الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير سورة «ص»
[وهي] مكّيّة بإجماع
[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 5]
بسم الله الرحمن الرحيم
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (4)
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (5)
قرأ أُبَيُّ بن كَعْبٍ والحسن وابن أبي إسحاقَ: «صَادِ» - بِكَسْرِ الدالِ «1» -، والمعنى:
مَاثِلِ القرآن بِعَمَلِكَ، وقارِبْهُ بطاعَتِكَ، وكذا فسَّرهُ الحَسَن «2» ، أي: انظر أينَ عَمَلُكَ مِنْهُ، وقال الجمهورُ: إنه حَرْفُ مُعْجَمٍ يَدْخُلُه مَا يَدْخُل أوائِلَ السور مِنَ الأَقْوَالِ، وَيَخْتَصُّ هذا بأنْ قَالَ بعضُ الناس: معناه: صدق محمّد صلى الله عليه وسلم، وقال الضَّحَّاك: معناهُ: صَدَقَ اللَّهُ «3» ، وقال محمد بن كَعْب القُرَظِيُّ: هو مِفْتَاحُ أَسْمَاءِ اللَّهِ: صمد صادق، ونحوه «4» .
وقوله: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ قَسَمٌ قال ابن عباسٍ وغيره: معناه: ذي الشرف الباقي المخلّد «5» ،
(1) وقرأ بها أبو السمال.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (129) ، و «المحتسب» (2/ 230) ، و «المحرر الوجيز» (4/ 491) ، و «البحر المحيط» (7/ 366) ، وزاد نسبتها إلى ابن أبي عبلة، ونصر بن عاصم، وهي في «الدر المصون» (5/ 519) . [.....]
(2)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 544) برقم: (29706) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 491) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 556) ، وعزاه لعبد بن حميد.
(3)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 545) برقم: (29712) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 47) ، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 491) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 556) ، وعزاه لابن جرير.
(4)
ذكره البغوي في «تفسيره» (10/ 47) ، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 491) .
(5)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 546) برقم: (29717) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 47) ، وابن عطية في في «تفسيره» (4/ 491) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 26) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 556) كلهم عن ابن عبّاس.
وقالَ قتادة: ذي التذكرةِ للنَّاسِ والهداية لهم «1» ، وقالت فرقةٌ: ذي الذِّكْرِ للأُمَمِ والقَصَصِ والغُيُوبِ، ت: ولا مانَعَ [مِنْ] أَنْ يُرَادَ الجميعُ، قال- عليه السلام «2» : وأما جَوَابُ القَسَمِ، فَاخْتُلِفَ فيه فقالت فرقة: الجوابُ في قوله: ص إذ هُوَ بمعنى: صدق الله أو صدق محمّد صلى الله عليه وسلم، وقال الكوفيُّون والزَّجَّاج «3» : الجَوَابُ في قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص: 64]، وقَالَ بَعْضُ البصريِّين ومنهم الأخفَشُ: الجوابُ في قوله: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ [ص: 14]، قال ع «4» : وهذانِ القولانِ بَعيدانِ، وقال قتادة «5» والطبري «6» : الجواب مقدَّرٌ قَبْلَ «بل» ، وهذا هو الصحيحُ، وتقديره: والقرآن، ما الأَمْرُ كَما يَزْعُمُونَ، ونَحْوُ هَذَا مِنَ التَّقْدِير، فَتَدَبَّرْهُ، وقال أبو حَيَّان «7» : الجوابُ: إنك لمن المرسلين، وهو ما أثْبَتَ جَوَاباً للقرآن حينَ أقْسَمَ بهِ، انتهى، وهو حَسَنُ، قال أبو حيان:
وقوله: فِي عِزَّةٍ هي قراءةُ الجمهور، وعن الكسائي «8» بالغين المعجمة والراء، أي: في غَفْلَةٍ، انتهى.
والعِزَّةُ هنا: المُعَازَّةُ والمُغَالَبَةُ والشِّقَاقُ ونحوُهُ، أيْ: هم في شِقٍّ، والحَقُّ في شِقٍّ، وكَمْ للتكثير، وهي خَبَرٌ فِيه مثالٌ ووعيدٌ، وهِي في مَوْضِعِ نَصْبٍ ب أَهْلَكْنا.
وقوله: فَنادَوْا معناهُ: مُسْتَغِيثين، والمعنى: أنهم فَعلوا ذلك بعد المُعَايَنَةِ، فَلَمْ ينْفعهم ذلك ولم يكُنْ في وَقْتِ نَفْعٍ، ولاتَ بمعنى: ليس، واسمها مقدَّرٌ عند سِيبَوَيْهِ، تقدِيره:
وَلَاتَ الحِينُ حِينَ مَنَاصٍ، والمَنَاصُ: المَفَرُّ، ناصَ يَنُوصَ: إذا فَرَّ وَفَاتَ، قالَ ابن عَبَّاس:
المعنى: ليسَ بِحِينِ نَزْوٍ وَلَا فِرَارٍ ضبط القوم «9» ، والضمير في عَجِبُوا لكفار قريش.
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 546) برقم: (29719) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 491) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 26) .
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 491) .
(3)
ينظر: «معاني القرآن» (4/ 319) .
(4)
ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 491) .
(5)
ذكره الطبري في «تفسيره» (10/ 547) عن قتادة، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 492) .
(6)
ينظر: «تفسير الطبري» (10/ 547) .
(7)
ينظر: «البحر المحيط» (7/ 367) .
(8)
وقرأ بها حماد بن الزبرقان، وأبو جعفر، والجحدري.
ينظر: «البحر المحيط» (7/ 367) ، و «الدر المصون» (5/ 520) .
(9)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 548) برقم: (29725) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 492) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 26) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 556) ، وعزاه السيوطي للطيالسي، وعبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن التميمي.