الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخمسون:
أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعال الرجاء
…
1
أفعال المقاربة - معناها:
فى جملة مثل: "الماء يَغلى"، يفهم السامع بسبب وجود الفعل المضارع: أن الماء فى حالة غليان الآن2، أوْ: أنه سيكون كذلك فى المستقبل3. فإذا قلنا: "كاد الماء يغلى" - اختلف المعنى تماماً؛ إذ نفهم أمرين، أن الماء اقترب من الغليان اقتراباً كبيراً، وأنه لم يَغْلِ بالفعل، أى: أنه فى حالة إنْ استمرت زمناً قليلا فسيغلى. والسبب فى اختلاف المعنى الثانى عن الأول هووجود الفعل: "كاد" فى الجملة الثانية، مع أنه ماض4.
وكذلك الشأن: فى: "القطار يتأخر" إذ نفهم من الجملة أن القطار يباشر التأخر الآن، أوفى المستقبل. فإذا قلنا: "كاد القطار يتأخر
…
" تغيَّر المعنى، وفهمنا أمرين؛ أنه اقترب من التأخر جدًّا، وأنه - بالرغم من ذلك - لم يتأخر فى الواقع. أى: أنه فى حالة، إنْ طال زمنها قليلا يقع فى التأخر. والسبب فى اختلاف المعنى الثانى عن الأول وجود الفعل الماضى: "كاد".
ومثل ما سبق: "الكأس تتدفق ماء" فالمعنى: أن الماء يفيض منها الآن، أومستقبلا. فإذا قلنا:"كادت الكأس تفيض ماء" تغير المعنى، وانحصر في
1 هذا أحد أبواب النواسخ، وقد عرفنا أن اسم الناسخ لا يكون شبه جملة.
2 أي: وقت الكلام، وهو: الزمن الحالي.
3 هو الزمن الذي بعد الكلام.
4 يلاحظ هنا أن المضارع في خبرها ينقلب زمنه قريبا جدا من الحال - "كما سبق في ص 57 وسيجيء في رقم 7 من هامش ص 615" - كما أن زمنها الماضي ينقلب ماضيا قريبا من الحال، ليتوافق زمن الفعل مع زمن خبره، فإذا قلت: كاد المطر ينزل، فالمراد قرب زمن نزوله من الحال، وأنه لم ينزل فعلا. وقد يكون الزمن:"كاد" وفي خبرها مقصورا على الماضي وحده، أو على المستقبل، حين تقوم القرينة القاطعة على أن المراد المقاربة فيما مضى، أو فيما يستقبل، مثل: كاد القطار يتأخر أمس - يكاد المريض يغادر المستشفى غدا.
"راجع في كل ما سبق جـ 7 ص 115 من شرح المفصل: الأفعال المقاربة".
أنها اقتربت كثيراً من التدفق، وأنها لم تتدفق بالفعل، وهذا التغير بسبب وجود الفعل الماضى:"كاد".
ومن الأمثلة السابقة - وأشباهها - يتبين أن الفعل: الماضى "كاد" يؤدى فى جملته معنى خاصًّا، هوالدلالة على التقارب بين زمن وقوع الخبر والاسم1، تقارباً كبيراً مجرداً؛ "أى: لا ملابسة2 فيه، ولا اتصال". ومن أجل ذلك سميت "كاد"3 فعل:"مقاربة". ولها إخوة تشاركها فى تأدية هذا المعنى. ومن أشهر أخواتها - كرَبَ - أوشكَ....4 - مثل: كرَبَ الليلُ ينقضى - أوْشكَ الصبح يقبل، بمعنى:"كاد" فيهما. وكلها بمعنى: "قَرُبَ".
عملها:
أفعال المقاربة أفعال ناقصة "أىْ: ناسخة" ترفع المبتدأ5 اسماً لها، وتنصب الخبر6، فلا ترفع فاعلا، ولا تنصب مفعولا ما دامت ناسخة6، فهى من أخوات "كان". غير أن الخبر فى أفعال المقاربة لا بد أن يشتمل على:
"1" فعل مضارع7، ومرفوعه "من فاعل، أونائبه
…
" ضميرٌ فى الغالب.
1 هما هنا: اسمها وخبرها وسنعرفهما. فهذه الأفعال جاءت لتفيد قرب زمن وقوع الخبر من الاسم قربا كبيرا- وقد يقع الخبر أولا يقع، بل قد يستحيل وقوعه، نحو قوله تعالى:{يكاد زيتها يضيء....}
2 أي: أن كلا منهما يظل منفصلا عن الآخر، لا يخالطه، ولا يتصل به فعلا، ولا يندمج فيه مباشرة.
3 التي مضارعها: "يكاد"، لا التي مضارعها: يكيد، بمعنى يمكر ويسيء.
4 ونها: "الم" وقد ورد في الأثر: "لولا أنه شيء قضاه الله لألم أن يذهب بصبره." ومنها "أولى".... ولا داعي لاستعمال الغريب من أفعال هذا الباب من غير حاجة، بالرغم من جواز استعماله.
5 ولهذا لا يكون اسمها شبه جملة - كما سبق - لأن المبتدا لا يكون شبه جملة.
"6 و6" مع ملاحظة أنها لا تدخل على الأشياء التي لا تدخل عليها النواسخ- وقد سبق بيانها في رقم 1 من هامش ص 544 - وأن الأخبار في هذا الباب كله بأنواعه المختلفة يشترط فيها ما يشترط في كل أخبار النواسخ "مما أشرنا له في ص 546 وبيانه التفصيلي في باب: "المبتدأ والخبر" هامش 443" والتنبه. إلى الملاحظة التي في هامش ص 480 خاصة بأن "أفعال الرجاء" وبعض أفعال المقاربة يصح أن يقع المعنى فيها خبرا عن الجثة، طبقا للبيان الذي في رقم 1 من الهامش التالي.
7 يكون زمن هذا المضارع ماضيا قريبا من الحالي عند استعمال "كاد" أو إحدى أخواتها بلفظ الماضي - كما سبق في رقم 4 من هامش ص 614 -، فهو مضارع في اللفظ وفي الإعراب، ماض قريب من الحال في الزمن، مثلها، لأن المضارع الواقع مع مرفوعه في خبر كاد الماضية أو إحدى أخواتها يكون زمنه مثلها، كما سبق - بالرغم من إعرابه فعلا مضارعا.
"2" وأن يكون هذا المضارع مسبوقاً بأن المصدرية"1 مع الفعل: "أوْشكَ" وغير مسبوق بها مع الفعل: "كاد" أو: "كَرَبَ"، نحو: أوشك المطر أن ينقطع، وكاد الجويعتدل، وكَرَبَ الهواءُ يطيب. ويجوز - قليلا - العكس، فيتجرد خبر: "أوْشَكَ"، من "أنْ" ويقترن بها خبر "كاد" و"كرب"، ولكن الأول هوالشائع فى الأساليب العالية التي يحسن الاقتصار على محاكاتها. ومن النادر أن يكون الخبر غير جملة مضارعية. ولا يصح محاكاة هذا النادر، بل يجب الوقوف فيه عند المسموع2.
وعمل أفعال المقاربة ليس مقصوراً على الماضى منها: بل ينطبق عليه وعلى ما يوجد
1 نترك للنحاة اختلافهم في نوع "أن" الداخلة في أخبار هذا الباب كله "كأخبار أفعال المقاربة هذه، وأفعال الرجاء ص 612" فأكثرهم يميل إلى أنها حرف نصب غير مصدري وأن فائدته تخليص المضارع للزمن المستقبل، دون زمن آخر، ويرفضون أن تكون مصدرية، بحجة أنها لو كانت مصدرية لوجب أن تسبك مع الجملة المضارعية بعدها بمصدر مؤول يكون خبرا للناسخ، فيترتب على ذلك الإخبار بالمعنى عن الجنة، وهو ممنوع - غالبا -. ففي مثل: عسى محمود أن يجود، يقع المصدر المؤول من أن والمضارع وفاعله خبر "عسى" في محل نصب، فيكون التقدير: عسى محمود جوده. فيقع "جود" - وهو أمر معنوي - خبرا عن "عسى" وهو في الحق خبر عن محمود، لأن اسم عسى وخبرها أصلهما المبتدا والخبر، ولا يجوز أن يكون المبتدأ جثة وخبره امرا معنويا - غالبا - ولا يبيح ذلك ناسخا قبلها.
وقال فريق آخر: لا مانع من اعتبار "أن" الداخلة في أخبار هذا الباب هي الناصبة المصدرية، والمصدر النسبك منها ومن المضارع مع فاعله - هو خبر الناسخ، إما على سبيل المبالغة، وإما على تقدير مضاف قبله، أو قبل اسم الناسخ، فيكون التقدير في المثال السابق: عسى محمود صاحب جوده، أو عسى حال محمود جوده
…
هذا كلام السابقين. وخير منه أن تكون "مصدرية ناصبة ويغتفر في هذا الباب كله الإخبار بالمعنى عن الجثة، فنستريح من تكلف التأويلات البصرية السالفة، كما نستريح من تكلف التأويلات الكوفية التي تجعل المصدر المؤول بدل اشتمال من الاسم المرفوع السابق، ويجعلون: "عسى" فعلا تاما معناه: "التوقع". ففي مثل: عسى على أن يحضر.... يكون التقدير: عسى على حضوره، أي: يتوقع على حضوره، ويكون الغرض من "البدل" هو التفصيل بعد الإبهام الداعي للتشويق. والذي يعنينا من هذا كله هو أن التعبير السالف صحيح، لا ضعف في استعماله ومحاكاته، ولا يعنينا بعد هذا نوع التأويل الذي يأخذ به فريق دون الآخر. "ولهذا إشارة في رقم 1 من هامش ص 636".
2 ومنه قوله الشاعر:
فأبت إلى "فهم" وما كدت آيبا
…
وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
"أبت" رجعت "فهم": اسم قبيلة: "تصفر" أي: تخلو من كل شيء فيها.... والنادر المسموع هو مجيئه مفردا. أما غيره وهو: "الجملة الماضوية، أو الاسمية أو شبه الجملة - فلم يسمع عن العرب
المشتقات الأخرى، وهى محدودة؛ أشهرها ثلاثة؛ مضارع للفعل:"كاد"، ومضارع للفعل:"أوشك"، واسم فاعل له، نحو: يكاد1 العلم يكشف أسرار الكواكب - يوشك القمر أن يتكشف للعلماء - أنت موشكٌ أن تنتهى إلى خير.
والأكثر أن تستعمل "كاد" و"كَرَبَ" ناسختين2. أما "أوشك" فيجوز أن تقع تامة؛ بشرط أن تُسنَد إلى "أنْ" والفعل المضارع الذى فاعله "أومرفوعه" ضمير مستتر: نحو: القوىّ أوشك أن يتعب؛ فالمصدر المؤول من "أنْ" والفعل المضارع وفاعله فى محل رفع فاعل "أوشك" التامة3. ومثله قول الشاعر:
إذا المجدُ الرفيع تواكلتْه4
…
بناة السُّوء أوشَك أن يضيعا5
وهي فى حالة تمامها تلزم صورة واحدة لا تتغير، مهما تغير الاسم السابق عليها فلا يتصل بآخرها ضمير رفع مستتر أوبارز: تقول: القويان أوشك أن يتعبا. الأقوياء أوشك أن يتعبوا. القوية أوشك أن تتعب. القويتان أوشك أن تتعبا. القويات أوشك أن يتعبن
…
بخلاف ما لوكانت ناقصة؛ فيجب أن يتصل بآخرها ضمير رفيع يطابق الاسم السابق فى التذكير، والتأنيث، وفى الإفراد، وفروعه: فتقول فى الأمثلة السابقة: "أوشَك" - "أوْشكا" - "أوْشكوا" - "أوشكت" - "أوشكَتَا" - "أوشَكْن" فإن وقع المضارع اسم مرفوع ظاهر نحو: أوشك أن يفوز القوىُّ - جاز فى أوشك أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة6.
1 ومثل قول الشاعر:
بنا من جوي الأحزان والوجد لوعة
…
تكاد لها نفس الشفيق تذوب
2 عند وقوعهما تامتين لا يصح إسنادهما إلى "أن" والمضارع، أي: لا يكون في الفصيح فاعلهما أو مرفوعهما مصدرا مؤولا.
3 ويجوز - في هذا المثال - أن تكون ناقصة، واسمها ضمير يعود على "القوى" وخبرها المصدر المؤول بعدها "انظر رقم 1 من الهامش السابق".
4 اتكل بعضهم على بعض في إقامته وحراسته، أو:أهملوه.
5 الألف زائدة في آخر المضارع، للشعر.
6 فعلى اعتبارها تامة تكون كلمة: "القوي" فاعلا للمضارع، والمصدر المؤول فاعلا "لأوشك". وعلى اعتبارها ناقصة، يكون الاسم الظاهر المرفوع:"القوي"، اسمها، طبقا للرأي الآتي في رقم 3 من هامش الصفحة التالية - والمصدر المؤول خبرها. ويجوز إعرابات أرى.
وستجيء لهذا إشارة عند الكلام على أفعال الرجاء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
"ا""كاد" كغيرها من الأفعال فى أن معناها ومعنى خبرها منفى إذا سبقها نفى، ومثبت إذا لم يسبقها نفى، خلافاً لبعض النحاة؛ فمثل:"كاد الصبى يقع" معناه: قارب الصبى الوقوع. فمقاربة الوقوع ثابتة. ولكن الوقوع نفسه لم يتحقق. وإذا قلنا: ما كاد الصبى يقع. فمعناه: لم يقارب الوقوع فمقاربة الوقوع منتفية. والوقوع نفسه منفى من باب أولى، ومثل هذا يقال فى بيت الشاعر:
إذا انصرفت نفسى عن الشئْ لم تكَدْ
…
إليه بوجه - آخِرَ الدَهرِ - تُقْبِلُ1
"ب" تعد أفعال المقاربة من أخوات "كان" الناسخة كما عرفنا2. ولكن أفعال المقاربة تخالفها فيما يأتى:
1-
خبرها لا بد أن يكون مصدراً مؤولاً من جملة مضارعية - فى الأصح - مسبوقة بأنْ أوغير مسبوقة بأن3، على التفصيل السابق، وفاعل المضارع لا بد أن يكون - فى الأرجح - ضميراً يعود على اسمها: وقد ورد رفعه السبىّ4 فى حالات قليلة، لا يحسن القياس عليها، مثل: كاد الطلل تكلمنى أحجاره.
2-
خبرها لا يجوز أن يتقدم عليها.
1 وقد قالوا في بيت ذي الرمة:
إذا غير النأي المحبين لم يكد
…
رسيس الهوى من حب مية يبرح
إنه صحيح بليغ. لأن معناه: إذا تغير حب كل محب لم يقترب حبي من التغير، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه. فهذا أبلغ من أن يقول:"لم يبرح"، لأنه قد يكون غير بارح من أنه قريب من البراحز بخلاف المخبر عنه بنفي مقاربة البراح. "رسيس الهوى. أوله وشدته". وكذا قوله تعالى: {إذا أخرج يده لم يكد يراها". هو أبلغ في نفي الرؤية من أن يقال لم يرها. لأن من لم ير، قد يقارب الرؤية. بخلاف من لم يقارب:..... "راجع الأشموني، والصبان".
2 في ص 615.
3 إذا كانت الجملة المضارعة مسبوقة بأن الناصبة فالخبر هو المصدر المنسبك. "المؤول". مجاراة للرأي الذي سبق في رقم 1 من هامش ص 616.
4 أي: الاسم الظاهر، المضاف لضمير اسمها- كما سبق في رقم 3 من هامش ص 611-.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
3-
إذا كان الخبر مقترناً "بأن" لم يجز - فى الأشهر1 - أن يتوسط بينها وبين اسمها، أما غير المقترن فيجوز كما فى خبر كان.
