المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة - النحو الوافي - جـ ١

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌ الكلام وما يتألف منه

- ‌المسألة الثانية: الكلام على أقسام الكلمة الثلاثة:

- ‌المسألة الثالثة: أقسام التنوين، وأحكامه

- ‌المسألة الرابعة: الفعل وأقسامه، وعلامة كل قسم

- ‌المسألة الخامسة: الحرف

- ‌ الإعراب والبناء

- ‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

- ‌المسألة التاسعة: المثنى

- ‌المسألة العاشرة: جمع المذكر السالم

- ‌المسألة الحادية عشرة: الملحق بجمع المذكر السالم

- ‌المسألة الثانية عشرة: جمع المؤنث السالم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: إعراب ما لا ينصرف

- ‌المسألة الرابعة عشرة: الأفعال الخمسة

- ‌المسألة الخامسة عشرة: المضارع المعتل الآخر

- ‌المسألة السادسة عشرة: الاسم المعرب المعتل الآخر

- ‌ النكرة والمعرفة

- ‌المسألة السابعة عشرة: النكرة والمعرفة

- ‌المسألة الثامنة عشرة: الضمير

- ‌المسألة التاسعة عشرة: الضمير المفرد، والضمير المركب

- ‌المسألة العشرون: حكم اتصال الضمير بعامله

- ‌المسألة الحادية والعشرون: نون الوقاية

- ‌المسألة الثانية والعشرون: العلم

- ‌المسألة الثالثة والعشرون: أقسام العلم

- ‌المسألة الرابعة والعشرون: اسم الإشارة

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: كيفية استعمال أسماء الإشارة، وإعرابها

- ‌المسألة السادسة والعشرون: الموصول

- ‌المسألة السابعة والعشرون: صلة الموصول والرابط

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: حذف العائد

- ‌المسألة التاسعة والعشرون: الموصولات الحرفية

- ‌المسألة الثلاثون: المعرف بأل

- ‌المسألة الحادية والثلاثون: "أل" الزائدة

- ‌المسألة الثانية والثلاثون: العلم بالغلَبة

- ‌ المبتدأ والخبر وما يتصل بهما

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون: تطابق المبتدأ الوصف مع مرفوعه

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون: أقسام الخبر

- ‌المسألة السادسة والثلاثون: المبتدأ المعرفة، والمبتدأ النكرة

- ‌المسألة السابعة والثلاثون: تأخير الخبر جوازًا ووجوباً

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون: تقديم الخبر وجوباً

- ‌المسألة التاسع والثلاثون: حذف المبتدأ والخبر

- ‌المسألة الأربعون: تعداد الخبر، تعدد المبتدأ

- ‌المسألة الحادي والأربعون: مواضع اقترن الخبر بالفاء

- ‌نواسخ الابتداء "كان وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثالثة والأربعون: حكم الناسخ ومعموليه من ناحية التقديم والتأخير

- ‌المسألة الرابعة والأربعون: زيادة "كان" وبعض أخواتها

- ‌المسألة الخامسة والأربعون: حذف "كان". وحذف معموليها، وهل يقع ذلك في غيرها

- ‌المسألة السادس والأربعون: حذف النون من مضارع "كان

- ‌المسألة السابعة والأربعون: نفى الأخبار فى هذا الباب

- ‌ الحروف التى تشبه "ليس" وهى "ما-لا- لات-إنْ

- ‌ أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعال الرجاء

- ‌الحروف الناسخة "إن" وأخواتها

- ‌مدخل

- ‌المسألة الثانية والخمسون: فتح همزة: "إن"، وكسرها

- ‌لا" النافية للجنس

- ‌مدخل

- ‌المسألة السابعة والخمسون: اسم "لا" المتكررة مع المعطوف

- ‌المسألة الثامنة والخمسون: حكم نعت اسم "لا

- ‌المسألة التاسعة والخمسون: بعض أحكام أخرى

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

‌المسألة الثامنة: الأسماء الستة

أ- الأسماء الستة 1:

