المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحكام بعض الظروف المكانية مثل أسماء الجهات وحيث ولدن] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٤

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن عشر باب الفاعل

- ‌[تعريفه]

- ‌[من أحكام الفاعل: الرفع وتقديم الفعل]

- ‌[من أحكام الفاعل: تأنيث الفعل وجوبا وجوازا]

- ‌[من أحكام الفاعل: ألا تلحقه علامة تثنية أو جمع]

- ‌[من أحكام الفاعل: جواز حذف الفعل]

- ‌الباب التاسع عشر باب النّائب عن الفاعل

- ‌[أغراض حذف الفاعل - ما ينوب عنه]

- ‌[جواز نيابة غير المفعول مع وجود المفعول]

- ‌[جواز نيابة أي المفعولين]

- ‌[بعض المنصوبات لا تجوز إنابتها]

- ‌[التغييرات التي تحدث في الفعل عند بنائه للمجهول]

- ‌[أحكام تأخير المفعول عن الفاعل وتقديمه عليه]

- ‌الباب العشرون باب اشتغال العامل عن الاسم السّابق بضميره أو ملابسه

- ‌[مواضع نصب المشغول عنه وجوبا]

- ‌[مواضع ترجيح النصب في المشغول عنه]

- ‌[جواز الرفع والنصب على السواء في المشغول عنه]

- ‌[مسألتان اختلف فيهما النحاة أيهما أرجح]

- ‌[ترجح رفع الاسم على الابتداء]

- ‌[أنواع ملابسة الضمير للمشغول عنه]

- ‌[مسألة يترجح فيها الرفع]

- ‌[رفع الاسم المشغول عنه وأحكامه في ذلك]

- ‌[مسألة أخيرة في باب الاشتغال]

- ‌الباب الحادي والعشرون باب تعدي الفعل ولزومه

- ‌[تقسيم الفعل إلى متعدّ ولازم - إجراء اللازم مجرى المتعدي]

- ‌[نوعا المتعدي: متعد إلى واحد - متعد إلى اثنين]

- ‌[مسائل تأخير المفعول وجوبا وتقديمه وجوبا وجواز الأمرين]

- ‌[حذف العامل الناصب للمفعول به جوازا ووجوبا]

- ‌[مواضع حذف المفعول ومواضع ذكره]

- ‌[تعدي الفعل بالهمزة والتضعيف]

- ‌الباب الثاني والعشرون باب تنازع العالمين فصاعدا معمولا واحدا

- ‌[تعريف التنازع - العامل في المتنازع فيه]

- ‌[خلاف البصريين والكوفيين في العامل]

- ‌[حكم ضمير المتنازع فيه من الإظهار أو الحذف]

- ‌[مسائل أربع في باب التنازع ختم بها الباب]

- ‌الباب الثالث والعشرون باب الواقع مفعولا مطلقا من مصدر وما يجري مجراه

- ‌[تعريف المصدر - وأسماؤه وأصالته]

- ‌[المفعول المطلق: ناصبه - أنواعه - ما ينوب عنه]

- ‌[حذف عامل المفعول المطلق - جوازا ووجوبا - ومواضع ذلك]

- ‌[أحكام للمفعول المطلق المحذوف عامله وجوبا]

- ‌الباب الرابع والعشرون باب المفعول له

- ‌[تعريفه - ناصبه - أنواعه - وحكم كل نوع]

- ‌الباب الخامس والعشرون باب المفعول المسمّى ظرفا ومفعولا فيه

- ‌[تعريف الظرف - نوعاه]

- ‌[تقسيم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف]

- ‌[تقسيمات مختلفة لظرف الزمان وأمثلة لكلّ]

- ‌[حكم الظرف الواقع في جواب كم أو متى بالنسبة لحصول الفعل]

- ‌[أحكام إذ حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام إذا حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام مذ ومنذ حين تجيئان ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام الآن وبناؤه وإعرابه]

- ‌[أحكام قط وعوض]

- ‌[أحكام أمس من بنائه وإعرابه]

- ‌[الصالح للظرفية المكانية من أسماء الأمكنة]

- ‌[أحكام بعض الظروف المكانية مثل أسماء الجهات وحيث ولدن]

- ‌[التوسع في الظرف المتصرف]

- ‌الباب السادس والعشرون باب المفعول معه

- ‌[تعريفه وشرح التعريف]

- ‌[ناصب المفعول معه والآراء في ذلك]

- ‌[واو المفعول معه وحديث عنها]

- ‌[المفعول معه وحكم تقديمه]

- ‌[أقسام خمسة لما بعد الواو وحكم كل قسم]

- ‌[تعقيب على أقسام المفعول معه السابقة]

- ‌[أمثلة مختلفة في هذا الباب وما يجوز فيها]

- ‌[مسألتان في ختام هذا الباب]

الفصل: ‌[أحكام بعض الظروف المكانية مثل أسماء الجهات وحيث ولدن]

[أحكام بعض الظروف المكانية مثل أسماء الجهات وحيث ولدن]

قال ابن مالك: (من الظّروف المكانيّة كثير التصرف كمكان لا بمعنى بدل، ويمين وشمال، وذات اليمين [2/ 458] وذات الشّمال، ومتوسط التّصرف كغير «فوق» و «تحت» من أسماء الجهات و «بين» مجرّدا، ونادر التّصرف كحيث ووسط ودون لا بمعنى رديء، وعادم التّصرف كفوق وتحت وعند ولدن ومع و «بين بين» دون إضافة، وحوال وحوالي وحولي وأحوال، و «هنا» وأخواته و «بدل» لا بمعنى بديل، وما رادفه من مكان فحيث مبنيّة على الضّم وقد تفتح أو تكسر، وقد تخلف ياءها واو وإعرابها لغة فقعسيّة، وندرت إضافتها إلى مفرد، وعدم إضافتها لفظا أندر، وقد يراد بها الحين عند الأخفش، و «عند» للحضور أو القرب حسّا أو معنى، وربّما فتحت عينها أو ضمّت، و «لدن» لأول غاية زمان أو مكان، وقلّما تعدم «من» وقد يقال: لدن ولدن ولدن ولدن ولدن ولدا ولد ولد، وإعراب اللّغة الأولى لغة قيسيّة وتجبر المنقوصة مضافة إلى مضمر، ويجرّ ما يليها بالإضافة لفظا إن كان مفردا وتقديرا إن كان جملة، وإن كان «غدوة» نصب أيضا، وقد يرفع، وليست «لدى» بمعناها بل بمعنى «عند» على الأصحّ، وتعامل ألفها ألف «إلى» و «على» فتسلم مع الظّاهر وتقلب ياء مع المضمر غالبا، ومع للصّحبة اللّائقة بالمذكور، وتسكينها قبل حركة وكسرها قبل سكون لغة ربعيّة، واسميتها حينئذ باقية على الأصحّ، وتفرد فتساوي جميعا معنى وفتى لفظا لا يدا، وفاقا ليونس والأخفش، وغير حاليّتها حينئذ قليل).

قال ناظر الجيش: اعلم أنه كما انقسم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف كذلك انقسم ظرف المكان إلى

الأمرين أيضا، وكما أن المتصرف من ظرف الزمان منه منصرف، ومنه غير منصرف، كذلك المتصرف من ظرف المكان أيضا منه منصرف ومنه غير منصرف، إلا أن غير المنصرف من ظرف الزمان منه ما هو غير متصرف، ولا يكون ذلك في ظرف المكان؛ لأن غير المتصرف لا بد أن يكون غير معرفة، ومتى كان معرفة كان مختصّا، وظرف المكان إنما يكون مبهما لا مختصّا، -

ص: 1999

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فمن ثم كانت الأقسام في ظرف الزمان بالنسبة إلى التصرف والانصراف أربعة كما تقدم. وأما الأقسام في ظرف المكان بالنسبة إلى ذلك فثلاثة: متصرف منصرف وهو الكثير، ومتصرف غير منصرف كقولك: قعد زيد أسفل منك، الأصل:

مكانا أسفل منك، وقعدنا مقاعد قريبة من زيد، قال الله تعالى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ (1)، ومنصرف غير متصرف، وهو ما ذكره المصنف في متن الكتاب، ثم إن المتصرف منه ما يكثر تصرفه ومنه ما لا يكثر، وقد بيّن المصنف أنه ثلاثة أقسام، كثير التصرف ومتوسط التصرف ونادر التصرف.

وبعد؛ فأنا أورد كلام المصنف ثم أنبه على ما يتعين التنبيه عليه، قال رحمه الله تعالى (2): كما انقسم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف انقسم ظرف المكان إليهما، فمن المتصرف [2/ 459] ما كثر وقوعه (ظرفا وغير ظرف)(3)، «كمكان» فإنك تقول إذا نويت ظرفيته: اجلس مكانك، وتقول إذا لم تنو ظرفيته: مكانك لائق بك، ومثل مكان في التصرف بكثرة: يمين وشمال وذات اليمين وذات الشمال، يقال في الظرفية: جلست يمينه وشماله وذهبت به ذات اليمين وذات الشمال، قال الله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ (4) ويقال في المجرد من الظرفية: يمين الطريق أسهل و: ماله أقرب، ودارك ذات اليمين، ومنازلهم ذات الشمال، قال الله تعالى: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (5)، ومن المتصرف ما يكثر تجرده دون كثرة ظرفيته كأمام وقدام ووراء وخلف وأسفل، وهو المعني بقولي:(متوسط التصرف) أي متوسط بين الكثرة والقلة، يقال في الظرفية: كن أمامهم وقدامهم لا خلفهم ولا أسفل منهم، ويقال في التجرد من الظرفية: أمامهم آمن من ورائهم، ويقال: هم خلف وأنتم قدام (6)، وقال الشاعر: - -

(1) سورة الجن: 9.

(2)

شرح التسهيل للمصنف (2/ 230).

(3)

في (أ): (متصرف وغير متصرف).

(4)

سورة الكهف: 17.

(5)

سورة ق: 17.

(6)

في: التذييل (3/ 398): «وزعم الجرمي أنه لا يجوز استعمال الجهات الست إلا ظرفا، ولا يقاس على استعمالها أسماء، ونقل عنه أيضا أنه لا يجوز استعمال «خلف وأمام» اسمين إلا في الشعر.

والقياس يقتضي التسوية بينهما وبين ما ذكر من غير فوق وتحت من الجهات». اه.

