المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم الظرف الواقع في جواب كم أو متى بالنسبة لحصول الفعل] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٤

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن عشر باب الفاعل

- ‌[تعريفه]

- ‌[من أحكام الفاعل: الرفع وتقديم الفعل]

- ‌[من أحكام الفاعل: تأنيث الفعل وجوبا وجوازا]

- ‌[من أحكام الفاعل: ألا تلحقه علامة تثنية أو جمع]

- ‌[من أحكام الفاعل: جواز حذف الفعل]

- ‌الباب التاسع عشر باب النّائب عن الفاعل

- ‌[أغراض حذف الفاعل - ما ينوب عنه]

- ‌[جواز نيابة غير المفعول مع وجود المفعول]

- ‌[جواز نيابة أي المفعولين]

- ‌[بعض المنصوبات لا تجوز إنابتها]

- ‌[التغييرات التي تحدث في الفعل عند بنائه للمجهول]

- ‌[أحكام تأخير المفعول عن الفاعل وتقديمه عليه]

- ‌الباب العشرون باب اشتغال العامل عن الاسم السّابق بضميره أو ملابسه

- ‌[مواضع نصب المشغول عنه وجوبا]

- ‌[مواضع ترجيح النصب في المشغول عنه]

- ‌[جواز الرفع والنصب على السواء في المشغول عنه]

- ‌[مسألتان اختلف فيهما النحاة أيهما أرجح]

- ‌[ترجح رفع الاسم على الابتداء]

- ‌[أنواع ملابسة الضمير للمشغول عنه]

- ‌[مسألة يترجح فيها الرفع]

- ‌[رفع الاسم المشغول عنه وأحكامه في ذلك]

- ‌[مسألة أخيرة في باب الاشتغال]

- ‌الباب الحادي والعشرون باب تعدي الفعل ولزومه

- ‌[تقسيم الفعل إلى متعدّ ولازم - إجراء اللازم مجرى المتعدي]

- ‌[نوعا المتعدي: متعد إلى واحد - متعد إلى اثنين]

- ‌[مسائل تأخير المفعول وجوبا وتقديمه وجوبا وجواز الأمرين]

- ‌[حذف العامل الناصب للمفعول به جوازا ووجوبا]

- ‌[مواضع حذف المفعول ومواضع ذكره]

- ‌[تعدي الفعل بالهمزة والتضعيف]

- ‌الباب الثاني والعشرون باب تنازع العالمين فصاعدا معمولا واحدا

- ‌[تعريف التنازع - العامل في المتنازع فيه]

- ‌[خلاف البصريين والكوفيين في العامل]

- ‌[حكم ضمير المتنازع فيه من الإظهار أو الحذف]

- ‌[مسائل أربع في باب التنازع ختم بها الباب]

- ‌الباب الثالث والعشرون باب الواقع مفعولا مطلقا من مصدر وما يجري مجراه

- ‌[تعريف المصدر - وأسماؤه وأصالته]

- ‌[المفعول المطلق: ناصبه - أنواعه - ما ينوب عنه]

- ‌[حذف عامل المفعول المطلق - جوازا ووجوبا - ومواضع ذلك]

- ‌[أحكام للمفعول المطلق المحذوف عامله وجوبا]

- ‌الباب الرابع والعشرون باب المفعول له

- ‌[تعريفه - ناصبه - أنواعه - وحكم كل نوع]

- ‌الباب الخامس والعشرون باب المفعول المسمّى ظرفا ومفعولا فيه

- ‌[تعريف الظرف - نوعاه]

- ‌[تقسيم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف]

- ‌[تقسيمات مختلفة لظرف الزمان وأمثلة لكلّ]

- ‌[حكم الظرف الواقع في جواب كم أو متى بالنسبة لحصول الفعل]

- ‌[أحكام إذ حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام إذا حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام مذ ومنذ حين تجيئان ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام الآن وبناؤه وإعرابه]

- ‌[أحكام قط وعوض]

- ‌[أحكام أمس من بنائه وإعرابه]

- ‌[الصالح للظرفية المكانية من أسماء الأمكنة]

- ‌[أحكام بعض الظروف المكانية مثل أسماء الجهات وحيث ولدن]

