المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد - النحو الوافي - جـ ١

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌ الكلام وما يتألف منه

- ‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

- ‌المسألة الثالثة: أقسام التنوين، وأحكامه

- ‌المسألة الرابعة: الفعل وأقسامه، وعلامة كل قسم

- ‌المسألة الخامسة: الحرف

- ‌ الإعراب والبناء

- ‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

- ‌المسألة التاسعة: المثنى

- ‌المسألة العاشرة: جمع المذكر السالم

- ‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

- ‌المسألة الثانية عشرة: جمع المؤنث السالم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: إعراب ما لا ينصرف

- ‌المسألة الرابعة عشرة: الأفعال الخمسة

- ‌المسألة الخامسة عشرة: المضارع المعتل الآخر

- ‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

- ‌ النكرة والمعرفة

- ‌المسألة السابعة عشرة: النكرة والمعرفة

- ‌المسألة الثامنة عشرة: الضمير

- ‌المسألة التاسعة عشرة: الضمير المفرد، والضمير المركب

- ‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

- ‌المسألة الحادية والعشرون: نون الوقاية

- ‌المسألة الثانية والعشرون: العلم

- ‌المسألة الثالثة والعشرون: أقسام العلم

- ‌المسألة الرابعة والعشرون: اسم الإشارة

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: كيفية استعمال أسماء الإشارة، وإعرابها

- ‌المسألة السادسة والعشرون: الموصول

- ‌المسألة السابعة والعشرون: صلة الموصول والرابط

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

- ‌المسألة التاسعة والعشرون: الموصولات الحرفية

- ‌المسألة الثلاثون: المعرف بأل

- ‌المسألة الحادية والثلاثون: "أل" الزائدة

- ‌المسألة الثانية والثلاثون: العلم بالغلَبة

- ‌ المبتدأ والخبر وما يتصل بهما

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون: تطابق المبتدأ الوصف مع مرفوعه

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون: أقسام الخبر

- ‌المسألة السادسة والثلاثون: المبتدأ المعرفة، والمبتدأ النكرة

- ‌المسألة السابعة والثلاثون: تأخير الخبر جوازًا ووجوباً

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون: تقديم الخبر وجوباً

- ‌المسألة التاسع والثلاثون: حذف المبتدأ والخبر

- ‌المسألة الأربعون: تعداد الخبر، تعدد المبتدأ

- ‌المسألة الحادي والأربعون: مواضع اقترن الخبر بالفاء

- ‌نواسخ الابتداء "كان وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثالثة والأربعون: حكم الناسخ ومعموليه من ناحية التقديم والتأخير

- ‌المسألة الرابعة والأربعون: زيادة "كان" وبعض أخواتها

- ‌المسألة الخامسة والأربعون: حذف "كان". وحذف معموليها، وهل يقع ذلك في غيرها

- ‌المسألة السادس والأربعون: حذف النون من مضارع "كان

- ‌المسألة السابعة والأربعون: نفى الأخبار فى هذا الباب

- ‌ الحروف التى تشبه "ليس" وهى "ما-لا- لات-إنْ

- ‌ أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعال الرجاء

- ‌الحروف الناسخة "إن" وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثانية والخمسون: فتح همزة: "إن"، وكسرها

- ‌لا" النافية للجنس

- ‌مدخل

- ‌المسألة السابعة والخمسون: اسم "لا" المتكررة مع المعطوف

- ‌المسألة الثامنة والخمسون: حكم نعت اسم "لا

- ‌المسألة التاسعة والخمسون: بعض أحكام أخرى

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

لا بد لكل موصول من صلة، فإن كان اسميًّا وجب أن تشتمل1 صلته على رابط؛ هو: الضمير، أو ما يقوم مقامه، كما أسلفنا.

وهذا الضمير الرابط قد يكون مرفوعًا؛ مثل "هو" في نحو: خير الأصدقاء مَنْ هو عَوْنٌ في الشدائد

أو منصوبًا، مثل "ها" في نحو: ما أعجبَ الآثار التي تركها قدماؤنا، أو مجرورًا؛ مثل:"هم" في نحو: أصغيتُ إلى الناصحين الذين أصغيتَ إليهم.

والرابط فى كل هذه الصور -وأشباهها- يجوز ذكره في الصلة كما يجوز حذفه، بعد تحقق شرط عام، هو: وضوح المعنى بدونه، وأمن اللبس "ومن أهمّ مظاهر أمن اللبس ألا يكون الباقي بعد حذفه صالحًا صلة2".

غير أن هناك شروطًا خاصة أخرى تختلف باختلاف نوع الضمير يجب تحققها قبل حذفه، سواء أكان اسم الموصول هو "أيّ" أم غيرها. وفيما يلي التفصيل:

أ- إن كان الضمير الرابط مرفوعًا لم يجز حذفه إلا بشرطين: أن تكون الصلة جملة اسمية، المبتدأ فيها هو الرابط، وأن يكون خبره مفردًا3. كأن يسألك سائل.

