الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقتادة «1» ، والقرض: السلف، والتضعيفُ من اللَّه تعالى هو في الحسنات، وقد مَرَّ ذِكْرُ ذلك، والأجر الكريم الذي يقترن به رضى وإقبال، وهذا معنى الدعاء ب «يا كريم» العفو، أي: إنّ مع عفوه رضى وتنعيما.
[سورة الحديد (57) : الآيات 12 الى 13]
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (13)
وقوله سبحانه: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
…
الآية، العامل في يَوْمَ قوله: وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ والرؤية هنا رؤية عينٍ، والجمهور أَنَّ النورَ هنا هو نور حقيقة، وقد روي في هذا عن ابن عباس وغيره «2» آثار مضمنها: أَنَّ كل مؤمن ومُظْهِرٍ للإيمان، يُعْطَى/ يومَ القيامة نوراً فَيُطْفَأُ نُورُ كُلِّ منافقٍ، ويبقى نورُ المؤمنين، حتى إِنَّ منهم مَنْ نورُه يضيء كما بين مكّة وصنعاء رفعه قتادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم «3» ، ومنهم مَنْ نوره كالنخلة السحوق، ومنهم مَنْ نورُه يضيء ما قَرُبَ من قدميه قاله ابن مسعود «4» ، ومنهم مَنْ يَهُمُّ بالانطفاء مرة وَيَبِينُ مرة على قدر المنازل في الطاعة والمعصية، قال
- خديج، وزيد بن ثابت، وهما قاعدان معه على السرير، فقال أبو سعيد: لو شاء هذان لحدثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه من عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة، فسكتا، فرفع مروان عليه الدّرة ليضربه، فلما رأيا ذلك قالا: صدق.
أما قول ابن عمر: فأخرجه البخاري (7/ 267)، في «مناقب الأنصار» باب: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة (3899)، و (7/ 620) في «المغازي» باب:(53)(4309، 4311)، من طريق عطاء عن ابن عمر كان يقول: لا هجرة بعد الفتح.
وفي لفظ آخر: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: إني أريد أن أهاجر إلى الشام. قال: لا هجرة، ولكن جهاد، فانطلق فاعرض نفسك، فإن وجدت شيئا وإلّا رجعت.
وأما قول عمر: أخرجه النسائي (7/ 146)، في «البيعة» باب: الاختلاف في انقطاع الهجرة، وأبو يعلى في «مسنده» (186) عن شعبة عن يحيى بن هانىء عن نعيم بن دجاجة قال: سمعت عمر يقول: لا هجرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
أخرجه الطبري (11/ 675)، برقم:(33612) ، وذكره ابن عطية (5/ 260) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 248) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر. [.....]
(2)
ذكره ابن عطية (5/ 261) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 251) ، وعزاه لابن جرير، وابن مردويه، والبيهقي في «البعث» .
(3)
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 250) ، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(4)
أخرجه الحاكم موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه (2/ 478) ، ومثل هذا له حكم الرفع لأن ليس-
الفخر «1» : قال قتادة «2» : ما من عبد إلَاّ وينادى يوم القيامة: يا فلان، هذا نورك، يا فلان، لا نورَ لك، نعوذ باللَّه من ذلك! واعلم أَنَّ العلمَ الذي هو نور البصيرة أولى بكونه نوراً من نور البصر، وإذا كان كذلك ظهر أَنَّ معرفة اللَّه تعالى هي النورُ في القيامة، فمقادير الأنوار يومَ القيامة على حسب مقادير المعارف في الدنيا، انتهى، ونحوه للغزالي، وخَصَّ تعالى بين الأيدي بالذكر لأَنَّهُ موضع حاجة الإنسان إلى النور، واخْتُلِفَ في قوله تعالى:
وَبِأَيْمانِهِمْ فقال بعض المتأولين: المعنى: وعن أيمانهم، فكأَنَّه خَصَّ ذكر جهة اليمين تشريفاً، وناب ذلك مَنَابَ أَنْ يقول: وفي جميع جهاتهم، وقال جمهور المفسرين:
المعنى: يسعى نورُهم بين أيديهم، يريد الضوء المنبسط من أصل النور، وَبِأَيْمانِهِمْ:
أصله، والشيءُ الذي هو مُتَّقَدٌ فيه، فتضمن هذا القولُ أَنَّهم يحملون الأنوار، وكونهم غير حاملين أكرم أَلَا ترى أَنَّ فضيلةَ عباد بن بشر وأسيد بن حضير إنَّما كانت بنور لا يحملانه، هذا في الدنيا، فكيف بالآخرة؟! ت: وفيما قاله ع «3» : عندي نظر، وأَيضاً فأحوال الآخرة لا تُقَاسُ على أحوال الدنيا!.
وقوله تعالى: بُشْراكُمُ أي: يقال لهم: بشراكم جَنَّاتٌ أي دخولُ جنات.
