الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
رأي رشيد رضا في أشراط
الساعة الكبرى، بشكل مجمل
للشيخ رشيد رضا حول الأحاديث الواردة في أشراط الساعة الكبرى رأيان، رأي مجمل حول هذه الأشراط بشكل عام وما تحويه من استشكالات وتساؤلات كما يسميها، ورأى مفصل تناول فيه رأيه بكل شرط وذكر ما فيه من استشكالات وتساؤلات.
وسوف أذكر في هذا المبحث الرأي المجمل للشيخ رشيد رضا حول أشراط الساعة الكبرى بشكل عام، ثم بعد ذلك أتناول في المباحث القادمة رأيه في كل شرط من أشراط الساعة الكبرى، واستشكالاته وتساؤلاته والرد عليها.
يرى الشيخ رشيد رضا أن الأحاديث الواردة في أشراط الساعة الكبرى.
كالأحاديث الواردة في خروج المسيح الدجال.
والأحاديث الواردة في المهدي.
والأحاديث الواردة في نزول عيسى بن مريم عليه السلام.
والأحاديث الواردة في طلوع الشمس من مغربها.
يرى أنها من الأحاديث المشكلة، وأن فيها الكثير من التعارض والتناقض والاختلاف فيما بينهما.
- وأن فيها مخالفة للعقل والحس والسنن الكونية والإلهية مما يوجب ردها وعدم اعتقاد صحتها وعدم الإيمان بها.
حيث يقول: إن ما ورد من الأشراط الكبرى الخارقة للعادة يضع العالم به في مأمن من قيام الساعة قبل وقوعها كلها، فهو مانع من حصول تلك الفائدة، فالمسلمون المنتظرون لها يعلمون أن لها أشراطا تقع بالتدريج، فهم آمنون من مجيئها بغتة في كل زمن، وإنما ينتظرون قبلها ظهور الدجال والمهدي والمسيح عليه السلام ويأجوج ومأجوج، وهذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظة ولا خشية، ولا استعدادا لذلك اليوم أو لتلك الساعة، فما فائدة العلم به إذا؟ وهل من الحكمة أن تكون فائدتها محصورة في وقوع الرعب في قلوب الذين يشاهدون هذه الآيات الكبرى، ولا سيما آخر آية منها؟ وكيف يتفق هذا وما ورد من كون كل رسول كان يخوف قومه وينذرهم الساعة والدجال قبلها؟ وكيف وقع هذا منهم ولم يصدقه الواقع ومثله لا يكون بمحض الرأي؟ وهل كان نبينا صلى الله عليه وسلم يريد بالإخبار بها تأمين الناس من قيام الساعة مدة قرون كثيرة إلى أن تظهر هذه الأشراط؟ أم كان يتوقع ظهورها بعده في قرنه أو فيما يقرب منه كغيره من الرسل؟ بدليل ما ورد من تجويزه ظهور الدجال في زمنه، وتصديقه ما حكاه تميم الداري من خبر الجساسة، وكون الدجال محبوسا في جزيرة). (1)
(1) تفسير المنار (9/ 488).
هذا هو رأي الشيخ رشيد رضا في ما ورد في أشراط الساعة الكبرى بشكل مجمل.
فهو يرى أن ما ذكره من إشكالات وتساؤلات عقلية كفيل برد كل ما ورد من أحاديث في أشراط الساعة الكبرى ولو كانت أحاديثها من أصح الأحاديث، ولو ذكرت في أصح الكتب بعد القرآن كصحيحي البخاري ومسلم.
وفي الحقيقة أن جميع ما ذكره من إشكالات أو تساؤلات لا قيمة لها أمام تلك الأحاديث الصحيحة الصريحة المتواترة التي لا يسع المسلم إلا أن يؤمن ويصدق بها تصديقاً جازماً، والتي تنص وتؤكد على أن للساعة علامات وأشراطاً كبرى تسبق قيامها.
فالذي عليه أهل السنة والجماعة أن الحديث إذا صح فلا يلتفت إلى غيره من إشكالات أو تساؤلات عقلية، فالواجب على كل مسلم هو الإيمان والتسليم بما ثبت بتلك الأحاديث الصحيحة الصريحة وعدم ردها ودفعها بتساؤلات لا قيمة لها ولا وزن ولا حجه أمام نص نبوي صحيح ثبت لدينا بأصح الأسانيد.
ثم إن الشيخ رشيد رضا رحمه الله وغفر له، يستشكل ما ليس بمشكل، ويثير الإشكالات والتساؤلات العقلية ويتكلف في الدفاع عنها، من أجل إثبات وجهة نظره ورأيه، وإن كان ليس له من الحجة لرد تلك الأحاديث سوى إثارة التساؤلات والإشكالات حول تلك الأحاديث الصحيحة لكي يجعل القارئ على الأقل يفقد الثقة بصحته.