1 مما تجدر ملاحظته أن الصلة قد تكون جملة، فتشتمل على الرابط حتما -ويجوز حذفه

كما سيجيء وقد تكون "ظرفًا، أو جارًا مع مجروره" فيتعلقان بفعل محذوف مع فاعله فتكون الصلة في الحقيقة جملة فعلية كذلك، ولا يصح أن يكون تعلقهما بغير الفعل هنا -كما عرفنا- وقد تكون الصلة صفة صريحة، "وهي. في هذا الباب من قسم الشبيه بالجملة"، ولا بد أن تشتمل على ضمير رابط أيضًا. فالصلة بجميع أنواعها لا بد أن تشتمل على الرابط، بالطريقة السالفة

وقد يحذف الرابط لداع من الدواعي التي ستجيء.

2 وقد يصح الاستغناء عنه في بعض حالات كما سبق في "ب" من ص380 وكما سيجيء في "أ" من ص 401 والمراد بالاستغناء هنا: أنه غير ملاحظ مطلقًا، لا لفظًا ولا تقديرًا بخلاف العائد المحذوف أو المستتر فإنه ملاحظ.

3 لأن الخبر المفرد لا يصلح أن يكون صلة بعد حذف المبتدأ، وأيضًا لأنه يدل على المحذوف، ويرشد إليه، هذا ويختلف معنى الإفراد باختلاف موضوعات النحو، فيراد به في موضوع الخبر: ما ليس جملة، ولا شبه جملة. وقد اقتصرنا على أهم الشروط لحذف العائد المرفوع. وهناك شروط أخرى لحذفه، منها ألا يكون معطوفًا، مثل: رأيت الذي حامد وهو صديقان. فالمعطوف هنا ليس مبتدأ =

ص: 394

كيف نُفَرّقَ بين ماء النهر وماء البحر؟ فتجيب: الأنهار التي عذبةُ الماء، والبحار التى مِلْحيَّة الماء. تريد: الأنهار، التي هي عذبة الماء، والبحار التي هي ملحيةُ الماء. ومثل: أن يسأل: ما أوضحُ فارق بين النجم والكوكب؟ فتقول: النجم الذى مضيءٌ بنفسه، والكوكب الذي مستمِدٌ نورَه من غيره. أي: النجم الذي هو مضيء بنفسه

والكوكب الذي هو مستمد1

فإذا استوفى الضمير المرفوع الشرطين الخاصّين ومعهما الشرط العام جاز حذفه2، والأحسن عند الحذف أن تكون صلته طويلة "أى: ليست مقصورة

= ولكنه معطوف على المبتدأ، فهو في حكمه. وحذف المعطوف يؤدي إلى بقاء الحرف العاطف بدون المعطوف، وهو ممنوع -إلا في مسائل ممدودة، "سردناها في- ج3 باب:"العطف" وهي غير التي نحن بصددها". كما يؤدي حذف العاطف والمعطوف معًا، إلى إظهار الكلام بصورة الإخبار بالمثنى عن المفرد، وهي صورة معينة في مظهرها، كما يقولون!!.

ومنها: ألا يكون معطوفًا عليه، نحو: تكلم الذي هي وحامد عالمان، كي لا يقع حرف العطف في الصدارة، وفوق ذلك ليس له معطوف عليه ظاهر، ولكيلا. يقع المثنى خبرًا عن مفرد، في الصورة الظاهرية إن حذف حرف العطف مع الضمير للرابط، وهو أمر يستقبحونه من حيث الشكل والمظهر - كما سبق.

ومنها: ألا يكون بعد "لولا" نحو: حضر الذي لولا هو لخرجت، لوجوب حذف الخبر العام بعد "لولا" فأصل الكلام..... لولا هو موجود، فإذا حذف معه المبتدأ كان الحذف كثيرًا مجحفًا، لشموله الجملة كاملة.

ومنها: ألا يكون بعد حرف نفي، نحو، سكت الذي ما هو جاهل.

ومنها: ألا يكون محصورا بإلا أو إنما، نحو: كتب الذي ما في الغرفة إلا هو، أو: كتب الذي إنما في الغرفة هو: فمجموع الشروط سبعة.

1 ومن الأمثلة الواردة قراءة من قرأ قوله تعالى: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَن} أي: الذي هو أحسن وما حكاه سيبويه عن الخليل: "ما أنا بالذي قائل لك وسوءا" أي: بالي هو قائل: وقو الشاعر:

لم أر مثل الفتيان في عقب الأيـ

ـام ينسون ما عواقبها

أي: ينسون الذي هو عواقبها، على اعتبار "ما" موصولة والعقب: الشدائد المفرد: عقبة.

