الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة التاسعة: المثنى
ب- المثنى:
أ- أضاء نجم - راقب الفلكي نجما. - اهتديت بنجم.
ب- أضاء نجمان. راقب الفلكي نجمين. اهتديت بنجمين.
تدل كلمة: "نجم" في الأمثلة الأولى: "أ" على أنه واحد. وحين زدنا في آخرها الألف والنون، أو الياء المفتوح ما قبلها، وبعدها النون المكسورة- دلت الكلمة دلالة عددية على اثنين، كما في أمثلة "ب" واستغنيان بزيادة الحرفين عن أن نقول: "أضاء نجم ونجم. راقب الفلكي نجما ونجما. اهتديت بنجم ونجم.
أي: أننا اكتفينا بهذه الزيادة بدلًا من عطف كلمة على نظيرتها الموافقة لها تمام الموافقة في الحروف، والحركات، والمعنى العام. فكلمة:"نجمان" أو "نجمين" وما أشبههما تسمى: "مثنى"، وهو:
"اسم يدل على اثنين1، متفقين في الحروف والحركات، والمعنى، بسبب زيادة في آخره2 تغني عن العاطف3 والمعطوف". وهذه الزيادة هي الألف وبعدها نون مكسورة4، أو الياء وقبلها فتحة، وبعدها نون مكسورة.
1 الدلالة على اثنين قد تكون حقيقية وقد تكون مجازية. فالحقيقة: هي التي تكون بلفظ المثنى الصريح المستوفي للشروط الآتية، مثل: الفارسين- الجنتين
…
المحمدين
…
وغير هذا مما يدل على مثنى حقيقية لا مجازا، ولا اشتراكا معنويا بين المثنى وغيره، كالضمير "نا" فإنه مشترك يصلح من جهة المعنى للمثنى وغيره. في نحو: قمنا، وذهبنا لزيارة الصديق.
وغير الحقيقة: هي التي تدل على التثنية توسعا ومجازا، كقول الشاعر:
إن للخير وللشر مدى
…
وكلا ذلك وجه وقبل
"أي: كلا ذلك الخير والشر، مواجهة، وطريق واضح" فكلمة: "ذا" تدل في حقيقتها اللغوية على المفرد المذكر، ولكنها تدل بمعناها هنا على المثنى، لأنها إشارة إلى ما ذكر من الخير والشر، وهذه الدلالة مجازية لأن دلالة "ذا" على غير المفرد مجازية.
"راجع جـ3 باب: الإضافة - م 95 ص 89 عند الكلام على كلا وكلتا".
2 أي: أن تلك الدلالة هي بسبب الزيادة التي في آخره.
3 وهو: حرف العطف.
4 سيجيء الكلام على فائدة هذه النون، وحركتها، وحكمتها، عند الكلام على فائدة نون جمع المذكر السالم وحركتها "ص 156".
فليس من المثنى ما يأتي:
1-
ما يدل على مفرد، مثل، نجم. ورجلان1. ولا مثل: شعبان، ومروان، وبحرين
…
، مما أصله مثنى ثم سمي به واحد2.
2-
ما يدل على أكثر من اثنين، كالجمع، مثل: نجوم، وصنوان3
…
وكاسم الجمع4. مثل: قوم، ورهط
…
3-
ما يدل على اثنين5 ولكنهما مختلفان في لفظيهما، مثل: الأبوين، للأب والأم. أو: مختلفان في حركات أحرفهما، كالعمرين: لعمر بن الخطاب، وعمرو بن هشام، المعروف:"بأبي جهل" أو مختلفان في المعنى دون الحروف وحركاتها، كالعينين، تريد بإحداهما العين الباصرة، وبالأخرى البئر6، فلا يسمى شيء من هذا كله مثنى حقيقة، وإنما هو ملحق
1 بمعنى: ماش "غير راكب" تقول: على رجلان، أي: ماش، وليس براكب.
2 سيجيء الكلام تفصيلا على حكم المثنى به في "جـ من ص 125.
3 تقول: بعض الشجر صنوان، فهو جمع مفرده: صنو، والصنو: الشجرة التي تنشأ مع أختها في أصل واحد، فهما شجرتان، مشتركتان في الساق، وتنفصل كل واحدة عند أعلى الساق.
4 تعريفه في رقم2 من هامش ص148.
5 سيجيء في -هـ- من ص158 أن المثنى قد يكون لفظه في ظاهره دالًا على التثنية ومعناه الجمع.
6 وأمثال هذا، من كل لفظين مشتركين في الحروف، والحركات، تريد بأحدهما معنى، وبالآخر معنى يخالفه على سبيل الحقيقة، كالمثال السابق، أو على سبيل المجاز، مثل:"القلم أحد اللسانين". وتقول جمهرة النحاة: إن ذلك كله مقصور على ما ورد عن العرب، وسمع منهم. كما أن العمرين والأبوين وغيرهما مقصور عليهم، شأن كل اسمين يراد تثنيتهما مع وجود اختلاف بين مفرديهما، وأحدهما أهم من الآخر، فقد كان العرب يرجعون الأهم ويغلبونه بإجراء التثنية على لفظه وحده، ثم يجعلون معنى المثنى شاملًا لهما معًا، منطبقًا عليهما، وهذا ما يسمى:"التغليب" وما ورد منه ملحق بالمثنى، وليس مثنى حقيقة.
والخير أن يكون التغليب قياسيًّا عند وجود قرينة تدل على المراد بغير ليس: كما لو أقبل شخصان معروفان واسم أحدهما. محمد، والآخر علي، فقلت: جاء العليان أو المحمدان، لكثرة تلازمهما، أو شدة تشابههما في أمر واضح. وبهذا الرأي العملي النافع يقول بعض الباحثين القدامى والمحدثين، والأخذ به حسن ومفيد.
هذا، والشائع عند العرب تغليب الأقوى والأقدر "في التثنية كالأبوين". للأب والأم، وتارة يغلبون الأخف نطقا كالعمرين، لأبي بكر وعمر، وتارة يغلبون الأعظم في اتساعه أو ضخامته
…
كقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ، هَذَا عَذْابٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُه، وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاج} . ففي الآية تغليب للبحر على النهر. كما يكثر عندهم تغليب المذكر على المؤنث، كقولهم:"القمران" في الشمر والقمر، والعاقل على غيره، ففي مثل: صالح والعصفور، يقال: الصالحان يغردان.... ولم يغلبوا المؤنث إلا في قليل من الحالات، أشهرها:
1-
قولهم: ضبعان، يريدون: الضبع الأنثى وفحلها. "ويقال للأنثى "ضبع" ولفحلها ضبعان" فاختاروا اللفظ الخاص بالأنثى، وثنوه، وأطلقوه عليهما معا، تغليبا للأنثى. =
بالمثنى.
4-
ما يدل على اثنين متفقين فى المعنى والحروف وحركاتها ولكن من طريق العطف بالواو، لا من طريق الزيادة السالفة؛ مثل: أضاء نجم ونجم.
5-
ما يدل على شيئين، ولكن من طريق الوضع اللغويّ، لا من طريق تلك الزيادة، مثل: شَفْع "ضد فَرد، ووتر". ومثل زَوْج وزَكًا، وهما بمعنى شَفْع. فكل واحدة من هذه الكلمات تدل دلالة لغوية على قسمين متماثلين متساويين تمامًا "وهي القسمة الزوجية ضد الفردية": فهي تدل على التثنية ضمنًا، ولكن من غير أن يكون في آخرها الزيادة السالفة.
