المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[نوعا المتعدي: متعد إلى واحد - متعد إلى اثنين] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٤

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن عشر باب الفاعل

- ‌[تعريفه]

- ‌[من أحكام الفاعل: الرفع وتقديم الفعل]

- ‌[من أحكام الفاعل: تأنيث الفعل وجوبا وجوازا]

- ‌[من أحكام الفاعل: ألا تلحقه علامة تثنية أو جمع]

- ‌[من أحكام الفاعل: جواز حذف الفعل]

- ‌الباب التاسع عشر باب النّائب عن الفاعل

- ‌[أغراض حذف الفاعل - ما ينوب عنه]

- ‌[جواز نيابة غير المفعول مع وجود المفعول]

- ‌[جواز نيابة أي المفعولين]

- ‌[بعض المنصوبات لا تجوز إنابتها]

- ‌[التغييرات التي تحدث في الفعل عند بنائه للمجهول]

- ‌[أحكام تأخير المفعول عن الفاعل وتقديمه عليه]

- ‌الباب العشرون باب اشتغال العامل عن الاسم السّابق بضميره أو ملابسه

- ‌[مواضع نصب المشغول عنه وجوبا]

- ‌[مواضع ترجيح النصب في المشغول عنه]

- ‌[جواز الرفع والنصب على السواء في المشغول عنه]

- ‌[مسألتان اختلف فيهما النحاة أيهما أرجح]

- ‌[ترجح رفع الاسم على الابتداء]

- ‌[أنواع ملابسة الضمير للمشغول عنه]

- ‌[مسألة يترجح فيها الرفع]

- ‌[رفع الاسم المشغول عنه وأحكامه في ذلك]

- ‌[مسألة أخيرة في باب الاشتغال]

- ‌الباب الحادي والعشرون باب تعدي الفعل ولزومه

- ‌[تقسيم الفعل إلى متعدّ ولازم - إجراء اللازم مجرى المتعدي]

- ‌[نوعا المتعدي: متعد إلى واحد - متعد إلى اثنين]

- ‌[مسائل تأخير المفعول وجوبا وتقديمه وجوبا وجواز الأمرين]

- ‌[حذف العامل الناصب للمفعول به جوازا ووجوبا]

- ‌[مواضع حذف المفعول ومواضع ذكره]

- ‌[تعدي الفعل بالهمزة والتضعيف]

- ‌الباب الثاني والعشرون باب تنازع العالمين فصاعدا معمولا واحدا

- ‌[تعريف التنازع - العامل في المتنازع فيه]

- ‌[خلاف البصريين والكوفيين في العامل]

- ‌[حكم ضمير المتنازع فيه من الإظهار أو الحذف]

- ‌[مسائل أربع في باب التنازع ختم بها الباب]

- ‌الباب الثالث والعشرون باب الواقع مفعولا مطلقا من مصدر وما يجري مجراه

- ‌[تعريف المصدر - وأسماؤه وأصالته]

- ‌[المفعول المطلق: ناصبه - أنواعه - ما ينوب عنه]

- ‌[حذف عامل المفعول المطلق - جوازا ووجوبا - ومواضع ذلك]

- ‌[أحكام للمفعول المطلق المحذوف عامله وجوبا]

- ‌الباب الرابع والعشرون باب المفعول له

- ‌[تعريفه - ناصبه - أنواعه - وحكم كل نوع]

- ‌الباب الخامس والعشرون باب المفعول المسمّى ظرفا ومفعولا فيه

- ‌[تعريف الظرف - نوعاه]

- ‌[تقسيم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف]

- ‌[تقسيمات مختلفة لظرف الزمان وأمثلة لكلّ]

- ‌[حكم الظرف الواقع في جواب كم أو متى بالنسبة لحصول الفعل]

- ‌[أحكام إذ حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام إذا حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام مذ ومنذ حين تجيئان ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام الآن وبناؤه وإعرابه]

- ‌[أحكام قط وعوض]

- ‌[أحكام أمس من بنائه وإعرابه]

- ‌[الصالح للظرفية المكانية من أسماء الأمكنة]

- ‌[أحكام بعض الظروف المكانية مثل أسماء الجهات وحيث ولدن]

- ‌[التوسع في الظرف المتصرف]

- ‌الباب السادس والعشرون باب المفعول معه

- ‌[تعريفه وشرح التعريف]

- ‌[ناصب المفعول معه والآراء في ذلك]

- ‌[واو المفعول معه وحديث عنها]

- ‌[المفعول معه وحكم تقديمه]

- ‌[أقسام خمسة لما بعد الواو وحكم كل قسم]

- ‌[تعقيب على أقسام المفعول معه السابقة]

- ‌[أمثلة مختلفة في هذا الباب وما يجوز فيها]

- ‌[مسألتان في ختام هذا الباب]

الفصل: ‌[نوعا المتعدي: متعد إلى واحد - متعد إلى اثنين]

[نوعا المتعدي: متعد إلى واحد - متعد إلى اثنين]

قال ابن مالك: (فصل: المتعدّي من غير بابي «ظنّ» و «أعلم» متعدّ إلى واحد، ومتعدّ إلى اثنين، والأوّل متعدّ بنفسه وجوبا، وجائز التّعدّي واللّزوم، وكذا الثاني بالنّسبة إلى أحد المفعولين، والأصل تقديم ما هو فاعل معنى على ما ليس كذلك، وتقديم ما قد يجرّ، وترك هذا [2/ 316] الأصل واجب وجائز وممتنع لمثل القرائن المذكورة فيما مضى).

ــ

أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً (1)، ومحال منصوب لا ناصب له؛ وأن الفاعل يكون ضميرا وهو غير عامل.

الثالث: مذهب الفراء، وهو أن الناصب للمفعول به المجموع، وهو أيضا باطل بما أبطل به مذهب هشام، وبشيء آخر وهو أنهما لو كانا عاملين لما (2) جاز وقوعه بينهما؛ لأن المعمول لا يتوسط العامل.

الرابع: مذهب خلف الأحمر، أن العامل في المفعول (3) معنوي وهو كونه مفعولا، ويبطله رفعه في ما لم يسم فاعله، ومعنى المفعولية فيه، فإن قيل: مسلم أن معنى المفعولية باق؛ لكن فقد شرط نصبه، وهو ذكر الفاعل، فالجواب: أن ذكر الفاعل ليس بشرط، بدليل جواز حذفه مع المصدر مع نصبه (4).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (5): لما تقدم الكلام على «ظن» و «أعلم» وأخواتها استثنيتهما بقولي: (المتعدي من غير بابي «ظن» و «أعلم») وبيّنت أن المتعدي مما سواهما لا يوجد منه متعدّ إلى أكثر من اثنين، بل هو إما متعدّ إلى واحد بنفسه أبدا كضرب وأكل، مما لا يحتاج إلى حرف جر، وإما متعدّ بنفسه تارة، وبحرف جر تارة، كشكر ونصح، مما يقال له: متعدّ بوجهين، وقد أشرت إلى ذلك قبل هذا مجملا (6)، ثم أشرت الآن إليه مفصلا، ثم بيّنت أن المتعدي إلى اثنين من هذا الباب، إما متعدّ إليهما بنفسه، نحو: كسا وأعطى، وإما متعدّ إلى -

(1) سورة البلد: 14، 15.

(2)

في (ب): (ما).

(3)

في (ب): (المفعول به).

(4)

ينظر هذه المسألة في: التذييل (3/ 62)، والهمع (1/ 165)، والمطالع السعيدة (ص 269)، والمقرب (1/ 113)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 166)، والإنصاف (1/ 78، 79).

(5)

شرح التسهيل (1/ 151).

(6)

سبق شرحه.

ص: 1733

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدهما بنفسه أبدا وإلى الآخر بوجهين، نحو: اختار وأمر، تقول: كسوت زيدا ثوبا، وأعطيته درهما؛ فلا يحتاج إلى حرف جر، ولا يجوز ذلك أن تأتي به، وتقول: اخترت زيدا قومه، وأمرته الخير، واخترته من قومه وأمرته بالخير. ومأخذ هذا النوع السماع (1) والأصل تقديم المفعول الذي هو فاعل معنى على المفعول الذي ليس كذلك، كزيد من مسألة: أعطيت زيدا درهما؛ فإنه مفعول في اللفظ فاعل في المعنى؛ لكونه آخذ أو متناولا، بخلاف الدرهم؛ فإنه مفعول في اللفظ والمعنى، فأصله أن يتأخر وأصل الآخر أن يقدم (2)، وكذا الأصل تقديم ما هو يتعدى إليه الفعل بنفسه أبدا، وتأخير ما يتعدى إليه بوجهين؛ لأن علقه ما لا يحتاج إلى واسطة أقوى من علقه ما يحتاج إليها؛ فلذلك يقال: أعطيت درهمه زيدا، واخترت قومه عمرا، ولا يقال: أعطيت صاحبه الدرهم (3)، ولا: اخترت أحدهم القوم، إلا على قول من قال: ضرب غلامه زيدا (4)، ومثال: وجوب ترك الأصل:

