الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أحكام قط وعوض]
قال ابن مالك: (ومنها قطّ للوقت الماضي عموما، ويقابله عوض، ويختصّان بالنّفي، وربّما استعمل «قطّ» دونه لفظا ومعنى أو لفظا لا معنى، وقد ترد «عوض» للمضيّ، وقد يضاف إلى العائضين أو يضاف إليه فيعرب، ويقال: قطّ وقطّ وقط وقط وعوض وعوض).
ــ
ونظير قوله عليه الصلاة والسلام: «أنهاكم عن قيل وقال» (1) ولو كان الآن مثل هذه لم يدخل عليه الألف
واللام كما لا يدخلان عليها ولاشتهر فيه الإعراب والبناء كما اشتهرا فيها، فإنه يقال فيه: من شبّ إلى دبّ وعن قيل وقال كما قال:
من شبّ إلى دبّ، وعن قيل وقال. هذا كلام المصنف (2).
وذكروا أن ألفه منقلبة عن واو لقولهم في معناه: الأوان، وقيل: هي عن ياء؛ لأن الكلمة من أن يئين إذا قرب (3)، وفي ذلك نظر لأنّ هذه الكلمة مبنية، فلا مدخل للتصرف فيها. وقد علم من قواعد التصريف أن الألف في [2/ 448] الحروف والكلمات المبنية محكوم لها بالأصالة.
قال ناظر الجيش: قال المصنف (4): إذا قصد عموم وقت الفعل الماضي المنفي جيء مع نفي الفعل بعوض أو عوض أو عوض، قال الشاعر: -
1561 -
يرضى الخليط ويرضى الجار منزله
…
ولا يرى عوض صلدا يرصد العللا (5)
وقد يضاف أو يضاف إليه فيعرب بإضافته كقولهم: لا أفعل ذلك عوض العائضين أي دهر الداهرين، والإضافة إليه كقول الشاعر (6): - -
(1) حديث شريف أخرجه البخاري في كتاب الأدب (8/ 4)، وكتاب الرقاق (8/ 100)، ومسلم في كتاب الأقضية (1340، 1341)، وابن حنبل (2/ 327، 360، 367)، (4/ 246، 249، 250، 251، 255).
(2)
شرح التسهيل للمصنف (2/ 220).
(3)
ينظر: الهمع (1/ 207).
(4)
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 221).
(5)
البيت من البسيط لجابر بن رألان، وهو في: التذييل (3/ 366)، واللسان «عوض» .
اللغة: الخليط: المخالط كالنديم والمنادم. الصلد: الصلب. يرصد العللا: يترقبها.
والشاهد فيه: وقوع (عوض) بعد المنفي حيث يختصّ بذلك.
(6)
هو الفند الزماني وهو شهل بن شيبان بن ربيعة بن مان الحنفي من أشهر فرسان ربيعة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1562 -
ولولا نبل عوض في
…
حظبّاي وأوصالي (1)
وقد تقع عوض موقع قط كقول الشاعر: -
1563 -
فلم أر عاما عوض أكثر هالكا
…
ووجه غلام يشترى وغلامه (2)
وقد تقع «قط» موقع فعل غير منفي لفظا ولا معنى كقول بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم: «قصرنا الصّلاة في السّفر مع النّبي صلى الله عليه وسلم أكثر ما كنّا قطّ وآمنة» (3).
وقد يخلو من النفي لفظا لا معنى وذلك كما في الحديث أن أبيّا (4) قال: كائن تقرأ سورة الأحزاب، فقال عبد الله: ثلاثا وسبعين، فقال: قطّ (5)، أي ما كانت كذا قط، وبني قط لتضمن معنى «في» و «من» الاستغراقية على سبيل اللزوم أو لشبه الحرف في الافتقار إلى جملة وعدم الصلاحية لأن يضاف أو يضاف إليه أو يسند أو يسند إليه، وبني في التضعيف على حركة لئلا يلتقي ساكنان، وكانت ضمة حملا على «قبل» المنوي الإضافة، أو لأنه لو فتح لتوهم النصب بمقتضى الظرفية، ولو كسر لتوهم الجر «بمن» المضمن معناها (6)، وكان يعتذر عن زوال التنوين -
(1) البيت من الهزج وهو في: ديوان الحماسة (1/ 209)، والتذييل (3/ 366)، وتعليق الفرائد (ص 1591)، والخزانة (2/ 20)، والهمع (1/ 213)، والدرر (1/ 183)، وشرح الرضي (2/ 124) برواية (خضماتي) مكان (حظباي).
اللغة: عوض بمعنى دهر. والمراد بنبله هنا: تعاقب أيامه ولياليه. الحظبّى: هو الظهر، وقيل: عرق فيه.
الأوصال: المفاصل.
والشاهد في البيت: إعراب (عوض) لأنه أضيف إليه فجر بالكسرة.
(2)
البيت من الطويل لقائل مجهول وهو في الارتشاف (ص 573)، والتذييل (3/ 366)، وتعليق الفرائد (ص 1595)، والهمع (1/ 213)، والدرر (1/ 183)، والخزانة (3/ 211)، واللسان (عوض) وتاج العروس (5/ 58).
والشاهد فيه: وقوع (عوض) بمعنى (قط) حيث معناها المضي.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة (2/ 43) قد استشهد به المصنف هنا على استعمال قط دون سبق نفي لفظا ومعنى.
(4)
هو أبي بن كعب رضي الله عنه.
(5)
حديث شريف وهو في ابن حنبل (5/ 132)، وينظر: إعراب الحديث النبوي للعكبري (ص 8).
وقد استشهد المصنف بالحديث هنا على وقوع «قط» بعد نفي في المعنى دون اللفظ.
(6)
ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (4/ 108)، وشرح الكافية للرضي (2/ 125)، والفائق للزمخشري (1/ 337)، والهمع (1/ 214)، والظروف المفردة والمركبة (ص 222)، وحاشية الصبان (2/ 132).