الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة والثلاثون:
المبتدأ والخبر وما يتصل بهما
تعريفها:
أ- الشموسُ متعددةٌ، الأقمار ُ كثيرةٌ، المحيطاتُ خمسٌ.
ب- أمرتفعٌ البناءُ، ما حَسَنٌ الظلمُ، ما مكرَمٌ الجبانُ.
في القسم الأول: "أ" كلمات تحتها خط، كل واحدة منها اسم، مرفوع، في أول الجملة، خال من عامل لفظي أصيل، وبعده كملة
1 العامل هو: ما يدخل على الكلمة فيؤثر في آخرها، بالرفع، أو النصب أو الجر، أو الجزم، كالفعل فإنه يؤثر في آخر الفاعل، فيجعله نوعًا مرفوعًا، وفي آخر المفعول فيجعله منصوبًا وكالجازم، فإنه يؤثر في آخر المضارع، فيجعله مجزومًا، وكحرف الجر، فإنه يؤثر في آخر الاسم، فيجعله مجرورًا وهكذا.
انظر ما سبق في ص72 وما بعدها".
والعامل ثلاثة أنواع:
أ- أصل لا يمكن الاستغناء عنه، وإلا فسد المعنى المقصود من الجملة، ومن أمثلته: المضارع، وأدوات النصب، والجزم، وبعض حروف الجر
…
ب- زائد، وهو الذي يمكن الاستغناء عنه من غير أن يترتب - في الأغلب- على حذفه فساد المعنى المقصود، كبعض الحروف الزائدة، في الجر، مثل "الباء" و "من" من باقي الحروف التي لا تجيء بمعنى جديد، وإنما تزاد لمجرد تقوية المعنى، وتوكيده، وربما لا يستغنى عنه، "كما سبق في ص 66 و 700" ولا يحتاج حرف الجر الزائد مع مجروره إلى متعلق.
ج- شبيه بالزائد، وينحصر في بعض حروف الجر" ويؤدي معنى جديدا خاصا لا يمكن الاستغناء عنه. ولكنه مع ذلك لا يحتاج مع مجروره إلى متعلق، بخلاف حروف الجر الأصلية، فإن كل حرف منها لا بد له مع مجروره من متعلق. "ومن أمثلة الشبيه بالزائد: "رب" وهي تفيد التقليل أو التكثير. و "لعل"، وهي تفيد الترجي، "ولولا" في رأي - وهي تفيد الامتناع".... فحرف الجر الأصلي يؤدي معنى جديدا خاصا، ولا يمكن الاستغناء عنه، ولا بد له مع مجروره من متعلق يتعلقان به. وحرف الجر الزائد يمكن الاستغناء عنه، لأنه لا يؤدي معنى خاصا جديدا، وإنما يفيد تقوية المعنى القائم-، ولا يحتاج مع مجروره إلى متعلق، فهو مخالف للأصلي من ناحيتين. أما حرف الجر الشبيهه بالزائد فيشبه الأصل من ناحيسة أنه لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه يؤدي معنى خاصا جديدا، ويخالفه من ناحية أنه مع مجروره ولا يحتاجان إلى متعلق يتعلقان به. كما أنه يشبه الزائد من ناحية عدم التعلق، ويخالفه من ناحية أنه لازم كي يؤدي معنى خاصا جديدا، والزائد لا يؤدي معنى خاصا جديدا، ولا يحتاج لتعليق.
"وتفصيل هذا يجيء في مكانه الأنسب، وهو حروف الجر، آخر الجزء الثاني ص 404 م 89". ومن العوامل ما هو لفظي"، أي: يظهر في النطق وفي الكتابة، كالعوامل التي سبقت، ومنها ما هو "معنوي" يدرك بالعقل لا بالحس، كالابتداء الذي يرتفع به المبتدأ- وهذا الابتداء هو السبب في أن "الحال" لا تجيء من المبتدأ عند بعض النحاة، دون بعض، "طبقا للبيان والتفصيل الآتيين في باب الحال 1 جـ2 م 84 ص 339 ورقم 3 من هامش ص 337 وكالتجرد من الناصب والجازم فيرتفع به المضارع. والعوامل بنوعيها: "اللفظية والمعنوية" ليست في الحق والواقع هي التي تؤثر بنفسها، وإنما الذي يؤثر ويحدث حركات الإعراب هو المتكلم. ولكن النحويين نسبوا إليها العمل والتأثير، لأنها المرشدة إلى تلك الحركات اللازمة لكشف المعاني "كما أوضحنا هذا ومزاياه بتفصيل تام في هامش ص 73"، ولا بأس بما صنعوا. وإنه لجليل الشأن.
تتمم المعنى الأساسي للجملة: "أي: تتضمن الحكم بأمر من الأمور لا يمكن أن تستغني الجملة عنه في إتمام معناها الأساسي، كالحكم على الشموس بالتعدد؛ وعلى الأقمار بالكثرة، وعلى المحيطات بأنها خمس
…
" ذلك الاسم يسمى: "مبتدأ" والكلمة الأخرى تسمى: "خبر" المبتدأ.
