْعسَ علم للأب الأول لقبيلة عربية معروفة. ومثل: الأعلام التي يخترعها الناس لمسميات خاصة عندهم، من غير أن يكون لها عند العرب الخُلَّص وجود سابق، مثل:"جَيْن"، علم على بلد. و"رَسَح" علم على جبل. "وبَحْن" علم على شجرة مُعينة. وغير ذلك من الأعلام التي يبتكرونها فى عصر من العصور، على حسب رغبتهم وأذواقهم2.
ويريدون بالمنقول2 -وهو الأكثر- أحد شيئين:
أولهما: العلم الذي لم يستعمل لفظه أول الأمر علمًا مطلقًا؛ وإنما استعمل أوّلا في شيء غير العلمية، ثم نُقِل بعده إلى العلمية3؛ مثل: حامد، محمود فاضل، أمين
…
؛ فقد كانت قبل العلمية تؤدي معنى آخر، ثم انتقلت منه إلى العلمية.
وثانيهما: العلم الذي استعمل أول أمره علمًا لفرد في نوع، ثم صار علمًا لفرد في نوع آخر يخالف الأول؛ مثل:"سعاد" علم امرأة؛ ثم صار علم قرية، لا علم امرأة.
1-
والنقل قد يكون من اسم منفرد اللفظ3؛ فيشمل: ما هو منقول من معنى
1 إذا كان العلم مرتجلا، "كسعاد" مثلا - ثم سميت به امرأة ثانية وثالثة
…
و.... لم يخرج، بسبب تكرار التسمية - عن أنه مرتجل ما دام النوع لم يختلف. أما إذا اختلف النوع فإن الاسم الثاني والثالث و..... و.... و...... لا يكون مرتجلا، بل يكون منقولا: كتسمية إنسان بأسامة، فإن "أسامة" مرتجل بالنسبة للأسد، ومنقول بالنسبة للإنسان.
"2 و3" ومما يلاحظ أن وضع الأعلام الشخصية المرتجلة ليس مقصورا على العرب الخلص- وكذا المنقولة- وإنما هو حق لهم ولغيرهم، في كل زمان ومكان. أما الأعلام الجنسية - فقد سبق حكمها في رقم 2 من ص 299.
وإذا صارت الكلمة علما مرتجلا أو منقولا، خضعت للضوابط والأحكام العامة التي تجري عليه في الإعراب أو البناء- ولا سيما ما تقضي به الملاحظة" التي في ص 79 - وفي التذكير والتأنيث، وفي منع الصرف وعدمه، وفي الإفراد والتثنية وجمع التصحيح، وباقي الأحكام المختلفة، ويجري عليها في جموع التكسير ما يجري على نظائرها. فإن لم يكن لها نظائر فعلي ما يقاربها، طبقا لما تقضي به الضوابط العامة. وفي كتاب لهمع "جـ2 ص 183 باب التكسير" طريقة جمع الأعلام المرتجلة والمنقولة....
"3 و 3" إذا كان العلم منقولا من لفظ مبني مفرد - أي: منفرد -، ليس من أنواع المركب الثلاثة" وجب تغيير حكمه، فيصير معربا منونا، طبقا "للملاحظة" المفيدة التي تقدمت في ص 79 ثم انظر رقم 1 من هامش ص 309" - ولها إشارة في "ب" من ص 306.
من المعاني العقلية الخالصة التي يُسَمُّون كُلاًّ منها: "الحدث المجرد" مثل: فضْل، وسُعُود، ومجْد، وهيْبة؛ أعلام أشخاص - وما هومنقول من اسم عيْن، أى: من ذات مجسَّمة محسوسة؛ مثل: غزال، وقمحة، وزيتون وفيل
…
أعلام أشخاص
…
وما هومنقول من اسم مشتق؛ مثل: صالح، ونبيل، ومحمد، ومفتاح.
2-
وقد يكون النقل من الفعل وحده1؛ من غير أن يكون معه فاعل ظاهر، أوضمير مستتر، أوبارز، ومن غير أن يلاحَظ الفاعل أويُقَدَّر بوجه من الوجوه؛ فيشمل المنقول من فعل ماض مثل: شمَّرَ، وجادَ وصفا، "أسماء أشخاص". أو: من فعل مضارع؛ مثل: يزيد2، وتميس3، وتَعِز4
1 النقل إذا كان من فعل مع فاعله الظاهر، أو فاعله الضمير المستتر -أو البارز- فإنه يعد نقلا من جملة فعلية، فتعرب إعراب المركب الإسنادي، حيث تخضع للحكاية التي سيجيء بيانها في هذا الباب "ص310 ورقم 1 من هامشها".
أما النقل من الفعل وحده فليس نقلا من جملة. ويعرب الفعل في هذه الحالة إعراب الممنوع من الصرف، للعلمية مع وزن الفعل مثلا، كما هو الحال هنا، أو: للعلمية مع سبب آخر إن وجد. ومن أمثلة الفعل الماضي وحده: "شمر" علم على شخص، وعلم على فرس أيضا -كما سلف- ومن أمثلة المضارع وحده "يشكر" علم نوح عليه السلام، وعلم قبيلة، وجبل صغير بالقاهرة عند القلعة، ومن أمثلة الأمر:"أسكت" بضم الهمزة - علم على صحراء عربية. وهذه الهمزة للقطع، مع أنها في الأصل للوصل، لأن همزة الوصل كما سيجيء البيان في رقم 2 من هامش ص 306 وفي هامش ص 421 - إن وجدت في لفظ ليس علما ثم صار علما فإنها تصير همزة قطع".
فإن احتمل النقل أن يكون من جملة فعلية ومن فعل وحده مثل: "أسكت" كان حمله على الفعل وحده أولى، لأن النقل من الجملة مخالف للأصل، فلا يلجأ إليه إلا بدليل وقرينة، كما في كلمة "يزيد" في قولى الشاعر:
نبئت أخوالي بني يزيد
…
ظلما علينا لهم فديد
فإن رفع كلمة: "يزيد" دليل على أن النقل من جملة فعلية، فعلها:"يزيد" وفاعليها: ضمير مستتر تقديره، هو، إذ لو كان النقل من الفعل وحده لوجب أن يقول: يزيد، فيكون مجرورا بالفتحة، لأنه مضاف إليه، ممنوع من الصرف، للعلمية ووزن الفعل.
"نبئت أخبرت. أي: أخبرني العارفون. "القديد": الصياح. "ظلما" مفعول لأجله، لفعل محذوف تقديره: يصيحون. "علينا" جار ومجرور متعلق بالفعل المحذوف. "ولهم فديد" مبتدأ وخبر. والجملة في محل نصب حال. و "نبئت" أصل فعله: "نبأ" فعل ماض ينصب ثلاثة مفاعيل: أولها قد صار نائب فاعل بعد حذف الفاعل وبناء الفعل للمجهول. وثانيهما "أخوالي" والثالث الجملة من الفعل المحذوف وفاعله "وهي جملة: "يصيحون".