= ب- قولهم: فرغت من كتابة رسالتي لثلاث بين يوم وليلة "أي: لثلاث محصورة بين كونها أياما وكونها ليالي". وضابط هذه المسألة: أن يكون معنا عدد تمييزه مذكر ومؤنث، وكلاهما لا يعقل وهما مفصولان من العدد بكلمة:"بين".
وقد غلبوا في المثال السابق للتأنيث على التذكير، بدليل أن اسم العدد خال من علامة التأنيث، وهو لا يخلو منها إلا في حالات، أهمها، أن يكون المعدود المذكور متأخرا في الجملة، مؤنثا خالصا- بألا يكون معه مذكر - أو مؤنثا تغليبا، بأن يكون معه مذكر، ليس له الأهمية والتغليب، ومن أمثلته أيضا:
قابلت تسعا بين رجل وامرأة، قرأت عشرا بين كتابه وكراسه
…
إلخ ولهذه المسألة لمحة في جـ 4 "باب العدد"
- تذكيره وتأنيثه - م 165 ص 502 لمناسبة هناك.
جـ- المروتان: الصفا والمروة، وهما جبلان بمكة المكرمة، والتغليب للمروة المؤنثة.
أما "التغليب" في الجمع فيجيء في رقم 1 من هامش ص 139.
1 النحاة هم الذين يطلقون اسم: "الملحق بالمثنى" على كل كلمة تعرب إعراب المثنى، وليست مثنى حقيقيا، بسبب فقدها أحد الشروط الخاص بالمثنى الحقيقي. ويشترطون في الملحق أن يكون مسموعا "والحق أنه قد ينقاس - أحيانا- كما سبق في التغليب" أما اللغويون فيطلقون. "المثنى" على كل ما يعرب إعراب المثنى، سواء أكان مثنى حقيقيا أم ملحقا به. فالمسألة مجرد اصطلاح، ولا مانع من استعمال هذه التسمية أو تلك، بشرط مراعاة الأحكام الخاصة بكل عند الاستعمال.
وشبيه بهذا ما اصطلح عليه النحاة من "الجمع" و "اسم الجمع" - وفي رقم "2" من هامش ص 148 تعريف لاسم الجمع- في حين يطلق اللغويون عليهما اسما واحدا هو: الجمع. وقد يكون المراد عند اللغويين من الاسم المجموع- اثنين، لأن الجمع في اصطلاحهم يطلق على الاثنين، كما يطلق على ما زاد على الاثنين ويؤيد هذا شواهد كثيرة فصيحة، في مقدمتها القرآن. قال تعالى:{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} وقوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وقوله تعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} وقول أبي ذؤيب الهذلي في رثاء أبنائه الخمسة الذين ماتوا بالطاعون:
العين بعدهمو كأن حداقها
…
سملت بشوك، فهي عورا تدمع
فأطلق الجمع في قوله: حداقها - وهي جمع: "حدقة" وأراد الاثنين "كما جاء في حاشية ياسين على التصريج ج2 أول باب المضاف لياء المتكلم" وانظر رقم2 من هامش 137 ثم "ز" من ص160".
"ملاحظة هامة": من الضوابط اللغوية ما صرح به النحاة، وملخصه:
أن كل مثنى في المعنى مضاف إلى متضمنه- بكسر الميم الثانية المشدة، وصيغة اسم الفاعل: أي: إلى ما اشتمل على المضاف- يجوز فيه الإفراد، والتثنية، والجمع، والأفضل الجمع نحو قوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وتقول: تصدقت برأس الكبشين - أو رأسي الكبشين، أو رءوسهما. =
ومثلها: "كِلَا" فإنها تدل على شيئين متساويين أو غير متساويين، ولكن من غير زيادة في آخرها، فهذه ملحقة بالمثنى.
6-
ما يدل على اثنين، وفي آخره زيادة، ولكنها لا تغني عن العاطف والمعطوف: مثل: كلتا، اثنان، اثنتان أو: ثنتان؛ فليس لواحدة من هذه الكلمات مفرد مسموع عن العرب، على الرغم من وجود زيادة في آخرها1، ولهذا تعد ملحقة بالمثنى، وليست مثنى حقيقة.
حكم المثنى: أنه يرفع بالألف نيابة عن الضمة. وبعدها نون مكسورة2؛ مثل: يتحرك الكوكبانِ. وينصب بالياء نيابة عن الفتحة. وهذه الياء قبلها فتحة وبعدها نون مكسورة؛ مثل: شاهدت الكوكَبَيْنِ. ويجر بالياء نيابة عن الكسرة وقبلها فتحة، وبعدها نون مكسورة، مثل: فرحت بالكوكبَيْنِ.
هذا هو أشهر الآراء3 في إعرابه وإعراب ملحقاته4، "ومنها كلا، وكلتا، واثنان، واثنتان، أو: ثنتان"5. إلا أن كلا وكلتا لا تعربان بهذه الحروف إلا إذا أضيفتا للضمير؛ الدال على التثنية سواء أكانتا للتوكيد، أم لغيره،
= وإنما فضل الجمع على التثنية؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد، فكرهوا الجمع بين تثنيتهما، ولأن المثنى جمع في المعنى. وفضل الجمع على الإفراد لأن المثنى جمع في المعنى- كما سلف- والإفراد ليس كذلك، فهو أقل منه منزلة في الدلالة على المثنى. هذا ما قاله النحاة كالصبان جـ3 والخضري جـ 2 في أول باب التوكيد- وينطبق ما سبق على "النفس والعين المستعملتين في التوكيد، خضوعا للسماع الوارد فيهما، لا تطبيقا للضابط السالف، فقد قال الصبان في الموضع المشار إليه: إن إضافتهما ليست لمتضمنهما، بل إلى ما هو بمعناهما، لأن المراد منهما الذات. وسيجيء في "ز" من ص 160 ضابط آخر أوضحه شارح "المفصل" وهو يخالف الضابط الذي هنا بعض المخالفة. ويبدو أن الرأي الأقوى هو ما قاله شارح "المفصل".
ويرى بعض النحاة أن يطلق على الملحق بالمثنى تسمية خاصة به، هي:"اسم المثنى" فيكون هناك "اسم المثنى"، كما يكون هناك "اسم الجمع".
1 فلم يرد عنهم: "كلت" ولا اثن، ولا اثنة، ولا ثنت، مع أن الألف في "كلتا" زائدة والتاء أصلية. وقيل العكس. والألف والنون زائدتان في البواقي.
2 وهي حرف مبني على الكسر في أشهر اللغات وأفصحها من بين لغات متعددة، فقليل من العرب يفتحها بعد ألف المثنى، ومنهم من يضمها بعد الألف، ويكسرها بعد الياء في حالتي النصب والجر. "وستجيء في ص 156" وجدير بنا اليوم الاقتصار على الأكثر الأفصح.
3 ستجيء آراء أخرى في إعرابه. وبيانها في "ب" ص 123 وكذلك في المسمى به- "جـ" ص 125.
4 ويدخل فيها: "المثنى المسمى به، والمثنى تغليبا، واثنان. واثنتان" وغيرهما. أما السبب في التسمية: بالمثنى والجمع فسبب بلاغي: كالمدح، أو الذم أو التلميح، "طبقا للبيان الآتي في "جـ" من ص 116".
هذا ويلاحظ أن "النون" التي في آخر المثنى المسمى به يتعدد ضبطها بتعدد الآراء التي في ص 125 "جـ".
5 يجوز إضافة. اثنتين واثنتين إلى ظاهر أو ضمير بشرط أن يكون معنى المضاف إليه ومدلوله غير معنى المضاف ومدلوله، فلا يصح أن تقول: جاء اثنا محمد وعلى إذا كان محمد وعلى هما الاثنان، =
فإن كانتا للتوكيد وجب أن يسبقَهما المؤكَّد الذي يطابقه الضمير، نحو أكرمْ الوالدين؛ فإن كليهما صاحب الفضل الأكبر عليك
…
وعاون الجدّتين، فإن كلتيهما أحبّ الناس لك. فالكلمتان ليستا للتوكيد، وهما معربتان كالمثنى منصوبتان بالياء.
