الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دخول الجنة هو برحمة اللَّه وفضله، لا بعمل عامل كما جاء في الصحيح «1» .
[سورة الواقعة (56) : الآيات 26 الى 38]
إِلَاّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (26) وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)
وَماءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35)
فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36) عُرُباً أَتْراباً (37) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (38)
وقوله تعالى: إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً قال أبو حيان «2» : «إلَاّ قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً» الظاهر أَنَّ الاستثناءَ مُنْقَطِعٌ لأَنَّهُ لا يَنْدَرِجُ في اللغو والتأثيم، وقيل مُتَّصِلٌ، وهو بعيد، انتهى، قال الزّجّاج «3» : وسَلاماً مصدر، كأَنَّهُ يذكر أَنَّهُ يقول بعضهم لبعض: سلاماً سلاماً.
ت: قال الثعلبيُّ: والسِّدْرُ: شجر النبق ومَخْضُودٍ أي: مقطوع الشوك، قال- عليه السلام «4» : ولأهل تحرير النظر هنا إشارةٌ في أَنَّ هذا الخضد بإزاء أعمالهم التي سلموا منها إذ أهل اليمين تَوَّابُونَ لهم سلام، وليسوا بسابقين، قال الفخر: وقد بان لي بالدليل أَنَّ المراد بأصحاب اليمين: الناجون الذين أذنبوا وأسرفوا، وعفا اللَّه تعالى عنهم بسبب أدنى حَسَنَةٍ لا الذين غلبت حسناتُهُم وكَثُرَتْ، انتهى.
والطلح (من العِضَاهِ) شَجَرٌ عظيم، كثيرُ الشوك، وصفه في الجنة على صفة مباينة لحال الدنيا، ومَنْضُودٍ معناه: مُرَكَّبٌ ثمره بعضُه على بعض من أرضه إلى أعلاه، وقرأ علي- رضي الله عنه وغيره:«وَطَلْعٍ» «5» فقيل لعليِّ: إنَّما هو: «وطَلْحٍ» فقال: ما للطلح والجنة؟! قيل له: أَنُصْلِحُهَا في المصحف؟ فقال: إنَّ المصحفَ اليومَ لا يهاج ولا يغيّر.
(1) روي في هذا المعنى أناس من الصحابة، فقد أخرج الإمام مسلم (4/ 2170، 2171)، كتاب «صفات المنافقين» باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة الله تعالى (71، 76/ 2816- 2817) ، و (77- 78/ 2818) عن أبي هريرة، وعائشة، وجابر رضي الله عنهم.
وأخرجه أحمد (2/ 256، 336، 343، 344، 385، 386، 390، 469، 473، 509، 519، 524) عن أبي هريرة (3/ 394) عن جابر، (3/ 52) عن أبي سعيد.
(2)
ينظر: «البحر المحيط» (8/ 206) .
(3)
ينظر: «معاني القرآن» (5/ 112) .
(4)
ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 243) .
(5)
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (151) ، و «الكشاف» (4/ 461) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 244) ، وزاد نسبتها إلى جعفر بن محمّد.
وينظر: «البحر المحيط» (8/ 206) ، و «الدر المصون» (6/ 259) ، وزادا نسبتها إلى عبد الله بن مسعود.
وقال عليُّ أيضاً وابن عباس «1» : الطلح الموز، والظل الممدود: معناه: الذي لا تنسخه شمس، وتفسير ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادُ المُضَمَّر في ظِّلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَقْطَعْها» «2» ، واقرؤوا إنْ شِئْتُمْ: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ، إلى غير هذا من الأحاديث في هذا المعنى.
ت: وفي «صحيحي البخاريّ ومسلم» عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجَنَّةِ شَجْرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَقْطَعُهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أوْ تَغْرُبُ» »
انتهى.
وَماءٍ مَسْكُوبٍ أي: جارٍ في غير أُخْدُودٍ.
لَاّ مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ أي: لا مقطوعة بالأزمان كحال فاكهة الدنيا، ولا ممنوعةٌ بوجه من الوجوه التي تمتنع بها فاكهةُ الدنيا، والفُرُشُ: الأَسِرَّةُ وعن أبي سعيد الخُدْرِيِّ «4» : إنَّ في ارْتِفَاعِ السَّرِيرِ مِنْهَا مَسِيرَةَ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ.
ت: وهذا إنْ ثبت فلا بُعْدَ/ فيه، إذْ أحوال الآخرة كلها خَرْقُ عادة، وقال أبو عبيدةَ وغيره: أراد بالفرش النساء «5» ، ومَرْفُوعَةٍ معناه: في الأقدار والمنازل، وأَنْشَأْناهُنَّ معناه: خلقناهن شيئاً بَعْدَ شيء وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية: «هنّ
(1) أخرجه الطبري (11/ 636) عن ابن عبّاس برقم: (33350)، وعن علي رضي الله عنه برقم:
(33355)
، وذكره ابن عطية (5/ 244) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 288) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 222) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم.