ص: 2000

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1583 -

فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه

مولى المخافة خلفها وأمامها (1)

وقراءة بعض القراء (2): والركب أسفل منكم (3) بالرفع، ويساوي أماما وما ذكر بعده «بين» يقال في الظرفية: جلست بين زيد وعمرو، قال الله تعالى:

لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا (4)، وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ (5)، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً (6)، ويا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ (7) ويقال في التجرد من الظرفية: هو بعيد بين المنكبين نقي بين الحاجبين، ومنه قول الشاعر (8): -

1584 -

يديرونني عن سالم وأديرهم

وجلدة بين العين والأنف سالم (9)

ومنه قوله تعالى: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ (10)، وقوله تعالى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ (11) في قراءة غير نافع وحفص والكسائي (12)، ومنه قوله تعالى: إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ (13)، ومَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ قرأ الأولى -

(1) البيت من الكامل وهو للبيد بن ربيعة العامري، وهو في: الكتاب (1/ 407)، والغرة لابن الدهان (2/ 62)، وابن القواس (ص 345)، وإصلاح المنطق (ص 89)، وشرح المعلقات للزوزني (ص 210)، وابن يعيش (2/ 44، 129)، والتذييل (3/ 397، 438، 838)، والشذور (ص 208) والمقتضب:(3/ 102)، (4/ 341)، والأزمنة والأمكنة (1/ 231)، وأمالي الشجري (2/ 252)، والهمع (1/ 210)، والدرر (1/ 178)، وشرح ديوان لبيد (ص 311)، واللسان مواد «فرج - كلا - الواو والياء» .

اللغة: الفرج: موضع المخافة. المولى: بمعنى الأولى بالشيء.

والشاهد فيه قوله: «خلفها وأمامها» ؛ حيث خرجا عن الظرفية وهما بدلان من: كلا الفرجين.

(2)

هو زيد بن علي. ينظر: البحر المحيط (4/ 500).

(3)

سورة الأنفال: 42.

(4)

سورة البقرة: 213.

(5)

سورة المائدة: 49.

(6)

سورة الروم: 21.

(7)

سورة الزخرف: 38.

(8)

هو أبو الأسود الدؤلي، وقيل: عبد الله بن عمر أو عبد الله بن معاوية.

(9)

البيت من الطويل وهو في: التذييل (3/ 399)، وديوان أبي الأسود (ص 250)، واللسان «سلم - دور» وسمط اللآلئ (66)، ومعجم شواهد العربية (1/ 340)، حيث ذكر الاختلاف في نسبته.

والشاهد فيه: إضافة (جلدة) إلى (بين) مما أخرج بين عن الظرفية، وقوله «سالم» خبر لقوله:«جلدة بين العين والأنف» .

(10)

سورة الكهف: 78.

(11)

سورة الأنعام: 94.

(12)

ينظر: البحر المحيط (4/ 182)، والإتحاف (213)، وتحبير التيسير (108).

(13)

سورة العنكبوت: 25.

ص: 2001

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبو عمرو والكسائي (1)، وقرأ الثانية حمزة وحفص، وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر:

(مودة)(2)، ومن تجريد «بين» عن الظرفية قول الشاعر: -

1585 -

ولم تترك النبل المخالف بينها

أخا لأخ يرجى ومأثورة الهند (3)

«بينها» في موضع رفع بإسناد والمخالف إليه إلا أنه بني لإضافته إلى مبني مع إبهامه، وقد تكون «بين» ظرف زمان كما يكون ظرف مكان، فمن ذلك:

حديث ساعة يوم الجمعة هي ما بين خروج الإمام وانقضاء الصلاة (4).

ومن الظروف المكانية ما ندر تجرده عن الظرفية، فمن ذلك «حيث» فكونه ظرفا هو الشائع كقوله تعالى: وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (5) وكونه مجردا عن الظرفية كقول زهير: -

1586 -

فشدّ ولم ينظر بيوتا كثيرة

لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم (6)

[2/ 460] وكقول الآخر: -

1587 -

إنّ حيث استقرّ من أنت راعي

هـ حمى فيه عزّة وأمان (7)

-

(1) زاد في (ب): (وابن كثير).

(2)

ينظر: الإتحاف (345)، والبحر المحيط (7/ 148)، والبديع في شواذ القراءات لابن خالويه (115).

(3)

البيت من الطويل لقائل مجهول، وهو في: التذييل (3/ 399).

والشاهد فيه: تصرف (بين) بوقوعها فاعلا لقوله: المخالف.

(4)

حديث شريف وهو في صحيح مسلم (ص 584) برواية: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة.

(5)

سورة الحجر: 65.

(6)

البيت من الطويل، وهو من معلقة زهير وينظر في: الارتشاف (ص 584)، والتذييل (3/ 400، 413)، وشرح التسهيل للمصنف (1/ 232)، وشرح المعلقات للزوزني (161)، وشجر الدر لأبي الطيب اللغوي (95)، والخزانة (3/ 157)، والمغني (1/ 131)، وشرح شواهده (1/ 384)، والهمع (1/ 212)، والدرر (1/ 181)، وحاشية يس (2/ 39)، وديوان زهير (ص 84).

ويروى البيت أيضا برواية: «ولم تفزع بيوت» .

اللغة: أم قشعم: كنية الموت.

والشاهد فيه: خروج «حيث» عن الظرفية حيث وقعت مضافا إليها.

(7)

البيت من الخفيف لقائل مجهول، وهو في شرح التسهيل للمصنف (2/ 232)، وشرح التسهيل للمرادي، والمغني (1/ 132)، والتذييل (3/ 401)، والخزانة (3/ 157)، والهمع (1/ 212)، والدرر (1/ 182). -

ص: 2002

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو مبني على الضم في أكثر الكلام، وقد يفتح وقد يكسر وقد يقال:

حوث (1)، وسبب بنائه لزوم افتقاره إلى جملة يضاف إليها، وندرت إضافتها إلى مفرد (2)، كقول الراجز:

1588 -

أما ترى حيث سهيل طالعا (3)

وكقول الآخر (4): -

1589 -

ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم

ببيض المواضي حيث ليّ العمائم (5)

وأندر من إضافته إلى مفرد إضافته إلى جملة مقدرة، كقول الشاعر:

1590 -

إذا ريدة من حيث ما نفخت له

أتاه بريّاها خليل يواصله (6)

-

- والشاهد فيه: خروج (حيث) عن الظرفية بوقوعها اسما لإنّ، وردّ ذلك أبو حيان بقوله: وهذا خطأ لأن كونها اسما لإنّ فرع عن كونها تكون مبتدأ، ولم يسمع ذلك فيها ولا في لفظ واحد.

(1)

هذه لغة طيء. ينظر: المغني (1/ 131).

(2)

ينظر: المقتضب (2/ 346)، وشرح المفصل لابن يعيش (4/ 91)، وشرح الكافية للرضي (2/ 107).

(3)

رجز لقائل مجهول وبعده:

نجم يضيء كالشّهاب لامعا

وهو في: شرح المفصل لابن يعيش (4/ 90)، وابن القواس (56)، والتذييل (3/ 412)، وتعليق الفرائد (1633)، وشرح التسهيل للمرادي، والخزانة (3/ 155)، والمغني (1/ 133)، وشرح شواهده (1/ 390)، والعيني (3/ 348)، والشذور (ص 172)، والهمع (1/ 212)، والمطالع السعيدة (ص 329)، والدرر (1/ 180)، والأشموني (2/ 254)، وحاشية يس (2/ 39)، واللسان «حيث» .

والشاهد فيه: إضافة «حيث» إلى مفرد وهذا نادر، وإذا روي البيت برفع (سهيل) كانت (حيث) حينئذ مضافة إلى جملة حذف أحد جزأيها.

(4)

نسب إلى عملس بن عقيل كما في معجم الشواهد (1/ 363)، ونسبه العيني إلى الفرزدق.

(5)

البيت من الطويل وهو في الارتشاف (585)، والتذييل (3/ 412)، وابن يعيش (4/ 91، 92)، وشرح التسهيل للمرادي، والخزانة (3/ 152)، والمغني (1/ 132)، وشرح شواهده (1/ 389)، والعيني (3/ 387)، والتصريح (2/ 39)، والهمع (1/ 212)، والمطالع السعيدة (328)، والدرر (1/ 180)، والأشموني:(2/ 254)، وشرح الرضي على الكافية:(2/ 108).

اللغة: الحبا: جمع حبوة بكسر الحاء، والمراد به أوساطهم، والمراد من ليّ العمائم: رؤوسهم.

والشاهد فيه: إضافة (حيث) إلى مفرد وهذا نادر، وقد جعل الكسائي ذلك مقيسا.

(6)

البيت من الطويل لأبي حية النميري وهو في شرح التسهيل للمصنف (2/ 233)، والتذييل (3/ 414، 642)، والبحر المحيط (6/ 294)، وشرح التسهيل للمرادي، وتعليق الفرائد -

ص: 2003

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد: إذا ريدة نفخت من حيث ما هبت أتاه برياها خليل، فحذف هبت للعلم به، وجعل ما عوضا كما جعل التنوين في حينئذ عوضا، وروي إعراب حيث عن فقعس فيقولون: جلست حيث كنت وجئت من حيث جئت (1) وأجاز الأخفش استعمالها بمعنى «حين» (2)، وحمل على ذلك قول الشاعر: -

1591 -

للفتى عقل يعيش به

حيث تهدي ساقه قدمه (3)

ولا حجة لإمكان إرادة المكان، ومثل «حيث» في ندور التجرد عن الظرفية «وسط» بالسكون كقولك: جلست وسط

القوم، فهذا كثير، أعني وقوعه ظرفا.

وأما تجرده عن الظرفية فقليل لا يكاد يعرف (4) ومنه قول الشاعر يصف سحابا: -

1592 -

وسطه كاليراع أو سرج المج

دل طورا يخبو وطورا ينير (5)

-

- (1634)، والخزانة (3/ 152)، والمغني (1/ 132)، وشرح شواهده (1/ 390)، والعيني (3/ 386)، والهمع (1/ 212)، والمطالع السعيدة (329)، والدرر (1/ 180)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 263) واللسان «زيد» .

اللغة: ريدة: ريح لينة الهبوب. نفخت: هبت. برياها: أي برائحتها.

والشاهد فيه: إضافة «حيث» إلى جملة مقدرة محذوفة و «ما» عوض عنها.

(1)

ينظر: شرح الرضي على الكافية (2/ 108)، والبرهان في علوم القرآن (4/ 274).

(2)

ينظر: التذييل (3/ 415)، والارتشاف (585)، والمغني (1/ 131)، والهمع (1/ 212)، وشرح الرضي على الكافية (2/ 108).

(3)

البيت من المديد وهو لطرفة بن العبد، وهو في مجالس ثعلب (1/ 197)، والعقد الفريد (5/ 479)، وأمالي الشجري (2/ 262)، وابن يعيش (4/ 92)، والتذييل (3/ 415)، وابن القواس (ص 55)، وتعليق الفرائد (1635)، والخزانة (3/ 162)، وشرح الرضي (2/ 108)، والهمع (1/ 212)، والمطالع السعيدة (329)، والدرر (1/ 181)، وحاشية يس (2/ 39) واللسان «هدي» .

وقد استشهد الأخفش بالبيت على: مجيء (حيث) للزمان واستعمالها بمعنى حين.

(4)

ينظر: شرح الجمل لابن الضائع (1/ 35).