- ‌[التوسع في الظرف المتصرف]

- ‌الباب السادس والعشرون باب المفعول معه

- ‌[تعريفه وشرح التعريف]

- ‌[ناصب المفعول معه والآراء في ذلك]

- ‌[واو المفعول معه وحديث عنها]

- ‌[المفعول معه وحكم تقديمه]

- ‌[أقسام خمسة لما بعد الواو وحكم كل قسم]

- ‌[تعقيب على أقسام المفعول معه السابقة]

- ‌[أمثلة مختلفة في هذا الباب وما يجوز فيها]

- ‌[مسألتان في ختام هذا الباب]

الفصل: ‌[حكم الظرف الواقع في جواب كم أو متى بالنسبة لحصول الفعل]

[حكم الظرف الواقع في جواب كم أو متى بالنسبة لحصول الفعل]

قال ابن مالك: (ومظروف ما يصلح جوابا لكم واقع في جميعه تعميما أو تقسيطا، وكذا مظروف ما يصلح جوابا لمتى، إن كان اسم شهر غير مضاف إليه شهر، وكذا مظروف الأبد والدّهر واللّيل والنّهار مقرونة بالألف واللّام، وقد يقصد التّكثير مبالغة فيعامل المنقطع معاملة المتّصل، وما سوى ما ذكر من جواب متى فجائز فيه التعميم والتبعيض إن صلح المظروف لهما).

ــ

التركيب أنه يأتينا في الوقتين، وكان الأصل هو: يأتينا صباحا ومساء، فحذف العاطف وركب الاسمان (1) قال: وقد ردّ ابن بري (2) هذا وقال: لم يذهب إلى ذلك أحد من النحويين البصريين، قال السيرافي [2/ 411]: يقال: سير عليه صباح مساء وصباح ومساء، وصباحا ومساء، ومعناهن واحد، قال: وليس سير عليه صباح مساء مثل قولك: ضربت غلام زيد، في أن السير لا يكون إلا في الصباح، كما أن الضرب لا يقع إلا بالأول وهو الغلام دون الثاني؛ لأنك إذا لم ترد أن السير وقع فيهما لم يكن في مجيئك بالمساء فائدة (3)، وقال سيبويه: وتقول: إنه ليسار عليه صباح مساء، ومعناه صباحا ومساء (4)، وهذا نص واضح في أنه لا فرق بين التركيبين (5).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (6): المظروف هو ما يقع في الظرف، فمنه ما يقع في جميعه، ومنه ما يقع في

بعضه، كما أن الموعى في الوعاء، منه ما يملأ الوعاء، ومنه ما لا يملؤه فإذا كان الظرف معدودا، وهو المعبر عنه بجواب «كم» فلكل واحد من أفراده، أو فرديه قسط من العمل إما في جميعه وهو المعبر عنه بالتعميم، -

(1) درة الغواص في أوهام الخواص (ص 292) تحقيق محمد أبو الفضل.

(2)

هو عبد الله بن بري بن عبد الجبار أبو محمد المقدسي المصري النحوي اللغوي، شاع ذكره واشتهر وتصدر للإقراء بجامع عمرو، وكان مع علمه وغزارة فهمه ذا غفلة. قرأ على الجزولي النحو وأجاز لأهل عصره، وكان له تصفح في ديوان الإنشاء.

من تصانيفه: اللباب في الرد على ابن الخشاب في رده على الحريري في درة الغواص - حواش على الصحاح، وقيل: إنه لم يكملها فأكملها الشيخ عبد الله بن محمد البسطي، وله شرح شواهد الإيضاح مطبوع مشهور. توفي ابن بري سنة 582 هـ (بغية الوعاة (2/ 34) تحقيق محمد أبو الفضل).

(3)

ينظر: شرح السيرافي (2/ 963).

(4)

الكتاب (1/ 227).

(5)

التذييل (3/ 293).

(6)

انظر: شرح التسهيل (2/ 205).