هى: أبٌ، أخٌ، حَمٌ2، فمٌ، هَنٌ 3، ذُو

بمعنى صاحب4. فكل واحد من هذه الستة يرفع بالواو نيابة عن الضمة، وينصب بالألف نيابة عن الفتحة، ويجر الياء نيابة عن الكسرة، مثل: اشتهر أبوك بالفضل، أكرمَ الناس أباك، استمع إلى نصيحة أبيك

ومثل قول الشاعر:

أخوكَ الَّذِى إنْ تَدْعُهُ لِمُلِمَّةٍ

يُجِبْك وإنْ تَغْضَب إلى السَّيْفَ يَغْضَب

فتقول: إنَّ أخاك الَّذِى

- تَمَسَّكْ بأخيك الذى

ومثل هذا يقال فى سائر الأسماء الستة.

لكن يشترط لإعرابِ هذه الأسماء كلها بالحروف السابقة، أربعة شروط عامة، وشرط خاص بكلمة:"فم"، وآخر خاص بكلمة:"ذو".

فأما الشروط العامة فهى:

ا- أن تكون مفردة، فلوكانت مثناة أومجموعة، أعربت إعراب المثنى أوالجمع، نحو: جاء أبوانِ، رأيت أبوينِ، ذهبت إلى أبوينِ. جاء آباءٌ، رأيت آباءً، ذهبت إلى آباءٍ............

ب- أن تكون مُكبَّرة5؛ فإن كانت مصغرة أعربت بالحركات الثلاثة

1 وقد يسميها بعض النحاة: الأسماء الستة المعتلة الآخر، لأن في آخرها واو محذوفة تخفيفا إلا:"ذو" فليس فيها حذف.

2 الحم: كل قريب للزوج أو للزوجة، والدا أكان أم غير والد. لكن العرف قصره على الوالد.

3 بمعنى شيء، أي شيء، وبمعنى الشيء اليسير، والتافه. وكناية عن كل شيء يستقبح التصريح به.

4 تقول: محمد ذو خلق، وعلى ذو أدب، أي: صاحب خلق، وصاحب أدب، ومثل قوله عليه السلام. شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه.

5 غير مصغرة. "والتصغير النحوي باب مستقل في الجزء الرابع".

ص: 108

الأصلية، في جميع الأحوال، مثل: هذا أُبَيَّك العالم.... إن أُبَيَّكَ عالم

اقتد بِأُبيِّك...... إلخ.

ج- أن تكون مضافة؛ فإن لم تضف أعربت بالحركات الأصلية، مثل: تعهد أبٌ ولدَه

أحبَّ الولدُ أبًا. اعتَن بأبٍ. وقد اجتمع فى البيت الآتى إعرابها بالحروف وبالحركات، وهو:

أبونا أبٌ لو كان للناس كلهم

أبًا واحدًا أغناهموبالمناقبِ

د- أن تكون إضافتها لغير ياء المتكلم؛ فإن أضيفت وكانت إضافتها إلى ياء المتكلم1، فإنها تعرف بحركات أصلية مقدرة قبل الياء، مثل: أبى يحب الحق، إن أبى يحب الحق، اقتديت بأبى فى ذلك. فكلمة:"أب" فى الأمثلة الثلاثة مرفوعة بضمة مقدرة قبل الياء، أومنصوبة بفتحة مقدرة قبل الياء، أومجرورة بكسرة مقدرة أيضًا2. وكذلك باقى الأسماء الستة. إلاّ "ذو" فإنها لا تضاف لياء المتكلم ولا لغيرها من الضمائر المختلفة.

أما الشرط الخاص بكلمة: "فَم"، فهوحذف "الميم" من آخرها، والاقتصار على الفاء وحدها. مثل: ينطق "فوك" الحكمة. "أى؛ فمك": إن "فاك" عذب القول. تجرى كلمة الحق على "فيك". فإن لم تحذف من آخره الميم أعرب "الفم" بالحركات الثلاثية الأصلية، سواء أكان مضافًا أم غير مضاف، وعدم إضافته فى هذه الحالة أكثر. نحو: هذا "فمٌ" ينطق بالحكمة - إن "فمًا" ينطق بالحكمة يجب أن يُسمَع - فى كل "فم" أداة بيان.