(5)

البيت من الخفيف وهو لعدي بن زيد، وهو في شرح التسهيل للمصنف (2/ 233)، ومنهج السالك لأبي حيان (53)، والتذييل (3/ 402)، والبحر المحيط (6/ 96)، وشرح التسهيل للمرادي، وتعليق الفرائد (1621)، والهمع (1/ 201)، والدرر (1/ 169)، وديوان عدي (ص 85)، واللسان «وسط» .

اللغة: اليراع: ذباب يطير في الليل كأنه نار. المجدل: القصير.

والشاهد فيه: تصرف «وسط» ؛ لأنها وقعت مبتدأ.

ص: 2004

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فوسطه مبتدأ خبره كاليراع، ويروى: وسطه كاليراع بالنصب على الظرفية والحكم بأن «وسطه» خبر مقدم والكاف اسم في موضع رفع بالابتداء، ومثل حيث في ندور التجرد عن الظرفية «دون» في نحو قولك: جلست دون موضع كذا، وزيد دون عمرو قدرا، قال سيبويه: وأما دونك فإنه لا يرفع أبدا، وإن قلت: هو دونك في الشرف؛ لأن

هذا إنما مثل (1) يعني أنه حين أريد به الانحطاط عن علو الشرف تلازمه الظرفية أيضا؛ لأن استعماله بذلك المعنى مثل استعماله في المكان الأدنى، وقد جاء بالمقصود به المكان خاليا من الظرفية، وذلك نادر كقول الشاعر (2):

1593 -

ألم تريا أنّي حميت حقيقتي

وباشرت حدّ الموت والموت دونها (3)

بالرفع، وظاهر كلام الأخفش يقتضي اطراد ذلك؛ فإنه حكم بأن دون من قوله تعالى: وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ (4) مبتدأ، ولكنه بني لإضافته إلى مبني، وغيره يجعل التقدير:«ومنا ما دون ذلك» (5) وقول الأخفش أولى بالصواب، وحكى سيبويه أنه يقال: هذا ثوب دون، إذا كان رديئا (6)، فمن هذا احترزت بقولي: ودون لا بمعنى رديء.

ومن الظروف [2/ 461] العادمة التصرف «فوق وتحت» نص على ذلك الأخفش، فقال: اعلم أن العرب تقول: فوقك رأسك فينصبون الفوق؛ لأنهم لم يستعملوه إلا ظرفا، ثم قال: وتقول: تحتك رجلك لا يختلفون في نصب التحت.

هذا نصه (7)، وقد جاء جر «فوق» بعلى في قول أبي صخر الهذلي: - -

(1) الكتاب (1/ 409).

(2)

هو موسى بن جابر الحنفي ويقال له: ابن الفريعة وهو شاعر إسلامي.

(3)

البيت من الطويل، وهو في الارتشاف (585)، ومنهج السالك لأبي حيان (123)، والبحر المحيط (1/ 102)، والتذييل (3/ 404)، وشرح التسهيل للمرادي، وديوان الحماسة (1/ 139)، والشذور (116)، والهمع (1/ 210)، والدرر (1/ 178).

والشاهد في قوله: «دونها» ؛ حيث تصرفت «دون» ووقعت خبرا.

(4)

سورة الجن: 11.

(5)

ينظر: التذييل (3/ 404)، والهمع (1/ 213)، وإملاء ما من به الرحمن (1/ 254).

(6)

الكتاب (1/ 410).

(7)

ينظر: التذييل (3/ 406)، والارتشاف (586)، والهمع (1/ 210)، وحاشية الصبان (2/ 131).

ص: 2005

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1594 -

فأقسم بالله الّذي اهتزّ عرشه

على فوق سبع لا أعلّمه بطلا (1)

وهذا نادر، ومن الظروف العادمة التصرف «عند» (2) ولا تستعمل إلا مضافة، ولا يفارقها النصب على الظرفية إلا مجرورة «بمن» وهي لبيان كون مظروفها حاضرا حسّا أو معنى (3)، وقد اجتمع الحضور الحسي والمعنوي

في قوله تعالى:

قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي (4)، ومثال القرب الحسي: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (14) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (5)، ومثال القرب المعنوي: وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (6)، ورَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ (7). ومن القرب المعنوي قول الرجل: عندي مائة يريد أنه مالكها، وإن كان موضعها بعيدا، ومنه قوله تعالى: ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ (8). وقد يكون مظروفها معنى فيراد بها الزمان كقوله عليه الصلاة والسلام: «إنّما الصّبر عند الصّدمة الأولى» (9) وكسر عينها هو المشهور، ومن العرب من يفتحها ومنهم من يضمها. ويرادفها لدى في قول سيبويه وهو الصحيح (10) لا قول من زعم أنها بمعنى «لدن» (11)؛ لأن «لدن» مخصوصة بما هو مبتدأ غاية بخلاف «لدى» فإنه يراد بها ما يراد «بعند» كقوله تعالى:

وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (12)، فهذا موضع صالح «لعند» و «للدن» غير صالح، وكذا قوله -

(1) البيت من الطويل وهو في شرح التسهيل للمصنف (2/ 334)، ومنهج السالك لأبي حيان (153)، والتذييل (3/ 406)، وشرح التسهيل للمرادي، والهمع (1/ 210)، والدرر (1/ 178).

والشاهد فيه: جر «فوق» بعلى وهو نادر.

(2)

انظر: شرح التسهيل (2/ 234).

(3)

ينظر: المطالع السعيدة (316).

(4)

سورة النمل: 40.

(5)

سورة النجم: 13 - 15.

(6)

سورة ص: 47.

(7)

سورة التحريم: 11.

(8)

سورة النحل: 96.

(9)

حديث شريف أخرجه البخاري في كتاب الجنائز (2/ 83)، ومسلم في كتاب الجنائز أيضا (637)، وابن حنبل (3/ 130، 143)، وابن ماجه في كتاب الجنائز (1/ 509).

(10)

ينظر: الكتاب: (3/ 286)، والمغني:(1/ 156)، وشرح الرضي:(2/ 124).

(11)

بهذا قال الأشموني حيث صرح بذلك في أحد تنبيهاته، فقال:«لدن بمعنى عند» . الأشموني بحاشية الصبان: (2/ 264).

(12)

سورة آل عمران: 44.

ص: 2006

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى: وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ (1)[فلدى وعند] يصلحان في موضع «لدن» ، و «لدن» لا تصلح في مواضعهما إلا فيما هو مبدأ غاية، ولذلك اجتمعت عند ولدن في قوله تعالى: آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (2). وبنيت «لدن» في أكثر اللغات لشبهها بالحرف في لزوم استعمال واحد، وامتناع الإخبار بها وعنها بخلاف «عند» و «لدى» فإنهما لا يلزمان استعمالا واحدا، فإنهما يكونان لابتداء الغاية ولغير ذلك، ويستعملان فضلة وعمدة (3) فاستعمالهما فضلة كثير واستعمالهما عمدة كقوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ (4)، وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ (5)، وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ (6)، وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (7)، ولكون موضع لدن صالحا «لعند» شبهتها قيس بها فأعربتها (8) وبلغتهم قرأ أبو بكر (9) عن عاصم (10) لينذر بأسا شديدا من لدنه (11) إلا أنه سكن النون وأشمها ضمّا (12)، والأصل من لدنه، ويقال:[2/ 462] في النصب على هذه اللغة لدنه ولدنه، ويمكن أن يكون من هذه -

(1) سورة يوسف: 25.

(2)

سورة الكهف: 65.

(3)

ينظر: شرح الرضي على الكافية (2/ 132)، وشرح الدماميني على المغني (1/ 308)، وحاشية الأمير على المغني (1/ 135، 136)، والمطالع السعيدة (317، 318)، والإيضاح للزجاجي (139، 140)، وشرح الألفية لابن الناظم (155).

(4)

سورة الأنعام: 59.

(5)

سورة الزخرف: 85.

(6)

سورة المؤمنون: 62.

(7)

سورة ق: 35.

(8)

ينظر: التذييل (3/ 417)، وشرح الرضي (2/ 123).

(9)

هو شعبة بن عياش بن سالم الكوفي راوى عاصم، توفي سنة 193 هـ، سبقت ترجمته.

(10)

هو عاصم بن بهدلة شيخ القراء بالكوفة وأحد القراء السبعة، أخذ عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمى وأبي عمرو الشيباني، وروى عنه أبان بن ثعلب وأبان بن يزيد العطار وإسماعيل بن مجاهد، وغيرهم. توفي سنة 128 وقيل: 127 وقيل: 120 هـ. غاية النهاية (1/ 346، 349)، ووفيات الأعيان (2/ 224).

(11)

سورة الكهف: 2.

(12)

القراءة الواردة عن أبي بكر عن عاصم في هذه الآية هي بإسكان الدال مع إشمامها الضم وكسر النون والهاء، وليس بإسكان النون وإشمامها الضم كما ذكر المصنف هنا. الإتحاف (228)، وشرح طيبة النشر (335)، وتحبير التيسير (134)، وفي إملاء ما من به الرحمن (2/ 98) يقول العكبري:

(من لدنه) يقرأ بفتح اللام وضم الدال وسكون النون وهي لغة، ويقرأ بفتح اللام وضم الدال وكسر النون، ومنهم من يختلس ضمة الدال، ومنهم من يختلس كسرة النون. اه. وينظر: الكشاف (1/ 466) وقد أورد ابن خالويه هذه القراءات في كتابه الحجة (221)، وذكر في كتابه البديع في شواذ القراءات قراءة شاذة وهي «لدنه» بضم اللام وإسكان الدال وكسر النون وبها قرأ أبو حيوة. البديع (78).

ص: 2007

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللغة قول الراجز:

1595 -

تنتهض الرّعدة في ظهيري

من لدن الظّهر إلى العصير (1)

قال أبو الفتح بن جني رحمه الله: استعمال «لدن» [بدون](2) من قليل، ولذلك لم يخل القرآن العزيز من «من» (3)، وإلى ذلك أشرت بقولي: وقلما تعدم من، وفيها على غير اللغة القيسية تسع لغات: سكون النون مع ضم الدال وفتحها وكسرها، وكسر النون مع سكون الدال وفتح اللام أو ضمها، وفتح النون مع سكون الدال وضم اللام، وحذف النون مع سكون الدال وفتح اللام أو ضمها، وحذف النون مع ضم الدال وفتح اللام (4)، قال سيبويه: وأما لد فهي «لدن» محذوفة كما حذفوا نون يكن، ألا ترى أنك إذا أضفته إلى مضمر رددته إلى أصله، تقول: من لدنه ومن لدنّي (5)، وإلى هذا أشرت بقولي: وتجبر المنقوصة مضافة إلى مضمر، ثم بينت أنها تلازم الإضافة فتجر ما يليها لفظا إن كان مفردا وتقديرا إن كان جملة كقول الشاعر:

1596 -

صريع غوان راقهنّ ورقنه

لدن شبّ حتّى شاب سود الذّوائب (6)

-

(1) الرجز لرجل من طيء لم يعلم اسمه. في: التذييل (3/ 418)، والهمع (1/ 215)، والدرر (1/ 184)، (2/ 230)، والأشموني (2/ 262)، والمطالع السعيدة (ص 318).