2 علم على رجل.
3 علم على امرأة.
4 علم لمدينة باليمن.
وتغلب1، ويشكر2. أو: من فعل أمر، مثل: سالمْ، وسامحْ3.
3-
وقد يكون النقل من جملة، إما اسمية؛ مثل:"علىّ أسد"، و"ماشاء الله"4 و"نحن هنا" اسم كتاب
…
، وإما جملة فعلية، مثل: فَتَحَ اللهُ، زادَ الخيرُ، وأَطْرِقا "اسم بلد. وصحراء ببلاد العرب" والنقل هنا من جملة فعلية؛ لظهور الفاعل الضمير البارز.
4-
وقد يكون النقل من حرف؛ كتسمية شخص بكلمة: "رُبّ"، أو: إن
…
وقد يكون من حرفين، مثل: ربما، إنما.
5-
وقد يكون من حرف واسم5.... مثل: بِهَناء، ومثل: الحارث "اسم قبيلة عربية".
6-
أوحرف وفعل مثل: اليزيد6
…
هذا: ومن خصائص العلم بنوعيه السالفين أمران:
أما أولهما: فأنه اسم جامد لا صلة له بالاشقاق ولو كان في أصله وقبل نقله إلى العلمية اسما مشتقا. لهذا تجري عليه أحكام الجامد وحده7....
وأما ثانيهما: فأن صيغته المكونة من الحروف الهجائية كتلة متماسكة الحروف لأن العلمية تحدده وتحصره، فلا يجوز الزيادة على حروفه أو النقص8.
1 علم لقبيلة عربية.
2 علم لنوح عليه السلام، أو: لجبل، كما سبق- في رقم 1 من هامش ص 304 - ولقبيلة عربية هجاها الشاعر بقوله:
"ويشكر" لا تستطيع الوفاء
…
وتعجز "يشكر" أن تغدرا
3 كلاهما اسم رجل.
4 أي: الذي شاءه الله، وأراده.
"5 و 5 و 5" انظر ما يختص بهذا النوع من النقل، وحكمه، في رقم 2 من هامش ص 310.
6 وإلى بعض ما سبق يشير ابن مالك بقوله:
ومنه منقول، كفضل، وأسد
…
وذو ارتجال، كسعاد، وأدد
7 كما تقدم في رقم 3 من هامش ص 139 و 4 من هامش ص 209.
8 طبقا للبيان المفيد الذي سبق في "جـ" من ص 125.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- إذا كان العلم منقولا من لفظ مبدوء بهمزة وصل فإن همزته بعد النقل تصير همزة قطع -كما أشرنا1- نحو: "إستقبال" علم امرأة، و"أل" علم على الأداة الخاصة بالتعريف أوغيره، بشرط أن تكتب منفردة مقصودًا بها ذاتها؛ فنقول:"أل" كلمة ثنائية، و"أل" فى اللغة أنواع من حيث المدلول
…
، ومثل: يوم الإثنين، بكتابة همزة:"إثنين" لأنها علم على ذلك اليوم2
…
ومثل: "أُسكُت" علم على صحراء
…
ب- وإذا كان العلم منقولا من لفظ مفرد مبني فإنه يصير بعد هذا النقل معربا منونا، طبقا للبيان التفصيلي الذي سبق3.
1 في رقم 1 من هامش ص 304 وهامش 421.
2 ولا التفات لما اشترطه بعضهم لإخراج نوع من الأعلام من هذا الحكم، إذا الصحيح أن هذا الحكم عام يشمل الأعلام بأنواعها المختلفة، كما يشمل غير الأسماء من كل لفظ مبدوء بهمزة وصل قد سمى به، وصار علما.
- راجع "حاشية الصبان" في آخر باب النداء، عند قول ابن مالك.
"وباضطرار خص جمع "يا" و "أل"...." وكذلك.. "التصريح، والخضري" في هذا الموضع نفسه. وللخضري تعليل قوي، نصه:
"ما بديء بهمزة الوصل فعلا كان أو غيره، يجب قطعها في التسمية به: لصيرورتها جزءا من الاسم، فتقطع في النداء أيضا: ولا يجوز وصلها لأصالتها، كما - وصلت- في لفظ الجلالة، لأن له خواص ليست لغيره....." اهـ..... فلا التفات إلى ما نقله الصبان عن غيره في موضع آخر.
3 في ص 79 بعنوان: "ملاحظة".... ثم انظر رقم 1 من هامش 309.
التقسيم الرابع:
وهو يتضمن انقسام العلم باعتبار دلالته على معنى زائد على العلمية أو عدم دلالته، إلى: اسم، ولَقب، وكُنْية. فأما الاسم هنا1 فهو: عَلَم يدل على ذات معينة مشخَّصة -في الأغلب-2، دون زيادة غرض آخر من مدح، أو ذمّ
…
، مثل: سعيد، كامل؛ مرْيم، بُثَيْنة، وأشباهها؛ من كل ما يكون القصد منه أمر واحد؛ هو: مجرد الدلالة على ذات المسمى وتعيينها وحدها، دون غيرها، ودون إفادة شيء يتصل بها؛ كمدح أو ذم.
وأما اللقب فهو: علَم يدل على ذات مُعيَّنة مشخصة، مع الإشعار -بمدح أو ذمّ؛ إشعارًا مقصودًا بلفظ صريح3؛ مثل:"بَسّام، الرشيد، جميلة....""السفاح، صخر، عرجاء....".
1 أي: في باب: "المعارف"، لا في باب:"تقسيم الكلمة" -وقد سبق في ص 26، حيث الاسم يقابل هناك الفعل، والحرف.
"2 و 2" أما في غير الأغلب فيفقد التعيينن والتشخيص، طبقا لما أوضحناه في رقم 3 من هامش ص 129 وفي رقم 1 من هامش ص 292.
3 لأن كل واحد من القسمين الآخرين للعلم "وهما، الاسم والكنية" لا يخلو من مدح أو ذم، ولو من ناحية بعيدة. غير أن المعول عليه في اللقب- فوق دلالته على الذات المعينة- هو أن يدل على المدح أو الذم بلفظ صريح بأحدهما إشعارا واضحا قريبا. فليس المراد من اللقب مجرد الدلالة على الذات، وإنما المقصود منه أمران معا، الدلالة على المسمى المعين، والإشعار بمدحه أو ذمه. وهذا أهم من تلك الدلالة، إذ يمكن الوصول إليها من طريق آخر، هو طريق الاسم، فإنه يكاد يكون مقصورا عليها وحدها، ومختص بها- وإن كان لا يخلو من رائحة مدح أو زم.... كما سبق-.
