الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والملقب بمحي السنة في زمنه، أن ينحى ينحو أهل الحديث في التعامل مع نصوص الحديث النبوي الشريف وذلك بمحاولة الجمع بين الأحاديث الصحيحة التي ظاهرها التعارض، إن كان فيها تعارض، لا أن يرد الأحاديث الصحيحة، لا سيما المتفق عليها في الصحيحين والتي هما أصح الكتب بعد القرآن، وقد تلقتهما الأمة بالقبول، باستشكالات وتساؤلات ومعارضات عقلية لا قيمة لها ولا وزن أمام النص النبوي الثابت بأصح الأسانيد، فإن هذا من منهج المعتزلة وأهل الكلام في التعامل مع النصوص النبوية، وعدم توقيرها واحترامها، لا منهج أهل السنة والجماعة.
حيث إنهم يردون الحديث بمجرد مناقضته للعقل بأي وجه من الوجوه، وما حديث الذباب عنا ببعيد، أو يؤولون الحديث تأويلا باطلاً يتماشى مع ما يريدون، كما أول أستاذه محمد عبده معنى الدجال بأنه رمز للخرافات والدجل والقبائح (1) وهذا بلا شك تأويل باطل لا يتماشى مع نص الحديث وما يدل عليه. ومع هذا سوف أذكر هذه الاستشكالات التي ذكرها الشيخ رشيد رضا والتي بسببها رد الأحاديث الواردة في خروج المسيح الدجال وأبين ما فيها من مجانبة الحق، وعدم معارضتها للأحاديث السابقة.
مناقشة الإشكال الأول:
وهي قوله «أنها منافيه لإتيان الساعة بغتة» .
وفي الحقيقة أنه لا تعارض ولا منافاة بين مجيء الساعة بغتة وبين وجود أمارات وعلامات تدل على قرب وقوعها.
(1) تفسير المنار (3/ 317)
فالعلامات والأمارات قد تكون بعيده عن قيام الساعة كبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وموته والتطاول في البنيان.
فلا تعارض إذن ولا منافاة بين وجود الأمارات، ومجيء الساعة بغته.
ثم إن هناك فرقا بين الساعة وأماراتها كما ورد في حديث جبريل عليه السلام، الذي ورد في الصحيحين عندما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال صلى الله عليه وسلم: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، فقال جبريل عليه السلام: فأخبرني عن أماراتها؟ أي عن أمارات الساعة ولا أظن أن الشيخ ينكره، ثم إن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم علامات الساعة، كما ذكر الشيخ من قبل، فلا ينافي هذا كون إتيان الساعة بغتة يقول الله تعالى:{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} (1) فأمارات الساعة إذا مما يستأنس به المؤمنون ويزيدهم إيماناً. (2)
فالأمارات تجعل البشر يستعدون للساعة، وكأنها مقبلة الآن، فتكون حاضرة في وجدانهم، وإن لم تكن حاضرة في واقعهم، وتجعلهم يتوقعونها في كل آنٍ وحين مع جهلهم بوقتها. (3)
فال القرطبي: «والحكمة في تقديم الأشراط ودلالة الناس عليها تنبيه الناس على رقدتهم، وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم، فينبغي للناس أن
(1) طه 15.
(2)
المفسرون مدارسهم ومناهجهم، فضل حسن عباس، صـ 184.
(3)
موقف المدرسة العقلية الحديثة من الحديث النبوي الشريف، شفيق شقير صـ 297.