ما أعطيت درهما إلا زيدا (5)، وأعطيت الدرهم صاحبه (6)، وهما نظيرا:

ما ضرب عمرا إلا زيد، وضرب زيدا غلامه، ومثال امتناع ترك الأصل:

ما أعطيت زيدا إلا (7) درهما، وأضربت زيدا عمرا (8)؛ بمعنى جعلت زيدا يضرب عمرا، وهذان نظيرا: ما ضرب زيد إلا عمرا، وضرب موسى عيسى، وما خلا من -

(1) ينظر: الكتاب (1/ 37 - 39)، ونتائج الفكر للسهيلي (ص 330)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 304، 305) طبعة العراق، والمقرب (1/ 121).

(2)

ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 97)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 55)، والبهجة المرضية (ص 56)، وأوضح المسالك (1/ 160)، والمطالع السعيدة (ص 271).

(3)

وذلك لعود الضمير على مؤخر لفظا ورتبة، وينظر: التصريح (1/ 314).

(4)

في الهمع (1/ 168): «ومما يفرع على الأصل أيضا امتناع أعطيت مالكه الغلام؛ لعود الضمير على مؤخر لفظا ورتبة؛ لأن المالك هو الآخذ، فهو نظير: ضرب غلامه زيدا، والكوفيون جوزوا ذلك على تقدير تناول الفعل للغلام أولا، فالأول عندهم هو الذي يقدر الفعل آخذا له

قبل صاحبه» اه.

وينظر: التصريح (1/ 314).

(5)

لأن المفعول الأول محصور بإلّا، فوجب تأخيره.

(6)

وجب ترك الأصل في هذا المثال، فقدم المفعول الثاني على المفعول الأول، ليعود الضمير على متقدم، ينظر: المطالع السعيدة (ص 271)، والهمع (1/ 168).

(7)

العلة في وجوب الأصل هنا، حصر المفعول الثاني بإلّا.

(8)

يجب الأصل في هذا المثال؛ لأنه ليس هناك قرينة تبين الفاعل من المفعول.

ص: 1734

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سبب الوجوب وسبب الامتناع جاز أن يبقى على الأصل، نحو: كسوت زيدا ثوبا، وجائز أن يخالف الأصل، نحو: كسوت ثوبا زيدا. انتهى (1).

وقد تقدم من كلام ابن عصفور أن الأفعال التي تتعدى إلى واحد بنفسها، وإلى آخر بحرف، وأن ذلك الحرف يجوز حذفه هي: اختار، واستغفر، وسمّى، وكنّى، ودعا بمعنى سمّى، وأمر؛ فهي ستة أفعال، وذكر أنها مسموعة تحفظ، ولا يقاس عليها (2) كما ذكر المصنف، قال الله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا (3) المعنى: عن قومه، وقال الشاعر:

1317 -

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به

فقد تركتك ذا مال وذا نشب (4)

[2/ 317] وقال الآخر (5):

1318 -

وسمّيت كعبا بشر العظام

وكان أبوك يسمّى جعل (6)

يريد: وسمّيت بكعب، وكان أبوك يسمّى بجعل، ويقال: كنيتك أبا عبد الله أي: بأبي عبد الله، قال:

1319 -

وما صفراء تكنى أمّ عمرو

كأنّ سويقتيها منجلان (7)

-

(1) ينظر: شرح التسهيل للمصنف (2/ 152).

(2)

ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 305، 306) طبعة العراق.

(3)

سورة الأعراف: 155.

