الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بعض المنصوبات لا تجوز إنابتها]
قال ابن مالك: (ولا ينوب خبر كان المفرد خلافا للفرّاء، ولا مميّزه خلافا للكسائيّ ولا يجوز: كين يقام، ولا: جعل يفعل؛ خلافا له وللفرّاء).
ــ
بمفعولين صحيحين، وهؤلاء يقولون: إنما جوّز إقامة الأول من باب ظن بلا خلاف وإن كان غير متمحض للمفعولية؛ لأنه لا مندوحة لنا عن ذلك، وأما في باب أعلم فلنا مندوحة (1)، وقد عرفت أن المصنف وافق القائلين بجواز إقامة الثاني (2)، وأما إقامة الثالث فالمفهوم من كلام المصنف جوازها؛ لأنه قال:(ولا تمتنع نيابة غير الأول من المفعولات)، وثالث أعلم تشمله هذه العبارة.
قال الشيخ: وقد ذكر صاحب المخترع جواز ذلك عن بعضهم فقال: لا يجوز إقامة الثاني والثالث في باب أعلم عند من أجاز ذلك إلا بشرط أن لا يلتبس نحو:
أعلم زيدا كبشك سمينا، وأعلم زيدا كبشك سمين، لكن نقل عن ابن هشام الخضراوي أنه ذكر الاتفاق على أنه لا يجوز في باب أعلم إقامة الثالث (3). انتهى.
وقال الإمام بدر الدين ابن المصنف: إن إقامة الثالث لا تجوز بالإجماع (4).
قال ناظر الجيش: قال المصنف: حكى السيرافي في شرح الكتاب أن الفراء يجيز:
كين [2/ 259] أخوك في: كان زيد أخاك، وزعم أنه ليس من كلام العرب، ورد عليه بأن قال: هو فاسد؛ لعدم الفائدة، ولاستلزامه وجود خبر عن غير مذكور ولا مقدر (5)، -
وينظر: المقرب (1/ 81)، والتذييل (2/ 1210)، والبهجة المرضية (ص 51).
(2)
سبق شرحه.
(3)
التذييل (2/ 1211).
(4)
في شرح الألفية لابن الناظم (ص 91): «ولم يجز نيابة الثالث باتفاق» اه.
وينظر: شرح الألفية للمرادي (2/ 35) وفيه أن ذلك مذهب ابن هشام الخضراوي وابن أبي الربيع وابن المصنف.
(5)
في شرح السيرافي للكتاب (2/ 304) تحقيق د. دردير أبو السعود: «وكان الفراء يجيز: كين أخوك في: كان زيد أخاك، ويزعم أنه ليس من كلام العرب، ولكن على القياس وقد بينا القياس في فساد ذلك» اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأجاز الكسائي في: امتلأت الدار رجالا. امتلئ رجال (1)، وحكي: خذه مظنونة به نفس، ومن الموجوع رأسه، والمسفوه رأيه، والموقوف أمره، وأجاز هو والفراء أن يقال في: كان زيد يقوم، وجعل عمرو يفعل: كين يقام وجعل يفعل (2)، والمسند إليه ضمير المجهول عند الكسائي، ومستغنى عنه عند الفراء (3). انتهى.
وقد تقدم في هذا الباب أن في بناء كان وما تصرف من أخواتها خلافا، وأن الصحيح على ما قاله ابن عصفور أنها تبنى بالشرط الذي تقدم ذكره (4)، وملخص ما ذكره في شرحه المقرب (5) أن الكوفيين يجيزون بناء هذه الأفعال قياسا وإن لم يرد به سماع فيحذفون الاسم لشبهه بالفاعل ويقيمون الخبر مقامه لشبهه بالمفعول، ورد مذهبهم بأن ذلك يؤدي إلى بقاء الخبر دون مخبر عنه، وأن البصريين منهم من منع وهم الأكثرون ومنهم من أجاز، والمجيزون اختلفوا في الذي يقام مقام الفاعل، فقال السيرافي ومن وافقه: إن القائم مقام الفاعل ضمير المصدر الذي هو الكون ويجعل الجملة مفسرة له فيقول: كين زيد قائم، ورد مذهب السيرافي بأن الذي يقام مقام الفاعل إنما هو شيء من معمولات الفعل مصدرا كان أو غيره، وعلى هذا لابد أن يتصور عمل «كان» في ذلك الذي يقام قبل قيامه وأنت لا تقول: كان زيد قائما كونا فتعديها إلى مصدرها؛ قالوا: لأن الخبر قام مقامه فإذا لم يجز لها أن تنصبه، فكيف ترفعه (6) وقال بعضهم: الذي يقام مقام الفاعل ظرف أو مجرور فيحذف المعمولان، ويقام الظرف بعد ذلك أو المجرور، واختار ذلك ابن عصفور قال: وهو المذهب الصحيح؛ فيقال: كين في الدار، وكين يوم الجمعة.