وأما الكنية فإنها تدل على المسمى، وتدل معه على المدح والذم كاللقب، طبقا لما أسلفنا- ولكن من طريق التعريض، لا من طريق التصريح، لأن المتكلم حين يكني عن شخص فيقول عنه:"أبو على" مثلا أو: "ام هانيء"....، ولا يصرح بالاسم أو باللقب، فإنما يرمي من وراءه ذلك إلى تعظيمه، أو تحقيره بعدم ذكر اسمه، تعظيما وتقديما، أن يجزي اللسان به، أو: تحقيرا، وزراية، وأنه لا يستحق الذكر. وقد يجيء التعظيم أو التحقير ضمنيا أيضا، ولكن من ناحية أن المضاف يكتسبه من المضاف إليه، مثل: أبو الفوارس، وأبو لهب، وأم الدواهي "القنبلة الذرية".... فقد فهم المدح، أم الذم. في الكنية فهما ضمنيا، كشف عنه المضاف إليه
…
وقد يراد بالكنية التفاؤل بأن يعيش صاحبهما حتى يكون أبا أو أخا لفلان
…
وقد يراد التشاؤم
…
ومما سبق نعلم أن كلا من اللقب والكنية يؤدي أمرين معا، هما:
أ- الدلالة على مسمى معين.
ب- والمدح أو الذم.
غير أن اللقب يدل عليهما بلفظ صريح مقصود، وأن الكناية تدل عليهما من طريق ضمني، فيه التعريض، وليس فيه التصريح المكشوف. وهذا هو الفارق الهام بينها وبين اللقب.
شيء آخر، هو: أن الإسم واللقب قد يدلان معا وبلفظهما الصريح على مدح ظاهر، أو ذم واضح: نحو: الحسن الصادق الحطيئة الأجرب- ومعنى الحطيئة: القصير- وفي مثل هذه الصورة يكون =
وأما الكنية فهي علم مركب تركيبًا إضافيًّا1، بشرط أن يكون صدره "وهو المضاف" كلمة من الكلمات الآتية:"أب، أمّ"، "ابن، بنت""أخ، أخت""عمّ، عمة""خال، خالة"، مثل: الأعلام الآتية: "أبو بكر، أبو الوليد""أم كلثوم، أمّ هانئ"، "ابن مريم، بنت الصديق""أخو قيس، أخت الأنصار"، وهكذا2
…
وليس منه: أبٌ لمحمد، وأم لهند، وغيرهما من كل مالا إضافة فيه على الوجه السابق.
وكل قسم من الأقسام الثلاثة السالفة قد يكون مرتجلا أو منقولا، مفردًا أو مركبًا، إلا الكنية فإنها لا تكون إلا مركبة.
الأحكام الخاصة بالتقسيمات السالفة، وتتركز في النواحي الأربعة الآتية:
أولها: الأحكام الخاصة بإعراب العلم المفرد، والعلم المركب.
= الاسم هو ما وضعه الوالدان -ونحوهما أولا دالا على المسمى: ليكون اسما له ابتداء، مهما كان ذلك، وما استعمل في ذلك المسمى بعد وضع هذا الاسم الأول فإن كان مشعرا يمدح أو ذم فلقب، وإن كان مصدرا بأب أو أم ونحوهما مما سردناه فكنية. فاعتبار الإشعار بالمدج أو الذم، وملاحظة التصدير بأب أو أم أو نحوهما مما ذكرناه إنما يكون بعد وذع اللفظ الدال على الذات أولا، أي: بعد وضع الاسم".
راجع الصبان، جـ 1 أول باب الكلام وما يتألف منه عند قول ابن مالك:"قال محمد هو ابن مالك....".
فإن لم يعرف الموضوع ابتداء والسابق من الاسم واللقب فالأحسن اعتبار المتقدم هو الاسم والمتأخر هو اللقب، والكنية هي المصدرة بأحد الألفاظ المعروفة، "أب - أم
…
".
1 ألمحنا في رقم 1 من هامش ص 300 إلى أن الكنية - مع تركيبها الإضافية لفظا - معدودة من قسم العلم الذي معناه إفرادي، فكل واحد من جزأيها لا يدل بمفرده على معنى يتصل بالعلمية. ولهذا حين يقع بعدها تابع، كالنعت مثلا في قولنا: جاء أبو الفوارس الشجاع، فإن النعت، "وهو هنا كلمة:"الشجاع" يعتبر في المعنى نعتا للاثنين معا، أي: للمضاف والمضاف إليه، ولا يصح أن يكون نعتا لأحدهما فقط، وإلا فسد المعنى. ولكنه يتبع في الإعراب المضاف وحده. أي: أن لفظه تابع في إعرابه المضاف، وأما معناه فواقع على المضاف والمضاف إليه معا.
طبقا لما سيجيء في بات النعت "جـ 3 م 114 ص 429" - راجع التصريح جـ2 آخر باب الإضافة، عند الكلام على الشاهد في قول معاوية حين سلم من الطعنة ومات منها على بن أبي طالب.
نجوت وقد بل المرادي سيفه
…
من ابن أبي شيخ الأباطح طالب
والمرادي هو قائل على رضي الله عنه. "واسمه: عبد الرحمن بن ملجم، من قبيلة مراد" -
2 وما سبق يقتضى أن يكون المضاف إليه غير لقب للمضاف، فلا يصح في الكنية أن يكون عجزها "وهو المضاف إليه" لقبا لصدرها، "وهو المضاف" لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه - في الأغلب- إلا بتأويل متكلف، كما سيجيء في رقم 1 من هامش ص 317.
ثانيها: الأحكام الخاصة بالترتيب بين الاسم، والكنية، واللقب، إذا اجتمع من هذه الأعلام اثنان، أو ثلاثة.
ثالثها: الأحكام الخاصة بإعراب ما يجتمع منها.
رابعها: الأحكام المعنوية وبقية الأحكام اللفظية الأخرى التي تتصل بعلم الشخص وعلم الجنس.
أ- فأما العلم المفرد، كحامد، وسعيد، وسميرة، وعبلة
…
فإنه يخضع في إعرابه وضبط آخره لحاجة الجملة المشتملة عليه؛ فقد يكون مبتدأ، أو: خبرًا، أو فاعلًا
…
أو مفعولًا، أو مجرورًا بالإضافة، أو بالحرف، أو غير ذلك؛ فيرفع، أو ينصب، أو يجر على حسب ما تقتضيه الجملة. تقول: حامد أديب، إن حامدًا أديبٌ. أُعْجبْت بأدب حامد؛ فتضبط كلمة:"حامد" بالضبط المناسب لموقعها1 كالشأن في كل الأسماء المنفردة.