اللغة: الرعدة: من الارتعاد. ظهير: تصغير ظهر.

والشاهد فيه: مجيء «لدن» معربة على اللغة القيسية.

(2)

هذه الكلمة ليست بالأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق.

(3)

ينظر: الأمالي الشجرية (1/ 221، 222) حيث ذكر رأي ابن جني.

(4)

ينظر: الأمالي الشجرية (1/ 212)، وشرح الرضي على الكافية (2/ 123)، والهمع (1/ 215).

وزاد أبو حيان في: التذييل (3/ 418) لغة عاشرة وهي «لت» بلام مفتوحة وتاء مكسورة.

(5)

الكتاب (3/ 286).

(6)

البيت من الطويل وهو للقطامي واسمه عمرو بن شبيم وهو في الأمالي الشجرية (1/ 223)، وشرح الجمل لابن العريف، وشرح التسهيل للمرادي، والتذييل:(3/ 419)، والمغني (1/ 157)، وشرح شواهده (1/ 455)، وتعليق الفرائد (1638)، والخزانة (3/ 188)، والعيني (3/ 427)، والتصريح (2/ 46)، والهمع (1/ 215)، والمطالع السعيدة (318)، والدرر (1/ 184)، والأشموني (2/ 263)، وشرح الرضي (2/ 116، 123)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 274)،.

اللغة: الغواني: جمع غانية، وهي التي غنيت بجمالها عن الحلي. راقهن ورقنه: أعجبهن وأعجبنه.

الذوائب: جمع ذؤابة وهي الخصلة من الشعر.

والشاهد فيه: إضافة (لدن) إلى الجملة الفعلية.

ص: 2008

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن كان ما يليها «غدوة» جاز الجر على القياس، والنصب على التمييز أو على إضمار كان مضمرا فيها اسمها كما قال سيبويه في قول الراجز:

1597 -

من لد شولا فإلى إتلائها (1)

وحكى الكوفيون رفع «غدوة» على تقدير: لدن كان غدوة (2). وكل ذلك منبه عليه. ومثال نصب غدوة قول الشاعر: -

1598 -

وما زال مهري مزجر الكلب منهم

لدن غدوة حتّى دنت لغروب (3)

ثم بينت أن «لدى» لا ترادفها بل ترادف «عند» صرّح بذلك سيبويه (4)، ثم بينت أن ألف «لدى» تنقلب «ياء» مع المضمر وتسلم مع الظاهر كما تفعل بألف على وإلى (5)، وقرنت بذلك غالبا ليعلم أن بعض العرب يستغني عن هذا القلب مع المضمر كما يستغني عنه الجميع مع الظاهر، ومن ذلك قول الشاعر (6):

1599 -

إلاكم يا خناعة لا إلانا

عزا النّاس الضّراعة والهوانا

فلو برّت عقولكم بصرتم

بأنّ دواء دائكم لدانا

وذلكم إذا رافقتمونا

على قصد اعتمادكم علانا (7)

-

(1) الرجز لقائل مجهول، وهو في: الكتاب (1/ 264)، وأمالي الشجري (1/ 222)، وابن يعيش (4/ 101)، (8/ 35)، والارتشاف (454، 588)، والتذييل (3/ 421)، والخزانة (2/ 84)، والمغني (2/ 422)، وشرح شواهده (2/ 836)، والعيني (2/ 51)، والتصريح (1/ 194)، والهمع (1/ 122)، والدرر (1/ 91، 283)، والأشموني (1/ 243).

اللغة: شولا: مصدر شالت الناقة بذنبها إذا رفعته للضراب، وقيل: اسم جمع شائلة على غير قياس، وهي الناقة التي خف لبنها وارتفع ضرعها. الإتلاء: أن تصير الناقة متلية أي يتلوها ولدها بعد الوضع.

والشاهد فيه: نصب (شولا) بعد (لدن) على إضمار كان كما قال سيبويه.

(2)

وقال ابن جني: لشبهه بالفاعل. شرح الألفية للمرادي (2/ 276).

(3)

البيت من الطويل وهو لأبي سفيان بن حرب قاله يوم أحد، وهو في: التذييل: (3/ 420)، وتعليق الفرائد (1644)، والعيني (3/ 429)، والتصريح (2/ 46)، والأشموني (2/ 263)، والهمع (1/ 215)، والدرر (1/ 184)، والمطالع السعيدة (319).

والشاهد فيه: نصب «غدوة» بعد لدن وخرج النصب على التمييز.

(4)

ينظر: الكتاب (4/ 234)، والمطالع السعيدة (317)، وشرح الرضي (2/ 123).

(5)

ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (2/ 126)، (3/ 34)، والمقرب (1/ 217).

(6)

لم يعلم.

(7)

الأبيات من الوافر، وهي في: التذييل (3/ 423)، وشرح التسهيل للمرادي، والهمع (1/ 203)، -

ص: 2009

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد: إليكم لا إلينا ولدينا وعلينا.

ومن الظروف العادمة التصرف «مع» (1)، وهو اسم لمكان الاصطحاب أو وقته على حسب ما يليق بالمصاحب، ويدل على اسميته دخول «من» عليه في قولهم:

ذهب من معه، حكاه سيبويه (2)، ومنه قراءة بعض القراء (3):(هذا ذكر من مّعى وذكر من قبلى)(4) وكان من حقه أن يبنى لشبهه بالحروف في الجمود المحض والوضع الناقص [2/ 463] إذ هو على حرفين بلا ثالث محقق العود، والمراد بالجمود والمحض ملازمة وجه واحد من الاستعمال إلا أنه أعرب في أكثر اللغات لمشابهته «عند» في وقوعه خبرا وصفة وحالا وصلة، ودالّا على حضور وعلى قرب (5)، فالحضور كـ نَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ (6)، والقرب كـ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (7) وكقول الراجز (8): -

1600 -

إنّ مع اليوم أخاه غدوا (9)

وهو وإن فاقه عند تمام الوضع فقد فاق هو بوجه من التمكن وهو الإفراد وتضمن -

- والدرر (1/ 172).

اللغة: خناعة: قبيلة سموا باسم أبيهم خناعة بن سعد بن هذيل، ويروى (خزاعة) مكان خناعة.

والشاهد في الأبيات: عدم قلب الألف ياء مع المضمر في (إلى ولدى وعلى) وهذه لغة لبعض العرب.

(1)

انظر: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 238).

(2)

ينظر: الكتاب (1/ 420)، والمطالع السعيدة (319، 320)، والمقرب (1/ 151)، ورصف المباني (ص 328).

(3)

هو يحيى بن يعمر وطلحة بن مصرف والقراءة بتنوين «ذكر» وكسر ميم «من» . ينظر: المحتسب (2/ 61)، والبديع في شواذ القراءات لابن خالويه (ص 91)، والبحر المحيط (6/ 306).

(4)

سورة الأنبياء: 24.

(5)

ينظر: المطالع السعيدة (320)، والهمع (1/ 217).

(6)

سورة الشعراء: 118، والآية هي: وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

(7)

سورة الشرح: 6.

(8)

لم يعلم والرجز يجري مجرى المثل وقبله: -

لا تغلواها وادلواها دلوا

(9)

الرجز في: المقتضب (2/ 238)، (3/ 153)، والمخصص (9/ 60)، والمنصف (1/ 64)، (2/ 149)، وأمالي الشجري (2/ 35)، والمستقصي (1/ 414)، والتذييل (3/ 424)، وابن القواس (1107)، وشرح التسهيل للمرادي، والشذور (527)، واللسان «دلا - غدا» .

اللغة: غدوا: أي غد، ردت لامه في الضرورة.

والشاهد فيه: مجيء «مع» للدلالة على القرب.

ص: 2010

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معنى جميع في نحو: جاء الزيدان معا، ورأيت العمرين معا (1)، واختلف في فتحة العين من «معا» قيل: هي فتحة إعراب كفتحة دال رأيت يدا، فيكون الاسم ثنائي اللفظ في حالتي الإفراد والإضافة، أو هي كفتحة ياء فتى، فيكون الاسم قد جبر وقصر حين أفرد، والأول مذهب سيبويه والخليل (2) والثاني مذهب يونس والأخفش (3) وهو الصحيح، لأنهم يقولون: الزيدان معا والعمرون معا، فيوقعون معا موقع رفع [توقع](4) الأسماء المقصورة

كقولك: هو فتى وهم عدى، ولو كان باقيا على النقص لقيل: الزيدان مع كما يقال: هم يد واحدة على من سواهم، وهم جميع، ومن شواهد وقوع معا في موضع رفع قول الشاعر:

1601 -

أفيقوا بني حرب وأهواؤنا معا

وأرحامنا موصولة لم تقضّب (5)

ومثله قول الآخر (6):

1602 -

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت

مزارك من ريّا وشعبا كما معا (7)

وإلى نحو هذين البيتين أشرت بقولي: وغير حاليّتها حينئذ قليل، وانتصر للمذهب الأول بأن قيل: لا نسلم بأن معا في البيتين في موضع رفع بل هو منصوب على الحال بعامل محذوف هو الخبر والتقدير: وأهواؤنا كائنة معا وشعبا كما كائنان معا. وهذا التقدير باطل للإجماع على بطلان نظيره، وهو أن يقال: زيد قائما على -

(1) اعترض أبو حيان على المصنف في هذه المسألة، وسوف يتناولها الشارح فيما سيأتي من أبحاثه.

(2)

ينظر: الكتاب (3/ 286، 287).

(3)

ينظر: شرح الكافية للرضي (2/ 127)، والهمع (1/ 218).

(4)

كذا بالأصل.

(5)

البيت من الطويل، وهو لجندل بن عمرو، وهو في الغرة لابن الدهان (2/ 61)، والتذييل (3/ 427)، والارتشاف (590)، والمغني (1/ 333)، وشرح شواهده (2/ 746)، والهمع (1/ 218)، والدرر (1/ 186)، وديوان الحماسة (1/ 113)، برواية (بني حزن) مكان (بني حرب).

والشاهد فيه: وقوع (معا) في موضع رفع حيث إنها خبر للمبتدأ قبلها.

(6)

هو الصمّة بن عبد الله القشيري من شعراء الدولة الأموية.

(7)

البيت من الطويل وهو في: التذييل (3/ 427)، وأمالي القالي (1/ 190)، والعيني (3/ 431)، وديوان الحماسة (1215)، والطرائف الأدبية (ص 78).

والشاهد فيه أيضا: وقوع (معا) خبرا عن المبتدأ كما في البيت السابق.

اللغة: حنت: اشتاقت. شعباكما: اجتماعكما.