قال ابن عصفور: وهو مذهب سيبويه (7)، والموجب لنسبة ذلك إلى سيبويه أنه -
- وينظر: أصول النحو لابن السراج (1/ 91)، وشرح الجمل لابن بابشاذ (1/ 108).
(1)
أي: أنه يجيز إقامة التمييز مقام الفاعل. ينظر: الأشموني (2/ 70).
(2)
ينظر: شرح الكافية للرضي (1/ 83)، والتصريح (1/ 290)، وفي شرح الجمل لابن بابشاذ (1/ 108):
«فإن قيل: كين زيد قائم فتوقع الاسمين جاز وكان الفاعل مصدرا مقدرا والجملة مفسرة له» اه.
(3)
شرح التسهيل للمصنف (2/ 130).
(4)
سبق شرحه.
(5)
كتاب مفقود لابن عصفور توجد منه نسخة واحدة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض لكنها مطموسة لا تقرأ مطلقا.
(6)
ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 535، 536). بتحقيق أبو جناح.
(7)
شرح الجمل لابن عصفور (1/ 535). تحقيق أبو جناح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال - لما ذكر كان الناقصة - ما نصه: وتقول: كنّاهم كما تقول: ضربناهم، وتقول: إذا لم تكنهم فمن ذا يكونهم كما تقول: إذا لم تضربهم فمن يضربهم، ثم (1) قال: فهو كائن ومكون كما كان ضارب ومضروب (2)، وقد أشكل كلام سيبويه على الناس حتى أن أبا علي قال لما سأله ابن جني عن ذلك: ما كل داء يعالجه الطبيب، وكان يقول: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (3). فمن الناس من قال: هذا من سيبويه يدل على جواز البناء في الجملة، إلا أنه لم يذكر ذلك على وجه يجوز فيه بناؤها [2/ 260] للمفعول، فوجب أن يحمل كلامه على ما يصح، وهو أن الأصل: مكون فيه؛ على أن المجرور هو القائم مقام الفاعل، وإلى هذا جنح ابن عصفور (4)، وأما أبو علي فإنه قال: إنما قصد سيبويه أن يبين أن هذا الفعل متصرف، فـ «مكون» لم يمنع من حيث عدم التصرف، بل إنما امتنع لأمر آخر. انتهى (5).
ما لخص من الكلام على هذه المسألة، وقد تقدم من كلام المصنف أن القائم مقام الفاعل عند الكسائي ضمير المجهول وأنه مستغنى عنه عند الفراء (6)، وقد عرفت أنه لا معول على مذهب الكوفيين في هذه المسألة؛ فلا حاجة إلى الاشتغال بذكر تقرير مذهبهم؛ لأن في تقريرهم ما يخالف القواعد المستقرة، ثم إن ذلك لا يجدي شيئا.
وأما قول المصنف: (ولا: جعل يفعل) فهو إشارة إلى أن الكوفيين يجيزون بناء أفعال المقاربة للمفعول، كما يجيزون بناء كان وأخواتها (7)، والأمر كما ذكره؛ ولهذا استدرك على ابن عصفور فقيل: تعرض لباب كان وأخواتها، ولم يتعرض لأفعال المقاربة.
وأما إجازة الكسائي إقامة التمييز مقام الفاعل (8) فشيء لا معول عليه. -
(1) ساقطة من (ب).
(2)
الكتاب (1/ 46).
(3)
سورة يوسف: 105. ينظر: إصلاح الخلل الواقع في شرح الجمل لابن السيد (ص 160 - 162).
(4)
في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 535): «والصحيح أنه يجوز بناؤها للمفعول وهو مذهب سيبويه لكن لا بد من أن يكون في الكلام ظرف أو مجرور يقام مقام المحذوف» اه.
(5)
ينظر: التذييل (2/ 1212)، والارتشاف (ص 626).
(6)
سبق شرحه.
(7)
ينظر: التذييل (2/ 1219)، والهمع (1/ 164).
(8)
ينظر: الأشموني بحاشية الصبان (2/ 70)، الهمع (1/ 164).