الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله سبحانه: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ بمنزلة قوله: أم عندهم الاستغناء في جميع الأمور؟ والمصيطر: القاهر، وبذلك فسر ابن عباس «1» الآية، والسُّلَّمُ: السبب الذي يُصْعَدُ به، كان ما كان من خشب، أو بناء، أو حبال، أو غير ذلك، والمعنى: ألهم سُلَّمٌ إِلى السماء يستمعون فيه، أي: عليه أو منه، وهذه حروف يَسُدُّ بعضُها مَسَدَّ بعض، والمعنى:
يستمعون الخبر بِصِحَّةِ ما يدعونه، فليأتوا بالحُجَّةِ المبينة في ذلك.
وقوله سبحانه: أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ الآية، قال ابن عباس «2» : يعني أَمْ عندهم اللوحُ المحفوظ، فَهُمْ يَكْتُبُونَ: ما فيه، ويخبرون به، ثم قال: أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً: بك وبالشرع، ثم جزم الخبر بأنَّهم هُمُ الْمَكِيدُونَ أي: هم المغلوبون، فَسَمَّى غَلَبَتَهُمْ كيداً إذ كانت عقوبةُ الكَيْدِ، ثم قال سبحانه: أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ: يعصمهم ويمنعهم من الهلاك، قال الثعلبيُّ: قال الخليل: ما في سورة الطور كُلِّها من ذكر «أم» كُلُّه استفهام لهم، انتهى.
ثم نَزَّهَ تعالى نفسه: عَمَّا يُشْرِكُونَ به.
[سورة الطور (52) : الآيات 44 الى 49]
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (49)
وقوله: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً أي: قطعةً يقولون لشدة معاندتهم هذا سَحابٌ مَرْكُومٌ:
بعضُه على بعض، وهذا جوابٌ لقولهم: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ [الشعراء: 187] وقولهم: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً [الإسراء: 92] يقول: لو فعلنا هذا بهم لما/ آمنوا، ولقالوا: سحاب مركوم.
وقوله تعالى: فَذَرْهُمْ، وما جرى مَجْرَاهُ من الموادعة- منسوخ بآية السيف،
(1) أخرجه الطبري (11/ 496) برقم: (32386) ، وذكره ابن عطية (5/ 193) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 150) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(2)
ذكره البغوي (4/ 242) ، وذكره ابن عطية (5/ 193) .
والجمهورُ أَنَّ يومهم الذي فيه يُصْعَقُونَ، هو يوم القيامة، وقيل: هو موتهم واحداً واحداً، ويحتمل أن يكون يوم بدر لأَنَّهُمْ عُذِّبُوا فيه، والصعق: التعذيب في الجملة، وإنْ كان الاستعمالُ قد كَثُرَ فيما يصيب الإنسانَ من الصَّيْحَةِ المُفْرِطَةِ ونحوه، ثُمَّ أخبر تعالى بِأَنَّ لهم دُونَ هذا اليوم، أي: قبله عَذاباً واخْتُلِفَ في تعيينه، فقال ابن عباس وغيره «1» : هو بدر ونحوه، وقال مجاهد «2» : هو الجُوعُ الذي أصابهم، وقال البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وابن عباس أيضاً «3» : هو عذاب القبر، وقال ابن زيد «4» : هي مصائب الدنيا، إذْ هي لهم عذاب.
ت: ويحتمل أَنْ يكونَ المراد الجميع قال الفخر «5» : إنْ قلنا إنَّ العذابَ هو بدر فالذين ظلموا هم أهل مَكَّةَ، وإنْ قلنا: العذابُ هو عذابُ القبر، فالذين ظلموا عامٌّ في كل ظالم، انتهى.
ثم قال تعالى لنبيِّهِ: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا أي: بمرأى ومنظر، نرى ونَسْمَعُ ما تقول، وأَنَّك في حفظنا وحيطتنا كما تقول: فلان يرعاه المَلِكُ بعين، وهذه الآية ينبغي أَنْ يُقَرِّرَهَا كُلُّ مؤمن في نفسه فإنها تُفَسِّحُ مضايق الدنيا.
وقوله سبحانه: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قال أبو الأحوص «6» : هو التسبيح المعروف، يقول في كل قيام: سبحان اللَّهِ وبحمدِهِ، وقال عطاء «7» : المعنى حين تقومُ من كُلِّ مجلس.
ت: وفي تفسير أحمدَ بن نصر الداوديّ قال: وعن ابن المُسَيِّبِ قال: حَقٌّ على كل مسلم أنْ يقول حين يقومُ إِلى الصلاة: سبحان اللَّهِ وبحمده لقولِ اللَّه سبحانه لِنَبِيِّهِ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ، انتهى، / وقال ابن زيد «8» : هي صلاة النوافل، وقال
(1) ذكره البغوي (4/ 243) ، وابن عطية (5/ 194) .
(2)
أخرجه الطبري (11/ 499) برقم: (32398) ، وذكره البغوي (4/ 243) ، وابن عطية (5/ 194) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 245) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 151) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(3)
أخرجه الطبري (11/ 499) برقم: (32394) ، (32395) ، وذكره ابن عطية (5/ 194) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 150) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(4)
أخرجه الطبري (11/ 499) برقم: (32399) ، وذكره ابن عطية (5/ 194) .
(5)
ينظر: «تفسير الرازي» (14/ 235) .
(6)
أخرجه الطبري (11/ 500) برقم: (32401) ، وذكره ابن عطية (5/ 194) ، وابن كثير في «تفسيره» (5/ 194) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 151) ، وعزاه لابن أبي شيبة.
(7)
ذكره البغوي (4/ 243) ، وابن عطية (5/ 194) ، وابن كثير في «تفسيره» (5/ 194) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 151) ، وعزاه للفريابي، وابن المنذر.
(8)
ذكره ابن عطية (5/ 194) .
الضَّحَّاكُ «1» : هي الصلوات المفروضة، وَمَنْ قال هي النوافل جعلَ أدبار النجوم رَكْعَتَيِ الفجر، وعلى هذا القول جماعة كثيرة من الصحابة والتابعين، وقد رُوِيَ مرفوعاً، ومَنْ جعله التسبيحَ المعروفَ جعل قوله: حِينَ تَقُومُ مثالاً، أي: حين تقومُ وحينَ تَقْعُدُ، وفي كل تَصَرُّفِكَ، وحكى منذر عن الضَّحَّاكِ أَنَّ المعنى: حين تقومُ في الصلاة [بعد] تكبيرة الإحرام، فقل:«سُبْحَانَكَ اللهمّ، وبحمدك، وتبارك اسمك» «2» الحديث.
(1) ينظر: المصدر السابق.
(2)
أخرجه أبو داود (1/ 265)، كتاب «الصلاة» باب: من رأى الاستفتاح بسبحانك وبحمدك (775) ، والترمذي (2/ 9- 10)، كتاب «الصلاة» باب: ما يقول عند افتتاح الصلاة (242) ، وابن ماجه (2/ 264)، كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها» باب: افتتاح الصلاة (804) ، والنسائي (2/ 132)، كتاب «الافتتاح» باب: نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة (899) ، وأحمد (3/ 50، 69) ، (1/ 282)، كتاب «افتتاح الصلاة» باب: ما يقال بعد افتتاح الصلاة، وابن خزيمة (1/ 238) جماع أبواب الأذان والإقامة، باب: إباحة الدعاء بعد التكبير وقبل القراءة
…
(467) .