4-
يجوز حذف الخبر إن علم، نحو:"من تأنى أصاب أوكاد؛ ومن عَجل أخطأ أوكاد، وهوكثير فى خبر "كاد" قليل فى خبر "كان" ومع قلته جائز بالتفصيل الذى سبق فى موضعه2.....
5-
لا يقع فعل من أفعال المقاربة زائداً.
"حـ" يرى بعض النحاة أن "أوشك" ليست من أفعال المقاربة، وإنما هى من أفعال الرجاء التى سيجئ الكلام عليها فى هذا الباب3. مستشهداً ببعض أمثلة مأثورة تؤيده. ولا داعى للأخذ برأيه اليوم، بعد أن شاع اتباع الرأى الآخر الذى يخالفه، وتؤيده أيضاً شواهد فصيحة قديمة، تسايرها أساليبنا الحديثة. وإنما ذكرنا الرأى الأول ليستعين به المتخصصون على فهم النصوص القديمة.
1 في هذا الرأي المنسوب للشلوبين ومن معه - تضيق، بالرغم من أنه الأفصح. وهناك رأي للمبرد، والفارسي، والسيرافي، ومن معهم - يبيح التوسط. وفي هذا الرأي تيسير، وإزالة للتفرقة بين الخبر المقرون بأن، وغير المقرون بها، ولكنه غير الأفصح.
وستجيء الإشارة لهذا في رقم 4 من هامش ص 621 ورقم 2 من هامش ص 624 -.
2 ص 582.
3 ص 621.
أفعال الشروع - معناها:
ما معنى كلمة: "شَرَعَ" و"أخذَ" فى مثل: شَرَعَ المُغنَّى يُجَرِّبُ صوته، ويُصْلح عوده، وأخذ يوائم1 بين رنات هذا، ونغمات ذاك".....؟
معنى: "شَرَعَ" أنه ابتدأ فعلا فى التجربة ودخل فيها، وباشرها، وكذلك معنى كلمة "أخذ" فهى تفيد أنه ابتدأ فعلا فى المواءمة والتوفيق بين الاثنين.
وكذلك فى مثل: أُعِدَّ الطعامُ: فشرَع المدعوون يتوجهون إلى غرفته، وأخذ كل منهم يجلس فى المكان المهيأ له
…
" أى: ابتدءوا فى الذهاب إلى الغرفة، وباشروا الانتقال إليها فعلا، كما ابتدءوا فى الجلوس ومارسوه. ومرجع هذا الفهم إلى الفعل: "شرع"، "وأخذ"، فكلاهما يدل على ما سبق، ولهذا يسميه النحاة: "فعل شروع" يريدون: أنه الفعل الذى يدل على أول الدخول فى الشئ2، وبدء التلبس به، وبمباشرته.
وأشهر أفعال الشروع: شَرَع - أَنشأ - طفِقَ - أَخذَ - عَلِقَ - هَبّ - قام - هَلْهَل - جَعَل3.....
عملها:
هذه الأفعال جامدة لأنها مقصورة على الماضى4، إلا "طفِق"5 و"جعل" فلهما مضارعان. وعملها الدائم هورفع المبتدأ ونصب الخبر بشرط
1 يلائم ويوفق.
2 أي: دخول الاسم في الخبر.
3 هذا الفعل قد يكون بمعنى الظن، أو: التحويل، فينصب مفعولين. وقد يكون بمعنى: خلق، وأوجد، فينصب مفعولا به واحدا، كما سيجيء في جـ2 م 60 باب "ظن وأخواتها".
4 لما كانت هذه الأفعال الماضية دالة على الشروع، كانت ماضية في الظاهر فقط، ولكن زمنها للحال، وزمن المضارع الواقع في خبرها مقصور على الحال أيضا، ليتوافقا فيتلاءم معناهما. ويقول النحاة: إن هذا هو السبب في عدم اقتران خبرها "بأن" المصدرية، إذ "أن" المصدرية تخلص زمن المضارع للاستقبال، وأفعال الشروع تدل على الزمن الحالي. فيقع التعارض بين زمنيها
5 من باب: ضرب، وعلم، وفرح.
أن يكون المبتدأ مما يدخل عليه النواسخ1، فلا ترفع فاعلا ولا تنصب مفعولا ما دامت ناسخة؛ فهى من أخوات "كان" الناقصة. ولا تقع تامة2 حين إفادتها معنى:"الشروع" - كما أوضحناه - إلا أنّ خبر أفعال الشروه لا بد أن يكون:
1-
جملة مضارعية فاعلها "أو: مرفوعها" ضمير.
2-
المضارع فيها غير مسبوق "بأنْ" المصدرية3، كالأمثلة السابقة.
3-
تأخير هذه الجملة المضارعية وجوبا عن الناسخ واسمه، فلا يجوز أن تتقدم على عاملها "فعل الشروع" ولا أن تتوسط بينه وبين اسمه 4.
4-
جواز حذفها وهي خبر إن دل عليه دليل.
