الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتكون العين اليسرى التي عليها ظفره غليظة، وهي الطافية بلا همز - معيبة أيضاً. (1)
فهو أعور العين اليمنى واليسرى معاً. فكل واحدة منهما عوراء، أي معيبة، فإن الأعور من كل شيء، المعيب، لا سيما ما يختص بالعين فكلا عيني الدجال معيبة عوراء، إحداهما بذهابها، والأخرى بعيبها.
قال النووي: «في هذا الجمع هو في نهاية من الحسن» . (2)
حديث الجساسة:
روى الإمام مسلم بسنده إلى عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول، فقال: حدثيني حديثاً سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحد غيره فقالت لئن شئت لأفعلن، فقال لها أجل حدثيني، فقالت: نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يؤمنذٍ، فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وخطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه أسامة بن زيد، وكنت قد حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من أحبني فليحب أسامة» . فلما كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أمرى بيدك، فأنكحنى من شئت فقال:«انتقلى إلى أم شريك» . وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها
(1) صحيح مسلم - كتاب الإيمان - باب ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال (1/ 154)، رقم (169).
(2)
انظر شرح النووي لمسلم (2/ 235).
الضيفان فقلت سأفعل فقال: «لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم» ، وهو رجل من بني فهرِ فهرِ قريش وهو من البطن الذي هي منه - فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاة فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال «ليلزم كل إنسان مصلاه». ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال «إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر، ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة.
قالوا وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق. قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون - شيطانة قال - فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهراً ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه،
فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا: ويلك ما أنت فقالت: أنا الجساسة.
قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال أخبروني عن نخل بيسان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم. قال أما إنه يوشك أن لا تثمر قال أخبروني عن بحيرة الطبرية. قلنا عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب، قال أخبروني عن عين زغر، قالوا: أي شأنها تستخبر قال هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها، قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا نعم. قال كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني، إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان على كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر «هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة» . يعني المدينة «ألا هل كنت حدثتكم ذلك» . فقال الناس نعم «فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة،
ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو». وأومأ بيده إلى المشرق.
قالت فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1)
مسألة:
هل هناك تناقض أو تعارض بين حديث الجساسة الذي يدل على أن الدجال حي منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبين حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنه الذي هو في الصحيحين وهو قوله، صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال:«أرايتكُم ليلتكم هذه، فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد» . (2)؟
(1) صحيح مسلم - كتاب الفتن - باب قصة الجساسة وقد أخرج حديث الجساسة أيضا الإمام أحمد في المسند (6/ 374) وأبي داوود في كتاب الملاحم، باب خبر الجساسة (14/ 18) برقم (4325) وابن ماجة في أبواب الفتن، باب فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم (2/ 397) برقم (4125).
- قال الألباني: «حديث الجساسة صحيح لسببين، الأول أنه رواه مسلم في صحيحة والثاني أنه لا يوجد في إسناده مغمزاً أو مطعناً، وممن صحح حديث الجساسة الإمام البخاري رحمه الله حيث قال، وحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس في الدجال حديث صحيح وقد رواه غير مسلم الإمام أحمد وأبو يعلى وأبو داود وابن ماجه ورواه غير فاطمة بنت قيس أبو هريره وعائشة وجابر رضوان الله عليهم مما يدل على تعدد مخرجه وكثرة طرقه فالحديث لم ينفرد به الإمام مسلم ولم تنفرد به فاطمة بنت قيس» (شرح مختصر صحيح مسلم للمنذري للعلامة اللألباني، التعليق على حديث الجساسة).
(2)
صحيح البخاري - كتاب العلم، باب الحديث في الليل قبل النوم (1/ 55)، رقم (116)، صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة. باب «لا يأتي مائة سنه وعلى الأرض نفسه منفوسة» (4/ 1965)، رقم (2537).
الجواب:
الصحيح الذي لا شك فيه أنه ليس هناك تناقض أو تعارض بين حديث الجساسة وحديث ابن عمر. فحديث ابن عمر عام وحديث الجساسة خاص، فيكون مستثنى من العموم.
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: في الجواب على من قال بحياة الخضر محتجاً بأن العموم ليس نصاً في الاستغراق يعني العموم في قوله صلى الله عليه وسلم «لا يبقى على ظهر الأرض أحد» .
قال: «لأن الدجال أخرجه دليل صالح للتخصيص وهو حديث ثابت في الصحيح من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إنه حدثه به تميم الداري وأنه أعجبه حديث تميم المذكور، لأنه وافق ما كان يحدث به أصحابه من خبر الدجال، ثم ذكر حديث تميم ثم قال: فهذا نص صريح في أن الدجال حيٌ موجود في تلك الجزيرة البحرية المذكورة في حديث تميم الداري، وإنه باقٍ وهو حي حتى يخرج في آخر الزمان، وهو نص صالح للتخصيص يخرج الدجال من عموم حديث موت كل نفس في تلك المائة.
والقاعدة المقررة في الأصول، أن العموم يجب إبقاؤه على عمومه، فما أخرجه نصٌ مخصص خرج من العموم وبقى العام حجة في بقية الأفراد التي لم يدل على إخراجها دليل، كما قدمناه مراراً وهو الحق ومذهب الجمهور، وهو غالب ما في الكتاب والسنة من العمومات، يخرج منها بعض الأفراد بنص مخصص ويبقى العام حجة في الباقي». (1)
(1)«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» للعلامة المفسر محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي (3/ 397) دار الفكر، بيروت - لبنان، 1415 - 1995.