الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأيتُ هذينِ فَلَمْ أصْبِرْ، ثم أخَذَ في خُطْبَتِهِ» «1» ، قال ع «2» : وهذهِ ونحوُها هِي فتنةُ الفُضَلَاءِ، فأما فتنةُ الجُهَّالِ الفَسَقَةِ فَمُؤَدِّيَةٌ إلى كلِ فعلٍ مُهْلِكٍ، وفي «صَحِيحَي البخاري ومسلم» عن أبي ذرٍ قال: انتهيتُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول: «هم الأخْسَرُونَ، وَرَبِّ الكَعْبَةِ، هُمُ الأخْسَرُونَ، وَرَبِّ الكَعْبَةِ، قُلْتُ: مَا شَأْنِي أيرى فيَّ شَيْئاً؟ فَجَلَسْتُ وَهُوَ يَقُولُ فَمَا استطعت أنْ أسْكُتَ وتَغَشَّانيَ مَا شَاء اللَّهُ فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ بأبي أنتَ وأمي يا رسولِ اللَّهِ؟
قال: هُمُ الأكْثَرُونَ مَالاً إلَاّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وهَكَذَا وَهَكَذَا» «3» وفي رواية: «إن الأَكْثَرينَ هم الأقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إلَاّ مَنْ قال بالمال، هكذا وهكذا، - وأشار ابن شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله-، وقليل ما هم» انتهى، واللفظ للبخاريّ.
[سورة التغابن (64) : الآيات 16 الى 18]
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)
وقوله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ تَقَدَّمَ الخلافُ هَلْ هذه الآيةُ نَاسِخَةٌ لقوله تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران: 102] أو ليست بناسخة، بل هي مبيّنة لها،
(1) أخرجه أبو داود (1/ 358)، كتاب «الصلاة» باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث (1109) ، والترمذي (5/ 659)، كتاب «المناقب» باب: مناقب الحسن والحسين عليهما السلام (3774) ، والنسائي (3/ 108)، كتاب «الجمعة» باب: نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من خطبته وقطعه كلامه ورجوعه إليه يوم الجمعة (1413) ، (3/ 192)، كتاب «العيدين» باب: نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة (1585) ، وابن ماجه (2/ 1190)، كتاب «اللباس» باب: لبس الأحمر للرجال (3600) ، وأحمد (5/ 354) .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 320) .
(3)
أخرجه البخاري (11/ 63)، كتاب «الاستئذان» باب: من أجاب بلبيك وسعديك (6268) ، (11/ 533) ، كتاب «الأيمان والنذور، باب: كيف كان يمين النبي صلى الله عليه وسلم (6639) ، ومسلم (2/ 686) ، كتاب «الزكاة» باب: تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة (30/ 990) ، والترمذي (3/ 3)، كتاب «الزكاة» باب: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في منع الزكاة من التشديد (617) ، والنسائي (5/ 10)، كتاب «الزكاة» باب:
التغليظ في حبس الزكاة (2440) ، وأحمد (5/ 152، 158- 159) ، والبيهقي (4/ 97)، كتاب «الزكاة» باب: جماع أبواب صدقة البقر السائمة، (10/ 27)، كتاب «الأيمان» باب: الحلف بالله عز وجل أو اسم من أسماء الله عز وجل، وابن خزيمة (4/ 9)، كتاب «الزكاة» باب: صفات ألوان عذاب مانع الزكاة إلى يوم القيامة، قبل الفصل بين الخلق، نعوذ بالله من عذابه (2251) ، والحميدي (1/ 77)، برقم:
(140)
، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (7/ 364) .
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأن المَعْنَى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ وهذا هو الصحيح، قال الثعلبي: قال الربيع بن أنس: مَا اسْتَطَعْتُمْ أيْ: جَهْدَكُمْ، وقيل: معناه: إذا أمْكَنَكُمْ الجهادُ والهجرةُ، فَلا يُفْتِنَنَّكُمُ المَيْلُ إلى الأمْوالِ والأوْلَادِ، واسْمَعُوا ما تُوعظونَ به، وأطِيعُوا فيما تؤمَرُون به «1» ، انتهى.
وقوله سبحانه: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ تَقَدَّم الكلامُ عليه، وأسْنَد أبو بكر بن الخطيب من طريقِ أبي هريرةَ وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«السَّخَاءُ شَجَرَةٌ في الجَنَّةِ، وأَغْصَانُها في الدُّنْيَا، فَمَنْ كَانَ سَخِيًّا أَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْهَا فَلَمْ يَتْرُكْهُ الغُصْنُ حتى يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، والشُّحُّ شَجَرَةٌ في النَّارِ وَأَغْصَانُهَا في الأَرْضِ، فَمَنْ كَانَ شَحِيحاً، أَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَلَمْ يَتْرُكْهُ الغُصْنُ حتى يُدْخِلَهُ النَّارَ» «2» انتهى، وَباقِي الآية بيّن.
(1) ذكره ابن كثير (4/ 377) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 346) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر.
(2)
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (7/ 434- 435)(10875) عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده، و (10877) عن أبي هريرة، وذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (1/ 545) ، وزاد نسبته إلى الديلمي في «الأفراد» .