أفعال الرجاء 5 - معناها:
يتضح معناها من مثل: اشتد الغلاء؛ فعسى اللهُ أنْ يُخفف حدَّته - زاد شوق الغريب إلى أهله، فعسى الأيامُ أن تُقَربَ بينهم - تَطَلَّع الرحالة إلى كشف المجاهل؛ فعسى الحكومة أن تهيئ له الوسائل
…
ففى المثال الأول: رجاء وأمل فى الله أن يخفف شدة الغلاء. وفى الثانى: رجاء وأمل أن تُقربَ الأيام بين الغريب وأهله. وفى الثالث كذلك: أن تُعدّ الحكومة للرحالة الوسائل
…
ففى كل مثال رجاء وأمل فى تحقيق شئ مطلوب
1 لا يصح أن يكون اسمها شبه جملة - كما أوضحنا - وقد سبق في هامش ص 544 المبتدأ الذي لا يصلح لدخول النواسخ.
2 بعض هذه الأفعال قد يكون للشروع دون أن يكون ناسخا كالفعل "شرع" راجع معناه في: كتاب "لسان العرب".
3 للسبب الموضح في رقم 4 من هامش ص 620.
4 هذا رأي الشلوبين ومن معه، وفيه تضييق. والأنسب الأخذ بالرأي الآخر الذي يبيح التوسط، وهو منسوب للمبرد، والسيرافي والفارسي - كما في رقم 1 و 2 من هامشي ص 619 و 624 - بالرغم من أن الأول هو الأفصح -
5 الرجاء أو الأمل، معناه: الطمع في إدراك شيء محبوب، مرغوب فيه، وانتظار وقوعه، وهو الرجاء المتوقع.
يُفهم من الفعل المضارع مع مرفوعه، والكلمة التى تدل على الرجاء والأمل هى:"عسى"، ولهذا تبعد من أفعال الرجاء التى تدل على الرجاء التى يدل كل فعل منها على:"ترقب الخير، والأمل فى تحققه ووقعه". "والخبر المرتقب هنا هو: ما يتضمنه المضارع مع مرفوعه، كما سبق". ومن أشهرها: عسى - حَرَى1 - اخْلَولَقَ2
…
.
عملها:
هى أفعال ماضية فى لفظها3، جامدة1، الصيغة والأغلب أنها ترفع الاسم4 وتنصب الخبر - إن كانا صالحين لدخول النواسخ5 - فهى من الأفعال الناقصة "أى: الناسخة" أخوات "كان". وخبرها - فى الأفصح - مضارع مسبوق: بأنْ6، وفاعله ضمير، لكن يجوز فى خبر "عسى" أن يكون مضارعه غير مسبوق بأنْ، نحو: عسَى الأمن يدومُ7..... كما يجوز أن يكون فاعل هذا المضارع سببيًّا، أى: اسماً ظاهراً مضافاً لضمير اسمها؛ نحو: عسى الوطن يدوم عزُّه.
"1 و1" في آخر الزيادة والتفصيل - ص 629 - بيان عن "حسري" وعن اشتقاقها وجمودها، ومعانيها و....
2 قد يدل بعض هذه الأفعال على الإشفاق، وهو: الخوف من أمر مكروه، ومنه، "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" - كما سيجيء في "ب" من ص 627 - وإذا وقعت "عسى ولعل" في كلام الله كان لها معنى آخر، هو المذكور في رقم 1 من هامش ص 636. ولا تقع "ما" الزائدة بعد "عسى" التي معناها: الرجاء مطلقا. كما سيجيء في رقم 3 من هامش ص 628 ورقم 4 من آخر هامش ص 664.
3 هي ماضية في اللفظ ولكن زمنها هنا مستقبل، إذ لا يتحقق معناها إلا في المستقبل ولذلك كان زمن المضارع الواقع في خبرها مستقبلا فقط، ليتوافقا.
4 ولا يصح أن يكون اسمها شبه جملة.
5 طبقا للبيان الذي سبق في رقم 1 من هامش ص 544.
6 صرح الصباح - في آخر باب: التعجب، جـ 3 بأنه لا يصح إحلال "أن""مفتوحة الهمزة، مشددة النون" محل "أن" ساكنة النون في خبر "عسى". مع أن كلا منهما حرف مصدري. والظاهر أن الأمر يسري على "عسى" وأخواتها.
"7 و 7" انظر هامش ص 479 وص 480 حيث الملاحظة الخاصة بصحة أن يكون خبر هذه الأفعال معنى عن جثة. والبيان في رقم 1 من هامش ص 616.
حكمها:
يجب تقديم هذه الأفعال على معموليها. كما يجب - فى رأى دون آخر1 - تأخير الخبر المقرون بأن عن الأسم. ويجوز حذف الخبر لدليل وقد تقدم أن والأغلب فى استعمال هذه الأفعال أن تكون ناقصة. لكن يجوز فى "عسى""واخلولق" أن تكونا تامتين، بشرط إسنادهما إلى "أنْ" والمضاعر الذى مرفوعة ضمير يعود على اسم سابق. دون إسنادهما إلى ضمير مستتر أوبارز؛ فلا بد لتمامهما أن يكون فاعلهما مصدراً مؤولا من "أنْ" وما دخلت عليه من جملة مضارعية، ولا يصح أن يكون ضميراً، نحو: الرجل عسى أن يكون. ونحو: الزرع اخلولق أن يتفتح، فالمصدر المؤول فى المثالين فاعل2 وفى هذه الحالة لا يكون فى "عسى" و"اخلولق" ضمير مستتر3.
