الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والباطل والحلال والحرام «1» ، وقيل: هي آيات القرآن، وأَمَّا الملقيات ذكراً فهي في قول الجمهور الملائكة، وقال آخرون: هي الرسل، والذكر: الكتب المُنَزَّلَةُ والشرائع ومضمناتها، والمعنى: أَنَّ الذكر يلقى بإعذار وإنذار.
[سورة المرسلات (77) : الآيات 7 الى 15]
إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11)
لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)
وقوله تعالى: إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ هو الجواب الذي وقع عليه القَسَمُ، والإشارة إلى البعث وأحوال القيامة، والطَّمْسُ محو الأثر، فطمس النجوم: ذَهَابُ ضوءها، وفرج السماء: هو بانفطارها وانشقاقها.
وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ أي: جُمِعَتْ لميقاتِ يوم معلوم، وقرأ أبو عمرو وحده «2» :
«وُقِّتَتْ» والواو هي الأصل لأَنَّها من الوقت، والهمزة بدل قال الفَرَّاءُ: كل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة، جاز أنْ تُبْدَلَ منها همزة، انتهى.
وقوله تعالى: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ تعجيب وتوقيف على عِظَمِ ذلك اليوم وهوله، ثم فسر ذلك بقوله: لِيَوْمِ الْفَصْلِ يعني: بين الخلق في منازعتهم وحسابهم ومنازلهم من جنة أو نار، ومن هذه الآية انتزع القضاة الآجالَ في الحكومات ليقعَ فصل القضاء عند تمامها، ثم عَظَّمَ تعالى يومَ الفصل بقوله: وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ على نحو قوله:
وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة: 3] وغير ذلك، ثم أثبت الويل لِلْمُكَذِّبِينَ، والويل: هو الحرب والحزن على نوائب تحدث بالمرء، ويُرْوَى أَنَّه واد في جهنم.
[سورة المرسلات (77) : الآيات 16 الى 37]
أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (20)
فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (21) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (25)
أَحْياءً وَأَمْواتاً (26) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (27) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (28) انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (30)
لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (33) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (34) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (35)
وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37)
(1) أخرجه الطبري (12/ 381)، رقم:(35925) بنحوه، وذكره البغوي (4/ 432) ، وابن عطية (5/ 417) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 492) ، وعزاه لابن المنذر عن ابن عبّاس.
(2)
ينظر: «السبعة» (666) ، و «الحجة» (6/ 364) ، و «إعراب القراءات» (2/ 428) ، و «معاني القراءات» (3/ 112) ، و «شرح الطيبة» (6/ 92) ، و «العنوان» (202) ، و «حجة القراءات» (742) ، و «شرح شعلة» (617) ، و «إتحاف» (2/ 580) .
وقوله عز وجل: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ
…
الآية، قرأ الجمهور:«نُتْبِعُهُمُ» - بضم العين- على استئناف الخبر، ورُوِيَ عن أبي «1» عمرو:«نُتْبِعْهُمُ» بجزم العين عطفاً على «نهلك» وهي قراءة الأعرج، فَمَنْ قرأ الأولى جعل الأولين الأُمَمَ التي تقدمت قريشاً بأجمعها، ثم أخبر أَنَّهُ يتبع الآخرين من قريش وغيرهم سنن أولئك إذا كفروا وسلكوا سبيلهم، ومَنْ قرأ الثانية جعل الأَوَّلِينَ قومَ نوحٍ وإبراهيمَ ومَنْ كان معهم، والآخرين قوم فرعونَ وكُلَّ مَنْ تأخَّرَ وقَرُبَ من مدّة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أي: في المستقبل، فيدخل هنا قريش وغيرها، وأَمَّا تكرار قوله تعالى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ في هذه السورة فقيل: ذلك لمعنى التأكيد فقط، وقيل: بل في كل آية منها ما يقتضي التصديقَ، فجاء الوعيد على التكذيب بذلك الذي في الآية، والماء المهين:
معناه الضعيف، والقرار المكين: الرَّحِمُ وبَطْنُ المرأة، والقدر «2» المعلوم: هو وقت الولادة [ومعناه] معلوم عند اللَّه، وقرأ نافع والكسائيُّ:«فَقَدَّرْنَا» - بتشديد الدال-، والباقون بتخفيفها، وهما بمعنى من القدرة والقدر ومن التقدير والتوقيت.
ت: وفي كلام ع: تلفيف، وقال غيره: فَقَدَّرْنَا بالتشديد من التقدير وبالتخفيف من القدرة، وهو حسن.