ص: 1914

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإما في بعضه وهو المعبر عنه بالتقسيط، فالتعميم كقولك: صمت ثلاثة أيام، والتقسيط كقولك: أذنت ثلاثة أيام، فهذان مثالان لما لا يصلح من العمل إلا لأحد القصدين، وقد يكون العمل صالحا للتعميم والتقسيط، فيجوز للمتكلم أن يقصد به ما شاء من المعنيين كقولك: تهجدت ثلاث ليال، فمن الجائز أن تريد استيعابهنّ بالتهجد، وأن تريد إيقاع تهجد في بعض كل واحدة منهن، وإذا كان الظرف اسم شهر غير مضاف إليه شهر، كقولك: اعتكفت رمضان فلجميع أجزائه قسط من العمل؛ لأن كل واحد من أعلام الشهور إذا أطلق فهو بمنزلة ثلاثين يوما (1)؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر» (2) ولم يقل قام شهر رمضان، إذ لو قال ذلك، لاحتمل أن يريد تمام الشهر، وأن يريد بعضه، كما قال تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (3)، وإنما كان الإنزال في ليلة منه وهي ليلة القدر، وأجرى أبو الحسن بن خروف أعلام الأيام مجرى أعلام الشهور، فجعل قول القائل: سير عليه الخميس مقصورا على التعميم، وقوله: سير عليه يوم الخميس محتملا للتعميم والتبعيض، وفيما رآه نظر (4)، ومثل رمضان وغيره من الأعلام المجردة في استحقاق

التعميم: الأبد والدهر والليل والنهار مقرونة بالألف [2/ 412] واللام؛ فإذا قيل: كان ذلك الأبد أو الدهر، فلا يصلح أن يراد به غير التعميم إلا في قصد المبالغة مجازا كما يقول القائل: أتاني -

(1) ينظر: الهمع (1/ 197، 198)، والمقرب (1/ 146)، ومثل المقرب.

(2)

حديث شريف أخرجه البخاري في كتاب الإيمان (1/ 12)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين (523).

(3)

سورة البقرة: 185.

(4)

رد أبو حيان على ابن خروف رأيه هذا وأبطله فقال: «وهذا الذي ذهب إليه - أي ابن خروف - باطل؛ لأن الاسم يتناول مسماه بجملته نكرة كان أو غير نكرة، علما أو غير علم، وإنما التفرقة بين المحرم وأسماء الشهور إذا أضيف إليها شهر، وبينها إذا لم يضف إليها شهر من جهة أنه إذا انفرد الشهر ولم يضف فالعمل في جميعه، ولا يجوز أن يكون في بعضه كما ذكر ابن خروف، وكذلك أسماء الأيام يجوز أن يكون في كلها وفي بعضها؛ لأنها من قبيل المختص غير المعدود» اه. التذييل (3/ 302، 303).

وهذا الرد الذي رد به أبو حيان شامل للرد على ابن خروف في تفرقته بين ما لم يضف إليه شهر من أسماء الشهور وبين ما أضيف إليه منها شهر.

وهذا التعليل الذي علل به أبو حيان ورد به على ابن خروف ردّ به ابن عصفور أيضا على ابن خروف، وسوف يبين الشارح ذلك في أبحاثه.

ص: 1915

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أهل الدنيا، وإنما أتاه ناس منهم، قال سيبويه: ومما لا يكون العمل فيه من الظروف إلا متصلا في الظرف كله قولك: سير عليه الليل والنهار، والدهر والأبد، ثم قال:

لا تقول: لقيته الدهر والأبد، وأنت تريد يوما فيه، ولا لقيته اللّيل وأنت تريد لقاءه في ساعة دون الساعات (1). هذا نصه. انتهى كلام المصنف (2).

واعلم أنه قد عرفت أن ظرف الزمان قسمان: مبهم ومختص.

وأن المختص منه معدود، ومنه غير معدود، وعرفت أيضا أن المبهم هو ما لا يصح وقوعه في جواب كم ولا في جواب متى، وأن المختص إن صح وقوعه في جواب كم فهو المعدود، وإن صح وقوعه في جواب متى فهو المختص غير المعدود.