وأما الشرط الخاص بكلمة: "ذو" بمعنى: صاحب3 فهوأن تكون إضافتها لاسم ظاهر دال على الجنس4، مثل: والدي ذو فضل، وصديقي

1 سيجيء الكلام على إضافة هذه الأسماء لياء المتكلم، في الجزء الثالث، باب: الإضافة لهذه الياء.

2 الأحسن في هذه الحالة أن نقول: إنها الكسرة الظاهرة قبل الياء، لأن الأخذ بهذا الرأي أيسر وأوضح. ولا داعي التمسك بالرأي الفلسفي المعقد الذي يقول: إن الكسرة الظاهرة هي لمناسبة ياء المتكلم، وأن كسرة الإعراب مقدرة بسبب الكسرة الظاهرة التي حلت محلها فأخفتها....

3 وهي غير "ذو" المعدودة من أسماء الموصول، والتي يجيء الكلام عليها في ص357.

4 سبق الكلام على اسم الجنس في ص21 وما بعدها، وسيجيء له تفصيل في باب العلم "ص288" والمراد به. ما وضع للمعنى الكلي المجرد، أي: للصورة الذهنية العامة، مثل علم، فضل، حياء رجل، طائر. =

ص: 109

ذو أدب. وقول الشاعر:

= ولا بد أن يكون اسم الجنس هنا اسما ظاهرا، فلا يجوز إضافة:"ذو" التي من الأسماء الستة إلى ضمير يرجع إلى جنس، مثلك الفضل "ذوه" أنت. كما لا يجوز إضافتها إلى مشتق، مثل: محمد ذو "فاضل". ولا إلى علم، مثل: أنت ذو "على" ولا إلى جملة: مثل. أنت ذو "تقوم". وفيما يلي بعض البيان والتفصيل لما سبق.

جاء في تاج العروس، شرح القاموس، خاصا بكلمة:"ذو" بمعنى "صاحب" ما نصه:

"كلمة صيغت ليتوصل بها إلى الوصف بالأجناس"". . وقال شارح المفصل - جـ1 ص 53. ما نصه: "إنها لم تدخل إلا وصله إلى وصف الأسماء بالأجناس كما دخلت: "الذي" وصلة إلى وصف المعارف بالجمل- وكما أتى "بأي" وصلة لنداء ما فيه "الألف واللام في قولك يا أيها الرجل، ويا أيها الناس" ÷ـ

والمراد مما سبق أن أسماء الأجناس جامدة - في الغالب فليست مشتقة، ولا مؤولة بالمشتق، فلا تصلح أن تقع نعتا، ولا غيرها مما يتطلب الاشتقاق الصريح أو المؤول، كالحال والنعت، فجاءت:"ذو" قبل اسم الجنس- وهي مما يؤول بالمشتق - لتكون وسيلة الوصف به، مع إعرابها هي الصفة المضافة، وإعراب اسم الجنس هو المضاف إليه المجرور.

فإن وقعت صفة لنكرة وجب أن يكون اسم الجنس "وهو المضاف إليه" نكرة، وإن وقعت صفة لمعرفة وجب أن يكون اسم الجنس "وهو: المضاف إليه" معرفا بالألم واللام، ولا يصح أن تضاف: "ذو" التي بمعنى" صاحب" إلى علم ولا إلى ضمير ما دام الغرض من مجيئها التوصل بها إلى إلى الوصف باسم الجنس.

فإن لم يكن الغرض من مجيئها هو هذا التوصل فالصحيح أنها تدخل على الأعلام والمضمرات وأمثلة هذا كثيرة في كلام العرب، منها:"ذو الخلصة"، الخلصة: اسم ضم. و "ذو" كناية عن بيته" ومنها ذو رعين، وذو جدن، وذو يزن، وذو المجاز.