2 وإذا لا يصح الحذف في الحالات الآتية:

أ- أن تكون الصلة جملة فعلية، أو شبه جملة، مثل: أشرق الذي يملأ نوره الفضاء. ومثل: سقي النهر النبات الذي في الحقول؛ لأن كل منهما صالح لأن يقع بنفسه صلة، مع خلوه مما يدل علي أن هناك مبتدأ محذوفا بخلاف الخير المفرد، فإنه غير صالح أن يكون صلة؛ ولأنه يشعر بحذف المبتدأ، كما سبق.

ب- أن تكون الصلة جملة اسمية لكن الرابط فيها ليس مبتدأ، مثل: يتحرك الكوكب الذي =

ص: 395

عليه وعلى خبره المفرد، وإنما يكون لها مُكَملات؛ كالمضاف إليه، أو المفعول، أو الحال، أو النعت، أو غير ذلك

"، نحو: نزل المطر الذي مصدر مياه الأنهار، ونحو برعتْ مصانعنا التي الرجاء العظيم. أو التي رجاؤنا في الغنى قريبًا

ونحو: اشتد الإقبال على التعليم الذى كفيل بإنهاض الفرد والأمة

ويجوز أن نقول: نزل المطر الذي حياة، وبرعتْ مصانعنا التي الأمل، واشتد الإقبال على التعليم الذي سعادة.

والأساليب العالية لا تَجْنَح كثيرًا إلى حذف العائد المرفوع؛ فإن جنحت إليه اختارت -في الغالب- طويل الصلة1.

ب- إن كان الرابط ضميرًا منصوبًا لم يجز حذفه إلا بثلاثة شروط خاصة -غير الشرط العام- هي: أن يكون ضميرًا متصلاً2، وأن يكون ناصبه فعلاً تامًّا، أو وصفًا تامًّا، وأن يكون هذا الوصف لغير صلة:"أل"3

= إنه القمر؛ لأن الرابط فيها اسم "إن" المنصوب. ومثل: يتحرك الكوكب الذي شكله مستدير؛ لأن الرابط مجرور بالإضافة، فليس مبتدأ....

ج- أن تكون الصلة جملة اسمية، الرابط فيها مبتدأ ضمير، ولكن خبره ليس بمفرد: بأن يكون الخبر جملة فعلية، مثل: دهشت من القرود التي هي "تحاكي الإنسان". أو جملة اسمية، مثل: دهشت من القرود التي هي حركاتها كحركة الإنسان. أو شبه جملة، مثل: دهشت منالتي هي أمامك. فكل ذلك لا يجوز فيه حذف الرابط؛ لأن الخبر يصلح أن يكون صلة بعد حذف المبتدأ الرابط، وليس في الخبر ما يدل على المحذوف. بخلاف المفرد؛ لأنه لا يصلح أن يكون صلة، ولأنه يشعر بحذف المبتدأ، كما عرفنا.

1 إلا الأسلوب الذي يشتمل على: "لا سيما" فيجب فيه حذف صدر الجملة ولو كانت قصيرة، نحو: أنزلوا الناس منازلهم، ولا سيما العالم، إذا كانت "ما" اسم الموصول، و"العالم خبرأ لمبتدأ محذوف تقديره: هو. أي: ولا سي الذي هو العالم. "وسيجيء في ص401 الإيضاح التام في إعراب: "لا سيما"، وأسلوبها. أما الإشارة إلى وجوب حذف المبتدأ ولو لم تطل الصلة ففي رقم 3 من هامش ص404.

2 ولو جوازا كبعض الأمثلة التالية. فالمراد ألا يكون واجب الانفصال.

3 منصوب صلة "أل" لا يجوز حذفه إن عاد إليها، لأنه يدل بوجوده على اسميتها الخفية المشروحة في هامش ص 356 ففي حذفه ضياع الدليل. فإن عاد إلى غيرها جاز حذفه، كما سيجيء في رقم "د" من هامش الصفحة الآتية.

ص: 396

التى يعود عليها الضمير، مثل: ركبت القطار الذي ركبتَ، أي: ركبته، وقرأت الصحيفة التي قرأتَ1، أي: قرأتها وقول الشاعر يصف مَدينة:

بها ما شئتَ مِنْ دين ودنْيا

وجيرانٍ تناهوْا فى الكمالِ

أي: ما شئته: وقول الآخر:

ومن ينفق الساعاتِ في جعِ مالهِ

مخافةَ فقْرٍ فالذي فعلَ الفقرُ

أي: فعَله.. ومثل: اشكر الله على ما هو مُوليك، واحْمَدُه على ما أنت المعْطَى. أي: موليكه "والأصل: موليك إياه"، والمُعْطَاه2.

ومثل: الذى أنا مُعيرُك -كتابٌ. والذي أنت المسلوب- المالُ. أي: الذي أنا مُعيِرُكه كتاب، والذي أنت المسلوبُه- المال3.

1 ومثل قول الشاعر وهذا عند القدماء من أبلغ أبيات الرثاء:

أيتها النفس أجملي جزعًا

إن الذي تحذرين قد وقعا

أي: تحذرينه.