وفي القسم "ب" أمثلة لمبتدأ أيضًا، ولكنه غير محكوم عليه بأمر؛ لأنه وصف1 يحتاج إلى فاعل2 بعده، أو نائب فاعل؛ يتمم الجلمة، ويكمل معناها الأساسي؛ مثل: كلمتى: "البناء""والظلم" فإنهما فاعلان للوصف3 ومثل كلمة: "الجبان"؛ فإنها نائب فاعل له4. وقد استغنى الوصف بمرفوعه عن الخبر.
مما سبق نعرف أن المبتدأ: اسم مرفوع في أول جملته5، مجرد من العوامل اللفظية الأصلية6، محكوم عليه بأمر. وقد يكون وصفًا مستغنيًا بمرفوعه في الإفادة وإتمام الجملة. والخبر هو: اللفظ الذي يكمل المعنى مع المبتدأ7، ويتمم8
1 كررنا أن المراد بالوصف هنا: "المشتق" وهو: ما أخذ من كلمة أخرى - يغلب أن تكون مصدرا- وتفرع منها، مع تقارب بينهما في المعنى والحروف. ويجب أن يكون الوصف في هذا الباب نكرة، لأنه بمنزلة الفعل، والفعل في حكم النكرة- كما رددنا في رقم 1 من هامش ص 213 وغيرها- وهناك ما يقوم مقام الوصف، وسنذكر الوصف الذي له مرفوعا وما يلحق بهذا الوصف في "ب" من ص 448.
2 ذلك لأن بعض أنواع الوصف يشبه الفعل في أنه يرفع بعده فاعلا أو نائب فاعلا، وذلك بشروط معية.... فاسم الفالع يرفع فاعلا، واسم المفعول يرفع نائب فاعل، وهكذا....، مثل: أحاضر ضيفك؟ أمحبوس اللص؟ ولهذا إشارة في رقم 3 من هامش ص 453.
3 الوصف في الأول اسم فاعل، وفي الثاني صفة مشبهة.
4 لأن الوصف اسم مفعول، فهو يحتاج إلى نائب فاعل، كما سبق في رقمم 2. وكما سيجيء في رقم 3 من هامش ص 453.
5 غالبا.
6 أما غير الأصلية فقد يحتويها - وسيجيء البيان في ص 447. وجدير بالملاحظة أن المبتدأ - وكذا اسم الناسخ - لا يكون ظرفا باقيا على ظرفيته، ولا جارا مع مجروره.
7 أين الخبر في قولهم: فلان وإن كثر ماله - لكنه بخيل....؟ انظر الإجابة في: "و ". من ص 451.
8 وإنما كان الخبر متمما المعنى الأساسي للجملة، لأنه حكم صادر على المبتدأ. فالمبتدأ هو الشيء المحكوم عليه، والخبر هو الشييء المحكوم به "أي: هو الحكم" وهذا يقتضي- في الأغلب- أن يكون المبتدأ معلوما للمتكلم وللسامع معا قبل الكلام، ليقع الحكم على شيء معلوم، وأن يكون الخبر =
معناها الأساسى. "بشرط أن يكون المبتدأ غير وصف". ومن هنا كان المبتدأ
= مجهولا للسامع، لا يعرفه إلا بعد النطق به، أو أنه هو موضع الاهتمام به، والتطلع إليه، دون المبتدأ، والرغبة في إعلان هذا المجهول، وكشف أمره، ونسبته إلى المبتدأ- هي الداعية للنطق بالجملة الاسمية كلها. ولذا يقول المحققون: إن الأساس الصحيح للتفرقة بين المبتدأ والخبر، والاهتداء إلى تمييز كل منهما بدون خلط، إنما يقوم بينهما على الفارق المعنوي السابق، فما كان منهما معلوما قبل الكلام، ولا يساق الحديث لإعلانه وإبانته للسامع فهو المبتدأ "أي: المحكوم عليه" ولو جاء لفظه متأخرا في الجملة، وما كان منهما مجهولا للسامع، ويريد المتكلم إعلامه به، وإذاعته له، فهو الخبر "أي: المحكوم به" ولو جاء لفظه متقدما. في الجملة فإن لم يوجد عند السامع علم سابق بأحدهما، ولم توجد قرينة دالة على التمييز بينهما وجب تقديم المبتدأ، وتأخير الخبر، ليكون الترتيب دالا ومرشدا على كل منهما، ويرتفع اللبس. هذا هو الأصل العمام وهو الأساس القويم الذي يجل التعويل عليه في أغلب الحالات- كما سبق بالرغم من مخالفة بعض النحاة-. ولزيادة الإيضاح نسوق المثال الآتي: أن يعرف المخاطب شخصا مثل: "إبراهيم" بعينه واسمه، ولكنه لا يعرف أنه زميله في الدراسة، فيقول: "إبراهيم زميلك" جاعلا المبتدأ هو المعروف للمخاطب، والخبر هو المجهول له، المحكوم به - وذلك شأن الخبر في الأغلب كما قدمنا، أن يكون هو الشيء المجهول للمخاطب وأنه المحكوم به - فلا يصح أن تقول: "زميلك إبراهيم" بغير قرينة تدل على تقديم الخبر. أما إذا عرف المخاطب زميلا له ولكنه لا يعرف اسمه، وأردت أن تعين له الاسم فإنك تقول: زميلك إبراهيم، جاعلا المعلوم له هو المبتدأ، والمجهول له المحكوم به هو الخبر، فلو عكس الأمر في إحدى الصورتين السالفتين لا تعكس المعنى تبعا لذلك، واختلف المراد، إذ يصير المحكوم به محكوما عليه، والعكس.