وكل هذه الأعلام سبقتها "ذو" أي: أعلام مصدرة بكلمة مستقلة هي: "ذو" ومن أمثلة دخولها على الضمير قول كعب بن زهير:

صبحنا الخزرجية مرهفات

أبار ذوي أرومتها ذووها

وقول الأحوص:

رولكن رجونا منك مثل الذي به

صرفنا قديما من ذويك الأوائل

وقول الآخر:

إنما يصطنع المعـ

ـروف في الناس ذووه

وقالوا: جاء من ذي نفسه، ومن ذات نفسه، أي: طائعا. "راجع تاج العروس جـ 10. مادة""ذو"

ومن الأمثلة أيضًا قول الشاعر:

ما ضرني حسد اللئام ولم يزل

ذو الفضل يحسده ذو التقصير

ولا قيمة للتعليل أو التأويل الذي يردده شارح المفصل "جـ1 ص53" محاولًا به أن يجعل الضمير المضاف إليه في بعض الأمثلة السابقة قريبًا من اسم الجنس. فيستساغ معه أن تكون "ذو" هي المضاف

لا قيمة لهذا بعد أن نطق بإضافتها إلى الضمير والعلم، وتعددت الأمثلة الفصيحة الواردة عنهم، والتي لا تحتاج إلى تعليل ولا تأويل إلا صحة ورودها.

وإذا وقعت كلمة: "ذو" صدر اسم جنس لا يعقل وأريد جمعه وجب جمعه مؤنثًا سالمًا، نحو: مضى =

ص: 110

ومَن لا يَكُنْ ذَا نَاصِرٍ يَوْمَ حَقّهِ

يُغلَّبْ عليه ذُوالنَّصِيرِ، وَيُضْهَدُ1

وما سبق هو أشهر اللغات وأسهلها فى الأسماء الستة، ولذلك كان أحقها بالاتباع، وأنسبها للمحاكاة، دون غيره. إلا كلمة:"هَن" فإن الأكثر فيها مراعاة النقص فى آخرها، ثم إعابها بالحركات الأصلية بعد ذلك. والمراد بمراعاة النقص فى آخرها أن أصلها "هَنَوٌ"، على ثلاثة أحرف، ثمُ نقصت منها الواو؛ بحذفها للتخفيف، سماعًا عن العرب، وصارت الحركات الأصلية تجرى على النون، وكأنها الحرف الأخير في الكلمة. فعند الإضافة لا تُردُّ الواو المحذوفة كما -ترد فى الغالب- عند إضافة الكلمات التي حذفت من آخرها، فحكم كلمة:"هَن" في حالة الإضافة كحكمها فى عدمها، تقول: هذا "هَنٌ"، أهملتُ "هَنًا" -لم ألتفت إلى "هَنٍ". وتقول:"هَنُ"2 المال قليل النفع. إن "هنَ" المال قليل النفع. لم أنتفعْ "بهَنِ" المال. لكن يجوز فيها بقلة، الإعراب بالحروف، تقول: هذا هَنُو المال، وأخذت هَنَا المال، ولم أنظر إلى هَنِي المال.

وإذا كان الإعراب بالحروف بشروطه السابقة هو أشهر اللغات وأسهلها فى الأسماء الستة إلا كلمة: "هَن" فإن هناك لغة أخرى تليه فى الشهرة والقوة؛ هى: "القَصْر" فى ثلاثة أسماء؛ "أبٌ"، و"أخٌ"، و"حَمٌ"، دون "ذو" و"هن"3 و"فم" 4

ومعنى القصر: إثبات ألف5 فى آخر كل من

= ذو القعدة، وذوات القعدة، ومثل هذا يقال في اسم الجنس المصدر بكلمة:"أبن" أو:أخ، نحو: ابن أوي وبنات آوي، وأخ الجحر "للثعبان" وأخوات الجحر.

"وسيجيء لهذا إشارة في جـ من ص 171 عند الكلام على جمع المؤنث السالم، وبيان في الجزء الرابع، آخر باب جمع التكسير ص 622 م 174 وفيه بعض الأحكام الهامة".

هذا، وكلمة "ذو"، و "ذات" استعمالات أدبية دقيقة، "بيانها في مكانها المناسب جـ 3 ص 42 م 93 باب: الإضافة. وكذلك جـ 2 باب الظرف م 79 - ص 255 و 250 م 79".

ولكلمة: "ذات" بيان موجز في آخر الهامش من ص 357 وهو مقصور على بعض استعمالاتها، والنسب إليها.

وهي تختلف اختلافا تاما عن "ذو" التي هي اسم موصول، بمعنى:"الذي"مثل جاء "ذو" قام.

أي: جاء الذي قام، فإن الموصولة تلازمها الواو - غالبا- في أحوالها المختلفة وتكون مبنية على السكون في محل ربع، أو نسب أو جر، كما سيجيء في باب الموصول. ص 357.

1 يضهد: يقهر ويغلب.

2 الشيء التافه منه.

3 ونقل بعض النحاة "القصر" في هذه الكلمة. "كما سيجيء في رقم 1 من هامش ص 113.

4 في الأغلب.

5 وهذه الألف منقلبة عن الواو المحذوفة من آخر كل واحدة، فصارت كألف المقصور =

ص: 111

الثلاثة الأولى فى جميع أحوالها، مع إعرابها بحركات مقدرة على الألف رفعًا ونصبًا وجرًّا؛ مثل: أباك كريم، إن أباك كريم، أثنيت على أباك. فكلمة:"أبا" قد لزمتها الألف في أحوالها الثلاث، كما تلزم فى آخر الاسم المعرب المقصور، وهي مرفوعة بضمة مقدرة على الألف، أو منصوبة بفتحة مقدرة عليها، أو مجرورة بكسرة مقدرة عليها، فهي في هذا الإعراب كالمقصور.

وهناك لغة ثالثة تأتي بعد هذه فى القوة والذيوع، وهى لغة النقص السابقة؛ فتدخل في:"أب" و"أخ" و"حم"، كما دخلت في:"هَن"، ولا تدخل فى:"ذو" ولا "فم" إذا كان بغير الميم. تقول كان أبُك مخلصًا. إن أبَك مخلص، سررت من أبِك لإخلاصه

وكذا الباقى. فأب مرفوعة بضمة ظاهرة على الباء، أومنصوبة بفتحة ظاهرة1، أو مجرورة بكسرة ظاهرة. ومثل هذا يقال في "أخ" و"حم" كما قيل: في "أب" وفي "هن".

= "وهو الاسم المعرب الذي في آخره ألف لازمة، كالهدى، والرضا، والمصطفى" وهذا جار على أن أصلها: "أبو" و "أخو" و "حمحو" - كما في رقم 1 الآتي- تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا. هكذا يقول النحاة.

والحق أن أهل اللغة التي تلزم آخرها الألف لم ينظروا إلى ما يسمى أصل الواو، ولم يعرفوا قلب الحروف، ولا أمثال هذا، وإنما نطقوا عن فطرة وطبيعة، فهم يلزمون آخرها الألف بغير تعليل إلا النطق بها.

"ملاحظة": إذا حذف من الاسم الثلاثي أحد أصوله فإن جاءت همزة الوصل عوضًا عن المحذوف لم يصح إرجاعه في التثنية وجمع المؤنث السالم، أما إذا لم تأتِ همزة التعويض فالأجود -وقيل الواجب- إرجاعه. إن كان يرجع عند الإضافة. وتطبيقًا لهذا الحكم ترجع -في الحالتين السالفتين- اللام المحذوفة من الثلاثي، لأنها ترجع عند إضافته، فيقال في:"قاض- شج - أب- أخ - حم -....": قاضيان، شجيان، أبوان، أخوان، حسوان....؛ لأنه يقال في الإضافة: قاضينا، شجينا، أبوه، أخوه، حموه.... وشذ: أبعان وأخان....

