الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
جهوده الإصلاحية
كان للشيخ محمد رشيد رضا الكثير من الجهود الإصلاحية في المجتمع، والتي حاول من خلالها إصلاح أحوال الأمة الإسلامية وإخراجها مما هي فيه من ضياع الهوية والتخلف الفكري والتعليمي والديني والسياسي، والتبعية والإعجاب بالحضارة الغربية إلى حد التقليد الأعمى والافتتان بها، وسوف أعرض فيما يلي مجالات الإصلاح التي قام بها.
أ) الإصلاح التعليمي:
كان الشيخ محمد رشيد رضا حريصاً جداً على إصلاح التعليم في مصر لاسيما التعليم الديني المتمثل بالأزهر آنذاك.
فكتب الكثير من المقالات في مجلة المنار ينتقد فيها الوضع التعليمي في مصر ومن ذلك قوله «ومن العار على مصر أن تكون على سبقها البلاد العربية كلها إلى التعليم العصري خالية من مدرسة كلية للعلوم العالية بجميع فروعها، تغنيهم عن المدارس الأجنبية الخالية من لغتهم ومن التربية الملَّية التي تليق بهم» . (1)
وكتب أيضا الكثير من المقالات التي ينتقد فيها التعليم بالأزهر والذي
(1) مجلة المنار (14/ 566).
وصفه أنه يتسم بالجمود والتقليد وعدم مواكبة العصر، وأنه لابد من فتح باب الاجتهاد وفهم الدين على طريقة سلف الأمة، حتى أنه كتب في ذلك كتاباً بعنوان «المنار والأزهر» ضمنه آراءه في الإصلاح التعليمي.
وقد كان الشيخ رشيد من أوائل المصلحين الذين طالبوا بإدخال بعض الفنون في ميدان التعليم لمسايرة ركب العلم والمعرفة، كعلم أصول الدين وتهذيب الأخلاق وفقه الحلال والحرام والعبادات والاجتماع والتاريخ والاقتصاد والحساب والصحة والخط. (1)
وقد بلغ الشيخ من تشجيعه على العلم والتعليم أن أفتى بأنه إذا وجد في بلد مسجد لإقامة الشعائر، فبناء المدارس والوقوف عليها في ذلك البلد أفضل لا محالة، بل لا فضل في بناء مسجد لا حاجة إليه، لأن من أغراض الشريعة جعل المسجد على قدر الحاجة لما في كثرتها من تفريق المسلمين. (2)
ولم يكتف الشيخ رشيد بالجانب النظري في محاولة الإصلاح التعليمي والحث على التعليم والتعلم، فلقد قام الشيخ رشيد بإنشاء مدرسة في مصر سماها باسم مدرسة «دار العلم والإرشاد» والتي أنشئت تحت رعاية جمعية عرفت باسم «جماعة الدعوة والإرشاد» حيث انتخب لرئاسة هذه الجمعية محمود بك سالم وانتخب رشيد رضا وكيلاً لها، وناظراً لمدرسة «العلم والإرشاد» . (3)
(1) رشيد رضا لإبراهيم العدوي 177 - 178.
(2)
مجلة المنار (11/ 78).
(3)
مجلة المنار (14/ 115).
والتي افتتحت الدراسة بها عام 1330 هـ، وكانت تمنح الطالب شهادة مرشد بعد ثلاث سنوات من الدراسة تؤهله للدعوة والإرشاد بين المسلمين، أما إذا واصل الدراسة ثلاث سنوات أخرى فيصبح داعياً من الدعاة لغير المسلمين للدخول في الإسلام، وكان لهذه المدرسة أثر كبير في إعداد الدعاة. (1)
وأما المدرسون فيها، فقد كان يدرس فيها بجوار الشيخ رشيد رضا الشيخ محب الدين الخطيب (2) والشيخ أحمد العبد بن الشيخ سليمان العبد من علماء الأزهر وغيرهم.
ومن أبرز الطلاب الذين درسوا بها:
1 -
الشيخ محمد بهجت البيطار. (3)
2 -
الشيخ يوسف ياسين. (4)
3 -
الشيخ محمد حامد الفقي. (5)
(1) انظر كتاب منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير للدكتور فهد الرومي (1/ 179) الطبعة الثانية 1983 م.
(2)
هو محب الدين بن أبي الفتح بن عبد القادر بن صالح الخطيب، ولد بدمشق سنة 1303 هـ / 1886 م، عالم ومؤلف له الكثير من الكتب أشهرها الخطوط العريضة التي قام عليها دين الشيعة، توفي عام 1389 هـ / 1969 م في مصر (الأعلام للزركلي)(5/ 82).
(3)
من أكابر أهل العلم في عصره وقد تمت الترجمة له في صفحة 52.
(4)
وقد كان مستشاراً للملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، انظر الزركلي، الأعلام (8/ 253).
(5)
مؤسسي جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر، ومن أكابر أهل العلم.