وأما العلم المركب: فإن كان تركيبه إضافيًّا، كعبد الله -أعرب صدوره وهو المضاف- كإعراب المفرد السابق "أي: على حسب حاجة الجملة؛ فيكون مبتدأ، أو خبرًا، أو فاعلا، أو مفعولا، أو غير ذلك." ويبقى المضاف إليه على حالته؛ وهى الجر دائمًا. تقول: عبدُالله شاعرٌ، فاز عبدُ الله، صاحبت عبدَ الله، سارعت إلى عبدِ الله؛ فالمضاف - وهوكلمة: عبد -تغيرت حركة آخره بتغير حاجة الجُمل، وبقى المضاف إليه مجرورًا لم يتغير.
وإن كان تركيبه إسناديًّا "مثل: فتحَ اللهُ
…
، الخيرُ نازلٌ" بقي على حاله قبل التسمية؛ فلا يدخله تغيير مطلقًا، لا في ترتيب حروفه، ولا فى ضبطها ثم يجرى عليه ما يجرى على المفرد فيعرب على حسب حاجة
1 هذا الحكم عام: فيشمل الكلمة المبنية إذا نقلت من معناها وصارت علما، فقد جاء في التصريح، جـ2 أول باب المنادى ما نصه:
وقال الرضي في باب العلم: إذا نقلت الكلمة المبنية، وجعلتها علما لغير ذلك اللفظ فالواجب الإعراب" أهـ، ثم قال صاحب التصريح ما نصه:
"فعلى هذا تقول في: كيف، وهؤلاء، وكم، ومنذ.... أعلاما عند النداء: يا كيف، ويا هؤلاء وياكم، ويا منذ.... بضمة ظاهرة، فهي متجددة للنداء" أهـ.
وهناك النص الآخر الذي سبق تدوينه في ص 79 بعنوان: "ملاحظة" وما يختلف عنها في "جـ" من ص 146.
الجملة التي تحتويه؛ فيكون مبتدأ، وخبراً، وفاعلا، ومفعولا، وغير ذلك على حسب ما تقتضيه تلك الجملة. إلا أن آخره يظل على حاله ملتزمًا حركته الأولى قبل العلمية فى جميع تلك الحالات مهما تغيرت الجمل؛ فكأنه كلمة واحدة تلازمها علامة واحدة للإعراب، لا تتغير فى الرفع، ولا فى النصب، ولا فى الجر، تقول:"فتحَ اللهُ" نشيط. جاء "فَتَحَ اللهُ". صاحبت "فتَحَ اللهُ" رضيت عن "فتَحَ اللهُ". فالعَلَم: "فتح اللهُ" فى الجملة الأولى: مبتدأ، مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره للحكاية. وفى المثال الثانى: فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره للحكاية، وفى الثالث: مفعول به، منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة للحكاية، وفى الرابع: مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة للحكاية؛ فهولا يتأثر بالعوامل تأثرًا ظاهرًا، وإنما يتأثر بها تأثرًا تقديريًا. يصيب آخره، فيجعله معربا بحركات مقدرة للحكاية.
ويقال فى المثال الثانى: "الخيرُ نازل" حضر. إن "الخيرَ نازلٌ" حضر، سَلَِّمْ على "الخيرُ نازلٌ"، وهكذا فى كل مثال آخر من أمثلة المركب الإسنادى، وملحقاته2 فإنه يكون معربًا تقديرًا لأجل
1 الحكاية الأصيلة معناها: أن نردد اللفظ بحالته الأصلية ونعيد نطقه أو كتابته بالصورة التي سمعناها أو قرأناها من غير أن نغير شيئا من حروفه أو حركاته مهما غيرنا الجمل والتراكيب ويجوز أن نردده بمعناه إن لم يمنع ما نع ديني، أو غيره، كإرادة النص عليه من غير إدخال تغيير فيه. "راجع مزية الحكاية في رقم 1 من هامش ص 31، ثم من هامش: "أ" ص45 م 62 جـ2 حيث الإيضاح المناسب".
وإنما كانت الضمة مقدرة هنا وفي كل حالات الرفع لأن الضمة الموجودة حاليا هي الضمة التي كانت في العلم قبل أن يكون مبتدأ أو خبرا، فلم تترك "مكانها لتحل فيه الضمة الخاصة بالمبتدأ أو بغيره من المرفوعات ويكون. منصوبا بفتحة مقدرة، ومجرورا بكسرة مقدرة.
2 يدخل في هذه الملحقات: العلم المنقول من حرفين، مثل: ربما، إنما.... والعلم المنقول من حرف واسم، مثل: إن عمر، أو: من حرف وفعل، مثل: لن يسافر- وقد سبقت لمحة عن هذه الأنواع الثلاثة في ص 305 فكل علم عن هذه الأعلام الملحقة وأشباهها ليس مركبا إسناديا، لأنه ليس جملة. ولكنه عند الإعراب يحكى كالمركب الأسنادي. أما العلم المركب من موصوف وصفه، مثل:"محمد الفاضل" فقد اعتبره النحاة ملحقا بالمفرد، فيجري على الموصوف الإعراب على حسب =
الحكاية.1
وإن كان تركيبه مزْجيًّا غير مختوم بكلمة" "وَيْه"، مثل: رامهرْمُزُ ونُيُويُرْك
…
فإنه يعتبر كالكلمة الواحدة؛ فيعامل من ناحية الإعراب معاملة المفرد، فيكون على حسب جملته؛ مبتدأ، أو خبرًا، أو فاعلا، أو مفعولا،
…
أو غير ذلك؛ لكنه يرفع بالضمة من غير تنوين، وينصب ويجر بالفتحة في الحالتين من غير تنوين2. تقول: رامهرمُزُ جميلةٌ، وإن رامهُرمُزَ جميلةٌ، سمعت برامُهرْمُزَ، فتتغير حركة الحرف الأخير وحده تبعًا لحالة الإعراب، ويبقى غيره على حالته الأولى.
فإن كان تركيبه مزجيًّا مختومًا بكلمة: "وَيه""مثل: حمدَوَيه، خالوَيْه" كان كسابقه خاضعًا لحاجة الجملة؛ فيكون مبتدأ، أو خبرًا، أو فاعلا، أو: مفعولا
…
إلخ، إلا أن آخره في كل هذه الأحوال يكون مبنيًّا على الكسر -في المشهور- تقول: خالويهِ، عالم جليل، وإن خالويهِ عالم جليل، ولخالوْيِه شهرة فائقة
…
فقد وقعت كلمة: "خالويه" مبتدأ، واسمًا لإن، ومجرورة باللام، ولم تتغير حالة آخرها بتغير الجمل؛ بل لزمت البناء على الكسر؛ فهى مبتدأ مبنية على الكسر في محل رفع. وهي اسم إنّ مبنية
= الجملة، وتتبعه الصفة في علامة الإعراب. ولعل الأفضل أن يكون ملحقا في حكمه بالمركب الإسنادي فيحكي، منعا من اللبس، ومنع اللبس من أهم الأغراض التي تحرص عليها اللغة، وقالوا في التسمية بمثل:"عالم أبوه" ومثل: "مكرم محمد إن كلمة "عالم" تعرب على حسب العوامل التي قبلها.
أما كلمة: "أبوه" و "محمدا" فيبقيان على حالهما، والأفضل عندي أيضا أن يجري على هذا النوع.
حكم المركب الإسنادي، منعا من اللبس، إلآ إن كانت الأساليب الصحيحة تخالفه، فيجب اتباعها، والقياس عليها. ولكنى لم أهتد إلى شيء مسموع من العرب من تلك الأساليب، ولم أعرف من روى عنهم أمثلة منها.
1 هناك آراء أخرى في طريقة إعرابه أشرنا إليها في ص 313 ونرى عدم استعمالها، لاعتبارات شتى، في مقدمتها: أنها لا تلائم الحياة الحاضرة، ولا تساير الأساليب الصحيحة المنتشرة اليوم.
2 لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتركيب المزجي، فيرفع بالضمة، وينصب بالفتحة، ويجر بالفتحة أيضا، من غير أن يدخله التنوين مطلقا، في حالة من تلك الحالات ما دام علما مزجيا- كما سبق في "ب" من ص 176 - فإن خرج م العلمية جاز تنوينه على الوجه الذي أوضحناه في رقم 3 من هامش ص 33.
على الكسر في محل نصب، وهي مجرورة باللام مبنية على الكسر في محل جرّ1
…
وهكذا في الأحوال التي تشابه ما سردناه2.
"ملاحظة": إذا أريد تثنية نوع من أنواع المركب السالفة، أو جمعها وجب اتباع الطريقة الخاصة بذلك وهي مشروحة في مكانها الأنسب3......
1 هذا الإعراب في الحالات الثلاث هو الأوضح والأسهل، ويصح إعراب آخر، في حالة الرفع تقول: مرفوع بضمة مقدرة، منع من ظهورها حركة البناء الأصلي على الكسر، وفي حالة النصب منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة البناء الأصلي على الكسر
…
وفي حالة الجر: مجرور بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة البناء الأصلي على الكسر.... نقول هذه العبارات أو ما يماثلها في تأدية المراد.
2 انظر أنواعا أخرى من المركب المزجي وأحكامها في رقم 5 من هامش ص 300 وفي ص 318.
3 الجزء الرابع، م 174 باب جمع التكسير" بعنوان:"جمع أنواع المركب جمع تكسير" ص 506.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
من أنواع المركب المزجي ما يستعمل غير علم1؛ كالمركب العددي، أيْ: الأعداد المركبة، وهي؛ أحدَ عشرَ، وتسعةَ عشرَ، وما بينهما. فكل واحد منها مبني دائمًا على فتح الجزأين في جميع أحواله، وفي كل التراكيب. ويقال في إعرابه: مبني على فتح الجزأين في محل رفع، أو نصب، أو جر، على حسب حالة الجملة. ما عدا اثنيْ عشَر، واثنَتيْ عشْرة؛ فإنهما يعربان إعراب المثنى. فاثنا واثنتا ترفعان بالألف في حالة الرفع، وتنصبان وتجران بالياء في حالتى النصب والجر. أما كلمة:"عشر، وعشرة" فهي اسم مبني على الفتح لا محل له، لأنها بدل من حرف النون في المثنى. ويقال هذا في إعرابهما -كما سبق2- وسيجيء تفصيل الكلام على هذا في الباب الخاص بالعدد، بالجزء الرابع.
وكالظروف المركبة، مثل:"صباحَ مساءَ" في مثل: "والدي يسأل عنا صباحَ مساءَ" أي: دائمًا. وكالظروف المركبة في مثل: "أنت جارُنا بيتَ بيتَ"، أي: ملاصقًا.
فكل هذه المركبات التي من نوع الأعداد، والظروف، والأحوال -مبنية على فتح الجزأين في محل رفع، أو نصب، أو جر، على حسب حالتها من الجملة؛ تقول في الأعداد: جاء أحدَ عشرَ رجلًا، وأبصرت أحدَ عشرَ رجلًا، ونظرت إلى أحَدَ عشرَ رجلا. وتقول: أنا أسأل عنك "صباحَ مساءَ" أى: دائمًا. فهوظرف مبنى على فتح الجزأين فى محل نصب. وتقول: أخى جارى "بيتَ بيتَ" فهومبنى على فتح الجزأين فى محل نصب، حال، فيكون اللفظ المركب مبنيًّا على فتح الجزأين فى محل رفع؛ لأنه فاعل - مثلا، أوشىء آخر يكون مرفوعاً -، وفى محل نصب لأنه مفعول به، أوظرف،
1 سبقت إشارة لهذا في ص 300 وفي رقم 5 من هامشها حيث الكلام على تعريف المركب المزجي، وأنواعه.... و.... و.... ومنه ما يفصل بين كلمتين الواو الزائدة سماعا، المهملة التي ليست إلا للفصل المحض، نحو:"كيت وكيت - وذيت وذيت" بالبيات الآتي في موضعه من جـ 4 باب "كم" ص 540 م 168.
2 في "و" من ص 134، وفي:"د" من ص 156.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو حال، أو: شيء آخر منصوب، وفي محل جر؛ لأنه مجرور. فآخر كل كلمة من الكلمتين يلزم حركة واحدة لا تتغير؛ هي الفتحة. وحكم هذا المركب هو البناء على الفتح.
وهذا الإعراب في الأمثلة السابقة نوع مما يسمونه الإعراب: "المَحلِّي"1 حيث يكون للكلمة حالة لفظية ظاهرة، حلت محل أخرى غير ظاهرة، ولكنها ملحوظة برغم عدم ظهورها؛ فتراعى في التوابع وغيرها، وهو غير "الإعراب التقديري" الذي سبق الكلام عليه2.
وما ذكرنا من حكم المركب المزجي بأنواعه المختلفة هو الذي يحسن الأخذ به، والاقتصار عليه وحده في استعملنا؛ لأنه أشهر الآراء وأقواها
…
والاقتصار عليه يمنع الفوضى في ضبط الكلمات، ويريحنا من جدل أهل المذاهب المختلفة. وعلى الرغم من هذا سنذكر بعض الآراء الأخرى، لا لاستعمالها؛ ولكن ليستعين بها من يشاء في فهم النصوص القديمة التى وردت بها، واشتملت عليها.
فمن تلك الآراء أن المركب المزجي غير المختوم بكلمة: "ويه" يجوز فيه البناء على الفتح في جميع حالاته. نقول: هذه بعلبكَّ. إن بعلبكَّ جميلةٌ. لم أسكن في بعلبكَّ، فتكون مبنية على الفتح دائمًا في محل رفع، أو نصب، أو جرّ.
