الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تواتر الأحاديث في نزول عيسى بن مريم:
جاءت الكثير من الأحاديث الصحيحة الصريحة في الصحاح والسنن والمسانيد التي تنص على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان، حتى بلغت هذه الأحاديث حد التواتر كما صرح بذلك جملةٌ من أهل العلم، وسوف أذكر هنا جملة من أقوالهم، حتى لا يدعي مدعٍ أن أحاديث نزول عيسى ابن مريم من أحاديث الآحاد التي ينبغي أن لا يجزم بها. (1)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله معلقا على أحاديث نزول عيسى عليه السلام: «فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة وابن مسعود، وعثمان بن أبي العاص، والنواس بن سمعان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومجمع بن جارية، وأبي سريحة حذيفة بن أسيد رضي الله عنهم، وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه، وأنه بالشام، بل بدمشق عند المنارة الشرقية، وأن ذلك يكون عند الإقامة لصلاة الصبح .. فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين، وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان، حيث تنزاح عللهم، وترتفع شبههم من أنفسهم، ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى عليه السلام وعلى
(1) كما أدعى الشيخ محمود شلشوت بأن أحاديث نزول عيسى في آخر الزمان لا حجة فيها لأنها أحاديث آحاد! ! كتاب «الفتاوي» للشيخ محمود شلتوت، طبع دار الشروق، ط 8 عام 1395 هـ، بيروت.
يديه، ولهذا قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)} (1).
وهذه الآية كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} (2)
قال ابن جرير الطبري - بعد ذكره الخلاف في معنى وفاة عيسى عليه السلام: «وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال: «معنى ذلك: إني قابضك من الأرض، ورافعك إلي» ؛ لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل عيسى بن مريم فيقتل الدجال». (4) ثم ساق بعض الأحاديث الواردة في نزوله.
وقال صديق حسن: «والأحاديث في نزوله عليه السلام كثيرة، ذكر الشوكاني منها تسعة وعشرين حديثاً؛ ما بين صحيح، وحسن، وضعيف منجبر، منها ما هو مذكورٌ في أحاديث الدجال .. ومنها ما هو مذكورٌ في أحاديث المنتظر، وتنضمُّ إلى ذلك أيضا الآثار الواردة عن الصحابة، فلها حكم الرفع، إذ لا مجال للاجتهاد في ذلك» . ثم ساقها وقال: «جميع ما
(1) سورة النساء، الآية:159.
(2)
سورة الزخرف، الآية:61.
(3)
تفسير ابن كثير (1/ 519، 520)
(4)
تفسير الطبري (3/ 291).
سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع». (1)
وقال الغماري (2): «وقد ثبت القول بنزول عيسى عليه السلام من غير واحد من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلماء من سائر المذاهب على مر الزمان إلى وقتنا هذا» . (3)
وقد ذكر من رواه من الصحابة، فعد أكثر من خمسة وعشرين صحابيا، رواه عنهم أكثر من ثلاثين تابعيا، ثم رواه تابعو التابعين بأكثر من هذا العدد. وهكذا حتى أخرجه الأئمة في كتب السنة، ومنها المسانيد؛ كـ» مسند» الطيالسي، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وعثمان بن أبي شيبة، وأبي يعلى، والبزار، والديلمي، ومن أصحاب الصحاح: البخاري، ومسلم، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وأبو عوانة، والإسماعيلي، والضياء المقدسي، وغيرهم، ورواه أصحاب الجوامع، والمصنفات، والسنن، والتفسير بالمأثور، والمعاجم، والأجزاء، والغرائب، والمعجزات، والطبقات، والملاحم.
(1)«الإذاعة» (ص: 160).
(2)
هو أبو الفضل عبد الله محمد الصديق الغماري، من علماء هذا العصر، من مؤلفاته (عقيدة أهل الإسلام في نزول الله).
(3)
«عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام» (ص: 12).
(4)
وممن جمع الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام الشيخ محمد أنور شاه الكشميري (1) في كتابه «التصريح بما تواتر في نزول المسيح» ، فذكر أكثر من سبعين حديثاً.
وقال صاحب «عون المعبود شرح سنن أبي داود» : «تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم من السماء بجسده العنصري إلى الأرض عند قرب الساعة، وهذا هو مذهب أهل السنة» . (2)
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: «اعلم أن أحاديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام متواترة، يجب الإيمان بها، ولا تغتر بمن يدعي فيها أنها أحاديث آحاد؛ فإنهم جهال بهذا العلم، وليس فيهم من تتبع طرقها، ولو فعل لوجدها متواترة؛ كما شهد بذلك أئمة هذا العلم؛ كالحافظ ابن حجر، ومن المؤسف حقا أن يتجرأ البعض على الكلام فيما ليس من اختصاصهم، لا سيما والأمر دين وعقيدة» (3).
ونزول عيسى عليه السلام ذكره طائفة من العلماء في عقيدة أهل السنة والجماعة، وأنه ينزل لقتل الدجال قبحه الله.
(1) هو الشيخ المحدث محمد أنور شاه الكشميري الهندي، له عدة مصنفات، منها:«فيض الباري على صحيح البخاري» في أربعة مجلدات، و» العرف الشذي على جامع الترمذي»، وغيرهما، توفي (1352 هـ) رحمه الله في مدينة ديوبند، انظر ترجمته في: مقدمة كتاب «التصريح» للشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
(2)
«عون المعبود» (11/ 457) لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي.
(3)
«حاشية شرح العقيدة الطحاوية» (ص 565) بتخريج الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدث الشام.