(4)

البيت من البسيط، وهو لعمرو بن معد يكرب الزبيدي وهو في: الكتاب (1/ 37)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 305)، والمقتضب (2/ 35، 320)، والجمل للزجاجي (ص 40)، والمحتسب (1/ 51، 372)، والأمالي الشجرية (1/ 165)، (2/ 240)، وابن يعيش (2/ 44)، (8/ 50)، وأصول ابن السراج (1/ 213)، والمزهر (2/ 457)، والمؤتلف والمختلف (ص 17)، والكافي شرح الهادي (ص 408)، والمغني (1/ 315)، (2/ 566)، والخزانة (1/ 164)، والهمع (2/ 82)، والدرر (2/ 106).

اللغة: النشب: المال الثابت كالضياع ونحوهما.

والشاهد قوله: «أمرتك الخير» ؛ حيث حذف حرف الجر، وهو الباء، والأصل: بالخير.

(5)

هو الأخطل أو عتبة بن الوغل، ينظر: معجم شواهد العربية (1/ 262).

(6)

البيت من المتقارب، وهو في: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 305)، والتذييل (3/ 75)، والخزانة (1/ 220، 415، 458)، والمؤتلف والمختلف (ص 84)، والاقتضاب (45، 125)، وديوان الأخطل (ص 335).

ويروى البيت برواية «يسمى الجعل» مكان «يسمى جعل» .

والشاهد قوله: «وسميت كعبا - يسمى جعل» ؛ حيث حذف حرف الجر.

(7)

البيت من الوافر، وهو لحماد الرواية، وقيل: لأبي عطاء السندي، وهو في: شرح الجمل لابن عصفور -

ص: 1735

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يريد: تكنى بأم عمرو، وأستغفر الله ذنبي، يريد: من ذنبي، قال الشاعر:

1320 -

أستغفر الله ذنبا لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل (1)

أي: من ذنب، ودعوتك أبا عبد الله، أي: بأبي عبد الله، قال (2):

1321 -

دعتني أخاها أمّ عمرو ولم أكن

أخاها ولم أرضع لها بلبان (3)

يريد: دعتني بأخيها، أي: سمتني بذلك؛ فإن أريد بـ «دعا» معنى الاستدعاء لم يتجاوز مفعولا واحدا، نحو: دعوت زيدا، أي: استدعيه، وقد ذكر الشيخ عن النحاة مع هذه الأفعال الستة، أفعالا أخر أجريت مجراها فيما ذكر، وهي: زوّج وصدّق وعيّر.

فيقال: زوجته بامرأة، قال الله تعالى: زَوَّجْناكَها (4)، وصدقت زيدا في الحديث والحديث، وعيّرت زيدا بسواده (5) قال:

1322 -

وعيّرتني بنو ذبيان خشيته

وهل عليك بأن أخشاك من عار (6)

-

- (1/ 305)، والتذييل (3/ 75) برواية «أم عوف» مكان «أم عمرو» ، والشعر والشعراء (767)، والأغاني (17/ 331)، والحيوان للجاحظ (5/ 161)، والمحكم (2/ 269)، واللسان (صفر).

والشاهد قوله: «تكنى أم عمرو» ؛ حيث حذف حرف الجر، وعدّى الفعل.

(1)

البيت من البسيط لم أهتد إلى قائله ولم ينسبه أحد، وهو من الأبيات الخمسين. وهو في: الكتاب (1/ 37)، وشرح أبياته للسيرافي (1/ 4202)، والمقتضب (2/ 320)، والخصائص (3/ 247)، وابن يعيش (7/ 63، 8/ 51)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 306)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 233)، والخزانة (1/ 486)، وشرح شذور الذهب (ص 445)، وتأويل مشكل القرآن (1/ 177)، ومقاييس اللغة (6/ 59)، ومع النحو والنحاة في سورة الأعراف (ص 103) والكافي شرح الهادي (ص 407)، وأصول النحو لابن السراج (1/ 212)، والتذييل (3/ 74)، وأمالي المرتضى (3/ 47)، والغرة المخفية (ص 253)، والعيني (3/ 226)، والتصريح (1/ 394)، والهمع (2/ 82)، والدرر (2/ 106).

والشاهد قوله: «ذنبا» ؛ حيث حذف حرف الجر، وعدّى الفعل «أستغفر» .

(2)

هو عبد الرحمن بن الحكم، والبيت من قصيدة يشبب فيها بزوج أخيه مروان بن الحكم.

(3)

البيت من الطويل، وهو في: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 306)، والكامل (1/ 125)، وشذور الذهب (ص 449)، ومع النحو والنحاة في سورة الأعراف (ص 104).