أما الذي لا يرجع عند الإضافة فلا يرجع عند التثنية، وجمع المؤنث السالم، نحو: اسم، ابن يد، دم، غد، فم، سنة....، فيقال: اسمان، ابنان، يدان، دمان، غدان، فمان، سنتان. وشذ: فسموان، وفسميان، ومن الضرورة قول الشاعر:

فلو أنا على حجر ذبحنا

جرى الدميان بالخبر اليقين

وقول الآخر:

يديان بيضاوان عند محلم

"محلم، بكسر اللام، اسم رجل" وستجيء إشارة لهذا الضابط عند الكلام على المثنى "في "ح" من ص 135 وفي آخر رقم 1 من هامش ص 164".

1 أساس هذه اللغة: مراعاة النقص في تلك الكلمات الثلاث، والاعتداد به، فقد كان آخر كل واحدة منها في الأصل:"الواو""أبو، أخو، حمو، كما في رقم 5 من ص 111" حذفت الواو تخفيفًا، فلا ترجع عند الإضافة. بل يستغني عنها في كل الأحوال. والحق هنا هو ما قلناه في سابقه، أن التعليل الصحيح هو نطق العرب الفصحاء.

ص: 112

ومما سبق نعلم أن الأسماء الستة لها ثلاث حالات من حيث علامات الإعراب، وقوة كل علامة.

الأولى: الإعراب بالحروف، وهو الأشهر، والأقوى إلا فى كلمة:"هن" فالأحسن فيها النقص؛ كما سبق.

الثانية: القصر، وهو في المنزلة الثانية من الشهرة والقوة بعد الإعراب بالحروف، ويدخل ثلاثة أسماء، ولا يدخل "ذو" ولا "فم" محذوف الميم؛ لأن هذين الاسمين ملازمان للإعراب بالحرف. ولا يدخل:"هَن"1.

الثالثة: النقص، وهو في المنزلة الأخيرة، يدخل أربعة أسماء، ولا يدخل "ذو" ولا "فم" محذوف الميم؛ لأن هذين الاسمين ملازمان للإعراب بالحروف كما سبق.

فمن الأسماء الستة ما فيه لغة واحدة وهو "ذو" و"فم" بغير ميم.

وما فيه لغتان، وهو "هن".

وما فيه ثلاث لغات وهو أب، أخ، حم2.

1 نقل بعض النحاة فيها القصر، أيضًا كما سبق في رقم2 من هامش ص 111.

2 على ضوء ما تقدم نستطيع أن نفهم قول ابن مالك:

وارفع بواو وانصبن بالألف

واجرر بياء - ما من الأسما أصف،

من ذاك: "ذو" إن صحبة أبانا

والفم حيث الميم منه بانا

"أب"، "أخ"، "حم"، كذاك "وهن"

والنقص في هذا الأخير أحسن

وفي "أب" وتالييه يندر

... وقصرها من نقصهن أشهر

ففي البيت الأول: بين الحروف الثلاثة النائبة عن الحركات الأصلية الثلاث، وتلك الحروف هي: الواو، والألف، والياء.

وفي البيت الثاني: صرح أن من الأسماء الستة: "ذو" بشرط أن يبين صحبة، أي: يدل على صحبة، بأن يكون بمعنى:"صاحب": وأن منها: "الفم" بشرط أن تبين "أي: تنفصل" منه الميم.

وفي البيت الثالث والرابع: أوضح أربعة. وصرح بأن النقص في كلمة: "هن" أحسن من الإعراب بالحروف

وأما أب وأخ وحم فالنقص نادر فيها- مع جوازه-، ولكن القصر أحسن.

ص: 113

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- بالرغم من تلك اللغات التى وردت عن العرب، يجدر بنا أن نقتصر على اللغة الأولى التى هي أشهر تلك اللغات وأفصحها، وأن نهمل ما عداها1؛ حرصًا على التيسير، ومنعًا للفوضى والاضطراب الناشئين من استخدام لغات وهجمات متعددة. وقد يقالك ما الفائدة من عرض تلك اللغات إذن؟

إن فائدتها هي لبعض الدارسين المتخصصين: وأشباههم؛ إذ تعينهم على فهم النصوص القديمة، المتضمنة تلك اللهجات التى لا تروق اليوم محاكاتها، ولا القياس عليها، ولا ترك الأشهر الأفصح من أجلها.

ب- جرى العرف على التسمية ببعض الأسماء الستة السالفة، مثل: أبوبكر، أبوالفضل، ذي النون، ذى يَزَن.... فإذا سمي باسم مضاف من تلك الأسماء الستة المستوفية للشروط جاز فى العلَم المنقول منها أحد أمرين:

أولهما: إعرابه بالحروف، كما كان يُعْرف أوّلا قبل نقله إلى العلمية. كما يصح إعرابه بغير الحروف من الأوجه الإعرابية الأخرى التى تجرى على تلك الأسماء بالشروط والقيود التى سبقت عند الكلام عليها، أى: أن كل ما يصح فى الأسماء الستة المستوفية للشروط قبل التسمية بها يصح إجراؤه عليها بعد التسمية.

ثانيهما: وهوالأنسب أن يلتزم العَلم صورة واحدة فى جميع الأساليب، مهما اختلفت العوامل الإعرابية، وهذه الصورة هى التى سمى بها، واشتهر، فيقال - مثلا - كان أبوبكر رفيق الرسول عليه السلام فى الهجرة - إنّ أبو بكر من أعظم الصحابة رضوان الله عليهم، أثنى الرسول عليه السلام على أبو بكر خير الثناء

فكلمة: "أبو" ونظائرها من كل عَلم مضاف صدره من الأسماء الستة يلتزم حالة واحدة لا يتغير فيها آخره، ويكون معها معربًا بعلامة مقدرة، سواء أكانت العلامة حرْفًا أم حركة على حسب اللغات المختلفة السالفة2

1 مع أن محاكاته صحيحة.

2 وإنما كان هذه الوجه أنسب وأولى لمطابقته للواقع الحقيقي، البعيد عن اللبس، ولأن بعض المعاملات الرسمية الآن لا تجري إلا على أساس الاسم الرسم المدون في السجلات الحكومية "انظر سببا مماثلا في:"حـ" من ص 125".

ص: 114

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإنما تكون العلامة مقدرة إذا لم توجد علامة إعرابية ظاهرة مناسبة، ففي المثال السابق- كان أبو بكر رفيق الرسول

تعرب كلمة: "أبو" اسم "كان" مرفوعا بالواو الظاهرة، ولا داعي للتقدير في هذه الصورة، لوجود الواو الظاهرة التي تصلح أن تكون علامة إعرابية مناسبة، وكذلك لو كان العلم هو:"أبا بكر" أو "أبي بكر" فإننا نقول في مثل: "إن أبا بكر عظيم" إنه منصوب بالألف الظاهرة، ولا داعي للتقدير، وفي مثل: "اقتد بأبي بكر

" إنه مجرور بالياء الظاهرة أيضا.

حـ- إذا أعرب أحد الأسماء الستة بالحروف، وأضيف إلى اسم أوله ساكن "مثل: جاء أبو المكارم، ورأيت أبا المكارم، وقصدت إلى أبي المكارم" فإن حرف الإعراب وهو: الواو، أو الألف، أو الياء - يحذف فى النطق، لا في الكتابة. وحذفه لالتقاء الساكنين؛ فهو محذوف لعلة، فكأنه موجود. فعند الإعراب نقول:"أبو" مرفوع بواو مقدرة نطقًا، و"أبا" منصوب بألف مقدرة نطقًا، و"أبي" مجرور بياء مقدرة نطقًا؛ فيكون هذا من نوع الإعراب التقديري بحسب مراعاة النطق. أما بحسب مراعاة المكتوب فلا تقدير.

د- من الأساليب العربية الفصيحة: "لا أبا لفلان

"2

فما إعراب كلمة: "أبا" إذا وقعت بعدها اللام الجارة لضمير الغائب، أو لغيره"؟ من الضمائر، أو الأسماء الظاهرة؟

يرى بعض النحاة أنها اسم "لا" منصوبة بالألف، ومضافة إلى الضمير الذى بعدها، واللام التى بينهما زائدة. ومع أنها زائدة هى التى جَرّتْ الضمير دون المضاف، فالمضاف فى هذا المثال وأشباهه لا يعمل فى المضاف.