ومنها: أنه يجوز إعرابه إعراب المتضافين3؛ فيكون صدره -وهو المضاف- معربًا على حسب حالة الجملة، ويكون عجزه -وهو المضاف إليه- مجرورًا أبدًا؛ تقول؛ هذه بعلُ بَكٍّ. إن بعلَ بكٍّ جميلة. لم أسكن في بعلِ بكً.
1 ومن أنواعه أيضا جميع الأسماء المبنية، "كأسماء الإشارة والموصول، والضمير" وبعض الأفعال المبنية "كالماضي الواقع فعل شرط، أو جوابه، فإنه مبني في محل جزم"، وكلك بعض الجمل "كالتي تقع خبرا، أو صفة، أو حالا...." انظر البيان في ص 84، ثم ص 198.
2 ص 84 وفي "جـ" من ص 198.
3 والإضافة هنا غير محضة للأسباب الموضحة في موضعها الأنسب، وهو باب:"الإضافة"، جـ3 ص 47 م 93 وفي باب الممنوع من الصرف "جـ4 م 147 "و" ص 218 وهامشها".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفى هذه الحالة -وحدها- يحسن في الكتابة فصل المضاف من المضاف إليه، وعدم وصلهما خطًّا. بخلاف أكثر الحالات الأخرى. كما أن المضاف في هذه الحالة إن كان معتل الآخر فإنه يظل ساكنًا دائمًا، ولا تظهر عليه الحركة؛ بل تقدر؛ مثل: عرفت "مَعْدِى كَرِبٍ"، فكلمة "معدي" مفعول منصوب بفتحة مقدرة على الياء: مع أن الفتحة تظهر على الياء دائمًا، ولكنها لا تظهر هنا، لثقلها مع التركيب -كما سبق البيان1.
أما المركب المزجي المختوم بكلمة: "وَيْه" فقد أجازوا فيه حالة أخرى غير البناء على الكسر، هي إعرابه كالممنوع من الصرف، فيرفع بالضمة، وينصب ويجر بالفتحة، من غير تنوين في الحالات الثلاث؛ مثل: سيبويهُ إمام نحوىّ كبير، عرفت سيبويهَ، وتعلمت من سيبويهَ.
1 عند الكلام على المنقوص في ص 196.
ب- أما الترتيب بين قسمين1 فيلاحظ فيه ما يأتي:
1-
لا ترتيب بين الاسم والكُنْية، فيجوز تقديم أحدهما وتأخير الآخر، مثل: أبو الحسن عليّ بطلٌ، أو: عليّ أبو الحسن بطل.
2-
لا ترتيب بين اللقب والكنية؛ فيجوز تقديم أحدهما وتأخير الآخر؛ مثل: الصّدّيق أبو بكر أول الخلفاء الراشدين، أو: أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين.
3-
يجب الترتيب بين الاسم واللقب؛ بحيث يتقدم الاسم ويتأخر اللقب2. مثل: عمرُ الفاروق هو الخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين، وهذا الترتيب واجب إن لم يكن اللقب أشهر من الاسم؛ فإن كان أشهر جاز3 الأمران؛ مثل: المسيح4 عيسى بنُ مريمَ رسولٌ كريم، أو: عيسى بنُ مريمَ المسيحُ رسولٌ كريم. ذلك أن "المسيح" أشهر من "عيسى". ومثل: السفَّاح عبد الله أول خلفاء العباسيين، أو: عبد الله السفاح
…
ومن أجل ذلك كثر تقديم ألقاب الخلفاء والملوك على أسمائهم- مع صحة التأخير-.
ومما سبق نعلم أن الترتيب عند اجتماع قسمين غير واجب إلا فى حالة واحدة5،
"1 و 1" أما حكم الترتيب عند اجتماع الثلاثة فيجيء في ص 319.
2 وتأخير اللقب عن الاسم واجب- بشرطه- سواء أوجد مع الاسم كنية أم لم توجد.
3 وهناك صورة أخرى لا يجب فيها تقديم الاسم وتأخير اللقب، بل يجوز، هي: أن يكون اجتماعهما على سبيل إسناد. أحدهما للآخر. "أي: الحكم على أحدهما بالآخر سلبا أو إيجابا". ففي هذه الحالة يتأخر المحكوم به، ويتقدم المحكوم عليه. فإذا قيل: من زين العابدين؟. فأجبت: زين العابدين على - فهنا يتقدم اللقب، لأنه المعلوم الذي يراد الحكم عليه بأنه على، ويتأخر الاسم لأنه محكوم به.... وإذا قيل: من على الذي تمتد حونه؟ فأجبت: على زين العابدين. فيتقدم الاسم هنا، لأنه المعلوم الذي يراد الحكم عليه، ويتأخر اللقب، لأنه محكوم به. وهكذا - انظر رقم 88 من هامش ص 442 ورقم 2 من هامش ص 493- فعندنا صورتان لا يجب تأخير اللقب فيهما، وإنما يجوز.
4 معاني المسيح كثيرة، منبها: أنه يمسح الباطل ويزيله.
5 زيدت عليها حالة ثانية في رقم 3 من هذا الهامش. وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله:
واسما أتى، وكنية، ولقبا
…
وأخرن ذا إن سواه صحبا
يريد: أن العلم ثلاثة أنواع، فيأتي اسما، أو: كنية، أو: لقبا، ثم أشار إلى أن هذا "أي: اللقب" يتأخر إن صحب سواه من القسمين الآخرين، بأن اجتمع مع الاسم أو الكنية، ولكن هذا الرأي يخالف المشهور، من أن اللقب لا يتأخر إلا مع الاسم فقط، دون الكنية- بالشرط الذي قدمناه- ولو أنه قال: "وأخرن ذا إن سواها صحبا" لكان أحسن، وأوفق في بيان أن المراد تأخير اللقب إن صحب شيئا سوى الكنية.
هي حالة اجتماع الاسم واللقب؛ فيجب تأخير اللقب عنه بشرط ألا يكون أشهر من الاسم؛ فإن كان أشهر جاز الأمران.
ج- أما إعراب قسمين عند اجتماعها فيُتَّبع فيه ما يأتي:
1-
إن كان القسمان مفردين1 مثل: "علىّ سعيد" جاز اعتبارهما متضابفين2 فيكون الأول هو المضاف، ويضبط ويعرب على حسب حاجة الجملة. ويكون الثاني هو المضاف إليه، وهو مجرور دائمًا؛ تقول: غاب عليُّ سعيدٍ3، عرفت عليَّ سعيدٍ، وسألت عن عليَّ سعيدٍ، وجاز عدم إضافتهما فيعرب الأول ويضبط على حسب حالة الجملة ويكون الثاني تابعًا له4 في جميع حركات الإعراب؛ فتكون كلمة:"سعيد" مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة تبعًا للكلمة
1 وفي هذه الحالة لا بد أن يكون أحدهما اسما والآخر لقبًا، إذ لا دخل للكنية في الإفراد، لأنها لا بد أن تكون مركبة تركيبا إضافيا -كما سبق في ص 308- ولا بد أن يكون المضاف إليه معها غير لقب للمضاف، إذ الشيء لا يضاف -في الأغلب- إلى نفسه، طبقًا للبيان السابق في رقم2 من هامش ص308.