والشاهد قوله: «دعتني أخاها» ؛ حيث حذف حرف الجر، وعدى الفعل، والأصل: دعتني بأخيها.

(4)

سورة الأحزاب: 37.

(5)

ينظر: التذييل (3/ 76).

(6)

البيت من البسيط وهو للنابغة الذبياني في: التذييل (3/ 76)، وديوان النابغة (ص 57) طبعة بيروت.

والشاهد قوله: «وعيرتني بنو ذبيان خشيته» حيث حذف حرف الجر، وعدى الفعل، والأصل:

«بخشيته» ورواية الديوان «وهل علي» مكان «وهل عليك» .

ص: 1736

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجعل الجرجاني من هذه الأفعال أيضا كلته كذا وكذا جريبا، ووزنته كذا وكذا درهما، والأصل: كلت له ووزنت له، ثم حذفت اللام قال الله تعالى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ [يُخْسِرُونَ (1)؛ المعنى: وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم](2)، ولم يذكر المكيل والموزون (3).

واعلم أن الشرط المتقدم الذكر في حذف حرف الجر المصاحب لأنّ وأن، وهو المتعين مشروط هنا أيضا، ولهذا قال ابن عصفور بعد أن ذكر الأفعال المتقدمة الذكر، ولا يجوز ذلك يعني الحذف في هذه الأفعال إلا بشرط تعين موضع الحذف والمحذوف الذي هو حرف الجر؛ فإن نقص هذان الشرطان، أو أحدهما لم يجز حذف حرف الجر

أصلا، فلا يجوز: اخترت إخوتك الزيدين؛ لعدم تعين موضع الحذف؛ إذ يحتمل أن يكون المراد: اخترت إخوتك من الزيدين، أو: اخترت الزيدين من إخوتك (4)، ثم قد بقي هاهنا أمور ينبه عليها:

منها: أن الشيخ قال: إن في جواز «أضربت زيدا عمرا» ؛ نظرا فإن الظاهر من مذهب سيبويه؛ أن التعدية بالهمزة قياس في اللازم، سماع في المتعدي، قال:

فعلى هذا يحتاج إلى سماع تعدية ضرب لمفعولين بالهمزة، وإلا لم يجز (5).

ومنها: أن السهيلي ذهب إلى أن [2/ 318]«استغفر» ليس أصلها التعدية إلى الثاني بحرف الجر؛ بل الأصل أن تتعدى إليه بنفسها، وزعم أن تعديتها بمن إنما هو ثان عن تعديتها بنفسها؛ وإنما عديت بمن لتضمنها معنى طلب التوبة من الذنب والخروج منه، والأصل: استغفرت الله الذنب؛ لأنه من غفر إذا ستر، وتقول: غفر الله ذنوبنا ولا تقول: من ذنوبنا، إلا أن تريد بعضها، ومعنى «استغفر» طلب أن يغفر له، فهو بمنزلة: استسقيت زيدا الماء، واستطعمت عمرا الخبز، أصله: سقاني زيد الماء، وأطعمني عمرو الخبز؛ فكما أن الماء والخبز في المثالين منصوبان في -

(1) سورة المطففين: 3.

(2)

ما بين المعقوفين من أول قوله: يُخْسِرُونَ إلى قوله: «وزنوا لهم» من الهامش في (ب).

(3)

ينظر: المقتصد شرح الإيضاح للجرجاني (ص 561).

(4)

ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 306، 307).

(5)

التذييل (3/ 87).

ص: 1737

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحالتين؛ كذلك يكون الذنب في الحالتين منصوبا؛ ولا يكون منصوبا في أحدهما مجرورا في الآخر؛ فإذا دخل حرف الجر، دل على تضمنه معنى ما يتعدى بحرف الجر؛ فكأنك قلت: استتبت الله من ذنبي أو سألته النجاة منه، قال: ولذلك لا يجوز الاقتصار على المنصوب بعد إسقاط «من» ، لا تقول: استغفرت ذنبي، حتى تذكر المستغفر المسؤول منه التوبة والنجاة من الذنب (1) انتهى.

