المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة: - النحو الوافي - جـ ١

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌ الكلام وما يتألف منه

- ‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

- ‌المسألة الثالثة: أقسام التنوين، وأحكامه

- ‌المسألة الرابعة: الفعل وأقسامه، وعلامة كل قسم

- ‌المسألة الخامسة: الحرف

- ‌ الإعراب والبناء

- ‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

- ‌المسألة التاسعة: المثنى

- ‌المسألة العاشرة: جمع المذكر السالم

- ‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

- ‌المسألة الثانية عشرة: جمع المؤنث السالم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: إعراب ما لا ينصرف

- ‌المسألة الرابعة عشرة: الأفعال الخمسة

- ‌المسألة الخامسة عشرة: المضارع المعتل الآخر

- ‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

- ‌ النكرة والمعرفة

- ‌المسألة السابعة عشرة: النكرة والمعرفة

- ‌المسألة الثامنة عشرة: الضمير

- ‌المسألة التاسعة عشرة: الضمير المفرد، والضمير المركب

- ‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

- ‌المسألة الحادية والعشرون: نون الوقاية

- ‌المسألة الثانية والعشرون: العلم

- ‌المسألة الثالثة والعشرون: أقسام العلم

- ‌المسألة الرابعة والعشرون: اسم الإشارة

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: كيفية استعمال أسماء الإشارة، وإعرابها

- ‌المسألة السادسة والعشرون: الموصول

- ‌المسألة السابعة والعشرون: صلة الموصول والرابط

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

- ‌المسألة التاسعة والعشرون: الموصولات الحرفية

- ‌المسألة الثلاثون: المعرف بأل

- ‌المسألة الحادية والثلاثون: "أل" الزائدة

- ‌المسألة الثانية والثلاثون: العلم بالغلَبة

- ‌ المبتدأ والخبر وما يتصل بهما

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون: تطابق المبتدأ الوصف مع مرفوعه

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون: أقسام الخبر

- ‌المسألة السادسة والثلاثون: المبتدأ المعرفة، والمبتدأ النكرة

- ‌المسألة السابعة والثلاثون: تأخير الخبر جوازًا ووجوباً

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون: تقديم الخبر وجوباً

- ‌المسألة التاسع والثلاثون: حذف المبتدأ والخبر

- ‌المسألة الأربعون: تعداد الخبر، تعدد المبتدأ

- ‌المسألة الحادي والأربعون: مواضع اقترن الخبر بالفاء

- ‌نواسخ الابتداء "كان وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثالثة والأربعون: حكم الناسخ ومعموليه من ناحية التقديم والتأخير

- ‌المسألة الرابعة والأربعون: زيادة "كان" وبعض أخواتها

- ‌المسألة الخامسة والأربعون: حذف "كان". وحذف معموليها، وهل يقع ذلك في غيرها

- ‌المسألة السادس والأربعون: حذف النون من مضارع "كان

- ‌المسألة السابعة والأربعون: نفى الأخبار فى هذا الباب

- ‌ الحروف التى تشبه "ليس" وهى "ما-لا- لات-إنْ

- ‌ أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعال الرجاء

- ‌الحروف الناسخة "إن" وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثانية والخمسون: فتح همزة: "إن"، وكسرها

- ‌لا" النافية للجنس

- ‌مدخل

- ‌المسألة السابعة والخمسون: اسم "لا" المتكررة مع المعطوف

- ‌المسألة الثامنة والخمسون: حكم نعت اسم "لا

- ‌المسألة التاسعة والخمسون: بعض أحكام أخرى

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

الاسم، والفعل والحرف:

الاسم: كلمة تدل بذاتها1 على شيء محسوس، -مثل: نحاس، بيت، جَمل، نخلة، عصفورة، محمد

- أوشيء غير محسوس، يعرف بالعقل؛ "مثل: شجاعة، مروءة، شرف، نُبل، نبوغ

" وهو في الحالتين لا يقترن بزمن2.

علاماته: أهمها خمسة، إذا وجدت واحدة منها كانت دليلًا على أن الكلمة "اسم".

