الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتكون العين اليسرى التي عليها ظفرة غليظة، وهي الطافية - بلا همز - معيبة أيضا، فهو أعور العين اليمنى واليسرى معاً فكل واحدة منهما عوراء، أي معيبة، فإن الأعور من كل شيء المعيب، لا سيما من يختص بالعين، فكلا عيني الدجال معيبة عوراء، إحداهما بذهابها، والأخرى بعيبها.
قال النووي في هذا الجمع: «هو في نهاية من الحسن» . (1) ورجحه أبوعبد الله القرطبي. (2)
الحكمة من عدم ذكره بالقرآن
؟
ورد فيما ذكرنا في الأحاديث السابقة أن الدجال أعظم فتنة خشي النبي صلى الله عليه وسلم على أمته منها حتى أنه حذرنا منه صلى الله عليه وسلم أشد التحذير.
ولذا حذر جميع الأنبياء أممهم منه.
وأمرنا صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ من فتنة المسيح الدجال في آخر كل صلاة، وما ذلك إلا لعظم فتنته على البشر.
ثم إنه قد ذكر الله عز وجل في القرآن عددا من أشراط الساعة الصغرى والكبرى، مثل انشقاق القمر فقال:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} . (3)
ويأجوج ومأجوج فقال: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} . (4)
(1) انظر شرح النووي لمسلم (2/ 235).
(2)
التذكره صـ 663.
(3)
القمر 2.
(4)
الأنبياء 96.
وخروج الدابة فقال: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)} (1) وغيرها.
ومع ذلك لم يذكر الله سبحانه وتعالى المسيح الدجال صراحة باسمه في القرآن فما الحكمة من ذلك؟ !
في الحقيقة أنه حاول كثير من أهل العلم الإجابة عن هذا التساؤل فكان بعضهم أقرب إلى الصواب من بعض، وقد حاول الحافظ ابن حجر في الفتح الإجابة على هذا التساؤل.
حيث قال: «اشتهر السؤال عن الحكمة في عدم التصريح بذكر الدجال في القرآن مع ما ذكر عنه من الشر وعظم الفتنة به، وتحذير الأنبياء منه، والأمر بالاستعاذة منه في الصلاة، وأجيب بأجوبة به أحدها أنه ذكر في قوله تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} . (2)
فقد أخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة رفعه: «ثلاثٌ إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها» .
الثاني، قد وقعت الإشارة في القرآن إلى نزول عيسى بن مريم في قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (3) وفي قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} . (4)
(1) النمل 82.
(2)
الأنعام 158.
(3)
النساء 159.
(4)
الزخرف 61.
وصح أنه الذي يقتل الدجال فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر ولكونه يلقب المسيح كعيسى لكن الدجال مسيح الضلالة، وعيسى مسيح الهدى.
الثالث، أنه ترك ذكره احتقاراً وتعقب بذكر يأجوج ومأجوج وليست الفتنة بهم بدون الفتنة بالدجال.
والذي قبله وتعقب بأن السؤال باقٍ وهو ما الحكمة ترك التنصيص عليه، وأجاب شيخنا الإمام البلقيني بأنه اعتبر كل من ذكر بالقرآن من المفسدين، فوجد كل من ذكر إنما هم ممن مضى وانقض أمره، وأما من لم يجيء بعد فلم يذكر منهم أحد. انتهى.
وهذا ينتقض بيأجوج ومأجوج وقد وقع في تفسير البغوي أن الدجال مذكور في القرآن في قوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} . (1)
وأن المراد بالناس هنا الدجال من إطلاق الكل على البعض وهذا إن ثبت أحسن الأجوبة فيكون من جملة ما تكفل النبي صلى الله عليه وسلم ببيانه والعلم عند الله تعالى». (2)
وحاول كذلك الحافظ عماد الدين ابن كثير رحمه الله، بيان الحكمة من عدم ذكر المسيح الدجال في القرآن.
حيث يقول: «إنه إنما لم يذكر بصريح اسمه في القرآن احتقاراً له حيث
(1) غافر 57.
(2)
فتح الباري (13/ 92).