الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة عشرة: الأفعال الخمسة
و الأفعال الخمسة:
أ- العاقل يتكلم بعد تفكير. لن يتكلمَ العاقل مسرعاً. لم يتكلمْ عاقل فيما لا يَعنيه.
إذا كان المضارع صحيح الآخر، وغير مختوم بضمير بارز2، فإنه يعرب بالحركات الأصلية الظاهرة "الضمة في حالة الرفع، والفتحة في حالة النصب إذا سبقه ناصب، والسكون في حالة الجزم إذا سبقه جازم". كأمثلة القسم "أ".
أما إذا اتصل بآخره ألف اثنين "وله معها صورتان. إحداهما أن يكون مبدوءًا بتاء المخاطب، والأخرى أن يكون مبدوءًا بياء الغائب، كأمثلة 1، 2 من القسم "ب"." أو اتصل بآخره واو الجماعة، "وله معها صورتان كذلك: أن يكون مبدوءًا بتاء المخاطب أو ياء الغائب، كأمثلة 3، 4 من "ب" أو اتصل آخره بياء المخاطبة، "كأمثلة القسم الخامس من "ب" فإنه في هذه الصور الخمس التي يسميها النحاة الأفعال الخمسة -يرفع بثبوت النون3 في حالة
1 إذا كان الضمير لمؤنثتين غائبتين "مثل: هما" جاز أن يكون المضارع مبدوءًا بالياء لا بالتاء، ولكن التاء أكثر- طبقًا للإيضاح الآتي في "ج" من ص181- فنقول: هما تفعلان، أو: هما يفعلان.
2 أي: ظاهر. وهذا على الرأي الشائع في أن ألف الاثنين وواو الجماعة وياء المخاطبة أسماء، فهي ضمائر يعرب كل منها فاعلًا. وهو الرأي الواجب اتباعه اليوم، خلافًا للرأي الضعيف القائل بأنها حروف.
3 أي: بالنون الثابتة الموجودة.
الرفع، نيابة عن الضمة، وينصب في حالة النصب بحذفها نيابة عن الفتحة، ويجزم في حالة الجزم بحذفها أيضًا نيابة عن السكون. "أمثلة، 2، 3، 4، 5".
وهذا معنى قولهم: الأفعال الخمسة هي: "كل مضارع اتصل بآخره ألف اثنين، أو واو جماعة، أو ياء مخاطبة"1.
وحكمها: أنها ترفع بثبوت النون، وتنصب وتجزم بحذفها. مع ملاحظة أن تلك النون عند ظهورها تكون مكسورة2 بعد ألف الاثنين، مفتوحة في باقي الصور3".
"ملاحظة": إذا كان المضارع معتل الآخر بغير إسناد لضمير رفع بارز -فحكمه سيجيء في مكانه الخاص4. فإن كان مسندًا لضمير رفع بارز وجب أن تلحقه تغيرات مختلفة؛ بيانها وتفصيلُ أحكامها في الباب المعدّ لذلك5، وهو باب: إسناد المضارع والأمر إلى ضمائر الرفع البارزة؛ بتوكيد، وغير توكيد.
1 فللألف الاثنين صورتان، ولواو الجماعة صورتان، ولياء المخاطبة صورة واحدة.
2 في الغالب الذي يحسن الاقتصار عليه.
3 وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله:
واجعل لنحو: "يفعلان" النونا
…
رفعا، وتدعين وتسألونا
وحذفها للنصب والجزم سمه
…
كلم تكوني لترومي مظلمه
أي: اجعل ثبوت النون علامة الرفع في: "يفعلان، وتدعين، وتسألون" وهي الأفعال المضارعة المشتملة على الضمائر السالفة، فالأوفى مشتمل على "ألف الاثنين" والثاني على "ياء المخاطبة"، والثالث على "واو الجماعة" واجعل حذف النون سمة، "أي: علامة"، لنصبها، وجزمها.
4 في ص 182.
5 ج4 م144 ص177.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- إذا قلت: النساء لن يَعْفُونَ عن المسيء؛ فالنون هنا نون النسوة؛ وليست نون الرفع التي تلحق بآخر الأفعال الخمسة. كما أن الواو واو أصلية، لأنها لام الفعل؛ إذا أصله:"عفا""يعفو" تقول: النساء يَعْفون؛ "يعفو" فعل مضارع مبني على السكون الذى على الواو. لاتصاله بنون النسوة، ونون النسوة فاعل مبني على الفتح في محل رفع. وتقول "النساء لن يعفُون":"يعفو": فعل مضارع، مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة؛ في محل نصب بلن، والنون فاعل
…
وفي النساء لم يعْفُون: "يَعْفُو" فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، في محل جزم بـ"لم"، ونون النسوة فاعل
…
بخلاف قولك: الرجال يَعْفُون؛ فإن النون هنا علامة للرفع، والواو ضمير الجمع، فاعل، مبني على السكون في محل رفع. وأصله: الرجال يعفُوُون "على وزن: يفْعُلُون"؛ استثقلت الضمة على الواو الأولى "التى هي حرف علة، ولام الفعل أيضًا" فحذفت الضمة؛ فالتقى ساكنان، هما: الواوان. حذفت الواو الأولى؛ لأنها حرف علة، ولم تحذف الواو الثانية: لأنها كلمة تامة. إذ هي ضميرٌ، فاعل، يحتاج إليها الفعل، فصار الكلام:"الرجال يعْفُون" على وزن: "يَفْعُون"، وعند وجود ناصب أو جازم تحذف النون، نقول: الرجال لن يعْفُوا "على وزن يَفْعُوا" ومن قوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} والرجال لم يعْفُوا، فحذفت نون الرفع؛ لوجود أحدهما، بخلاف نون النسوة، فإنها لا تحذف -كما سبق.