العلامة الأولى: الجر؛ فإذا رأينا كلمة مجرورة لداع من الدواعي النحوية، عرفنا أنها اسم؛ مثل: كنت فى زيادةِ صديقٍ كريمٍ. فكلمة: "زيارةِ" اسم؛ لأنها مجرورة بحر الجر "في"، وكلمة:"صديق" اسم؛ لأنها مجرورة؛ إذ هى "مضاف إليه"، وكلمة:"كريم" اسم؛ لأنها مجرورة بالتبعية لما قبلها؛ فهي نعت لها.

العلامة الثانية: التنوين؛ فمن الكلمات ما يقتضى أن يكون فى آخره ضمتان، أو فتحتان، أو كسرتان؛ مثل: جاء حامدٌ، رأيت حامدًا،

1 أي: من غير أن تحتاج إلى كلمة أخرى.

2 لإيضاح التعريف وبيان معنى الاسم نذكر ما يأتي: لو وضعنا فاكهة معينة أمام إنسان لا يعرفها، فسأل: ما هذه؟ فأجبنا: "رمان" -مثلًا- لكانت الكلمة: "رمّان" هي الرمز، أو العلامة، أو اللفظ الدال على تلك الفاكهة. وإن شئت فقل: إنها اسم يفهم منه السامع تلك الفاكهة المعينة، دون غيرها. فعندنا شيئان، فاكهة لها أوصاف حسية خاصة بها، ولفظ معين، إذا نطقنا به انصر الذهن مباشرة إلى تلك الفاكهة الخاصة. فلهذا اللفظ معنى، أو مدلول، أو مراد، وما معناه، أو مدلوله، أو المراد منه إلا هذه الفاكهة. وإن شئت فقل: إنه اسم هي معناه ومسماه، وإن هذا المعنى والمسمى له اسم، هو:"الرمان" فالاسم ليس إلا رمزًا، أو علامة، أو إشارة يراد بها أن تدل على شيء آخر، وأن تعينه، وتميزه، وهذا الشيء الآخر هو المراد من تلك الشارة، والغرض من اتخاذها، فهو مدلولها ومرماها، أي: هو المسمى بها، وهي الاسم الذي يميزه من غيره، ويحدده، فلا يختلط بسواه ومتى ثبت أن الاسم هو الرمز والعلامة، وأم المسمى هو المرموز له، المطلوب إدراكه بالعقل- كان الاسم متضمنًا في ذاته كل أوصاف المسمى، فهو مع مسماه كالصورة التي يكتب اسمها إزاءها، فإذا قرئ الاسم أولًا دل على الصورة ومضمونها كاملة. ومثل ما سبق يقال في كل اسم آخر، ومنه يتضح تعريفهم الاسم أحيانًا بأنه:"ما يدل على مسمى فقط"، أي: من غير أن يدل معه على زمن أو شيء آخر.

ولهذا الكلام أمثلة متعددة في جـ 4 ص 137 - من الطبعة الثانية - م 141 رقم 1 من هامشها. باب: أسماء الأفعال.

ص: 26

ذهبت إلى حامد، طار عصفورٌ جميلٌ، شاهدت عصفورًا جميلاً، استمعت إلى عصفورٍ جميلٍ

وهذه الكلمات لا تكون إلا أسماء.

وكان الأصل أن تكتب هي وأشباهها كما يكتبها علماء "العَروض" هكذا:

حامدُنْ، حامدَنْ، حامدِنْ، عصفورُنْ جميلُنْ

عصفورَنْ جميلَنْ

عصفورِنْ جَميلِنْ

أي: بزيادة نون ساكنة في آخر الكلمة؛ تحدث رنينًا خاصًّا؛ وتنغيمًا عند النطق بها. ولهذا يسمونها: "والتنوين" أي: التصويت والترنيم؛ لأنها سببه. ولكنهم عدلوا عن هذا الأصل1، ووضعوا مكان "النون"2 رمزًا مختصرًا يغني عنها، ويدل -عند النطق به- على ما كانت تدل عليه؛ وهذا الرّمز هو: الضمة الثانية، والفتحة الثانية، والكسرة الثانية

على حسب الجمل

ويسمونه: "التنوين"، كما كانوا يسمون النون السالفة، واستغنوا بها الرمز المختصر عن "النون"؛ فحذفوها فى الكتابة، ولكنها لا تزال ملحوظة يُنْطَق بها عند وصل بعض الكلام ببعض، دون الوقف.