فالمبهم: ما كان من أسماء الزمان غير مؤقت ولا مختص نحو: زمان، وحين، ووقت. والمختص غير المعدود: ما كان منها معرفا غير معدود نحو: اليوم والليلة ويوم الخميس أو مخصصا بالنعت نحو: يوما كنت فيه عندنا، والمعدود غير المعرّف نحو: يومين وثلاثة أيام وأربعة أيام.

فأما المعدود المعرف فإنه عندهم من قبيل ما هو مختص ومعدود؛ لأنه من جهة تعريفه مختص، ومن جهة دلالته على أحاد معدود، وذلك نحو: العشرين يوما والثلاثين يوما والأربعين يوما، ومنه أسماء الشهور نحو: المحرم وصفر ورجب ورمضان؛ لأن كلّا منها بمنزلة قولك: الثلاثين يوما (3)، وهذا القسم أعني المعدود المعرف محكوم له بحكم المعدود، فإن أضفت إلى شيء من أسماء الشهور لفظ شهر كان محكوما له بحكم المختص (4) كما سيذكر، فعرف من هذا أن الذي يصح وقوعه في جواب كم خاصة شيئان وهما: اسم الزمان الدال على العدد صريحا منكرا كان أو معرفا نحو: يومين وثلاثة أيام وأربعة أيام، والعشرين يوما والثلاثين يوما والأربعين يوما، وأسماء الشهور مجردة من الإضافة إليها لتضمنها الدلالة على العدد كما تقدم، وأن الذي يصح وقوعه في جواب متى خاصة شيئان وهما: -

ما كان مختصّا بتعريف أو نعت نحو اليوم والليلة ويوم الخميس، ويوما كان فيه -

(1) الكتاب (1/ 216، 217).

(2)

شرح التسهيل للمصنف (2/ 206).

(3)

ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 327) طبعة العراق.

(4)

ينظر: المقرب (1/ 146)، وتقريب المقرب لأبي حيان (ص 62).

ص: 1916

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كيت وكيت.

وأسماء الشهور إذا أضيف إلى شيء منها لفظ شهر نحو: شهر رمضان وشهر ربيع الأول مثلا، وإنما حكم لنحو هذا أعني اسم الشهر إذا أضيف إليه لفظ شهر بالاختصاص حتى لا يكون واقعا إلا في جواب متى خاصة؛ لأن الشهر بإضافته إلى هذه الأسماء يصير بمعنى وقت، ويخرج عن أن يكون معدودا، فإذا قال القائل:

سرت شهر رمضان، فكأنه قال: سرت وقت رمضان، قال ابن عصفور: والدليل على أنه لا يذهب بشهر إذ ذاك مذهب عمرو إذا قلت: سرت [2/ 413] شهرا، أنك إذا قلت: سرت شهرا فإنما تريد ثلاثين يوما، فلو أضفت شهر إلى رمضان وأنت تريد به ما كان يعطيه من العدد في حال إفراده، كان قولك: سرت شهر رمضان بمنزلة قولك: سرت ثلاثي الثلاثين يوما، وذلك غير سائغ. وإذا لم يسغ ذلك لم يبق إلا أن يكون المراد بشهر من قولك: شهر رمضان الوقت الذي يشتمل على الثلاثين يوما المسماة رمضان، والشهر في أصل اللغة ليس الثلاثين يوما ولا الوقت الذي يشتمل عليها، قال: وإنما هو اسم للهلال (1)، حكى ذلك ابن الأعرابي وغيره من اللغويين، وأنشدوا شاهدا على

ذلك قول الشاعر: -

1512 -

فأصبح أجلى الطّرف ما يستريده

يرى الشّهر قبل النّاس وهو ضئيل (2)

قالوا: وإنما قيل للثلاثين يوما شهر، لطلوع الهلال فيها، قال: ولتلك العلة عندي ساغت تسمية الوقت الذي يشتمل عليها شهرا (3). انتهى.

ثم ما صح وقوعه في جواب كم خاصة، وهو الشيئان اللذان بدئ بذكرهما:

يجب أن يكون العمل واقعا في جميعه إما على وجه التعميم، وإما على وجه التقسيط، وما صح وقوعه في جواب متى خاصة، وهو الشيئان المثنى بذكرهما، يجوز أن يكون العمل في جميعه، ويجوز أن يكون في بعضه، وإذ قد تقرر هذا -

(1) في اللسان «شهر» : تقول: رأيت الشهر: أي رأيت هلاله. اه.