- راجع جـ 3 ص 154 من شرح المفصل. ولما سبق إشارة موجزة في ص 485 ثم تلخيص في رقم 2 من هامش ص 493.
ومن شروط الخبر ألا يكون معلوما من المبتدأ وتوابعه، فلا يقال: والد محمد والد، ولا كتاب على صاحب على....
- راجع حاشية ياسيننن على التوضيح جـ3 باب: "الترخيم" عند الكلام على المحذوف للترخيم-. لما سبق لا يصح أن يكون معنى الخبر المفرد هو معنى المبتدأ، سواء أكان موافقا له في اللفظ أم غير موافق. لكن إذا دل الخبر على زيسادة معنى ليست في المبتدأ، وقامت القرينة على هذه الزيادة - صح وقوعه خبرا ولو كان مماثلا للمبتدأ في لفظه، فيصح أن يقال: والد محمد والد، إذا قامت القرينة على أن المراد: أنه والد عظيم، أو رحيم، أو نحو ذلك، كمايصح أن يقال: كتاب على صاحب علي، إذا قامت القرينة على أن المراد، أنه على العالم، أو الخبير، أو غير هذا مما يجعل معنى الخبر جديدا ليس مستفادا من المبتدأ وتوابعه. وعلى هذا الأساس يقال: المال مال- الحرب حرب، الجد جد - الشمس منيرة- كل هذا بشرط قيام القرينة على أن المراد من الخبر معنى جديد- كما قلنا- غير معنى المبتدأ وتوابعه. ويصح أن يكون من هذا قول الشاعر يحن إلى وطنه.
بلاد كما كنا وكنا نحبها
…
إذا الأهل أهل والبلاد بلاد
وقول الآخر:
الحر حر عزيز النفس حيث ثوى
…
والشمس في كل برج ذات أنوار
ومن شروط الخبر شبه الجملة بنوعيه أن يكون تاما، وأن يكون ظرف الزمان خبرا عن المعنى- في الغالب - لا على الجثة "أي: الشيء المجسد"، طبقا للبيان والتفصيل الخاصين بكل ذلك في ص 478.
"ملاحظة".
قد يتمم الخبر- بنفسه- الفائدة مع المبتدأ، وهذا هو الأصل الأغلب، لأنه المحكوم به على المبتدأ، كما عرفنا. وقد يتممها في بعض الأحيان بمساعدة لفظ آخر يتصل به نوع اتصال، كالنعت =
القياسي نوعين، نوعا يحتاج إلى خبر حتما1
وقد يتحتم أيضا أن يكون هذا الخبر جملة
أو شبهها كما سيأتي2- ونوعا لا يحتاج إلى خبر3 وإنما يحتاج إلى مرفوع بعده يعرب فاعلا أو نائب فاعل4. ولا بد في هذا النوع أن يكون وصفا5.
= في قوله تعالى: يخاطب المعارضين: {بَلْ أَنْتُمْ قومٌ عادون} ، أي: ظالمون. وقوله: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون} ، وقوم الشاعر:
نقول فيرضي قولنا كل سامع
…
ونحن أناس نحسن القول والفعلا
فالذي تمم الفائدة الأساسية هو النعت، لا الخبر، لأن معنى الخبر معلوم بداهة في الأمثلة السالفة من دلالة الضمير على التكلم أو التخاطب، فكلاهما قد دل بذاته وبصيغته المباشرة على حقيقة صاحبه وهي:"قوم" أو: "أناس" فهذا الخبر من النوع الذي يكمل هو وتابعه مجتمعين الفائدة الأساسية مع المبتدأ على الوجه المشار إليه في "أ" و "ب" من ص 531 و 532 وتجيء له إشارة في جـ 3س باب النعت، م 114 ص 4225- ومثل البيت السابق قول الآخر:
ونحن أناس نحب الحديث
…
ونكره ما يوجب المأثما
وما ينطبق على خبر المبتدأ ينطبق على خبر النواسخ أيضا، كقول الشاعر:
ولا خير في رأي بغير روية
…
ولا خير في رأي تعاب به غدا
إذ لا تتحقق الفائدة الأساسية من: "نحن أناس" - ولا من "لا خير في رأي" فهذا في البيت غير صحيح المعنى بغيسر انضمام الصفة إليه، وهي شبهه الجملة في الشطر الأول، والجملة في الشطر الثاني.
من النوع الذي نحن بصدده. المبتدا اسم الشرط، فإن خبره- في الأرجح- هو الجملة الشرطية. وهذه لا تتم المعنى إلا الجملة الجوابية المترتبة عليها، كما أشار لهذا الصبان" في جـ1 باب الكلام وما يتألف منه عند بيت ابن مالك.
والأمر إن لم يك للنون محل
…
فيه، هو اسم، نحو: صه وحيهل
انظر ما يتعلق بإعراب هذا البيت في ص69.
وسيجيء عنه البيان في جـ 4 ص 418ث م 157 باب الجواز والأحكام الخاصة بجملتي الشرط والجواب
1 وفي ص 457 حكم هذا الخبر من حيث الطابقة.
2 في ص 473، وبعض الأمثلة في "جـ" من هامش ص 543.
