الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادس والأربعون: حذف النون من مضارع "كان
"
إذا دخل جازم على الفعل المضارع من: "كان" فإنه: يجزمه، وتُحذَف الواوالتى قبل النون1. نحو: لَمْ أكنْ من أعوان الشر، ولم تكُنْ من أنصاره، وكقول علىّ: لا تكُنْ عبد غيرك، وقد جعلك الله حرًّا. وأصل الفعل بعد الجازم: لَمْ أكونْ - لم تكونْ - لا تكونْ فهومجزوم بالسكون على النون؛ فالتقى ساكنان؛ الواووالنون؛ فحذفت الواو- وجوباً - للتخلص من التقائهما؛ فصار الفعل؛ لم أكُنْ - لم تكْنْ - لا تَكُنْ
…
ومثل هذا يقال فى الفعل: "يكنْ" من قول القائل:
إذا لم يكُنْ فيكُنّ ظلٌّ ولا جنًى
…
فأبْعدَ كُنًّ اللهُ من شجراتٍ
ويجوز بعد ذلك حذف النون: تخفيفاً؛ فنقول: لم أكُ - لم تَكُ، وكقول الشاعر:
فإنْ أكُ مظلوماً فعَبْدٌ ظلمتَهُ
…
وإنْ تكُ ذا عُتْبَى فمِثْلُكَ يُعتِبُ2
وهذا الحذف جائز كما قلنا؛ سواء أوقع بعدها حرف هجائى ساكن3؛ نحو: لم أكُ الذى ينكر المعروف، ولم تكُ الصاحبَ الجاحدَ - أم وقع بعدها حرف هجائى متحرك، نحو: لم أك ذا مَنّ، ولم تكُ مصاباً به. إلاّ إن كان الحرف المتحرك ضميراً متصلا فيمتنع حذف النون؛ نحو: الشبَحُ المقبل علينا يُوحى بأنه صديقى الغائب؛ فإن يَكُنْهُ فسوف نسعد بلقائه، وإن لم يَكنْهُ فسوف نأسف. أى: إن يكن إياه
…
وإن لم يكن إياه4.
1 وهي الواو التي أصلها عين الكلمة، وتنقلب "ألفا" في الماضي.
2 البيت من قصيدة الشاعر الجاهلي: النابغة الذبياني،" يمدح بها النعمان بن المنذر، ويعتذر له عن وشاية بلغته. "العتبي: الرضا. يعتب: يزيل أسباب العتاب بالرضا، وقبول العذر".
3 عند من يبيح ذلك، كابن مالك، ومن معه. ورأيه أنسب.
4 ملخص شروط حذف النون سنة: كونها في مضارع، مجزوم، وجزمه بالسكون عند اتصاله في النطق بما بعده "أي: في حالة الوصل، لا الوقف، لأن النون في حالة الوقف ترجع وتظهر". وليس بعده ساكن عند من يشترط هذا، كسيبويه. وغيره لا يشترط هذا - ولا ضمير متصل.
وتسرى الأحكام السالفة على المضارع الذى ماضيه "كان" الناقصة، كالأمثلة التى سبقت، والذى ماضيه "كان" التامة2؛ نحو: صفا الجو، واعتدل، فلم تكن سحب، ولم يكن برد
…
بإثبات النون أوحذفها. أى: لم توجد سحب ولم يوجد برد 2
…
و
…
وبهذه المناسبة نشير إلى أمرين:
أولهما: ما تقتضيه القواعد اللغوية من حذف "الألف" من عين الفعل: "كان"، ومن حذف "الواو" من عين مضارعه وأمره، بشرط أن تكون الأفعال الثلاثة ساكنة الآخر؛ كقوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس} . وقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} وقوله تعالى {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} . وقول الشاعر:
إِذا كنتَ ذا رأىٍ فكنْ ذا عزيمةٍ
…
فإِنَّ فسَادَ الرأى أَنْ تَتَرَدَّدَا
ثانيهما: وجوب ضم الكاف من الماضى عند إسناده لضمير رفع متحرك3، كما فى بعض الأمثل السالفة، وتطبيقاً للبيان الذى سبق من قبل4.
1 ومعناها: حدث، أو: وجد.... - وقد سبق تفصيل الكلام عليهما في ص 549
2 وفي هذا يقول ابن مالك:
ومن مضارع لكان منجزم
…
تحذف نون، وهو حذف ما التزم
يريد: أن المضارع من: "كان" مطلقا "سواء أكانت تامة. أم ناقصة" عند جزمه تحذف منه النون، حذفا غير ملتزم، أي: لم تلتزمه العرب ولم تتمسك به باطراد، وإنما فعلته حينا وتركته حينا. ونحن نتابعها فيما فعلت، فنبيح الأمرين.
3 كالتاء، ونون النسوة.
4 في رقم 2 من هامش ص 165.