2 بشرط ألا يمنع من الإضافة مانع، كوجود "أل" في العلم الأول منهما، مثل:"السعد المقنع" اسم رجل، ولقبه، فلا يجوز إضافة "السعد" إلى "المقنع"، لأن الإضافة المحضة تمتنع فيها "أل" من المضاف. كما تمتنع الإضافة إذا كان المضاف والمضاف إليه بمعنى واحد، كما يبدو هنا في ظاهر الأمر، ولكنهما مختلفان تأويلا، فأحدهما يراد به الاسم المجرد، والآخر يراد به المسمى، كما سيجيء التفصيل في باب الإضافة جـ3 هامش ص 41 و 119 م 93 - وهذا النوع من إضافة الاسم إلى المسمى، "أي: إلى اللقب". والحاجة إلى هذا التأويل في هذا الوجه جعلت الإعراب على الوجه التالي أفضل.
3 جاء في ص 23 جـ1 من شرح: "المفصل" ما ملخصه:
إذا لقبت علما مفردا بمفرد أضفت العلم إليه، نحو: سعيد كرز. كان اسمه: "سعيدا"، ولقبه "كرزا" فلما جمع بينهما أضيف العلم إلى اللقب وكذلك. "قيس قفة، وزيد بطة".
فإذا أضفت الاسم إلى اللقب صار كالاسم الواحد، وسلب ما فيه من تعريف العلمية، كما إذا أضفته إلى غير اللقب، نحو:"زيدكم" فصار التعريف بالإضافة. وجعلت الألقاب معارف، لأ، ها جرت مجرى الأعلام، وخرجت عن التعريف الذي كان لها بالألف واللام قبل التلقيب- أي: إن وجدا من قبل-، كما أنا إذا قلنا:"الشمس" كان معرفة بالألف واللام، وإذا قلنا:"عبد الشمس" - كان من قبيل الأعلام. فالعلم يفقد التعريف بالعلمية عند إضافته إلى اللقب ويكتسب تعريفا جديدا بالإضافة. وكل هذا بشرط إضافته إلى اللقب".... أهـ. ثم راجع رقم 1 من هامش ص 294.
4 فيعرب الثاني بدلا من الأول، بدل كل من كل، أو يعرب عطف بيان، أو توكيدا لفظيا بالمرادف، فهذه الإعرابات الثلاثة جائزة. إلا إن منع من البدل مانع مما ذكروه في بابه، فيمتنع ويبقى الإعرابان الآخران.
هذا، وإعراب الثاني تابعا للأول على وجه من الأوجه الثلاثة، قوي لا تأويل فيه، فهو خير من الإعراب في الحالة الأولى، حالة اعتبارهما متضايقين لما فيها من التأويل الذي أشرنا إليه في رقم 2.
الأولى؛ وهي عليّ. ولا دخل للكنية هنا لأن الكنية مركبة تركيبًا إضافيًّا، فتدخل في الأحوال الثلاثة الآتية الخاصة بالمركب الإضافي، ولا تدخل في المفرد الذى نحن بصدده -كما أشرنا من قبل.
2-
وإن كان القسمان، مركبين معًا تركيب إضافة؛ مثل:"عبد العزيز سعد الله" فإن المضاف الأول، وهو:"عبد" يُضبط ويعرب على حسب حاجة الجملة، ويكون المضاف الثانى، وهو:"سعد" تابعًا له1 فى حركات إعرابه.
3-
وإن كان الأول هوالمفرد والثانى هوالمركب تركيب إضافة؛ مثل: "على زين العابدين" - أعرب المفرد على حسب حالة الجملة، وجاء المضاف الذى بعده تابعًا له فى حركته؛ تقول: علىٌّ زينُ العابدين شريف. إن عليًّا زينَ العابدين شريف. وماذا تعرف عن علىٍّ زين العابدين؟
ويجوز شىء آخر؛ أن يكون الأول المفرد مضافًا؛ يُضبَط ويعرب على حسب حاجة الجملة، وأن يكون المضاف إليه هوصدر الثانى؛ تقول: علىُّ زينِ العابدين شريف، إن علىَّ زينِ العابدين شريف. ماذا تعرف عن علىِّ زينِ العابدين؛ فتكون كلمة:"علىّ" معربة على حسب العوامل، ومضافة. وتكون كلمة:"زين" مضافة إليها مجرورة.
"4" إن كان الأول هوالمضاف والثانى هوالمفرد؛ مثل: زين العابدين علىّ - فإن صدر الأول؛ أى: المضافَ، يضبط ويعرب على حسب حاجة الجملة، ويعرب المفرد تابعاً له، تقول: زينُ العابدين علىٌّ شريف، إن زينَ العابدين عليًّا شريف، عطفت على زين العابدين علىٍّ.
أما المركب المزجى وملحقاته، والمركب الإسنادىّ فلا يعتد بتركيبهما فى هذا الشأن وإنما يعتبر كل منهما بمنزلة المفرد عند اجتماعه بقسم آخر وتجرى عليه أحكام المفرد السابقة2.
1 فيعرب بدل كل من كل، أو عطف بيان، أو توكيدا لفظيًّا بالمرادف، بالإيضاح الذي سبق في رقم4 من هامش الصفحة الماضية.
2 مع ملاحظة الحالة الإعرابية الخاصة بكل منهما -كما شرحناها في ص308 وما بعدها- فالمركب الإسنادي يلزم آخره حركة لفظية لا تتغير، ويكون معها في محل رفع، أو نصب، أو جر، بسبب الحكاية، والمركب المزجي المختوم بكلمة:"ويه" يلزم آخره حالة واحدة، وهي: البناء على الكسر - في الأغلب- ويكون معها في محل رفع، أو نصب، أو جر.... وإن لم يكن مختوما بكلمة "ويه" =
وإلى هنا ينتهى الكلام على الترتيب والإعراب1 بين قسمين عند اجتماعهما. أما إذا اجتمعت الأقسام الثلاثة: "الاسم، والكنية، واللقب" فيراعى في الترتيب بينها ما سبق إيضاحه؛ حيث يجوز تقديم بعضها على بعض. إلا اللقب فلا يجوز تقديمه - فى أكثر حالاته - على الاسم2؛ ففى مثل: عمرُ بنُ الخطاب الفاروقُ - يجوز أن تقدم أو تؤخر ما شئت من الاسم، أو: الكنية، أو اللقب. إلا صورة واحدة لا تجوز؛ وهي: تقديم كلمة "الفاروق" على "عمر". وكذلك يراعى في الإعراب بين الأول والثاني ما سبق أيضًا. أما الثالث فيكون تابعًا للأول في حركاته.
