الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعترف بفساد قوله الأول، وذلك بادعائه أن قوله صلى الله عليه وسلم في المسيح الدجال ليس بوحي.
ثم إنه كيف يدعى رشيد رضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوح به عن الله شيء عن المسيح الدجال، وقد جاءت الكثير من الأحاديث عن النبي في وصف شكله وزمن خروجه وما يجيء به من العجائب والغرائب.
فإذا لم يكن هذا كله عن وحي من الله تعالى، فمن أين يكون إذاً، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن أمور سوف تحدث في المستقبل قبل قيام الساعة، ويتكلم في أمر من أمور الدين وليس من أمور الدنيا التي قد يقال أنه يتكلم بها عن غير الوحي.
وكما ذكرنا في السابق أنه في أمور الدين وتبليغ الرسالة معصوم عن الخطأ والزلل أو القول على الله بغير علم وحاشاه صلى الله عليه وسلم ذلك.
خلاصة القول في المسيح الدجال:
الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الأحاديث الواردة في المسيح الدجال أحاديث صحيحة باتفاق أهل الحديث فيجب الإيمان بها وتصديقها وأن المسيح الدجال، سوف يظهر في آخر الزمان، فتنة للبشر وامتحانا من الله لهم.
قال النووي: (قال القاضي هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره ونهريه
واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم، ويثبت الله الذين آمنوا، هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة، وخلافا للبخاري المعتزلى وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح الوجود ولكن الذي يدعى مخارف وخيالات لا حقائق لها وزعموا أنه لو كان حقا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة، فيكون ما معه كالتصديق له، وإنما يدعي الإلهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله ووجود دلائل الحدوث فيه، ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه، وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه، ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر إلا الرعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأمر، فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله، ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه في هذه الحالة ولهذا حذرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته ونبهوا على نقصه، ودلائل إبطاله، وأما أهل التوفيق فلا يغترون
به ولا يخدعون لما معه لما ذكرناه من الدلائل المكذبة له مع ما سبق لهم من العلم بحاله ولهذا يقول له الذي يقتله ثم يحييه ما ازددت فيك إلابصيرة). (1)
(1) شرح النووي على مسلم (18/ 58 - 59).
وقال الشيخ صالح الفوزان: «وقد تواترت الأحاديث من وجوه متعددة في إثبات خروج الدجال وبيان فتنته والاستعاذة منه، وأجمع أهل السنة والجماعة على خروج الدجال في آخر الزمان، وذكروا ذلك ضمن مباحث العقيدة؛ فمن أنكر خروجه؛ فقد خالف ما دلت عليه الأحاديث المتواترة،
(1)«النهاية/ الفتن والملاحم» (1/ 121).
وخالف ما عليه أهل السنة والجماعة، ولم ينكر خروجه إلا بعض المبتدعة كالخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وبعض الكتاب العصريين والمنتسبين إلى العلم، ولم يعتمدوا على حجة يدفعون بها النصوص المتواترة سوى عقولهم وأهوائهم، ومثل هؤلاء لا عبرة بهم ولا بقولهم.
والواجب على المؤمن الإيمان بما صح عن الله ورسوله، واعتقاد ما يدل عليه، ولا يكون من الذين قال الله تعالى فيهم:{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} (يونس: 39)(1)؛ لأن مقتضى الإيمان بالله ورسوله هو التسليم لما جاء عنهما والإيمان بالله ورسوله هو التسليم لما جاء عنهما والإيمان به، ومن لم يفعل؛ فإنه متبع لهواه بغير هدى من الله». (2)