والذي ذكره وبحثه حسن وهو الظاهر، وقد كان في النفس من هذه المسألة شيء فانجلى بالوقوف على كلام هذا الرجل، وقد نازع الناس السهيلي في هذه الدعوى فقالوا: هذا الذي قاله السهيلي لا يلزم؛ إذ العرب تقول: استفهمت زيدا عن المسألة، وتقول: فهمني زيد المسألة، فاستغفرت الله من الذنب كاستفهمت زيدا عن المسألة ولم يجئ

مجيء استطعمت، فلا يلزم من سين الاستفعال أن يتعدى الفعل بها إلى ما كان يتعدى إليه قبل دخولها (2)، قالوا: ويقطع ببطلان مذهبه أن سيبويه نقل أن بعض العرب، يقول: استغفرت الله ذنبي، والجميع يقولون: استغفرت الله من ذنبي (3)، فلو كان الأصل أن يتعدى بنفسه؛ لكثر ولقل تعديته بمن (4).

وأقول: للسهيلي أن يقول: إن استفهمت زيدا عن المسألة ضمن معنى سألت؛ لأن المستفهم سائل؛ فكأنه قال: سألت زيدا عن المسألة، لكن السؤال قد يكون سؤال مستفهم، وقد يكون سؤال غير مستفهم، فأتى باستفهمت وجرّ المفعول الثاني؛ لإفادة أن المتكلم بذلك سأل زيدا عن المسألة مستفهما، وأما كون جميع العرب يقولون: استغفرت الله من ذنبي؛ فقد يقال في جوابه بأن الفروع قد تفوق الأصول في الاستعمال، ثم المسوغ لكثرة استعمال الفرع هنا دون الأصل: أن أصل الفعل الذي هو «استغفر» يكون حينئذ مضمنا معنى طلب.

ولهذا قال السهيلي: وكأنك قلت: «استتبت الله من ذنبي، أو سألته النجاة منه، ولا شك أن العبد مطلوب منه أن يكون طالبا للخروج من الذنب [2/ 319] والتوبة منه.

ومنها: أن ابن عصفور ذكر في هذا الباب مسألة، وهي أن الفعل المتعدي إذا -

(1) ينظر: نتائج الفكر للسهيلي (ص 332، 333).

(2)

ينظر: حاشية الصبان (2/ 96، 97).

(3)

ينظر: الكتاب (1/ 38).

(4)

ينظر: الهمع (2/ 83).

ص: 1738

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قدم مفعوله عليه، جاز دخول اللام عليه، فتقول: لزيد ضربت، قال الله تعالى:

إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (1) أما إذا تأخر فلا يجوز دخول اللام عليه، إلا في الضرورة أو في نادر كلام، كقول الشاعر (2):

1323 -

فلمّا أن توافقنا قليلا

أنخنا للكلاكل فارتمينا (3)

يريد: أنخنا الكلاكل (4)، ثم إنه ذكر المسوغ لدخول اللام إذا تقدم (5).

فقال الشيخ: إن المصنف لم يتعرض إلى ذكر هذه المسألة، ثم ذكر كلام ابن عصفور واستوفاه (6).

وأقول: إن المصنف لم يهمل ذكر المسألة المذكورة؛ بل ذكرها في موضع هو ليس بذكرها فيه من هذا الباب، وهو باب حروف الجر، وسيأتي الكلام عليها في مكانها إن شاء الله تعالى.

واعلم أنك إذا قدمت المفعول وقرنته باللام، فقلت: لزيد ضربت، لا يجوز أن نصل ضميره حينئذ بالفعل، وعن مثل هذه المسألة عبر ابن عصفور، بقوله: وإذا تعدى الفعل إلى المفعول ظاهرا لم يتعد إليه مع ذلك مضمرا، لا تقول: لزيد ضربته، قال: فأما قوله (7):

1324 -

هذا سراقة للقرآن يدرسه

والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب (8)

-

(1) سورة يوسف: 43.

(2)

هو عبد الشارق بن عبد العزى الجهني، شاعر جاهلي.

(3)

البيت من الوافر، وهو في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 308)، والمقرب (1/ 115)، والتذييل (3/ 82، 638)، وشرح الحماسة للمرزوقي (ص 447).

والشاهد قوله: «أنخنا للكلاكل» ؛ حيث دخلت اللام على المفعول، لضرورة الشعر.

(4)

شرح الجمل لابن عصفور (1/ 308)، والمقرب (1/ 115).

