الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَن المُورِيَ هُوَ القَادِح، انتهى، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً قال علي وابن مسعود هي: الإبلُ مِنْ مزدلفةَ إلى مِنًى، وفي بدرٍ، وقال ابن عباس وجماعة كثيرة: هي الخيلُ، واللَّفْظَةُ منَ الغَارَةِ في سبيلِ اللَّهِ وغير ذلك من سير الأُمَمِ وعُرْفُ الغَارَاتِ أنَّها مَعَ الصَّبَاحِ، والنقع الغبارُ الساطِعُ المثَارُ، والضمير في بِهِ ظاهرُه أَنَّه للصُّبْحِ المذكورِ، ويحتملُ أنْ يكونَ للمكانِ والموْضِع الذي يقتضيه المعنى، ومشهورٌ إثارةُ النَّقْعِ هو للخيل، وقال علي: هو هنا للإبل.
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قال علي وابن مسعود هي: الإبل، وجَمْعاً هي المزدلفة، وقال ابن عباس وجماعة: هي الخيلُ، والمرادُ جَمْعٌ مِنَ الناسِ هم المَغْزُوُّونَ، والقَسَمُ واقِع على قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الكَنُودُ؟
قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ الكَفُورُ الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ» ، وقد يَكُونُ في المؤمِنينَ الكَفُورُ بالنِّعْمَةِ فتقديرُ الآيةِ: إنَّ الإنْسَانَ لِنعمةِ ربِّه لَكَنُودٌ، وأَرْضٌ كَنُودٌ: لَا تُنْبِتُ شَيْئاً، والكَنُودُ: العَاصِي بلُغَةِ كِنْدَة، ويقال للبخيل: كَنُودٌ، وفي البخاريِّ عن مجاهدٍ: الكنود الكفور، انتهى «1» .
[سورة العاديات (100) : الآيات 7 الى 11]
وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
وقوله تعالى: وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ يحتملُ الضميرُ أنْ يعودَ عَلَى اللَّهِ تعالى وقالَهُ قتادة «2» ، ويحتملُ أَنْ يَعُودَ على الإنسان أَنَّه شَاهِدٌ عَلى نَفْسِهِ بِذَلِكَ وهذا قول مجاهد وغيره» .
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ أي: وإنَّ الإنسانَ لحبِّ الخَيْرِ، والمعنى من أجْلِ حبِّ الخَيْرِ، لَشَدِيدٌ أي: بَخِيلٌ بالمَالِ ضَابِطٌ له، والخيرُ هنا المالُ، ويحتملُ أن يُرَادُ هنا الخيرُ الدنيويُّ من مالٍ، وصحةٍ، وجاهٍ عندَ الملوك، ونحوه لأَنَّ الكفارَ والجُهَّال لا يعرفونَ غَيْرَ ذلكَ، وأَمَّا [الحُبُّ في خَيْرِ الآخرة فَمَمْدُوحٌ مَرّجُوٌّ لَه الفوزُ، وقَال الفراء: معنى الآية: أنّ
(1) أخرجه الطبري (12/ 672) ، (37829) ، وذكره البغوي (4/ 518) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 542) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 653) ، وعزاه للفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد، وذكره البخاري (8/ 599) ، كتاب «التفسير» معلقا.
(2)
أخرجه الطبري (12/ 673) ، (37844) ، وذكره ابن عطية (5/ 514) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 542) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 654) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة.
(3)
ذكره ابن عطية (5/ 515) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 542) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن أبي حاتم.
الإنسانَ لشديدُ الحبِّ لِلْخَيْرِ ولما تَقَدَّمَ] الخيرُ قَبْلَ «شديدٍ» حُذَف مِنْ آخِره لأَنه قَدْ جَرَى ذِكْرهُ ولرؤوسِ الآي، انتهى.
وقوله تعالى: أَفَلا يَعْلَمُ تَوْقِيفٌ، أي: أفلا يعلم مآلَه ومصيرَه فيستعدّ لَهُ.
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ، أي: مُيِّزَ وأبْرزَ مَا فِيها ليقعَ الجزاءُ عليه، ويفسّر هذا قوله صلى الله عليه وسلم:«يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» وفي قولِه تعالى: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ وَعِيدٌ، - ص-: والعَامِلُ في يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ على تضمينِه مَعْنى: لَمُجازٍ لأنّه تعالى خبير دائما، انتهى.