(2)
أخرجه البخاري (11/ 424) كتاب «الرقاق» باب: صفة الجنة والنار (6553) ، ومسلم (4/ 2176)، كتاب «الجنة وصفة نعيمها وأهلها» باب: إنَّ في الجَنَّةِ شَجْرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظلها مائة عام لا يقطعها (2828) عن أبي سعيد الخدري.
(3)
وهم المؤلف فجعل الحديثين حديثا واحدا، فالطرف الأول: «إن في الجنة
…
لا يقطعها» في «الصحيحين» كما قال. وانظر السابق.
أما الطرف الثاني: فقد أخرجه البخاري (6/ 17)، كتاب «الجهاد والسير» باب: الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم في الجنة (2793) ، (6/ 368)، كتاب «بدء الخلق» باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (2353) ، وأحمد (2/ 482) عن أبي هريرة، والترمذي (4/ 181)، كتاب «فضائل الجهاد» باب: ما جاء في فضل الغدوّ والرواح في سبيل الله (1651) ، وأحمد (3/ 141، 153، 157، 207، 263، 264) عن أنس رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
ذكره ابن عطية (5/ 244) .
عّجائِزُكُنَّ في الدُّنْيَا عُمْشاً رُمْصاً جَعَلَهُنَّ اللَّهُ بَعْدَ الْكِبَرِ أَتْرَاباً» «1» ، وَقَالَ لِلْعَجُوزِ:«إنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا الْعَجُوزُ، فَحَزِنَتْ، فَقَالَ: إنَّكِ إذَا [دَخَلْتِ الْجَنَّةَ أُنْشِئْتِ خَلْقاً آخَرَ «2» » .
وقوله سبحانه: فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً قيل: معناه: دائمة البكارة، متى عاود الوطء] «3» وجدها بكراً، والعُرُبُ: جمع عَرُوبٍ، وهي المُتَحَبِّبَةُ إلى زوجها بإِظهار محبته قاله ابن عباس «4» ، وعبر عنهنَّ ابن عباس أيضاً بالعواشق «5» ، وقال زيد: العروب: الحسنة الكلام «6» .
ت: قال البخاريُّ: والعروب يسميها أَهْلُ مَكَّةَ العَرِبَةَ، وأهل المدينة: الغَنِجَة، وأَهل العراق: الشَّكِلَة، انتهى.
وقوله: أَتْراباً معناه: في الشكل والقَدِّ، قال قتادة «7» : أَتْراباً يعني: سِنًّا واحدة، ويُرْوَى أَنَّ أَهل الجنة هم على قَدِّ ابن أربعةَ عَشَرَ عاماً في الشباب، والنُّضْرَةِ، وقيل: على مثال أبناء ثلاثٍ وثلاثين سنةً، مُرْداً بيضاً، مُكَحَّلِينَ، زاد الثعلبيُّ: على خَلْقِ آدَم، طولُه ستون ذراعا في سبعة أذرع.
(1) أخرجه الترمذي (5/ 402)، كتاب «التفسير» باب: ومن سورة الواقعة (3296) ، من حديث أنس رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان الحديث، ومن طريق عائشة رضي الله عنها: أخرجه الطبري (11/ 641)(33042) نحوه.
(2)
أخرجه الترمذي في «الشمائل» (197، 199)(241) ، والغزالي في «الإحياء» (3/ 129) .
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 224) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في «البعث» عن الحسن.
وفي الباب عن عائشة، ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 422)، كتاب «صفة الجنة» باب: فيمن يدخل الجنة من عجائز الدنيا.
قال الهيثمي: رواه الطبراني في «الأوسط» ، وفيه مسعد بن اليسع وهو ضعيف.
(3)
سقط في: د. [.....]
(4)
أخرجه الطبري (11/ 642) برقم: (33406) ، وذكره البغوي (4/ 284) ، وابن عطية (5/ 245) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 292) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 225) ، وعزاه لابن جرير.
(5)
أخرجه الطبري (11/ 641) برقم: (33405) ، وذكره ابن عطية (5/ 245) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 292) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 225) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي.
(6)
أخرجه الطبري (11/ 642) برقم: (33415) ، وذكره البغوي (4/ 284) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 292) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 226) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(7)
أخرجه الطبري (11/ 644)، برقم:(33435) ، وذكره ابن عطية (5/ 245) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 225) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر.