الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
رأيه في نزول
عيسى بن مريم عليه السلام
والرد عليه
معنى المسيح:
المسيح على وزن فعيل بمعنى فاعل، وسمي به لأنه يمسح المريض وذا العاهة، فيبرأ بإذن الله. (1)
وقيل المسيح الصَّديق، وقيل سمي به لأنه كان سائحاً في الأرض لا يستقر (2)،
وقيل: كلمة المسيح تعني الحاكم الذي سوف يأتي في نهاية الزمان ليملك ويملأ الأرض عدلاً، وهي من أصول عبرية. (3)
عقيدة أهل السنة والجماعة في عيسى بن مريم عليه السلام:
الذي عليه اعتقاد أهل السنة والجماعة في عيسى بن مريم عليه السلام، ما دل عليه الكتاب والسنة الصحيحة، وهو أنه نبي من أنبياء الله عز وجل، من أولى العزم من الرسل المقربين اختصه الله بأن يوجد من أمٍ دون أب
(1) انظر، جامع الأصول (4/ 204).
(2)
انظر لسان العرب (2/ 594) مادة مسح.
(3)
Habasheh، Bahjat، the Word Al- Masih in Quran and Hadith «Analylic study» Al- Manarah، Jorsan، 2002. pp 15 - 21
وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل.
وقد أيده الله ببعض المعجزات كرامة وتصديقاً له، فكان يبرئ الأكمة والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله وكان يخلق من الطين كهيئة الطير، فينفخ فيها، فتكون طيراً بإذن الله.
فحسده بنو إسرائيل فعزموا على قتله، فحاصروه في دار ببيت المقدس، فلما دخلوا عليه ألقى الله شبهه على شاب من أصحابه الحاضرين، ورفع عيسى بن مريم عليه السلام من ذلك البيت إلى السماء، وأهل البيت ينظرون، فلما دخلوا وجدوا الشاب الذي ألقي عليه شبه عيسى فأخذوه ظانين أنه عيسى بن مريم عليه السلام فقتلوه وصلبوه، قال تعالى {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (1) فهو لم يقتل ولم يصلب وإنما رفعه الله إليه.
وسوف ينزل في آخر الزمان، على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فينزل واضعا حالة نزوله كفيه على أجنحة ملكين وقت صلاة الصبح، وينزل ليقتل الدجال، ويدعو إلى دين الإسلام، ويحكم به، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعوه الناس للصلاة بهم فيمتنع ويقول إمامكم منكم، فيتقدم المهدي فيصلي إماما بهم وبه، وذلك إكراماً لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته ويمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه. (2)
(1) النساء، آية 157.
(2)
انظر (العقيد الصافية للفرقة الناجية) سيد سعيد عبد الغني، دار طيبة الخضراء، مكة المكرمة، الطبعة الرابعة، 1422 هـ، ص 141.
وقال ابن حزم: «وأن عيسى عليه السلام لم يقتل، ولم يصلب ولكن توفاه الله عز وجل ثم رفعه إليه» . (1)
قال ابن تيمية: «وأجمعت الأمة على أن الله عز وجل رفع عيسى إليه إلى السماء» . (2)
وقال ابن تيمية أيضاً: «والمسيح صلى الله عليه وسلم وعلى سائر الأنبياء لابد أن ينزل إلى الأرض .. كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولهذا كان في السماء الثانية، مع أنه أفضل من يوسف وإدريس وهارون، لأنه يريد النزول إلى الأرض قبل يوم القيامة» . (3)
وقال القاضي عياض: «نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة؛ للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله، فوجب إثباته. وأنكر ذلك بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم، وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى:{وخاتم النبيين} ، وبقوله صلى الله عليه وسلم:(لا نبي بعدي)، وبإجماع المسلمين أنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة ولا تنسخ! وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث ولا في غيرها شيء من هذا، بل صحت هذه الأحاديث هنا وما سبق في كتاب الإيمان وغيرها أنه ينزل حكما مقسطا يحكم بشرعنا
(1) المحلى (1/ 23).
(2)
بيان تلبيس الجهمية (2/ 419).
(3)
مجموع الفتاوي (4/ 329).
ويحيي من أمور شرعنا ما هجره الناس». (1)
قال السفاريني: «ونزوله عليه الصلاة والسلام ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة: .... » إلى أن قال: «وأما الإجماع؛ فقد أجمعت الأمة على نزوله، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة أو من لا يعتد بخلافه، وقد انعقد إجماع الأمة على أن ينزل ويحكم بهذه الشريعة المحمدية، وليس بشريعة مستقلة عند نزوله من السماء، وإن كانت النبوة قائمة به، وهو متصف بها، ويتسلم الأمر من المهدي، ويكون المهدي من أصحابه وأتباعه كسائر أصحاب المهدي» . (2)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله: «وعيسى حي في السماء لم يمت بعد، وإذا نزل من السماء لم يحكم إلا بالكتاب والسنة، لا بشيء يخالف ذلك» (3)،
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة .... » ، ثم ذكر جملة من عقائد أهل السنة، ثم قال «والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوبٌ بين عينيه «كافر» والأحاديث التي جاءت فيه، والإيمان بأن ذلك كائن، وأن عيسى ينزل فيقتله بباب لد». (4)
(1) شرح النووي على مسلم (م 9/ ج 18/صـ 261).
(2)
لوامع الأنوار البهية (1/ 94).
(3)
مجموع الفتاوي (4/ 322 - 324).
(4)
«طبقات الحنابلة» (1/ 241) للقاضي الحسن بن محمد بن أبي يعلى، طبع دار المعرفة للنشر، بيروت.
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله في سرده لعقيدة أهل السنة والجماعة: «الإقرار بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيء، ويصدقون بخروج الدجال، وأن عيسى يقتله» (1)، وقال الطحاوي:«ونؤمن بأشراط الساعة، من خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء» . (2)
ونقل أبو حيان في البحر المحيط عن الإمام ابن عطية أنه قال في تفسيره: «وأجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى في السماء حي وأنه ينزل في آخر الزمان، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويقتل الدجال، ويفيض العدل وتظهر به مله محمد صلى الله عليه وسلم ويحج البيت ويعتمر» . (3)
قال الغماري: «وقد ثبت القول بنزول عيسى عليه السلام من غير واحد من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلماء من سائر المذاهب على مر الزمان إلى وقتنا هذا» . (4)
وقال الشيخ أحمد شاكر: «نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان مما لم يختلف فيه المسلمون، لورود الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وهذا
(1)«مقالات الإسلاميين» (1/ 345) تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد، الطبعة الثانية 1389 هـ، طبع مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.
(2)
شرح العقيدة الطحاوية، صـ 564، تحقيق الألباني.
(3)
البحر المحيط لأبي حيان (2/ 473).
(4)
عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام، صـ 12، مكتبة القاهرة، مطبعة دار المختار.