المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناقشة الإشكال الثالث: - آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية

[مشاري سعيد المطرفي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌مسوغات اختيار الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌مشكلة الدراسة:

- ‌حدود الدراسة:

- ‌منهج الدراسة:

- ‌يقوم منهج البحث في هذه الدراسة على ما يلي:

- ‌أولا: المنهج الاستقرائي:

- ‌ثانيا: المنهج الاستدلالي:

- ‌ثالثا: المنهج التحليلي:

- ‌متممات المنهج:

- ‌الفصل التمهيدي

- ‌المبحث الأولمعنى أشراط الساعة

- ‌معنى الشرط:

- ‌معنى الساعة:

- ‌فأشراط الساعة:

- ‌المبحث الثانيأدلة وقوعها

- ‌المبحث الثالثقرب قيام الساعة

- ‌المبحث الرابعأقسام أشراط الساعة

- ‌القسم الأول: أشراط الساعة الصغرى:

- ‌القسم الثاني: أشراط الساعة الكبرى:

- ‌المبحث الخامسحجية خبر الآحاد في العقائد

- ‌توضيح شبهة هؤلاء:

- ‌الرد على شبهتهم:

- ‌النصوص الدالة على قبول خبر الواحد:

- ‌أدلة الكتاب: وهي كثيرة أذكر منها:

- ‌أدلة من السنة:

- ‌العقائد التي تثبت بأحاديث الآحاد:

- ‌خاتمة هذا المبحث:

- ‌المبحث السادسحجية العقل والنقل

- ‌الفصل الأولنبذة عن محمد رشيد رضا

- ‌المبحث الأولنسبه ومولده

- ‌المبحث الثانينشأته وطلبه للعلم

- ‌شيوخه:

- ‌المبحث الثالثبداية التحول

- ‌المبحث الرابعهجرته إلى مصر

- ‌المبحث الخامسمجلة المنار

- ‌المبحث السادسجهوده الإصلاحية

- ‌أ) الإصلاح التعليمي:

- ‌ب) الإصلاح الديني:

- ‌ج) الإصلاح السياسي:

- ‌المبحث السابعمذهبه

- ‌1 - قوله بجواز التيمم بالسفر حتى مع وجود الماء عند تفسير آية التيمم في سورة النساء:

- ‌2 - قوله بجواز ربا الفضل، لأنه كما يقول منع سداً للذريعة إلى الربا الجاهلي فيباح للضرورة:

- ‌3 - قوله بجواز العمل بالحساب في الرؤية الشرعية:

- ‌4 - موافقته أستاذه محمد عبده بجواز جمع الصلاتين دونما عذر:

- ‌5 - قوله بجواز نكاح الوثنيات:

- ‌6 - قوله بعدم حرمة أكل لحوم الحمر الأهلية:

- ‌7 - قوله أن تعدد الزوجات يباح عند الضرورة:

- ‌المبحث الثامنعقيدته

- ‌1 - إنكاره أشراط الساعة الكبرى:

- ‌2 - إنكاره جميع أشراط الساعة الصغرى ما عدا بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - قوله بفناء النار، وعدم خلود أهلها فيها:

- ‌4 - طعنة في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:

- ‌5 - إنكاره أن للسحر حقيقة:

- ‌6 - إنكاره سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - تقديمه العقل على النقل:

- ‌8 - إنكاره لمعجزة انشقاق القمر:

- ‌9 - تفسيره لبعض الآيات على رأي الخوارج والمعتزلة:

- ‌10 - إنكاره لكثير من المعجزات وتأويلها:

- ‌11 - قوله إن الإسراء والمعراج كان رؤيا منامية:

- ‌12 - متابعة شيخه محمد عبده بالقول بأن الملائكة قوى طبيعية:

- ‌13 - متابعة شيخه محمد عبده في التشكيك بأن آدم أبو البشر:

- ‌المبحث التاسعوفاته

- ‌المبحث العاشرآثاره ومؤلفاته

- ‌الفصل الثانينبذه عن تفسير المنار

- ‌المبحث الأولتعريف بتفسير المنار

- ‌المبحث الثانيمنهجه في التفسير

- ‌المبحث الثالثطريقته في التفسير

- ‌المبحث الرابعخصائص تفسير المنار

- ‌1 - العناية بالتحقيقات اللغوية:

- ‌2 - العناية بالقضايا البلاغية والإعرابية:

- ‌3 - بيانه لحكمة التشريع:

- ‌4 - ابتعاده عن الإسرائيليات:

- ‌5 - يسر العبارة وسهولة الأسلوب:

- ‌6 - كثرة استشهاده بالأحاديث النبوية:

- ‌7 - بيان سنن الله في الكون والإنسان والحياة:

- ‌8 - عدم تجاوز النص فيما ورد مبهماً:

- ‌المبحث الخامسمنهجه العقدي في تفسير المنار

- ‌أولا: عدم الالتفات إلى أسباب النزول في تفسير آيات العقيدة:

- ‌ثانيا: عدم اللجوء إلى تأويل الصفات:

- ‌ثالثا: التأكيد على أن الإسلام دين العقل:

- ‌رابعا: الدفاع عن العقيدة الإسلامية ورد الشبهات المثارة حولها:

- ‌خامسا: استشهاده بآراء المتكلمين والرد عليها:

- ‌المبحث السادسالمآخذ التي عليه

- ‌أولا: عنفه على مخالفيه:

- ‌ثانيا: كثرة الاستطرادات:

- ‌ثالثا: مخالفته جمهور المفسرين في تفسير بعض الآيات:

- ‌الفصل الثالثآراؤه العقدية في أشراط الساعة الكبرى، والرد عليها

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأولرأي رشيد رضا في أشراطالساعة الكبرى، بشكل مجمل

- ‌الرد على إشكالاته وتساؤلاته:

- ‌المبحث الثانيرأيه في خروج المسيحالدجال والرد عليه

- ‌معنى المسيح:

- ‌معنى الدجال:

- ‌الأحاديث الواردة في خروج المسيح الدجال:

- ‌تواتر أحاديث المسيح الدجال:

- ‌الأحاديث الواردة في بيان صفته:

- ‌فائدة:

- ‌الحكمة من عدم ذكره بالقرآن

- ‌موقف الشيخ رشيد رضا من أحاديث الدجال:

- ‌الرد على هذه الإشكالات:

- ‌مناقشة الإشكال الأول:

- ‌مناقشة الإشكال الثاني:

- ‌مناقشة الإشكال الثالث:

- ‌مناقشة الإشكال الرابع:

- ‌مناقشة الإشكال الخامس:

- ‌حديث الجساسة:

- ‌رأي رشيد رضا في حديث الجساسة والرد عليه:

- ‌خاتمة رأي رشيد رضا، في أحاديث الدجال:

- ‌خلاصة القول في المسيح الدجال:

- ‌المبحث الثالثرأيه في المهدي، والرد عليه

- ‌معنى المهدي:

- ‌الأحاديث الواردة في ظهور المهدي:

- ‌تواتر أحاديث المهدي:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌الحكمة من كونه من نسل الحسن:

- ‌صفته:

- ‌سبب ظهوره:

- ‌مكان خروجه:

- ‌حديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم):

- ‌رأي رشيد رضا في أحاديث المهدي:

- ‌الرد على استشكالاته وتساؤلاته:

- ‌والرد على ما ذهب إليه ابن خلدون من عدة وجوه:

- ‌المبحث الرابعرأيه في نزولعيسى بن مريم عليه السلاموالرد عليه

- ‌معنى المسيح:

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في عيسى بن مريم عليه السلام:

- ‌أدلة نزوله من القرآن:

- ‌أدلة نزوله من السنة:

- ‌تواتر الأحاديث في نزول عيسى بن مريم:

- ‌مسألة: هل رفع عيسى عليه السلام ببدنه وروحه أم بروحه

- ‌مدة بقائه بعد نزوله:

- ‌رأي رشيد رضا في نزول عيسى بن مريم عليه السلام والرد عليه:

- ‌الرد عليه:

- ‌خاتمة المبحث:

- ‌المبحث الخامسرأيه في طلوع الشمسمن مغربها والرد عليه

- ‌الأدلة من القرآن:

- ‌الأدلة من السنة:

- ‌تواتر الأحاديث الواردة في طلوع الشمس من مغربها:

- ‌التوبة لا تقبل بعد طلوع الشمس من مغربها:

- ‌رأي رشيد رضا في طلوع الشمس من مغربها:

- ‌الرد عليه:

- ‌الفصل الرابعالآثار الفكرية لآراء محمد رشيد رضا

- ‌المبحث الأولفتح باب الطعنفي السنه النبوية

- ‌المبحث الثانيفتح باب الطعن في الصحيحين

- ‌المبحث الثالثتشكيك المسلمين في عقائدهم

- ‌المبحث الرابعإحياء تراث المعتزلة

- ‌المبحث الخامسإيجاد نوع من الجرأةعلى الثوابت الإسلامية

- ‌المبحث السادسخدمة أغراض المستشرقين

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجعمرتبة على الحروف الهجائية

الفصل: ‌مناقشة الإشكال الثالث:

فأحسن ما يقال فيه ما قاله ابن حجر في الفتح حيث قال «وهذا لا يقال من قبل الرأي فيحتمل أن يكون مرفوعاً أرسله، ويحتمل أن يكون أخذه عن بعض أهل الكتاب» . (1)

والتابعي إذا تكلم عن أمر غيبي أو أسند شيئاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون من قبيل الحديث المرسل الضعيف الذي لا تقوم به حجة، ثم إن ابن حجر لم يجزم بصحته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال حسن صحيح إلى حسان بن عطية ثم قال أرسله، ثم قال لعله أخذه من أهل الكتاب، وكلام ابن حجر واضح جلي، فهو حديث مرسل تابعي وهو حسان بن عطية.

والمرسل كما هو معلوم ليس بحجة، قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة، قال النووي في المنهاج معلقاً على كلام مسلم: مذهب الشافعي وجمهور المحدثين وجماعة من الفقهاء أنه لا يحتج بالمرسل. (2)

‌مناقشة الإشكال الثالث:

وهو قوله: «أن ما أعطيه من خوارق مخالف لسنن الله تعالى في خلقه، وقد ثبت بنصوص القرآن القطعية أنه لا تبديل لسننه تعالى ولا تحويل» .

قبل الإجابة عن هذا الإشكال والذي هو ليس بإشكال في الحقيقة لابد من معرفة أمر هام.

(1) الفتح (13/ 92)، وقال عن سند الحديث بأنه حسنٌ صحيح.

(2)

للاستزادة أنظر مقدمة النووي المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج صـ 149، فصل في ألفاظ يتداولها أهل الحديث.

ص: 195

وهو أن هناك فرقا بين السنن الإلهية الإنسانية، وبين السنن الإلهية الكونية.

فالسنن الإلهية الإنسانية، لا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول، وهي عادة الله في سير الحياة الإنسانية، وعادته في إثابة الطائعين وعقاب المخالفين. (1)

والسنن الإلهية الكونية، قابلة للتغيير والتبديل والتحول، والتي هي منهج الله في تسيير هذا الكون وعمارته وحكمه. (2)

ولابن تيمية كلام جميل يبين فيه ثبات السنن الإلهية الإنسانية وعدم انخرامها مطلقاً وأن السنن الإلهية الكونية قد تنخرم وتتبدل وتتحول.

حيث يقول رحمه الله في رسالة لفظ السنة في القرآن: «اعلم أنه قد ذكر الله تعالى لفظ سننه في مواضع من كتابه فقال تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}» . (3) وقال تعالى {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)} . (4) وقال تعالى: {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} . (5)

ثم قال بعد ذلك: «وهذه السنن كلها سنن تتعلق بدينه وأمره ونهيه

(1) السنن الإلهية في الحياة الإنسانية، للدكتور شريف الخطيب صـ 55.

(2)

نفس المصدر.

(3)

الإسراء 77.

(4)

فاطر 43.