ومثالهما للتوكيد: جاء الفارسان كلاهما، غابت السيدتان كلتاهما؛ "فكلا" و"كلتا" توكيد مرفوع بالألف؛ لأنه ملحق بالمثنى، وهو مضاف و"هما" مضاف إليه، مبني على السكون فى محل جر. ونحو: صافحت الفارسيَنِ كليهما، والمحسنتين كلتيهما، وأثنيت على الفارسيَنِ كليهما، والسيدتين كلتيهما "فكلا وكلتا توكيد منصوب أو مجرور بالياء مضاف، والضمير مضاف إليه، مبني على السكون فى محل جر1
…
فلو أضيفت كلا أو كلتا لاسم ظاهر2 لم تعرب كالمثنى، ولم تكن للتوكيد، -وأعربت- كالمقصور- على حسب الجملة، بحركات مقدرة على الألف، في جميع الأحوال:"رفعًا، ونصبًا، وجرًّا"، مثل: سبق كلا المجتهدَيْن، وفازت كلتا لماهرتَينِ، فكلا وكلتا: فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف. ومثل: هنأت كلا المجتهدَيْنِ، وكلتا الماهرتَين؛ فكلا وكلتا مفعول به، منصوب بفتحة مقدرة على الألف. وسألت عن كلا المجتهدينِ، وعن كلتا الماهرتَينِ، فكلا وكلتا مجرورة، وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف.
= ومدلولهما هو مدلول المضاف. لا يصح هذا بسبب فقد الشرط السالف، ولا جاء اثنا كما، إذا كان المراد بالمضاف إليه هما الاثنان المخاطبان، لأن معناهما والمراد منهما هو معنى المضاف والمراد منه، فلا فائدة من إضافة الشيء لنفسه "كما سيجيء في باب الإضافة - جـ3" أما إن كان المراد من "اثنا" خادمين، أو: كتابين، أو
…
هو شيئان يختلفان في معناهما وذاتهما عن معنى المضاف إليه ومدلوله- فلا مانع "راجع""و"، من ص 134".
وبهذه المناسبة نذكر أن "كلا" و "كلتا" في جميع أحوالهما لا يستعملان إلا مضافين، إما لمعرفة دالة على اثنين بغير تفريق، وإما لنكرة مختصة كذلك- في الصحيح - ولو كانت المعرفة بحسب الظاهر مفردة أو جمعا وسيجيء بيان المراد من هذين في جـ3 م 95 ص 97 باب "الإضافة" عند الكلام على:"كلا وكلتا" - فإذا أعربا إعراب المثنى وجب أن تكون هذه المعرفة ضميرا للتثنية على الوجه الذي شرحناه. "ولهما أحكام أخرى في بابي: "التوكيد، والإضافة" من الجزء الثالث ليس موضع سردها هنا".
أما اثنان واثنتان فلا تجب إضافتهما "كما في ص 134" بل يجوز فيهما الإضافة وعدمها. لكن إذا أضيفا وجب في - الصحيح - أن يكون مدلولهما مخالفا مدلول المضاف إليه، سواء أكان اسما ظاهرا أم ضميرا كما تقدم-.
1 انظر "أ" ورقم 2 من: "ب" ص 123 في الزيادة - حيث بعض الصور الدقيقة المتصلة بهذا الحكم.
2 والأفصح أن يكون الظاهر مثنى معرفة. غير مفرق - كما سيجيء في الجزء الثالث، باب الإضافة -
مما تقدم نعلم:
أ- أن كلا وكلتا إذا أضيفتا للضمير تعربان كالمثنى -أي،: بالحروف المعروفة في إعرابه؛ سواء أكانتا للتوكيد1 أم لغيره، ولا بد أن يكون الضمير للتثنية.
ب- وأنهما عند الإضافة للظاهر، لا تكونان كالمثنى، بل تعربان على حسب الجملة "فاعلا أو مفعولا، أو مبتدأ، أو خبرًا
…
إلخ"، وبحركات مقدرة على الألف دائمًا، كإعراب المقصور2.
1 وإذا كانتا للتوكيد وجب أن يسبقهما المؤكد وبعدهما الضمير الذي يطابقه.
2 وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله:
بالألف ارفع المثنى، وكلا
…
إذا بمضمر مضافا وصلا
"كلتا" كذاك. "اثنان، واثنتان"
…
كابنين وابنتين يجريان
وتخلف "اليا" في جميعها "الألف"
…
جرا ونصبا بعد فتح قد ألف
أي: أن المثنى يرفع بالألف، و "كلا" ترفع بالألف إذا وصلت بمضمر، وكانت هي مضافا، والضمير هو المضاف إليه "وكلتا". كذلك. أما "اثنان" و "اثنتان" فملحقتان بالمثنى، ويجريان في إعرابهما على الطريقة التي تجري في إعراب:"ابنين وابنتين" وهذان من نوع المثنى الحقيقي يرفعان بالألف. أما في حالة النصب والجر، فتحل الياء في كل ما سبق محل الألف، فتكون الياء نائبة عن الفتحة وعن الكسرة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
ا- عرفنا أنه لا يجوز إعراب: "كلا وكلتا" إعراب المثنى إلا بشرط إضافتهما للضمير الدال على التثنية.
لكن يجب التنبه إلى أن تحقق هذا الشرط يوجب إعرابهما إعراب المثنى من غير أن يوجب إعرابهما توكيدًا؛ فقد يتحتم عند تحققه إعرابهما توكيدًا فقد، وقد يمتنع إعرابهما توكيدًا ويتحتم إعرابهما شيئًا آخر غيره، وقد يجوز فى إعرابهما الأمران؛ التوكيد وغيره، فالحالات الثلاث عند تحققه. ففى مثل: أقبل الضيفان كلاهما، وأجادت الفتاتان كلتاهما
…
يتعين التوكيد وحده.
وفى مثل: النجمات كلاهما مضئ، والشاعرتان كلتاهما نابغة - يمتنع التوكيد ويتحتم هنا إعرابهما مبتدأين، وما بعدهما خبر لهما، والجملة من المبتدأ الثانى وخبره خبر للمبتدأ الأول؛ "وهو: النجمان، والشاعرتان". ولا يصح إعراب "كلا وكلتا" فى هذا المثال توكيدًا؛ لكيلا يكون المبتدأ "النجمان - الشاعرتان" مثنى، خبره مفرد، إذ يصير الكلام: النجمان مضئ، الشاعرتان نابغة؛ وهذا لا يصح.
وفى مثل: النجمان - كلاهما - مضيئان، والشاعرتان - كلتاهما - نابغتان
…
يجوز فيهما أن يكونا للتوكيد. وما بعدهما خبر للمبتدأ. ويجوز فى كل منهما أن يكون مبتدأ ثانيًا خبره ما بعده، والجملة من المبتدأ الثانى وخبره خبر للمبتدأ الأول.
ب- إعراب المثنى وملحقاته بالحروف هو أشهر المذاهب وأقواها، كما أسلفنا. ويجب الاقتصار عليه فى عصرنا؛ منعًا للفوضى والاضطراب فى الاستعمال الكلامي والكتابي، وأما اللغات الأخرى فلا يسوغ استعمالها اليوم، وإنما تُذْكر للمتخصصين؛ ليسترشدوا بها في
"1، 1" في ص 120.