3 لا يحتاج المبتدأ إلى خبر إن كان هذا المبتدا ناسخا يعمل، لأن اسم الناسخ "انظر البيان في رقم 1 من هامش ص 566" وسيجيء في رقم 4 من هامش ص 499 صورة أخرى، هي أن الناسخخ "مثل: ليس" يحتاج لخبر منصوب فيغني عنه أحيانا- اسم مرفوع. وسنشير لهذا في "هـ" من ص 451.
4 ومن أنواع نائب الفاعل: "شبه الجملة".
5 ولو تأويلا- كما سيجيء في "ب" من ص 449 وفي "د" من ص 450 حيث بعض الصور الأخرى- ومنها صور سماعية، لا يحتاج فيها المبتدأ إلى خبر، ولا إلى ما يغني عن الخبر.
نوعين، نوعًا يحتاج إلى خبر حتمًا -وقد يتحتم أيضًا أن يكون هذا الخبر جملة أو شبهها كما سيأتي- ونوعًا لا يحتاج إلى خبر، وإنما يحتاج إلى مرفوع بعده يعرب فاعلا أو نائب فاعل. ولا بد في هذا النوع أن يكون وصفًا مُنكرًّا، وأن يكون رافعًا لاسم بعده يتمم المعنى؛ فإن لم يتمم المعنى لم يعرب الوصف مبتدأ مستغنيًا بمرفوعه بالصورة السالفة؛ ففي مثل: ما حاضرٌ والدُه عليّ - لا يتم المعنى بالاقتصار على الوصف مع مرفوعه؛ أيْ: ما حاضرٌ والده. وفي هذه الحالة يعرب الوصف "وهو كلمة: "حاضر" إعرابًا آخر؛ كأن نجعله خبرًا مقدمًا، و"والده" فاعله، "علي" مبتدأ مؤخر
…
والأكثر في الوصف الواقع مبتدأ أن يعتمد على نفي، أو استفهام؛ بأن يسبقه شيء منهما كالأمثلة السالفة في "ب" ويجوز -بقلة- ألا يسبقه شيء منهما؛ نحو: نافعٌ أعمالُ المخلصين، خالد سيَرُ الشهداء.
ولا فرق بين أن يكون المبتدأ اسمًا صريحًا؛ كالأمثلة السالفة -وأن يكون اسمًا بالتأويل؛ نحو "أنْ تقتصد" أنفع لك، "أنْ تجنتبَ" الغضبَ أقربُ
1 ولا يحتاج تنكيره لمسوغ
"كما سيجيء في رقم 3 من هامش ص 485".
2 سواء أكان ظاهرا، نحو أمقاتل على؟ . أم ضميرا بارزا- كما سيجيء في ص 455 ورقم 1 من هامشها نحو أمقاتل أنت؟ - أم ضميرا متصلا مجرورا بحرف جر، نحو: فلان مغضوب عليه، فالضمير المجرر نائب فاعل في محل رفع. وعند التساهل والتيسير يقال في الإعراب: الجار والمجرور نائب فاعل- كما في رقم 4 من هامش ص 462.
أما رفعه الضمير المستتر فكثير من النحاة يمنعه، نحو أقائم محمد أم قاعد؟ وذلك على اعتبار أن كلمة "قاعد" معطوفة على قائم فهي مبتدأ مثلها، يحتاج إلى فاعل يكون ضمير وبارزا، وهو هنا غير بارز، وفريق آخر يجيزه مستترا، ورأيه أحسن. لأن الأخذ به- هنا أيسر، ولا ضرر فيه ولا تكلف.
3 لأن الوصف هنا بمنزلة الفعل، والاسم المرفوع بالوصف بمنزلة القاعدة أو نائب الفاعل، وكلاهما يتمم معنى الجملة، ودليل المشابهة بين الوصف والفعل أن الوصف لم يرد مصغرا، ولا منعوتا، ولا معرف. وكذلك لم يرد في الأعم الأغلب- مثنى أو مجموعا- وإن كان من القليل الجائز إعمالها.
- كما سيجيء في جـ3 ص 243 م 102، باب "اسم الفاعل". -
4-
ويصح "إعراب""على" مبتدأ مؤخر، و "والد" مبتدأ ثان، والوصف، "حاضر" خبر مقدم للمبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر الأول.
5 تقييدهم الاعتماد بالنفي والاستفهام يدل على أن الاعتماد على غيرهما لا يكفي في تحقيق الأكثر والأفصح: كما في مثل: محمود قائم أبواه، فإعراب "قائم" مبتدأ ثانيا، غير فصيح بالرغم من من اعتماده على المبتدأ المخبر عنه، "كما قال صاحب المغنى- راجع حاشية الصبان، جـ1 في هذا الموضع" - أما الاعتماد في باب اسم الفاعل- وأمثاله - فيختلف عما هنا في أسبابه وأنواعه وأحكامه، كما سيجيء في بابه جـ 3.
للسلامة. أي: اقتصادك
…
واجتنابك1، وكقول الشاعر:
فما حَسَنٌ أن يَعذِرَ2 المرء نفسَه
…
وليس له من سائر الناس عاذر 3
والمبتدأ مع خبره أومع ما يغني عن الخبر4 نوع من الجملة الاسمية 5.
