الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خير كلّه، وقال ع:«إنَّ المؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ قَائِمِ اللَّيْلِ، صَائِمِ النَّهَارِ» وَجَاءَ في حُسْنِ الخُلُقِ آثارٌ كثيرةٌ مَنَعَنَا مِنْ جَلْبِها خَشْيَةُ الإطَالةِ، وقد رَوَى الترمذيُّ عَنْ أبي هريرةَ قال:«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ؟ فقَال: تَقْوَى اللَّهِ وحُسْنُ الخُلُقِ، وسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ/ النَّارَ؟ فَقَالَ: الفَمُ وَالْفَرْجُ» «1» ، قَالَ أبو عيسى:
هذَا حديثٌ صحيحٌ غَرِيبٌ، انتهى، ورَوى الترمذيّ عن أبي الدرداء أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلَ في مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ من خُلُقٍ حَسَنٍ، وإنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ» «2» ، قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، انتهى، قَال أبو عمر في «التمهيد» :
قال الله- عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قَال المفسرونَ: كان خلقُهُ مَا قَالَ اللَّهُ سبحانَه: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [الأعراف: 199] انتهى.
وقَوْلهُ تعالى: فَسَتُبْصِرُ أي: أنْتَ وأمَّتكَ، وَيُبْصِرُونَ أي: هم، بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ قال الأخفش: والعاملُ في الجملةِ المسْتَفْهَمُ عَنْها الإبصَارُ، وأمّا البَاءُ فقال أبو عبيدةَ معمر وقتادةُ: هي زائدةٌ والمعنى: أيكم المفتونُ «3» ، قال الثعلبيّ: المفْتُونُ المَجْنُونُ الذي فَتَنَهُ الشيطانُ، انتهى.
[سورة القلم (68) : الآيات 8 الى 11]
فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَاّفٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)
وقوله تعالى: فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ يعني: قريشاً، وذلك أنهم قَالُوا في بعضِ الأوْقَاتِ للنبي صلى الله عليه وسلم: لَوْ عَبَدْتَ آلهتَنَا وعَظَّمْتَها لَعَبَدْنَا إلهك وعظمناه، وودّوا أن يداهنهم النبي صلى الله عليه وسلم ويميلَ إلى مَا قالوا، فَيمِيلُوا هُمْ أيضاً إلى قَولهِ ودِينِهِ، والإدْهَانُ الملايَنَةُ فيما لَا
(1) أخرجه الترمذي (4/ 363)، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في حسن الخلق (2004) ، وابن حبان (6/ 99) - الموارد، (1923) ، والحاكم في «المستدرك» (4/ 324) ، وابن ماجه (2/ 1418)، كتاب «الزهد» باب: ذكر الذنوب (4246) ، والبخاري (89)(2991) ، وأحمد (2/ 392) .
قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(2)
أخرجه أبو داود (2/ 669)، كتاب «الأدب» باب: في حسن الخلق (4799) مختصرا، والترمذي (4/ 362)، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في حسن الخلق (2002) ، وأبو نعيم في «الحلية» (5/ 243) مختصرا.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
ذكره ابن عطية (5/ 346) .
يَحِلُّ، والمُدَارَاةُ الملاينة فيما يحل.
وقوله: فَيُدْهِنُونَ معطوفٌ وليس بجَوابٍ، لأنَّه لَوْ كَانَ لَنُصِبَ، والحلاّفُ المردِّد لِحَلفِهِ الذي قد كثرَ منه، والمُهينُ الضَّعِيفُ الرأيِ، والعَقْلِ قاله مجاهد «1» ، وقال ابن عباس: المهينُ الكذَّابُ «2» ، والهمَّازُ الذي يَقَعُ في النّاسِ بلسَانِه «3» ، قال منذر بن سعيد:
وبعَيْنِهِ وإشارَتِه، / والنَّمِيمُ مَصْدَرٌ كالنَّمِيمَةِ، وهو نَقْلَ مَا يَسْمَعُ مما يسوءُ ويُحَرِّشُ النفوسَ، قال أبو عمر بن عبد البر في كتابهِ المسمّى ب «بهجة المجالس» قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَفَّ عَنْ أعْرَاضِ المُسْلِمِينَ لِسَانَه أقَالَه اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَثَرَتَه» «4» ، وقال- عليه الصلاة والسلام:
«شراركم أيّها الناس المشّاءون بالنَّمِيمَةِ، المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، البَاغُونَ لأَهْلِ البِرِّ العثرات» «5» انتهى، وروى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ» «6» ، وهو النَّمَّامُ، وذَهَبَ كثيرٌ مِنَ المفسِّرِينَ إلى أنَّ هذهِ الأوْصَافَ هي أجْنَاس لَمْ يُرَدْ بها رجلٌ بعينهِ، وقالت طائفة: بَلْ نزلت في معيَّنٍ، واختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو الوليدُ بن المغيرة،
(1) ذكره ابن عطية (5/ 347) ، وابن كثير (4/ 403) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 392) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر.
(2)
أخرجه الطبري (12/ 183)، برقم:(34581) ، وذكره البغوي (4/ 377) ، وذكره ابن عطية (5/ 347) ، وابن كثير (4/ 403) .
(3)
ذكره ابن عطية (5/ 347) . [.....]
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
أخرجه أحمد (4/ 227) .
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 96) : رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب، وقد وثقه غير واحد، وبقية رجال أحمد أسانيده رجال «الصحيح» .
(6)
أخرجه مسلم (1/ 101)، كتاب «الإيمان» باب: بيان غلظ تحريم النميمة، حديث (168/ 105) ، وأحمد (5/ 391، 396، 398، 406) من طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان، أنه بلغه: أن رجلا كان ينم الحديث، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة نمام» .
وللحديث طريق آخر عن حذيفة، وفيه قتات بدل نمام، أخرجه البخاري (10/ 487)، كتاب «الأدب» باب: ما يكره من النميمة، حديث (6056) ، ومسلم (1/ 11)، كتاب «الإيمان» باب: بيان غلظ تحريم النميمة (169/ 105) ، وأبو داود (2/ 684)، كتاب «الأدب» باب: في القتات، حديث (4871) ، والترمذي (4/ 329)، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في النمام، حديث (2026) ، وأحمد (5/ 382، 389، 392، 402، 404) ، والبيهقي (8/ 166)، كتاب «قتال أهل البغي» باب: ما على من رفع إلى السلطان ما فيه ضرر، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 523) - بتحقيقنا، والطبراني في «الصغير» (1/ 203) ، وفي «الكبير» (3/ 186)، برقم:(3020) ، وأبو نعيم في «الحلية» (4/ 179) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (11/ 237) من طريق همام بن الحارث عن حذيفة مرفوعا.