= ولا مبنيًّا على فتح الجزأين، رفع بالضمة من غير تنوين، ونصب وجر بالفتحة من غير تنوين فيهما، لأنه ممنوع من الصرف - في الأشهر- وهذه هي الأحكام الإعرابية الشائعة التي يجمل الاقتصار عليها الآن، وترك ما عداها مما يدخل في باب اللهجات التي لا تناسب حاضرنا.....
ويلاحظ كذلك أن الثاني في الصور السالفة كلها يجوز فيه "القطع" المشار إليه في رقم 1 من هامش ص 320. ....
1 وفي الإعراب يقول ابن مالك من غير أن يتعرض للتفصيل والترتيب الذي سلكناه.
وإن يكونا مفردين فأضف
…
حتما، وإلا أتبع الذي ردف
يريد بالشطر الأول: أنه: إذا اجتمع قسمان من أقسام العلم، وكانا مفردين، مثل: سعيد محمود وجب عنده إعرابهما متضايفين، فالأول، وهو المضاف يعرف على حسب حالة الجملة، والثاني يعرب مضافا إليه مجرورا، هذا رأي ابن مالك، وقد عرفنا البيان الشافي في ذلك، حيث أوضحنا أن الإضافة ليست واجبة، وإنما هي جائزة كالإتباع: بل الإتباع أفضل.
ثم يقول في الشطر الثاني: إن لم يكونا مفردين، بأن يكونا معا مركبين تركيب إضافة، أو يكون الأول مركبا إضافيا والثاني مفردا، أو العكس، فإن الأول يعرب على حسب حاجة الجملة، والثاني يكون تابعا له في الإعراب "فيكون: بدلا، أو عطف بيان، أو توكيدا لفظيا بالمرادف" ومعنى "الذي ردف" أي: الذي جاء ردفا للأول، أي: بعده متأخرا عنه.
ثم أشار إلى نوعين من أنواع العلم، هما: المركب الإسنادي والمزجي، فقال:
وجملة، ما يمزج ركبا
…
ذا إن بغير، "ويه" تم أعربا
أي: أن التركيب الإسنادي وهو المراد بقوله: "جملة" وكذلك المركب المزجي غير المختوم بكلمة، "وبه" فإنهما يعربان على حسب حاجة الجملة. وقد شرحنا طريقة إعرابهما، وإن لم يوضحهما الناظم، كما شرحنا طريقة إعراب المزجي المختوم بويه والأنواع المبنية على فتح الجزأين "ص 313، ثم أشار إلى المركب الإضافة من غير أن يذكر حكمه بقوله:
وشاع في الأعلام ذو الإضافة
…
كعبد شمس، وأبي قحافة
وعبد شمس: علم على جد معاوية، وأبو قحافة: علم على والد أبي بكر الصديق. وفي هذا البيت والذي قبله إشارة إلى الأنواع الثلاثة للعلم المركب، وهي: العلم المنقول من جملة، وهو المركب الإسنادي، والعلم المركب تركيبا مزجيا، والعلم المركب تركيبا إضافيا.
2 إلا في الصورتين الجائزتين، وقد أوضحنا إحداهما في رقم 3 من ص 316 والأخرى في رقم 3 من هامشها.
وكذلك يراعى في الإعراب بين الأول والثاني ما سبق أيضًا حين اجتماعهما بدون الثالث، فإذا انضم إليهما لم يتغير إعرابهما، وأعرب الثالث تابعًا للأول في إعرابه1.
د- هذا، وما يخص الأقسام السالفة من الأحكام المعنوية وباقى الأحكام اللفظية الأخرى فقد سبق الكلام عليها2.
1 ويجوز فيه أيضا ما يسمى: "القطع" وهو جائز فيه وفي غيره على التفصيل الآتي:
إذا اجتمع قسمان من أقسام العلم أو ثلاثة، فإنه يجوز دائما في الثاني والثالث -إن وجد- "القطع" وهو المخالفة للأول في حركته الإعرابية، والانفصال عنها إلى ما يخالفها في الرفع، أو النصب، بشرط أن يكون الرفع أو النصب غير موجود في الأول، فإن كان الأول مرفوعا جاز قطع ما بعده إلى النصب، وإن كان الأول منصوبا جاز قطع ما بعده إلى الرفع. وإن كان الأول مجرورا جاز فيما بعده القطع إلى الرفع، أو: القطع إلى النصب، وزيادة على الجر بالتبعية، تقول في الزعيم "سعد زغلول": اشتهر عسد زغلولا بالخطابة، فيجوز قطع كلمة:"زغول" عن الرفع. أي: عن أن تكون مثل الأول في حركته، وعن أن تكون تابعة له، وإنما تكون منصوبة، مفعولا به لفعل محذوف، تقديره: أعنى، أو: أريد.... أو نحو ذلك.
وفي مثل: عرفت سعدا - زغلول- يجوز في كلمة: "زغلول" الرفع، فتكون مقطوعة عن حركة الأول غير تابعة له، فتعرب خبرا لمبتدأ محذوف، تقديره، "هو" مثلا. وفي مثل: سمعت عن سعد زغلول - يجوز في كلمة "زغلول" الرفع، أو النصب، على القطع السالف، كما يجوز فيها الجر على أنها تابعة له....
وملخص ما سبق في القطع أنه: مخالة الثاني والثالث لعلامة الاسم الأول، فإذا كان الأول مرفوعا جاز في الباقي النصب فقط على القطع، مع إعراب المقطوع مفعولا به لفعل محذوف. وإذا كان الأول منصوبا جاز القطع في الباقي إلى الرفع، أو إلى النصب، أو إلى الجر، مع إعرابه في كل حالة بما يناسبها، وتقدير العامل الملائم لها.
أما الغرض من القطع ومن العدول عن الإعراب الذي أوضحناه للتابع- إلى الإعراب الآخر الذي أوضحناه هنا أيضا، فغرض بلاغي، هو بيان أن المقطوع يستحق اهتماما خاصا، لرفعة شأنه، أو حقارة منزلته. وقد أوضحنا القطع - بتفصيل مناسب- والغرض البلاغي منه في باب المبتدأ والخير لمناسبة أقوى، وهي: مناسبة حذف المبتدأ وجوبا "ص 510 م 39" أما موضعه الأصيل، وبيانه الأكمل فباب النعت من الجزء الثالث، ص 469 م 115.
2 في صفحتي 292 و 296 وما بعدهما.