"2، 2" يلاحظ أن لفظ "كلا وكلتا" مفرد، ولكن المعنى مثنى، فيجوز في الخبر وفي الضمير العائد عليهما مراعاة لفظهما، أو معناهما، طبقا للبيان الذي في آخر الصفحة التالية.
3 كما سيجيء في رقم 2 من الصفحة الآتية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهم بعض النصوص اللغوية الواردة عن العرب بتلك اللغات واللهجات. ومن أشهرها:
1-
إلزام المثنى وملحقاته "غير: كلا وكلتا"1 الألف فى جميع أحواله، مع إعرابه بحركات مقدرة عليها؛ تقول عندى كتابانِ نافعانِ، اشتريت كتابانِ نافعانِ، قرأت فى كتابانِ نافعانِ، فيكون المثنى مرفوعًا بضمة مقدرة على الألف، ومنصوبًا بفتحة مقدرة عليها، ومجرورًا بكسرة مقدرة كذلك؛ فهويعرب إعراب المقصور، والنون للتثنية فى كل الحالات. مبنية على الكسر - بغير تنوين- وتحذف عند الإضافة.
2-
إلزام المثنى الألف والنون فى جميع أحواله مع إعرابه بحركات ظاهرة على النون. كأنه اسم مفرد، تقول: عندي كتابانٌ نافعانٌ، واشتريت كتابانًا نافعانًا، وقرأت في كتابانٍ نافعانٍ، ويحذف التنوين إذا وجد ما يقتضي ذلك؛ كوجود "أل" في أول المثنى. أو إضافته. وكذلك لمنع الصرف إذا وجد مانع من الصرف
…
فيرفع معه بالضمة من غير تنوين، وينصب ويجر بالفتحة من غير تنوين أيضًا.
أما "كلا، وكلتا" ففيهما مذاهب أيضًا؛ أشهرها وأحقها بالاتباع ما سبق فيهما؛ وهو إعرابهما بالحروف، بشرط إضافتهما إلى ضمير دالّ على التثنية -علمًا بأنهما لا تضافان مطلقًا- إلى ضمير للمفرد، نحو: كلاي وكلتاي، ولا إلى ضمير للجمع، نحو: كلاهم، وكلتاهم، ولا يضافان إلى الظاهر أيضًا، وإلا إعربًا معه إعراب المقصور.
وهناك من يعربهما إعراب المقصور في جميع أحوالهما2، أي: بحركات مقدرة على الألف2 دائمًا. ومنهم من يعربهما إعراب المثنى في جميع أحوالهما، ولو كانت إضافتهما إلى اسم ظاهر مثنى. ولا حاجة اليوم إلى غير اللغة المشهورة.
هذا، ولفظهما مفرد، مع أن معناهما مثنى؛ فيجوز في الضمير العائد عليهما مباشرة، وفي الإشارة، وفي الخبر، ونحوه -أن يكون مفردًا، وأن يكون مثنى، تقول: كلا الرجلين سافر، أو سافرا، وكلا الطالبين أديب، أو أديبان،
1 ستجيء هنا اللغات المختلفة فيهما.
2، 2 حتى في حالة إضافتهما للضمير.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
"وكلتا الفتاتين سافرت، أو سافرتا"، "وكلتاهما أديبة، أو أديبتان"، والأكثر مراعاة اللفظ. كقول الشاعر:
لا تَحْسَبَنّ الموتَ موتَ البِلى
…
وإنما الموتُ سُؤال الرجالِ
كلاهُمَا موْت، ولكنّ ذَا
…
أفظعُ من ذاك، لذُل السؤالِ
هذا ويتعين الإفراد ومراعاة اللفظ في مثل: كلانا سعيد بأخيه.....؛ من كل حالة يكون المعنى فيهما قائمًا على المبادلة والتنقل بين الاثنين فينسب فيها إلى كل واحد منهما ما ينسب إلى الآخر، دون الاكتفاء بذكر المعنى المجرد من دلالة المبادلة والتنقل بينهما كالمثال السابق، وكقولنا: كلانا حريص على المودة، كلانا محب لخير زميله1.....
بقيت مسألة تتعلق بالإعراب في مثل: محمد وعليّ كلاهما قائم، أو كلاهما قائمان، فكلمة:"كلاهما"، في المثال الأول مبتدأ حتمًا، و"قائم" خبره والجملة خبر الأول، ولا يصح إعراب "كلا" للتوكيد، لما يترتب على ذلك من إعراب كلمة "قائم" خبر المبتدأ، وهذا غير جائز؛ إذ لا يقال: محمد وعلي قائم؛ لعدم المطابقة اللفظية. أما فى المثال الثاني فيصح إعرابها مبتدأ أو توكيدًا -كما سبق في "أ".
ج- جرى الاستعمال قديماً وحديثًا على تسمية فرد من الناس وغيرهم باسمٍ، لفظه مثنى ولكن معناه مفرد، بقصد بلاغي؛ كالمدح، أو الذم، أو
1 ومثل قول الشاعر:
كلانا غني عن أخيه حياته
…
ونحن غذا متنا أشد تغانيا
أي: كل واحد منا غني عن أخيه.
وهناك كلمات أخرى تشبه "كلا" و "كلتا" في أن لفظها مفرد، ومعناها قد يكون مفردا حينا، وقد يكون مثنى أو جمعا حينا آخر، مع التذكير أو التأنيث على حسب كل حالة، ومن تلك الكلمات:"كم"، و "من" و "ما"، و "أي" و "بعض".
…
وسيجييء الكلام عليها من هذه الناحية في أبوابها، ومنها: باب الموصول- ص 340 وأيضا عند الكلام على مرجع الضمير في باب الضمير، ص 266 حيث تعرض الصور والأحكام الهامة الخاصة بذلك.
أما التطابق بين المبتدأ والخبر فيجيء في ص 452 وما بعدها..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التلميح1
…
-كما سبق فى رقم4 من هامش ص111- مثل: "حمدان" تثنية: "حمْد"، و"بدْران" تثنية "بدر" و"مَرْوان"، تثنية:"مرْو"؛ وهي: الحجارة البيض الصلبة، و"شعبان" تثنية "شَعْب" و"جبْران" تثنية "جبْر"، ومثل: مُحمدَين، وحسَنَيْنِ والبحْرين "اسم إقليم عربيّ على خليج العرب
…
" فهذه الكلمات وأشباهها ملحقة بالمثنى1، وليست مثنى حقيقيًّا. وفي إعرابهما وجهان: تثبت فيهما النون في جميع الحالات الإعرابية حتى حالة الإضافة؛ لأنها نون في صيغة علم مفرد، وإن كان لفظه في صورة المثنى، فهي حرف هجائي، داخل في تكوين العلم وصياغته، ولا شأن لها بالتثنية الحقيقية، وليست كتاء التأنيث حرف معنى-ويقول الهمع "ح1 ص45 -الباب الخامس جمع المذكر السالم" ما نصه في حروف العلم: "قد صارت بالعلمية لازمة للكلمة، لأن العلمية تسجل الاسم وتحصره من أن يزاد فيه أو ينقص" اهـ.
أحدهما: حذف علامتي التثنية من آخرها، وإعرابها بعد ذلك بالحروف؛ كباقي أنواع المثنى الحقيقي؛ فتقول سافر أخي بدْرَانِ، يحب الناس بدْرَينِ، وتحدثوا عن بدْرَين....، وهذا صديقي محمدان، وصافحت محمدين وسلمت على الصديق محمدين. وفي الأخذ بهذه الوجه احتمال الوقوع في اللبس.