1 فالمصدر المؤول من "أن والفعل والفاعل" في محل رفع مبتدأ.
2 المصدر المؤول كاملا هو: عذر المرء نفسه، والمبتدأ هو: عذر
…
ويصح إعرابهه فاعلا للوصف: "حسن" قبله، ويصح أيضا إعرابه خبرا للوصف.
3 وكذلك قول الشاعر:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
…
عدوا له ما من صداقته بد
4 التعبير بقولنا: المبتدأ مع خبره أو ما يغني عن الخبر.... أفضل وأدق من التعبير الوارد في كثير منن المراجع النحوية، وهو: المبتدأ مع خبره، أو مع مرفوعه الذي يستغنى به عن الخبر.... "لأن المبتدأ قد يستغنى عن الخبر وعما يغني عنه استغناء تاما، وقد يستغنى عن خبره باسم مرفوع للناسخ، "طبقا لما أشرنا إليه في رقم 2 و 4 من هامش ص 444 وللبيان الذي في رقمم 1 من هامش ص 566 وفي "د" من ص 449".
5 الجملة - كما سبق في الباب الأول - ما تركبت من جزأين أساسين يؤديان معنى مفيدا. وهما يسميان: طرق الجملة، أو ركنيها. "راجع ص 15" والجملة قسمان: وسنشير لما يأتي في ص 466 -:
أ- اسمية وهي: التي تكون مبدوءة باسم بدءا أصيلا، كالجملة المكونة من المبتدأ مع خبره، أو: مع ما يغني عن الخبر
…
وكاسم الفعل مع مرفوعه.
وبهذه المناسبة يقول النحاة: إن الوصف مع مرفوعه ولو كان اسما ظاهرا يعد من قبيل المفرد، لا الجملة، إلا الوصف الواقع مبتدأ مستغنيا بمرفوعه عن الخبر، فقيل: جملة، وقيل، إنه في حكم الجملة، وهذا هو الشائع وأما الوصف الواقع صلة:"أل" فالأرجح أنه شبه جملة، "كما سبق عند الكلام: صلة الموصول" رقم1 من هامش ص 384" وليس جملة، ولكنه في قوتها معنى، والخلاف لفظي، لا أثر له من حيث المعنى، فلا داعي للاهتمام به. وقد سبق بيان لهذا في الموضع المشار إليه.
ب- فعلية وهي التي تكون مبدوءة بفعل، "ومنها الجملة المبدوءة بحرف النداء".
وقد أشار ابن مالك إلى كثير من الأحكام السابقة الخاصة بالمبتدأ بقوله في باب عنوانه: "المبتدأ والخبر":
مبتدأ زيد، وعاذر خبر
…
إن قلت: زيد عاذر من اعتذر
وأول مبتدأ والثاني
…
فاعل أغنى، في: أسار ذان؟
وقس، وكاستفهام النفي، وقد
…
يجوز نحو: فائز أولو الرشد
أي: إن قلت: "زيد عاذر من اعتذر، بمعنى، أنه قابل عذر من اعتذر" فزيد مبتدأ، و "عاذر" خبر. وإن قلت:"أسار هذان؟ " فإن "سار" وهو الاسم الأول، مبتدأ، و "ذان" هو الاسم الثانيس- فاعل، أغنى عن الخبر، لأن المبتدأ وصف مسبوق هنا باستفهام. ثم قال: قيس على هذا المثال أشباهه، من كل وصف معتمد على استفهام، أو نفي. ويجوز - بقلة - ألا يسبقه شيء منهما، نحو: فائز أولو الرشد، فلا يتغير الإعراب.
وبمناسبة الكلام على المبتدأ والخبر وأنهما مرفوعان1، بحث النحاة- كعادتهم عن العامل الذي يوجد الضمة في كل منهما. ولما لم يجدوا قبل المبتدأ عاملًا لفظيًّا يوجدها، قالوا: إن العامل معنوي، وجود المبتدأ في أول الجملة، لا يسبقه لفظ آخر، وسموا هذا العامل المعنوي:"الابتداء" فالمبتدأ عندهم مرفوع بالابتداء. أما الخبر فعامل الرفع فيه هو المبتدأ أي: أن الخبر مرفوع بالمبتدأ هذا رأي من عدة آراء لا أثر لها في ضبط كل منهما، ولا في وضوح معناهما، ومعنى الكلام، فالخبر في إهمالها، وتناسيها، والاقتصار على معرفة أن المبتدأ مرفوع، والخبر مرفوع كذلك2.
1 إما رفعا ظاهرًا، "نحو: الزراعة ثروة" أو رفعًا مقدرًا، نحو: "الصناعة غني" وإما محليًّا كأن يكون الخبر جملة، أو نحوها مما يكون في محل رفع، كالمصدر المؤول- "نحو: الأمانة التي تجلب الغنى -الصناعة خيرها عميم- براعتك أن تجيد عملك....".
2 يقول ابن مالك في تلك القاعدة التي لا فائدة منها اليوم:
ورفعوا مبتدًا بالابتدا
…
كذاك رفع خبر بالمبتدا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
"ا" عرفنا1 أن العوامل الأصلية لا تدخل على المبتدأ، أما غير الأصلية "وهى الزائدة وشبه الزائدة" فقد تدخل؛ فمثال الزائدة "مِنْ" فى قوله تعالى:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ 2 ?للَّهِ} ، ومثالُ شبه الزائدة:"رُبّ" في مثل: "رُبّ قادمٍ غَريبٍ أفادنا. فكلمةَ: "مِن" حرف جر زائد؛ دخل على المبتدأ؛ فَجَرَّه فى اللفظ، دون المحل. ولذلك نقول فى إعرابه: إنه مبتدأ مجرور بمِنْ فى محل رفع3.