(2)

البيت من الطويل وهو لذي الرمة في: التذييل (3/ 300)، وملحقات ديوانه (ص 671)، واللسان «شهر» برواية (نحيل) مكان (ضئيل).

والشاهد فيه: قوله: «الشهر» ؛ حيث عبر به عن الهلال بدليل قوله بعد ذلك «وهو ضئيل» .

(3)

ينظر مثل: المقرب (ورقة 235)، والتذييل (3/ 300 - 302).

ص: 1917

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فلننزل كلام المصنف عليه؛ فقوله: (ومظروف ما يصلح جوابا لكم واقع في جميعه)، إشارة منه إلى أحد الشيئين من القسم الذي يجب أن يكون العمل جميعه، وهو الدال على العدد صريحا منكرا كان أو معرّفا كثلاثة أيام والثلاثين يوما.

وقوله: (وكذا مظروف ما يصلح جوابا لمتى إن كان اسم شهر غير مضاف إليه شهر)، إشارة منه إلى الشيء الآخر من القسم المذكور، وهو الدال على العدد ضمنا كأسماء الشهور مجردة عن الإضافة إليها (1).

وقوله: (وما سوى ما ذكر من جواب متى فجائز فيه التعميم والتبعيض)، إشارة منه إلى الشيئين من القسم الذي يجوز أن يكون العمل في جميعه، وأن يكون في بعضه، وهما ما كان مختصّا بتعريف أو نعت، وما كان اسم شهر مضاف إليه شهر (2)، كلا الشيئين داخل تحت قوله: وما سوى ما ذكر من جواب متى؛ لأن الذي ذكر هو اسم الشهر غير مضاف إليه الشهر، فما سواه اسم شهر مضاف إليه لفظ شهر، وأما اسم غير ذلك كيوم الخميس، ويوما ما كان فيه كيت وكيت. فعلى هذا كلام المصنف واف بالمقصود مع ما اشتمل عليه من اختصار العبارة ولطف الإشارة.

وقوله: (إن صلح المظروف لهما)، شرط حسن يفيد أنه إنما يجوز التعميم والتبعيض في مثل: سرت يوم الخميس، وسرت شهر رمضان، فأما إذا لم يصلح المظروف إلا لأحدهما فإنه يتعين فيعم في نحو: صمت اليوم، وصمت شهر رمضان، ويتبعض في نحو: لقيت زيدا اليوم، وسلمت عليه شهر رمضان [2/ 414].

وبقية كلامه في الفصل واضح، وقد أتى هو على شرحه كما تقدم إيراده، فإن قلت: قوله: وكذا مظروف ما يصلح جوابا لمتى، إن كان اسم شهر غير مضاف إليه شهر، يقتضي صحة وقوع ذلك جوابا لمتى، وأنت قد جعلته من القسم الذي يصح وقوعه في جواب كم خاصة، قلت: قد تقدم أن المعدود المعرّف من قبيل ما هو مختص ومعدود، وقد قال ابن عصفور: إن الظرف قد يكون مختصّا ومعدودا فيقع في جواب كم وجواب متى (3)، وكأنه من حيث هو معرف صالح لجواب -

(1) ينظر: التذييل (3/ 299)، والهمع (1/ 197).

(2)

ينظر: المقرب (1/ 146)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 227) طبعة العراق.

(3)

المقرب (1/ 146).

ص: 1918

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

متى، ومن حيث هو معدود صالح لجواب كم، والذي يظهر أن المحرم ونحوه من أسماء الشهور إن نظر إليه من أصله فحقه أن يصح وقوعه في جواب متى؛ لكونه اسم زمان مختصّا بالتعريف، ولكنهم نظروا إلى معناه، فقالوا: المراد منه العدد الخاص، فكان العدد هو المقصود منه، فمن ثم حكم له بحكم الأسماء الدالة على العدد صريحا، فجعل واقعا في جواب كم دون جواب متى، واعلم أن المبهم من الظروف بمنزلة المعدود في أنه لا يكون العمل إلا في جميعه، وإنما لم يتعرض المصنف إليه، لوضوحه، لأنك إذا قلت: سرت حينا أو زمانا كان من المعلوم أنك لا تريد به من الزمان إلا القدر الذي وقع فيه السير خاصة (1)، ثم الإشارة بعد ما ذكرنا إلى أمور:

1 -

منها: أن العقل قاض بأن ما صلح أن يكون جوابا لكم من الظروف لا يعمل فيه من الأفعال إلا ما يتكرر ويتطاول، لكنهم تعرضوا إلى ذكر ذلك مع أنه غير محتاج إليه (2)، قال ابن عصفور - بعد أن ذكر أن ذلك شرط -: لو قلت:

مات زيد يومين وأنت تريد الموت الحقيقي لم يسغ ذلك.

2 -

ومنها: أن الكوفيين يزعمون أن ما كان العمل في جميعه ليس منصوبا انتصاب الظرف (3)، وإنما هو منصوب انتصاب المشبه بالمفعول به؛ لأن الظرف إنما ينتصب على تقدير «في» . و «في» عندهم تقتضي التبعيض

فإذا عم الفعل الظرف امتنع تقديره بفي لذلك (4)، وابطل ابن عصفور دعواهم أن «في» تقتضي التبعيض -

(1) في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 327): «فالمبهم: ما يقع على قدر من الزمان غير معين نحو:

وقت وزمان وأمثال ذلك». اه.

ومفهوم العبارة كما قال الشارح: أن العمل يكون واقعا في جميع الزمان المبهم ويعني به القدر الذي وقع فيه العمل. وينظر: المطالع السعيدة (ص 310).

(2)

ينظر: التذييل (3/ 303).

(3)

انتصابه انتصاب الظرف هو مذهب البصريين. ينظر: الهمع (1/ 198).

(4)

ينظر: الهمع (1/ 198) وبرأي الكوفيين قال السهيلي في نتائج الفكر (ص 382) وعبارته فيه هي: واعلم أنه ما كان من الظروف له علم فإن الفعل إذا وقع فيه تناول جميعه، وكان الظرف مفعولا على سعة الكلام، فإذا قلت: سرت غدوة فالسير واقع في الوقت كله، وكذلك سرت السبت والجمعة، وسرت المحرم وصفر. وكل هذا مفعول على سعة الكلام لا ظرف للفعل. اه.

ص: 1919

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بقوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ (1)، فأدخلت «في» على الأيام، مع أن العمل فيها جميعا، بدليل قوله تعالى في الآية الأخرى:

سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً (2)، قال رؤساء المفسرين: بمعنى حسوما كاملة تباعا لم يتخللها غير ذلك (3). وقد ذكر المصنف في باب المبتدأ هذه المسألة حيث ذكر أن ظرف الزمان يغني عن خبر اسم المعنى، فقال: فإن وقع في جميعه أو أكثره، وكان نكرة (4) ولم يمتنع نصبه ولا جره بفي خلافا للكوفيين، وتقدم الكلام عليها في ذلك الباب.

3 -

ومنها: أن المصنف لما ذكر مذهب ابن خروف في أنه يجري أعلام الأيام مجرى أعلام الشهور، فيجعل قول القائل: سير عليه الخميس مقصورا على التعميم، وسير عليه يوم الخميس محتملا للتعميم والتبعيض، قال: وفيما رآه نظر، ولم يرد عليه بشيء (5)، وقد ذكر المسألة ابن عصفور فقال بعد ذكر مذهب ابن خروف: وجعل [2/ 415] السبب في ذلك أنها أعلام واقعة على أيام الأسبوع، والعلم واقع على المسمى بجميع صفاته لا على بعضه، فكان العمل لذلك واقعا في جميعه، فإن أضيف إليه يوم صار تعريفه إنما هو بالإضافة لا بالعلمية، فيجوز أن يكون العمل حينئذ في جميعه، وأن يكون في بعضه، قال:

ولهذه العلة نفسها فرق بين ما لم يضف إليه شهر من أسماء الشهور، وبين ما أضيف إليه منها شهر؛ لأن تعريف ما لم يضف إليه منها شهر بالعلمية، وتعريف ما أضيف إليه منها شهر بالإضافة، قال: وهذا الذي ذهب إليه من التفرقة بين العلم وغيره باطل؛ لأن الاسم يتناول مسماه، علما كان أو غير علم، وإنما التفرقة بين ما أضيف -

(1) سورة فصلت: 16.

