الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
هجرته إلى مصر
بعدما قرأ رشيد رضا العروة الوثقى، أعجب أشد الإعجاب بجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، فكان يتمنى أن يلتقي بجمال الدين الأفغاني، وأن ينهل من علمه وحكمته وخبرته في الإصلاح.
قال الشيخ رشيد: «توجهت نفسي بتأثير العروة الوثقى إلى الهجرة إلى السيد جمال والتلقي عنه، وكان قد جاء إلى الآستانة فكتبت إليه بترجمتي ورغبتي في صحبته، وأنه لا يصدني عنها إلا إقامته في الآستانة لاعتقادي أنه لا يستطيع طول المقام فيها، وعللت ذلك بقولي «لأن بلاد المشرق أمست كالمريض الأحمق يأبي الدواء ويعافه لأنه دواء» ، وبعد أن توفاه الله تعالى إليه فيها، تعلق أملي بالاتصال بخليفته الشيخ محمد عبده للوقوف على أخباره وآرائه في الإصلاح الإسلامي، ومازلت أتربص الفرص لذلك حتى سنحت لي في رجب سنة 1315 هـ وكان ذلك عقب إتمام تحصيلي للعلم في طرابلس، وأخذ شهادة العالمية أو التدريس من شيوخي فيها، فهاجرت إلى مصر». (1)
ولكن في الحقيقة هناك أسباب أخرى دفعت الشيخ رضا للهجرة إلى مصر والإقامة فيها، حيث يقول الشيخ رشيد «عزمت على الهجرة إلى مصر
(1) تفسير المنار (1/ 10 - 12).
لما فيها من حرية العمل واللسان والقلم، ومن مناهل العلم العذبة الموارد، ومن طرق النشر الكثيرة المصادر، وكان أعظم ما أرجوه من الاستفادة في مصر، الوقوف على ما استفاده الشيخ محمد عبده من الحكمة والخبرة وخطة الإصلاح التي استفادها من صحبة السيد جمال الدين، وأن أعمل معه، وبإرشاده في هذا الجو الحُر
…
». (1)
فهاجر الشيخ محمد رشيد رضا إلى مصر في عام 1315 هـ الموافق 1897 م، وكان عمره آنذاك ثلاثة وثلاثين عاماً تقريباً.
وحل ضيفاً على الشيخ محمد عبده وكان لا يعرف في مصر قبل هجرته أحد غيره، إذ سبق له اللقاء به أثناء فترة نفيه إلى بيروت عام 1885 م، والتقى به كذلك في طرابلس عام 1894 م عندما كان الشيخ عبده يصطاف هناك فلازمه ووثق علاقته به. (2)
(1) انظر أحمد بركات، محمد رشيد رضا ودوره في الحياة الفكرية والسياسية ص 24 - 27، دار عمان الأردن - ط الأولى 1409 هـ - 1989 م
(2)
تاريخ الأستاذ الإمام (1/ 995).