وفي حالة التمام تلزم "عسى" وأختها صورة واحدة لا تتغير مهما تغير الاسم السابق، فلا تلحقهما علامة تثنية ولا علامة جمع - لأن فاعلهما مذكور بعدهما -
…
نحو الرجل عسى أن يقوم - الرجلان عسى أن يقوما - الرجال عسى أن يقوموا.... وهكذا.
أما عند النقص فى: "عسى" و"اخلولق"، فلا بد أن يتصل بآخرهما ضمير مطابق للاسم السابق فتكونا ناقصتين. فإن لم يتصل بهما ضمير، وأسْندتا إلى:"أنْ" والمضارع الذى فاعله ضمير، فهما تامتان، - كما سلف - والمصدر المؤول
1 انظر رقم 3 من هامش الصفحة الآتية، وب" من ص 627
2 ويرى بعض النحاة في الثلاثة أن المصدر المؤول سد مسد المعمولين، فهي عنده- دائما - أفعال ناقصة. وفي هذا الرأي تيسير.
3 وهذا التمام خاص بهما، وبأوشك من أفعال المقاربة - كما سبق عند الكلام عليها في ص 617 والثلاثة بعض الأحكام الأخرى العامة وسيجيء في الزيادة، ص 626.
فاعلهما. ففى حالة النقص نقول: الرجل عسى1 أن يقوم - الرجلان عسيا أن يقوما - الرجال عَسْوا أن يقوموا. البنت عست أن تقوم. البنتان عَسَتا أن تقوما - النساء عَسيْن أن يقمن
…
و
…
2
فإن كان فاعل المضارع "أومرفوعه" اسماً ظاهراً جاز فى كل منهما أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة؛ فعند التمام يكون المصدر المؤول من "أنْ" والمضارع مع مرفوعه الظاهر - فاعلا للناسخ، وعند النقص لا يكون الاسم الظاهر المتأخر مرفوعاً للمضارع، بل يصير هواسم الناسخ ويكون الخبر هو: المصدر المؤول من "أنْ" والمضارع مع مرفوعه3 الفاعل أوما يغنى عن الفاعل.
1 يعتبر من ضمائر الرفع المتصلة بآخر الناسخ كل ضمير مستتر وقع اسما لذلك الناسخ. - راجع رقم 3 من هامش ص 219 -
2 انظر بعض الصور الجائزة في ص 626 و "هـ" ص 628 ومنها بعض الصور والأحكام الخاصة باستعمالات: "حزى".
3 وهذا الإعراب مبني على رأي المبرد، والسيرافي، والفارسي، وغيرهم من القائلين بجواز توسط الخبر بين فعل الرجاء واسمه وفي الأخذ به توسعة وتيسير، دون رأي الشلوبين وغيره ممن يمنعون التقديم، وإن كان المنع هو الأفصح - وقد سبقت الإشارة لهذا في رقم 1 و 3 من هامش من هامش صفحتي:"617و 619" وهناك إعرابات أخرى في الحالتين سيجيء بعضها في الزيادة، وفيما سبق يقول ابن مالك:
ككان "كاد" و "عسى" لكن ندر
…
غير مضارع لهذين خبر
وكونه بدون "أن" بعد "عسى"
…
نزر، و "كاد" الأمر فيه عكسا
أي: "أن كاد" و "عسى" مثل: "كان" في العمل، كلاهما يرفع الاسم وينصب الخبر، لأنهما من الأفعال الناقصة - ومن النزر، "أي: من القليل جدا" أن يكون خبرهما غير جملة مضارعية. ثم بين أن الجملة المضارعية الواقعة خبرا عن "عسى" لا تخلو من "أن" المصدرية - فيكون المصدر المؤول هو الخبر - ولعكس في الجملة المضارعية الواقعة خبرا عن "كاد". فالأكثر عدم اقترانها "بأن"، ثم قال:
وكعسي "حري". ولكن جعلا
…
خبرها حتما "بأن" متصلا
وألزموا اخلولق: "أن" مثل: "حري"
…
وبعد: "أوشك" انتفا: "أن" نزرا
يريد: أن "حسرى" كعسى، كلاهما من أفعال الرجاء معنى وعملا. غير أن "حري" لا يخلو خبرها من "أن" المصدرية، فمن المحتم أن يتصل بها. وكذلك "اخلولق"، فقد "أوجبوا" اتصالها "بأن" مثل، "حرى". أما "أوشك" فيلزمها "أن" وقد تحذف نادرا، ولا يقاس على هذا النادر، كما لا يقاس على النزر في كل ما سبق "هذا، والألف في آخر الفعل: "جعل - زائدة" =
وكل هذا يصح فى: "اخلولق" أيضاً1.
= ثم قال:
ومثل "كاد" في الأصح "كربا"
…
وترك "أن" مع ذي الشروع" وجبا
كأنشأ السائق يحدو، وطفق
…
كذا: "جعلت"، و "أخذت" و "علق"
يريد: أن "كرب" مثل: "كاد" في معناها، وهو: المقاربة، وفي عملها، وفي عدم اتصال خبرها "بأن" في الأغلب. ثم عرض لترك "أن" مع ذي الشروع- أي: مع الفعل صاحب الشروع-، فأوجب الحذف، وعد من أن أفعال الشروع، أنشأن وطفق: وجعل: وأخذ، وعلق، ومثل للأول بقوله: أنشأ السائق يجدو، أي: يغني.