1 راجع رقم 1 ص 204 - الآتية، ففيها ضابط أفضل وفيها إشارة إلى قرار مفيد للمجمع اللغوي مسجل في رقم 2 من هامش ص 159.

2 هذا التركيب قد يراد به: المبالغة في المدح، وأن الممدوح لا ينسب لأحد، فهو معجزة تولي الله إظهارها على غير ما يعرف البشر، فمثله كعيسى عليه السلا. وقد يراد به المبالغة، في الذم، وأنه لقيط، "أي، مولود غير شرعي". ولكن الأكثر أن يراد به الدعاء عليه بعدم الناصر وكلمة. "أبا" هنا ليست معرفة بالإضافة، لأن إضافتها غير محضة- كما سيجيء في باب "الإضافة" حـ3 ص 46 م 93 فإضافتها كإضافة كلمة:"مثل" في نحو: "مثلك كريم، لأنه لم يقصد نفي أب معين، بل هو من يشبهه: إذ هو دعاء بعدم الناصر مطلقا. وفي باب: "لا" بيان مفيد عن معنى هذا الأسلوب، وإعرابه.

ص: 115

.......................................................

إليه والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر: "لا"1.

وفي هذا الإعراب خروج على القواعد العامة التى تقضي بأن المضاف يعمل في المضاف إليه. وفيه أيضًا أن اسم "لا" النافية للجنس وقع معرفة؛ لإضافته إلى الضمير، مع أن اسم "لا" المفرد لا يكون معرفة

و

و

وقد أجابوا عن هذا إجابة ضعيفة؛ حيث قالوا: إن كلمة "أبا" ذات اعتبارين؛ فهي بحسب الظاهر غير مضافة لوجود الفاصل بينهما، فهي باقية على التنكير، وليست معرفة؛ والإضافة غير محضة وإذن لا مانع من أن تكون اسم "لا" النافية للجنس. وكان حقها البناء على الفتح؛ لكنها لم تبنَ للاعتبار الثاني؛ وهو مراعاة الحقيقة الوافعة التى تقضي بأنها مضافة؛ فنُصِبَتْ بالألف لهذا، وصارت معربة لا مبنية.

وكل هذا كلام ضعيف، ويزداد ضعفه وضوحًا حين نراه لا يصلح فى بعض الحالات، ولا يصدُق عليها، كالتي فى قولهم:"لا أَبَا لي" فقد وقعت كلمة: "أبا" فى الأسلوب معربة بالحرف فإن اعتبرناها مضافة فى الحقيقة لياء المتكلم لم يصح إعرابها بالحرف؛ لأن المضاف من الأسماء الستة لياء المتكلم لا يصح إعرابه بالحرف. وإن اعتبرناها غير مضافة أصلا مراعاة للظاهر -بسبب وجود حرف اللام الفاصل- لم يصح إعرابها بالحرف أيضًا، فهي على كلا الاعتبارين لا تعرب بالحرف.

وأحسن رأي من النواحي المختلفة هو اعتبار كلمة: "أبا" اسم "لا"، وغير مضافة، بل مبنية على الألف على لغة من يلزم الأسماء الستة الألف دائمًا في جميع الحالات، وأنها خالية من التنوين بسبب هذا البناء.

ويرى بعض النحاة إعرابًا آخر هو بناء كلمة "أبا" على فتح مقدر على آخرها منع من ظهوره التعذر، باعتبار هذه الألف أصلية من بنية الكلمة كالألف التى في آخر كلمة "هذا" فكلاهما عنده حرف أصلي تقدر عليه علامات البناء، ولا يعتبره حرفًا زائدًا جيء به ليكون علامة إعراب2.

والخلاف شكلي، لا أثر له. وهو يقوم على اعتبار الألف الأخيرة زائدة، أو أصلية. وسيجيء لهذه المسألة إشارة أخرى فى باب "لا".

_________

1 وكيف يتعلقان مع أن حرف الجر زائد؟

2 راجع حاشية الخضري، جـ1 أول باب "لا" النافية للجنس.

ص: 116