ص: 2011

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقدير زيد كائن قائما (1)، وانتصر له أيضا بأن قيل: القول بلزوم النقص هو الصحيح؛ لأنه مستلزم لموافقة النظائر وأن حاصله حكم بنقصان اسم في الإفراد كما هو في الإضافة. ونظائر ذلك موجودة كيد ودم وغد، والقول بكون معا مقصورا في الإفراد ثنائيّا في الإضافة مستلزم لما لا نظير له، فلا يصار إليه، فإن الثنائي المعرب

إما منقوص في الإضافة والإفراد وإما متمم في الإضافة وحدها كأب؛ فإن حكم بأنّ «معا» مقصور في الإفراد منقوص في الإضافة لزم عدم النظير، وثبوت ما هو بالنفي جدير (2). والجواب أن يقال (3): مقتضى الدليل [2/ 464] كون الإفراد مظنة جبر ما فات من الثنائيات في إحدى حالتيه؛ لأن ثاني جزأي ذي الإضافة متمم لأولهما (4) ولذلك عاقب التنوين ونوني التثنية والجمع، بخلاف المنقوص المفرد فلا متمم له إلا ما يجبر به من رد ما كان محذوفا منه. فإذا جعلنا «معا» منقوصا في الإضافة مقصورا في الإفراد، فقلنا بمقتضى الدليل وسلكنا سواء السبيل، بخلاف باب «أب» فإن فيه شذوذا، ولذلك لم تجر العرب فيه على سنن واحد، فمنهم من يلزمه الجبر ويلحقه بباب عصا، ومنهم من يلزمه النقص ويلحقه بباب «يد» وأيضا ففي الحكم بأن «معا» غير ملازم للنقص بيان لاستحقاقه الإعراب؛ إذ لا يكون بذلك موضوعا وضع الحروف الثنائية، بخلاف الحكم عليه بالنقص في حالي إفراده وإضافته؛ فإنه يلزم منه استحقاق البناء كسائر الأسماء الثنائية دائما دون جابر (5) ومع ذلك فقد ألغت ربيعة جبره في الإفراد؛ لأنه جبر لم يتمحض ولذلك لم يتفق على الاعتراف به بخلاف جبر باب يد، فيقال في اللغة الربعية: ذهبت مع أخيك ومع ابنك بالسكون قبل حركة وبالكسر قبل سكون، وبعضهم يفتح قبل السكون، هكذا روى الكسائي عن ربيعة (6) ولولا الكسر قبل السكون لأمكن أن يقال: إن السكون سكون تخفيف لا سكون بناء، ومن الوارد -

(1) ينظر: التذييل (3/ 427).

(2)

ينظر: رصف المباني (ص 328)، والهمع (1/ 218).

(3)

شرح التسهيل لابن مالك (2/ 240).

(4)

ينظر: الغرة لابن الدهان (2/ 295).

(5)

ينظر: التذييل (3/ 426)، وشرح الكافية للرضي (127)، وحاشية الصبان (2/ 265).

(6)

ينظر: التذييل (3/ 425)، والمغني (1/ 333)، وشرح الكافية للرضي (2/ 127)، والمطالع السعيدة (320)، واللسان مادة «مع» .

ص: 2012

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالسكون قول الشاعر (1):

1603 -

فريشي منكم وهواي معكم

وإن كانت زيارتكم لماما (2)

وقد خفي على سيبويه أن السكون لغة لأنه قال: وسألت الخليل رحمه الله تعالى عن «معكم» لأي شيء نصبتها؟ فقال: لأنها استعملت غير مضافة اسما كجميع ووقعت نكرة وذلك قولك: جاءا معا وذهبا معا، وقد ذهبت معه

ومن معه صارت ظرفا فجعلوها بمنزلة أمام وقدام، قال الشاعر: فجعلها كهل، حين اضطر وأنشد للراعي:

فريشي منكم ........

............ البيت

فذكر سبب إعرابها أو تضمن كلامه أنها اسم على كل حال وأن نقصها لم يزل بالإفراد، وذلك بيّن من كلامه الذي ذكرته، وزعم قوم أن الساكن العين حرف (3)، وليس بصحيح؛ لأن المعنى مع الحركة والسكون واحد، فلا سبيل إلى الحرفية، وزعم النحاس (4) أن النحويين مجمعون على أن الساكن العين حرف (5)، وهذا منه عجيب، فإن كلام سيبويه مشعر بلزوم الاسمية على كل حال وأن الشاعر إنما سكنها اضطرارا.

ومن الظروف العادمة التصرف «بين بين» كقول الشاعر (6): -

(1) هو جرير يمدح الخليفة هشام بن عبد الملك، ونسب في الكتاب إلى الراعي وليس في ديوانه.

(2)

البيت من الوافر، وهو في: الكتاب (3/ 287)، وأمالي الشجري (1/ 245)، (2/ 254)، وابن يعيش (2/ 128)، (5/ 138)، والتذييل (3/ 425)، والعيني (3/ 432)، والتصريح (2/ 48)، والأشموني (2/ 265)، وديوان جرير (410)، ويروى أيضا برواية (وريشي) مكان (فريشي) كما في التذييل.

اللغة: الريش: هو اللباس الفاخر. لماما: يسيرا.

والشاهد فيه: تسكين «مع» عند سيبويه للضرورة.

(3)

هذا رأي أبي علي كما في الأمالي الشجرية (1/ 245).

(4)

هو أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس أبو جعفر النحاس المرادي النحوي المصري، مفسر وأديب رحل إلى بغداد وأخذ عن علمائها ثم عاد إلى مصر، له من التصانيف: إعراب القرآن، الكافي في العربية، المقنع في اختلاف البصريين والكوفيين. اختلف في سنة وفاته فقيل سنة 338 هـ وقيل سنة 337 هـ.

بغية الوعاة (1/ 362) وشذرات الذهب (2/ 346).

(5)

ينظر: التذييل (3/ 425)، والمغني (1/ 333)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 276)، والأشموني (2/ 265).

(6)

هو عبيدة بن الأبرص من بني أسد، من فحول شعراء الجاهلية وهو من المعمرين.

ص: 2013

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1604 -

نحمي حقيقتنا وبع

ض القوم يسقط بين بينا (1)

والأصل بين هؤلاء وبين هؤلاء، فأزيلت الإضافة وركب الاسمان تركيب خمسة عشر، فلو أضيف المصدر إلى

العجز جاز بقاء الظرفية [2/ 465] وزوالها.

فبقاؤها كقولك: من أحكام الهمزة التسهيل بين بين وزوالها كقولك: بين بين أقيس من الإبدال، فإن أضيف إليها تعين زوال الظرفية، ولذلك خطّأ ابن جني رحمه الله تعالى من قال: همزة بين بين بالفتح، وقال: الصواب أن يقال: همزة بين بين بالإضافة (2)، والأصل وقوع بين مفردا ظرفا، فالتوسط في مكان أو زمان ملازما للإضافة إلى ما يتوسط (3)[3/ 1] فيه منهما، وإذا خلا من التركيب والوصل بما والألف لم تلازم الظرفية، وقد تقدم التنبيه على ذلك (4).

ومن ظروف المكان العادمة التصرف الملازمة للإضافة «حوال» (5) وتثنيته، و «حول» وتثنيته وجمعه، فالأول كقول الراجز (6):

1605 -

أهدموا بيتك لا أبا لكا

وأنا أمشي الدّألى حوالكا (7)

والثاني كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم حوالينا ولا علينا» (8). -

(1) البيت من مجزوء الكامل وهو في: معاني القرآن للفراء (1/ 177)، والتذييل (3/ 407)، وما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج (ص 106)، وسر صناعة الإعراب (1/ 55)، وابن يعيش (4/ 117)، والشذور (106)، والهمع (2/ 229)، والدرر (2/ 240)، واللسان «بين» ، والشعر والشعراء (267)، وديوانه (141).

والشاهد فيه: تعين الظرفية في (بين بين).

(2)

ينظر: التذييل (3/ 408).

(3)

من هنا يبدأ الاعتماد على النسخة (جـ) ومعها النسخة (أ) وهي الأصل.

(4)

قد تقدم الكلام على «بين» مفردا.

(5)

شرح التسهيل (2/ 242).

(6)

قيل: إنه للضّب أيام كانت الأشياء تتكلم فيما يزعم العرب، والأحسن أن يقال: إنه مما وضعته العرب على ألسنة البهائم لضب يخاطب ابنه.

(7)

الرجز في: الكتاب (1/ 351)، والتذييل (3/ 408)، والحيوان للجاحظ (6/ 128)، والكامل (2/ 198)، وأمالي الزجاجي (130)، والمخصص (13/ 226، 233)، وشرح الجمل لابن الضائع، وتعليق الفرائد (1629)، والهمع (1/ 41، 145)، والدرر (1/ 15، 124)، واللسان «بيت» .

اللغة: الدألى: مشية فيها تثاقل. والشاهد: في نصب (حوالكا) على الظرف حيث جاء مفردا.

(8)

حديث شريف أخرجه مسلم في كتاب الاستسقاء (614)، وابن حنبل (3/ 104، 187، 194، 261، 271)، (4/ 236).

ص: 2014

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثالث كقوله تعالى: فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ (1).

والرابع كقول الراجز (2): -

1606 -

يا إبلي ما ذامه فتأبيه

ماء رواء ونصيّ حوليه (3)

والخامس كقول امرئ القيس:

1607 -

فقالت سباك الله إنّك فاضحي

ألست ترى السّمار والنّاس أحوالي (4)

ومن ظروف المكان العادمة التصرف «بدل» لا بمعنى بديل كقولك: هذا بدل ذلك أي هذا مكان ذلك، فلا يجوز حينئذ أن يستعمل غير ظرف، وكذا مكان إذا أردت به بدل، قال ابن خروف في شرح كتاب سيبويه: البدل والمكان إذا استعملا بمعنى واحد لا يرفعان، فإن ذكر كل واحد منهما في موضعه ولم يحمل أحدهما على الآخر في المعنى رفعا نحو قولك: هذا مكانك تشير إلى المكان، وهذا بدل من هذا؛ فترفع لأنك أشرت بهذا إلى البدل وهو هو، وإنما انتصب «البدل» هنا و «المكان» ولم يجز فيهما الاتساع حين أخرج كل واحد منهما عن موضعه فلزما طريقة واحدة (5). هذا نص ابن خروف انتهى كلام المصنف (6). -

وثم أبحاث نشير إليها: -

(1) سورة البقرة: 17.

(2)

هو الزفيان السعدي عطاء بن أسيد أحد بني عوانة ويكنى أبا المرقال، شاعر محسن.

(3)

الرجز في نوادر أبي زيد (331)، والخصائص (1/ 332)، وشرح التسهيل للمرادي، والتذييل:(3/ 408)، والهمع (1/ 201)، والدرر (1/ 170)، واللسان «أبي» .

اللغة: ما ذامه: ما عبه. النصيّ: نبت معروف يقال له نصي ما دام رطبا.

والشاهد فيه: نصب (حولي) على الظرف حيث يجب ذلك.

(4)

البيت من الطويل وهو في: التذييل (3/ 408)، وشرح التسهيل للمرادي، والهمع (1/ 201)، والدرر (1/ 170)، وديوان امرئ القيس (31)، ويروى البيت أيضا برواية (يمين الله) مكان (سباك الله).

