الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال النووي: «قال بتحريم الحمر الأهلية أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم، لم نجد عن أحد من الصحابة في ذلك خلافاً إلا عن ابن عباس» . (1)
وذكر ابن حزم أنه نقل تحريم الحمر الأهلية عن النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق تسعة من الصحابة بأسانيد كالشمس، فهو نقل متواتر لا يسع أحد خلافه.
ثم قال «فإن ذكر ذاكر أن ابن عباس أباحها قلنا لا حجة في أحد على الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف وابن عباس قد أخبر بأنه متوقف فيها، فقد روى البخاري عنه أنه قال «لا أدري أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرم في يوم خيبر لحم الحمر، الحمر الأهلية» وإن ذكروا أن عائشة رضي الله عنها أحلتها.
واحتجت بقوله تعالى {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ...... } .
قلنا لم يبلغها التحريم ولو بلغها لقالت به كما فعلت في الغراب، فقد حرمته مع أنه ليس مذكوراً في الآية». (2)
7 - قوله أن تعدد الزوجات يباح عند الضرورة:
(1) شرح صحيح مسلم للنووي (4/ 332).
(2)
(المحلى) لعلي ابن أحمد ابن حزم، طبعة دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، (7/ 406).
(3)
تفسير المنار (4/ 421).
وهو بقوله هذا يردد ما قاله قبله أستاذه وشيخه محمد عبده إذا يقول «إن إباحة تعدد الزوجات في الإسلام أمرٌ مضيق فيه أشد التضييق كأنه ضرورة من الضرورات التي تباح لمحتاجها بشرط الثقة بإقامة العدل والأمن من الجور» . (1)
فمحمد رشيد رضا وأستاذه محمد عبده يحريان أنه لا يجوز الزواج بثانية ما دامت الزوجة الأولى في عصمته، وليس بها بأس أو عله فجاؤا بقول لم يقل به أحد من قبلهم. (2)
وفي الحقيقة أن هذا القول بعيد كل البعد عن الصواب بل وعن الواقع، وهو أيضاً قولٌ مردود إذ لا دليل عليه لا من كتاب الله ولا من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومازال المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عهدنا هذا يتزوجون من غير ضرورةٍ ولا حاجة من غير نكير من أحد، فمن أين أتى الإمام محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا بهذا القيد وهو أن التعدد لا يباح إلا عند الضرورة؟
والذي عليه إجماع أهل العلم أنه يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من زوجة، ولم يُذكر عن أحدٍ منهم أنه قيده بالضرورة والحاجة (3)،
بل هو من الأمور المباحة التي أباحها الله لعباده حيث قال تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (4) قال بن كثير: «أي انكحوا ما شئتم من النساء
(1) المصدر السابق (4/ 349).
(2)
المصدر السابق.
(3)
«فتح القدير» للشوكاني (1/ 385).
(4)
النساء 3.
إن شاء أحدكم اثنتين وإن شاء ثلاثاً وإن شاء أربعاً». (1)
ثم أنه لم يكتف الإمام محمد عبده بالقول أن تعدد الزوجات أبيح للضرورة، بل ذهب إلى أبعد من ذلك فقد كان يطالب بإصدار قانون يمنع بموجبه تعدد الزوجات.
ويقول: «وأما جواز إبطال هذه العادة أي عادة تعدد الزوجات فلا ريب فيه» (3) فهو يرى أنها «عادة» وليست حكماً شرعياً أباحة الله لعباده.
(1) تفسير بن كثير (2/ 207).
(2)
تفسير المنار (4/ 349).
(3)
(الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده)، جمع وتحقيق محمد عمارة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 1978 م، (2/ 94).