الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قال مجاهد: نزلت في بني أسد «1» ، وهي قبيلة كانت تجاور المدينة، أظهروا الإسلام، وفي الباطن إنَّما يريدون المغانمَ وَعَرَضَ الدنيا، ثم أمر اللَّه تعالى نَبِيَّهُ أَنْ يقول لهؤلاء المُدَّعِينَ للإيمان: لَمْ تُؤْمِنُوا أي: لم تصدقوا بقلوبكم، وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا أي: استسلمنا، والإسلام يقال بمعنيين:
أحدهما: الذي يَعُمُّ الإيمانَ والأعمالَ، وهو الذي في قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران: 19] والذي في قوله ع: «بُنِيَ الإسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» «2» .
والمعنى الثاني للفظ الإسلام: هو الاستسلام، والإظهار الذي يُسْتَعْصَمُ به ويحقن الدم، وهذا هو الذي في الآية، ثم صَرَّحَ بأَنَّ الإيمان لم يدخل في قلوبهم، ثم فتح باب التوبة بقوله: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
…
الآية، وقرأ الجمهور:«لَا يَلِتْكُمْ» من «لَاتَ يَلِيتُ» إذا نقص يقال: لَاتَ حَقَّهُ إذا نَقَصَهُ منه، وقرأ أبو عمرو:«لَا يَأْلِتْكُمْ» من «أَلَتَ يَأْلِتُ» «3» وهي بمعنى لات.
[سورة الحجرات (49) : الآيات 15 الى 18]
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (18)
وقوله سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إنما هنا حاصرة.
وقوله: ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أي: لم يشكوا، ثم أمر الله تعالى نبيّه ع بتوبيخهم بقوله: أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ أي: بقولكم آمنا، وهو يعلم منكم خلاف ذلك
(1) أخرجه الطبري (11/ 399) برقم: (31775) ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (4/ 219) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 111) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.
(2)
تقدم.
(3)
وحجة أبي عمرو في قراءته، قوله تعالى: وَما أَلَتْناهُمْ [الطور: 21] ف «ألتناهم» مضارعه «يألتكم» .
وحجة الباقين: أنهم زعموا أنه ليس في الكتاب ألف، ولو كانت منه كتبت بالألف، كما يكتب في يأمر، ويأبق.
ينظر: «الحجة» (6/ 210- 211) ، و «السبعة» (606) ، و «معاني القراءات» (3/ 25) ، و «شرح الطيبة» (6/ 15- 16) و «العنوان» (178) ، و «حجة القراءات» (676) ، و «إتحاف» (2/ 487) .
لأَنَّهُ العليم بكل شيء.
وقوله سبحانه: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نزلت في بني أسد أيضاً، وقرأ ابن مسعود:«يَمنُّونَ عَلَيْكَ إسْلَامَهُمْ» وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية: «وَاللَّهُ بصير بما يعملون» «1» .
(1) ينظر: «السبعة» (606) ، و «الحجة» (6/ 211) ، و «شرح الطيبة» (6/ 16) ، و «العنوان» (178) ، و «حجة القراءات» (677) ، و «شرح شعلة» (588) ، و «إتحاف» (2/ 487) .