الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)} (1)، فقوله هنا «بل رفعه الله إليه» يبين أنه رفع بدنه وروحه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل ببدنه وروح إذا لو أرُيد موته لقال: وما قتلوه وما صلبوه بل مات .. ولهذا قال من قال من العلماء إني متوفيك، أي قابضك، أي قابض روحك وبذلك، يقال توفيت الحساب واستوفيته، ولفظ «التوفي» لا يقتضي نفسه توفي الروح دون البدن، ولا توفيهما جميعاً إلا بقرينه منفصلة، وقد يراد به توفي النوم كقوله تعالى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} (2)، وقوله {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} (3)، وقوله {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} (4)(5)
فهذا بلا شك ما يوافق معنى ما جاء في القرآن والسنة.
مدة بقائه بعد نزوله:
وأما مدة بقاء عيسى عليه السلام إذا نزل: ففي بعض الروايات أنه يمكث سبع سنين، وفي الروايات الأخرى أنه يمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون، ففي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فيبعث الله عيسى ابن مريم .. ثم يمكث الناس سبع سنين ليس
(1) النساء، الآية 157 - 158.
(2)
الزمر، الآية:42.
(3)
الأنعام، الآية:60.
(4)
الأنعام، الآية:61.
(5)
مجموع الفتاوي (4/ 322 - 223).
بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته». (1)
وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه السابق: «ثم يمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون» . (2)
وقد جمع الحافظ ابن كثير رحمه الله بين الروايتين فقال: «هكذا وقع في الحديث: أنه يمكث أربعين سنة، وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أنه يمكث في الأرض سبع سنين، فهذا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله، وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثا وثلاثين سنة على المشهور، والله أعلم» . (3)
وقد عارض السفاريني هذا الجمع فقال بعد أن ذكره بدون عزو: وهذا والله أعلم ليس بشيء لما مر من حديث عائشة عند الإمام أحمد وغيره «فيقتل الدجال، ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة» ، ثم حكى عن البيهقي أنه اعتمد رواية «أربعين» ، وكما نقل عن السيوطي أنه ذهب إلى ترجيحها؛ لأن زيادة الثقة يحتج بها، ولأنهم يأخذون برواية الأكثر ويقدمونها على رواية
(1) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب خروج الدجال (4/ 2258)، رقم (2940).
(2)
مسند الإمام أحمد (2/ 406) قال بن حجر (صحيح)(6/ 493)، «وسنن أبي داود» كتاب الملاحم، باب خروج الدجال (11/ 456).
(3)
النهاية في الفتن والملاحم (1/ 193).