الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: «تُقْطَعُ الآجَالُ مِنْ شَعْبَانَ إلَى شَعْبَانَ، حتى إنَّ الرَّجُلَ ليَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهُ، وَلَقَدْ خَرَجَ اسمه في الموتى «1» » وقال قتادة، والحسن، ومجاهد: يُفْصَلُ في ليلة القدر كُلُّ ما في العامِ المُقْبِلِ، من الأقدار، والأرزاقِ، والآجال، وغير ذلك، وأَمْراً نُصِبَ على المصدر «2» .
وقوله: إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ يحتمل أنْ يريدَ الرُّسُلَ والأَشْيَاءَ، ويحتمل أَنْ يريدَ الرحمة التي ذكر بَعْدُ، واختلف الناس في «الدخان» الذي أمر اللَّه تعالى بارتقابه، فقالت فرقة منها عليٌّ، وابن عباس، وابن عمر، والحَسَنُ بْنُ أبي الحَسَنِ، وأبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: هو دُخَانٌ يجيء قَبْلَ يومِ القيامة، يُصِيبُ المؤمنَ منه مِثْلُ الزكام، ويَنْضَحُ رُؤُوسَ المنافِقِينَ والكافِرِينَ، حتى تكونَ كأنَّها مَصْلِيَّةٌ حنيذة «3» ، وقالت فرقة، منها ابن مسعود: هذا الدخان قد رأته قريشٌ حين دعا عليهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فكان الرجُلُ يرى من الجُوع دُخَاناً بينه وبين السماء «4» وما/ يأتي من الآيات يُؤَيِّدُ هذا التأويلَ، وقولهم: إِنَّا مُؤْمِنُونَ كان ذلك منهم مِنْ غَيْرِ حقيقةٍ، ثم قال تعالى: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى أي: من أين لهم التَّذَكُّرُ وَالاتعاظُ بعد حُلُولِ العذاب؟ وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم ف تَوَلَّوْا عَنْهُ، أي: أعرضوا وَقالُوا: مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ.
وقوله: إِنَّكُمْ عائِدُونَ أي: إلى الكفر، واختلف في يوم البَطْشَةِ الكبرى، فقالتْ فرقةٌ: هو يوم القيامة، وقال ابن مسعود وغيره: هو يوم بدر «5» .
[سورة الدخان (44) : الآيات 18 الى 24]
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)
(1) أخرجه الديلمي في «مسند الفردوس» (2/ 115)(2228) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 26) ، وذكره الهندي في «كنز العمال» (15/ 694)(42780) وكلاهما عزاه إلى ابن زنجويه.
(2)
أخرجه الطبري (11/ 222) برقم: (31035) عن مجاهد، (31036- 31037) عن قتادة، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 148) ، وابن عطية (5/ 68) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن نصر، والبيهقي عن قتادة.
(3)
ذكره ابن عطية (5/ 69) .
(4)
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 744) ، وعزاه إلى البيهقي في «دلائل النبوة» .
(5)
أخرجه الطبري (11/ 230) برقم: (31070) عن ابن مسعود، (31071) عن مسروق، (31072) عن ابن مسعود، (31073- 31074) عن مجاهد، (31075) عن أبي العالية، (31076) عن ابن عبّاس، (31079) عن أبي بن كعب، (31080) عن الضحاك، وذكره ابن عطية (5/ 70) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 745) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.
وقوله: أَنْ أَدُّوا مأخوذ من الأداء، كأنَّه يقول: أنِ ادْفَعُوا إليَّ، وأعطوني، ومَكِّنُوني من بني إسرائيل، وَإيَّاهم أراد بقوله: عِبادَ اللَّهِ، وقال ابن عباس: المعنى:
اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحَقِّ «1» ، فعباد اللَّه على هذا مُنَادًى مضافٌ، والمؤدى هي الطاعة، والظاهر من شرع موسى ع أَنَّهُ بُعِثَ إلى دعاء فرعونَ إلَى الإيمَان، وأَنْ يرسل بني إسرائيل، فلمَّا أبى أَنْ يُؤمن ثبتت المكافحة في أنْ يرسل بني إسرائيل، وقوله بعد: وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ كالنَّصَّ في أَنَّه آخر الأمرِ، إنَّما يطلب إرسال بني إسرائيل فقط.
وقوله: وَأَنْ لَاّ تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ
…
الآية: المعنى: كانت رسالته، وقوله: أَنْ أَدُّوا وَأَنْ لَاّ تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ أيْ: على شرع اللَّه، وَعَبَّرَ بالعلوّ عن الطغيان والعتوّ، وأَنْ تَرْجُمُونِ معناه: الرجم بالحجارة المُؤَدِّي إلى القتل قاله قتادة وغيره «2» ، وقيل:
أراد الرجم بالقول، والأول أظهر لأنَّه الذي عاذَ منه، ولم يَعُذْ من الآخر.
- قلت-: وعن ابن عمر قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ استعاذ باللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ باللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنِ استجار باللَّهِ فَأَجِيرُوهُ، وَمَنْ أتى إلَيْكُمْ بِمَعْرُوفٍ/ فَكَافِئوهُ، فَإنْ لَمْ تَقْدِرُوا فادعوا لَهُ حتى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ «3» » ، رواه أبو داود، والنسائيُّ، والحاكم، وابن حِبَّانَ في «صحيحيهما» ، واللفظ للنِّسَائِيِّ، وقال الحاكم: صحيحٌ على شَرْطِ الشيخَيْنِ- يعني البخاريَّ ومسلماً- اهـ من «السلاح» .
وقوله: فَاعْتَزِلُونِ متاركَةٌ صريحةٌ، قال قتادة: أراد خلّوا سبيلي.
(1) ذكره ابن عطية (5/ 70) .
(2)
أخرجه الطبري (11/ 233) برقم: (31098- 31099) عن قتادة، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 151) عنه، وابن عطية في «تفسيره» (5/ 71) ، وابن كثير (4/ 141) .
(3)
أخرجه أبو داود (1/ 524) كتاب «الزكاة» باب: عطية من سأل بالله عز وجل (1672)، (2/ 750) كتاب «الأدب» باب: في الرجل يستعيذ من الرجل (5109) ، وأحمد (2/ 68، 127)، والنسائي (5/ 82) كتاب «الزكاة» باب: من سأل بالله عز وجل (2567) ، والحاكم (1/ 412)، وابن حبان (8/ 199) كتاب «الزكاة» باب: المسألة والأخذ وما يتعلق به من المكافأة والثناء والشكر، ذكر الأمر بالمكافأة لمن صنع إليه معروف (3408) ، وأبو نعيم في «الحلية» (9/ 56) .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، قد تابع عمار بن زريق على إقامة هذا الإسناد:
أبو عوانة، وجرير بن عبد الله الحميد، وعبد العزيز بن مسلم القملي عن الأعمش.