2 إذا حذف العائد المنصوب "المستوفي للشروط" فلا مانع -عند أمن اللبس- من توكيده نحو: شربت الماء الذي أحضرت نفسه، أي: أحضرته نفسه. أو من العطف عليه، نحو: سافر الذي ودعت وصالحا. أو مجيء الحال منه متأخرة أو متقدمة مثل: هند التي كلمى واقفة، أو: هند التي واقفة كلمت. أي: كلمتها.

3 مما يوضح هذا قولنا: أعارك محمود كتابًا. فالذي هو معيركه. كتاب "وسلب اللص عليا المال، فالذي على مسلوبه: المال. "كتاب: خبر للمبتدأ "الذي" المال: خبر للمبتدأ الذي".

وفيما سبق نعلم أنه لا يصح الحذف في الحالات الآتية:

أ- أنيكون الضمير المنصوب منفصلًا. نحو: أقبل الربيع الذي إياه أحب. بتقديم الضمير؛ لأنه لو تأخر لا تصل بالفعل وجوبًا. فصار: أحبه، "تطبيقًا لقاعدة عدم فصل الضمير الذي يمكن وصلة، وقد سبقت في ص272" ولو حذف وهو متقدم لالتبس بالمحذوف المتأخر، لعدم القرينة الدالة على تقدمه.

ب- أن يكون الضمير منصوبًا بفعل ناقص، مثل: قابلت الذي كان محمود "الهاء خبر مقدم وليست اسم كان؛ لأن اسم كان مرفوع، والهاء لا تكون مرفوعة؛ لأنها ليست من ضمائر الرفع". أو بوصف ناقص، مثل: حضر الذي أنا كائنه، لعدم وجود ما يدل على المحذوف ويعينه.

ج- أن يكون الضمير منصوبًا بحرف، مثل: اشتد الحر الذي كأنه اللهب؛ لأن الضمير اسم الحرف: كأن.

د- أن يكون اسم الموصول الذي يعود عليه الرابط هو "أل" نحو: المكرمها عليّ فاطمة. فإن عاد على =

ص: 397

فإن فُقد شرط لم يصح الحذف1.

ج- وإن كان الرابط ضميرًا مجرورًا -والشرط العام متحقق- فإما أن يكون مجرورًا بالإضافة، أو بحرف جر؛ فالمجرور بالإضافة يجوز حذفه إن كان

= غيرها جاز حذفه، نحو: جاءت التي أنا المكرم، أي: المكرمها: كما سبق في رقم 3 من هامش ص 396.

هـ- أن يكون حذفه سببًا في اللبس وغموض المعنى، نحو: رأيت من عرفته في القطار، فلو قلنا: رأيت من عرفت في القطار لم يتبين المحذوف أهو: ضمير للغائب المذكر أم المؤنث؟ أهو للمثنى أم الجمع....؟ فقد يكون أصل المحذوف واحدًا مما يأتي. عرفته، عرفتها عرفتهما. عرفتهم.

عرفتهن. ومثله: رأيت من كلمته في داره، فلو حذف الضمير المنصوب لخفي مدلوله، ولكان في الكلام ضمير آخر يتم به الربط، ولكن يقع بسببه اللبس والغموض، فلا. ندرى أهناك حذف أم لا.

وحذف العائد المنصوب بالفعل أكثر في الأساليب الأدبية المأثورة من المنصوب بالوصف.

3 وقد أشار ابن مالك إلى حذف العائد المرفوع والمنصوب إشارات موجزة بعد كلامه على "أي" الموصولة، وأنها مثل "ما" الموصولة، وأنها تعرب إلا أن أضيفت، وحذف صدر صلتها الضمير فتبني ثم قال: إن من العرب من يعربها في كل الحالات، وإن باقي الموصولات يقتفي "أبا" في الحذف. أي: يتبعها ويكون مثلها في حذف صدر صلتها الضمير، وإن هذا الحذف كثير إن استطالت الصلة، ونزر "أي: قليل عنده" إن لم تستطل. كل ذلك بشرط ألا يصلح الباقي لأن يكون صلة. يقول:

أي "كما" وأعربت ما لم تضف

وصدر وصلها ضمير انحذف

وبعضهم أعرب مطلقا وفي

ذا الحذف أيا غير أي يقتفي

"يريد: غير أن يقتفي أيضًا، ويتبعها في حذف صلتها "

إن يستطل وصل، وإن لم يستطل

فالحذف نزر وأبوا أن يختزل

الوصل هنا: هو الصلة، يختزل: يختصر بسبب الحذف.

إن صلح الباقي لوصل مكمل

. . . . . . . . . . .

ثم انتقل في الشطر الثاني من البيت السابق إلى الكلام على حذف العائد المنصوب قائلًا:

. . . . . . . . . .

والحذف عندهم كثير منجلي

في عائد متصل، إن انتصب

بفعل، أو وصف، كمن نرجو يهب

أي: من نرجوه يهب.