ثم قال:
واستعملوا مضارعا "لأوشكا"
…
و "كاد" لا غير، وزادوا "موشكا"
أي: أفعال هذا الباب كلها جامدة، ليس لها مشتقات، إلا "كاد" فلها مضارع، وإلا "أوشك" فلها مضارع أيضا. وقد ورد لها اسم فاعل قليلا حيث سمع: موشك، ولا مانع من استعماله.
1 وهذا هو ما قصد إليه ابن مالك بقوله:
بعد عسى، اخلولق، أوشك، قد يرد
…
غني بـ "أن يفعل" عن ثان فقد
يريد "بأن يفعل" كل جملة مضارعية، مسبوقة بأن المصدرية، فهو لا يريد "أن يفعل" ذاتها، وإنما يريد ما هو على صياغتها ونمطها، فتستغنى بها تلك الأفعال الثلاثة عن الثاني اللازم لها، وهو الخبر. فالمراد أنها تستغنى بالمصدر المؤول عن الخبر، فلا تحتاج إليه، فهي تكتفي بمرفوعها وتكون تامة لا ناقصة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
إذا وقعت "عسى" ومثلها "اخلولق" و "أوشك" بعد اسم ظاهر مرفوع1، وليس بعدها في الجملة اسم ظاهر ولا ضمير بارز، مثل: الصديق عسى أن يحضر - جاز أمران:
ا- أن تخلو"عسى" من ضمير مستتر فيها أوبارز، فتكون تامة. فاعلها هوالمصدر المؤول بعدها من "أن" والمضارع مع مرفوعه المستتر، والجملة من "عسى" ومرفوعها فى محل رفع خبر المبتدأ الذى قبلها وهو:"الصديق". ونحو: المحمدان عسى أن يتقدما. المحمدون عسى أن يتقدموا. البنات عسى أن يتقدمن.
ب- وجاز أن تكون ناقصة، فتشتمل على ضمير مستتر أوبارز هواسمها يعود على المبتدأ السابق عليها ويطابقه فى التذكير والتأنيث، وفى الإفراد وفروعه، وخبرها هوالمصدر المؤول من "أن" والمضارع مع مرفوعه المستتر أوالبارز. والجملة منها ومن اسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ الذى قبلها؛ مثل: محمد عسى أن يحضر - المحمدان عسيا أن يحضُرا - المحمدون عَسوْا أن يحضُروا - النساء عسَين أن يحضُرْن
…
- كما تقدم -.
أما إذا تأخر ذلك الاسم المرفوع بحيث يقع بعد المضارع المسبوق بأن المصدرية كما فى المثال: عسى أن يحضر الوالد - فيجوز أربعة أوجه.
الأول - أن يكون الاسم المتأخر مبتدأ "وهومع تأخره فى اللفظ متقدم فى الرتبة". "عسى" فعل ماض تام، وفاعله هوالمصدر المؤول من "أنْ" ومن
1 بأن كانت مسندة إليه مع مرفوعها.
2 في ص 623.
3 هي التي يكون فيها اسم الناسخ ضميرا للمفرد الغائب أو المفردة الغائبة.
4 وإلى هذه الحالة ويشير ابن مالك بقوله:
وجردان "عسى" أو ارفع مضمرا
…
بها إذا اسم قبلها قد ذكرا
5 ومع أن هذه الأوجه جائزة من الناحية الإعرابية فلكل منها معنى قد يختلف عن الآخر بعض الاختلاف من الناحية البلاغية. والأوجه الأربعة إنما تجوز في غير الحالة: "هـ" الآتية في ص 628.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المضارع مع مرفوعه المستتر، والجملة من "عسى" وفاعلهما فى محل رفع خبر المبتدأ المتأخر.
الثانى: أن يكون الاسم المتأخر مبتدأ مع تأخره. "عسى" فعل ماض ناقص، اسمها ضمير مستتر تقديره:"هو" يعود على المبتدأ، المتأخر فى اللفظ، المتقدم فى الرتبة، ويطابقه؛ وخبرها هوالمصدر المؤول من "أن" والمضارع مع مرفوعه المستتر. والجملة من "عسى" واسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ المتأخر.
الثالث: أن تكون "عسى" تامة وفاعلها هوالمصدر المؤول بعدها من "أن" والفعل المضارع مع مرفوعه، ومرفوعه هوالاسم الظاهر بعده. "الولد".
الرابع: أن تكون "عسى" ناقصة واسمها هو: الاسم الظاهر المتأخر "الوالد". وخبرها هوالمصدر المؤول من أن والفعل المضارع ومرفوعه المستتر.
وتشترك "اخلولق" و"أوشك" مع "عسى" فى كل ما سبق من الحالات1
…
"ب" سبق2 أنه لا يجوز فى أفعال الرجاء أن يتقدم خبرها عليها، كما لا يجوز3 - فى رأى - أن يتوسط بينها وبين اسمها إن كان المضارع مقترناً "بأن". ويجوز حذف خبرها للعمل به.
كما سبق عند الكلام على الصلة4 أن أفعال الرجاء لا تصلح أن تكون أفعال صلة، إلا "عسى" طبقا لما هو مدون هناك
…
والأكثر فى "عسى" أن تكون للرجاء. وقد تكون للإشفاق5 "أى: الخوف من وقوع أمر مكروه" مثل قوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهوخير لكم} - كما سبق فى رقم 2 من هامش ص 563 وكما يجئ فى رقم1 من هامش ص 575.
