الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
تشكيك المسلمين في عقائدهم
ولعل من أبرز الآثار الفكرية التي خلفتها آراء السيد محمد رشيد رضا حول الأحاديث الواردة في أشراط الساعة الكبرى أيضا هو تشكيك المسلمين في عقيدتهم التي تلقوها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بإثارة مجموعة من التساؤلات والاستشكالات والتعارضات التي يصعب على كثير منهم الإجابة عليها، فيقع في الحيرة والشك من أمره بسبب عدم قدرته على الإجابة عليها والتوفيق فيما بينها.
حيث كان الشيخ محمد رشيد رضا يلبس على عامة المسلمين ويوقعهم بالحيرة بخلطه بين الأحاديث الصحيحة والموضوعة؛ لإظهار التناقض والتعارض فيما بينها دون تنبيه على الضعيف والموضوع منها.
ولو أنه أكتفى بذكر الأحاديث الصحيحة لكل شرط من أشراط الساعة الكبرى لما كان هناك أي تعارض أو تناقض فيما بينها.
ولكنه عند ما جمع بين الأحاديث الصحيحة والضعيفة في قالب واحد، ظهر هذا التعارض والتناقض وهذه نتيجة حتمية لمنهجه الذي يتبعه.
فكان بأسلوبه ومنهجه هذا بالجمع بين الصحيح والضعيف مع ذكره
لأوجه التناقض فيما بينها وتأييده له فإنه أوقع الكثير في الشك والحيرة.
حيث أنكر الكثير من الكتاب والمفكرين ومن عامة الناس أشراط الساعة الكبرى وعدوها من الأكاذيب ومن الإسرائيليات، مستدلين بآراء وأقوال رشيد رضا، وهذا بلا شك أثر فكري خطير على الفرد وعلى المجتمع، فالإيمان بأشراط الساعة جزء من الإيمان بالغيب الذي لا يتم إيمان المسلم إلا بالإيمان به، وهو كذلك داخل في الإيمان باليوم الآخر الذي هو ركن من أركان الإيمان وعقيدة من عقائد المسلمين الأساسية.
فالواجب على المؤمن إذا ثبت لديه صحة الحديث برواية الثقات ووصل إلينا بطريق صحيح أن يؤمن به ويصدقه، فهذا هو مذهب علماء سلفنا الصالح انطلاقاً من أمر الله تعالى للمؤمنين بقوله {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} . (1)
وقوله تعالى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} . (2)
أما أن يرد الحديث الصحيح بدعوى أنه لم يوافق العقل أو لعدم فهمه أو لغيرها من الأعذار الأخرى فهذا بلا شك منهجٌ منحرف ضال لا دليل عليه، وهو منهجٌ فاسد معلوم الفساد لكل من في قلبه حب وتوقير واحترام وإجلال للسنة النبوية المطهرة الشريفة.
ورحم الله الشافعي عندما قال: «متى ما رويتٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً
(1) الأحزاب 36.
(2)
آل عمران 32.
صحيحاً فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب» (1)، فكيف به لو أتى ورأى كيف يتلاعب أصحاب المدرسة العقلية الحديثة بالأحاديث النبوية وبردها دون بينه أو برهان.
(1) مختصر الصواعق (2/ 350).