الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واللام- أي: أمارة، وقرأ عِكْرِمَةُ «1» :«لَلْعِلْمُ» بلامين الأولى مفتوحة، وقرأ أُبيٌّ:«لَذِكْرٌ لِلسَّاعَةِ» «2» فمن قال: إنَّ الإشارة إلى عيسى حَسَنٌ مع تأويله «عِلْم» و «عَلَم» ، أي: هو إشعارٌ بالساعة، وشَرْطٌ/ من أَشراطها، يعني: خروجه في آخر الزمان، وكذلك مَنْ قال:
الإشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أي: هو آخر الأنبياء، وقد قال:«بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» يعني السبابة والوسطى، ومَنْ قال: الإشارة إلى القرآن حَسُنَ قوله مع قراءة الجمهور، أي:
يعلمكم بها وبأهوالها.
وقوله: هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ: إشارة [إلى] الشرع.
[سورة الزخرف (43) : الآيات 63 الى 65]
وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)
وقوله تعالى: وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ يعني: إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وغير ذلك، وباقي الآية تكرَّر معناه.
وقوله: هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ حكاية عن عيسى ع، إذ أشار إلى شرعه.
[سورة الزخرف (43) : الآيات 66 الى 67]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66) الْأَخِلَاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَاّ الْمُتَّقِينَ (67)
وقوله سبحانه: هَلْ يَنْظُرُونَ يعني: قريشاً، والمعنى: ينتظرون وبَغْتَةً معناه:
فجأة، ثم وَصَفَ سُبْحَانَه بَعْضَ حالِ القيامة، فقال: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ، وذلك لهولِ مطلعها والخوف المُطِيفِ بالناس فيها يتعادى ويتباغضُ كُلُّ خليل كان في الدنيا على غير تُقًى لأَنَّه يرى أَنَّ الضَّرَرَ دخل عليه من قِبَلِ خليله، وأَمَّا المُتَّقُونَ فَيَرَوْنَ أَنَّ النفْعَ دخَلَ من بعضهم على بعض، هذا معنى كلام عليٍّ- رضي الله عنه وخَرَّجَ البَزَّارُ عن ابن عَبَّاس قال:«قيل: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ ذَكَّرَكُمْ باللَّهِ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَكُمْ في عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ بِاللَّهِ عَمَلُهُ» «3» اهـ، فمِنْ مثل هؤلاء تصلح الأخوّة
(1) ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 61) ، و «البحر المحيط» (8/ 26) ، و «الدر المصون» (6/ 106) .
(2)
ينظر: «الكشاف» (4/ 261) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 61) .
(3)
أخرجه أبو يعلى (4/ 326)(2437) من حديث ابن عبّاس، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 81)، وقال: رواه البزار عن شيخه علي بن حرب ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا.
وذكره الحافظ في «المطالب العالية» (3233) ، وعزاه إلى عبد بن حميد، وأبي يعلى.
الحقيقية، واللَّه المستعانُ، ومن كلام الشيخ أبي مَدْيَنَ- رضي الله عنه: دليلُ تخليطِكَ صُحْبَتُكَ للمخلِّطين، ودليلُ انقطاعك صُحْبَتُكَ لِلمُنْقَطِعِين، وقال ابن عطاء اللَّه في «التنوير» : قَلَّ ما تَصْفُو لَكَ الطَّاعَات، أو تَسْلَمُ/ من المخالَفَات، مع الدخول في الأسباب، لاِستلزامها لمعاشرة الأضداد ومخالطة أَهْلِ الغَفْلة والبِعَاد، وأَكْثَرُ ما يعينك على الطاعات رؤيةُ المُطِيعين، وأَكْثَرُ ما يُدْخِلُكَ في الذّنب رؤية المذنبين، كما قال ع:
«المَرْءُ على دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» «1» والنفس من شأنها التَّشَبُّهُ والمحاكَاةُ بصفَاتِ مَنْ قارَنَهَا، فصحبةُ الغافلين مُعِينَةٌ لها على وجود الغَفْلَةِ، انتهى، وفي «الحِكَمِ الفارقيَّة» : مَنْ ناسب شَيْئاً انجذب إليه وظَهَرَ وَصْفُهُ عليه، وفي «سماع العُتْبِيَّةِ» قال مالك:
لا تصحبْ فاجراً لئلَاّ تتعلمَ من فجوره، قال ابن رُشْدٍ: لا ينبغي أنْ يصحب إلَاّ مَنْ يُقْتَدَى به في دينه وخيره لأَنَّ قرينَ السوء يُرْدِي قال الحكيم: [الطويل]
[إذَا كُنْتَ في قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُم
…
وَلَا تَصْحبِ الأردى فتردى مَعَ الرَّدِي]
عَنِ المَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ
…
فَكُلُّ قَرِينٍ بالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي
انتهى.
ت: وحديث: «المَرْءُ على دِينِ خَلِيلهِ» أخرجه أبو داود، وأبو بكر بن الخطيب وغيرهما، وفي «المُوَطَّإ» من حديث معاذ بن جبل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
قال اللَّه تبارك وتعالى: «وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ والمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ» «2» قال أبو عمر: إسناده صحيحٌ عن أبي إدريس الخولانيِّ عن معاذ، وقد رواه جماعة عن معاذٍ، ثم أسند أبو عُمَر من طريقِ أبي مسلم الخولاني، عن معاذ قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المُتَحَابُّونَ في اللَّه على مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ في ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَاّ ظِلُّهُ» «3» ، قال أبو مسلم: فخرجت فلقيتُ عبادة بن الصامت، فذكرت له حديث
(1) أخرجه الترمذي (4/ 589) كتاب «الزهد» باب: (45)(2378) ، وأحمد (2/ 303) ، والحاكم (4/ 171) .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: حديث أبي الحباب صحيح إن شاء الله تعالى ولم يخرجاه. اهـ.
قال الذهبي: صحيح إن شاء الله.
قال أبو نعيم في «الحلية» (3/ 165) : غريب من حديث سعيد وصفوان تفرد به عنه فيما قيل محمّد بن إبراهيم الأسلمي.
(2)
أخرجه مالك (2/ 953- 954) كتاب «الشعر» باب: ما جاء في المتحابين في الله (16) ، وأحمد (5/ 247) . [.....]
(3)
أخرجه الحاكم (4/ 420) ، وأحمد (5/ 236- 237) .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.