ص: 398

المضاف اسم الفاعل، أو اسم مفعول1. وكلاهما للحال أو الاستقبال2؛ مثل: يفرح الذى أنا مُكرِمٌ الآن أو غدًا، "أي: مكرمه". ويرضينى ما أنا معطًى الآن أو غدًا "أي: مُعطاه3" ومثلهما: جادت مصنوعاتنا، فالبس منها منا أنت لابس غدًا4، واطلب منها ما أنت طالب بعد حين، "أي: لابسه

وطالبه"، إن يسلبني اللص بعض المال أتألم لما أنا مسلوب "أي: مسلوبه".

والمجرور بالحرف يجوز حذفه بشرط أن يكون اسم الموصول مجرورًا بحرف يشبه ذلك الحرف5 في لفظه، ومعناه، ومتعلَّقه6. وإذا حذف الرابط حذف معه الحرف الذى يجره؛ مثل: سلّمتُ على الذي سلّمتَ، "أي: سلّمتَ عليه وانتهيتُ إلى ما انتهيتَ. "أي: إلى ما انتهيت إليه".

وقد يكون حرف الجر غير داخل على اسم الموصول وإنما على موصوف باسم الموصول. نحو: مشيتُ على البساط الذي مشيتَ؛ أي: عليه، وسرتُ في الحديقة التي سرتَ؛ أي: فيها7.

1 مما ينصب قوله فعله مفعولين في الأصل. ليكون أحدهما نائب فاعل لاسم المفعول، والثاني هو المضاف إليه لفظًا.

2 مع استيفائه بقية الشروط اللازمة لإعماله، وهي مدونة في باب - ج3.

3 فلا يجوز الحذف فيما يأتي.

1-

المضاف غير الوصف "المشتق" نحو: تألم الذي غاب أهله.

ب- المضاف الذي هو اسم فاعل، أو اسم مفعول، وكلاهما للماضي، فلا يعمل، نحو أكتب بالأمس ما كنت بانيه: ومثل فرح السائل بما كان معطاه.

4 الدليل على أن اسم الفاعل للمستقبل هنا وجود فعل الأمر قبله: وهو للمستقبل. وأيضًا وجود كلمة: "غدا" بعده، كما أن أداة الشرط دليل على الاستقبال في المثال الذي بعده، إذ أدوات الشرط الجازمة تجعل زمن الفعل بعدها مستقبلا حتمًا ولو كان الفعل الواقع بعدها ماضيا "كما في ص59 ما لم يمنع من لك مانع مما تقدم عند الكلام على زمن الفعل المضارع -ص 57.

5 لأن اسم الموصول هو نفس ضميره في المعنى، فإذا حذف الضمير ومعه حرف الجر كان في الكلام ما يدل عليهما.

6 وهو العامل فيهما، بحيث يكون المتعلق في كل منهما مشابهًا الآخر، إما في لفظه ومعناه معًا كالأمثلة المذكورة، وإما في معناه فقط، مثل: فرحت بالذي سررت. أي: به ويجوز أن يكون أحد المتعلقين فعلًا ماضيا والآخر مضارعًا من ماديته أو أمرًا كذلك

ويجوز أن يكون أحدهما فعلًا، والآخر وصفًا "مشتقًّا" من المادة نفسها بمعناه....

7 وقد يكون داخلًا على مضاف إلى اسم الموصول نحو سلمت على صديق الذي سلمت أي: الذي سلمت عليه. أو داخلًا على مضاف الموصوف باسم الموصول، نحو: سلمت على صديق الرجل الذي سلمت، أي: عليه.... =

ص: 399

تلك حالة حذف العائد المجرور، وهي كثيرة في الأساليب العالية1.

= وقد اكتفينا بذكر أشهر الشروط، وبقي منها ألا يكون الضمير عمدة "لأن العمدة لا يمكن الاستغناء عنه" فلا حذف في مررت بالذي ممر به" لأن الجار والمجرور نائب فاعل، ونائب الفاعل عمدة لا تستغني عنه الجملة" وألا يكون الضمير محصورًا، فلا يحذف في: مررت بالذي ما مررت إلا به. وألا يكون حذفه موقعًا في "لبس، وهذا شرط عام في جميع ما يحذف كما سبق"، فلا حذف في مثل: رغبت في الذي رغبت فيه؛ لأن الكلام مع الحذف يصير، رغبت في الذي رغبت فلا ندري المقصود بعد الحذف، أهو، رغبت فيه أم عنه. والمعنيان مختلفان. فمجموع شروط حذف العائد المجرور بالحرف خمسة، هي:

أ- أن يكون الموصول مجرورًا بحرف جر.

ب- وأن يكون هذا الحرف الجار كالحرف الذي يجر الرابط لفظًا، ومعنى، ومتعلقًا، "والمتعلق هو: العامل، ويكفي فيه هنا التشابه" فلا يجوز حذف الرابط عند اختلاف حرفي الجر في شيء من هذا، كاختلاف لفظهما ومعناهما معًا، نحو: رغبت عن الذي أنت راغب فيه، أو: في لفظهما دون معناهما، نحو: جلست بالحجرة التي أنت جالس فيها "لأن معنى: الباء، و: في، هو: الظرفية" أو في معناهما، نحو: مررت بالذي مررت به على محمود والمراد: مررت بالذي مررت معه على محمود، فالباء الأولى بمعنى: الإلصاق والثانية بمعنى المصاحبة "مع"، أو اختلاف متعلقهما، نحو رغبت في الذي أنت زاهد فيه.

ج- ألا يكون الرابط عمدة.

د- ألا يكون الرابط محصورًا.

هـ- ألا يكون حذفه موقعا في لبس.

ويجيز بعض النحاة حذف الرابط المجرور إذا تعين المحذوف ولم يوقع في لبس، تطبيقًا للقاعدة العامة التي تنص على أن ما لا ضرر في حذفه لا خير في ذكره. ويكتفون من الشروط بهذا، ويذكرون من أمثلته قوله تعالى:{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَه} ، أي: به وقول الشاعر:

ومن حسد يجوز على قوي

وأي الدهر ذو لم يحسدوني

أي لم يحسدوني فيه

وهذا رأي حسن، والأخذ به في جميع الشئون اللغوية مقصد بلاغي قويم.

و وفي حذف العائد المجرور يقول ابن مالك:

كذاك حذف ما بوصف خفضا

كأنت قاض بعد أمر من: قضي

كذا الي جر بما الموصول جر

كمر بالذي مررت، فهو بر

أي: كذلك يجوز حذف الرابط المجرور إذا كان عامله وصفًا "بالتفصيل الذي سبق" ومن أمثلته، كلمة:"قاضٍ" الواقعة بعد فعل أمر، ماضيه "قضي" يشير إلى قوله تعالى:{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض} أي: ما أنت قاضيه وهذا هوا لنوع الأول من العائد المجرور الذي يكون عامله وصفًا مضافًا. أما النوع الثاني فهو العائد المجرور بما جر الموصول، أي: بحرف جر كالذي جر للموصول لفظًا، ومعنى، وتعلقًا

إلخ نحو: مر بالذي مررت: أي به....

ص: 400

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- قد يستغني الموصول عن العائد كما فى بعض الصور التى سلفت1.

ب- الكلام في: "ولا سيما2، وأخواتها" معناها، وإعرابها في جملتها. يتضح معنى "ولا سيما" من الأمثلة التالية:

المعادن أساس الصناعة؛ كولا سيما الحديد. تجود الزروع بمصر، ولا سيما القطن، نحتقر الأشرار، ولا سيما الكذَّاب

فالمثال الأول يتضمن: أن الصناعة تقوم على أساس؛ هو: المعادن؛ كالنحاس، والرصاص، والفضة

وكالحديد أيضًا. فالحديد يشاركها في وصفها بأنها: "أساس". ولكنه يختلف عنها فى أن نصيبه من هذا الوصف أكثر وأوفر من نصيب كل معدن آخر.

وفي المثال الثاني حُكمٌ بالجودة على ما ينبت في مصر، من قمح، وذرة وقصب، و

قطن أيضًا؛ فهو يشاركها في الاتصاف بالجودة؛ ولكنه يخالفها في أن تصيبه من هذه الجودة أوْفى وأكبر من نصيب كل واحد من تلك الزروع.

وفي المثال الثالث نحكم بالاحتقار على الأشرار؛ ومنهم اللص، والقاتل، والمنافق

ومنه الكذاب أيضاً فهو شريكهم في ذلك الحكم، وينطبق عليه الوصف مثلهم. ولكن نصيبه منه أكبر وأكثر من نصيب كل فرد منهم.

مما سبق نعرف أن الغرض من الإتيان بلفظ: "ولا سيما" هو: إفادة أن ما بعدها وما قبلها مشتركان في أمر واحد، ولكن نصيب ما بعدها أكثر وأوفر من نصيب ما قبلها. ولذا يقول النحاة: إن "لاسيَّ"، معناها: لا مثل3

يريدون: أن ما بعدها ليس مماثلًا لما قبلها في المقدار الذى يخصه من الأمر المشترك

1 في "ب" من ص 380، وفيها إشارة لهذا حكم. وقد سبق معنى الاستغناء في رقم 2 من هامش ص 394.

2 مركبة من كلمتين هما: "متى" بمعنى مثل- كما سيجيء، و "ما" وتتصل في الكتابة بكلمة "سي" كما يرى علماء الرسم "الإملاء".

3 وهذه يعدها النحاة من أخوات: "لا سيما" التي سيجيء الكلام عليها في ص 406.

ص: 401

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بينهما؛ وأن ما بعدها يزيد عليه في ذلك المقدار؛ سواء أكان الأمر محمودًا، أم مذمومًا1.