والآخر: إلزامها الألف والنون، -مثل عِمران- وإعرابهما إعراب ما لا ينصرف بحركات ظاهرة فوق النون؛ فترفع بالضمة من غير تنوين، وتنصب وتجر بالفتحة من غير تنوين3 أيضًا. ولا يصح حذف النون مطلقًا وهذا الوجه أنسب من سابقه، لأن احتمال اللبس فيه أخف.
ولعل الخير فى إباحة وجه ثالث يحسن الاصطلاح على إباحته وإن كنت لم أره لأحد من قدامى النحاة؛ فإنهم قصروه على جمع المذكر السالم4، هوإبقاء العلَم على حاله - من الألف والنون، أوالياء والنون - مع إعرابه كالاسم المفرد بحركات إعرابية مناسبة على آخره، ومنعه من الصرف إذا تحقق شرط المنع-.
"1 و 1" كما سبق في رقم 4 من هامش ص 120.
2 بغير "أل"، لأنه علم على واحد، وليس مثنى حقيقة. بخلاف العلم عند تثنيته، فيجب تصديره "بأل" أو غيرها مما يجلب له التعريف، - كما سيجيء في رقم 3 من ص 129. -
3 اشترط بعض النحاة لإعرابه بالحركات كالممنوع من الصرف، ألا تزيد حروفه عند التثنية على سبعة. كاشهيباب، للسنة المجدية، فإن زادت "مثل: أشهيبا بين" وجب إعرابه بالحروف.
4 انظر آخر الهامش في ص 152 ورقم 2 من ص 153.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتجب مراعاة الإفراد فيه إذا جاء بعده ما يقتضي المطابقة -كالخبر والنعت
…
، وهذا الوجه وحده أولى بالاتباع، إذ لا يؤدى إلى اللبس؛ لأنه الموافق للواقع، وليس فى أصول اللغة ما يعارضه1 يمنعه بل إن كثيرًا من المعاملات الجارية في عصرنا توجب الاقتصار عليه، فالمصارف2 لا تَعترف إلا بالعَلم المحْكيّ، أي: المطابق للمكتوب نَصًّا في شهادة الميلاد، وفي الشهادة الرسمية المحْفوظة عندها المماثلة لما فى شهادة الميلاد ولا تقضي لصاحبه أمرًا مَصْرِفيا إلا إذا تطابق إمضاؤه "توقيعه" واسمه المسجل في تلك الشهادة تطابقًا كاملاً في الحروف وفي ضبطها، فمن اسمه:"حَسَنيْن" أو: بدران
…
يجب أن يظل على هذه الصورة كاملة في جميع الاستعمالات عندها، مهما اختلفت العوامل التي تقتضي رفعه، أو نصبه، أو جرّه.
فلو قيل: حسنان، أو: بَدْرَيْن؛ تبعًا للعوامل الإعرابيَّة لكان كل علَم من هذه الأعلام دالاً في عُرْف المصرف على شخص آخر مغاير للشخص الذي بدل عليه العلم الأول، وأن لكل منهما ذاتًا وحقوقًا ينفرد بها، ولا ينالها الآخر، ولن يوافق المصرف مطلقًا على أنّ الاسمين لشخص واحد، ولا على أن الخلاف يتجه للإعراب وحده دون الاختلاف في الذات. ومثل المصارف كثير من الجهات الحكومية؛ كالبريد، وأنواع الرخص، والسجلات الرسمية المختلفة
…
ويقوي هذا الرأي ويؤيده ما نقلناه عن النحاة في الصفحة السابقة خاصة بحروف العلم.
أما الوجه الأول فقد يوهم أنه مثنى. ولا يأمن اللبس فيه إلا الخبيرُ الذى يعرف أنه مفرد؛ ويُدْرك أن العلم المثنى لا يتجرد من "أل" إلا عند إضافته، أوندائه، كما سيجيء، وهذا غير مضاف؛ بل إنه قد يضاف3 فيزداد اللبس قوة. ولا يخلو الثانى من لبْس، أيضًا. -كما تقدم.
1 من الممكن الاستنارة -إلى حد ما- في تأييد هذا الرأي بما نقله الهمع "جـ1 ص47". من أن بعض العرب يجعل إعراب المثنى -وكذا جمع المذكر- على النون، إجراء له مجرى المفرد، فيقولون: هذان خليلان
…
2 جمع مصرف -بفتح الميم، وكسر الراء: وهو ما يسمى: "البنك".
3 يصح إضافة العلم أحيانا إلى المعرفة لداع بلاغي، كقصد تعيينه، نحو: محمد على، وفاطمة حسن، بشرط ألا يكون "المضاف" من أولاد "المضاف إليه"، إذ يترتب على فقد الشرط أن يكون أصل المثالين السابقين- ونظائرهما-: محمد بن على، وفاطمة بنت حسن، فحذف المضاف، وهو "ابن، بنت" وأقيم المضاف إليه مقامه. وحذفهما شاذ، يقتصر فيه على المسموع -منعا للإلباس- كما نصوا على هذا في باب الإضافة "انظر جـ3 ص 155 م 96" وتفصيل هذا في باب: العلم، رقم1 هامش ص294 حيث الأوجه الجائزة في العلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفي الأوجه الثلاثة السابقة، لا تحذف النون في الإضافة1 -كما أشرنا.
د- اشترط جمهور النحاة فيما يراد تثنيته قياسًا ثمانية2 شروط:
1-
أن يكون معربًا. فأما هذان، وهاتان، واللذان، واللتان، فقد وردت عن العرب هكذا معربة - مع أن مفرداتها مبنية؛ فلا يقاس عليها3.... فإن كان اللفظ في أصله مفردا مبنيا، ثم صار علما فإنه يعرب وينون- طبقا للملاحظة التي في ص 79- ويصبح تثنيته وجمعه
…
2-
أن يكون مفردًا؛ فلا يثنى جمع المذكر السالم. ولا جمع المؤنث السالم؛ لتعارض معنى التثنية وعلامتها، مع معنى الجمعين4 وعلامتهما. أما جمع التكسير واسم الجمع فقد يثنى كل منهما أحيانًا؛ نحو:"جِمَاليْن، وركبيِن" فى تثنية: "جِمال" و"رَكب"؛ بقصد الدلالة فى التثنية على التنويع، ووجود مجموعتين متميزتين بأمر من الأمور. وكذلك يثنى اسم الجنس -غالبًا- للدلالة السابقة -نحو، ماءين، ولبنين. وأكثر النحاة يمنع تثنية جمع التكسير ويقصرونه على السماع كما في المثالين السالفين -وستجئ الإشارة لهذا في ص161. أما التفصيل فمكانه:"باب جمع التكسير" من الجزء الرابع، ص620 م174.
وأما المثنى فلا يثنى، ولا يجمع؛ لكيلا يجتمع إعرابان بعلاماتهما على كلمة
1 لأنها ليست نون تثنية، بل هي نون في آخر علم مفرد، لفظه كالمثنى، وحذفها يغير صيغته.
2 وهي شروط عامة فيه وفي جمع المذكر السالم- كما يجيء في رقم 1 من هامش ص 140.
3 وأما نحو: "يا محمدان - يا محمدون- لا رجلين" فإن البناء متأخر عن التثنية وعن الجمع. أي: أنه طاريء على الكلمة المثناة أو المجموعة، فهو عرضي صادف عند مجيئه الكلمة على حالتها هذه: فهي ألفاظ - كما يقولون- مبنية بعد التثنية والجمع، وليست مثناة أو مجموعة بعد البناء
…
وأما "منان ومنون" - ونحوهما في تثنية "من" وجمعها في "الحكاية"
…
فليست الزيادة فيهما للتثنية والجمع، وإنما هي للحكاية بدليل حذفها في وصل الكلام - راجع الصبان في هذا المكان -.