اللغة: سباك الله: بمعنى باعدك الله وفضحك، وقيل: معناه: أذهب عقلك. السمار: جمع سامر وهو من يسمر ليلا.

والشاهد فيه: قوله: «أحوالي» ؛ حيث نصب على الظرف.

(5)

ينظر: التذييل (3/ 409).

(6)

شرح التسهيل للمصنف (2/ 230 - 243).

ص: 2015

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأول:

إن المصنف قد أشار إلى أن غير «فوق وتحت» من أسماء الجهات من المتوسط التصرف، وذلك نحو «أمام وقدام ووراء وخلف وأسفل وأعلى» وليعلم أن الكلمات المذكورة إذا تصرف فيها لا فرق بين أن لا يتجوز فيها نحو قولك:

خلفك مجدب و «وراءك أوسع لك» (1) وبين أن يتجوز فيها نحو قولك: زيد خلفك برفع خلف فجعله خبرا عن زيد، فزيد ليس بخلفك في الحقيقة وإنما الخلف مكان لزيد، وطريق المجاز فيه أن يقدر مضاف إلى المبتدأ محذوف، التقدير: مكان زيد خلفك أو أن يجعل الخلف زيد لما كان [2/ 466] حالّا فيه كما جعل النهار صائما من قولهم: نهاره صائم لما كان الصوم واقعا فيه (2) وليس هذا الذي ذكر مخصوصا بأسماء الجهات، بل يجوز ذلك في غيرها فتقول: مكانك مرتفع وعمرو مكانك، برفع مكانك على التقديرين اللذين ذكرا في زيد خلفك (3). أشار إلى ذلك كله ابن عصفور في شرح المقرب.

بقي أن يقال: إن قول المصنف: (كغير فوق وتحت من أسماء الجهات) يدخل فيه يمين وشمال، وعلى هذا يكونان من المتوسط التصرف، لكن المصنف قد عدهما مع الكثير التصرف، وقد يجاب عن هذا بأن نحو «يمين وشمال» لا يدخلان تحت قوله:(كغير فوق وتحت)، لأنه قد ذكرهما قبل فيما يكثر تصرفه، فكان ذكرهما أولا مخصصا لما أفهمه قوله:(كغير فوق وتحت من أسماء الجهات).

الثاني:

قد عرفت أن «حيث» من الكلمات النادرة التصرف وأن مما استدل به المصنف على تصرفها قول الشاعر: - -

(1) سبق تخريج هذا المثل في باب تعدي الفعل ولزومه، ولكن الاستشهاد به هنا يختلف عنه فيما سبق، فالشارح أورده هنا على أن «وراء» استعمل اسما لا ظرفا حيث وقع مبتدأ.

(2)

مذهب البصريين التسوية في ذلك بين المعرفة والنكرة، وأما الكوفيون فلا يكون ظرف المكان عندهم إلا معرفة بالإضافة أو مشبها للمعرفة بها نحو: خلفك وخلف الحائط؛ فإن قيل: وراء وقداما وخلفا فليس بظرف. اه. التذييل (3/ 398).

(3)

ينظر: التذييل (3/ 398).

ص: 2016

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1608 -

إنّ حيث استقرّ من أنت راعي

هـ حمى فيه عزّة وأمان (1)

وقد جعل الشيخ هذا الاستدلال خطأ، قال: لأن كون (حيث) اسما لإن فرع عن كونها تكون مبتدأ، ولم يسمع ذلك فيها، قال: ولا دليل في هذا البيت؛ لأن اسم إنّ هو حمى، وحيث في موضع خبر إنّ؛ لأنه ظرف، نحو: إنّ حيث زيد قائم عمرا، التقدير: إن حمى فيه عزة وأمان حيث استقر من أنت راعيه (2). انتهى.

ولا أعرف كيف يتوجه الخطأ على المصنف؛ لأن الغرض أن تصرف «حيث» نادر، واتفق أن التصرف النادر الذي حصل لها هو أن وردت اسما لإنّ، فكيف يقال: إن هذا موقوف على ورودها مبتدأة وهي لا يتصرف فيها إلا بما سمع، ثم إن هذه الكلمة إذا ندر وقوعها اسما لإن؛ فقد ندر وقوعها مبتدأة، وأما تخريجه البيت على أن «حمى فيه عزة وأمان» هو اسم إن، وحيث هو الخبر ينافي مراد الشاعر؛ لأن مقصوده أن يحكم على مكان من يرعاه الممدوح بأنه حمى فيه عزة وأمان، لا أن يحكم على حمى المذكور بأنه كائن حيث استقر من يرعاه الممدوح، وحاصله أن هذا التخريج يعكس النسبة المقصودة للشاعر من كلامه.

الثالث:

فقد عرفت أن المصنف أنشد البيت الذي أوله:

1609 -

وسطه كاليراع ..........

................ ........... (3)

وأنه حكم فيه بأن وسطه في رواية من رواه مرفوعا تصرف فيه يجعله مبتدأ وأن ذلك نادر، وقد كان ذكر أن «وسطا» بسكون السين ظرف لا اسم، وكلام ابن عصفور يقتضي أن «وسطه» في البيت المذكور اسم لا ظرف وأن سينه سكنت -

(1) تقدم ذكره.

(2)

التذييل (3/ 401).

اعترض ابن هشام على المصنف في جعله «حيث» اسما لإن، فقال: ولم تقع - أي حيث - اسما لإن خلافا لابن مالك ولا دليل له في قوله:

إن حيث استقر من أنت راعيه

البيت

لجواز تقدير حيث خبرا وحمى اسما، فإن قيل: يؤدي إلى جعل المكان حالّا في المكان، قلنا: هو نظير قولك: إن في مكة دار زيد ا. هـ. المغني (1/ 132)، والهمع (1/ 212).

(3)

تقدم ذكره.

ص: 2017

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ضرورة؛ فإنه بعد أن ذكر وسطا الساكن السين وأنه ظرف [2/ 467] قال: فإن أخرجوه عن الظرفية فتحوا السين فقالوا: وسط الدار أحر، ولا يجوز تسكينها إذ ذاك إلا في ضرورة نحو قول الفرزدق: -

1610 -

أتته بمجلوم كأنّ جبينه

صلاءة ورس وسطها قد تفلّقا (1)

وقول عدي بن زيد:

1611 -

وسطه كاليراع ......

......... البيت

قال: فاستعمل «وسط» في حال إخراجه عن الظرفية، وجعله مرفوعا بالابتداء ساكن السين لما اضطروا إلى ذلك (2). انتهى.

وما قاله ابن عصفور أظهر مما قاله المصنف، ثم اعلم أن الفراء (ومن تبعه) (3) من الكوفيين قالوا: إنّ «وسط» إذا كانت ظرفا، وكانت بمعنى «بين» كانت ساكنة السين، وإذا لم تكن بمعناها كانت مفتوحة السين، فأجازوا أن يقال: احتجم زيد وسط رأسه بفتح السين، وإن كانت ظرفا [3/ 2] لأنها ليست بمعنى «بين» إذ لا يقال: احتجم بين رأسه، والبصريون لا يجيزون في مثل هذا المثال إلا إسكان السين؛ لأن الكلمة ظرف، ولا يفرقون بين ما يصلح فيه «بين» وما ليس كذلك (4). فعلى هذا قول الشاعر أنشده الفراء: -

(1) البيت من الطويل وهو في: نوادر أبي زيد (453)، والتذييل (3/ 402، 403)، والخصائص (2/ 369)، وأمالي الشجري (2/ 258)، وشرح التسهيل للمرادي، والخزانة (1/ 478)، والهمع (1/ 201)، والدرر (1/ 169)، وشرح الجمل لابن الضائع (ق 35)، وديوان الفرزدق (596)، واللسان «وسط» ، وشرح الرضي (1/ 189).

اللغة: المجلوم: هو المحلوق. الصلاءة: مدق الطيب. الورس: نبت أصفر.

والشاهد فيه: وقوع «وسط» مبتدأ.

(2)

ينظر: شرح الجمل لابن الضائع (ق 35)، حيث أورد رأي ابن عصفور مفصلا، وينظر: المقرب (1/ 151)، ففيه إشارة إلى هذا الرأي.

(3)

في (جـ): (ومن معه).

(4)

ينظر: فصيح ثعلب (ص 68)، والتذييل (3/ 403)، والهمع (1/ 201)، وحاشية الصبان (2/ 131)، وابن يعيش (2/ 128)، وشرح الجمل لابن الضائع (ق 35).

ص: 2018

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1612 -

فوسط الدار ضربا واجتماعا (1)

غير ضرورة عند البصريين؛ لأن وسط الدار ظرف، وهو عند الفراء ومن تبعه في ذلك ضرورة؛ لأن وسطا فيه لا يتقدر «ببين» .

الرابع:

قد عرفت أيضا أن المصنف حكم بأن كلمة «دون» إذا لم تكن بمعنى رديء، من النادر التصرف، ومراده أنها إذا كانت ظرفا، وذاك إطلاقه على أنه لا فرق أن تكون ظرفيتها حقيقة نحو: جلست دون زيد، أو مجازا نحو: زيد دون عمرو في الشرف، وهذا هو الظاهر بل المتعين، لكن في كلام ابن عصفور أن كلمة «دون» التي يراد بها نقصان الرتبة في صفة من الصفات لا تتصرف (2)، وعلل ذلك بأنه لم يرد بالكلمة حينئذ المكان، فالظرفية فيها مجاز، فلم يتصرف فيها كما يتصرف في الظروف الحقيقية، وأما «دون» التي يراد بها الظرف فإنها تتصرف إلا أن ذلك قليل، وأنشد قول الشاعر: -

1613 -

ألم تريا أني حميت حقيقتي

... البيت (3)

فكأنه جعل ما يراد بها نقصان الرتبة عادمة التصرف، وما يراد بها المكان هي النادرة التصرف وهو غير ظاهر، ويدفعه قول سيبويه:«وأما دونك فإنه لا يرفع أبدا، وإن قلت: هو دونك في الشرف» (4)، فقول سيبويه: وإن قلت: هو دونك في الشرف، يقتضي أن دلالة «دون» على النقصان في الرتبة لا تقتضي عدم التصرف، بل قد تنافيه، ولهذا قال: وإن قلت هو دونك في الشرف، ثم إن كلمة «دون» في البيت الذي أنشده شاهدا على تصرفها وهو قوله: -

1614 -

وباشرت حدّ الموت والموت دونها (5)

إنما المراد بها نقصان الرتبة لا الظرف الحقيقي. -

(1) لم أهتد إليه وبحثت عنه في معاني القرآن للفراء فلم أجده.

(2)

ينظر: المقرب (1/ 150).

(3)

تقدّم ذكره.

(4)

الكتاب (1/ 409).

(5)

تقدم ذكره.