أما إعرابها في جملتها وإعراب الاسم الذي بعدها فقد يكفي جمهرة المتعلمين علمها أن: "ولا سيَّمَا" لا تتغير حركة حروفها مهما اختلفت الأساليب، وأن الاسم الذي بعدها يجوز فيه الأوجه الثلاثة:"الرفع، والنصب، والجر" سواء أكان نكرة أم معرفة2. وأن فيها عدة لغات صحيحة3 لا يمنع من استعمال إحداها مانع. ولكن أكثرها في الاستعمال الأدبي هو: "ولا سيَّمَا"؛ فيحسن الاقتصار عليه؛ لما في ذلك من المسايرة للأساليب الأدبية العالية التي تكسب اللفظ قوة في غالب الأحيان، وفي هذا القدر كفاية لمن يبتغي الوصول إلى معرفة الطريقة القويمة في استعمالها، من غير أن يتحمل العناء في تفهم الإعرابات المختلفة. أمام من يرغب في هذا فإليه البيان:

الاسم الواقع بعد: "ولا سيما" ما أن يكون نكرة، وإما أن يكون معرفة؛ فإن كان نكرة جاز في الأوجه الثلاثة كما سبق، تقول:

1-

اقتنيت طرائف كثيرة، ولا سيَّما: أقلامٌ، أو أقلامًا، أو أقلامٍ.

2-

اشتريت طيورًا كثيرة، ولا سيما؛ عصفورٌ، أو: عصفورًا، أو: عصفورٍ.

3-

قصرت ودي على المخلصين؛ ولا سيَّما واحدٌ، أو واحدًا، أو واحدٍ.

1 وبسبب هذه المخالفة في المقدار يذكر بعض النحاة لفظ "ولا سيما" في باب: "المستثنى"، لما في الاستثناء من مخالفة ما بعد الأداة لما قبلها في إثبات الحكم، أو نفيه. فبين المخالفتين نوع تشابه من بعض الوجوه دون بعض، إذ المخالفة بعد "ولا سيما" تكون في المقدار وحده. مع الاشتراك في الأمر نفسه، أما في الاستثناء فالمخالفة تقع في الحكم كله، نفيًا أو إيجابًا. ولا مشاركة فيه بين ما وقع بعدق الأداة وما وقع قبلها. وبعض آخر يذكرها "أي: ولا سيما" في باب: "الموصول" لاشتمالها على "ما" التي يصح أن تكون اسم موصول.

2 يعارض كثير من النحاة في نصب المعرفة، ومن التيسير الأخذ بالرأي الآخر الذي يبيح نصبها، ليكون الحكم عامًّا، يشمل النكرة والمعرفة.

"راجع المطولات التي تعرضت للرأيين، ومنها: شرح الكافية ج1 ص349 وحاشية الصبان، ج2 في آخر باب الاستثناء عند الكلام على: "لا سيما" وكذا المغني، "ج1 عند الكلام على موضوع: "سي".

3 منها الاستغناء عن الواو فقط، أو الاستغناء عنها وعن:"لا" معا. ومنها تخفيف الياء في كل لغاتها.

ص: 402

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن كان الاسم الواقع بعدها معرفة فالأنسب1 جواز الأوجه الثلاثة أيضًا، كما في الأمثلة التالية:

1-

أتمتع برؤية الأزهار، ولا سيما: الوردُ، أو: الوردَ، أو: الوردِ.

2-

شاهدت أثارًا رائعة، ولا سيما: الهرمُ، أو: الهرمَ، أو: الهرمِ.

3-

ما أجمل الكواكب في ليل الصيف: ولا سيما القمرُ، أو: القمرَ أو القمرِ.

وفيما يلي الإعراب تفصيلاً:

1 بيان السبب في رقم 2 من هامش الصفحة السابقة.

ص: 403

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يوجد جدول يسحب إسكانر

1 وهذا أيسر الآراء وأوضحها. ويصح أن تكون للحال والجملة بعدها "من لا واسمها وخبرها" في محل نصب حال. كما يصح أن تكون عاطفة، والجملة بعدها معطوفة على الجملة قبلها. لكن لا داعي للإعرابات المختلفة، ففي الأول والكفاية والسهولة.

2 وكما يصح هنا أن تكون "ما اسم" موصول، يصح أن تكون نكرة موصوفة بمعنى:"شيء" والجملة بعدها صفة لها في محل جر. والخبر محذوف.

3 سبق "في رقم 1 من هامش ص 396" عند الكلام على حذف العائد أنه واجب الحذف في "لا سيما" ولو لم تظلم الصلة.

4 مبني في هذه الصورة وليس معربا، لأنه غير مضاف ولا شبيه بالمضاف. واسم "لا" يكون معربا في هاتين الحالتين فقط.

5 لكلمة: "سي" أو لكلمة: "ما" على أنها نكرة تامة، وليست زائدة، وهو الأحسن. =

ص: 404

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا سيما كلمة: عصفور وكلمة: واحد، كالذي سبق في نظائرها تمامًا، يجري عليهما الإعراب السابق في كلمة: "أقلام رفعًا، نصبًا، وجرًّا.