4 إذا سمي بهما فقد يصح جمعهما على الوجه الموضح في "ب" من ص 155 وفي "هـ" من ص 172.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحدة. وهذا هو الرأي السائغ الذي يحسن الاقتصار عليه.
لكنْ لو سمي بالمثنى، وأريد تثنية هذا المسَمَّى لم يصح تثنيته مباشرة، وإنما يصح بطريقة غير مباشرة، بأن نأتي قبل المثنى بالكلمة الخاصة التي يتوصل بها لتثنيته؛ وهي "ذو" مختومة، بعلامة التثنية للمذكر والمؤنث فى حالات الإعراب المختلفة؛ فيقال للمذكر فى حالة الرفع:"ذوَا"
…
وفي حالتي النصب والجر: "ذَوَيْ
…
" مثل: نبغ ذَوَا حمدان، وأكرمت ذَوَيْ حمدان، واستمعت إلى ذَوَيْ حَمْدان. فكلمة: "ذَوَا وذَوَيْ" تعرب على حسب حاجة الجملة، كإعراب المثنى وهما "مضافان"، والمثنى المسمى به هو: "المضاف" إليه دائمًا ويحتفظ بكل حروفه، ثم تجري عليه أَحكام المضاف إليه؛ من الجرّ، وغيره.
ويقال للمؤنث في حالة الرفع: "ذاتا"، أو: ذواتا، وفي حالة الجر: "ذاتيْ
…
" أو"ذواتَيْ1
…
"..وتعرب هذه الألفاظ على حسب حاجة الجملة كإعرْاب المثنى. وهي "مضافة" والمسمى به هو "المضاف إليه" الذى يخضع للحكم السالف2.
3-
أن يكون نكرة؛ أما العلَم فلا يثنى؛ ولا يجمع3.... لأن الأصل فيه أن يكون مسماه شخصًا واحدًا معينًا، ولا يثنى إلا عند اشتراك عدة أفراد فى اسم واحد4، وهذا معنى قول النحويين:"لا يثنى العلم إلا بعد قصد تنكيره"، وحينئذ تزاد عليه:"أل" المعرفة5 بعد التثنية؛ لتعيد له التعريف، أو: يسبقه حرف
1 جاء في الهمع "حـ 1 ص 44" ما نصه: "وأما "ذات" فقالوا في تثنيتهما "ذاتا" على اللفظ بلا رد للواو، إلى أصلها وهو القياس
…
و "ذواتا" على الأصل برد لام الكلمة - وهي الياء - ألفا لتحركها".
2 وبهذه الطريقة غير المباشرة يصح جمع المثنى الذي سمي به. ولكن تستخدم قبله كلمة: "ذوو" رفعا، "وذوي" نصبا وجرا: وهو بعدهما: "المضاف إليه" الخاضع للحكم الذي أوضحناه.
3 سيجيء بيان عن جمع العلم جمع مذكر سالم وما يترتب على هذا الجمع- "في رقم 2 من هامش ص 139.
4 لهذا إيضاح في رقم 1 من هامش ص 294.
5 ستجيء في م 30.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من حروف النداء1 -مثل: "يا"؛ لإفادة التعيين والتخصيص أيضًا، بسبب القصد المتجه لشخصين معينين2؛ نحو: يا محمدان، أو إضافة إلى معرفة، مثل: حضر محمداك. فلا بد مع تثنية العلم من شيء مما سبق يجلب له التعريف.؛ لأن العلم يدل على واحد معين. كصالح، وأمين، ومحمود3، والتثنية تدل على وقوع مشاركة بينه وبين آخر، فلا يبقى العلم مقصورًا على ما كان عليه من الدلالة على واحد بعينه، بل يشترك معه غيره عند التثنية، وفي هذه المشاركة نوع من الشيوع، يناقض التعيين والتحديد الذي يدل عليه العلم المفرد. هذا إلى أن العلَم المفرد4 قد يصار بعد التثنية إلى لفظ لم تقع5 به التسمية أولا
…
4-
غير مركب6؛ فلا يثنى بنفسه7 المركب الإسنادي "وهو المكون من مبتدأ وخبر؛ مثل "على مسافر" علم على شخص، أو من فعل وفاعل، مثل: "فتحَ اللهُ، علم على شخص أيضًا". وإنما يثنى من طريق غير مباشر؛ فنأتي بكلمة:"ذو" للمذكر، و"ذات" للمؤنث؛ لتوصل معنى التثنية إليه. وهي ترفع بالألف، وتنصب وتجر بالياء، وتكون مضافة إلى المركب في الأحوال الثلاثة، تقول: جاء ذوَا "محمدٌ مسافرٌ"، وذاتا
…
،
1 سبقت الإشارة لهذا في رقم2 من هامش ص41 وله إشارة في هامش ص294.
2 في سبب تعريف المنادى المعرف آراء، منها: أن السبب هو القصد والإقبال عليه: ومنها أنه التعريف الذي كان قبل ندائه، وقيل: إن التعريف الأول الذي كان قبل النداء قد زال وعاد جديدا بعد النداء
…
إلى غير هذا مما يذكره النحاة مفصلا في أول باب النداء - ج4.
3 قد ينكر العلم لحكمة بلاغية أشرنا إليها مفصلة في رقم 1 من هامش ص 294.
4 يستثنى من هذا: "جماد يان"، تثنية:"جمادي" علم على الشهر العربي في المعروف، و "عمايتان" لجبلين، و "أبانان" لجبلين أيضا، و "أذرعات" لبلد بالشام، و "عرفات" لجبل بمكة. فإن العرب قد استعملت هذه الأعلام "المثنى منها، والمجموع" بغير زيادة شيء يجدد لها تعريفا، لأن علميتها الأولى لم تفارقها في التثنية والجمع، فليست في حاجة إلى تعريف جديد.
5 راجع شرح المفصل "جـ1 ص 46" عند الكلام على المثنى والمجموع من الأعلام.
6 أنواع المركب تجيء هنا، وفي "ب" من ص 145 وتفصيل الكلام على كل واحد منها سيجيء في باب العلم، ص 300 و 309 وما بعدها.
7 عدم تثنيته بنفسه "أي: مباشرة" حكم متفق عليه بين النحاة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو: ذواتا "هندٌ مسافرةٌ"، وشاهدت ذوَيْ "محمدٌ مسافرٌ" وذاتَيْ
…
، أو: ذَوَاتَيْ "هندٌ مسافرةٌ": ونظرت إلى ذَوَيْ "محمدٌ مسافرٌ" وذاتَيْ
…
أو: ذواتَيْ "هندٌ مسافرةٌ". والمركب الإسنادي في كل هذه الحالات مضاف إليه، مجرور بكسرة مقدرة، منع من ظهورها حركة الحكاية1....
كذلك المركب المزجى: كحضْرَموت، اسم بلد عربى، و"بَعْلبَك" اشم بلد لُبنانى، واسم معبد هناك. أيضًا. "سيبويه" اسم إمامَ النحاة. فإنه لا يثنى بنفسه مباشرة2؛ وإنما يثنى بمساعدة:"ذو، وذَات" بعد تثنيتهما وإضافتهما؛ تقول: هناك "ذَوَا" بعلبك، وذاتا أو: ذواتا بعلبك، وزرت "ذوَىْ" بعلبك، وذاتَىْ، أوذواتى بعلبك، ونزلت بذوَ ىْ بعلبك، وبذاتَىْ أو: ذواتَىْ بعلبك، وهكذا
…
ومثله المركب العددى؛ كأحدَ عشرَ، وثلاثةَ عشرَ.
ومن العرب من يعرب المركب المزجى بالحرف كالمثنى الحقيقى؛ فيقول: بعلبكانِ" و"بعلبكَّيْنِ"، والأخذ بهذا الرأى أسهل وأخف، لدخوله مع غيره فى القاعدة العامة لإعراب المثنى؛ فيحسن الاقتصار عليه3 اليوم.