وكذلك كلمة: "قادم" فإنها مبتدأ مجرور فى اللفظ بحر الجر الشبيه بالزائد، وهو:"رُبّ" - فى محل رفع4.
1 رقم 6 من هامش ص 442.
2 يعرب النحاة كلمة: "غير" في هذه الآية إما صفة لخالق، "التي هي مبتدأ مجرورة في اللفظ، نن مرفوعة في المحل"، والخبر محذوف، فالتقدير: هل من خالق غير الله "لكم"؟ وإما خبر المبتدأ ولا يعربونها فاعلا يغني عن الخبر، بحجة أن الوصف الذي له فاعل يغني عن الخبر بمنزلة الفعل، والفعل لا تدخل عليه "من" الزائدة، فكذا ما هو بمنزلته. وهذا رأي أساسه التخيل والتوهم، فلا داعي للأخذ به، كي لا تخرج هذه الحالة من القاعدة العامة "الموضحة في:"أ" من ص 453" بغير حجة مقبولة.
3 ومن أمثلة ذلك: "بحسبك علم، فإنه أمضى سلاح، وكافيك بحسن الخلق، فإنه غني دائم، فالباء في كلمتي: "حسب" و "حسن" وحرف جر زائد، ، وما بعدها مجرور بها في محل رفع مبتدأ. "وحسبك" بمعنى "كافيك" وكلاهما بمعنى يكفيك. "وقد سبقت إشارة إلى استعمالف: "فحسب" في هامش ص 422 أما تفصل الكلام عليها ففي جـ3 باب الإضافة، ص 147 م 95".
ومن الأمثلة أيضا: ناهيك بدين الله، فالباء حرف جر زائد، و "دين" مجرور بها في محل رفع مبتدأ، وخبره كلمة:"ناهي...." والمعنى دين الله ناهيك عن طلب غيره، لكفايته. وهذه اللمة متوغلة في الإبهام "انظر جـ 3 م 93" وفي الأمثلة السابقة إعرابات أخرى ليس مكانها هنا.
ومن مواضع زيادة "باء الجر" دخولها على المبتدأ بعد "إذا" الفجائية، نحو خرجت فإذا بالصديق قادم - كما جاء في المغنى عند الكلام على:"باء الجر" -، وكذلك دخولها على المبتدأ الضمير في مثل: كيف بك عند اشتداد الكرب. والأصل كيف أنت.... فلما زيدت الباء وجب تغيير الضمير "أنت لأنه ضمير مقصور على الرفع. فأتينا بدله بضمير يؤدي معناه، ويصلح لدخول حرف الجر، وهو: "كاف" المخاطب، "مجرورة بالباء لفظا في محل رفع مبتدأ ومن هذا قول النابغة الأساس- جـ 1 مادة: "جنح" ص 137" -:
يقولون حصن. ثم تأبى نفوسهم
…
فكيف بحصن والجبال جنوح؟
4 تقدم في هامش 441 الكلام على حرف الجر الأصل، والزائد، والشبيه بالزائد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
"ب" الوصف الذى له مرفوع يستغنى به عن الخبر هوالوصف المشتق الجارى مجرى فعله فى كثير من الأمور، وأوضحها: المشاركةُ فى الحروف الأصلية، وحركاتها وسكناتها، وفى عمله ومعناه
…
كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشتبهة، وكذا اسم التفضيل؛ فإنه قد يرفع الظاهر فى مثل: ما رأيت ورقةً أحسنَ فى سطورها الخطُّ منه فى ورقةِ محمودٍ. فيقال هنا عند وقوعه مبتدأ هل أحسنُ فى سطور هذه الورقةِ الخطُّ منه في سطور غيرها؟
ويلحق بالوصف ما أوّلَ به؛ من كل جامد تضمن معناه؛ مثل: أأسدٌ الرجلان؟ بمعنى أشجاعٌ الرجلان؟. والمنسوب؛ نحون: أعربىٌّ الشاعران. أى: أمنسوب الشاعران للعرب؟ و"ذَو" بمعنى صاحب؛ نحو: أذوعلم القادمان؟ بمعنى: أصاحب علم القادمان؟ والمصغر؛ نحو: أصُخَيْرٌ المرتفعان؛ لأنه بمعنى: صخر صغير. فكل هذه الأنواع المؤولة تجرى مجرى المشتق فى أن لها مرفوعاً فى بعض الأحيان تستغنى به عن الخبر.
"حـ" قلنا إن الوصف يسبقه فى الأكثر نفى، أواستفهام؛ فالنفى قد يكون بالحرف؛ نحو: ما غائب الشاهدان، أوبالفعل؛ نحو: ليس محبوب الغادرون4.
1 انظر ما يتصل ويوضح هذا في رقم 4 من هامش ص 462.
2 انظر رقم 2 من هامش ص 445.
3 انظر رقم 6 من هامش ص 461.