ومما تقدم نعلم: أن التنوين نون ساكنة، زائدة3. تلحق آخر الأسماء لفظًا، لا خطًا ولا وقفًا4.

العلامة الثالثة: أن تكون الكلمة مناداة5، مثل: يا محمدُ، ساعد

1 اختصارًا، ومنعًا للخلط بين هذه النون الزائدة وغيرها من النونات الأخرى، الزائدة والأصلية.

2 راجع شرح المفصل "جـ 9 ص 35" في الكلام على "التنوين" حيث تراه مكتوبا "بالنون" كما في الأمثلة السالفة

3 أي: ليست من أصل بنية الكلمة، ولا من حروفها الأصلية، لأن هذه النون -وإن كانت حرفا واحدًا- تعد كلمة كاملة، وتدخل في قسم الحرف المعنوي المعدود من أقسام الكلمة الثلاثة، فمثلها مثل واو العطف، وفائه، وباء الجر، وتائه

وغيرها من "حروف المعاني" التي سيجيء الكلام عليهما في هامش ص 66 وص 70 وفي الجزء الثاني ص 229 م 78 "أول باب: الظرف" ويبنون على هذا تعليلات لبعض الأحكام، كتعليلهم وجوب حذف التنوين من المضاف بأن التنوين كلمة كاملة، ولا يصح الفصل بكلمة بين المضاف والمضاف إليه، وهما شيئان متلازمان. إلا بعض حالات فيها الفصل بينهما، وستجيء في باب:"الإضافة""جـ 3".

4 سيجيء في المسألة الثالثة: "ص 33" تفصيل مناسب يتضمن أنواع التنوين وحكم كل نوع.

5 لأن المنادى "مفعول به" فقولك: "يا محمد" هو بمثابة قولك: "أدعو محمدا" فهو مفعول به حقيقة، أو تقديرا - تبعا للخلاف الذي سجله الصبان وغيره، في هذا والمفعول به لا يكون إلا اسما. وكان الأوضح والأنسب أن يقال:"أن تكون الكلمو مفعولا به "كما يرى بعض النحاة - لتكون هذه العلامة هي الدالة على اسمية الضمير: إياك" وأخواته، مما يكون "مفعولا به" ولا يكون "منادي".

ص: 27

الضعيف. يا فاطمة، أكرمي أهلك. فنحن ننادي محمدًا، وفاطمة. وكل كلمة نناديها اسم، ونداؤها علامة اسميتها1.

العلامة الرابعة: أن تكون الكلمة مبدوءة "بأل"2 مثل: العدل أساس الملك.

العلامة الخامسة: أن تكون الكلمة منسوبًا إليها -أي: إلى مدلولها- حصولُ شيء، أو عدم حصوله، أو مطلوبًا منها إحداثه، مثل: عليٌّ سافرَ. محمود لم يسافر. سافرْ يا سعيد. فقد تحدثنا عن "عليّ" بشيء نسبناه إليه. هو: السفر، وتحدثنا عن "محمود" بشيء نسبناه إليه؛ هو عدم السفر، وطلبنا من "سعيد" السفر. فالحكم بالسفر، أو بعدمه، أو بغيرهما، من كل ما تتم به الفائدة الأساسية يسمى: إسنادًا، وكذلك الحكم بطلب شيء من إنسان أو غيره

فالإسناد هو: "إثبات شيء لشيء، أو نفيه عنه، أو طلبه منه".

هذا، واللفظ الذى نسب إلى صاحبه فعل شيء أو عدمه أو طُلب منه ذلك، يسمى:"مسنَدًا إليه"، أى: منسوبًا إليه الفعل، أو الترك، أو طُلب منه الأداء. أما الشيء الذى حصل ووقع، أو لم يحصل ولم يقع، أو طُلب حصوله -فيسمى:"مسندًا"، ولا يكون المسند إليه اسما. والإسناد هو العلامة التى دلت على أن المسند إليه اسم5.

1 إذا رأينا حرف النداء داخلًا في الظاهر على ما ليس باسم "كالفعل، أو: الحرف، في نحو: يا

ادخل الحجرة -يا

ليتك تحترم الميعاد،" فإنه يكون في الحقيقة داخلا على منادي محذوف، لسبب بلاغي.. أو: تكون" يا" حرف تنبيه، وليست حرف نداء. وسيجيء البيان في أول الجزء الرابع: "باب المنادى".