وفيهم من يجيز تثنية صدره وحده معربًا بالحرُوف، ويستغني عن عجزُه نهائيًا؛ فيقول فى حالة الرفع "حضْران" فى "حضْرموت"، و"بعلان" فى "بعلبك"، و"سيبان" فى "سيبويه" وفى حالة النصب والجر يأتى بالياء مكان الألف. ولكن هذا الرأى يوقع فى لبس وإبهام وخلط بين المركب المزجى وغيره، فيحسن إهماله فى استعمالنا.
"وأما المركب الإضافي "كعبد الله" و"عبد العزيز" و"عبد الحميد"، فلا خلاف في تتثنية صدره المضاف، مع إعرابه بالحروف، وترك المضاف إليه على حاله تقول: هما عبدا الله، وهما عبدا العزيز، وسمعت عبدَي الله: وعبدَي العزيز، وأصيغت إلى عبدَي الله
…
إلخ...."
1 كما يجيء في: "ج" من ص 171.
2 هذا هو الشائع. وسيجيء هنا- وفي "ب" من ص 145- رأي آخر يبيح تثنيته وجمعه مباشرة، وقد ارتضيناه للسبب الموضح هناك.
3 هذا رأيي الخاص. وحبذا الاتفاق عليه، ليكتسب قوة وحصانة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا موجز ما يقال فيه وهناك تفصيلات أخرى هامة1.
أما إذا كان المركب وصفيًّا "أي: مكونًا من صفة وموصوف؛ مثل2: الرجل الفاضل" -فيثنى الصدر والعجز معًا، ويعربان بالحروف؛ فتقول: جاء الرجلان الفاضلان، ورأيت الرجلين الفاضلين، ومررت بالرجلين بالفاضلين وبالرغم من أن هذا هو الرأى الشائع فإنه يوقف في لبس كبير؛ إذ لا يظهر معه أنه مثنى، مفردُه مركب وصفي. ولهذا كان من المستحسن3 تثنيته بالطريقة غير المباشرة، وهي زيادة "ذَوَا"، وذَوَيْ، قبله، وذاتا، أوذواتا
…
وذاتَيْ، أوذَوَاتَيْ
…
وبهذا تكون طريقة تثنيته هي طريقة جمعه الآتية4
…
5-
أن يكون له موافق في اللفظ موافقة تامة في الحروف وعددها وضبطها؛ فلا يثنى مفردان بينهما خلاف في شيء من ذلك "إلا ما ورد عن العرب ملاحظًا فيه "التغليب" كما وضحنا5.
6-
أن يكون له موافق في المعنى، فلا يثنى لفظان مشتركان في الحروف، ولكنهما مختلفان في المعنى حقيقة أو مجازًا، مثل:"عين" للباصرة "وعين" للجارية، فلا يقال: هاتان عينان، تريد بواحدة معنى غير الذي تريده من الأخرى6....
7-
وجود ثانٍ له في الكوْن، فلا تثنى كلمة: شمس، ولا قمر، عند القدامى؛ لأن كلا منهما لا ثاني له فى الكون في زعمهم. أما اليوم فقد ثبت وجود شموس وأقمار لا عداد لها؛ فوجب إهمال هذا الشرط قطعًا. إذ لا يوجد في المخلوقات شيء لا نظَيرَ لَه.
1 وهي مذكورة في مكانها الأنسب "جـ4 باب جمع التكسير. م 174 ص 622 بعنوان: تثنية أنواع المركب، وجمعها جمع تكسير...." وبيان أن من المركب الإضافي ما هو مبدوء بكلمة: "ذي، أو ابن، أو أخ" وما هو مبدوء بغيرها، وحكم كل: ومنه ما يجب فيه تثنية المضاف والمضاف إليه معا- كما سيجيء أيضا في ص 146 -.... الخ.
2 من الأعلام القديمة: القاضي الفاضل" اسم شاعر وأديب مشهور بالنثر الفني المسجوع.
3 هذا رأيي الخاص وحبذا الاتفاق عليه ليكتب قوة وحصانة.
4 في ص 146.
5 في رقم 6 من هامش ص 118.
6 يتصل بهذا ويوضحه ما في رقم 6 من هامش ص 118.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
8-
عدم الاستغناء عن تثنيته بغيره، فلا تثنى -في الرأي الغالب عندهم1- كلمتا:"بعض" و"سواء" مثلا استغناء عنهما بتثنية جزء، وسِيّ، فنقول:"جزءان وسيَّان"، ولا تثنى كلمة:"أجمع وجمعاء" في التوكيد؛ استغناء بكلا وكلتا فيه. كما لا يثنى العدد الذى يمكن الاستغناء عن تثنيته بعدد آخر، مثل: ثلاثة وأربعة؛ استغناء بستة وثمانية2. ولذلك تثنى مائة وألف، لعدم وجود ما يغني عن تثنيتهما.
وقد جمعوا الشروط السالفة كلها في بيتين؛ هما:
شرطُ المثنى أن يكون مُعَربا
…
ومفردًا، منكرًا، ما رُكبّا
موافقًا فى اللفظ والمعنى، له
…
مماثلٌ، لم يُغنِ عنه غيرهُ
وزاد بعضهم شرطًا آخر هو: أن يكون في تثنيته فائدة؛ فلا يثنى: "كل" ولا يجمع؛ لعدم الفائدة من ذلك. وكذلك الأسماء التى لا تستعمل إلا بعد نفي عام، وتقتصر فى الاستعمال عليه؛ مثل: أحَد3، وعَرِيب، تقول: ما في الدار أحد، وما رأيتَ عَرِيبًا
…
"أي: أحدًا".
هـ - عرفنا4 أن المثنى يغني عن المتعاطفين "أي: المعطوف والمعطوف عليه" وأن ما يدل على اثنين من طريق العطف لا يسمى مثنى؛ مثل: نجم ونجم؛ ومن هنا لا يجوز إهمال التثنية استغناء بالعطف بالواو، إلا لغرض بلاغي، كإرادة التكثير فى مثل: أخذتَ مني ألفًا وألفا، أو بيان عدد المرات، وما تحتويه المرة الواحدة؛ مثل: أرسلت لك الدنانير، ثلاثة وثلاثة. ثم أرسلت لك كتابًا وكتابا5
…
أو: وجود فاصل ظاهر بين المعطوف
1 وهو رأي يصعب التسليم به عندي: لما فيه من تعسير بغير داعٍ، ولأن السماع يخالفه في بعض تلك الألفاظ.
2 هذا إن كان المراد من الثلاثة والثلاثة- مثلا- مجموعهما، فيقال: ستة: بدلا من تثنيتهما. أما إن كان المراد بيان عدد من مجموعات من كل فيجوز: كأن تقول: "هذه مجموعات أقلام، عددها ثلاث حزم، وهذه مجموعات أخرى، عددها ثلاث حزم أيضا، والثلاثتان الأوليان مختلفتان عن الثلاثتين الآخرين في الثمن والجودة
…
" ثم انظر "هـ" الآتية.
3 البيان الخاص بكلمة: "أحد" في رقم 1 من هامش ص 210.
4 في ص 117 و 119.
5 انظر هـ- من ص 158 لأهميته. وأما بيانه كاملا ففي الجزء الرابع: باب العدد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمعطوف عليه، مثل: قرأتُ كتابًا صغيرًا، وكتابًا كبيرًا، أو فاصل مقدر؛ كأن يكون لك أخ غائب اسمه: عليّ، وصديق غائب اسمه: عليّ، أيضًا، ثم تفاجأ برؤيتهما معًا، فتقول: عليّ وعليّ في وقت واحد!! كأنك تقول: عليّ أخى وعلي صديقي أراهما الآن!!