(5)

غافر 85.

ص: 196

ووعده ووعيده وليست هي السنن المتعلقة بالأمور الطبيعية كسنته في الشمس والقمر والكواكب وغير ذلك من العادات.

فإن هذه السنة ينقضها إذا شاء بما شاء من الحكم، كما حبس الشمس على يوشع، وكما شق القمر لمحمد صلى الله عليه وسلم وكما ملأ السماء بالشهب، وكما أحيا الموتى غير مره، وكما جعل العصا حية، وكما أنبع الماء من الصخرة بعصا، وكما أنبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم

فالعادات الطبيعية ليس للرب فيها سنة لازمة، فإنه قد عرف انتقاض عامة العادات، فالعادة في بني آدم ألا يخلقوا إلا من أبوين وقد خلق المسيح من أم، وحواء من أب، وآدم من غير أم ولا أب، وأحياء الموت متواتر مرات عديدة، وكذلك تكثير الطعام والشراب لغير واحد من الأنبياء والصالحين

». (1)

وما سوف يأتي به المسيح الدجال من خوارق، كإحياء الموتى وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض فتنبت وغيرها إنما هو من السنن الإلهية الكونية القابلة للتغيير والتبديل.

ثم إنه لابد من التنبه إلى أمر آخر وهو أن سنن الله ليس كل ما ألفه الناس فقط، فمن سننه أيضا مالا يألفه الناس كإحياء الموتى وقلب العصا إلى حية وغيرها من الأمور الأخرى.

ولقد تنبه الأستاذ/ سيد قطب لهذا الفرق من خلال تفسيره (في ظلال القرآن)، حيث يقول في آخر تفسير سورة الفيل عند كلامه عن السنن: «إن سنة الله ليست فقط هي ما عهده البشر وما عرفوه، وما يعرف البشر من سنة

(1) جامع الرسائل لابن تيمية صـ 52.

ص: 197

الله إلا طرفاً يسيراً يكشفه الله لهم بمقدار ما يطيقون، وبمقدار ما يتهيأون له بتجاربهم ومداركهم في الزمن الطويل، فهذه الخوارق، كما يسمونها هي من سنة الله، ولكنها خوارق بالقياس إلى ما عهدوه وما عرفوه

». (1)

فما سوف يأتي به المسيح الدجال من خوارق ليس فيه خلاف أو تحول لسنن الله تعالى، بل هي من سنة الله تعالى، ولكنها خوارق وخلاف للسنن بالنسبة إلى مقاييس البشر ولما عرفوه كما ذكر سيد قطب.

ثم إن وقت ظهور الدجال هو من مقدمات اليوم الآخر، وفيه تكثر الخوارق، وكان ينبغي للشيخ رشيد أن يطبق قاعدته الصحيحة في أمور الغيب والآخرة، وهي الإيمان بما ورد منها مع تفويض الكيفية. (2)

ثم إن ما يعطاه الدجال من الخوارق ليس فيه مخالفة لسنن الله الكونية فإننا لو أجرينا كلام السيد رشيد رضا على ظاهره لأبطلنا معجزات الأنبياء، لأنها مخالفة لسنن الله الكونية وما يقال في الخوارق التي يُعطاها الدجال على سبيل الفتنة والامتحان والبلاء، ولو سلمنا أن خوارق الدجال مخالفة لسنن الله الكونية، فإننا نقول إن زمن الدجال تنخرق فيه العادات، وتحدث أمور عظيمة مؤذنة بخراب العالم وزوال الدنيا وقرب الساعة، وإذا كان خروجه في زمن فتنة أرادها الله، فلا يقال إن الله ألطف بعباده من أن يفتنهم بخوارقه، فهو اللطيف الخبير ولكن اقتضت حكمته أن يبتلي عباده، وقد أنذرهم وحذرهم منه». (3)

(1) في طلال القرآن سيد قطب (ج 6/ 3977).

(2)

انظر منهج الشيخ رشيد رضا في العقيدة، تامر محمد متولي، صـ 842.

(3)

أشراط الساعة، يوسف الوابل، 280.

ص: 198