وإعراب المعرفة في حالتي الرفع والجر كإعراب النكرة فيهما. أما في حالة النصب فتعرب النكرة تمييزًا كما أوضحنا، وتعرب المعرفة مفعولًا به1. ففي مثل: أتمتع برؤية الأزهار ولا سيما الوردَ، يصح أن يكون الإعراب كما يلي:

الواو للاستئناف. "لا" نافية للجنس. "سيّ" اسمها منصوب ومضاف. "ما" نكرة تامة بمعنى: شيء، وهي مضاف إليه. مبنية على السكون فى محل جر. وخبر لا محذوف تقديره: موجود مثلا -و"الورد" مفعول به لفعل محذوف تقديره: أخص: أو: أعني

والفاعل مستتر وجوبًا تقديره: أنا. ومثل هذا يقال في كلمة: الهرم، والقمر، في الأمثلة التي سلفت2 ونظائرها، وقد تقع الحال المفردة أو الجلمة بعد:"ولا سيما" نحو: أخاف الأسد، ولا سيما غاضبًا، أو: وهو غاضب

وقد تقع الجملة الشرطية بعدها، وغير الشرطية، أيضًا؛ نحو: النمر غادر، ولا سيما إن أبصر عدوه2.

= والنكرة التامة لا تحتاج إلى صفة بعدها. لكونها بمعنى "شيء" أي شيء، وهذا يجعلها صالحة لأن يراد منها: رجل - عصفور - طائر- أسد

وغير ذلك مما يناسب جملتها. على الوجه السابق في ص 3353.

1 وقيل -كما في المغني- منصوب على الاستثناء، لأن "لا سيما" بمعنى:"إلا" التي للاستثناء.

2 في ص405.

3 وقد يقع بعدها الظرف والجملة الفعلية مطلقًا، الشرطية، وغير الشرطية أيضًا- كما جاء صريحًا في "الصبان، والهمع" وجاء من غير تقييد في حاشية الجزء الأول من الأمير على المغني، عند الكلام على:"أي" الشرطية، والذي يعنينا من الأمثلة وأشباهها هو النص على جواز وقوع الحال المفردة والحال الجملة بعدها، وكذلك وقوع الجمل ومنها: جملة الشرط، أما الإعراب فأمر ثانوي عرضت له المطولات، وملخص ما قالوا في الحال، إن كلمة "سي" اسم:"لا" مبنية على الفتح في محل نصب، ولا تحتاج إلى خبر، "كشأنها في مثل: ألا ماء، أي: أتمنى ماء" و"ما" كافة "غاضبًا" حال من مفعول الفعل المقدر هنا، وهو: أخصه "لأن معنى "سيما" هنا: خصوصا" أي: أخصه بزيادة الغضب في هذه الحالة. ومثل هذا يقال في الحال الجملة. أما في الجملة الشرطية فجواب الشرط مدلول عليه بالفعل المقدر، أي: إن غضب أخصه بزيادة خوفي. "راجع الصبان ج2 في آخر باب المستثنى -كما قدمنا- ففيه التفصيل". وبقية المراجع التي أشرنا إليها في رقم2 من هامش ص402.

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما أخوات: "ولا سيما"1 فقد نقل الرواة منها: "لا مِثْلَ مَا" و"لا سِوَى ما

"، فهذان يشاركان: "لا سيما" في معناها، وفي أحكامها الإعرابية التي فصّلناها فيما سبق.

ومنها: "لا تَرَمَا

" و"لو تَرَمَا

" وهما بمعناها، ولكنهما يخالفانها في الإعراب، وفي ضبط الاسم بعدهما، فهذان فعلان لا بد من رفع الاسم الذى يليها. ولا يمكن اعتبار "ما" زائدة وجر الاسم بعدها بالإضافة؛ لأن الأفعال لا تضاف. والأحسن أن تكون: "ما" موصولة وهي مفعول للفعل: "تر" وفاعله ضمير مستتر، تقديره: أنت. والاسم بعدها مرفوع -وهذا هو الوارد سماعًا- على اعتباره خبر مبتدأ محذوف، والجلمة صلة.

وإنما كان الفعل مجزومًا بعد: "لا"؛ لأنها للنهي. والتقدير في مثل: "قام القوم لا تر ما عليّ"

، هو: لا تبصر" أيها المخاطب الشخص الذي هو عليّ فإنه في القيام أولى منهم.

أو تكون: "لا" للنفي، وحذفت الياء من آخر الفعل سماعًا وشذوذًا، وكذلك بعد "لو" سماعًا. والتقدير: لو تبصر الذي هو عليّ لرأيته أولى بالقيام. والجدير بنا أن نقتصر في استعمالنا على"ولا سيما" لشيوعها قديمًا وحديثًا.

1 ما يأتي مذكر بمناسبة أخبري في الجزء الثاني "هـ" من ص 336 م 83.

ص: 406