2 زائدة كانت أم أصيلة "إلا الاستفهامية عند من يستعملها في الاستفهام، والموصولة عند من يجيز دخولها على الفعل" وبهذه العلامة قوي الحكم على كلمة: "العزى" أنها اسم، وهي كلمة مؤقتة، علم لضم مشهور في الجاهلية، و "أل" في أولها زائدة لازمة لا تفارقها ومذكرها: الأعز.

3 انظر ما يتصل بهذا في "جـ" ص 30.

4 بهذه العلامة أمكن الحكم بالاسمية على ضمائر الرفع، كالتاء، ونا، وأنا، وعلى "ما" الاستفهامية، والموصولة

5 أشار ابن مالك في ألفيته إلى تلك العلامات بقوله:

بالجر والتنوين، والنداء، وأل

ومسند للاسم تمييز حصل

أي: حصل تمييز للاسم من غيره: بالجر، والتنوين، والنداء، وأل، ومسند، أي: إسناد" والإسناد هو الذي يدل على أن الضمائر المرفوعة أسماء: مثل: "أنا" كتبت رسالة كما تقدم....

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

"أ"- تعددت علامات الاسم، لأن الأسماء متعددة الأنواع؛ فما يصلح علامة لبعض منها، لا يصلح لبعض آخر، كالجر، فإنه لا يصلح علامة لضمائر الرفع، كالتاء- ولا يصلح لبعض الظروف؛ مثل: قَطُّ: وعَوْضُ. وكالتنوين؛ فإنه يصلح لكثير من الأسماء المعربة المنصرفة، ولا يصلح لكثير من المبنيات. وكالنداء فإنه يصلح وحده للأسماء الملازمة للنداء؛ مثل: يا فل "أي: يا فلان"، ويا مكرَمان للكريم الجواد، وغيرهما مما لا يكون إلا منادى1. وهكذا اقتضى الأمر تعدد العلامات بتعدد أنواع الأسماء

"ب"- للاسم علامات أخرى؛ أهمها:

1-

أن يكون مضافًا؛ مثل: تطرب نفسي لسماع الغناء. وقراءة كتب الأدب.

2-

أن يعود عليه الضمير2، مثل: جاء المحسن. ففي "المحسن" ضمير. فما مرجعه؟ لا مرجع له إلا "أل"3؛ لأن المعنى: "جاء الذى هو محسن" ولهذا قالوا "أل" هنا: اسم موصول. وكذلك قد فاز المخلص، وأفلح الأمين.

3-

أن يكون مجموعًا. مثل: مفاتيح الحضارة بيد علماء، وهبوا أنفسهم للعلم. فكوْن الاسم جمعًا خاصة من خواص الأسماء.

4-

أن يكون مصغرًا؛ "لأن التصغير من خواص الأسماء كذلك" مثل: حُسَين أصغر من أخيه الحسن.

5-

أن يبدل منه اسم صريح؛ مثل: كيف عليّ؟ أصحيح أم مريض؛ فكلمة: "صحيح" اسم واضح الاسمية، وهو بدل من كلمة:"كيف" فدلّ على أن "كيف" اسم؛ لأن الأغلب في البدل والمبدل منه أن يتحدا معًا، في الاسمية والفعلية.

1 انظر ما يتصل بالعلامة الثالثة: "المناداة" - ص 27.

2 بهذه العلامة أمكن الحكم بالاسمية على "ما" التعجبية، وعلى "مهما" في مثل: ما أجمل المعروف! ومثل قوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ}

إلخ.

3 سيجيء بيان السبب مفصلًا عند الكلام على صلة "أل" في باب: "الموصول". "رقم 2 من هامش ص 356".

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

6-

أن يكون لفظه موافقاً لوزن اسم آخر، لا خلاف فى اسميته؛ كنزَال1 فإنه موافق فى اللفظ لوزن:"حَذَامِ" اسم امرأة، وهو وزن لا خلاف فىَ أنه مقصور على الأسماء. ولولا هذه العلامة لصعب الحكم على "نَزَالِ" بالاسمية؛ لصعوبة الاهتداء إلى علامة أخرى.

7-

أن يكون معناه موافقًا لمعنى لفظ آخر ثابت الاسمية؛ مثل: قَطُّ. عَوْضُ. حيث

فالأولى ظرف يدل على الزمن الماضي2، والثانية ظرف يدل على الزمن المستقبل، والثالثة بمعنى المكان -في الأغلب- وبهذه العلامة أمكن الحكم على الكلمات الثلاثة بالاسمية؛ إذ يصعب وجود علامة أخرى.

"جـ" سبق أن من علامات الاسم الإسناد: وقد وضحناه. وبقي أن نقول: إذا أسندتَ إلى كلمة قاصدًا منها لفظها، وكان لفظها مبنيًا -كما لو رأيت كلمة مكتوبة؛ مثل:"قَطفَ" أو: "مَنْ""أو: رُبَّ"، وأردت أن تقول عن لفظها المكتوب؛ إنه جميل، وهو لفظ مبني فى أصله كما ترى -فإنه يجوز أحد أمرين.

أولهما: أن تحكيها بحالة لفظها، وهو الأكثر؛ فيكون إعرابها مقدرًا، منع من ظهور علامته حكاية اللفظ على ما كان عليه أولًا؛ من حركة، أو سكون، فلا يدخل على آخر الكلمة تغيير4 لفظي، مهما اختلفت العوامل. تقول: قطف جميل، إن قطف جميل، سررت من قطف.... و.... .

ثانيهما: أن تعربها على حسب العوامل إعرابًا ظاهرًا مع التنوين؛ فتقول: قَطَفٌ جميلةٌ، بالرفع والتنوين فى هذا المثال، إلا إن كان فى آخر الكلمة ما يمنع ظهور الحركة؛ كوجود ألف مثلا، كقولك:"علىَ" حرف جر، فإنها تعرب بحركة مقدرة، وتُنَون، مالم يمنع من تنوينها مانع؛ كالإضافة5

1 اسم فعل، بمعنى، انزل.

2 ولا تستعمل إلا في جملة منفية.

3 في صفحة 28

4 إلا إن كان اللفظ في أصله حرفا ثنائيّا، فيجوز أن يكون مبنيًّا للشبه اللفظي بالحروف -كما ستعرف. وهذه صورة من الحكاية غير التي ستيجيء في رقم "7" من ص 200.

5 يلاحظ الفرق الواضح بين دلالة الأمرين السابقين في "جـ" ودلالة الملاحظة التي في صفحة 79 وما يتصل بها في ص 309، 310 وما يخالفها في "جـ" من ص 146.

ص: 30

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذا كانت الكلمة ثنائية. وثانيها حرف لين، ضاعفته. فتقول فى "لوْ": لوٌّ. وفى كلمة "في": فيٌّ. وفي كلمة "ما": "ماء". بقلب الألف الثانية الحادثة من التضعيف همزة، لامتناع اجتماع ألفين.

ويرى بعض النحاة: أن الحرف الثاني الصحيح من الكلمة الثنائية لا يضاعف إلا إذا صارت الكلمة علمًا لشيء آخر غير لفظها، كأن تسمى شيئًا:"بل" أو: "قدْ" أو: "هل"

أما إذا بقيت على معناها الأصلى وقصد إعرابها فلا يضاعف ثانيها؛ سواء أكان صحيحًا مثل: "قَدْ" أم لَينًا مثل: "لَوْ"1

1 راجع الصبان -جـ1- الباب الأول، عند الكلام على علامات الاسم، ومنها: علامة: "الإسناد" وانظر تعريف "الحكاية" في رقم 1 من هامش ص 310 الآتية.

والرأيان السالفان فصيحان، ولكل منهما مزيته التي تدعو إلى تفضيله حينًا، أو العدول عنه إلى نظيره حينًا آخر، تبعًا لما يقضي به المقام الكلامي، فمزية الحكاية أنها تحمل الذهن سريعًا إلى الحكم على اللفظ بأنه معاد ومرددًا لداعٍ بلاغي، والذي يدل على هذه الإعادة مخالفة اللفظ في ظاهره لما تقتضيه العوامل من حركات إعرابية معينة. فمن يسمع من فصيح:"قطف" السابقة ببقائها على حركتها الأصلية مع اختلاف العوامل يدرك سريعًا أنها معادة موددة، أي:"محكية" فلو لم تكن في التركيب السابق محكية لكانت مبتدأ مرفوعًا، فعدم رفعها وتركها على حالتها الأولى دليل على:"الحكاية" أي: على أن الناطق بها يرددها بعد أن سمعها من غيره أو قرأها، فنطق بها من غير إدخال تغيير على حركاتها مطلقًا، الناطق بها يرددها بعد أن سمعها من غيره أو قرأها، فنطق بها من غير إدخال تغيير على حركاتها مطلقًا، ولو اقتضى المقام الإعرابي الجديد إدخال تغيير على حركاتها. ويظهر هذا بوضوح حين نسمع - مثلا - المغني يترنم بكلمة:"قطف" جميلة، فيكون النطق بها على سبيل الحكاية إعلانًا ورمزًا إلى أنها جميلة في حالة معينة لنا، وصورة خاصة دون غيرها، بخلاف ما لو قلنا: قطف جميلة، فليس في هذا التعبير، ما يدل على ذلك التقييد المهم. ومما يزيد الأمر وضوحًا ما قالوه في موضع آخر، فمن الأعلام من اسمه "أبو الفضل"، و"أبو جهل"

فإذا سمعنا من الخبير بالأساليب الصحيحة، الحريص على سلامتها، قوله -مثلًا- مدح الناس "أبو الفضل"، وذموا "أبو جهل" عرفنا سريعًا أن هذا المتكلم الفصيح لم يقل "مدح الناس أبا الفضل وذموا أبا جهل" وإنما قال:"أبو" فلا بد أن يكون هذا على سبيل الحكاية، لحكمة بلاغية، قد تكون رغبته في إظهار أن:"أبو الفضل" و"أبو جهل" علمان لشخصين معينين، وليس المراد منهما مطلق رجل متصف بالفضل أو بالجهل، إذ لو قال "مدح الناس أبا الفضل وذموا أبا جهل" لجاء الكلام خاليا من التعيين الدقيق، محتملا "العلمية" ومحتملا أن يشمل كل صاحب فضل، أو صاحب جهل من غير تخصيص....

أما الرأي الآخر فمزيته عمومه وشموله كل الحالات المختلفة، ومنها السابقة، ودخوله تحت القاعدة الإعرابية المطردة، ففيه نوع تيسير.

ولهذه المسألة صلة بما يجيء في جـ 4 ص 669م 177 باب: "النسب" وما فيها من خلاف، من ناحية تشديد الحرف الثاني من الكلمة الثنائية، وعدم تشديدها.

ص: 31

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

"د" الاسم ثلاثة أقسام:

ظاهر، مثل كلمة:"محمد" في: "محمد عاقل"، ومضمر1، أي: غير ظاهر فى الكلام، مع أنه موجود مستتر، مثل الفاعل فى قولنا: أكرمْ صديقك2؛ فإن التفاعل مستتر وجوبًا تقديره: "أنت"، ومبهم"، لا يتضح المراد منه ولا يتحدد معناه إلا بشيء آخر، وهو اسم الإشارة؛ مثل: هذا نافع، واسم الموصول؛ مثل: الذى بنى الهرم مهندس بارع"3.

ملاحظة: هناك قسم رابع -في رأي الكوفيين ومن تبعهم، كابن مالك- وهو الاسم الزائد المحض، لتأكيد المعنى وتقويته. وهذا النوع لا محل له من الإعراب؛ لأنه لا يتأثر بالعوامل ولا يؤثر في غيره. ومن أمثلته: كلمة: "ذا".....4، طبقا للبيان الخاص بها5.

1 راجع "ب" من ص 219 حيث التفصيل. وفي بعض مواضع أخرى قد يراد بالمضمر ما يسمى اصطلاحًا: "الضمير" ومنه، "المستتر" ومنه "البارز""الظاهر".

2 انظر رقم 2 من هامش ص 16.

3 لأن اسم الإشارة لا يتضح المراد منه بالإشارة إليه، والموصول لا يتضح إلا بصلته. ولا مبهم في الأسماء هذين. وسيجيء البيان في "جـ" من ص 338 وفي باب: الموصول "رقم 4 من هامش ص 338".

4 كالتي في قول الشاعر:

دعي ماذا علمت سأتقيه

ولكن بالمغيب خبريني

5 في رقم "أ" و"ب" من صفحتي 360، 461.

ص: 32