4 "ليس" فعل ماض. "محبوب" اسمها مرفوع، وأصله مبتدأ، "والغادرون" نائب فاعل "لمحبوب"، مرفوع بالواو، ويغني عن خبر ليس فهو من المواضع التي يغني فيها المرفوع مع بقائه مرفوعا- عن المنصوب، وقد أشرنا لهذا في رقمم 2 من هامش ص 444، كما أشرنا هناك إلى صورة أخرى، هي: أن المبتدأ لا يحتاج إلى خبر إن كان هذا المبتدأ وصفا ناسخا يعمل على الوجه الذي وضحه المثال الذي في رقم 1 من هامش ص 566.
جاء في حاشية الصبان هنا- عند الكلام على إعراب الوصف الواقع بعد أداة النفي "ليس"- ما يقارب النص الآتي: "إدخال اسم "ليس" فيما نحن فيه هو باعتبار كونه مبتدأ في الأصل. وكذا يقال في اسم "ما" عند اعتبارها حجازية، وكذلك إدخال الفاعل- ونائبه- فيما نحن فيه، هو باعتبار كونه مغنيا عن خبر مبتدأ في الأصل. وكذا يقال في خبر "ما" الحجازية، ثم في إغناء الفاعل- أو: نائبه - عن خبر "ليس" أو "ما" إغناء مرفوع عن منصوب. ولا ضرر في ذلك، ويظهر أنه لا يقال: هذا الفاعل أو نائبه- في محل نصب، باعتبار إغنائه عن خبر: "ليس"، أو: "ما"، لأنه ليس للأداة ما" أو: "ليس" في هذه الحالة خبر محله الفاعل - أو نائبه- بل الذي تستحقه بعد اسمها فاعل- أو نائب - لاسمها". أهـ. بتصرف قليل يوضح ما غمض من بعض ألفاظ قليلة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوبالاسم؛ نحو: غيرُ نافعٍ1 مالٌ حرامٌ. وغيرها من أدوات النفى التى تدخل على الأسماء. بخَلاف ما لا يدخل عليها؛ مثل: لم، ولمَّا، ولن، فإنها أدوات نفى مخنصة بالمضارع. وقد يكون النفى لفظيًا؛ لوجود لفظه كما سبق، أومعنويًا فى نحو: إنما قائم الحاضرون، لأنه فى قوة: ما قائم إلا الحاضرون. وإذا نقص النفى بإلا لم يتغير الحكم السابق؛ نحو: ما قائم إلا الحاضرون.
وكذلك الاستهفام قد يكون بالحرف نحو: أحافظٌ الصديقان العهدَ؟ هل عالمٌ أنّما الخبرَ؟ أوبالاسم؛ نحو: كيف جالسٌ الضيوفُ؟ ومَنْ مكرِمٌ الآباءُ! ومتى قادمٌ السائحون؟.
"وكلمة "كيف" حال من الفاعل وهو "ضيوف" مبنية على الفتح في محل نصب2. و "من" مفعول به لكلمة: مكرم، مبني على السكون في محل نصب. و "متى" ظرف لكلمة: "قادم مبني على السكون في محل نصب".
وقد يكون الاستفهام مقدرًا يدل عليه دليل؛ نحو: واقف الرجلان أم قاعدان؟ فوجود "أمْ" دليل على أنها مسبوقة باستفهام؛ شأن "أمْ" التى لطلب التعيين.
"د" سبق3 أن المبتدأ الذى يستغنى بمرفوعه عن الخبر مقصور على نوع معين من المشتقات "أى: من الوصف"؛ وعلى الجامد المؤول بالمشتق وقد سبقت أمثلته. ومن أمثلته أيضاً بعض أساليب سماعية وقع فيها المبتدأ اسمًا جامدًا ليس له خبر؛ وإنما له اسم مرفوع يغنى عن الخبر؛ وذلك لتأول الجامد بالمشتق،
1 "غير" مبتدأ، مضاف. "نافع" مضاف إليه مجرور. "مال" فاعل، لنافع، يغني عن الخبر، لأن المعني. "ما نافع مال حرام"، فأنزلنا:"غير نافع" منزلة: "ما نافع"، لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة الشيء الواحد، ولهذا يقال: إن الوصف هنا- وهو كلمة: "نافع" ليس مبتدأ ومثلة ورد من قوله الشاعر:
غير لاه عداك فاطرح اللهو
…
و، ولا تغترر بعارض سلم
"فغير مبتدأ مضاف، و "لاه" مضاف إليه مجرور، و "عدا" فاعل للوصف: لاء" يغني عن الخبر: ومثل قوله:
غير مأسوف على زمن
…
ينقضي بالهم والحزن
فالجار والمجرور "على زمن" نائب فاعل للوصف "مأسوف، اسم المفعول" يغني عن الخبر.
2 في هامش ص 509 أوجه إعراب: "كيف".
3 في ص 442 وفي "ب" من ص 448.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كقولهم لا نَوْلُكَ أن تفعل كذا
…
يريدون: ما متناولك أن تفعل
…
أى: ليس متناولك هذا الفعل، فليس هوالذى تتناوله. والمراد لا ينبغى ولا يليق بك تناوله. فكلمة:"نوْل" جامدة؛ لأنها مصدر بمعنى: التناول، ولكنها مؤولة بالمشتق؛ إذ معناها: متناوَل، فهى بمعنى اسم المفعول، وتعرب مبتدأ، بمعنى: متناوَل، والمصدر المؤول من أنْ والفعل والفاعل:"أن تفعل" فى محل رفع نائب فاعل لها. ولا مانع من أن تكون كلمة "نول" مبتدأ والمصدر المؤول فى محل رفع خبره. وبهذا لا تحتاج إلى تأويل.
