الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«ذلك عند نزول عيسى بن مريم عليه السلام، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمن به» . (1)
أدلة نزوله من السنة:
وجاءت في السنة أحاديث كثيرة تدل على نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان منها:
1 -
عن النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال «ما شأنكم» . قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه
(1) تفسير ابن جرير الطبري (6/ 18).
(2)
تفسير ابن كثير (1/ 514).
ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال: «غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا» . قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال «أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم» . قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدوار له قدره، قلنا يا رسول الله وما إسراعه في الأرض قال: «كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب (1) النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرفي دمشق بين مهرودتين (2)
واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد (3) فيقتله،
(1) يعاسيب النحل، ذكرها.
(2)
مهرودتين، المهرودة الثوب المصبوع.
(3)
اللد بلدة قرب بيت المقدس في فلسطين، ويعتقد اليهود أن عيسى عليه السلام حكم في القدس، وصلب في المدينة اللد، حيث يعتقدون أن مدينة اللد هي مدينة الأشرار «تلمود بابل السنهدرين 14» .
ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحي الله إلى عيسى إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحدٍ بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسي كموت نفسٍ واحدةٍ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً لا يَكُنُّ منه بيت مدرٍ ولا وبرٍ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردى بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرِّسْلِ حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة. (1)
(1) صحيح مسلم - كتاب الفتن - باب ذكر الدجال (4/ 2250)، رقم (2937).
2 -
عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال «ما تذاكرون» . قالوا نذكر الساعة. قال «إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات» .
فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس، من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. (1)
3 -
عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ولا يقبلها من كافر، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها» (2).
ثم يقول أبو هريرة- رضي الله عنه: اقرأوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)} (3).
4 -
عن جابر- رضي الله عنه: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي
(1) صحيح مسلم - كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب في الآيات التي تكون قبل الساعة (4/ 2225)، رقم (2901).
(2)
صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء - باب نزول عيسى ابن مريم عليه السلام (11/ 265)، رقم (3192)، صحيح مسلم كتاب الإيمان - باب نزول عيسى ابن مريم عليه السلام (1/ 93)، رقم (406).
(3)
سورة النساء، الآية:159.
يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة»، قال:«فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله لهذه الأمة» . (1)
5 -
عن أبي هريرة- رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأنبياء إخوة لعلات (2) أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم؛ لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، عليه ثوبان ممصران (3)، كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال، ثم تقع الأمنة على الأرض، حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم، فيمكث أربعين سنة، ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون» (4) إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة.
(1) صحيح مسلم كتاب الإيمان - باب نزول عيسى ابن مريم عليه السلام (1/ 93)، رقم (406).
(2)
العلات: جمع علة، والعلة هي الضرة، والمرد: الإخوة من أمهات مختلفة وأبوهم واحد، والمراد أن إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة: النهاية في غريب الحديث. (3/ 291).
(3)
الممصران: تثنية ممصر، والممصر من الثياب الذي فجه صفرة خفيفة. النهاية لابن الأثير (4/ 336).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 406) وقال أحمد شاكر: حديث صحيح، عمدة التفسير (4/ 36)، وأبو داود: كتاب الملاحم، باب خروج الدجال (4/ 498)، والحاكم (2/ 595)، وفال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير رحمه الله في النهاية في الفتن والملاحم (1/ 188): وهذا إسناد جيد قوي.