"حـ" إذا أسند الفعل: "عسى" لضمير رفع المتكلم أوالمخاطب جاز فتح
1 انظر رقم 2 من هامش ص 623، ورقم 1 من هامش ص 622 خاصا بهذا الإعراب.
2 في ص 623.
3 وهذا على غير الرأي الذي أشرنا إليه في رقم 1 هـ
4 في ص 374 وهامشها.
5 كما سبق في رقم 2 من هامش ص 622 وكما يجيء في رقم 1 من هامش ص 636.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السين وكسرها؛ نحو: عسِيَت1 أن أسْلَمَ من المرض، وعسيَت أن تفوز بالغنى، وعَسِيتما
…
وعَسِيتم
…
وعَسين
…
والفتح أشهر2.
"د" فى مثل: عسانَى أزورك - عساك تزورنى، عساه يزورنا من كل تركيب وقع فيه بعد "عسى" الضمير:"الياء" أو"الكاف" أو"الهاء" وهى ضمائر ليست للرفع - تكون: "عسى" حرفاً للرجاء3، بمعنى:"لعل" وتعمل عملها، وهذا أيسر الآراء كما سبق4. ويجوز اعتبار "عسى" من أخوات "كان" وهذا الضمير فى محل رفع اسمها. ولا يكون كذلك فى غير هذا الموضع والأفضل الإعراب الأول، والاقتصار عليه أحسن.
"هـ" فى مثل: عسى أن يتلطف الطبيب مع المريض - يوجب النحاة إعراب كلمة: "الطبيب" فاعلا للفعل: "يتلطف". ولا يجيزون أن تكون مبتدأ متأخراً، ولا اسماً لعسى الناقصة، ولا غير ذلك5. وحجتهم فى المنع أن إعرابها بغير الفاعلية للفعل:"يتلطف" يؤدى إلى وجود كلمة أجنبية فى وسط صلة "أنْ" فمن الخطأ إعراب أن "مصدرية""يتلطف" مضارع منصوب بها، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو" يعود على "الطبيب" المتأخر فى اللفظ؛ دون الرتبة؛ وعلة الخطا أن كلمة: "الطبيب" سواء أكانت مبتدأ متأخراً، أم اسماً لعسى، قد
1 وإسناده لهذه التاء التي هي ضمير - دليل من الأدلة التي يعتمد عليها أصحاب الرأي القائل بأن "عسى" فعل ماض، وليست حرفا. أما بقية أفعال هذا الباب فلا خلاف في أنها فعل.
2 وفي هذا يقول ابن مالك:
والفتح والكسر أجز في السين من
…
نحو: عسيت، وانتقا الفتح زكن
أي: أن الفتح والكسر جائزان في مثل: "عسيت" حين يتصل بها ضمير رفع لمتكلم، أو لمخاطب كما شرحنا، "زكن" انتقاء الفتح "بمعنى: علم اختياره عن العرب"، وأنه أفضل عندهم من الكسر.
3 وفي هذه الحالة لا تقع بعدها "ما" الزائدة لأن "ما" الزائدة لا تقع بعد عسى -
كما سيجيء في آخر رقم 4 من هامش ص 664 وكما سبق في رقم 2 من هامش ص 622
4 في رقم 3 من هامش ص 622 وفي ب من ص 241 وستجيء لها إشارة في رقم 2 من هامش ص 628.
5 وهذه هي الحالة المستثناء التي أشرنا لها في رقم 5 من هامش ص 626.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقعت غريبة بين أجزاء صلة "أنْ" لأنها ليست من تلك الصلة، وفصَلتْ بين تلك الأجزاء. ولا يجوز الفصل بأجنبى فى تلك الصلة. ومثل هذا قالوا: فى إعراب كلمة: "رَبّ"، فى قوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} مع إعراب: "مقاماً" ظرف.
و من الاستعمالات الصحيحة وقوع اللفظ: "حَرًى" اسماً منوناً مع ملازمته الإفراد والتذكير فى جميع حالاته؛ نحو: الصانع حَرًى أن يُكرَم - الصانعان حرًى أنْ يُكرَما - الصانعون حَرًى أن يكرموا - الصانعة حَرًى أن تكرم - الصانعتان حَرًى أن تكرما - الصانعات حرى أنْ يكرمن
…
ولفظ: "حَرًى" فى كل الاستعمالات السابقة مصدر معناه: جدير وحقيق؛ فهومصدر بمعنى الوصف، والأحسن أن يكون مصدراً لفعل تام متصرف ليس فى "أفعال الرجاء" هوالفعل: حَرِىَ - يَحْرَى - حَرًى. وقد يجئ من هذا الفعل التام المتصرف وصف مشتق على: "حَرِىّ""وزان: غَنِيّ"، وعلى: حَرٍ "وزان: صَدٍ بمعنى: ظمآن" وهذان الوصفان هما صفتان مشبهتان ولا يلتزمان صيغة واحدة، وإنما تلحقهما علامة التثنية والجمع، والتذكير والتأنيث فيقال: المكافح حَرِىّ أوحَرٍ أن يفوز - المكافحات حريَّان، أوحَريَان أن يفوزا - المكافحون حريُّون أوحريُون أن يفوزوا - المكافحة حريَّة أوحَرِيةٌ
…
المكافحتان حرِّيتَان أوحَرِيتَان
…
المكافحات حَرِيَّات أوحَرِيَات
…