ت: وقد جاءت- بحمد اللَّه- آثار بتبشير هذه الأُمَّةِ المحمديَّةِ، وخَرَّجَ ابن ماجة قال: أخبرنا جُبَارة بن المغلِّس، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن أبي بردة، عن أبيه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إذَا جَمَعَ [اللَّهُ] الخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَذِنَ لأمّة محمّد صلى الله عليه وسلم في السُّجُودِ، فَسَجَدُوا طَوِيلاً، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ، فَقَدْ جَعَلْنَا عِدَتَكُمْ فِدَاءَكُمْ مِنَ النَّارِ» «4» ، قال ابن ماجه: وحدَّثنا جُبَارَةُ بْنُ المُغَلِّسِ، حدثنا كِثِيرُ بن سليمان: عن أنس بن مالك، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ هذه الأُمَّةَ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، عَذَابُهَا بِأَيْدِيهَا، فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُفِعَ إلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ فَيُقَالُ: هذا فداؤك من
مما يقال بالرأي، وابن جرير (11/ 676)(33616) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 250) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي، وقال: بل على شرط البخاري فقط.
(1)
ينظر: «تفسير الفخر الرازي» (29/ 194) عن مجاهد.
(2)
ذكره ابن كثير في «تفسيره» عن جنادة بن أمية (4/ 308) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 250) ، وعزاه لابن المنذر عن يزيد بن شجرة.
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 261) .
(4)
أخرجه ابن ماجه (2/ 1434)، كتاب «الزهد» باب: صفة محمّد صلى الله عليه وسلم (4291)، قال البوصيري في «الزوائد» : هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة بن المغلس.
النَّارِ» «1» ، وفي «صحيح مسلم» :«دَفَعَ اللَّهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَيَقُولُ: هذا فِدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ» انتهى من «التذكرة» «2» .
وقوله تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ قيل: يَوْمَ هو بدل من الأول، وقيل:
العامل فيه «اذكر» ، قال ع «3» : ويظهر لي أَنَّ العاملَ فيه قوله تعالى: ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ويجيء معنى الفوز أَفْخَمَ كأَنَّهُ يقول: إنَّ المؤمنين يفوزون بالرحمة يومَ يعتري المنافقين كذا وكذا، لأَنَّ ظهورَ المرء يومَ خمول عَدُوِّه ومُضَادِّهِ أَبْدَعُ وأَفْخَمُ، وقول المنافقين هذه المقالةَ المحكية، هو عند انطفاء أنوارهم، كما ذكرنا قبل، وقولهم:
«انْظُرُونَا» معناه: انتظرونا، وقرأ حمزة وحده «4» :«انظرونا» - بقطع الألف وكسر/ الظاء- ومعناه أَخِّرُونا ومنه: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ومعنى قولهم أَخِّرونا، أي: أخِّروا مشيَكم لنا حَتَّى نلتحق فنقتبسَ من نوركم، واقتبس الرجل: أخذ من نور غيره قَبَساً، قال الفخر «5» :
القَبَسُ: الشعلة من النار والسراج، والمنافقون طَمِعُوا في شيء من أنوار المؤمنين، وهذا منهم جهل لأَنَّ تلك الأنوار نتائج الأعمال الصالحة في الدنيا، وهم لم يقدموها، قال الحسن: يُعْطَى يومَ القيامة كُلُّ أحد نوراً على قَدْرِ عمله، ثم يؤخذ من حجر جهنم ومِمَّا فيها من الكلاليب والحسك ويُلْقَى على الطريق، ثم تمضي زمرة من المؤمنينَ، وُجُوهُهُم كالقمر ليلةَ البدر، ثم تمضي زمرة أخرى كأضواء كوكب في السماء، ثم على ذلك، ثم تغشاهم ظلمة تطفئ نورَ المنافقين، فهنالك يقول المنافقون للذين آمنوا: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ، انتهى.
وقوله تعالى: قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ يحتمل أنْ يكون من قول المؤمنين [لهم] ، [ويحتمل أنْ يكون من قول]«6» الملائكة، والقول لهم: فَالْتَمِسُوا نُوراً: هو على معنى
(1) أخرجه ابن ماجه (2/ 1434)، كتاب «الزهد» باب: صفة أمة محمّد صلى الله عليه وسلم (4292) ، وأحمد (4/ 408) .
قال البوصيري في «الزوائد» : هذا إسناد ضعيف لضعف كثير وجبارة، وقد أعله البخاري، قد تقدم في الحديث الذي قبله.
(2)
ينظر: «التذكرة» للقرطبي (2/ 567- 568) .
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 261) .
(4)
ينظر: «السبعة» (626) ، و «الحجة» (6/ 269) ، و «إعراب القراءات» (2/ 350) ، و «حجة القراءات» (699) ، و «العنوان» (186) ، و «شرح شعلة» (598) ، و «شرح الطيبة» (6/ 39) ، و «إتحاف» (2/ 521) ، و «معاني القراءات» (3/ 55) .
(5)
ينظر: «الفخر الرازي» (29/ 169) .
(6)
سقط في: د. [.....]