ص: 2019

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البحث الخامس:

تقدم لنا ذكر ما نقله المصنف عن الأخفش من أن العرب تقول: فوقك رأسك وتحتك رجلاك [2/ 468] بنصب فوق، لا يختلفون في ذلك، وبعد قول الأخفش ذلك لا يلتفت إلى ما ذكره الشيخ عن ابن الأنباري (1)، إنما هو رأي رآه من رآه (2)، واعلم أنه كما ندر جر «فوق» بعلى في البيت الذي أنشده المصنف ندر جرها بالباء أيضا في قول الآخر: -

1615 -

كلّفوني الذي أطيق فإني

لست رهنا بفوق ما أستطيع (3)

وليس من ذلك قول الآخر: -

1616 -

وشبّهني كلبا ولست بفوقه

ولا مثله إن كان غير قليل (4)

لأن الباء زائدة فلا عبرة بدخولها، وأما جرّ «فوق» و «تحت» بمن في قوله تعالى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ (5) وتَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ * (6) فقد عرفت أن الجر «بمن» لا يخرج الكلمة عن الظرفية، وقد فصل ابن عصفور الأمر في كلمة «فوق» كما فصل ذلك في كلمة «دون» فقال لما عدد الظروف التي لا تتصرف:«وفوقك إذا أريد بها علو المرتبة في صفة من الصفات» (7)، وعلل ذلك بما علل به كلمة دون، ومقتضى كلامه أنها إذا أريد بها العلو الحسي قد -

(1) زاد في (جـ) بعد قوله: (ما ذكره الشيخ عن ابن الأنباري) قوله: (أن بعض العرب يجيز الرفع في نحو فوقك رأسك وتحتك رجلاك، بخلاف فوقك قلنسوتك وتحتك نعلاك، فإنه يوجب النصب؛ لأن الأخفش أخبر عن لغة العرب والذي ذكره ابن الأنباري).

(2)

ينظر: التذييل (3/ 406).

(3)

البيت من الخفيف لقائل مجهول وهو في: التذييل (3/ 407)، وشرح التسهيل للمرادي، والهمع (1/ 210)، والدرر (1/ 178).

والشاهد فيه: جر «فوق» بالباء، وهذا نادر كما ذكر الشارح.

(4)

البيت من الطويل وهو لسحيم بن وثيل عبد بني الحسحاس قاله في نفسه. وهو في: التذييل (3/ 407)، والشعر والشعراء (408)، والعقد الفريد (2/ 316).

والشاهد فيه: دخول الباء الزائدة على «فوق» .

(5)

سورة النحل: 26.

(6)

سورة البقرة: 25، 266، وسورة آل عمران: 15، 136، 195.

(7)

المقرب (1/ 150).

ص: 2020

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تتصرف، وهذا خلاف ما قد عرف أنه من لغة العرب، وذكر ابن عصفور من الظروف التي لا تتصرف «سواك» و «سواك وسواك» ، قال: لأنها بمعنى مكانك الذي يدخله معنى عوضك (1) يعني بذلك، والمصنف يرى أن هذه الكلمة بمعنى غير، ويجيز تصرفها؛ فلهذا لم يذكرها وقد ذكرها في باب المستثنى وأشبع الكلام عليها (2)، قال الشيخ: ومما أهمل أكثر النحويين ذكره من الظروف التي لا تتصرف «شطر» بمعنى نحو، قال تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (3) وقال تعالى: فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (4) ومنه: -

1617 -

ألا من مبلغ عني رسولا

وما تغني الرسالة شطر عمرو (5)

أي نحو عمرو، وقول الآخر: -

1618 -

أقول لأمّ زنباع أقيمي

صدور العيس شطر بني تميم (6)

قال: والشطر أيضا نصف الشيء، والشطر أيضا الجزء من الشيء؛ فهو مشترك بين هذين وبين الجهة (7).

البحث السادس:

ذكر الشيخ في شرحه أن الجملة التي يضاف إليها «حيث» شرطها أن تكون خبرية اسمية أو فعلية مصدرة بماض أو مضارع مثبتين أو منفي بلم أو لا، قال: وأما قوله:

1619 -

من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور (8)

-

(1) ينظر: المقرب (1/ 150، 151).

(2)

انظر باب المستثنى في هذا الكتاب.

(3)

سورة البقرة: 144، 149، 150.

(4)

سورة البقرة: 144.

(5)

البيت من الوافر لقائل مجهول وهو في: التذييل (3/ 410)، والبحر المحيط (1/ 418).

والشاهد فيه: استعمال «شطر» ظرفا بمعنى نحو.

(6)

البيت من الوافر وهو لأبي زنباع الجذامي وهو في: التذييل (3/ 410)، والبحر المحيط (1/ 418)، والهمع (1/ 201)، والدرر (1/ 170)،

والظروف المفردة والمركبة (ص 350).

اللغة: العيس: الإبل البيض التي يخالط بياضها شيء من الشقرة وواحدها: أعيس.

والشاهد فيه: كالذي قبله حيث وقعت (شطر) ظرفا بمعنى نحو.

(7)

التذييل: (3/ 410، 411).

(8)

عجز بيت، قيل: لابن هرمة، وقيل: لغيره وصدره:

وإنني حيثما يدني الهوى بصري

والبيت من البسيط وهو في التذييل (3/ 413)، والارتشاف (584، 1128)، والمحتسب -

ص: 2021

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فما مصدرية على رأي من يجر بحيث المفرد، ومن لم يجز ذلك قال: إنما جاز ذلك ضرورة، أو يجعل «ما» زائدة أي من حيث سلكوا، وقد ذكروا أنها قد تجر بالباء أو بإلى أو بفي، فالباء كقولك: -

1620 -

كان منّا بحيث يعلى الإزار (1)

وإلى كقوله:

1621 -

إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم (2)

في رواية من رواه بإلى، وفي نحو [2/ 469].

1622 -

فأصبح في حيث التقينا شريدهم (3)

وكقول الآخر:

1623 -

على فتخاء يعلم حيث تنجو

وما في حيث تنجو من الطّريق (4)، (5)

-

- (1/ 259)، والإنصاف (1/ 24)، وابن يعيش (10/ 106)، وابن القواس (75)، والروض الأنف للسهيلي (1/ 38)، والخزانة (1/ 58)، (3/ 477، 540)، والمغني (2/ 368)، وشرح شواهده (2/ 785)، والفصول الخمسون (271)، وأمالي الشجري (1/ 221)، والاقتراح (41)، والهمع (2/ 156)، والدرر (2/ 207)، وملحقات ديوان ابن هرمة (239).

والشاهد فيه: إضافة «حيث» إلى شيء لم تتوفر فيه الشروط التي ذكرها أبو حيان.

(1)

شطر بيت من الخفيف لم يعلم له تتمة ولا قائل، وهو في: التذييل (3/ 413)، والارتشاف (584)، وشرح التسهيل للمرادي، والخزانة (3/ 157)، والهمع (1/ 212)، والدرر (1/ 181)، واللسان (أزر).

والشاهد فيه: جر «حيث» بالباء.

(2)

تقدم ذكره.

(3)

صدر بيت من الطويل وهو للفرزدق وعجزه:

طليق ومكتوف اليدين ومزعف

وهو في: الكتاب (2/ 10)، والتذييل (3/ 401، 414)، والبحر المحيط (5/ 461)، والخزانة (2/ 299)، وجمهرة القرشي (167)، وديوانه (562).

اللغة: الشريد: الطريد. الطليق: هو الأسير الذي أطلق عنه إساره، والمكتوف: المشدود بالكتاف.

المزعف: بفتح العين وكسرها، الصريع المقتول.

والشاهد فيه: جر (حيث) بفي شذوذا.

(4)

البيت من الوافر وهو لأبي ذؤيب الهذلي. وهو في التذييل: (3/ 414)، وديوان أبي ذؤيب (ص 26)، وديوان الهذليين:(1/ 88).

اللغة: الفتخاء: المراد بها يده التي فيها فتخ أي لين. والشاهد فيه: جر (حيث) بفي.

(5)

ينظر نص أبي حيان في: التذييل (3/ 412 - 414).

ص: 2022

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم إنك قد عرفت أن المصنف جعل حيث في قول الشاعر:

1624 -

إذا ريدة من حيث ما نفخت له (1)

مضافة إلى جملة مقدرة، التقدير: إذا ريدة نفخت من حيث ما هب.

فقال الشيخ: يحتمل أن تكون «حيث» مضافة إلى الجملة التي بعدها وهي:

نفخت له، و «ريدة» مرتفعة بفعل محذوف يفسره المعنى، التقدير: إذا نفخت ريدة (2)

انتهى.

قلت: وصحة التخريجين دون الآخر متوقفة على المعنى المراد من البيت؛ فإن كان المعنى المراد منه يعطيه تخريج الشيخ وجب الوقوف عنده، وإلا فيتعين تخريج المصنف، [3/ 3] والذي يظهر أن المصنف لم يتعسف التخريج الذي ذكره إلا لأنه رأى أنه معنى البيت، والله سبحانه أعلم.

ومما يتعين ذكره هنا أن الفارسي أجاز وقوع حيث مفعولا بها (3)، وجعل من ذلك قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (4)؛ لأن المعنى أن الله تعالى يعلم المكان المستحق لوضع الرسالة فيه، وليس المراد أنه تعالى يعلم شيئا في المكان، قال: وناصبها يعلم محذوفا مدلولا عليه بأعلم، لا «أعلم» نفسه لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به (5) .. انتهى.

ومن الناس من يؤول «أعلم» بعالم، فقد ينسب العمل إليه بهذا الطريق، ولا يحتاج إلى تقدير عامل غيره (6).

البحث السابع:

قال ابن عصفور: إنما لم تتصرف «عند» لأنها شديدة التوغل في الإبهام؛ إذ -

(1) تقدم ذكره.

(2)

التذييل (3/ 415).

(3)

يرى أبو البقاء العكبري أن (حيث) في قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ وقعت مفعولا به، وهو بذلك يتفق مع ما قاله الفارسي في الآية نفسها. ينظر: إملاء ما من به الرحمن (1/ 260)، وبقولهما أيضا قال ابن هشام في أوضح المسالك (1/ 177).

(4)

سورة الأنعام: 124، وفي (أ)(رسالاته) مكان (رسالته) وهو خطأ.

(5)

ينظر: المغني (1/ 131، 132)، والهمع (1/ 212، 213).

(6)

ينظر: المغني (1/ 132)، والهمع (1/ 213).

ص: 2023

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تصدق على الجهات الست فبعدت من المختص، فلم تستعمل استعمال الأسماء (1)، قلت: وقد تكون العلة في عدم تصرف «لدن» هي شدة التوغل في الإبهام أيضا، ثم إنك قد عرفت أن معنى «لدن» مخالف «عند» ، ويدل على ذلك قول المصنف وليست لدى بمعناها بل بمعنى «عند» على الأصحّ، وقد اشتمل كلام المصنف في المتن والشرح على التفرقة بين «لدن» و «عند» من ستة أوجه: -

أولها: أن لدن مخصوصة بما هو مبدأ غاية زمان أو مكان؛ فهي لا تفارق هذا المعنى بخلاف «عند» فإنها قد تكون لابتداء الغاية وقد لا تكون، وقد تقدم التمثيل لذلك في كلام المصنف.