(2)

سورة الحاقة: 7.

(3)

ينظر: الكشاف (2/ 484)، وإملاء ما من به الرحمن (2/ 267)، ومعاني القرآن للفراء:(3/ 180). ينظر: التذييل (3/ 304، 305)، والمقرب (1/ 147) حيث أشار ابن عصفور إلى هذا المذهب ولم يصرح بنسبته إلى الكوفيين، يقول ابن عصفور: ولا يتعدى - أي الفعل - إلى ضمير ظرفي الزمان والمكان مطلقا إلا بواسطة «في» إلا أن يتسع في الظرف، فتنصبه على التشبيه بالمفعول به. اه.

وينظر: الهمع (1/ 198).

(4)

زاد في (ب): (رفع غالبا) وبه يستقيم معنى العبارة.

(5)

قد ذكرت قريبا الرد على ابن خروف في هذه المسألة.

ص: 1920

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إليه من أسماء الشهور شهر وبين ما لم يضف إليه منها شهر من جهة أخرى (1)، قلت: وقد تقدمت الإشارة إليها.

4 -

ومنها: أن الصيف والشتاء والربيع من قبيل الظروف المختصة غير المعدودة؛ لأنها أسماء واقعة على فصول معلومة من السنة ولم يقصد بها العدد، فيجوز أن يكون العمل في جميعها، وأن يكون في بعضها (2)، قال سيبويه: سمعنا العرب الفصحاء يقولون: انطلقت الصيف؛ والانطلاق إنما يكون في بعض الصيف، وتقول:

سرت الصيف وأنت تريد التعميم؛ لأن السير مما يمتد، ومن ذلك قول ابن الرقاع (3):

1513 -

فقصرن الشتاء بعد عليه

وهو للذّود أن يقسّمن جار (4)

يريد أنه قصر ألبان الذود في جميع هذا الفصل، ومن استعمال الربيع ظرفا قول القائل (5):

1514 -

كأنّ قتودي على قارح

أطاع الربيع له الغرغر (6)

5 -

ومنها: أن المشهور بين الناس أن شيئا من أسماء الشهور لا يضاف إليه لفظ شهر إلا ثلاثة وهي: شهر رمضان وربيع الأول وربيع الآخر (7)، وصرح ابن عصفور -

(1) بمثل هذا رد أبو حيان كلام ابن خروف في: التذييل (3/ 302، 303) ولعل ما رد به أبو حيان هو من كلام ابن عصفور، ولم ينسبه إليه؛ فهو كثيرا ما ينقل عنه دون نسبة، أو يشير إليه بعبارة: وقال بعض أصحابنا.

(2)

ينظر: التذييل (3/ 303).

(3)

الكتاب (1/ 219).

(4)

البيت من الخفيف، وقد نسب في اللسان إلى أبي داود الأيادي، وينظر البيت في: الكتاب (1/ 219)، وشرح الأبيات للسيرافي (1/ 181)، والخصائص (2/ 265)، والتذييل (3/ 304)، وابن يعيش (6/ 27)، واللسان «قصر» .

والشاهد في البيت: (قصرن الشتاء) حيث وقع الشتاء ظرفا في جواب كم.

(5)

هو الراعي كما ورد في اللسان وهو من شعراء الإسلام، فقد عاش في عهد بني أمية.

(6)

البيت من المتقارب، وهو في: الغرة لابن الدهان (2/ 44)، والتذييل (3/ 304)، واللسان «غرغر» .

اللغة: القتود: جمع قتد وهو من أدوات الرحل، والقارح: الناقة أول ما تحمل - والغرغر: من عشب الربيع ولا ينبت إلا في الجبل.

والشاهد فيه: نصب «الربيع» على الظرف.

(7)

ينظر: المطالع السعيدة (ص 310)، والهمع (1/ 199)، والارتشاف (ص 559)، والتذييل (3/ 300).

ص: 1921