الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير سورة «التّكوير»
[وهي] مكّيّة بإجماع
[سورة التكوير (81) : الآيات 1 الى 5]
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (4)
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5)
قوله سبحانه: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ هذه كلُّها أوصَافُ يومِ القيامةِ، وتكويرُ الشمسِ هو أن تُدَارَ كما يُدَارُ كَوْرُ العمامةِ ويُذْهَبُ بها إلى حيثُ شَاءَ اللَّه- تعالى-، وعبَّر المفسرونَ عن ذلك بعباراتٍ فمنهم مَنْ قال: ذهب نورُها قاله قتادة «1» ، ومنهم من قال:
رُمِي بها قاله الربيع بن خثيم «2» وغير ذلك مما هو أسماءٌ توابعُ لتكْويرهِا،، وانْكِدَارُ النجومِ هو انْقِضَاضُها وهبوطُها من مواضِعها، وقال ابن عباس: انكدرتْ: تغيَّرَتْ من قولهم مَاءٌ كَدِرٌ «3» والْعِشارُ: جمع عُشَرَاءَ وهي الناقة التي قَدْ مَرَّ لحملِها عَشَرَةُ أشهرٍ، وهي أنْفَسُ مَا عِنْدَ العرب، وإنما تعطّل عند أشدّ الأهوال.
[سورة التكوير (81) : الآيات 6 الى 14]
وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10)
وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (14)
وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ قال أُبَيُّ بن كعب وابن عباس وغيرهما: / معناه أُضْرِمَتْ ناراً، كما يُسْجَرَ التَّنُّورُ «4» ، ويحتملُ أنْ يكونَ المعنى مُلِكَتْ وقيّدت، فتكون اللفظة مأخوذة
(1) أخرجه الطبري (12/ 457)(36402) ، وذكره البغوي (4/ 451) ، وابن عطية (5/ 441) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 475) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 526) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه الطبري (12/ 457)(36410) ، وذكره ابن عطية (5/ 441) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 475) .
(3)
أخرجه الطبري (12/ 458)(36417) ، وذكره ابن عطية (5/ 441) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 475) .
(4)
أخرجه الطبري (12/ 460) ، عن أبي بن كعب، برقم:(36432) وعن ابن عبّاس برقم: (36434) ، وذكره البغوي (4/ 451) ، وابن عطية (5/ 442) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 476) بنحوه.
من سَاجُورِ الكَلْبِ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو:«سُجِرَتْ» بتخفيفِ»
الجيمِ، والباقون بتشديدها، وتزويجُ النفوسِ: هو تَنْوِيعُها لأن الأزواجَ هي الأنْواعُ، والمعنى: جَعْلُ الكافرِ مع الكافرِ والمؤمِنِ معَ المؤمِنِ، وكلِّ شكلٍ مع شكلِه رواه النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم وقاله عمرُ بن الخطاب وابن عباس «2» وقال: هذا نظيرُ قوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً [الواقعة: 7] وفي الآيةِ على هذا حضُّ عَلَى خَليلِ الخيرِ، فقد قال- عليه السلام:«المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» ، وقال:«فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» ، وعبارةُ الثعلبيِّ: قال النعمانُ بْنُ بَشِيرٍ: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، قَالَ الضُّرَبَاء: كُلُّ رَجُلٍ مَعَ كُلِّ قَوْمٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ عَمَلَه، انتهى، وقال مقاتل بن سُلَيْمَانَ معناه: زوجتْ نُفُوسُ المؤمنينَ بزوجاتهنَّ من الحُورِ، وغيرِهِنَّ «3» .
وقوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ الموءودة اسم معناه المُثْقَلُ عليها بالتُّرَاب، وغيرِه حتى تموتَ وكان هذا صنيعُ بعضِ العَرَبِ ببناتِهم يدفِنُونَهن أحياءً، وقرأ الجمهور «4» :«سِئلت» وهذا على جهةِ التوبيخِ للعربَ الفاعلينَ ذلك واستدلَّ ابن عَبَّاس بهذه الآيةِ على «5» أنَّ أولادَ المشركينَ في الجَنَّةِ، لأنَّ اللَّهَ قَدِ انتصر لَهُمْ ممّن ظلمهم «6» .
(1) وحجتهما قوله سبحانه: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ [الطور: 6] ولم يقل المسجّر. وحجة الباقين قوله تعالى:
وَإِذَا الْبِحارُ ولو كان واحدا لكان تخفيفا، والعرب تقول: سجرت التنور، وسجّرت التنانير.
ينظر: «حجة القراءات» (750) ، و «السبعة» (673) ، و «الحجة» (6/ 379) ، و «إعراب القراءات» (2/ 444) ، و «شرح الطيبة» (6/ 101) ، و «معاني القراءات» (3/ 123) ، و «العنوان» (204) ، و «شرح شعلة» (619) ، و «إتحاف» (2/ 591) .
(2)
أخرجه الطبري (12/ 462) عن عمر برقم: (36449)، وعن ابن عبّاس برقم:(36452) ، وذكره البغوي (4/ 452) ، وابن عطية (5/ 442) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 477) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن مردويه.
(3)
ذكره البغوي (4/ 452) ، وابن عطية (5/ 442) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 528) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر عن الكلبي بنحوه.
(4)
وقرأ ابن عبّاس، وأبي، وجابر بن زيد، وأبو الضحى، ومجاهد، وجماعة منهم: ابن مسعود، والربيع بن خيثم «سألت» .
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (169) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 442) ، و «البحر المحيط» (8/ 424- 425) ، و «الدر المصون» (6/ 486) .
(5)
في د: في. [.....]
(6)
ذكره ابن عطية (5/ 442) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 477) .