ب- عرفنا أن نون الرفع تحذف وجوبًا للناصب أو الجازم؛ كحذفها فى قوله تعالى: {لن تَنالُوا الْبِرَّ حَتى تنفقُوا مما تُحِبّون} ، وقول الشاعر المصري1:
لا تقْربوا النيل إنْ لم تعملوا عملاً
…
فماؤهُ العذبُ لم يخلَق لكسْلان
وقد تحذف لغير ناصب أو جازم، وجوبًا أو جوازًا؛ فتحذف وجوبًا إذا جاء بعدها نون التوكيد الثقيلة؛ مثل: أنتما، يا صاحباي، لا تقصرانّ في
1 إسماعيل صبري المتوفى سنة 1922.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الواجب، وأنتم -يا رجال- لا تهملُنّ فى العمل، وأنت -يا قادرة- لا تتأخَرنِّ عن معاونة البائس، فحذفت نون الرفع في الجميع؛ لتوالي الأمثال "أي: لتوالي ثلاثة أحرف متماثلة زائدة؛ هي: النونات الثلاث
…
" وحذفت معها أيضًا واو الجماعة، وياء المخاطبة دون ألف الاثنين2، ولكن عند إعراب المضارع المرفوع نقول: مرفوع بالنون المقدرة، كما سبق بيان سببه وتفصيله.
وتحذف جوازًا عند اتصالها بنون الوقاية3، مثل: الصديقان يُكْرمانِني، أو: يُكْرِمَانِي، والأصدقاء يكرمُونني، أو: يكرموني، وأنت تكرمينني، أو: تكرِمينِّي4.
فتلخص من هذا أن نون الأفعال الخمسة لها ثلاثة أحوال عند اتصالها بنون الوقاية: الحذف، أو الإدغام في نون الوقاية، أو الفك مع إبقاء النونين5.
وهناك لغة تحذف نون الرفع "أي: نون الأفعال الخمسة" في غير ما سبق؛ وبها جاء الحديث الشريف: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تَحَابُّوا"، أي: لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا. ولا تؤمنون حتى تتحابوا. وقوله أيضًا: "كما تكونوا يولَّى عليكم" في بعض الآراء، وليس من السائغ اتباع هذه اللغة في عصرنا، ولا محاكاتها، وإنما ذكرناها لنفهم ما ورد بها في النصوص القديمة.
"1و 1" في رقم1، 4 من هامش ص95 شرط امتناع التوالي، وإيضاحه، وسبب بقاء ألف الاثنين.
2 راجع "جـ ود" من ص 94 و 98.
3 وهذا رأي سيبويه وفريق معه
…
وقال آخرون: الذي يحذف هو: "نون الوقاية". ولكل أدلة كثيرة. والرأي الأول أولى، ولا سيما إذا عرفنا أن نون الوقاية جاءت لغرض خاص، فحذفها يضيع ذلك الغرض.
وتفصيل الكلام على "نون الوقاية" مسجل في الموضع الخاص بها- "ص280 م21، مع ملاحظة الإشارة السابقة في "ج" ص50 وفي رقم4 من هامش ص95 ورقم1 من هامش ص96- ثم ص284".
"4 و 4" يجوز هنا أن يحذف الضمير أو لا يحذف، "راجع رقم4 و 1 من هامش ص95 و 96".
5 ستجيء الأحوال الثلاثة في ص284.
6 أي: تتحابوا.
"ج" يجوز1 أن تقول: "هما تفعلان" و"هما يفعلان" عند الكلام على مؤنثتين غائبتين؛ ففي الحالة الأولى تؤنث مراعيًا أنك تقول في المفردة: هي تفعل؛ بوجود التاء أول المضارع. فكأن الأصل -مثلًا- زينب تفعل؛ لأن الضمير بمنزلة الظاهر المؤنث الذى بمعناه. فإذا قلت: "هما تفعلان" فقد أدخلت في اعتبارك الحالة السابقة. وإذا قلت: "هما يفعلان" فقد أدخلت في اعتبارك مراعاة لفظ الضمير الحالي الذى للمشي الغائب، والأول أكثر وأشهر، وفيه بُعْد عن اللّبس، فوق ما فيه من مسايرة لقاعدة هامة؛ هي: أن الفعل يجب تأنيثه إذا كان مسندًا. لضمير يعود على مؤنث2
…
1 الإيضاح الآتي هو ما أشرنا إليه في رقم1 من هامش ص177.
2 وقياسًا على هذا يجوز في المضارع المسند لنون النسوة أن يكون مبدوءًا بالياء أو بالتاء، نحو: الوالدات يحرصن على راحة أبنائهن، أو تحرصن. ويؤيد هذا القياس ما سيجيء "في "ب" من الجزء الثاني باب الفاعل ص75 م66 عند الكلام على الحكم السادس" فقد نصوا هناك على جواز الأمرين صراحة وأن الأحسن تصديره بالياء لا بالتاء، تبعا للمأثور، واستغناء بنون النسوة عن التاء في الدلالة على التأنيث.