هذا إن كان العطف بالواو، فإن كان بغيرها فلا تغني التثنية -غالبًا- لأن العطف بغير الواو يؤدى معاني تضيع بالتثنية، كالترتيب في الفاء، تقول داخل زائر فزائر، بدلا من دخل زائران، وهكذا1.
ومما ينطبق عليه تعريف المثنى، الضمير في أنتما قائمان؛ فهو دال على اثنين، ويغني عن أنت وأنت، بما في آخره من الزيارة الخاصة به، وهي "ما" ولكنه في الحقيقة لا يعد مثنى، ولا ملحقًا به، لسببين:
أولهما: أنه مبني، وشرط المثنى أن يكون معربًا - كما عرفنا2.
وثانيهما: أن الزيادة التي في آخره ليست هي الزيادة المشروطة في المثنى.
و من الملحق بالمثنى: "اثنان" و"اثنتان""وفيها لغة أخرى: ثنتان" وهما ملحقان به، في كل أحوالهما؛ أي: سواء أكانا منفردين عن الإضافة مثل: جاء اثنان، جاءت اثنتان
…
أم مركبين مع العشرة؛ مثل: انقضى أثناء عشرَ يومًا، واثنتا عشرْة ليلة "فتعرب اثنا واثنتا على حسب الجملة إعراب المثنى. أما كلمة:"عشر" وكذا "عشرة" فاسم مبني على الفتح لا محل له؛ لأنه بدل من نون المثنى الحرفية"3. أم مضافين إلى ظاهر، نحو جاءني اثنا كتبك، وثنتا رسائلك، أم أضيفا إلى ضمير، نحو غاب اثناكما، وحضرت ثنتاكما.
لكن الصحيح عند إضافتهما للظاهر أو للضمير أن يراد بالمضاف إليه شيء غير المراد من اثنا وثنتا أي: غير المراد من المضاف؛ فلا يقال حضر اثنا محمود وصالح، ولا حضر اثناكما، إذا كان مدلول المضاف إليه في الحالتين هو مدلول "اثنا"، أي: مدلول المضاف؛ لأنه في هذه الحالة يؤدي ما
1 ويلاحظ ما سبق في رقم2 من هامش الصفحة السابقة.
2 في ص128.
3 ستجيء إشارة لهذا في "د" من ص156 وبيان السبب الصحيح وفي ص313.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تؤديه "اثنان": و"اثنتان" ومعناه هومعناهما؛ فالإضافة لا فائدة منها؛ إذ هى - كما سبق1 - من إضافة الشىء إلى نفسه؛ فلا حاجة إليها، بخلاف ما لوقلنا: جاءاثنا المنزل، إذا كان المراد صاحبيه، وجاءت ثنتا المنزل، إذا كان المراد صاحبتيه، وجاءاثناكما، وجاءت اثنتاكما، والقصد: خادمتاكما، أوسيارتكما
…
وجاء اثناه واثنتاه، واثناكم واثنتاكم
…
فإن المراد من المضاف هنا غير المراد من المضاف إليه، وكذلك ما يكون الضمير فيه للمفرد أوالجمع، نحو: اثناك واثناكم
…
وهكذا فلا بد فى المضاف إليه "سواء أكان اسما ظاهرًا أم ضميرًا" أن يدل على غير الذى يدل عليه المضاف؛ وهو؛ الكلمتان: اثنان واثنتان، وقد سبقت الإشارة لهذا1
…
ز- إذا أضيف المثنى حذفت نونه؛ فمثل: سافر الوالدان. من غير إضافة المثنى، تقول إذا أضفته: سافر والدا علىّ. فإذا أضيف المثنى المرفوع - فقط - إلى كلمة أولها ساكن؛ مثل: جاءنى صاحبا الرجل، ومُكْرِما الضيف
…
فإن علامة التثنية - وهى الألف - تحذف فى النطق حتمًا لا فى الكتابة2.
لكن ماذا نقول فى إعرابه؟ أهومرفوع بالألف الظاهرة فى الخط، أم مرفوع بالألف المقدرة وهى التى حذفت لالتقاء الساكنين "لأنها ساكنة وما بعدها ساكن" والمحذوف لعلة كالثابت؟ يرجح النحاة أن تقول: إنه مرفوع بالألف المقدرة لأنهم هنا يقدمون النطق على الكتابة ويعدون هذه الحالة فى عداد حالات الإعراب التقديرى3، ونرى أنه لا داعى للأخذ بهذا الآن4.
ح- هناك مفردات محذوفة الآخر، مثل: أخ، ويد. أصلهما: أخَوٌ، ويَدْىٌ. فإذا أريد تثنية هذا النوع فقد يرجع المحذوف حتما أولا يرجع، ومما لا يرجع ما حذفت لامه وجاءت همزة الوصل فى أوله عوضًا عنْ لامه المحذوفة، كالتى فى كلمة "اسم" وكذلم ما لا ترد لامه عند إضافته على حسب القاعدة التالية:
جاء فى شرح المفصل "جـ 4 ص 151". ما ملخصه:
"1، 1" آخر هامش ص 120.
2 قرار المجمع اللغوي الخاص بهذا "في رقم 2 من هامش ص 159".
3 تفصيل الكلام عليه في ص 84.
4 كما سيأتي في "و" من ص 159 وفي رقم 2 من ص 204.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اعلم أن المحذوف الآخر "أي: محذوف اللام" على ضربين؛ ضرب يرد إليه الحرف الساقط في التثنية، وضرب لا يرد إليه. فمتى كانت اللام المحذوفة ترجع في الإضافة فإنها ترد إليه -في الفصيح- عند التثنية. وإذا لم يرجع الحرف المحذوف عند الإضافة لم يرجع عند التثنية؛ فمثال الأول: أخ وأب؛ تقول في تثنيتهما: هذان أخوانِ، وأبوانِ، ورأيت أخوَيْن وأبويْن، ومررت بأخوَين وأبوَين؛ لأنك تقول في الإضافة؛ هذا أبوك وأخوك، ورأيت أباك وأخاك، وذهبت إلى أبيك وأخيك. فترى اللام قد رجعت في الإضافة1؛ فكذلك في التثنية
…
ومثال الثاني يد ودم؛ فإنك تقول في التثنية: "يدان" و"دمان" فلا ترد الذاهب؛ لأنك لا ترده في الإضافة. اهـ. وهذا خير ما يتبع. أما غيره فضعيف لا نلجأ إليه اختيارًا2.
ط- بقيت أحكام تختص بالمثنى ونونه، وستجيء في ص156 وما بعدها،
ي- سيجيء في ج ص566 م171 باب خاص بطريقة التثنية. وأهمها: تثنية المقصور، والمنقوص، والممدود
…
1 لكن: أهذه الواو الظاهرة عند إضافة: "أخ وأب" هي الواو الأصلية التي تعتبر لام الكلمة. أم هي واو الأسماء الخمسة؟ رأيان في الحكم على نوع الواو المحذوفة. والذي يراه شارح المفصل هنا أن الواو المذكورة هي: لام الكلمة.
- انظر "د" من هامش ص 151، حيث البيان.
2-
لهذا الضابط بيان أكمل سيجيء في: "كيفية التثنية والجمع""جـ4 م 71 ص 566" وقد عرف صاحب الهمع "جـ1 ص 44" وكذلك الصبان" جـ4 ص 119 في آخر باب: "المقصور والممدود"، وأشرنا إليه في رقم 4 من هامش ص 111 وفي آخر رقم 1 من هامش ص 164.