(5)

يقول ابن عصفور في شرح الجمل (1/ 308): «وإنما تدخل اللام عليه إذا تقدم؛ لأن العامل إذ ذاك يضعف عن عمله، فيقوى باللام، فإذا تقدم العامل على معموله كان في أقوى أحواله؛ فلم يحتج إلى تقوية» اه.

(6)

ينظر: التذييل (3/ 82).

(7)

لم يعلم، والبيت من الخمسين المجهولة القائل.

(8)

البيت من البسيط، وهو في: الكتاب (3/ 67)، والمقرب (1/ 115)، والخزانة (1/ 227)، (2/ 383)، (3/ 572، 649)، (4/ 170)، والتصريح (1/ 126)، والأمالي الشجرية (1/ 339)، والهمع (2/ 33)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (2/ 587).

اللغة: سراقة: رجل من القراء، نسب إليه الرياء، وقبول الرّشا، والحرص عليها كما يحرص الذئب على فريسته.

والشاهد قوله: «للقرآن يدرسه» ؛ حيث عاد الضمير على المصدر المفهوم من الفعل والتقدير: يدرس الدرس.

ص: 1739

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل، أي: يدرس الدرس (1)، ثم قال ابن عصفور: ولا يجوز دخول حرف الجر عليه - أي: على المفعول به - خلاف اللام إلا أن يحفظ؛ فيكون من باب ما زيد فيه حرف الجر، فلا يتجاوز، نحو: مسحت رأسه وبرأسه، وخشنت صدره وبصدره، أو في ضرورة شعر، نحو قوله (2):

1325 -

هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة

سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (3)

يريد: لا يقرأن السور، وقول الآخر (4):

1326 -

نضرب بالسّيف ونرجو بالفرج (5)

يريد: نرجو الفرج، هذا كله إذا كان الفعل يتعدى إلى واحد، فإن كان يتعدى إلى أكثر؛ لم يجز إدخال اللام على مفعوله، تقدم أو تأخر (6)، وعلل ذلك بما يوقف عليه من كلامه (7). -

(1) المقرب (1/ 115، 116).

(2)

هو الراعي، واسمه عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل، وقيل: إنه ذو الرمة، أو المجنون، أو أكمل الثقفي، أو الحسين بن عبد الله، أو القتال الكلابي. ينظر: معجم شواهد العربية (1/ 179).

(3)

البيت من البسيط، وهو في: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 308)، والتذييل (3/ 83)، ومجالس ثعلب (1/ 301)، والمخصص (14/ 70)، والخزانة (3/ 667)، والمغني (1/ 29، 109)، (2/ 675)، وشرح شواهده للسيوطي (1/ 91، 336)، ومعجم البلدان (الحرة - الرجلاء - فحلين)، وديوان القتال (ص 53).

والشاهد قوله: «لا يقرأن بالسور» ؛ حيث زيدت الباء، وهي ضرورة شعرية.

(4)

هو النابغة الجعدي كما في معجم الشواهد (2/ 453)، ولم ينسبه غيره.

(5)

رجز وقبله:

نحن بني ضبّة أصحاب الفلج

وينظر في: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 308)، والتذييل (3/ 83)، والإنصاف (1/ 284)، والخزانة (4/ 159)، والمغني (1/ 108)، وشرح شواهده للسيوطي (1/ 332)، ومجاز القرآن لأبي عبيدة (2/ 5، 49)، والاقتضاب (ص 458)، ومعجم البلدان (6/ 393)، وملحقات ديوان النابغة الجعدي (ص 216).

والشاهد في قوله: «ونرجو بالفرح» كالذي قبله.

(6)

شرح الجمل لابن عصفور (1/ 308، 309).

(7)

علل ابن عصفور ذلك؛ فقال في شرح الجمل (1/ 309): «وسبب ذلك عندي أنك لو أدخلت اللام على مفعوله، لم يخل أن تدخلها في المفعولين أو أحدهما، وكذلك فيما تعدى إلى ثلاثة، فإن أدخلتها في المفعولين لم يكن لذلك نظير، لأنه لم يوجد فعل يتعدى إلى مفعولين بحرف جر واحد، وإن أدخلتها على أحدهما صار؛ كأنه قوي وضعيف في حين واحد؛ قوي من حيث قوي في حق الأول، ضعيف من حيث لم يقو في حق الآخر؛ وذلك تناقض» اه.

ص: 1740