وقوله: الْقادِرُونَ يُرَجِّحُ قراءة الجماعة إلَاّ أَنَّ ابن مسعود رَوَى عنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَسَّرَ «القادرون» بالمقدرين، والكِفَاتُ: الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع تقول: كفت الرجلُ شعره إذا جمعه بخرقة، والأرضُ تكفت الأحياءَ على ظهرها، وتكفِتُ الأموات في بطنها، وخَرَجَ الشَّعْبِيُّ إلى جنازة فنظر إلى الجبَّانة فقال: هذه كفات الموتى، ثم نظر إلى البيوت فقال: وهذه كفات الأحياء.
قال/ ع «3» : ولما كان القبر كفاتاً كالبيت، قُطِعَ من سَرَقَ منه، والرواسي:
الجبال، والشوامخ: المرتفعة، والفرات: الصافي العَذْبُ، والضمير في قوله: انْطَلِقُوا
(1) وقرأ بها الأعرج كما في «المحتسب» (2/ 346) .
وينظر: «مختصر الشواذ» ص: (167) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 418) ، و «البحر المحيط» (8/ 397) ، و «الدر المصون» (6/ 456) .
(2)
ينظر: «السبعة» (666) ، و «الحجة» (6/ 365) ، و «إعراب القراءات» (2/ 428) ، و «شرح الطيبة» (6/ 93) ، و «العنوان» (202) ، و «حجة القراءات» (743) ، و «شرح شعلة» (617) ، و «إتحاف» (2/ 581) .
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 419) . [.....]
هو للمُكَذِّبِينَ الذين لهم الويل، ثم بَيَّنَ المُنْطَلَقَ إليه قال عطاء: الظل الذي له ثلاث شعب هو دُخَانُ جهنم «1» ، وقال ابن عباس: هذه المخاطبة تقال يومئذ لِعَبَدَةِ الصليب «2» إذا اتَّبَعَ كُلُّ أحد ما كان يعبد، فيكون المؤمنون في ظل اللَّه ولا ظل إلَاّ ظله، ويقال لعَبَدَةِ الصليب: انطلقوا إلى ظِلِّ معبودكم، وهو الصليب له ثلاث شعب، ثم نفى تعالى عنه محاسن الظل، والضميرُ في إِنَّها لجهنم تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ أي: مثل القصور من البنيان قاله ابن عباس وجماعة من المفسرين «3» ، وقال ابن عباس أيضاً: القصر خشب كُنَّا في الجاهلية نَدَّخِرُه للشتاء «4» ، وقرأ ابن عباس «5» :«كالْقَصَر» - بفتح الصاد- جمع قَصَرَةِ وهي أعناق النخل والإبل، وقال ابن عباس: جذور النخل «6» ، واخْتُلِفَ في الجَمَالَاتِ:
فقال جمهور من المفسرين: هي جمع جِمَالٍ كرجال ورِجالات، وقال آخرون: أراد بالصُّفْرِ السود، وقال جمهور الناس: بل الصفر: الفاقعة لأَنَّها أشبه بلون الشَّرَرِ، وقال ابن عباس: الجمالات: حبال السفن، وهي الحبال العظام إذا جُمِعَتْ مستديرةً بعضها إلى بعض «7» ، وقرأ ابن عباس «8» :«جُمَالَةً» - بضم الجيم- من الجملة لا من الجمل، ثم
(1) ذكره ابن عطية (5/ 419) .
(2)
ذكره ابن عطية (5/ 419- 420) .
(3)
أخرجه الطبري (12/ 387- 388)، رقم:(35963- 35964- 35965) ، وذكره البغوي (4/ 434) ، وابن عطية (5/ 420) .
(4)
أخرجه الطبري (12/ 388)، رقم:(35966) ، وذكره البغوي (4/ 434) ، وابن عطية (5/ 420) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 495) ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، والبخاري، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والحاكم عن عبد الرحمن بن عابس عن ابن عبّاس بنحوه.
(5)
وقرأ بها سعيد بن جبير.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (167) ، و «المحتسب» (2/ 346) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 420) ، و «البحر المحيط» (8/ 398) ، وزاد نسبتها إلى مجاهد، والحسن، وابن مقسم. وهي في «الدر المصون» (6/ 458) .
(6)
أخرجه الطبري (12/ 388) ، رقم (35971) ، وذكره ابن عطية (5/ 420) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 495) ، وعزاه لسعيد بن منصور عن ابن عبّاس بنحوه.
(7)
أخرجه الطبري (12/ 390)، رقم:(35983- 35984- 35985) ، وذكره البغوي (4/ 435) ، وابن عطية (5/ 420) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 494) ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، والبخاري، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والحاكم عن عبد الرحمن بن عابس عن ابن عبّاس بنحوه.
(8)
وقرأ بها أبو حيوة، والسلمي، والأعمش، وأبو بحرية، وابن أبي عبلة، ورويس.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (167) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 420) ، و «البحر المحيط» (8/ 398) ، و «المحتسب» (2/ 347) ، و «الدر المصون» (6/ 459) .