وكذلك وردت أساليب أخرى قليلة "لا يجوز القياس عليها" وقع فيها المبتدأ وصفًا لا خبرٍ له، ولا مرفوع يغنى عن الخبر، منها؛ أقل رجل يقول ذلك. والمراد؛ قَل رجلٌ يقول ذلك1؛ أى: صَغُر شأ، هـ وحَقُر. فقيل إن المبتدأ لا يحتاج هنا إلىخبر، وجملة:"يقول ذلك" صفة "لرجل" النكرة؛ لأن حاجة النكرة إلى الصفة أشد من حاجة المبتدأ إلى الخبر؛ فتُفَضّل الصفة على الخبر؛ فتغنى عنه. وقيل السبب هو: أن المبتدأ ليس مبتدأ فى المعنى؛ إذ الكلام ليس مقصودًا به التفضيل؛ وإنما المعنى: قَلَّ رجلٌ يقول ذلك؛ فهومبتدأ فى ظاهره، فعل فى معناه وحقيقته؛ فكيتفى بالمضاف إليه الذى هوفاعل فى الأصل، ويستغنى به عن الخبر. وقيل: إنه مبتدأ والجملة هى الخبر؛ والأخذ بها الرأى وحده أوفق؛ لمسايرته الأصل العام الذى يقضى بأن للمبتدأ خبرًا، أومرفوعًا يغنى عنه. على أن هذا الأسلوب سماعى لا يجوز القياس عليه، فذكره ليفهمه من يراه فى النصوص المسموعة؛ فيقتصر عليها فى الاستعمال.
هـ- أشرنا فى "رقم 2 من هامش ص 402" إلى المبتدأ الى لا يحتاج لخبر إن كان هذا المبتدأ وصفًا ناسخًا يعمل؛ كالمثال الذى فى رقم 1 من هامش ص 511 كما أشرنا فى رقم 3 من هامش ص 406 إلى الناسخ الذى يحتاج لخبر منصوب فيستغنى عنه بمرفوع.
و إذا كان الخبر هوالذى يتمم الفائدة مع المبتدأ - على الوجه المشروح
1 ومن معانيه أيضا نفي الجنس، أي: لا رجل يقول ذلك وهو من الألفاظ الملازمة للابتداء- كما سيجي في جـ" من هامش ص 543-.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيما تقدمم1 فأين الخبر في مثل: فلان - وإن كثر ماله - لكنه بخيل؟ .
وهذا تعبير يتردد على ألسنة بعض السابقين من "المولدين2" الذين لا يستشهد بكلامهم ومثله: فلان - وإن كثر ماله - إلا أنه بخيل. وكلا التعبيرين ظاهر القبح والفساد3 بالرغم مما حاوله بعض متأخري النحاة- كما نقل الصبان4 من تأويله تأويلا غير مستاغ، ليصحح الأول على أحد اعتبارينن:
أولهما: أن جملة الاستدراك هي الخبر، بشرط اعتبار المبتدأ مقيدا بالقيد المستفاد من الجملة الشرطية التي بعده، فإن المراد، فلان مع كثرة ماله، ن بخيل
…
أو: فلان الكثيرث المال بخيل، أو نحو هذا.... والتكلف المعيب ظاهر في هذا.
ثانيهما: أن يكون الخبر محذوفا والاستدراك منه. أي: فلان دائب العمل وإن كثر ماله لكنه بخيل. أو....
وهذا الوجه المعيب ينطبق على المثال الثاني أيضا5.
1 ص 442 ورقم 8 من هامشها.
2 جاء في المصباح المنير ما نصه في مادة "ولد": "رجل مولد، بالفتح: عربي غير محض، و "كلام مولد" كذلك". أهـ. وغير محض، أي غير خالص. وفي الأساس ما نصه:"ولدوا حديثا وكلاما: استحدثوه. وكلام مولد: ليس من أصل لغتهم. وشاعر مولد" أهـ.
3 أما في الأسلوب الأول فلعدم وقوع "لكن" بين جملتين، كما تقضي بهذا الضوابط التي توجب أن تقع أداة الاستدراك "وهي "لكن" مشددة النون، وساكنتها" بين جملتين، كما توجب ألا تقع في صدر جملة تعرب خبرا عن مبتدأ، إذ المبتدأ ليس جملة، فلا تتوسط بين جملتين،
وأما في الأسلوب الثاني فلأنه نوع من الاستثناء غير معروف عن العرب الذين يستشهد بكلامهم.
4 "جـ 1" أول باب: "المبتدأ والخبر"، عند تعريف الخبر.
5 سيجيء لهذا البحث بيان آخر في رقم 22 من هامش ص 471، وإشارة أخرى عند الكلام على:"لكن"، في رقم 2 من 2 ص 6300-- وكذلك في جـ4 ص 407، مم 155 حيث نجد وجها ثالثا، هو: زيادة "إن" وهو معيب هنا.