ثانيها: أنها لا تستعمل إلا مصحوبة بمن، واستعمالها غير مصحوبة بها في غاية القلة و «عند» ليست كذلك.

ثالثها: أن «لدن» مبنية وإنما أعربت في اللغة القيسية، وقد أشار المصنف فيما تقدّم إلى علة بنائها، وأما «عند» فمعربة في جميع اللغات.

رابعها: أن «لدن» تضاف إلى الجملة كما تضاف إلى المفرد، وقد أشار المصنف إلى ذلك بقوله: ويجر ما يليها بالإضافة لفظا إن كان مفردا، وتقديرا إن كان جملة (2) وأما «عند» فلا تضاف إلا إلى مفرد.

خامسها: أن «لدن» قد لا يذكر بعدها مضاف إليه، وذلك إذا نصبت غدوة [2/ 470] بعدها أو رفعت بخلاف «عند» فإنها لا تذكر دون مضاف إليه أبدا.

سادسها: وهو الذي ذكره في الشرح دون المتن أن «لدن» يمتنع الإخبار بها وعنها، أي كما يمتنع الإخبار عنها يمتنع الإخبار بها، فلا يقال: الخروج من لدن الكوفة ولا السفر من لدن المسجد، وأما «عند» وإن امتنع الإخبار عنها فلا يمتنع الإخبار بها، وقد تقدمت أمثلة الإخبار بها، وبلدى من الكتاب العزيز، وهذا الوجه السادس هو الذي يعبر عنه بأن «لدن» لا تقع إلا فضلة (3)، واعلم أنه لا يضاف -

(1) ينظر: المقرب (1/ 151)، والتذييل (3/ 416).

(2)

التسهيل (97).

(3)

ينظر: شرح التسهيل للمصنف (2/ 236)، والهمع (1/ 215)، والمغني (1/ 156، 157)، والأشموني (2/ 264).

ص: 2024

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى الجمل من ظروف المكان إلا «لدن» و «حيث» لكن «حيث» تضاف إليها وجوبا و «لدن» تضاف جوازا (1).

البحث الثامن:

قد عرفت من كلام المصنف أن نصب «غدوة» بعد «لدن» إما على التمييز وإما على إضمار كان واسمها مضمر فيها، ومن نصب على التمييز قال: شبهت نون «لدن» وإن كانت من بنية الكلمة بالتنوين؛ إذ صارت هذه النون تثبت تارة وتحذف تارة أخرى فأشبهت «ضاربا» ؛ فكما قالوا: ضارب زيدا، قالوا: لدن غدوة (2)، هكذا ذكروا فيؤخذ عن الأئمة تقليدا، وقد قال بعضهم في نصب «غدوة» تمييزا:

إنه إعراب يعسر تعقله (3)، ثم إذا انتصب «غدوة» بعد «لدن» فالمحفوظ أنها منونة قبل. وكان من حقها أن تمنع من الصرف، وإنما صرفوها لأنهم لما عزموا على إخراجها عن النظائر في حالها غيروها في ذاتها بالصرف، وأيضا لو لم يصرفوها لفتحوها فلم يعلم أمنصوبة هي أم مجرورة لأنها لا تتصرف، فلما عزموا على نصبها وإخراجها لكثرة الاستعمال عن حال نظائرها صرفوها، لكون ظهور التنوين مع الحركة يحقق قصدهم، فإن قلت: الذي رفع غدوة أو جرها ما دعاه إلى الصرف ولا إشكال فيه كما في النصب. فالجواب: أنهم لما أوجبوا ضروبا منصوبة، وهو الأكثر من أحوالها، حملوا الجر عليه، لأنه أخوه فصار لها تنوين في الحالين، فحملوا الرفع عليهما والرفع هنا دخيل على النصب، لأن «غدوة» ظرف وأصله النصب، فلما كان فرعا في هذا الموضع حمل على النصب في التنوين (4). هذا ما لخصه الشيخ من كلام ابن جني في هذه المسألة، ولا شك أنه كلام من أوتي تفقّها في علمه وتصرفا في فنه، وإذا عطفت على «غدوة» المنصوبة بعد «لدن» فقلت: لدن -

(1) يرى ابن الدهان أنه لا يضاف من ظروف المكان إلى الجمل إلا «حيث» وحدها ومنع إضافة «لدن» إلى الجملة وأوّل ما ورد من ذلك على تقدير «أن» المصدرية، ينظر: التذييل (3/ 419)، والمطالع السعيدة (318)، والهمع (1/ 215).

(2)

ضعف المرادي في شرحه على الألفية (2/ 275) هذا الرأي فقال: وضعف - أي تشبيه لدن باسم الفاعل - لسماع النصب بعد «لد» المحذوفة النون، وبهذا الذي قاله المرادي ضعف الأشموني هذا الرأي أيضا. ينظر: الأشموني (2/ 263).

(3)

ينظر: التذييل (3/ 422).

(4)

التذييل (3/ 422).

ص: 2025

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غدوة وعشية، فقد أجاز أبو الحسن الجر في المعطوف والنصب، أما النصب فوجهه ظاهر (1)، وأما الجر فقالوا: لأن «غدوة» وإن لم تجر لفظا فهي في موضع جر (2)، قال المصنف - في شرح الكافية الشافية -: والنصب في المعطوف بعيد عن القياس (3)، قال الشيخ: والذي أختاره أنه لا يجوز في المعطوف إلا النصب، لأن «غدوة» عند من نصب ليس في موضع جر، فليس من باب [2/ 471] العطف على الموضع وهو نصب صحيح؛ فإذا عطف عليه، ولا سيما على مذهب من جعل «غدوة» منصوبة بكان مضمرة فلا يتخيل فيه إذ ذاك جرّا البتة، فإن قلت: يلزم من ذلك أن تكون «لدن» قد انتصب بعدها ظرف غير «غدوة» ولم يحفظ نصب بعدها إلا في غدوة، فالجواب: أنه يجوز في الثواني ما لا يجوز في الأوائل (4). انتهى.

وأما الرفع بعد «لدن» فعلى تقدير «كان» أي لدن كانت غدوة، قال الشيخ:

وظاهر كلام ابن جني أنها مرفوعة بلدن فإنه قال: وقد شبهه بعضهم بالفاعل فرفع فقال: لدن غدوة كما تقول في اسم الفاعل: ضارب زيد. انتهى (5). ولا يخفى بعد القول بأنها مرفوعة (6)[3/ 4] بلدن، وكلام ابن جني ليس صريحا في ذلك.

البحث التاسع:

قال الشيخ: قول المصنف: وتفرد - يعني مع - فتساوي جميعا معنى ليس بصحيح، قال: وهذه المسألة جرت بين أحمد بن يحيى (7) وأحمد بن قادم (8)، وهما من شيوخ الكوفة، سأل أحمد بن يحيى عنها ابن قادم قال: فلم يزل يركض -

(1) وهو مراعاة اللفظ، ينظر: الأشموني (2/ 263).

(2)

ينظر: المطالع السعيدة (ص 319)، والهمع (1/ 215)، والأشموني (2/ 263)، وشرح ابن عقيل بحاشية الخضري (2/ 14).

(3)

الكافية الشافية لابن مالك (2/ 953) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.

(4)

التذييل (3/ 422).

(5)

التذييل (3/ 423).

(6)

لأن «لدن» حينئذ تكون بمنزلة الفعل، وقد أشار إلى ذلك ابن يعيش فقال:«وقد شبه بعضهم غدوة بالفاعل فرفعها فقال: لدن غدوة كما تقول: قام زيد» . اه. شرح المفصل لابن يعيش (4/ 102).

(7)

هو المشهور بثعلب زعيم الطبقة الخامسة الكوفية.

(8)

هو أحمد بن عبد الله بن قادم أبو جعفر، كان من أعيان أصحاب الفراء، وأخذ عنه ثعلب، وله من التصانيف: الكافي في النحو والمختصر فيه، وغرائب الحديث، توفي سنة 251 هـ ببغداد. ينظر: بغية الوعاة (1/ 140، 141)، وطبقات ابن شهبة (1/ 137).

ص: 2026

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيها إلى الليل وفرق أحمد بن يحيى بأن جميعا تكون للقيام في وقتين وفي وقت واحد، إذا قلت: قام زيد وبكر معا (1)، ثم قد عرفت أن المصنف اختار مذهب يونس والأخفش في أن «معا» كفتى لفظا لا كيد إذا نصبت، واستدل لصحة ذلك بأنك تقول: الزيدان معا والعمرون معا، فتوقع معا في موضع رفع كما توقع الأسماء المقصورة كقولك: هو فتى وهم عدى، ولو كان باقيا على النقص لقيل: الزيدون مع، كما يقال: هم يد واحدة على من سواهم، لكن قد قال الشيخ: ما ذكره المصنف من أنه لو كان الأمر كما ذهب غير يونس والأخفش، لكان يلزم الرفع في مثل قولنا: الزيدون معا خطأ فاحش؛ لأن «مع» قد تقرر أنها ظرف لا يتصرّف، وقد ذكر هو ذلك، فقولك: الزيدون معا، هو منصوب على الظرف الواقع خبرا كما تقول: الزيدون عندك، وإذا كان ظرفا لا يتصرف فلا يرفع (2). انتهى.

ولك أن تجيب عن المصنف فتقول: إن الظرف الذي لا يتصرف إنما هو «مع» الملازمة للإضافة، أما المفردة عن الإضافة فليست كذلك، بل تقول: إن الظرفية لا يتعقل فيها حالة الإفراد، وإنما يتعقل ظرفيتها حال إضافتها، وإذا لم يحكم عليها بالظرفية حال الإفراد فمعناها في نحو: جاء الزيدان أو الزيدون معا، إما معنى جميعا كما رأى المصنف ومن وافقه، وإما معنى مصطحبين أو مصطحبين فالظرفية منفية عن كل من المعنيين، والنصب في كلتا الكلمتين أعني جميعا ومصطحبين لو صرح بهما إنما هو على الحال فكذلك نصب معا إذا وقعت هذا الموقع إنما هو على الحال لا على الظرف، وكذا يكون المعنى في قول الشاعر:

1625 -

وشعباكما معا (3)[2/ 472]

وقول الآخر:

1626 -

وأهواؤنا معا (4)

والتقدير: وشعبا كما مصطحبان أي مقترنان، وأهواؤنا مصطحبة أي مقترنة، فمعا مرفوعة في هذين البيتين على الخبرية، وليست منصوبة على الظرف، إذ قد بينا أنه لا ظرفية حينئذ، وإذا كان كذلك فلو كانت «مع» حال إفرادها «كيد» -

(1) التذييل (3/ 425، 426) وينظر: مجالس ثعلب (2/ 386).

(2)

التذييل (3/ 427) بتصرف يسير.

(3)

،

(4)

تقدم ذكرهما.

ص: 2027